المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ان أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه}
2024-10-31
{ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا}
2024-10-31
أكان إبراهيم يهوديا او نصرانيا
2024-10-31
{ قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله}
2024-10-31
المباهلة
2024-10-31
التضاريس في الوطن العربي
2024-10-31



حقوق الوالدين (واجبات الأولاد)  
  
2696   01:43 صباحاً   التاريخ: 3-8-2022
المؤلف : حبيب الله طاهري
الكتاب أو المصدر : مشاكل الأسرة وطرق حلها
الجزء والصفحة : ص89ــ100
القسم : الاسرة و المجتمع / المجتمع و قضاياه / آداب عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-6-2016 2286
التاريخ: 2023-10-03 1232
التاريخ: 27-12-2021 2086
التاريخ: 19-4-2016 4984

إن للوالدين مكانة محترمة لدى الأديان السماوية وحتى العقائد غير الإلهية تكرم الأبوين.

وقد أكد القرآن الكريم وأهل بيت النبوة (عليهم السلام) أهمية هذا النبع الذي يغذي العاطفة والعقل وأشارت الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة إلى أهمية وقيمة ودور الوالدين. وأمرت الأبناء بطاعة الوالدين حيث قرن القرآن الكريم طاعتهما بطاعة الله تبارك وتعالى، وهذا يدل على أن حق الأب والأم من الحقوق الكبرى وحقهما مقدم على سائر الحقوق، وعلى الأبناء احترام الوالدين مهما بلغ هؤلاء الأبناء من موقع علمي أو اجتماعي وفي ظل أية ظروف كانت رغم تفاوت الظروف التي يعيشها الآباء مع الظروف التي يعيشها الأبناء.

ويشقى من يقصر في حق والديه ويتعرض للعقاب الإلهي لأن الابن الذي لا يرضى عنه والداه هو عاق وبعيد عن رحمة الله تبارك وتعالى ومن أهل النار والعذاب وقد يحرم من شفاعة الشفعاء.

وعند الرجوع إلى الآيات والروايات نرى أن هناك حقوقاً معينة للآباء والأمهات.

حقوق الوالدين من وجهة نظر الآيات القرآنية والروايات: إن الآيات والروايات المتعلقة بحقوق الوالدين كثيرة نشير هنا إلى بعضها :

١- قال تعالى: {أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23، 24].

٢- قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} [البقرة: 215].

٣- قال تعالى: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} [مريم: 32].

الروايات:

١- قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :

(بر الوالدين أفضل من الصلاة والصوم والحج والعمرة والجهاد في سبيل الله(1).

٢- وقال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم):

(من أصبح مرضيا لأبويه أصبح له بابان مفتوحان إلى الجنة)(2).

٣- وقال (صلى الله عليه وآله وسلم):

(نظر الولد إلى والديه حباً لهما عبادة)(3).

٤- وعن الإمام الصادق (عليه السلام):

(أدنى العقوق أف ولو علم الله شيئاً أهون منه لنهى عنه)(4).

٥- وعنه أيضاً (عليه السلام) في تفسير: واخفض لهما جناح الذل من الرحمة قال (عليه السلام) : لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلا برأفة ورحمة ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما ولا يديك فوق أيديهما ولا تتقدم قدامهما(5).

٦- وعن الصادق (عليه السلام):

(من نظر إلى أبويه نظر ماقت لهما وهما ظالمان له لم يقبل الله له صلاة)(6).

٧- وعنه (عليه السلام):

(إذا كان يوم القيامة كشف غطاء من أغطية الجنة فوجد رحها من كان له روح من مسيرة خمسمائة عام إلا صنف واحد، قلت: من هم؟ قال: «العاق لوالديه»(7).

٨- عن جابر قال: سمعت رجلاً يقول لأبي عبد الله (عليه السلام): إن لي أبوين مخالفين فقال: برهما كما تبر المسلمين ممن يتولانا»(8).

ومن هذا الحديث نفهم أن احترام الأب والأم يجب حتى مع عدم صحة عقائدهما بل وردت الروايات عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) تؤكد أن احترام الوالدين من قبل الأبناء يجب ولو كانا كافرين(9).

٩- عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : ثلاث لم يجعل الله لأحد فيهن رخصة: أداء الأمانة إلى البر والفاجر، والوفاء بالعهد للبر والفاجر وبر الوالدين برين كانا أو فاجرين(10).

١٠- وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال : إن العبد ليكون بارا بوالديه في حياتهما ثم يموتان فلا يقضي عنهما ديونهما ولا يستغفر لهما فيكتبه الله عاقاً وإنه ليكون عاقاً لهما في حياتهما غير بار لهما فإذا ماتا قضى دينهما واستغفر لهما فيكتبه الله بارا(11).

11- وعن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال يا رسول الله: من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أباك(12).

ومن هذا الحديث وغيره نفهم تقديم احترام الأم على الأب لذا اختار الشيخ الحر العاملي صاحب كتاب وسائل الشيعة بابا لهذه الروايات تحت عنوان :

(باب استحباب الزيادة في بر الأم على بر الأب).

١٢- قال الإمام الصادق (عليه السلام): اعتقل لسان رجل من أهل المدينة فدخل عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال له : قل لا إله إلا الله، فلم يقدر عليه، فأعاد فلم يقدر عليه، فأعاد عليه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يقدر عليه، وعند رأس الرجل امرأة فقال لها: هل لهذا الرجل أم؟ قال: نعم يا رسول الله أنا أمه، فقال: أفراضية أنت عنه أم لا؟ فقالت: بل ساخطة، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : فإني أحب أن ترضي عنه، فقالت: قد رضيت عنه لرضاك يا رسول الله، فقال له: قل لا إله إلا الله، فقال: لا إله إلا الله...(13).

يستفاد من هذه الرواية أن سخط الأم يظهر أثره عند الموت لذا ينبغي أن تراعي قضية رضى الأم وإلا فالمرء في عذاب أليم نعوذ بالله.

١٣- سأل رجل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما حق الوالد على ولده؟ قال : لا يسميه باسمه ولا يمشي بين يديه ولا يجلس قبله ولا يستسبُّ له»(14).

مما تقدم نفهم أن الآيات والروايات تؤكد على أهمية طاعة الوالدين وعدم معصيتهما، وهنا نشير إلى المعاني المستفادة من النصوص القرآنية والأحاديث الشريفة بشكل سريع(15).

١- أن طاعة الوالدين واجبة إلا في المحرم وعصيان الله تبارك وتعالى(16).

٢- الاحسان إلى الوالدين والعطف عليهم أمر ضروري لا بد منه.

٣- التعامل الأخلاقي الجيد ضروري مع الوالدين في كل الأحوال.

٤- من المؤكد ضرورة الدعاء للوالدين وطلب المغفرة والرحمة لهما من الله تبارك وتعالى.

٥- التواضع والخضوع أمام الوالدين كما في التعبير القرآني {واخفض لهما جناح الذل}.

٦- عدم تسميتهما أو اهانتهما حتى بقول كلمة (أف).

٧- النظر إلى الوالدين بعطف ورأفة ورحمة.

٨- عدم رفع الصوت فوق صوتهما وعدم تقدمهما.

٩- احترام الوالدين وتكريمهما حتى ولو كانا مخالفين أو فاجرين أو كافرين.

10- تقديم احترام الأم على الأب.

١١- إن احترام الوالدين وطاعتهما أفضل من الصلاة والصيام والحج والجهاد في سبيل الله.

١٢- رضى الوالدين يفتح أبواب الجنة للأبناء.

١٣- النظر إلى الوالدين بمحبة عبادة.

١٤- النظر إلى الوالدين بغضب وسخط يؤدي إلى عدم قبول صلاة الأبناء.

١٥- عدم الاهتمام بحقوق الوالدين والأعمال التي تسبب لهما الأذى يؤدي إلى العقوق وبالنتيجة دخول جهنم والتعرض للعقاب الإلهي.

١٦- عدم رضا الوالدين وخاصة الأم يسبب اعتقال اللسان عند الموت وعدم مقدرة الإنسان على الاقرار بالربوبية والرسالة والإمامة والمعاد مما يؤدي إلى خسارة الإنسان الكبرى.

١٧- الابن العاق لوالديه محروم من ريح الجنة مسيرة خمسمائة عام.

١٨- ينبغي شكر الله تبارك وتعالى على نعمة وجود الوالدين والدعاء لهما في حياتهما وطلب المغفرة والرحمة منه تعالى لهما بعد مماتهما.

عهد الشيخوخة أو أرذل العمر:

من القضايا المهمة في الأسرة هي قضية الهرم والشيخوخة التي يتعرض لها الآباء والأجداد والصعوبات التي تحصل في هذا السبيل. ومن البديهي إن الإنسان يفقد في سني عمره المتأخرة قدرته البدنية وحتى جوانب من قدرته الروحية وادراكه وفكره، وبالتعبير القرآني مرحلة الضعف وأرذل العمر، وهنا تصعب الحياة بالنسبة لهذا الإنسان الذي يصل هذه المرحلة، هذا من جهة ومن جهة أخرى يتحمل الأبناء مسؤولية جديدة هي المحافظة على الوالدين وبذل الرعاية اللازمة لهما أو أحدهما عند وصوله لتلك المرحلة القاسية حتى يخرجوا من هذا الامتحان مرفوعي الرأس ويقدموا لآبائهم أو أمهاتهم الخدمات اللازمة في عهد الشيخوخة وهنا تظهر مسؤوليات الأبناء ازاء آبائهم.

الآيات والروايات التي أشارت إلى الشيخوخة:

١- قال تعالى: {وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ} [يس: 68].

٢- قال تعالى: {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ} [الروم: 54].

٣- قال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّاكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لَا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} [النحل: 70].

٤- ورد في الحديث الشريف أن المقصود من أرذل العمر أن يصل الإنسان إلى مرحلة من عمره يكون عقله كعقل الطفل في السابعة من عمره كما ورد روي أن أرذل العمر أن يكون عقله عقل ان سبع سنين(18).

٥- قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):

(يهرم بن آدم ولا تشيب منه اثنتان: الحرص والأمل)(19).

نفهم مما تقدم أن رعاية كبار السن ليس بالأمر الهين لأن كبير السن كبير من حيث الجسم وضعيف من حيث القوة وعقله وادراكه يصل إلى مستوى الطفل الذي يبلغ سبع سنين. إن الحياة التي يحياها انسان كهذا، وبذلك الوضع والحالة، تكون صعبة للغاية والعيش مع مثل هؤلاء الأشخاص صعب أيضاً، لأن الذي يصل إلى هذه المرحلة من العمر تكثر تطلعاته ورغباته وطلباته في الوقت الذي لا يستطيع أبناؤه توفير كل ما يطلب فيما يتوقع هو منهم أن يوفروا له كل ذلك، وهنا يبرز الواجب والمسؤولية الخطيرة الملقاة على عاتق الأبناء في رعاية الآباء والأمهات لذا أكد القرآن الكريم على أهمية موضوع رعاية الوالدين عند الكبر والشيخوخة وما لهذا الأمر من ثواب عظيم وأجر جزيل، وقد قرن ذلك بطاعة الله تبارك وتعالى، هذا من جهة ومن جهة أخرى اعتبرت طاعة الوالدين أفضل من الصلاة والصيام والحج والعمرة وحتى الجهاد في سبيل الله لما لهذه القضية من أهمية.

ونشير هنا إلى الوظائف التي ينبغي أن يقوم بها الآخرون ازاء كبار السن والشيوخ:

يتضح من مفهوم الآيتين القرآنيتين الكريمتين ٢٣و٢٤من سورة الإسراء حيث قال تبارك وتعالى: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا * وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 23، 24]

إن احترام الطاعنين في السن والذين وصلوا إلى مرحلة الشيخوخة أمر بديهي وهو يبعث على رضى الله تعالى وبعكس ذلك فإن عدم اداء واجبهم مدعاة لغضب الله وسخطه خاصة إذا كان هؤلاء الشيوخ آباء أو أمهات المرء نفسه .

لقد تناولنا من قبل واجبات الأبناء ازاء آبائهم وأمهاتهم خاصة إذا كانوا كبارا في السن وها نحن نتناول بعض الأحاديث والروايات التي تؤكد أهمية احترام الطاعنين في السن وتذم عدم توقيرهم :

١- قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :

من وقر ذا شيبة في الإسلام آمنه الله من فزع يوم القيامة(20).

٢- جاء شيخ إلى رسول لله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأبطأوا عن الشيخ أن يوسعوا له فقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا(21).

٣- قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): البركة مع أكابركُم(22).

٤- قال الإمام الصادق (عليه السلام):

(الشيخ في أهله كالنبي في أمته)(23).

٥- وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) :

(من اجلال الله اجلال ذي الشيبة المسلم)(24).

الدعاء للأب والأم:

الكثير من الآباء والأمهات هم في غنى عن الأبناء من الناحية المادية لكن حاجتهم المعنوية لهم في هذه الدنيا وبعد الممات أمر مؤكد، إنهم بحاجة ماسة إلى الدعاء والاستغفار من قبل أبنائهم وذويهم، فركعتان يصليهما المرء تبعثان على السرور والفرح لأرواح الآباء والأمهات بعد مماتهم وكم هم الآباء والأمهات الذين كانوا راضين عن أبنائهم في الحياة الدنيا لكنهم يغضبون عليهم بسبب نسيانهم من قبل الأبناء بعد الموت.

روي أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) شاهد عندما عرج به إلى السماء شخصاً يشكو من حفيده السابع وفي رواية أخرى من حفيده الأربعين(25).

وقد ورد في القرآن الكريم الدعاء على لسان الأنبياء والأولياء حيث نقل عن ابراهيم (عليه السلام): {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إبراهيم: 41].

وعلى لسان نوح (عليه السلام):

{رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا} [نوح: 28].

وكان الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) يصلي كل يوم ركعتين لولده وركعتين لوالديه(26).

ويقول الإمام زين العابدين علي بن الحسين (عليه السلام):

(واخصص أبوي بأفضل ما خصصت به آباء عبادك المؤمنين وأمهاتهم يا أرحم الراحمين)(27).

الكفر يقطع العلاقات الأسرية:

رغم أن الدين الإسلامي وضع للوالدين مكانة خاصة وأوجب لهما الاحترام الخاص من قبل الأبناء وقرن طاعتهما بطاعة الله تبارك وتعالى، لكن الوالدين إذا انحرفا عن طريق الحق وسارا في طريق الكفر والباطل فلا تجوز مودتهما، فطاعة الأبناء لآبائهم وأمهاتهم واجبة في حال كون الوالدين مسلمين أولاً وأن لا تكون طاعتهم معصية لله تعالى، قال الإمام علي (عليه السلام). (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)(28).

من الأمور المسلم بها أن الكفر يقطع الرحم وعلى الأبناء أن يؤدوا حاجة آبائهم وأمهاتهم ليس إلا، ولا يحق لهم أن يودوهما أو يقيموا معهم علاقات حميمة، قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام): إياك أن تحب أعداء الله أو تصفي ودَّك لغير أولياء الله فإن من أحب قوماً حُشِرَ معهم(29).

وهناك آيات قرآنية تؤكد ضرورة الابتعاد عن اقامة علاقات مع الكافرين حتى لو كانوا من الآباء أو الأمهات أو الأبناء أو الإخوة، و نشير هنا إلى بعضها:

١- قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [التوبة: 23].

٢- وقال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا} [العنكبوت: 8].

٣- وقال عز وجل: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة: 22].

وكما ينبغي قطع العلاقة بالوالدين إذا كفرا كذلك يجب قطع العلاقة بالأبناء إذا كفروا لأن الحد الذي يقطع العلاقة أو يوجبها هو الإسلام أو الكفر.

___________________________________

(1) جامع السعادات ج ٢ ص ٢٥٩ و ٢٦٤.

(2) نفس المصدر السابق.

(3) تحف العقول ص ٤٦ .

(4) وسائل الشيعة ج١٥ ص٢١٦.

(5) مجمع البيان ج ٦ ص ٤١١.

(6) وسائل الشيعة ج١٥ ص٢١٧.

(7) وسائل الشيعة ج١٥ ص ٢١٦.

(8) وسائل الشيعة ج١٥ ص٢٠٦.

(9) مجموعة ورام ج٢ ص ١٢١.

(10) وسائل الشيعة ج١٥ ص ٢٠٧.

(11) وسائل الشيعة ج١٥ ص ٢٢١.

(12) وسائل الشيعة ج١٥ ص ٢٠٧.

(14) وسائل الشيعة ج ٢ باب ٣٩ من أبواب الاحتضار - حديث ٣.

(15) الكافي ج ٣ ص ١٥٨.

(16) وسائل الشيعة ج١٥ الأبواب ٩٢-٩٣-٩٤-٩٥-١٠٤ من أبواب أحكام الأولاد.

(17) نهج البلاغة - فيض الإسلام - الحكمة ١٥٦ - طبعة بيروت.

(18) البحار ج ٦ ص١١٩.

(19) تحف العقول ص ٥٦ .

(20) لئالىء الأخبار / ص181.

(21) مجموعة ورام ج١ ص ٣٤ .

(22) نهج الفصاحة، الكلمة ١١١٠.

(23) لئالئ الأخبار، ص١٨٠.

(24) الكافي ج٢ ص ١٦٥ طبعة بيروت.

(25) وسائل الشيعة ج15 ص٢٢٢.

(26) وسائل الشيعة ج ٢ ص ٦٥٦.

(27) الصحيفة السجادية - الدعاء ٢٤.

(28) نهج البلاغة - فيض الإسلام - الحكمة ١٥٦.

(29) ميزان الحكمة ج ٢ ص207 نقلا عن الغرر. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.