أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-03-2015
3590
التاريخ: 20-10-2015
3566
التاريخ: 7-03-2015
3386
التاريخ: 19-10-2015
19783
|
* الإمام أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب المجتبى ، ثاني أئمة أهل البيت بعد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، وسيّد شباب أهل الجنة بإجماع المحدّثين ، وأحد اثنين انحصرت بهما ذريّة رسول اللّه ، وأحد الأربعة الذين باهى بهم رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) نصارى نجران ، ومن المطهّرين الذين أذهب اللّه عنهم الرجس ، ومن القربى الذين أمر اللّه بموّدتهم ، وأحد الثقلين الذين من تمسّك بهما نجا ومن تخلّف عنهما ضلّ وغوى .
* نشأ في أحضان جدّه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) وتغذّى من معين رسالته وأخلاقه ويسره وسماحته ، وظلّ معه في رعايته حتى اختار اللّه لنبيه دار خلده ، بعد أن ورّثه هديه وأدبه وهيبته وسؤدده ، وأهّله للإمامة التي كانت تنتظره بعد أبيه ، وقد صرّح بها جدّه في أكثر من مناسبة حينما قال : « الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا ، اللهمّ إنّي أحبّهما فأحبّ من يحبّهما » .
* لقد اجتمع في هذا الإمام العظيم شرف النبوّة والإمامة ، بالإضافة إلى شرف الحسب والنسب ، ووجد المسلمون فيه ما وجدوه في جدّه وأبيه حتى كان يذكّرهم بهما ، فأحبّوه وعظّموه ، وكان مرجعهم الأوحد بعد أبيه ، فيما كان يعترضهم من مشاكل الحياة وما كان يستصعبهم من أمور الدين ، لا سيما بعد أن دخلت الامّة الإسلامية حياة حافلة بالأحداث المريرة التي لم يعرفوا لها نظيرا من قبل .
* وكان الإمام الزكي المجتبى في جميع مواقفه ومراحل حياته مثالا كريما للخلق الإسلامي النبوي الرفيع في تحمّل الأذى والمكروه في ذات اللّه ، والتحلّي بالصبر الجميل والحلم الكبير ، حتى اعترف له ألدّ أعدائه - مروان بن الحكم - بأنّ حلمه يوازي الجبال . كما اشتهر ( عليه السّلام ) بالسماحة والكرم والجود والسخاء بنحو تميّز عن سائر الكرماء والأسخياء .
* وبقي الإمام المجتبى بعد جدّه في رعاية امّه الزهراء - الصدّيقة الطاهرة - وأبيه سيّد الوصيّين وإمام الغرّ المحجّلين ، وهما في صراع دائم مع الذين صادروا خلافة جدّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) وما لبث أن طويت هذه الصفحة الثانية من حياته بوفاة امّه الزهراء ( عليها السّلام ) وقد حفّت بأبيه علي بن أبي طالب ( عليه السّلام ) النكبات ، ولا زال يشاهد كلّ هذه المحن ويتجرّع مرارتها وهو في سن الطفولة ، لكنّه كان يقوم بأكثر ممّا ينتظر من مثله ، من حيث وعيه وإحساسه بالأوضاع العامة وتطوّراتها ، ومن هنا كان يتمتّع بتقدير المسلمين واحترامهم له بعد ما شاهدوا مدى اهتمام نبيّهم به .
* وأشرف الإمام ( عليه السّلام ) على الشباب في خلافة عمر ، وانصرف مع أبيه إلى تعليم الناس وحلّ مشاكلهم .
* لقد وقف الإمام الحسن الزكي إلى جانب أبيه ( عليه السّلام ) في عهد عثمان ، وعمل مخلصا لأجل الإسلام ، واشترك مع أبيه في وضع حدّ للفساد الذي أخذ يستشري في جسم الأمّة والدولة الإسلامية أيام عثمان ، ولقد كان الإمام عليّ ( عليه السّلام ) - كغيره من الصحابة - غير راض عن تصرفات عثمان وعمّاله ، ولكنّه لم يكن راض بقتله ، فوقف هو وابناه موقف المصلح الحكيم ، ولكنّ بطانة عثمان أبت إلّا التمادي في إفساد الأمر والتحريض غير المباشر على قتله ، بينما بقي الإمام يعالج الموقف في حدود ما أنزل اللّه تعالى .
* لقد كان الحسن بن عليّ السبط إلى جانب أبيه ( عليهما السّلام ) في كلّ ما يقول ويفعل ، واشترك معه في جميع حروبه ، وكان يتمنّى على أبيه أن يسمح له بمواصلة القتال وخوض المعارك عندما يتأزّم الموقف ، فيما كان أبوه شديد الحرص عليه وعلى أخيه الحسين ( عليهما السّلام ) خشية أن ينقطع بقتلهما نسل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، وبقي الحسن ( عليه السّلام ) إلى جانب والده إلى آخر لحظة ، وكان يعاني ما يعانيه أبوه من أهل العراق ، ويتألّم لآلامه وهو يرى معاوية يبثّ دعاته ويغري القادة من جيش أبيه بالأموال والمناصب حتى فرّق أكثرهم ، وأصبح الإمام عليّ ( عليه السّلام ) يتمنّى فراقهم بالموت أو القتل ، فاستشهد ( عليه السّلام ) وبقي الحسن ابن علي ( عليهما السّلام ) بين تلك الأعاصير بين أهل الكوفة المتخاذلين وفلول الخوارج المارقين وتحدّيات أهل الشام القاسطين .
* وبعد أن نصّ أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) على خلافة ابنه الحسن الزكي وسلّمه مواريث النبوّة ؛ اجتمع عليه أهل الكوفة وجماعة المهاجرين والأنصار ، وبايعوه بالخلافة ، بعد أن طهّره اللّه من كلّ نقص ورجس ، بالإضافة إلى توفّر جميع متطلّبات الخلافة فيه من العلم والتقوى والحزم والجدارة ، وتسابق الناس إلى بيعته في الكوفة والبصرة ، كما بايعه أهل الحجاز واليمن وفارس وسائر المناطق التي كانت تدين بالولاء والبيعة لأبيه ( عليه السّلام ) وحين بلغ نبأ البيعة معاوية وأتباعه بدأوا يعملون بكلّ ما لديهم من مكر وخداع لإفساد أمره والتشويش عليه .
* واستلم الإمام الحسن السلطة بعد أبيه ، وقام بأفضل ما يمكن القيام به في ذلك الجوّ المشحون بالفتن والمؤامرات ، فأمّر الولاة على أعمالهم وأوصاهم بالعدل والإحسان ومحاربة البغي والعدوان ، ومضى على نهج أبيه ( عليه السّلام ) الذي كان امتدادا لسيرة جدّه المصطفى ( صلّى اللّه عليه وآله ) .
* وبالرغم ممّا كان يعلمه الإمام الحسن من معاوية ونفاقه ودجله وعدائه لرسالة جدّه وسعيه لإحياء مظاهر جاهليته . . . بالرغم من ذلك كلّه فقد أبى أن يعلن الحرب عليه إلّا بعد أن كتب اليه المرّة بعد المرّة يدعوه إلى جمع الكلمة وتوحيد أمر المسلمين ، فلم يبق له في ذلك عذرا أو حجة .
لقد راسل الإمام الحسن معاوية وهو يعلم أنه لا يستجيب لطلبه ، وأنّه سيقف منه موقفا أكثر وقاحة من مواقفه السابقة مع أبيه أمير المؤمنين ، لا سيما وقد حصد نجاحا مؤقّتا في مؤامراته ضدّ أبيه . إنّ الإمام ( عليه السّلام ) كان يعلم أنّ معاوية سيقف موقف القوة إن لم يجد للمكر سبيلا ، ولكنّ الإمام المجتبى كان عليه أن يظهر للعالم الإسلامي كلّ ما يضمره هذا البيت الأموي تجاه النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) وأهل بيته ( عليهم السّلام ) من حقد وعداء وكيد للإسلام والمسلمين .
* واطمأنّ معاوية إلى أنّ الأمور ممهّدة له باعتبار علاقته المتينة مع أكثر قادة الإمام الحسن ( عليه السّلام ) ، كما حاول إغراء الإمام بالأموال والخلافة من بعده وتضليل الرأي العام ، ولكنّ موقف الإمام لم يتغيّر لتهديده ووعوده ، وأدرك معاوية صلابة الإمام ( عليه السّلام ) على موقفه المبدئي ، فأعدّ العدّة لمحاربته ، واطمأنّ معاوية إلى أنّ المعركة ستكون لصالحه ، وسيكون الحسن ( عليه السّلام ) والمخلصون له من جنده بين قتيل وأسير ، ولكنّ هذا الاستيلاء سوف يفقد الصيغة الشرعية التي كان يحاول أن يتظاهر بها لعامة المسلمين ، ولذلك حرص معاوية على أن لا يتورّط في الحرب مع الإمام الحسن ( عليه السّلام ) معتمدا المكر والخداع والتمويه وشراء الضمائر وتفتيت جيش الإمام ( عليه السّلام ) ، ولم يكن للإمام بدّ من اختيار الصلح بعد أن تخاذل عامة جيشه وأكثر قادته ، ولم يبق معه إلّا فئة قليلة من أهل بيته والمخلصين من أصحابه ، فتغاضى عن السلطة دفعا للأفسد بالفاسد في ذلك الجوّ المحموم ، فكان اختياره للصلح في منتهى الحكمة والحنكة السياسية الرشيدة تحقيقا لمصالح الإسلام العليا وأهدافه المثلى .
* وتعرّض الإمام الحسن السبط ( عليه السّلام ) للنقد اللاذع من شيعته وأصحابه الذين لم يتّسع صبرهم لجور معاوية ، مع أنّ أكثرهم كان يدرك الظروف القاسية التي اضطرّته إلى تجنّب القتال واعتزال السلطة ، كما أحسّ الكثير من أعيان المسلمين وقادتهم بصدمة عنيفة لهذا الحادث لما تنطوي عليه نفوس الأمويّين من حقد على الإسلام ودعاته الأوفياء ، وحرص على إحياء ما أماته الإسلام من مظاهر الجاهلية بكلّ أشكالها .
* ولكنّ الإمام بصلحه المشروط فسح المجال لمعاوية ليكشف واقع أطروحته الجاهلية ، وليعرّف عامة المسلمين البسطاء من هو معاوية ؟ ومن هنا كان الصلح نصرا ما دام قد حقّق فضيحة سياسة الخداع التي تترّس بها عدوّه .
ونجحت خطّة الإمام حينما بدأ معاوية يساهم في كشف واقعه المنحرف ، وذلك في إعلانه الصريح بأنّه لم يقاتل من أجل الإسلام ، وإنّما قاتل من أجل الملك والسيطرة على رقاب المسلمين ، وأنّه سوف لا يفي بأيّ شرط من شروط الصلح .
بهذا الإعلان وما تلاه من خطوات قام بها معاوية لضرب خط عليّ ( عليه السّلام ) وبنيه الأبرار وقتل خيرة أصحابه ومحبّيه كشف النقاب عن الوجه الأموي الكريه ، ومارس الإمام ( عليه السّلام ) مسؤولية الحفاظ على سلامة الخط بالرغم من إقصائه عن الحكم ، وأشرف على قاعدته الشعبية فقام بتحصينها من الأخطار التي كانت تهدّدها من خلال توعيتها وتعبئتها ، فكان دوره فاعلا إيجابيا للغاية ، ممّا كلّفه الكثير من الرقابة والحصار ، وكانت محاولات الاغتيال المتكرّرة تشير إلى مخاوف معاوية من وجود الإمام ( عليه السّلام ) كقوة معبّرة عن عواطف الامّة ووعيها المتنامي ، ولربّما حملت معها خطر الثورة ضد ظلم بني أمية ، ومن هنا صحّ ما يقال من أنّ صلح الإمام الحسن ( عليه السّلام ) كان تمهيدا واقعيا لثورة أخيه أبي عبداللّه الحسين ( عليه السّلام ) .
وتوّج الإمام المجتبى ( عليه السّلام ) جهاده العظيم هذا والذي فاق الجهاد بالسيف في تلك الظروف العصيبة ، باستشهاده مسموما على يد ألدّ أعدائه ، فسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حيّا .
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
انطلاق الجلسة البحثية الرابعة لمؤتمر العميد العلمي العالمي السابع
|
|
|