أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-4-2017
2855
التاريخ: 4-5-2017
3146
التاريخ: 28-4-2017
2926
التاريخ: 10-12-2014
4086
|
مجمله كما جاء في كتب السيرة والتاريخ ان النبي ( ص ) لما رأى تجنب قريش له واصرارها على مناهضته وإنزال الأذى بأصحابه تمنى ان لا ينزل عليه من اللّه شيء ينفرهم منه ، وتقرب إليهم ودنا منهم ودنوا منه وجلس يوما في ناد من أنديتهم حول الكعبة وقرأ عليهم سورة النجم حتى بلغ قوله تعالى : أَ فَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى ، أضاف إليها تلك الغرانيق العلا وان شفاعتهن لترتجى ، ومضى في قراءة السورة حتى انتهى إلى السجدة في آخرها فسجد وسجد المشركون معه ولم يتخلف منهم أحد ، فأعلنت قريش رضاها عما تلاه النبي ( ص ) ، وقالوا لقد علمنا بأن اللّه يحيي ويميت ويخلق ويرزق ، ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده ، اما إذا جعلت لها نصيبا فنحن معك ولا خلاف بيننا على حد زعم بعض المؤرخين في سيرة الرسول .
ويدعي أنصار هذه الفرية ان النبي ( ص ) لما ذكر أصنامهم بالخير زال الخلاف وشاع ذلك حتى بلغ المهاجرين في الحبشة ، فقالوا : ما دام الأمر كذلك فلنعد إلى بلدنا لكي نعيش فيها مع أهلنا وبين عشائرنا ، فخرجوا من الحبشة متجهين إلى مكة ، وقبل ان يصلوها لقيهم وفد من كنانة فسألوا عن حقيقة الأمر فقالوا لهم : ان النبي ذكر آلهتهم بخير فتابعوه ، ثم تراجع وعاد لشتمها فعادوا كما كانوا ولا تزال الحالة متأزمة بين الطرفين أشد مما كانت عليه أولا ، فحار المسلمون في امرهم فدخل منهم جماعة إلى مكة وتخلف آخرون .
ويدعي من أثبت حديث الغرانيق ان النبي ( ص ) قد تراجع عن مهادنته لهم لسببين . الأول منهما انه قد شق عليه قول قريش اما إذا جعلت لآلهتنا نصيبا فنحن معك .
والثاني منهما ، انه جلس في بيته فلما امسى أتاه جبريل فعرض عليه النبي سورة النجم ، فقال له : أو جئتك بهاتين الكلمتين يشير بذلك إلى تلك الغرانيق العلا وان شفاعتهن لترتجى ، فقال له النبي ( ص ) لقد قلت على اللّه ما لم يقل : فأوحى اللّه إليه .
وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا ، وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا ، إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنا نَصِيراً .
ولذلك عاد يذكر آلهتهم بالشر ويسبهم ، وعادت قريش إلى مناوءته وايذاء أصحابه ، بهذا التسلسل البعيد عن منطق الدين والعقل والقرآن .
أثبت جماعة من المؤرخين والمفسرين وكتاب السيرة قصة الغرانيق ، وبنوا على أساسها رجوع المسلمين من الحبشة وعودتهم إليها .
وأيد المستشرق ( سير وليم موير ) أسطورة الغرانيق بما حاصله ان المسلمين الذين هاجروا إلى الحبشة لم تمض على هجرتهم إليها غير ثلاثة اشهر اجارهم النجاشي خلالها وأحسن جوارهم ، فلو لم يكن قد ترامى إليهم خبر الصلح بين محمد وقريش لما دفعهم دافع إلى الرجوع حرصا على الاتصال بأهلهم وعشائرهم .
وأضاف إلى ذلك انى يكون صلح بين محمد وقريش إذا لم يسع محمد إليه وقد كان في مكة أقل نفرا وأضعف جندا ، وكان أصحابه اعجز من أن يمنعوا أنفسهم من أذى قريش وتعذيبهم إياهم ؟
بهذا التفكير الملتوي يحاول الدساسون وأعداء الاسلام ان ينالوا من قداسته في حين ان رجوع المسلمين من الحبشة ان صح فليس فيه شيء ما يشعر بتنازل النبي ( ص ) عن شيء من أمور الرسالة .
والواقع ان رجوعهم كان لسببين اثنين ، أولهما ان تصلب النبي ومن معه من المسلمين في مكة واقبال الناس على الاسلام لا سيما بعد اسلام الحمزة وعمر بن الخطاب العدو اللدود للإسلام والمعروف بينهم بالشدة على المسلمين ، هذا الموقف من جانب النبي ( ص ) وأصحابه مع تتابع الأذى والتنكيل دعا المشركين ان يفكروا في وسيلة أخرى تضغط على محمد وأصحابه ، لأن الأذى والتنكيل والتعذيب قد يجر عليهم حربا أهلية لا يعرف أحد مداها ولا على من تدور دائرتها بعد ان اسلم جماعة من مختلف قبائل قريش وبيوتاتها ولا تسمح تلك القبائل بقتل من أسلم منهم وان خالفهم وتمرد على دينهم وعقيدتهم ، فلم يبق لديهم مفر من الالتجاء إلى وسيلة أخرى بعيدة عن هذا الخطر فأحجموا عن ايذاء المسلمين إلى أن يتفقوا على أسلوب آخر يحاربون فيه محمدا بدون ان يجرهم إلى حرب أهلية ، وعندما اتصل نبأ هذه الهدنة بالمسلمين بدئوا يفكرون في الرجوع ولم يكن ذلك كافيا لولا السبب الثاني الذي ثبت عزيمتهم على الرجوع ، وهو ان الحبشة نشبت فيها يوم ذاك ثورة على النجاشي كان موقفه الايجابي من المسلمين من أحد أسبابها ، ولقد أبدى المسلمون تفهما لموقف النجاشي وحاولوا التخفيف من حدة الموقف المتأزم في الحبشة وفي الوقت ذاته قد ترامت إليهم انباء المهادنة بين قريش ومحمد ( ص ) فرأوا من الخير لهم ان يتركوا الفتنة وراء ظهورهم ويلحقوا بأهلهم ، وهذا ما حدث لهم ، ولا صلة لرجوعهم بتنازل النبي ( ص ) للمشركين ومدحه لأصنامهم كما يدعي الدساسون والمشوشون .
ان الذين ابتدعوا قصة الغرانيق وأضافوها إلى سيرة الرسول ( ص ) زورا وبهتانا يتمسكون بالآيات التالية من سورة الحج :
وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ، لِيَجْعَلَ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ فِتْنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ .
ويدعون ان النبي ( ص ) أضاف إلى سورة السجدة تلك الغرانيق العلا وان شفاعتهن لترتجى ، ويضيفون إلى ذلك ان اللّه عاتبه واعترف بخطئه وانه أوحى إليه بعد هذا العتاب قوله : {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذًا لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا (73) وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا (74) إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا (75) } [الإسراء: 73 - 75]
فالآية الثانية التي يدعون بأنها حاكية لما جرى للمشركين مع النبي ( ص ) تنص على أنه لم يركن إليهم وان اللّه ثبته على الحق ولم يسمع لقولهم ، ولو سمع لعاقبه اللّه سبحانه وأذاقه ضعف الحياة وضعف الممات ولتخلى عنه ، وحديث الغرانيق مناقض له ، لأنه على حد زعم الذين أثبتوه قد استجاب لرغباتهم وادخل في القرآن ما ليس منه كما هو مفروض القصة .
هذا بالإضافة إلى أن الآيات التي ادعوا بأنها تشير إلى الغرانيق ، وهي قوله وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ إلى آخر الآية هذه الآية وردت في سورة الحج وسورة الحج قد نزلت على النبي ( ص ) في المدينة كما اتفق على ذلك جميع المفسرين ، وقصة الغرانيق المزعومة كانت بعد هجرة المسلمين إلى الحبشة في الخامسة أو السادسة من مبعث النبي ( ص ) .
على أن سياق سورة النجم التي أدخل فيها المنافقون تلك الغرانيق العلا يأبى تلك الضميمة ، فلقد قال سبحانه في السورة المذكورة :
لَقَدْ رَأى مِنْ آياتِ رَبِّهِ الْكُبْرى أَ فَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرى أَ لَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى ، إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ . إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَما تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدى ، وصريح هذه الآيات هو ان اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ، أسماء سماها المشركون وما انزل اللّه بها من سلطان ، فكيف مع ذلك يصفها بالغرانيق ويثبت لها الشفاعة والصورة من أولها إلى آخرها تندد بالمشركين الذين أعطوها هذه الأسماء ، وكيف يقول النبي ( ص ) بأن شفاعتهن ترتجى وبعد هذه الفقرة بلا فصل يقول : انها أسماء مبتدعة ما انزل اللّه بها من سلطان .
ان هذه الضميمة إلى سورة النجم توجب مناقضة آخر السورة لأولها وعدم الانسجام بين آيات السورة ومعانيها .
ومما يؤكد ان حديث الغرانيق من صنع المنافقين والدساسين هو ان النبي ( ص ) منذ طفولته إلى أن بلغ الأربعين من عمره لم يعثر له أحد على زلة أو كلمة واحدة تخالف الواقع حتى عرف بين المشركين بالصادق الأمين ، وحينما أراد ان ينذر قريشا واستدعاهم ليسمعوا منه ، قال لهم : أترون لو أخبرتكم بأن خيلا طلعت عليكم من سفح هذا الجبل أكنتم تصدقونني ؟
قالوا له بلسان واحد : أنت عندنا غير متهم ، وما جربنا عليك كذبا قط .
فمن كان هذا شأنه وهذه صفته وقد رفض جميع العروض والمغريات وحتى لو وضعوا الشمس في يمينه والقمر في شماله على أن يتراجع عن دعوته فلم يتراجع وتحمل في سبيلها ما تحمل من الأذى والعذاب هو وأصحابه ، فمن كان على مثل ذلك فكيف يتراجع ويقول على اللّه ما لم ينزل عليه ارضاء لقريش وخوفا منها ، في حين انه يوم كان وحيدا بلا ناصر يتعرض هو والذين آمنوا به لكل أنواع الإساءة ، لم يهادن ولم يطلب رضاهم على حساب دعوته وبعد ان أصبح اتباعه قوة لها اثرها في مكة وخارجها وأصبحت دعوته حديث الناس يديرون تعاليمها في رؤوسهم ويدخلون فيها الواحد تلو الآخر .
أفنراه بعد هذا كله يعود ليستجدي عطف قريش ورضاها بالكذب على اللّه ومدح أصنامها وأوثانها ، وهذا شيء تأباه سيرة محمد وتاريخه الحافل بالبطولات والتضحيات في سبيل اللّه .
ولقد أحس أولئك الذين اخترعوا هذه الأسطورة بأنها لن تروج وستنكشف على واقعها لكل باحث ، ولا يقبلها أحد ممن أحاط بتاريخ الدعوة وأساليب محمد ( ص ) في تبليغها والظروف التي أحاطت به في المراحل الأولى من تاريخها ، فحاولوا تغطية عيوبها والتمويه على الأبرياء ، بأن محمدا بعد ان مدح الأصنام وجعل لها نصيبا من الشفاعة ، تراجع وتاب إلى اللّه ، وفاتهم ان محمدا بعد ان وصفه اللّه بأنه لا ينطق عن الهوى لا يتصور في حقه ان يتكلم بغير ما يوحى إليه وهو الصادق الأمين قبل الرسالة وبعدها ، ولا يمكن ان يتراجع أو يهادن أحدا ولو وضعوا الشمس في يمينه والقمر في شماله كما أجابهم حينما حاولوا اقناعه بالتراجع عن دعوته بشتى المغريات.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|