المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني.
19-1-2018
الأطر المؤسسيـة لتطويـر قـطاع الأعمال الخـاص في الصـين
1-8-2021
نبات الهيدرا
2024-07-10
Quiteprime
19-1-2021
زينب بنت جحش
2023-02-17
حاجة النباتات للفيتامينات
27-6-2016


الشباب والعلاقة مع الله تعالى  
  
2453   10:11 صباحاً   التاريخ: 9-4-2022
المؤلف : حسين أحمد الخشن
الكتاب أو المصدر : مع الشباب في همومهم وتطلعاتهم
الجزء والصفحة : ص93ــ107
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-6-2022 1699
التاريخ: 8-11-2018 2296
التاريخ: 4-7-2022 1657
التاريخ: 18/12/2022 1604

وهي تحديد مسؤولياتنا تجاه الله تعالى، ويهمنا هنا تركيز الحديث عن علاقة الشباب بالله تعالى، حيث يفرض السؤال نفسه: كيف يبني الشباب علاقة صحيحة وناجحة مع الله تعالى، بعيداً عن الطقوس الجامدة والفارغة من الروح والمضمون؟

الجواب: إن العلاقة الناجحة مع الله تعالى لها مراتب متعددة ومتدرجة، وأرقى هذه المراتب هي مرتبة المحبين الذين تقوم علاقتهم مع الله على أساس الحب وليس الخوف أو الطمع(1). وإذا دخل حبه تعالى في قلوبنا فإنها ستحيا وتظل عامرة. وأعتقد أن البرنامج العبادي الناجح - الذي يوقد جذوة الحب الإلهي في قلوبنا، ليكون الله حاضراً فيها، والقلوب التي يحضرها الله يخرج منها الشيطان مذموماً مدحوراً. وعن الخطوات العملية لهذا البرنامج، فإني أحيل أحبتي القراء الكرام على ما سجلته في كتابي: (وهل الدين إلا الحب؟) وتحديداً في المحور الخاص المعد لبيان هذه القضية، وهو بعنوان (دور الحب في العلاقة مع الله).

1ـ خطوات على الطريق

وبصرف النظر عما ذكرناه في ذلك الكتاب، فإنه يهمني هنا أن أشير إلى خطوتين أساسيتين في كيفية بناء العلاقة الناجحة مع الله تعالى:

الخطوة الأولى: هي إحساسنا بأهمية هذه العلاقة وضرورة حضور الله في حياتنا، وهذا الإحساس رغم بداهته وفطريته، لكنه قد يغيب في غمرة الشباب وزهوه ولهوه، وإذا غاب ـ لا سمح الله ـ فسوف تغيب معه الكثير من الكمالات الروحية والمعنوية التي تهيىء الشباب لحالة من السمو الروحي والاستقرار النفسي والعاطفي والاجتماعي، ولهذا نوجهها نصيحة مخلصة لكل شاب: احرص على هذا الإحساس الفطري بحضور الله في قلبك، واعمل على تنميته، وانسجم مع مقتضياته، ولا تسمح له بأن يغادرك، وبالأحرى لا تسمح لأهوائك أن تعبث بك فيغادرك ذاك الإحساس الفطري النقي بوجود الله تعالى وحضوره في حياتك، فأنت ـ دون سواك ـ محتاج إليه في فكرك وعاطفتك وسلوكك.

أيها الشاب العزيز.. إني أتوجه إليك بالسؤال: أليس التفكير هو علامة النجاح في هذه الحياة؟ بالتأكيد سوف يكون جوابك بالإيجاب، فالشخص الذي يفكر لأمر المستقبل ويخطط له ويعمل لأجله هو شخص ناجح بكل تأكيد.

وإذا كان الأمر كذلك فإني أسألك سؤالاً آخر: أليست الآخرة عند المؤمن المستقبل الأبقى والأوفى، ولا قيمة للدنيا وأعمالها وأموالها وجاهها إن خسر الإنسان الآخرة؟ قال الله تعالى: {بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الأعلى: 16 - 17]، وقال سبحانه وتعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [القصص: 60] فهل ترانا نخطط للآخرة ونفكر بأمرها ونهيئ لها عدتها وزادها؟

إن زاد الآخرة هو كل عمل يقربنا من الله تعالى ويرضيه عنا ويبعدنا عن غضبه ونقمته، قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: 6]. إن زاد الآخرة هو تقوى الله، قال الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197].

والخطوة الثانية: هي المبادرة إلى وضع خطة عملية تؤمن لنا سلامة العلاقة مع الله تعالى، ولسنا بحاجة إلى ابتكار خطة من عندنا، فالخطة موضوعة ومعدة من قبل الله تعالى، وهي تتمثل بالسير على جادة الشريعة ومنهجها اللّاحب الواضح المعالم، بحيث لا يقدم الإنسان رجلا ولا يؤخر أخرى حتى يعلم أن لله في ذلك رضا، وبذلك يضمن سعادة الدارين.

ولا ريب أن العبادات الشرعية ـ بكافة أنواعها من الصلاة إلى الدعاء، والذكر إلى الصوم، إلى غير ذلك من أشكال العلاقة مع الله تعالى ـ هي الوسائل والطرق التي أعدها الله تعالى لعباده ليتواصلوا من خلالها معه، بل ليصلوا بواسطتها إليه؛ ولذا فإن هذه المنظومة العبادية يفترض ـ في الحد الأدنى ـ أن توفر وتضمن للعباد قدراً معقولاً منا من الاستقرار الروحي، وتفتح للراغبين في الاستزادة باباً يقربهم من الله تعالى زلفى، ليعيشوا سمواً روحياً ويأنسوا بلذيذ مناجاته.

ولنا عودة إلى تفاصيل البرنامج العبادي الشرعي عما قليل تحت عنوان (الشباب ومشكلة الجفاف الروحي).

2ـ فضل الشاب العابد

وأعتقد أن روح الشباب وفطرته النقية تجعله أكثر تفاعلاً وحيوية في العلاقة مع الله تعالى، وأشد ارتقاء بالعبادة من غيره من الناس. ولكن وفي الوقت عينه حيث كان مثل الشباب إلى اللهو واللعب والراحة وانجذابه إلى المغريات أكثر من غيره، فإن ذلك سيعطي لعبادته أهمية خاصة، وربما يكون ثوابه عند الله تعالى أكثر من غيره، ومن هنا ورد في الأحاديث النبوية الشريفة امتداح الشاب العابد وتفضيله على الشيخ الكبير، وهذه باقة من الأحاديث الواردة في هذا الشأن:

عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "إن الله تعالى يباهي بالشاب العابد الملائكة، يقول: انظروا إلى عبدي! ترك شهوته من أجلي"(2).

وعنه (صلى الله عليه وآله): "إن الله تعالى يحب الشاب التائب"(3).

وعنه  (صلى الله عليه وآله): "ما من شيء أحب إلى الله تعالى من شاب تائب، وما من شيء أبغض إلى الله تعالى من شیخ مقيم على معاصيه.. "(4).

وعنه (صلى الله عليه وآله): "فضل الشاب العابد الذي تعبد في صباه على الشيخ الذي تعبد بعد ما كبرت سنه كفضل المرسلين على سائر الناس"(5).

وعنه (صلى الله عليه وآله): "سبعة في ظل عرش الله عز وجل يوم لا ظل إلا ظله: إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل تصدق بيمينه فأخفاه عن شماله، ورجل ذكر الله عز وجل خالياً ففاضت عيناه من خشية الله عز وجل، ورجل لقى أخاه المؤمن فقال: إني لأحبك في الله عز وجل، ورجل خرج من المسجد وفي نيته أن يرجع إليه، ورجل دعته امرأة ذات جمال إلى نفسها، فقال: إني أخاف الله رب العالمين"(6).

وثمة حديث يعزى إلى الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) يقول فيه: "أوصيكم بالشبان خيراً فإنهم أرق أفئدة"، ويتم تداوله على ألسنة العامة والخاصة (7)، ولكننا ورغم التتبع لم نعثر على مصدر لهذا الحديث، ولم يرد في كتب الشيعة ولا في كتب السنة ولو بسند ضعيف أو مرسل.

3ـ لصوص الطريق

ولكن طريق العلاقة مع الله والسعي إليه، طريق محفوفة بالمخاطر وملأى باللصوص وقطاع الطرق الذين يعملون على إضلال الناس، ويزينون لهم المعاصي، ويوسوسون لهم، ويسعون إلى حجبهم عن الله تعالى، هذا ناهيك عن النفس الأمارة بالسوء. ومن هنا كان العبد بحاجة إلى اعتماد منهج أصيل في مجاهدة النفس الأمارة بالسوء، والعمل على تخليتها من الرذائل ثم تحليتها بالفضائل، وعلى رأسها حب الله سبحانه.

والمجاهدة ـ مجاهدة النفس - بالنسبة للشباب - عملية سهلة وصعبة في الوقت عينه. أما سهولتها فبسبب قرب الشاب إلى الفطرة وإلى كل خير، كما مرّ في الرواية(8)، فهو في مقتبل العمر ومفطور على حب الخير ومتحفز نحو التغيير، ولم يعتد ارتكاب الحرام ليغدو عادة قاهرة أو طبيعة آسرة، وروحه متحفزة ومتوثبة وضميره الديني يقظ، ونفسه اللوامة فعالة أكثر من غيره. وأما صعوبتها فبسبب قوة الغريزة لدى الشاب وكثرة المغريات المحيطة به، ما يجعله عرضة للوقوع في شباك الإغراء والإثارة. ومع ذلك تبقى مرحلة الشباب - الفرصة المثلى لتهذيب النفس وتزكيتها.

والسؤال: ما هو المنهج الأمثل لتزكية النفس وتهذيبها بالاستناد إلى ما جاء في القرآن الكريم وصحيح السنة؟

النوازع المتصارعة

وقبل أن نجيب عن السؤال حول كيفية تهذيب النفس، لا بد أن نذكر بما تقدم من أن النفس الإنسانية وإن كانت تولد وهي تحمل فطرة صافية، ولكنها قد تتلوث إما بالتربية الفاسدة أو بالثقافة الخاطئة، بل إن من خصوصيات هذه النفس أن فيها نوازع داخلية قد تؤثر في صفائها، فهي ميالة إلى الانجرار مع المصالح والغرائز ولو على حساب المبادئ، وهو ما يعبر عنه القرآن الكريم بـ (هوى النفس)، قال تعالى: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ} [النجم:٢٣]. كما أنها ـ أعني النفس - ميالة إلى اللهو والدعة والراحة والتحرر من القيود والتخفف من الأعباء، ولهذا ورد في بعض المناجاة المنسوبة(9) إلى الإمام زين العابدين عليه السلام شكاية هذه النفس إلى الله، وطلب العون والتوفيق منه تعالى لتهذيبها وإصلاحها، تقول المناجاة المذكورة: "إلهي إليك أشكو نفساً بالسوء أمارة وإلى الخطيئة مبادرة وبمعاصيك مولعة ولسخطك متعرضة تسلك بي مسالك المهالك وتجعلني عندك أهون هالك كثيرة العلل طويلة الأمل إن مسها الشر تجزع وإن مسها الخير تمنع ميالة إلى اللعب واللهو مملؤة بالغفلة والسهو"(10).

ومن هنا نعرف السبب في أن إحدى أهم وظائف الأنبياء (عليهم السلام) هي تهذيب النفس وتزكيتها، كما ذكر القرآن الكريم. {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الجمعة: 2].

لكن ما تقدم من حديث عن نوازع النفس لا ينبغي أن يصيبنا بالذعر أو يدفعنا إلى اليأس والإحباط، لأن هذه النوازع ليست قدراً قاهراً بحيث تلغي إرادة الإنسان أو تصادر حريته واختياره، على أن الله تعالى ـ وفي قبال هذه النوازع ـ قد زود النفس الإنسانية بهداية الفطرة وبدوافع ومقتضيات الخير، أو ما يمكن أن نسميه بالضمير الداخلي، وما يسميه القرآن بـ (النفس اللوامة) والتي وقعت محلا للقَسَم الإلهي، في قوله تعالى: {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ * وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: ١ ـ ٢].

ثم إنه وفي خضم هذه النوازع المتصارعة على صعيد النفس، يبدأ الصراع الداخلي لدى الفرد، ويأخذ بالتفكير: أيختار طريق الهدى والخير والكمال الروحي على صعوباته ومشاقه، أم يختار الطريق الذي يؤمن له مصالحه ويحقق رغباته، وهو في الغالب طريق سهل هين ومزروع بالورود؟

وفي خضم هذا التجاذب يسقط الكثيرون في معركة الإرادة، ولعلهم أكثرية الناس، قال تعالى: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف: 103]. وقد كان قابيل أول أبناء الجيل البشري الذين سقطوا في الامتحان، قال تعالى: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [المائدة: 30].

ووسط هذا الاشتباك أو الصراع الداخلي، تبرز أمامنا أهمية جهاد النفس كطريق لا مفر منها لتغليب نوازع الهداية، ومقتضيات الفطرة السليمة ونداء الضمير الصاحي على الهوى ووساوس الشيطان والنفس الأمارة بالسوء. وجهاد النفس هو الجهاد الأكبر كما أكدت عليه النصوص الدينية المختلفة، ففي الحديث عن أبي عبد الله (عليه السلام) أن النبي (صلى الله عليه وآله) بعث بسريّة، فلما رجعوا قال: "مرحباً بقوم قضوا الجهاد الأصغر وبقي الجهاد الأكبر قيل: يا رسول الله وما الجهاد الأكبر؟ قال: جهاد النفس"(11). وإنما كان جهاد النفس جهاداً أكبر، لأن الإنسان هنا في معركة مع نفسه وأهوائه الداخلية، وليس في معركة مع عدو من الخارج يعتدي عليه أو ينتهك عرضه أو يحتل أرضه، إنه أمام عدو الداخل، وقد ورد في بعض الأحاديث المروية عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك"(12).

4ـ أمثل الأساليب في عملية تهذيب النفس

وهنا نعود إلى السؤال المتقدم حول أمثل الأساليب وأفضلها في مجاهدة النفس وتهذيبها؟

وفي الإجابة عن هذا السؤال، نقول (مع الأخذ بعين الاعتبار ما ذكرناه حول أسلوب العلاقة الصحيحة مع الله): إن الطريق الأفضل والأسلوب الأمثل لتهذيب النفس يتمثل في اتباع عدة خطوات:

أ ـ التزام منهج الكتاب والسنة

الخطوة الأولى: هي الالتزام في عملية تهذيب الروح والنفس بنهج الكتاب والسّنة المتمثل بالعمل بالتكاليف الشرعية، والأخذ بالمنظومة العبادية والروحية التي جاءتنا عن النبي (صلى الله عليه وآله) وأئمة أهل البيت (عليهم السلام). (ستأتي الإشارة إلى هذه المنظومة) والأخذ بالمنظومة المذكورة لا بد أن يترافق مع إعداد وقت لمحاسبة النفس وتهذيبها، قال تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} [النازعات: 40 ـ 41]. إن المؤمن بحاجة إلى تخصيص مثل هذا الوقت للاختلاء بنفسه لمحاسبتها ومساءلتها، وقد ورد في الحديث النبوي المشهور: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا وتجهزوا للعرض الأكبر"(13).

ب ـ بناء العلاقة مع الله على أساس الحب

والخطوة الثانية على هذا الصعيد هي السعي الجاد في سبيل استشعار عظمة الله تعالى، وإبقاء جذوة حبه متقدة في النفوس، ومعلوم أن المحب لا يعصي حبيبه، بل يحرص على الدوام لنيل رضاه وكسب محبته.

وأعتقد أنه ليس أمام الإنسان المسلم من طريق للوصول إلى مستوى مقبول من الاستقرار الروحي، إلا الطريق الذي رسمه القرآن الكريم والذي تقدمت أهم خطواته العملية، وسيأتي مزيد من الحديث عنه، فهذا الطريق هو الموصل ليس إلى حالة من العروج أو السمو الروحي فحسب، بل إنه سيغرس محبة الله في القلب، ومن ذاق محبة الله فلن يتخذ معه شريكاً في الحب، فضلاً - شريك له في الطاعة والعبادة والخالقية، وقد ورد في المناجاة "إلهي من ذا الذي ذاق حلاوة محبتك فرام عنك بدلاً ومن ذا الذي أنس بقربك فابتغى عنك حولا"(14). ومن يبني علاقته مع الله على أساس الحب، فلن يُشغل باله حديث الجنة والحور، بل يغدو رضا الله غايته وطموحه، يقول أحد الشعراء:

رضاك رضاك لا جنات عدن           وهـل عـدن تطيب بـلا رضاكا

قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 72].

وهكذا فإن من يعيش محبة الله تعالى لن تؤلمه نار جهنم بقدر ما تؤلمه نار الهجر وفقد الحبيب.

 يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): "فهبني يا إلهي وسيدي ومولاي وربي صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك"(15).

جـ - أهمية القدوة في حياة الشباب

إلى ذلك، فإن ثمة خطوة ثالثة تساعد كثيراً في عملية تهذيب النفس وإصلاحها، وتتمثل باتخاذ قدوة صالحة، والقدوة في هذا المجال هي النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة من أهل بيته (عليهم السلام) ومن تربى في مدرستهم من الأولياء والصلحاء والعرفاء. ولا ريب أن استحضار سيرة هؤلاء ومواقفهم وتجاربهم في تزكية النفس الأمارة، هي خير معين للشباب في مهمة التزكية والتهذيب.

ويجدر بالخطاب الديني أن يعمل على تقديم النماذج الشبابية التي تخرجت من مدرسة الإسلام الأصيل إلى أجيالنا المعاصرة، ورغم الأهمية الخاصة التي يوفرها لنا استلهام النماذج المعصومة باعتبار أن تجربتها وسلوكها وفكرها مصون من الخطأ والزلل، فإني أشعر أن لاستحضار النماذج غير المعصومة، والتي تربت في مدرسة المعصومين ميزة خاصة؛ لأن ذلك:

أولاً: أدعى للاقتداء بهم وتمثل سلوكهم، وأبعد عن محاولة الاحتجاج والتعلل بعدم القدرة على الاقتداء، كما يدعيه البعض عادة عندما يدعى إلى أن هذا العذر ليس صحيحاً، لأن عصمة النبي (صلى الله عليه وآله) أو الإمام (عليه السلام) لا تلغي بشريته ولا تنفي وجود الغرائز لديه.

ثانياً: وأضف إلى ذلك أن استحضار هذه النماذج الشبابية التي تخرجت من مدرسة المعصومين (عليهم السلام)، يمثل تقديراً ووفاء لهؤلاء وتنويهاً بأسمائهم وتعريفاً بأشخاصهم ومواقعهم، وهم في الأعم الأغلب شخصيات مجهولة لهذا الجيل الشبابي بل لعامة المسلمين! وقد يكون التقصير أو القصور في التعريف بهؤلاء من قبل أهل العلم والأدب، هو أحد الأسباب التي تقف خلف ظاهرة تقليد الشباب المسلم لرموز من خارج الفضاء الإسلامي من الممثلين أو المطربين أو لاعبي كرة القدم أو غيرهم.

5ـ من عرفاء مدرسة الوحي

وبالحديث عن القدوة الصالحة يمكننا القول: إن المدرسة القرآنية وتعاليم النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام) قد استطاعت أن تربي جيلاً من عباد الله الصالحين، الذين عرفوا الله حق المعرفة، بعيداً عن الخطوط المنحرفة للسلوك الروحي. ونكتفي بذكر عدة من هؤلاء، وهم من الجيل الشاب:

1 ـ الصحابي المتيقن

ومن أبرز هؤلاء ذاك الشاب الصحابي الذي حدثنا الإمام الصادق (عليه السلام) عن قصته قال ـ فيما روي عنه ـ : "إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلى بالناس الصبح فنظر إلى شاب في المسجد يخفق ويهوي برأسه مصفراً لونه، قد نحف جسمه وغارت عيناه في رأسه، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) : كيف أصبحت يا فلان؟

قال: أصبحت موقناً.

فعجب رسول الله (صلى الله عليه وآله) من قوله، وقال: إن لكل يقين حقيقة فما حقيقة يقينك؟

فقال: إنه يقيني يا رسول الله هو الذي أحزنني وأسهر ليلي وأظمأ هواجري فعزفت نفسي عن الدنيا وما فيها، حتى كأني أنظر إلى عرش ربي وقد نصب للحساب وحشر الخلائق لذلك وأنا منهم، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتنعمون في الجنة ويتعارفون وعلى الأرائك متكئون، وكأني أنظر إلى أهل النار وهم فيها معذبون مصطرخون، وكأني الآن أسمع زفير النار يدور في مسامعي.

فقال رسول الله لأصحابه: هذا عبد نوّر الله قلبه بالإيمان، ثم قال: إلزم ما أنت عليه. وفي خبر آخر (أبصرت فاثبت).

قال الشاب: ادعُ لي يا رسول الله أن أرزق الشهادة معك، فدعا له رسول الله فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبي (صلى الله عليه وآله) فاستشهد بعد تسعة نفر وكان هو العاشر"(16).

2 ـ مصعب بن عمير: من حياة الترف إلى الشهادة

والنموذج الآخر الذي نذكره في هذا المجال هو الصحابي الشاب مصعب بن عمير الذي ترك حياة الترف في مكة ليلتحق بالدين الجديد، ويسعى في نشر الإسلام والدعوة إليه ويبادر بكل اندفاع وحماس إلى حمل الرسالة الإسلامية إلى أهل يثرب (المدينة المنورة). لقد كان مصعب فتى مكة الجميل المترف المدلل، وكان أبواه يحبانه، وكانت أمه تكسوه أحسن ما يكون من الثياب وظل يعيش بين أبوين يكرمانه ويفضلانه على سائر أولادهما، إلى أن دخل الإسلام قلبه فترك حياة الترف واللهو، فجفاه أبواه دون أن يفتّ ذلك من عضده او يوهن من عزيمته. فكان مع رسول الله في الشعب حتى تغير وأصابه الجهد، ولكنه في هذه الفترة اغتنى بالقرآن الكريم وتعلم منه الشيء الكثير. ولهذا انتدبه النبي (صلى الله عليه وآله) إلى مهمة جليلة، وهي مهمة الذهاب إلى المدينة لتعليم أهلها القرآن الكريم وتعريفهم بالإسلام، فكان يخرج في كل يوم يطوف على مجالس الخزرج يدعوهم إلى الاسلام فيجيبه الشبان منهم، وظل مصعب على إخلاصه للإسلام الى ان استشهد في معركة احد بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله)(17).

3 ـ الشاب التائب

والنموذج الثالث: هو أحد الشباب المعاصرين للإمام الصادق (عليه السلام)، ففي الحديث عن أحد أصحاب الإمام الصادق والمسمى بعلي بن أبي حمزة، قال: كان لي صديق من کتّاب بني أمية، فقال: استأذن لي على أبي عبد الله (عليه السلام) فاستأذنت له، فأذن له، فلما دخل سلم وجلس، ثم قال: جعلت فداك إني كنت في ديوان هؤلاء القوم (بني أمية) فأصبت من دنياهم مالاً كثيراً وأغمضت في مطالبه! (أي لم أسأل ولم أهتم: أمن حلال هو أم من حرام؟).

فقال أبو عبد الله (عليه السلام): لولا أن بني أمية وجدوا من يكتب لهم ويجبي لهم الفيء ويقاتل عنهم ويشهد جماعتهم ما سلبونا حقنا، ولو تركهم الناس وما في أيديهم ما وجدوا شيئاً إلا ما وقع في أيديهم.

فقال الفتى: جعلت فداك فهل لي من مخرج؟

قال (عليه السلام): إن قلت لك تفعل؟

قال: أفعل.

قال: فاخرج من جميع ما كسبت من ديوانهم، فمن عرفت منهم رددت عليه ماله ومن لم تعرف تصدقت به، وأنا أضمن لك على الله عز وجل الجنة.

فأطرق الفتى طويلاً، وقال: قد فعلت جُعلت فداك.

قال ابن أبي حمزة: فرجع الفتى معنا إلى الكوفة فما ترك شيئاً على وجه الأرض إلا خرج منه حتى ثيابه التي على بدنه، فقسمنا له قسمة واشترينا له ثياباً وبعثنا إليه بنفقة.

قال: فما أتى عليه إلا أشهر قلائل حتى مرض، فكنا نعوده قال: فدخلت يوماً وهو في السَّوق (الاحتضار) ففتح عينيه، ثم قال لي: يا علي لقد وفّى لي صاحبك، ثم مات فتولينا أمره..»(18).

إلى غير ذلك من الأسماء الشبابية البارزة التي تركت ملذات الدنيا وهاجرت إلى الله تعالى وإلى رسوله (صلى الله عليه وآله). وسوف نشير لاحقاً إلى مزيد من هذه النماذج التي استطاعت أن تنتصر على النفس الأمارة بالسوء وتخلت عن ترف الدنيا ولهوها لأجل أن تحيا حياة متواضعة ولكنها مفعمة بالإيمان بما يضمن لها استقراراً روحياً منقطع النظير، وكان لها أيضاً دور هام في حمل الرسالة الإسلامية(19).

4 ـ نماذج شبابية ذكرها القرآن الكريم

هذا لو قصرنا النظر على تاريخنا الإسلامي، أما إذا ذهبنا في جولة إلى تاريخ الرسالات السابقة وفتحنا سجلاته المشرقة فسوف نجد ـ أيضاً ـ الكثير من النماذج الشبابية التي تمثل قدوة تحتذى، فهذه القديسة مريم (عليها السلام) هي نموذج الفتاة الطاهرة العفيفة، وقد خلد القرآن الكريم ذكرها في العديد من آياته المباركة، حتى خصصت سورة قرآنية باسمها، وهؤلاء فتية أهل الكهف الذين فروا من قومهم ومجتمعهم الغارق في الشرك والوثنية والتجأوا إلى الله تعالى، قال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى *وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا * هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آَلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا * وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقًا} الكهف: [13 - 16].

إننا نتوجه إلى شبابنا اليوم بالقول: هؤلاء هم سلفكم الصالح وهؤلاء هم قدوتكم الذين عليكم الاستلهام من هديهم والسير على خطاهم، وليس قدوتكم المطرب الفلاني أو الممثلة الفلانية أو لاعب الكرة الذي قد لا يملك في سجله شيئاً من الإنجازات سوى نجاحه في اللعب، ولكنه في ميزان القيم والأخلاق قد يكون إنساناً عادياً جداً..

___________________________________

(1) يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) فيما روي عنه: "إن قوما عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوما عبدوا الله شكرا فتلك عبادة الأحرار"، انظر: نهج البلاغة ج 4 ص 53.

(2) انظر: كنز العمال ج16 ص776.

(3) انظر: كنز العمال ج 15 ص786.

(4) کنز العمال ج 14 ص 217.

(5) كنز العمال ج 15 ص776.

(6) الخصال للصدوق ص 343، وصحيح البخاري ج8 ص20.

(7) لاحظ كتاب (قواعد في بناء الشباب)، لسماحة الشيخ اليعقوبي ص 5 وغيرها.

(8) المروية عن الإمام الصادق (عليه السلام) وجاء فيها: "عليكم بالأحداث فإنهم أسرع إلى كل خير"، انظر: الكافي ج8 ص83.

(9) وإنما قلنا منسوبة له (عليه السلام)، لعدم ثبوت انتساب هذه المناجاة إلى الإمام زين العابدين عليه السلام، كما حققنا ذلك في ملاحق كتاب (وهل الدين إلا الحب؟) ص232.

(10) انظر: مناجاة الشاكين، بحار الأنوار ج 91 ص 143.

(11) الكافي ج 5 ص12.

(12) رواه ابن فهد الحلي مرسلاً في كتاب: «عدة الداعي ونجاح الساعي» ص 295، وقال العجلوني في (كشف الخفاء): (أعدى أعدائك نفسك التي بين جنبيك) رواه البيهقي في الزهد بإسناد ضعيف، وله شاهد من حديث أنس، ويجري على ألسنة كثيرين (أعدى عدويك) بالتثنية في الموضعين، ولا أصل له بهذا اللفظ، والمشهور على الألسنة (أعدى عدوك) بالإفراد في عدوك، وما أحسن ما قيل:

إنـي بـلـيـت بـأربـع   مـا سـلطـوا              إلا لأجـل شـقاوتـي وعـنـائي

إبـلـيـس والـدنـيـا ونـفـسـي والـهـوى          كيـف الخلاص وكـلـهـم أعدائي

(كشف الخفاء ج 1 ص 143).

(13) وسائل الشيعة ج 16 ص 99، الباب 96 من أبواب جهاد النفس، الحديث 9.

(14) مقطع من مناجاة المحبين المنسوبة إلى الإمام زين العابدین (عليه السلام)، راجع حول سند هذه المناجاة ما ذكرناه في ملاحق كتاب: (وهل الدين إلا الحب؟) ص 232 وما بعدها.

(15) مقطع من دعاء أمير المؤمنين عليه السلام المعروف بدعاء كميل.

(16) الكافي ج2 ص53.

(17) انظر: السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص 296، وج3 ص592. واعلام الورى بأعلام الهدى ج1 ص 139، وقاموس الرجال للتستري ج 10 ص 86، وموسوعة التاريخ الإسلامي للشيخ محمد هادي اليوسفي ج 1 ص 653.

(18) الكافي ج 5 ص106.

(19) انظر: المحور الرابع، فقرة (دور الشباب في عملية النهوض). 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.