المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تطهير الثوب والبدن والأرض
2024-11-02
{ودت طائفة من اهل الكتاب لو يضلونكم}
2024-11-02
الرياح في الوطن العربي
2024-11-02
الرطوبة النسبية في الوطن العربي
2024-11-02
الجبال الالتوائية الحديثة
2024-11-02
الامطار في الوطن العربي
2024-11-02

هل الشيعة يعبدون القبور ؟
2024-01-21
Instrumentation: Instrumentation
18-2-2020
الامامة في السنة النبوية
5-08-2015
الحلق
2024-09-24
الكلام واللغة (عناصر النظام الصوتي)
28-11-2018
الأطفال المعاقين
28-1-2016


وسائل التربية الصالحة / الجلسات الخاصة مع الأولاد  
  
1973   01:14 صباحاً   التاريخ: 31-5-2022
المؤلف : عبد العظيم نصر مشيخص
الكتاب أو المصدر : المراهقة مشكلات وحلول
الجزء والصفحة : ص141ــ153
القسم : الاسرة و المجتمع / المراهقة والشباب /

هناك نقطة واضحة في مسيرة الأسرة المسلمة اليوم خصوصاً، وهي فقد الرعاية الأسرية من الآباء والأمهات بشؤون الأولاد العاطفية والعقلية، فقد يخرج الأب إلى العمل ويعود وهو مرهق لا طاقة له على رعاية أولاده أو النظر إلى وجوههم، يأكل ويشرب وينام، وهكذا إلى اليوم الثاني وإلى نهاية الأسبوع، مما يسبب فقد العلاقة بين الأولاد وآبائهم وهذا هو نفس العمل الذي تنتهجه المرأة العاملة اليوم، وربما يزيد قليلاً أو ينقص شيئاً ما.

ولذلك فإن أكثر الأطفال فساداً وانحرافاً هم الذين لم يحظوا برعاية آبائهم وأمهاتهم.

إنني وبكل إخلاص وحمية وشفقة على الأبناء في هذا القرن أهيب بالآباء والأمهات أن يرعوا التربية الأسرية اليوم، وخصوصاً عند ما استحوذ علينا الاستعمار بأجهزته المختلفة، لكي يفسد عقول شبابنا وفتياتنا عبر أقماره الصناعية، فقد ينتج سنويا (200) قمر صنع في مختلف القطاعات والأعمال، وكل ذلك يستهدفون دمار الأسرة المسلمة اليوم.

وأن تعود الأمهات إلى تقاليدنا وعاداتنا الأصيلة، التي عرفناها من أمهاتنا وآبائنا عبر الأخلاق والعفة والخشية الحقيقية من الله عز وجل، وتحمل أعباء المسؤولية الأسرية اليوم أكثر من أي يوم مضى.

يقول شوقي:

الأم مدرسة إذا أعددتها                  أعددت شعباً طيب الأعراق

وإننا نهيب برب الأسرة وربان السفينة ومسير دفتها، أن يراعي في تربية بناته وأبنائه التربية الإسلامية الصافية الخالية من الشوائب، والنابعة من عاداتنا وتقاليدنا الأصيلة الممتدة عبر القرون، والقيم النبيلة، والأخلاق الفاضلة، والأقتداء بحياة العظماء في تاريخنا الإسلامي..

وماذا يمكن للأب أو الزوج أو الأخ أن يقول إذا قالت الفتاة أو البنت أو الزوجة أو الأم يوم القيامة: يا رب خذ حقي من هؤلاء الذين لم يتقوك فيّ ولم يعلموني الأدب والدين؟.

قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «ما من عبد يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة»(١).

فإذا نشأت الفتاة على المسلسلات وتقليد الممثلات وحفظ أسماء المطربين والمطربات، ولا تعرف من الحياة إلا ميكي ماوس " و" وتوم وجيري " و" مستر تي " و والسندباد" والأفلام المدبلجة، أمثال "اكواد لابي "و.... وما إلى ذلك من التفاهات والسخافات، والآفات وما نسميه جهاز الفيديو وغيرها.. فأي خير نرجو أن نجنيه منها عندما تكبر وتصبح زوجة وأماً لأبناء!.

إن الغصون إذا قومتها اعتدلت              ولا يستقيم إذا قومته الخشب

كما أتمنى أن يزيد جهازنا الإعلامي من إذاعة وتلفزيون بفضل توجيهات شيوخنا الأفاضل، من جرعة التوجيه الإسلامي والإعداد التربوي السليم، ليساعد الأسرة فيما تصبو إليه من تربية أبنائها وبخاصة الفتيات تربية سليمة لا اعوجاج فيها.

ونعود إلى دور الآباء.. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول". وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): من عال ثلاث بنات: فأدبهن، وزوجهن، وأحسن إليهن، فله الجنة. رواه الترمذي من حديث أبي سعيد.

وجاء في رسالة لأخ: بعنوان (بدون أخلاق) «..الأنوثة لم تبدع في الإنسان جسداً وصورة فحسب، بل قد سكبت في الإنسانية أيضاً مع لبن الرضاع من ذوب حبها وحنينها ما أحال غموض الطفولة وغفلتها إلى وضوح وعبقرية في استيحاء معاني الإنسانية، من النظريات والبسمات وقسمات الوجوه، وفي إيحائها.

لا بل من هذب الرجولة في بواكيرها فبدلها بالغلظة شهامة ومروءة، وبالوحشة أنساً وفرحا، وبالأنانية فيضاً وفداء، وباللامبالاة تعلقاً وتمسكا؟ من ثقفها في فجرها. فكشف لها عن أسرار الحياة؟ من فهمها نجوى الطير، وهمس النجوم، ووشوشات الغدران؟ من أحال لها خيام الناس وأكواخهم فراديس تفيض على الوجوه غبطة ونعمى وسلاما؟ أية ساحرة مست بأناملها العبقرية هذه الفتوة البكر، توقظ فيها البطل خلوقاً فنانا، فتستعيد الحياة على يديه جدتها وصبوتها، همة وتوثباً وفيضاً بالمعاني، لحظة بعد لحظة وحيلاً بعد جيل إلى أن تفنى الحياة ولا فناء؟!.

من فعل فينا كل ذلك غير طيف الأنوثة يوم تراءت لنا بقامتها الطلقة وقسمات وجهها المهذبة، مع أحلام الشباب وأمانية العذاب.

فالأنوثة ليست جسدا فحسب، بل هي قبل ذلك تجسد للحب المقدس والجمال والدقة والروح المهذبة والتعلق النبيل.

فلو استطاع الرجل العبقري أو غير العبقري أن يعيش هذه المظاهر الإنسانية الأصيلة في رسالة أو هواية أو كلمات، فإنه قد يستطيع أن يستعيض بها عن المرأة، ولكن استعاضة الظمآن عن الماء القراح بمنظر الفواكه وغيرها !... وهيهات» !!.

«فتاة الجامعة لا تفرق بين حرم الجامعة وصالة عرض الأزياء»:

هذا ما قالته إحدى الكاتبات في الأخبار، وهي تعيب على بنات جنسها، وتنعى عليهم هذا التصرف المعيب، ثم تضيف: فهي تذهب إلى الجامعة في عز الصباح، بفستان ضيق يكاد ضيقه يمنعها من الحركة، مع الكعب العالي الذي تنتعله... وعندما تغيره تستبدل به فستاناً واسعاً تحته أكثر من جيبونه تشل بدورها حركة صاحبتها، وتجعلها أشبه بالأبجورة المتحركة وهي فوق هذا - إن نسيت كتبها ومجلد محاضراتها فهي — لا تنسى أبداً الحلق، والعقد، والسوار، والبروش، التي تحلي بها أذنيها وصدرها وذراعيها وشعرها في غير تناسق أو ذوق!!!

ثم مضت الكاتبة تقول: وهذا كله يرجع في رأيي إلى أن الفتاة الجامعية عندما لا تأخذ الدراسة الجامعية مأخذ الجد... فهي تضع فوقها زينتها وأناقتها... والمفروض أن يكون العكس هو الصحيح، في وقت نالت فيه ثقافة المرأة أعلى تقدير - ليس معنى هذا أنني أطالب الفتاة الجامعية بإهمال ملابسها وزينتها - ... إني أطالب بالاهتمام أولاً بدروسها، ثم بتخفيف مكياج وجهها، إن لم يكن مراعاة لحرم الجامعة، فعلى الأقل مراعاة لبشرتها التي يفسدها كثرة المكياج، في سن تكون نضارة الوجه فيها أجمل بكثير من المكياج المصطنع.. ثم بعد ذلك أطالبها بالحد من استعمال الحلي كما قال بعض شعراء العرب:

وما الحلى إلا زينة من نقيصة          يتمم من حسن إذا الحسن

وأما إذا كان الجمال موفراً             كحسنك لم يحتج إلى أن ينورا

وتضيف: أطالبها بارتداء الملابس البسيطة التي تناسب الفتاة الجامعية كالفستان " الشيزييه" و "التايير" ذي الخيوط البسيطة، والفستان الذي تنسدل جوبته إلى أسفل، في وسع خفيف لا يعرقل حركتها.. والجوب والبلوزة، أو الجوب والبلوفر، أو الجوب والجاكيت. وأن تراعى في اختيارها لهذه الأزياء الألوان الهادئة التي لا تثير" القيل والقال" بين زملائها الطلبة.

إنني أطالب الفتاة الجامعية باتباع هذا... وأطالب أولياء أمورها بضرورة الإشراف التام على ثياب بناتهم، فالفتاة في العهد الجديد لم يعد هدفها الأول والأخير في الحياة جلب الأنظار إليها بالدندشة والشخلعة.. إنها اليوم يجب أن تصقل بالثقافة والعلم والذوق السليم، فلم يعد أقصى ما تصبو إليه هو مكتب سكرتيرة تجلس عليه لترد على تلفونات المدير، وإنما المجال قد فتح أمامها وجلست إلى مكتب الوزارة...

وهذه الحالة قد أثارت اهتمام زائرات القاهرة من الأجنبيات، أفصحت عن ذلك الرأي صحفية إنجليزية زارت القاهرة أخيراً، وكبت مقالاً في مجلتها تحت عنوان: المرأة الغربية غير راضية عن تقليد المرأة الشرقية لها.. تقول: لقد صدمت جداً بمجرد نزولي أرض المطار، فقد كنت أتصور المرأة الشرقية المتحضرة التي ترتدي الأزياء العملية التي تتسم بالطابع الشرقي، وتتصرف بطريقة شرقية، و لكنني لم أجد شيئاً من هذا، فالمرأة هناك هي نفسها المرأة التي تجدها عندما تنزل إلى أي مطار أوروبي، فالأزياء هي نفسها، والمكياج هو نفسه، حتى طريقة الكلام والمشية، وفي بعض الأحيان اللغة، إما بالفرنسية أو الانجليزية.

وقد صدمني من المرأة الشرقية أنها تصورت أن التمدين والتحضر هو تقليد المرأة الغربية، ونسيت أنها تستطيع أن تتطور وتتقدم كما شاءت، مع الاحتفاظ بطابعها الشرقي الجميل»(2).

وهناك صحفية أمريكية مشهورة أمضت عدة أسابيع في القاهرة، وزارت خلالها المدارس، والجامعات، ومعسكرات الشباب والمؤسسات الاجتماعية، ومراكز الأحداث، وبعض الأسر في المجتمع العربي... وهي تعمل صحفية متجولة، تراسل أكثر من 250 صحيفة أمريكية، ولها مقال يومي، يقرؤه الملايين ويتناول مشاكل الشباب تحت سن العشرين، وعملت في الإذاعة والتلفزيون، وفي الصحافة أكثر من عشرين عاما، وزارت جميع بلاد العام.

تقول الصحفية الأمريكية بعد أن أمضت شهراً في القاهرة: إن المجتمع العربي كامل وسليم، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تفيد الفتاة والشاب في حدود المعقول. وهذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوروبي والأمريكي، فعندكم تقاليد موروثة تحتم تقييد المرأة وتحتم احترام الأب والأم، وتحتم أكثر من ذلك، عدم الإباحية الغربية، هذه القيود التي يحددها اليوم المجتمع العربي على الفتاة الصغيرة ــ وأقصد ما تحت العشرين ــ هذه القيود صالحة ونافعة، لهذا أنصح أن تتمسكوا بتقاليدكم وأخلاقكم، وامنعوا الاختلاط وقيدوا حرية الفتاة، بلى ارجعوا إلى عصر الحجاب، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق، ومجون أوروبا وأمريكا. امنعوا الاختلاط قبل سن العشرين، فقد عانينا منه في أمريكا الكثير، لقد أصبح المجتمع الأمريكي مجتمعاً معقداً، مليئاً بكل صور الإباحية والخلاعة، وإن ضحايا الاختلاط والحرية قبل سن العشرين، يملأون السجون والأرصفة والبارات والبيوت السرية. إن الحرية التي أعطيناها لفتياتنا وأبنائنا الصغار قد جعلت منهم عصابات أحداث وعصابات "جيمس دين" وعصابات للمخدرات، والرقيق... إن الاختلاط والإباحية والحرية في المجتمع الأوروبي والأمريكي قد هدم الأسر، وزلزل القيم والأخلاق، فالفتاة الصغيرة تحت سن العشرين في المجتمع الحديث تخالط الشبان، وترقص تشاتشا وتشرب الخمر وتدخن السجائر، وتتعاطى المخدارت باسم المدنية والحرية والإباحية.

والعجب في أوربا وأمريكا أن الفتاة الصغيرة تحت العشرين تلعب... تلهو وتعاشر من تشاء تحت سمع عائلتها وبصرها، بل وتتحدى والديها ومدرسيها والمشرفين عليها، تتحداهم باسم الحرية والاختلاط، تتحداهم باسم الإباحية والانطلاق، تتزوج في دقائق... وتطلق بعد ساعات، ولا يكلفها هذا أكثر من إمضاء بعض هنيهات وعريس ليلة ــ أو لبضع ليال، وبعدها الطلاق ــ وربما الزواج فالطلاق أخرى.

لقد صرخت النساء في الغرب... وفي بلاد دعوة التحرير الزائف في مظاهرة ضخمة للنساء عام ١٩٧٠م في شوارع ستوكهولم عاصمة الدانمارك... صرخن في مظاهرة عارمة، ورفعن لافتات ينددن فيها بالإباحية، وهذا التحرر الذي لا يقصد منه سوى تدمير المرأة:

نرفض أن نكون أشياء.

نرفض أن نكون سلعاً لتجارة الإباحية. أعيدوا إلينا أنوثتنا.

نريد أن تعود المرأة إلى البيت.

سعادتنا لا تكون إلا في المطبخ.

ولقد انتحرت داليدا صاحبة ما يزيد على خمسين مليون اسطوانة! ولقد قالتها مارلين مونرو نجمة وملكة الإغراء كما يسمونها... قالت في رسالتها التي كتبتها قبل انتحارها إني أتعس امرأة على سطح هذه الأرض... لم أستطع أن أكون أماً... إني امرأة.. أفضل البيت.. الحياة العائلية الطاهرة الشريفة لأن هذه الحياة هي سر ورمز سعادة المرأة بل الإنسانية بأسرها.. لقد ظلمني المجتمع لأنه أخذ مني كل شيء ولم يعطن أي شيء "...

أليس في هذه الشواهد الحية الواقعية من العبرة والحكمة والتجربة ما يوفر على المسافرات في قطار التحرير المسافة وذات المصير(3)؟!

إننا اليوم بحاجة ماسة إلى مصادقة الأبناء داخل الأسرة، لأن الآباء والأمهات لا يستطيعون أن يمارسوا دور التربية الحسنة ويوجهوا عواطف المراهق نحو الصالح العام، إلا إذا عملوا بهذه القاعدة:

(مصادقة الأبناء ضرورة) لمن يريد التربية الحسنة المنشودة في العالم الدارين عالم الدنيا والآخرة).

ولذلك يقول أحد المتخصصين في هذا الصدد: إن أنجح المدرسين ليس ذلك الذي يمتلك بسطة في العلم والجسم، وإنما ذلك الذي يكسب قلوب التلاميذ، ويصادق أبناءه، ويستطيع أن يؤثر فيهم ويحببهم إليه بكل سهولة وأبلغ تأثير، ومن الملاحظ تربوياً أن الطفل يتعلق تعلقاً شديداً بمن يحاول مصادقته والتقرب إليه، سواء كان ذلك أحد والديه أو أي شخص آخر.

أتذكر - والكلام للمتخصص التربوي - أنه كان في مجتمعنا رجل طاعن في السن دأب على مصادقة الأطفال، وكان شغوفا بحبهم والتقرب إليهم. حتى أنه استطاع أن يكسب الكثير منهم ويترك أثره الأخلاقي والديني والعلمي البالغ على سلوكياتهم وشخصياتهم، ترى ماذا كان يصنع هذا الشيخ؟!!

لقد كان جيبه ــ دائماً ــ لا يخلو من قطع حلويات، والنقود الصغيرة التي كان يوزعها على الأطفال أينما وجدهم، سواء كانوا يلعبون في الطرقات أو يجلسون في أحضان أمهاتهم وآبائهم في الباصات، أو في المحافل العامة، وكانت شفتاه لا تفتأ تنفرج عن ابتسامات عريضة هي التي تستهوي الصغار إليه.

وعندما توفاه الله لم يحزن الأطفال لموته فحسب، بل وحتى الكبار، ذلك لأنهم كانوا يرجعون إليه حينما كانوا يريدون إقناع أبنائهم أو منعهم من شيء لشدة تعلقهم به(4).

لذلك عزيزي الأب، عزيزتي الأم، أنتما بحاجة إلى قاعدة (المصادقة للأبناء)، حاولوا أن تجلسوا مع أبنائكم ساعات وتسردوا لهم القصص النافعة، عن الإسلام والدين والعقيدة الإسلامية والأخلاق النافعة، وقصص مشاهير أبطال الإسلام وأعلامه من العلماء، ومعارك الدين مع خصومه. وتظهروا اهتمامكم المتزايد بحبهم والرعاية العاطفية لهم، وتلبية حاجياتهم المادية والمعنوية بشكل معتدل، وأن تحلوا مشاكلهم العلمية والعقلية والعاطفية، وتزيحوا من أمامهم العقبات الكأداء التي تحول دون الوصول إلى الهدف المنشود، ولا سيما أن تدعوهم إلى مصاحبة العلماء وأهل الفضل والتقوى والأخلاق الفاضلة.

وكان عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل إذا رأى طالب علم قال: مرحباً بكم ينابيع الحكمة ومصابيح الحلكة، خلقان الثياب جدد القلوب، رياحين كل قبيلة، إنني آمر أهلي وأولادي أن يلزموا معاشرتكم فإن فيها سعادة الدارين (الدنيا والآخرة).

________________________________

(١) ميزان الحكمة ج ٦ص45.

(2) راجع موسوعة المعلومات ص543.

(3) راجع للمزيد النصائح الذهبية ص٢٧٩.

(4) راجع الأسرة الفاضلة ص٦٢. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.