أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-09-07
280
التاريخ: 2024-04-24
722
التاريخ: 19-4-2016
2426
التاريخ: 19-9-2019
1727
|
هل يمكن أن نكون سعداء في حياتنا؟
وهل السعادة مجرد سراب، أم إنها موجودة في متناول اليد في كل مكان؟
وهل هي خارج ذواتنا، أم أنها مخزونة في دواخلنا؟
هل نحتاج للحصول على السعادة إلى أن نستثير شهواتنا ونستجيب لرغباتنا ونشبع حاجاتنا، أم أن للسعادة مصدراً آخر، يختلف عن ذلك تماماً؟
والجواب: إن كل شيء يتعلق بنظرتك في الحياة، وطريقتك فيها، والخطوات التي تتبعها في أمورك اليومية. فالسعادة ليست مجرد خيال، وفي نفس الوقت فإنها ليست أيضاً سهلة المنال.
إنها لا تأتي حينما نريدها، فهي ليست مسألة تحصيلية، ولكنها تأتي كنتيجة لبعض الأمور. فمن يسلك سبيل الشقاء، وفي ذات الوقت يبحث عن السعادة، فإن تحقيقها له ضرب من المستحيل.
أما من يمشي في طريق تظلله السعادة ، فسوف يتمتع بالسعادة لا محالة. ولعل من الصحيح أن نقول إن السعادة (حالة معنوية) ومن يسعى للحصول عليها من خلال مجرد الماديات فهو باحث عن الماء في سراب.
إن البعض ينفق الآلاف لتحقيق بعض رغباته، فيقوم مثلاً بسفرة بعيدة للنزهة، ظنا منه أن ذلك يؤدي به إلى الظفر بالسعادة، لكنه حينما يعود إلى الدار يجد نفسه متعباً وقد أنفق المال والعمر ولم يعد إلى البيت بشيء. بينما إذا أنفق أحدنا بعض المال لرفع العوز عن محتاج، أو أنفق بعض الوقت لقضاء حاجة أخيه فهو قد يشعر بسعادة تمتد معه إلى نهاية الحياة. إن البعض يظن أن من يملك الملايين يعيش سعيداً، ولكن ليست تلك معادلة مضطردة بالتأكيد، فكم من أثرياء انتحروا بسبب شعورهم بالتعاسة المطلقة؟
وكم من فقراء عاشوا في حياتهم سعداء إلى أبعد الحدود؟
يقول أحد الأثرياء في مذكراته: «كنت أظن أن السعادة تكمن في امتلاك المال، ولكنني حينما حصلت على المال، وجدت أن المال هو الذي إمتلكني، ولست أنا الذي إمتلكته. وبدل أن يخدمني أصبحت أنا خادماً له، وقد حرمت من لذة الالتذاذ بحلاوة النوم في الليل، كما حرمت من اللقاء بأولادي وعائلتي، أصبح كابوس القلق من الخسارة محيطاً بي في كل مكان.
وحينما كنت أقارن نفسي ببعض العمال الذين يشتغلون عندي، كنت أجدهم أسعد مني حالا.. فقد سألت أحدهم ذات يوم : هل هو سعيد؟
قال: الحمد لله، ولم لا؟
قلت : ألست قلقاً على شيء؟
قال: لا أملك شيئاً حتى أقلق عليه.
ولكن استطعت أن أسترجع بعض السعادة حينما لم أجد عملاً في عطلة نهاية الاسبوع فاضطررت للبقاء في الدار، وتناولت فطور الصباح مع زوجتي وأولادي على غير العادة.. فشعرت بلذة عارمة.
فأن تكون مع أحبابك بعيداً عن قلق البحث عن المزيد من المال والتكاثر في حطام الحياة، لا يمكن شراؤه بكل أموال الدنيا وأملاكها.
وكان أن قررت أن أوزع ثروتي على من أحب، وحينما فعلت ذلك شعرت ببهجة لا يمكن وصفها، ولازلت أرفل في أحضان تلك البهجة».
وأنت أيضا: جرب ولو مرة واحدة السعي لقضاء حوائج الآخرين وحل مشاكلهم من دون الرغبة في الحصول على مقابل، لتجد كيف ستمتلك شعوراً غريباً بالفرح، فكأنك امتلكت الدنيا وما فيها. ولتجد أنك اكتسبت ودّ الآخرين وحبهم، ولتجد أيضاً أن جنابك مددت يداً واحدة إليهم، بينما امتدت إليك عشرات الأيدي. كل ذلك بالإضافة إلى أنك بذلك تكسب رضا الله (عز وجل).
من هنا فإنني لو سئلت عن وصفة لامتلاك السعادة لقلت: إنها الالتزام بالمناقبيات والأخلاق الفاضلة، والعمل لنشرها بين الناس، ومد يد المساعدة للآخرين، وكسب رضا الله (عز وجل)...
كما أنها قد تكمن في الإنجاز، فحينما تتم عملاً أقدمت عليه، وتبني داراً لعائلتك، أو تقيم مؤسسة لمنفعة الناس، أو تكمل كتاباً بدأت بتأليفه أو ما شابه ذلك. فإنك حتماً ستشعر بالسعادة.
يقول الإمام الصادق عليه السلام: «ما كل من أراد شيئاً قدر عليه، ولا كل من قدر على شيء وفق له، ولا كل من وفق أصاب له موضعاً، فإذا اجتمعت النية والقدرة والتوفيق والإصابة، فهناك تجب السعادة»(1) - أي تتحقق.
غير أن ذلك سبب للسعادة في الدنيا، أما السعادة الحقيقية فهي السعادة في الجنة، حيث ليس وراءها من سعادة، ولا في غيرها من راحة. يقول ربنا تعالى: {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا} [هود: 108].
ويقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: "إن السعداء بالدنيا غداً هم الهاربون منها اليوم»(2)، ويقول عن المؤمن: ((.. قد عبر معبر العاجلة حميداً، وقدم زاد الآجلة سعيداً))(3).
ولعل بعض ما يكسبه الإنسان من الشعور بالسعادة في التزامه بالأخلاق الفاضلة، وعطائه للآخرين، وعبادته لرب العباد، هو من سعادة الآخرة.
ثم إن الالتزام بما سبق هو السبيل الوحيد لسعادة الفرد من جهة، كما أنه الأساس الرصين لبناء المجتمع الصالح من جهة أخرى.
ولقد انفردت التعاليم الإسلامية بميزة لا نجدها في التعاليم الوضعية الداعية هي الأخرى إلى بعض الأخلاقيات، وهي ميزة العطاء بلا مقابل رغبة في جزاء الآخرة.
فبالإضافة إلى أن تعاليم الدين تبني مجتمعاً صالحاً يضمن لكل فرد حاجاته، فهي تعطي ضمانات أكيدة للمؤمنين بأن يكونوا سعداء في يوم الجزاء.
وهكذا نجد أن السعادة مسألة معنوية قد يمكن تحقيقها بالوسائل المادية إذا استخدمناها لخدمة الآخرين، وتحسين أوضاعهم، والعمل على راحتهم.
ومن هنا فإن للقضايا الاجتماعية أولوية على غيرها، بل أحياناً تتقدم الخدمة للآخرين على عبادة رب العالمين.
ألا نجد أن صلاة المؤمن إذا تعارضت مع انقاذ غريق لم تنفعه في شيء؟
ألا نجد أن واحداً من أكثر العابدين ــ بل سيدهم ــ وهو الإمام زين العابدين يقطع طوافه ليذهب لقضاء حاجة مؤمن؟
إن أقرب الطرق إذن للوصول إلى السعادة في الحياة الدنيا والآخرة هو: أن لا نبحث عن سعادة أنفسنا، بل نتركها تأتينا عبر العمل لإسعاد الآخرين.
_______________________________
( ١) كشف الغمة، ج ٢ ، ص ٢٠٨.
(2) بحار الأنوار، ج ٧، ص ٩٨، باب ٥.
(3) بحار الأنوار، ج ٧٤، ص ٤٢٧، باب ١٥.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|