أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-3-2021
5487
التاريخ: 24-4-2019
11074
التاريخ: 7-2-2016
7536
التاريخ: 2023-05-10
1122
|
لقد اهتم الإسلام بالأسرة اهتماما بالغة ودقيقة شمل جميع علاقاتها وتفاعلاتها وظروفها، ومع هذا الحرص الشديد للإسلام على استمرارية الأسرة وديمومة بنانها جعل المشكلاتها المتوقعة حلوة استباقية وأحكامة تخفف من وطأة هذه المشكلات والآثار المترتبة عليها، وقد ناقشت الشريعة الإسلامية جميع المشكلات المنبثقة عن أي تغيير في حياة الأسرة ومسارها، فشرعت الطلاق ليكون الملجأ والوسيلة لحالة انسداد شرايين استمرار العلاقة الزوجية، ورتبت آثاره احكامة تشمل جميع أطراف الأسرة، ولقد جاء اهتمام الشريعة الإسلامية بالأبناء متسقة ومنسجمة مع احتياجاتهم البيولوجية والنفسية والتربوية والعاطفية، فكان تشريع الحضانة للأطفال بعد الطلاق مبنية على متغيرات عديدة وظروف مخصوصة يستحكم فيها معيار المصلحة الأولى للطفل وحياته وأمانه.
وبالتالي فقد أحاطت الشريعة الإسلامية حق الحضانة بسياج منيع من الحماية بما يكفل للطفل العيش الكريم والتربية الحسنة والحقوق المستحقة؛ وذلك في حال تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية كما شرعها الإسلام، ومع مرونة أحكام الشرع في حالة سوء التطبيق لهذه الأحكام تجعل على الحاضن قيودة محكمة لا تزاد بعد قيود لا تتركه يتعدى أو يبغي.
ومن رحمة الله تعالى بالأطفال أن جعل الحضانة ابتداء بالنساء لأنهن أكثر عطفا وشفقة من الرجال وأقدر على الرعاية والصبر والتربية، ولكن قد ينازع النساء في حق الحضانة أب المحضون لحق يراه في نفسه في انتزاع المحضون من أمه أو من تتولى حضانته من النساء، مما ينشئ ازدواجية في الحضانة بين الأم والأب، وهو ما يتولد عنه تعسف من أيهما في استعمال حقه في الحضانة.
وقد عرفت الحضانة في اصطلاح الفقه الإسلامي بتعريفات ومعانی متعددة:
فقد عرفها المالكية بأنها: حفظ وعناية العاجز عن القيام بامور نفسه ورعايته في ملبسه وطعامه ومضجعه وتعليمه (1).
وعرفها الحنفية بأنها :" تربية الطفل ورعايته والقيام بجميع أموره في سن معينة لمن له حق الحضانة (2).
وعرفها الشافعية بأنها :" حفظ من لا يستقل بأمور نفسه عما يؤذيه لعدم تمييزه الصغر أو جنون أو عنه(3) .
وعرفها الحنابلة بأنها: " ضم المحضون وتربيته وكفالته والقيام بمصالحه كغسل رأس الطفل ويديه وثيابه ودهنه وتكحيله والاتفاق عليه وكل ما يتعلق بمصالحه (4).
كما عرفها بعض الفقهاء المحدثين بأنها: "القيام بتربية الطفل ورعاية شئونه إلى أن يبلغ سئا معينة"(5)، أو أضم الولد وتربيته ممن له حق الحضانة فيه(6) أو الولاية على الطفل و المجنون لفائدة تربيته وما يتعلق بها من مصالح في حفظه والاهتمام بشئونه (7) ".
ومن المعلوم أن أقرب البشر إلى الطفل وأكثرهم عطفا وخوفا عليه هما والداه، ونتيجة لكون الطفل غير قادر على إدراك مصالحه في هذه السن المبكرة فهو في أمس الحاجة إلى من يتولى إرشاده وتربيته والقيام على أموره ومصالحه، وقد أعطيت الأولوية للنساء في هذا الأمر لكونها الأقدر على التحمل والصبر حتى يبلغ الطفل السن التي يستطيع بها الاعتماد على نفسه وتولى أموره بنضه، وجاء الأب ليقوم بدور المكمل ليكمل جناحي التربية والتنشئة من خلال تقويمه واشرافه ونصحه (8).
فالحضانة تعتبر واجبة لأن الإهمال فيها يعرض الصبي للهلاك و الضياع، بالإضافة إلى أنها حق للصغير؛ كونه بحاجة إلى من يرعاه و يحفظه و يقوم على شئونه و يتولى تربيته و للأم الحق في الحضانة لقول رسول الله صل الله عليه وسلم أنت أحق به إذا كانت الأولوية للنساء، و هذا نظرا للآثار الصحيحة التي أوردت بأن النساء أحق بالحضانة؛ إذ يرون أن امرأة جاءت إلي النبي صل الله عليه وسلم وقالت: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء و حجرى له حواء، و ثدي له سقاء، و أن أباه طلقني، و أراد أن ينزعه مني، فقال رسول الله صل الله عليه واله وسلم "أنت أحق به ما لم تتزوجي (9). .....
بالإضافة أن الحضانة تتطلب اليقضة و الانتباه و الصبر و الخلق الجم، حتى أنه يكره للإنسان أن يدعو على ولد أثناء تربيته لقوله صل الله عليه وسلم "لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب له (10).
و روی بن موسی عن بن عباس: أن أوس بن عبادة الأنصاري دخل على النبي صل الله عليه وسلم فقال: يارسول الله إن لي بنات و أنا أدعو عليهن بالموت، فقال :
يا بن ساعدة لاتدع عليهن فإن البركة في البنات من المجملات عند النعمة و المعينات عند المصيبة و الممرضات عند الشدة ثقلهن على الأرض و رزقهن على الله: (11) .
_____________
1-الدسوقي، محمد عرفة الدسوقي المالكي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير ، ج2،مطبعة عيسى الحلبي، القاهرة، من دون سنة نشر، ص 451 .
2- ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز عابدين الدمشقي الحنفي، ج 3 ، رد المختار على الدرر المختار، طبعة دار الفکر، بیروت، 1421هـ، ص560 (
3- الرملي، شمس الدين محمد بن أحمد الرملي الشافعي، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، ج 7، المطبعة البهية المصرية، 1317هـ، ص 255 .
4- البهوتي، منصور بن يونس بن إدريس البهوتي الحنبلي: كشاف القناع عن متن الإقناع، ، ج3، مكتبة النصر الحديثة للتشر، الرياض، من دون سنة نشر، ص 325- 324 .
5-د. مصطفى السباعي، شرح قانون الأحوال الشخصية، الزواج وإنحلاله،، الجزء الأول، ط 8 2000م، دار الوارق للنشر، بيروت، ص298
6- د. أحمد فراج حسين: أحكام الأسرة في الإسلام، الطلاق وحقوق الأولاد ونققات الأقارب، 1998م، الدار الجامعية للنشر، بيروت،، ص 275.
7- د. سمير عقبي: الحضانة في الفقه الإسلامي، 1989م، دار المنار للنشر، القاهرة، ص 11.
8- د. الشحات إبراهيم منصور: حقوق الطفل وآثارها بين الشريعة الاسلامية والقوانين الوضعية 2001م، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 46 .
9- سبق تخريج هذا الحديث عند الإمام أبي داود، والحاكم، والبيهقي، لكن أخرجه الدارقطني بلفظ: "ما لم تتزوجي"، بدلا من ما لم تتكحي، في سنن الدارقطني: أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان بن دينار البغدادي الدارقطني (المتوفى: 1385)، حققه وضبط نصه وعلق عليه: شعيب الأرنؤوط، حسن عبد المنعم شلبي، عبد اللطيف حرز الله، أحمد برهوم، مؤسسة الرسالة، بيروت - لبنان، الطبعة: الأولى، 1434 هـ - 2004م، کتاب النكاح، باب المهر، بلفظ: أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها ، قالت: يا رسول الله بطني كان له وعاء ، وثيي كان له سقاء ، وحجري كان له حواء ، وإن أباه يريد أن ينتزعه مني ، فقال رسول الله : أنت أحق به ما لم تتزوجي، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن عبد الله بن عمرو (4/469) .
10- حديث صحيح، أخرجه الإمام مسلم في المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله ، مسلم بن الحجاج أبو الحسن القشيري النيسابوري (المتوفى: 361هـ)، تحقيق: محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء التراث العربي - بيروت، کتاب الزهد والرقائق، باب حيث جابر الطويل وقصة أبي اليسر، بلفظ: "انزل عنه، فلا تصحبنا بملعون، لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء، فيستجيب لكم"، عن عبادة بن الوليد، عن جابر بن عبد الله (2304/4 )
11- حديث ضعيف؛ لأنه في إسناده إبراهيم بن حيان المدني، وهو متهم بالوضع، راجع: المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد السخاوي (المتوفی: 902 هـ )، تحقيق: محمد عثمان الخشت، دار الكتاب العربي - بيروت، الطبعة: الأولى، 1405 هـ - 1985م، ص 978، كشف الخفاء ومزيل الإلباس: إسماعيل بن محمد بن عبد الهادي الجراحي العجلوني الدمشقي، أبو الفداء (المتوفی: 1192هـ)، المكتبة العصرية، تحقيق: عبد الحميد بن أحمد بن يوسف بن هنداوي، الطبعة: الأولى، 1420هـ - 2000م (346/2 )
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|