أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-12-2015
1954
التاريخ: 2023-06-12
1147
التاريخ: 9-11-2014
2113
التاريخ: 10-10-2014
2135
|
كل منا يريد أن يكون شيئا مذكورا عند الناس ، وعلى الأقل ان لا ينتقدوه في تصرفاته ، ولا يتناولوه بالذم في ألسنتهم ، بخاصة إذا كان نجاحه في عيشه ومهنته يتوقف على ثقة الناس به . . ومن أجل هذا ينبغي الشك والريب في دخيلة كل انسان من هذا النوع ، وان لم يبد من أمره ما يريب . . انه معرّض دائما للخداع والرياء حرصا على مصلحته ، ولو لا اطلاق الدليل لاستثنيته من قاعدة « حمل فعل المسلم على الصحة » (1) .
ومهما يكن ، فان كل من يؤثر الاستخفاء من الناس ، ويتظاهر بما ليس فيه ، ويخشى أن ينكشف الستر عن حقيقته فهو كذاب منافق ، ومراء مخادع ، حتى ولو حاز على ثقة الناس أجمعين ، بل ان هذه الثقة تضاعف من جريمته ، وتكون وبالا عليه عند اللَّه ، والناس أيضا إذا انكشفت عنه حجب الخداع .
وتسأل : إذا اعتقد الناس ان فعلا من الأفعال محرم ، واعتقد شخص بينه وبين اللَّه انه مباح لا ضمير فيه ، وتعاطاه في الخفاء خوفا من كلام الناس ، فهل يعد منافقا ومرائيا ، ثم هل يجب عليه أن يبين لهم ما يعتقد ، ويكون مسؤولا لو سكت عن خطأهم ؟ .
الجواب : لا بأس عليه في فعل ما يعتقد بإباحته ، ولا يعد من المنافقين والمراءين ما دام مرتاح الضمير ، لأن تكليفه الخاص يرتبط بوجدانه ، وليس بوجدان الناس . . بل يعذر في الخطأ ، إذ لا جرم ولا عيب في الخطأ ، أما بيان الحقيقة فيجب عليه من باب الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، لأن المفروض انه خطأ في معرفة الحكم ، لا في تشخيص الموضوع .
والآيات التي نحن بصددها تحدثت عن المنافقين الذين قامت الحجة عليهم بنبوة محمد ( صلى الله عليه واله ) ، واثبات الحق ، ومع ذلك أصروا على الإنكار عنادا وتمردا ، كما قامت على المشركين الذين عاندوا وحاربوا ، والفرق ان المشركين أعلنوا معاندتهم للحق ، وقالوا بجرأة وصراحة : لا نتبع الحق لأن الفقراء اتبعوه واعتنقوه : {قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ } [الشعراء : 111]. أما المنافقون فإنهم رفضوا الحق لهذا السبب أو لمثيله ، ولكنهم آثروا العناد ، وأظهروا التسليم جبنا وخداعا فكانوا أسوأ حالا من الكافرين ، حيث لاءم هؤلاء بين ظاهرهم وباطنهم ، وصدّقوا في إعلان الكفر والعناد ، تماما كمن يشرب الخمر على قارعة الطريق ، وخالف المنافقون بين ما أضمروا وأظهروا ، كالسفاح يلبس مسوح القديسين .
ولا دلالة لهذا الخداع إلا ان المنافق لا وازع له من دين أو عقل ، ولا من حق أو عدل ، ولا يتحرك ضميره لشيء ما دام بعيدا عن أعين الناس ، ومن كان هذا شأنه فمن الصعب ان يؤوب إلى خير . ولذا نعت اللَّه المنافقين في هذه الآيات بالخديعة والغفلة ومرض القلب والسفه والغرور ومتابعة الهوى والخبث والإصرار على الضلالة . . ونعتهم الناس بالطابور الخامس ، وبالعملاء الأدنياء ، وبالمفسدين والمراءين ، وهم موجودون في هذا العصر ، كما وجدوا في عهد الرسول وقبله ، وسيوجدون في الأجيال الآتية ، ولكنهم ملعونون أينما وجدوا ، حتى وهم في قبورهم ، وان نجحوا فإلى حين ، أما نجاح الصادقين المخلصين فإلى آخر يوم .
ومن طريف ما قرأته عن المنافقين قول محي الدين المعروف بابن عربي في الجزء الرابع من الفتوحات المكية : « ما أحسن ما قال تعالى : {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ} [النساء : 108] فإنهم مجبولون على النسيان ، ولا يستخفون من اللَّه الذي لا يضل ولا ينسى ، وكان الأولى لو صح عكس القضية » .
ومعنى هذه العبارة ان المنافق لو تدبر أمره ، وكان على شيء من الفكر والعقل لوجب ان يخفي جرائمه ونقائصه عن اللَّه - لو أمكن - لا عن الناس ، لأن الناس لا يملكون له نفعا ولا ضرا ، والذي في يده النفع والضر هو وحده . .
هذا ، إلى أن الناس ينسون ما يرونه من السيئات والموبقات ، فيتكلمون على صاحبها ، وينالون منه بعض الوقت ، ثم ينسون ويسكتون ، كأن لم يكن شيء . .
وقد شاهدنا الكثير ممن ارتكب العظائم ، وافتضح بها لدى الملأ ، حتى توارى من سوء فعلته . . ثم ظهر للناس ، وجالسوه ، وتعاملوا معه ، كأي بريء ونزيه . . وربما منحوه ثقتهم ، واختاروه للمناصب العامة ، بل قد يتولى منصبا دينيا مقدسا لا يتولاه الا نبي أو وصي نبي . وبالإضافة إلى ان الناس ينسون فإنهم يمدحون ويذمون تبعا للغرض والهوى ، فيجدر بالعاقل أن يخاف اللَّه ، ولا يخاف الناس ، وان يكون رقيبا على نفسه ، فيجنبها ما يستحي منه ، ولا يحب أن يعرف به ، ويؤاخذ عليه . ولا أحد أجبن ممن يعمل في السر ما يستحي منه في العلانية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ اذا رأيت انسانا ياكل الخنزير ـ مثلا ـ وهو يعلم بانه لحم خنزير , ولكن لا يعلم بحكمه وتحريمه فعليك أن ترشده الى حكم الله , وتبين له أنه محرم , أما اذا كان يعلم بالحكم , ولكنه يعتقد ان هذا اللحم هو لحم غنم فلا يجب عليك البيان , لانه معذور , والاول يسمى جاعلا بالحكم ,والثاني جاهلا بالموضوع.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|