المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01



المهر وتجهيز العروس ومراسم زواج فاطمة الزهراء سلام الله عليها  
  
3741   09:04 صباحاً   التاريخ: 13-4-2022
المؤلف : السيد علي أكبر الحسيني
الكتاب أو المصدر : العلاقات الزوجية مشاكل وحلول
الجزء والصفحة : ص61ـ65
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مقبلون على الزواج /

لقد كانت فاطمة الزهراء نور عين النبي صلى الله عليه وآله وبضعته وثمرة فؤاده الطاهر الرحوم، فسلام الله وسلام جميع ملائكته وعباده الصالحين عليها. لقد تربّت فاطمة الزهراء ونشأت في حجر أبيها رسول الله الذي هو من تربية الله سبحانه وتعالى والنبي صلى الله عليه وآله نفسه قال: «أدّبني ربي فأحسن تأديبي»(1). وعلى هذا الأساس فإن رسول الله صلى الله عليه وآله علّم ابنته أفضل وأروع آداب الحياة الإلهية وأودع في قلب ابنته الطاهر المطهّر أغلى وأثمن العادات والأخلاق السماوية الحسنة لكي يستلهم منها الجميع - ولا سيما النساء العفيفات - ويسيروا على نهجها ويقتدوا بسيرتها ويأخذوا العبر والدروس من فضلها وتقواها ومكانتها الرفيعة ويشمّوا من بستان حياتها اليانعة المباركة، رائحة الجنة الزكية ويتعلموا بساطة العيش والقناعة ويقطفوا منه الزهور الجميلة.

انظروا إلى مراسم زواج فاطمة سلام الله عليها:

... بعد أن حصل رسول الله صلى الله عليه وآله على موافقة ابنته على الزواج من ابن عمه علي بن أبي طالب التفت إلى علي عليه السلام وقال له: «يا علي، اذهب إلى السوق وبع درعك».

يقول علي عليه السلام ما مضمونه: ((بعت الدرع بخمسمائة درهم وجئت إلى النبي وأعطيته الدراهم، فلا أنا أخبرته بعدد الدراهم ولا هو سألني كم عددها)).

وكان هذا المبلغ مهر فاطمة الزهراء عليها السلام، فمدّ النبي يده وأخذ حفنة من تلك الدراهم وأعطاها لبلال ليشتري بها عطراً لفاطمة ومد صلى الله عليه وآله يده مرة أخرى وأخذ عددا أكبر من الدراهم وأعطاها لأبي بكر ليشتري بها ملابس وأثاثاً لمنزل فاطمة. ورافق عمار بن ياسر واثنان آخران من الصحابة، أبا بكر لمساعدته في شراء تلك المستلزمات واحتفظ النبي صلى الله عليه وآله بما تبقى من تلك الدراهم لفاطمة(2).

وبهذه البساطة والصفاء - وبعيداً عن التكلف والبذخ - جرت المراسم التمهيدية لزواج فاطمة عليها السلام حيث قام الرسول صلى الله عليه وآله وبحضور عدد من الصحابة بعقد قران ابنته فاطمة الزهراء على ابن عمه علي عليه السلام.

... وبعد شهر أو شهرين جرت مراسم الزواج، وهنا قال رسول الله صلى الله عليه وآله لصهره ما مضمونه: ((يا علي هيئ طعاماً جيداً تكريماً لزوجتك وأنا أتكفل باللحم والخبز وأنت حضّر التمر والسّمن)). لقد خبزوا خبزاً كثيرا وأرسل النبي صلى الله عليه وآله شاةً سمينة وشمّر صلى الله عليه وآله عن ساعديه وأخذ يشارك في إعداد الطعام. وأقيمت مراسم العرس بفرح وسرور وجاء الضيوف الذين دعاهم علي بن أبي طالب لتناول الطعام فتناول الجميع طعاماً لذيذا، وكان عدد المدعوين كبيرا وكان يخشى أن لا يكفي الطعام لجميع المدعوين ولكن ببركة دعاء النبي أصبح الطعام كافياً حيث تناول الجميع طعامهم، وأخذ النبي وعاءً خاصاً ووضع فيه من ذلك الطعام لكي تأكل منه فاطمة وزوجها. وعندما حان وقت الغروب جاء النبي صلى الله عليه وآله إلى زوجته أم سلمة: وطلب منها أن تستدعي له فاطمة، تقول أم سلمة: ذهبت وناديت فاطمة وإذا بها تتصبب عرقا من شدة الحياء والخجل وهي تجرّ أذيال ثوبها، فتعثرت بثوبها فقال لها رسول الله: وقاك الله يا ابنتي من عثرات الدنيا والآخرة، ثم أمسك بيدها ووضعها في يد علي الذي كان يقف إلى جانبه وقال له، بارك الله لك فيها، مباركة عليك ابنة رسول الله. ثم توجه إلى ابنته وقال لها: يا فاطمة إنه خير بعل لك، يا ابتي، يا فاطمتي!

نعم الزوج زوجك، فلا تخالفي له أمراً أبداً. ثم التفت إلى علي وقال له : يا علي! عاشر زوجتك وعاملها بلطف وإحسان ومحبة، إن فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها ويفرحني ما يفرحها، أستودعكما الله، وفي رعاية الله وحفظه.

... الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يشير إلى حياته الزوجية ومعاشرته لفاطمة وحسن تعامله معها فيقول، ((والله لم أغضب فاطمة أبداً ولم أجبرها على أي عمل كما أن فاطمة لم تعص لي أمراً ولم تغضبني أبداً))(3).

إن الزواج الذي يكون على غرار زواج فاطمة الزهراء وحياتها الزوجية قائماً على سنة رسول الله ويستند إلى التوجيهات والوصايا النورانية القيمة للنبي صلى الله عليه وآله والعمل بها، مثل هذا الزواج يكون ثابتاً وراسخاً ورائعاً ومستحكماً حيث يعيش الزوج والزوجة بكل ود ومحبة وطاعة وعيشة ممتعة مليئة بالنشاط والفرح والسرور حيث يقومان بتربية أطفال صالحين وسعداء في إطار من العفة والوفاء . يقول الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الأعراف: 157].

إن العادات والتقاليد المرهقة والمضنية المتبعة في مراسم الزواج تشكل عبثاً يثقل كاهل الناس وقيوداً تكبل أيديهم وترهق أجسامهم وتجرح قلوبهم وتؤذي نفوسهم. إن سبيل الخلاص من هذا الوضع يتمثل في العمل بشكل واقعي وجدّي بتوجيهات رسول الله صلى الله عليه وآله والسنن والتعاليم الربانية التي جاء بها وبهذه الطريقة نتخلص من العناء والأذى الذي تسببه هذه الأشواك وهذه القيود والأغلال ونصل إلى قمة الفلاح حيث إن اتباع التعاليم والسنن النبوية الربانية يؤدي إلى الخلاص من كل الظلمات والخبائث والقبائح والتحرر من العبودية والأسر ويمنح القلب صفاءً والحياة إشراقاً وجمالاً. لاحظوا هذه الرسالة التي بعثتها إحدى الأخوات بكل صدق وصراحة.

الرسالة:... تزوجنا بل خمس سنوات وفي يوم ولادة فاطمة الزهراء عليها السلام، واتفقنا على ان نعيش حياة سعيدة في ظل التعاليم الإلهية وبناءً على طلبي لم يتشدد والدي ولا والدتي في موضوع تعيين المهر وأقيمت مراسم حفل الزواج بكل بساطة وبفرح وسرور. وخلافاً لكل البدع والعادات والتقاليد التي كانت سائدة في مدينتنا والأعباء التي تثقل كاهل الشباب الحديثي العهد بالزواج هم وأسرهم، فإني رفضت أن آخذ إلا أثاثاً بسيطاً الى بيت زوجي. إني لا أعرف تلك العادات والتقاليد الموجودة في المدن الاخرى! ولكن جرت العادة في مدينتنا أن تأخذ العروس إلى بيت زوجها كافة المستلزمات والمتطلبات المعيشية صغيرها وكبيرها والويل كل الويل لتلك الفتاة - التي لا تملك جهازاً أو إذا كان جهازها قليلاً وبسيطاً فعند ذلك تتعرض الزوجة مدى العمر للانتقادات اللاذعة من قبل أهل زوجها...

ولكني أشكر الله لأن زوجي شاب مؤمن ومتديّن جداً يتمتع بأخلاق عالية ويحظى بتربية إسلامية وهو شاب طيّب ومحنك وصبور يتحلى بالصفح والتسامح ولم يحدث خلال هذه الأعوام التي عشت فيها معه ان احتدّ عليّ أو قال لي شيئاً يزعجني كما لم يحدث أن احتج أو اعترض على عمل قمت به او شيء اشتريته. وان والدته وشقيقته تتمتعان بالفهم والشعور والإدراك فهما لا تتدخلان أبداً في حياتنا الزوجية إلا نادراً ومن أجل تقديم النصح والإرشاد فقط وذلك بأسلوب متين جداً وبكل هدوء وطيبة خاطر بحيث إني أشعر حقاً بالفرح والسعادة وأعرب عن شكري لهما...

حبذا لو أن جميع الأسر كانت كأسرة زوجي وليتهم كانوا كزوجي مسامحين وطيبين يتمتعون بأخلاق طيبة هادئة وحبذا لو كان جميع الأزواج وجميع الزوجات مثلنا يتفقون على العيش كما عاشت فاطمة الزهراء وعلي عليهم السلام ويقومون بتربية أبنائهم بهدوء أعصاب وراحة فكر ويسلّمون هؤلاء الأبناء إلى المجتمع بكل فخر واعتزاز.

ولكنك تعرفين جيداً بأن اتباع نور الهداية الذي يشع من سيدة الإسلام العظيمة فاطمة الزهراء عليها السلام يحتاج إلى بصيرة ومعرفة ونرجو من الله سبحانه وتعالى أن يجعل في قلوبنا مثل هذه البصيرة لكي نتوصل إلى منبع النور وننفض عن أجسامنا وأنفسنا غبار التعب وننقذها من لهيب العطش والظمأ ونزيل عنا الهموم والأحزان ونحطّم القيود والأغلال التي تكبّل أيدينا وأرجلنا.

ونتمنى لك العزة والتوفيق.

______________________________

(١) وهج الفصاحة في أدب النبي صلى الله عليه وآله ص٣٠٥ برقم ١٢١ .

(2) هذه القصة نقلت بمضمونها. النص الأصلي موجود في كتب التاريخ وفي كتاب بيت الأحزان للشيخ عباس القمي وفاطمة من المهد إلى اللحد للقزويني.

(3) راجع النص الكامل في كتاب بيت الأحزان، للمحدث القمي. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.