أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-6-2022
3588
التاريخ: 6-7-2022
1284
التاريخ: 27-6-2022
3848
التاريخ: 10-8-2022
2850
|
منذ القرن التاسع عشر بدأت الأبحاث الجنائية تتجه نحو الظواهر الحقيقية النفسية والطبيعية التي تتعلق بالجريمة(1)، ولكن هذه الأبحاث لم تظهر على شكل علم جديد كما هو الحال الآن، بل ظهرت في أول الأمر في مختلف فروع الأبحاث العلمية، وأخذت هذه الأبحاث تستقل عن تلك شيئا فشيئا حتى أمكن تجميعها وجعلها علما مستقلا، ومن هنا فان علم الأجرام حديث العهد بالوجود العلمي وتسميته ترجع إلى أواخر القرن التاسع عشر فالبحث في محيط الفقه الجنائي له أثر في تأخر ظهور علم الأجرام فالفقه التقليدي رفض النتائج التي قدمتها الدراسات بصدد أسباب الجريمة، حيث لم يكن هذا الفقه يهتم بدراسة شخصية المجرم والأسباب التي دفعته الى الأجرام. لكن التطور الحاصل في الدراسات العلمية دفع إلى البحث في واقع القانون الجنائي في الحياة الاجتماعية فالجريمة سلوك أنساني قبل أن يتناولها المشرع بتجريمه اياها وقد كان من نتيجة تطور الفكر الجنائي أن أبتدأ التركيز على دراسة المجرم بعد أن كان البحث قاصرا على الفعل الإجرامي مجردا من الواقع، وهذا ما تمثل بظهور المدرسة الوضعية (الايطالية) التي اتجهت إلى البحث في أسباب الجريمة في التكوين الجسماني للمجرم. وكان الرائد الأول لهذه المدرسة هو العالم الايطالي (لومبروزو) وبعد هذا ظهرت المدارس المختلفة، فاهتمت كل منها بدراسة الظواهر الإجرامية وأرجعت كل منها الجريمة إلى أسباب معينة تاركة الأسباب الأخرى.
مثال ذلك: المدرسة الأنثروبولوجية الجنائية التي ركزت على العوامل والظروف الداخلية المتعلقة بالتكوين الشخصي للفرد، ومدرسة علم الاجتماع الجنائي التي أضفت أهمية كبيرة على العوامل الخارجية، وذلك لكون أن الجريمة تعد من أهم الظواهر الاجتماعية، لذا كان البحث في أسبابها من أوائل الموضوعات التي لفتت أنظار علماء الاجتماع إليها، وعلى أثر ذلك ظهرت مدرسة البيئة أو الوسط الاجتماعي الفرنسية التي حمل لوائها (كيليه) في بلجيكا وكل من (جيري، وتارد، ودوركهايم، ولاكاساني، وسالي، وجولي) في فرنسا (2) ، وكذلك مدرسة علم النفس الجنائي التي جعلت العوامل النفسية في الصدارة. ولكن الحقيقة أن ظاهرة الأجرام من أعقد الظواهر الاجتماعية، فهي معقدة في تفسيرها وفي أسبابها، لذا ليس من الصواب إبراز سبب معين بوصفة السبب الرئيس والمباشر لأجرام الفرد، فكل العوامل تتظافر في تسبيب الظاهرة الإجرامية، لكن الذي يحصل قد يستأثر أحد الأسباب مكان الصدارة أما الأسباب الأخرى تأتي كعوامل مساعدة أو ثانوية. ولهذا دعت الحاجة إلى ظهور علم الأجرام لكي يتكفل بدراسة الجريمة ليس من وجهة النظر القانونية البحتة، وإنما من وجهة النظر الموضوعية باعتبار الجريمة ظاهرة في حياة الفرد والمجتمع. (3) فعلم الأجرام هو علم يأخذ على عاتقة دراسة الجريمة من جميع جوانبها العضوية والنفسية والاجتماعية مستعينا في ذلك بجميع أنواع المعرفة وفروع العلم، ومن هذا المنطلق تبنى بعض العلماء فكرة قيام علم إجرام جديد يهتم بدراسة وبحث جميع العوامل التي ساهمت في وقوع الجريمة من عوامل تكوينية عضوية ونفسية إلى عوامل اجتماعية وبيئية، على أن يتم الاستعانة بدراسة مختلف العلوم التي لها علاقة بعلم الأجرام (كعلم النار وبيولوجيا الجنائي وعلم النفس الجنائي وعلم الاجتماع الجنائي) إضافة إلى دراسة بعض العلوم التي يمكن أن تساعد في تحديد وبيان الدوافع الحقيقية المخفية للسلوك الإجرامي (كعلم الإحصاء والتحليل النفسي والاقتصاد)(4). وعلى وفق ذلك يمكن القول بأن علم الأجرام المعاصر قد استكمل كل عناصره الايجابية كي يتمكن من تسليط الضوء على العوامل والأسباب التي تساهم في تكوين الظاهرة الاجرامية، على أن للاتحاد الدولي لقانون العقوبات من خلال مؤسسيه كل من (ليزو برنز، وجارسون، وفان هامل) الفضل الكبير في الدعوة لهذا العلم.
___________
1- تشهد العصور الوسطى انشغال الأذهان بالمشاكل الإجرامية ومقاومة الجريمة باعتبار أنها عمل ضد الأخلاق والقانون، حيث كان لدى كبار المفكرين في اليونان القديمة أمثل (سقراط، وأرسطوطاليس، وبلاتون، وهراقليت) الأفكار السليمة القديمة عن المجرم وضرورة إنزال العقاب به، وقد عالجوا هذه المشاكل أيضا في أدبهم وخصوصا في التراجيديه الإغريقية التي عالجت الباعث على الجريمة، كما عالجوها في أشعارهم، وإن كانوا يعتبرون الجريمة أنها نوع من اللعنات السماوية ينظر: محمود التوني القاضي علم الأجرام الحديث _ المطبعة العالمية القاهرة ص 31 .
2- د. محمد شلال حبيب أصول علم الأجرام _مطبعة دار الحكمة بغداد ط2 ، 1990 ص13-16 .
3- على اساس ذلك عرف الفقه الألماني علم الأجرام بانة (العلم الذي يبحث الظواهر الطبيعية والحقيقية التي أدت إلى إتمام ارتكاب الجريمة، كما يبحث وسائل محاربتها والقضاء عليها) و عرفه الفقه الايطالي بانة (ذلك الفرع من العلم الذي يتناول الجريمة بالدراسة على اعتبار انها حقيقة واقعية لا حقيقة قانونية فيتحرى أسبابها للقضاء على هذه الأسباب قدر المستطاع ينظر في ذلك: محمود التوني علم الاجرام الحديث مرجع سابق ص3 .
4- ظهرت في النمسا نواة لمدرسة خاصة في علم الأجرام بجهود الأستاذ (هانزجرونس) أستاذ القانون الجنائي في جامعة جوائز، والذي قام بإنشاء المعهد الإجرامي عام 1912 من أجل دراسة جميع نظريات علم الإجرام المختلفة، كما افتتح معهد العلوم الجنائية في كلية الحقوق بجامعة إستوكهولم عام 1930, وكذلك انشات الجمعية الدولية لعلم الأجرام عام 1934 وفي روما عام 1956 انشات مدرسة لعلم الأجرام الأ كليني تابعة لمعهد علم الانسان المعلم ومقره روما، ومن جانب أخر عقدت عدة مؤتمرات دولية لعلم الاجرام كان أولها مؤتمر روما عام 1938, ثم المؤتمر الدولي الثاني لعلم الأجرام الذي انعقد في باريس عام 1950 ومن ثم المؤتمر الدولي الثالث لعلم الأجرام الذي انعقد في لندن عام 19۵0, ومن ثم المؤتمر الدولي الرابع لعلم الأجرام في لاهاي عام 1960, وقد أخذت المعاهد والهيئات المختصة في دراسة علم الأجرام تتزايد تدريجيا في كافة أنحاء العالم، فعلى صعيد العالم العربي فقد أنشا المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في القاهرة، وتبعة المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في بغداد ينظر: د. محمد شلال حبيب مرجع سابق_ ص19_20.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|