المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



زيارة بيت المقدس  
  
2051   01:28 صباحاً   التاريخ: 22-2-2022
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة : ص:54-56
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /

زيارة بيت المقدس

ثم عدت إلى مصر، وقد زال عني ببركته صلى الله عليه وسلم الإصر، وذلك في محرم سنة 1029، ثم قصدت زيارة بيت المقدس في شهرة ربيع من هذا العام، وقد شملتني بفضل الله جوائز الإنعام، وتذكرت عند مشاهدة تلك المسالك الصعبة، قول حافظ ابن حجر العسقلاني - رحمه الله تعالى - وهو مما زادني في هذه الزيارة رغبة:

إلى البيت المقدس جئت أرجو جنان الخلد نزلا من كريم

قطعنا في مسافته عقابا وما بعد العقاب سوى النعيم

فلما دخلت المسجد الأقصى، وأبصرت بدائعه التي لا تستقصي، بهرني جماله الذي تجلى الله به عليه، وسألت عن محل المعراج الشريف فأرشدت إليه وشاهدت محلا أم فيه صلى الله عليه وسلم الرسل الكرام الهداة، وكان حقي أن أنشد هنالك ما قاله بعض الموقفين وهو مما ينبغي أن تزمزم به الحداة:

(54)

إن كنت تسأل أين قد ر محمد بين الأنام

فاصخ إلى آياته تظفر بريك في الأوام

أكرم بعبد سلمت تقديمه الرسل الكرام

في حضرة للقدس وا فاها بعز واحترام

صفوا وصلوا خلفه إن الجماعة بالإمام

للشهب نور بين والفضل للقمر التمام

سلك النبوة باهر وبأحمد ختم النظام

هذا الكتاب دلالة تبقى إلى يوم القيام

شهدت له من بعد عج؟ ز ألسن اللد الخصام

خير الورى وأجل آ يات له خير الكلام

فعليه من رب الورى أزكى صلاة مع سلام

وربما يقول من يقف على سرد هذه الأمداح النبوية: إلى متى وهذا الميدان تكل فيه فرسان البديهية والروية؟ فأنشده في الجواب، قول بعض من أم نهج الصواب:

لأديمن مديح المصطفى فعل من في الله قوى طمعه

فعسى أنعم في الدنيا به وعسى يحشرني الله معه

وإذا كان القريض في بعض الأحيان كذبا صراحا، والموفق من تركه والحالة هذه رغبة عنه وله اطراحا، فخير ما كان حقا وهو مدح الله ورسوله، وبذلك يحصل للعبد منتهى سوله:

ليس كل القريض يقبله السم؟ ع وتصغي لذكره الأفهام

إن بعضا من القريض هراء ليس شيئا، وبعضه أحكام

(55)

وأجل الكلام ما كان في مد ح شفيع الورى عليه السلام

طيب العرف دائم الذكر لا تأ تي الليالي عليه والأيام

مثل زهر قد شق عنه كمام أو كمسك قد فض عنه ختام

ليس تحصى صفات أحمد بالعد كما لم تحط بها الأوهام

ولو أن البحار حبر وما في ال؟ أرض من كل نابت أقلام

فطويل المديح فيه قصير وحسام ماض لديه كهام

ولسان البليغ للعي ينمي وكذا صيب الفصيح جهام

كيف يحصى مديح مولى عليه ال؟ له أثنى وذكره مستدام

وله المعجزات والآي تبدو لا يغطي وجوههن لثام

فمن المعجزات أن سار ليلا وجميع الأنام فيه نيام

راكبا للبراق حتى أتى القد س وفيه رسل الإله الكرام

فاستووا خلفه صفوفا وقالوا صل يا أحمد فأنت الإمام

فعليه من ربه صلوات زاكيات مع صحبه وسلام

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.