أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-4-2016
![]()
التاريخ: 15-3-2016
![]()
التاريخ: 9-4-2016
![]()
التاريخ: 13-3-2019
![]() |
الإمام علي مع الناكثين[1]
مثيروا الفتن :
كانت بيعة الناس لأمير المؤمنين ( عليه السّلام ) بمنزلة صاعقة حلّت بقريش وكلّ من يكنّ العداء للإسلام ، فحكومة الإمام هي امتداد لحكومة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) التي أذلّت الظلم والعدوان والبغي ، وجاءت بالعدل والمساواة والحقّ والفضيلة ، وحطّمت المصالح الاقتصادية القائمة على الربا والاحتكار والاستغلال ، فعزّ على كثير من كبار قريش أن يكونوا على قدم المساواة مع أيّ مواطن آخر من أيّ فئة كانت في حكومة الإمام عليّ ( عليه السّلام ) الذي طالت إصلاحاته ولاة عثمان .
وقد كان كلّ من طلحة والزبير يرى نفسه قرينا لأمير المؤمنين ( عليه السّلام ) ، بعد ما رشّحهما عمر للخلافة فكان يتوقّع كلّ منهما أن يلي حكومة جزء كبير من البلاد الإسلامية على أقلّ تقدير ، وكان لعائشة المقام المرموق لدى الخلفاء السابقين حيث كانت تتحدّث كما تشاء ، وهي الآن تعلم أن لا مجال لها في حكومة تعتمد القرآن والسنّة مصدرا ودستورا للتشريع والتنفيذ .
وكان معاوية يتصرّف في الشام تصرّف الحاكم المطلق المتفرّد والطامع في السيادة الإسلامية العظمى جادّا في تولّي أمور الامّة الإسلامية بصورة تامّة ، فكانت المفاجأة لجميع هؤلاء بقرارات الإمام وتخطيطه للإصلاح الشامل إضافة إلى تضرّر مجموعة أو مجموعات كانت تستغل مناصبها في عهد عثمان وهي الآن قد فقدت مصدر ثرواتها ، فإنّ وجود الإمام في قمّة السلطة كان يعدّ تهديدا صارخا للخطّ القبلي المنحرف الذي سارت عليه قريش ، لأنّ الإمام عليّا ( عليه السّلام ) قد عرف بأنّه القادر على رفع راية الإسلام الحق من دون أن تأخذه في اللّه لومة لائم ، ولهذا فهو سيكشف زيف الخطّ المنحرف دون تردّد .
من هنا اجتمعت آراؤهم وأهواؤهم على إثارة الفتن للحيلولة دون استقرار الحكم الجديد ، ولم يكن تقلّب الوضع السياسي ووجود العناصر المعادية للاتّجاه الصحيح لمسيرة الحكومة الإسلامية غريبا على الإمام عليّ ( عليه السّلام ) ؛ فقد أخبره النبي ( صلّى اللّه عليه وآله ) بتمرّد بعض الفئات على حكمه ، وعهد إليه بقتالهم كما أنّه قد سمّاهم له بالناكثين والقاسطين والمارقين[2].
عائشة تعلن التمرّد :
كان موقف السيّدة عائشة من عثمان غريبا متناقضا لا يليق بمقام امرأة تعدّ من نساء النبي ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، فكانت تردّد قولها : « اقتلوا نعثلا » ، وتحرّض الناس على التمرّد عليه وعلى قتله[3] ، وقد خرجت من المدينة إلى مكّة أثناء محاصرة عثمان من قبل الثوار وهي تتوقّع النهاية السريعة لعثمان ، ومن ثمّ فوز قريبها طلحة بالخلافة ، والاستيلاء على الحكم .
وحين فوجئت بأنّ الأمر قد استقرّ - بعد بيعة الناس إلى الإمام عليّ ( عليه السّلام ) ، كرّت راجعة نحو مكّة بعد أن كانت قد عزمت على الرجوع إلى المدينة[4] « 3 » ، وأعلنت حزنها وتظلّمها على عثمان ، فقيل لها : أنت التي حرّضت على قتله فاختلفت عذرا واهيا ، فقالت : إنّهم استتابوه ثمّ قتلوه[5]. وكأنّها كانت حاضرة تشهد مقتله .
وأعلنت السيدة عائشة حربها ضدّ الإمام عليّ ( عليه السّلام ) في خطابها الذي ألقته في مكّة محرّضة أتباعها على الحرب[6].
وطمعت السيدة عائشة في توسيع جبهتها ضدّ الإمام عليّ ( عليه السّلام ) فحاولت مخادعة أزواج النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) للخروج معهنّ ضدّ الإمام ، فامتنعن من ذلك ، وحاولت امّ سلمة أن تنصحها عسى أن ترجع عن غيّها ، وتجنّب الامّة البلاء والدماء ، فقالت لها : إنّك كنت بالأمس تحرّضين على عثمان وتقولين فيه أخبث القول وما كان اسمه عندك إلا نعثلا ، وإنّك لتعرفين منزلة عليّ بن أبي طالب عند رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، أفاذكّرك ؟ قالت امّ سلمة : أتذكرين يوم أقبل ( عليه السّلام ) ونحن معه حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال خلا بعليّ يناجيه ، فأطال فأردت أن تهجمين عليهما فنهيتك فعصيتني فهجمت عليهما ، فما لبثت أن رجعت باكية ، فقلت : ما شأنك ؟ فقلت : إنّي هجمت عليهما وهما يتناجيان ، فقلت لعليّ : ليس لي من رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) إلّا يوم من تسعة أيام أفما تدعني يا ابن أبي طالب ويومي ؟ فأقبل رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) عليّ وهو غضبان محمرّ الوجه ، فقال : « ارجعي وراءك واللّه لا يبغضه أحد من أهل بيتي ولا من غيرهم من الناس إلّا وهو خارج من الإيمان » ، فرجعت نادمة ساخطة ، قالت عائشة : نعم أذكر ذلك ، قالت امّ سلمة : أيّ خروج تخرجين بعد هذا ؟ فقالت عائشة : إنّما أخرج للإصلاح بين الناس ، وأرجو فيه الأجر إن شاء اللّه ، فقالت امّ سلمة : أنت ورأيك ، فانصرفت عائشة عنها[7].
وروي : أنّ نساء النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) خرجن مع عائشة إلى منطقة « ذات عرق »
ويبدو أنّهنّ حاولن إرجاع عائشة إلى المدينة والحيلولة دون وقوع الفتنة ، فلم يتوصّلن إلى حلّ فبكين على الإسلام وبكى الناس معهنّ ، وسمّي ذلك اليوم ب « يوم النحيب »[8].
مكر معاوية ونكث الزبير وطلحة للبيعة :
كان معاوية يتمتّع بسيطرة إدارية على شؤون الشام ، ولديه أجهزة يستطيع بها أن يحرّكها وفق رغباته وأهوائه ، وما كانت لديه مشكلة مع جماهير الشام لأنّ بلاد الشام منذ عرفت الإسلام عرفت آل أبي سفيان ولاة عليها من قبل الخليفة ، فقبله كان أخوه يزيد واليا عليها ، كما أنّ بلاد الشام بعيدة عن عاصمة الخلافة ممّا أعطاه قدرا كافيا من الاستقرار والقوّة . وبدأ معاوية تحرّكه السياسي لتأجيج الفتنة المشتعلة بسبب مقتل عثمان ، ومن ثمّ ليستثمرها لصالحه ، فخاطب الزبير وطلحة بصيغة تحرّك فيهما الأطماع والرغبات للدخول في الصراع الجديّ ضدّ الإمام ( عليه السّلام ) فتزداد الفتنة في العاصمة المركزية . فكتب رسالة إلى الزبير جاء فيها :
لعبد اللّه الزبير أمير المؤمنين من معاوية بن أبي سفيان . . سلام عليك ، أمّا بعد ، فإنّي قد بايعت لك أهل الشام فأجابوا واستوسقوا كما يستوسق الجلب ، فدونك الكوفة والبصرة لا يسبقك إليها ابن أبي طالب ، فإنّه لا شيء بعد هذين المصرين ، وقد بايعت لطلحة بن عبيد اللّه من بعدك فأظهرا الطلب بدم عثمان وادعوا الناس إلى ذلك ، وليكن منكما الجدّ والتشمير ، أظفركما اللّه وخذل مناوئكما[9].
ولمّا وصلت رسالة معاوية إلى الزبير ؛ خفّ لها طربا واطمأنّ إلى صدق نيّة معاوية ، واتفق هو وطلحة على نكث بيعة الإمام والخروج عليه ، فأظهرا الحسرةوالتأسّف على بيعتهما للإمام مردّدين : بايعنا مكرهين ، وما أن وصلت إلى أسماعهما صيحة السيدة عائشة محرّضة على الإمام ؛ حتى اجتهدا في إيجاد الحيلة للخروج إليها . وروي أنّهما جاءا يطلبان من الإمام المشاركة في الحكم فلم يتوصّلا إلى شيء ، فقرّرا الالتحاق بعائشة ثمّ عادا ثانية إلى الإمام ( عليه السّلام ) ليستأذناه للخروج للعمرة ، فقال لهما الإمام ( عليه السّلام ) : نعم واللّه ما العمرة تريدان وإنّما تريدان أن تمضيا لشأنكما[10]. وروي أنّه ( عليه السّلام ) قال لهما : بل تريدان الغدرة[11].
لقد أجمع رأي الخارجين على بيعة الإمام ( عليه السّلام ) في بيت عائشة في مكّة بعد أن كانوا متنافرين متحاربين في عهد عثمان ، فضمّ الاجتماع الزبير وطلحة ومروان بن الحكم على أن يتّخذوا من دم عثمان شعارا لتعبئة الناس لمحاربة الإمام عليّ ( عليه السّلام ) ، فرفعوا قميص عثمان كشعار للتمرّد والعصيان ، وأنّ الإمام عليّا ( عليه السّلام ) هو المسؤول عن إراقة دم عثمان ، لأنّه آوى قتلته ولم يقتصّ منهم ، وقرّروا أن يكون زحفهم نحو البصرة واحتلالها واتّخاذها مركزا للتحرّك ومنطلقا للحرب ، حيث أنّ معاوية يسيطر على الشام ، والمدينة لا زالت تعيش حالة الاضطراب[12].
[1] وقعت معركة الجمل في جمادى الآخرة عام ( 36 ) ه .
[2] مستدرك الحاكم : 3 / 139 ، وتأريخ بغداد : 8 / 340 ، ومجمع الزوائد : 9 / 235 ، وكنز العمال : 6 / 82 .
[3] شرح ابن أبي الحديد : 6 / 215 ، وكشف الغمة : 3 / 323 .
[4] الكامل في التأريخ : 3 / 206 .
[5] الكامل في التأريخ : 3 / 206 .
[6] تأريخ الطبري : 3 / 474 .
[7] شرح النهج لابن أبي الحديد : 6 / 217 ، وبحار الأنوار : 32 / 149 .
[8] الكامل في التأريخ : 3 / 209 .
[9] شرح النهج لابن أبي الحديد : 1 / 231 .
[10] الإمامة والسياسة لابن قتيبة : 70 .
[11] شرح النهج : 1 / 232 .
[12] تأريخ الطبري : 3 / 471 ط مؤسسة الأعلمي .
|
|
4 أسباب تجعلك تضيف الزنجبيل إلى طعامك.. تعرف عليها
|
|
|
|
|
أكبر محطة للطاقة الكهرومائية في بريطانيا تستعد للانطلاق
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تبحث مع العتبة الحسينية المقدسة التنسيق المشترك لإقامة حفل تخرج طلبة الجامعات
|
|
|