أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2015
4314
التاريخ: 2-5-2016
4355
التاريخ: 16-12-2014
4147
التاريخ: 9-5-2016
4306
|
رفض الإمام عليّ ( عليه السّلام ) البيعة لأبي بكر ، وأعلن سخطه على النظام الحاكم ، ليتّضح للعالم أنّ هذه الحكومة التي أعرض عنها الرجل الأول في الإسلام بعد رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) لا تمثّل الخلافة الواقعية لرسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، وكذلك فعلت الزهراء فاطمة ( عليها السّلام ) ليعلم الناس أنّ ابنة نبيّهم ساخطة عليهم وهي تدينها فلا شرعية لهذا الحكم .
وبدأ الإمام عليّ ( عليه السّلام ) من جانب آخر جهادا سلبيا ضد الغاصبين للحقّ الشرعي ، ووقف مع الإمام عليّ ( عليه السّلام ) عدد من أجلّاء الصحابة من المهاجرين والأنصار وخيارهم وممن أشاد النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) بفضلهم مع إدراكهم لحقائق الأمور مثل : العباس بن عبد المطلب ، وعمار بن ياسر ، وأبي ذر الغفاري ، وسلمان الفارسي ، والمقداد بن الأسود ، وخزيمة ذي الشهادتين ، وعبادة بن الصامت ، وحذيفة بن اليمان ، وسهل بن حنيف ، وعثمان بن حنيف ، وأبي أيوب الأنصاري وغيرهم ، من الذين لم تستطع أن تسيطر عليهم الغوغائية ، ولم ترهبهم تهديدات الجماعة التي مسكت بزمام الخلافة وفي مقدمتهم عمر ابن الخطاب .
وقد قام عدد من الصحابة المعارضين لبيعة أبي بكر بالاحتجاج عليه ، وجرت عدّة محاورات عليه في مسجد النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) وفي أماكن عديدة ، ولم يهابوا من إرهاب السلطة مما ألهب مشاعر الكثيرين الذين أنجرفوا مع التيار ، فعاد إلى بعضهم رشده وندموا على ما ظهر منهم من تسرّعهم واندفاعهم لعقد البيعة بصورة ارتجالية لأبي بكر ، بالإضافة إلى ما ظهر منهم من العداء السافر تجاه أهل بيت النبوّة .
وكانت هناك بعض العشائر المؤمنة المحيطة بالمدينة مثل : أسد ، وفزارة ، وبني حنيفة وغيرهم ، ممن شاهد بيعة يوم الغدير « غدير خم » التي عقدها النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) لعليّ ( عليه السّلام ) بإمرة المؤمنين من بعده ، ولم يطل بهم المقام حتى سمعوا بالتحاق النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) إلى الرفيق الأعلى والبيعة لأبي بكر وتربّعه على منصة الخلافة ، فاندهشوا لهذا الحادث ورفضوا البيعة لأبي بكر[1] جملة وتفصيلا ، وامتنعوا عن أداء الزكاة للحكومة الجديدة باعتبارها غير شرعية ، حتى ينجلي ضباب الموقف ، وكانوا على إسلامهم يقيمون الصلاة ويؤدّون جميع الشعائر .
ولكنّ السلطة الحاكمة رأت أنّ من مصلحتها أن تجعل حدّا لمثل هؤلاء الذين يشكّلون خطرا للحكم القائم ، ما دامت معارضة الإمام عليّ ( عليه السّلام ) وصحابته تمثّل خطرا داخليا للدولة الإسلامية ، عند ذلك أحسّ أبو بكر وأنصاره بالخطر المحيط بهم وبحكمهم من خلال تصاعد المعارضة إن لم يبادروا فورا إلى ايقاف هذا التيار المعارض ، وذلك بإجبار رأس المعارضة ( عليّ بن أبي طالب ( عليه السّلام ) ) على بيعة أبي بكر .
ذكر بعض المؤرّخين[2] : أنّ عمر بن الخطّاب أتى أبا بكر فقال له : ألا تأخذ هذا المتخلّف عنك بالبيعة ؟ يا هذا لم تصنع شيئا ما لم يبايعك علي ! فابعث اليه حتى يبايعك ، فبعث أبو بكر قنفذا ، فقال قنفذ لأمير المؤمنين ( عليه السّلام ) : أجب خليفة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) . قال عليّ ( عليه السّلام ) : « لسريع ما كذبتم على رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) » فرجع فأبلغ الرسالة فبكى أبو بكر طويلا ، فقال عمر ثانية : لا تمهل هذا المتخلّف عنك بالبيعة ، فقال أبو بكر لقنفذ : عد إليه فقل له :
خليفة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) يدعوك لتبايع ، فجاءه قنفذ ، فأدّى ما أمر به ، فرفع عليّ ( عليه السّلام ) صوته وقال : « سبحان اللّه ! لقد ادعى ما ليس له » فرجع قنفذ فأبلغ الرسالة ، فبكى أبو بكر طويلا ، فقال عمر : قم إلى الرجل ، فقام أبو بكر وعمر وعثمان وخالد بن الوليد والمغيرة بن شعبة وأبو عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة .
وظنّت فاطمة ( عليها السّلام ) أنّه لا يدخل بيتها أحد إلّا بإذنها ، فلمّا أتوا باب فاطمة ( عليها السّلام ) ودقّوا الباب وسمعت أصواتهم نادت بأعلى صوتها : « يا أبت يا رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة ، لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم ، تركتم رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) جنازة بأيدينا وقطعتم أمركم بينكم ، لم تستأمرونا ، ولم تردّوا لنا حقا » .
فلمّا سمع القوم صوتها وبكاءها انصرفوا باكين ، وكادت قلوبهم تتصدّع وأكبادهم تنفطر وبقي عمر ومعه قوم ، ودعا عمر بالحطب ونادى بأعلى صوته : والذي نفس عمر بيده لتخرجنّ أو لأحرقنّها على من فيها ، فقيل له : يا أبا حفص إنّ فيها فاطمة ، فقال : وإن[3].
فوقفت فاطمة ( عليها السّلام ) خلف الباب وخاطبت القوم : « ويحك يا عمر ما هذه الجرأة على اللّه وعلى رسوله ؟ تريد أن تقطع نسله من الدنيا وتفنيه وتطفئ نور اللّه ؟ واللّه متّم نوره » . فركل عمر الباب برجله فاختبأت فاطمة ( عليها السّلام ) بين الباب والحائط رعاية للحجاب ، فدخل القوم إلى داخل الدار مما سبّب عصرها سلام اللّه عليها ، وكان ذلك سببا في إسقاط جنينها .
وتواثبوا على أمير المؤمنين وهو جالس على فراشه ، واجتمعوا عليه حتى أخرجوه ملبّبا بثوبه يجرّونه إلى السقيفة ، فحالت فاطمة ( عليها السّلام ) بينهم وبين بعلها وقالت : « واللّه لا أدعكم تجرّون ابن عمّي ظلما ، ويلكم ما أسرع ما خنتم اللّه ورسوله ، فينا أهل البيت ، وقد أوصاكم رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) باتّباعنا ومودّتنا والتمسّك بنا » ، فأمر عمر قنفذا بضربها فضربها قنفذ بالسوط فصار بعضدها مثل الدملج[4].
فأخرجوا الإمام ( عليه السّلام ) يسحبونه إلى السقيفة حيث مجلس أبي بكر ، وهو ينظر يمينا وشمالا وينادي « واحمزتاه ولا حمزة لي اليوم ، واجعفراه ولا جعفر لي اليوم » ! ! وقد مرّوا به على قبر أخيه وابن عمّه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) فنادى « يا ابن أم إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني » .
وروي عن عدي بن حاتم أنّه قال : واللّه ما رحمت أحدا قطّ رحمتي عليّ بن أبي طالب ( عليه السّلام ) حين أتي به ملبّبا بثوبه ، يقودونه إلى أبي بكر وقالوا له : بايع ! قال : « فإن لم أفعل فمه ؟ » قال له عمر : إذن واللّه أضرب عنقك ، قال عليّ : « إذن واللّه تقتلون عبد اللّه وأخا رسوله » فقال عمر : أمّا عبد اللّه فنعم ، وأمّا أخو رسول اللّه فلا ، فقال : « أتجحدون أنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) آخى بيني وبينه ؟ ! » وجرى حوار شديد بين الإمام ( عليه السّلام ) وبين الحزب الحاكم .
وعند ذلك وصلت السيّدة فاطمة ( عليها السّلام ) وقد أخذت بيد ولديها الحسن والحسين ( عليهما السّلام ) وما بقيت هاشمية إلّا وخرجت معها ، يصحن ويولولن فقالت فاطمة ( عليها السّلام ) : « خلوا عن ابن عمّي ! ! خلوا عن بعلي ! ! واللّه لأكشفن رأسي ولأضعنّ قميص أبي على رأسي ولأدعونّ عليكم ، فما ناقة صالح بأكرم على اللّه منّي ، ولا فصيلها بأكرم على اللّه من ولدي »[5].
وجاء في رواية العياشي أنّها قالت : يا أبا بكر ، أتريد أن ترملني عن زوجي وتيتّم أولادي ؟ واللّه لئن لم تكفّ عنه لأنشرنّ شعري ولأشقّنّ جيبي ولآتينّ قبر أبي ولأصرخنّ إلى ربّي » فأخذت بيد الحسن والحسين تريد قبر أبيها ، عند ذلك تصايح الناس من هنا وهناك بأبي بكر : ما تريد إلى هذا ؟ أتريد أن تنزل العذاب على هذه الأمة ؟
وراحت الزهراء وهي تستقبل المثوى الطاهر لرسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) تستنجد بهذا الغائب الحاضر : « يا أبت يا رسول اللّه ! ( صلّى اللّه عليه واله ) ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب وابن أبي قحافة ؟ فما تركت كلمتها إلّا قلوبا صدعها الحزن وعيونا جرت دمعا »[6].
[1] تاريخ الأمم والملوك ، للطبري : 4 / 61 ط . دار الفكر .
[2] الإمامة والسياسة لابن قتيبة : 29 - 30 .
[3] الإمامة والسياسة لابن قتيبة : 29 - 30 .
[4] مرآة العقول : 5 / 320 .
[5] الاحتجاج للطبرسي : 1 / 222 .
[6] الغدير : 3 / 104 . راجع الإمامة والسياسة : 1 / 13 ، وتأريخ الطبري : 3 / 198 ، والعقد الفريد : 2 / 257 ، وتاريخ أبي الفداء : 1 / 165 ، وتاريخ ابن شحنة في حوادث سنة 11 ، وشرح ابن أبي الحديد : 2 / 19 .
|
|
"علاج بالدماغ" قد يخلص مرضى الشلل من الكرسي المتحرك
|
|
|
|
|
تقنية يابانية مبتكرة لإنتاج الهيدروجين
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يطلق مشروع (حفظة الذكر) في قضاء الهندية
|
|
|