المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



شخصية السيّدة خديجة « امّ فاطمة » ( عليهما السّلام )  
  
1697   05:37 مساءً   التاريخ: 9-5-2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 3، ص49-52
القسم : سيرة الرسول وآله / النبي الأعظم محمد بن عبد الله / أسرة النبي (صلى الله عليه وآله) / زوجاته واولاده /

ولدت السيّدة خديجة بنت خويلد زوجة النبيّ الأولى من أبوين قرشيين كلاهما من أعرق الأسر في الجزيرة العربية ، وقد اجتمع لها بالإضافة إلى هذا النسب الرفيع ، الذكر الطيب والخلق الكريم والصفات الفاضلة ، وبلغ من علوّ شأنها أنّها كانت قبل أن تتزوّج بالنبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) تعرف بالطاهرة وبسيّدة نساء قريش ، وهي مع ذلك من أثرياء قريش وأوسعهم جاها ومفطورة على التديّن بعاملي الوراثة والتربية ، فأبوها خويلد هو الذي نازع ( تبّعا الآخر ) ملك اليمن حين أراد أن يحمل الحجر الأسود معه إلى اليمن ، فتصدّى له ولم ترهبه قوّته وكثرة أنصاره حرصا منه على هذا النسك من مناسك دينه[1].

وأسد بن عبد العزى - جدّ السيّدة خديجة - كان من المبرّزين في حلف الفضول الذي تداعت له قبائل من قريش ، فتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها أو غيرهم ممّن دخلها من سائر الناس إلّا قاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد مظلمته ، وقد قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) : « لقد شهدت في دار عبد اللّه بن جدعان حلفا ما أحبّ أنّ لي به حمر النعم ، ولو ادعى به في الإسلام لأجبت »[2].

وابن عمّها ورقة بن نوفل كان يعكف على دراسة كتب النصارى واليهود ، ويعمل بما يستحسنه منهما ، لا لأنه كان يعاشر النصارى واليهود ، ولا لأنّ مكة كانت مقرا لهما ، بل لأنّه كان يسخر من عبادة الأصنام والتماثيل ويبحث عن دين يطمئن اليه[3].

إذن كانت السيّدة خديجة من أسرة عريقة معروفة بالعلم والديانة ، وكان ذووها على الحنيفيّة دين إبراهيم ( عليه السّلام ) ، وممّن ينتظرون ظهور دين الحقّ في بلاد الجزيرة العربية[4].

نشاطها التجاري :

خطب أشراف قريش السيّدة خديجة وقدّموا لها العروض المغرية فلم تستجب لأحد منهم[5]، وظلّت تعيش بعيدة عن الرجال ومشاكلهم طيبة النفس مرتاحة الضمير ، لأنّ أكثر الخاطبين كانوا يضعون في حساباتهم ثروتها الواسعة حتى بلغت الأربعين من عمرها .

كانت في يدي السيّدة خديجة أموال طائلة ، ولكنّها لم تترك هذه الأموال راكدة ولم تراب بها في زمان كان الربا رائجا ، وإنّما استثمرت هذه الأموال في التجارة واستخدمت رجالا صالحين لهذا الغرض ، واستطاعت أن تكسب عن طريق التجارة ثروة ضخمة .

ويروي المحدّثون أنّ السيّدة خديجة كانت ترسل في تجارتها إلى الشام جماعة بأجر معين ، وقبيل زواجها بالنبيّ أرسلت اليه ليذهب في تجارتها وبذلت له ضعفي ما كانت تبذله لغيره لأنّه كان حديث الناس رجالا ونساء في أمانته وصدقه واستقامته ، فوافق على طلبها بعد أن استشار عمّه أبا طالب ، وأرسلت معه غلامها ميسرة لخدمة القافلة ورعايتها ، وكانت الرحلة ناجحة وموفّقة بشكل لم توفّق له رحلة قبلها ، وأسرع ميسرة قبل دخول القافلة مشارف مكة ليخبر خديجة بما جرى وما حدث لمحمد ( صلّى اللّه عليه واله ) في طريقه مع بحيرا الراهب وغيره .

ومن نبوغ وحدّة ذكاء السيدة خديجة ونظرتها البعيدة أنّها أدركت عظمة شخصية الرسول الأكرم ( صلّى اللّه عليه واله ) وسموّ أخلاقه قبل تكليفه برسالة السماء ، فاختارته زوجا لها من دون الرجال والشخصيات المرموقة الذين تقدّموا لخطبتها ، بل إنّها هي التي تقدّمت وعرضت نفسها ورغبت في الاقتران به ، على رغم البون الشاسع بين حياتها المادية وحياته البسيطة .

وجاء في تاريخ اليعقوبي عن عمار بن ياسر أنّه قال : أنا أعلم الناس بزواج خديجة بنت خويلد من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) ، لقد كنت صديقا له وإنّا لنمشي يوما بين الصفا والمروة وإذا بخديجة وأختها هالة معها ، فلمّا رأت رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) جاءتني أختها هالة وقالت : يا عمار ! ما لصاحبك رغبة في خديجة ؟ فقلت لها : واللّه لا أدري ، فرجعت اليه وذكرت ذلك له ، فقال لي :

إرجع فواضعها وعدها يوما نأتيها فيه ، فلمّا كان ذلك اليوم أرسلت إلى عمّها

عمرو بن أسد ودهنت لحيته وألقت عليه حبرا ، ثم حضر رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) في نفر من أعمامه يتقدّمهم أبو طالب ، فخطب في الحاضرين ، وتمّ الزواج بينهما .

وأضاف عمّار : أنّها لم تستأجره في تجارتها ولم يكن أجيرا لأحد أبدا[6].

 


[1] سيرة الأئمة الاثني عشر ، للسيد هاشم معروف الحسني : 1 / 42 .

[2] سيرة ابن هشام : 1 / 134 ط دار المعرفة - بيروت .

[3] سيرة الأئمة الاثني عشر : 1 / 42 .

[4] و5 ومن هنا يظهر أنّها لم تتزوّج أحدا قبل الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) فضلا عن أن تكون قد تزوجّت بزوجين مشركين وفاقدين لأيّ مكانة بين الناس ، ويؤيد ذلك ما جاء به البلاذري في أنساب الأشراف وأبو القاسم الكوفي في الاستغاثة وغيرهما . راجع الصحيح من السيرة للعاملي وكامل بهائي لعماد الدين طبري ومناقب ابن شهرآشوب . وعن ابن عباس أنّ عمرها حين الاقتران بالرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) كان 28 عاما . راجع شذرات الذهب : 1 / 14 ، وأنساب الأشراف : 1 / 98 .

[6] أورد حديث زواجه منها على هذا النحو ابن كثير في تأريخه البداية والنهاية : 2 / 361 بعد أن أورد الصورة الأولى الشائعة بين المحدّثين .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.