أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-04
209
التاريخ: 28-6-2016
2261
التاريخ: 17-2-2022
2568
التاريخ: 12/9/2022
1443
|
قال الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله): (إذا كان الرجل غائباً فكنّه، وإذا كان حاضراً فسمّه) (1). وقال (صلى الله عليه وآله) أيضاً: (أول ما يبر الرجل ولده أن يسميه بإسم حسن، فليحسن أحدكم إسم ولده) (۲).
حينما يلتقي المرء شخصاً آخر، ويبدأ حديثاً، ثم يسترسل في الحديث، دون أن يبادره بالسؤال عن إسمه، ما هو الشعور الذي في داخل ذلك الشخص؟ إن أدنى ما قد يتولد فيه من شعور، هو أن المرء لم يعره اهتماماً جيداً، لأنه تناسى التعرف على عنوانه العام، وهو إسمه. بينما لو قدم له هذا السؤال، في أول اللقاء ـ وهو الأفضل ـ أو في أثناء الحديث: (عفواً، ما هو إسمكم؟)، أو وددت التعرف على إسمكم، لتحركت خلاياه متجهة إلى المرء، ولأحس الشخص الآخر بتفاعله معه، وذلك يرجع إلى إعارته الإهتمام بإسمه (*)، وبالتالي به هو، إذ أن الإسم علاوة على أنه وسيلة لتعريف الإنسان، فهو يشكل جزءاً ـ على قدر من الأهمية ـ من شخصيته، والإهتمام بإسمه يعني الإهتمام به شخصياً، الأمر الذي يسهم في كسب مودته ومحبته، والدخول إلى قلبه.
وإنه لمن غير اللائق أن يدخل أناس مع آخرين في أحاديث قد تمتد لساعات، دون أن (يجشموا) أنفسهم السؤال عن أسمائهم. وذلك يرجع إما الى حالة كبر موجودة فيهم، أو إلى انعدام أو ضعف اهتمامهم بالجانب العلاقاتي، أو إلى تقصير أو قصور في الثقافة المعاملاتية، أو ثقافة التعامل مع الناس. وأيما كانت الحالة، ينبغي للمرء ويفضل له أن يتعرف على إسم محدثه.
وقد يتسائل السائل: ما هو الداعي للتعرف على إسم شخص، سيفارقني، وربما لن أراه في المستقبل؟ وما الذي أجنيه من ذلك؟ والجواب: وما الذي يخسره المرء حينما يسأل عن إسم من يلقاه؟، بل لربما أصبح هذا صديقاً حميماً للمرء في الحياة. وكم من أفراد أصبحوا أصدقاء حميمين لآخرين، بسبب التعرف على أسماء بعضهم البعض!
إن التعرف على إسم الشخص الآخر، فضلا عن أنه خلق حسن، فهو يسهم في كسب مودة ذلك الشخص ومحبته، والدخول إلى قلبه. وكلنا ـ أو أغلبنا ـ جرب أن تعرف على إسم من لاقاه، أو اسم محدثه، وأحس بذلك الشعور اللطيف الذي يتولد فيه. أما تجاهل إسم الشخص والتعرف عليه، فهو أمر لا يساعد على التحبب إليه، وقد يجعله مدبراً لا مقبلا.
ويلعب التواضع دوراً كبيراً في السؤال عن إسم الشخص الآخر، لان المتواضع لا يجد حاجزاً في التعرف على الآخرين، بل يكون سعيداً وهو يتعرف عليهم، بخلاف المتكبر الذي ينتظر من الآخرين أن يسألوه عن إسمه، وربما حتى لو سألوه عنه، لم يُقبل عليهم.
ينقل أحد المؤلفين قصة عن أهمية حفظ وتذكر الأسماء فيقول: قابلته ذات يوم، وسألته عن نجاحه الباهر، فقال لي: (الجد والإجتهاد). فقلت: لا تمزح فسألني ماذا أظن سر نجاحه؟ فقلت: سمعت أن في وسعك أن تنادي عشرة آلاف شخص بإسمهم الأول. وكنت مصيباً في ظني، فقد ساعدت هذه المقدرة (ج. ف.) على أن ينصب (ف. ر.) رئيساً للجمهورية.
أما كيف خلق (ج. ف.)، هذه القدرة على تذكر أسماء الناس، فأمر هيّن.
كان إذا إلتقى بصديق جديد، تعرف على إسمه الكامل، واسماء أولاده، وذويه المقربين، ووقف على طبيعة عمله، ولونه السياسي، وآرائه العامة. ومن ثم يحتفظ بهذه المعلومات في ذهنه كجزء من الصورة التي اختزنها في مخيلته لهذا الصديق. فمتى التقاه ثانية، وسعه أن يربت على كتفه، ويسأل عن زوجته وأولاده، والأزهار الجميلة التي تنبت في حديقة داره. فلا عجب ـ إذن ـ أن يكون له على مر الأعوام، معارف، وأصدقاء، يفوق عددهم الحصر!. وقبل أن يبدأ (ف.ر .) حملته الإنتخابية بأشهر، عكف (ج. ف.) على كتابة مئات الرسائل ـ كل يوم ـ لأشخاص يعرفهم في جميع الولايات. ثم استقل القطار، وظل مدى تسعة عشر يوماً يجوب أنحاء الولايات، وقطع في هذه الجولة اثني عشر ألف ميلا! ، وكان إذا حل ببلد ، قابل معارفه على مائدة الإفطار، أو الغداء، أو العشاء، فيقضي معهم زمناً يلقي عليهم فيه تحية قلبية مخلصة، ثم يتركهم ليستأنف رحلته. فلمّا آب من رحلته، انتقى من كل بلد زاره، رجلا واحداً وسأله أن يعد له قائمة بكل من قابلهم، وتحدث إليهم. وقد حوت هذه القوائم آلافا من الأسماء، ومع ذلك فكل اسم ورد في تلك القوائم حظي صاحبه بمحادثة ودية مع (ج. ف).
وكانت الرسائل التي يكتبها (ج. ف.) تبدأ دائماً بهذه العبارة: (عزيزي)، وكان الإمضاء دائما (ف.) أي بإسمه الثاني.
ولقد اكتشف (ج. ف.) في وقت مبكر من حياته أن أحب الأسماء للإنسان هو إسمه! ومتى ذكرت إسم شخص صادقته، وناديته به في المرة التالية التي تلقاه فيها، فثق أنك أديت له مجاملة لطيفة باقية الأثر. أما لو نسيت إسمه، أو نطقت به مغلوطاً فقد لا يشعر الطرف الآخر بأنك تهتم به.
إن حفظ أسماء الناس، وتذكرها، وتنمية المقدرة على تذكرها من الأمور الحسنة التي تسهم في التحبب إلى الناس والتودد لهم.
ومن هنا فالمرء بحاجة إلى أن ينشط ذاكرته في حفظ أسماء من يلتقي بهم من الناس ومن الطرق الناجحة في تذكر الأسماء: أن تستمع جيداً إلى الشخص وهو يدلي لك بإسمه، وأن تردده أكثر من مرة، وفي أثناء الحديث (**) لكي يرسخ في ذهنك، وأن تربـطه بصورة بصـرية، لأن الصـور البصريـة ترسخ في المخ اكثـر من الألفاظ والكلمات، وليس غريباً أن تلتقي شخصاً قابلته من قبل فتقول له: إن صورتك ليست غريبة عني، وكأني رأيتك من قبل. ولكنك لا تستطيع أن تتذكر إسمه. والسبب في ذلك أنك لم ترسم له صورة متكاملة، أو قابلة للرسوخ في ذهنك، وقد بقي من تلك الصورة بعض الأجزاء التي تجعلك تظن ـ دون ان توقن ـ بأنك التقيته مسبقاً.
وعن حفظ وتذكر الأسماء، ينقل عن نابليون الثالث (امبراطور فرنسا، وابن عم نابليون بونابرت) أنه على الرغم من واجبات الملك على عاتقه، كان ليستطيع أن يذكر إسم كل شخص التقى به.
فكيف كان يفعل؟ غاية في البساطة. كان إذا لم يسمع اسم محدثه واضحاً، قال له: آسف، لم أستطع أن ألتقط الإسم تماماً. فإذا كان الإسم على شيء من الغرابة، سأل: كيف يتهجى؟ ثم يأخذ على عاتقه ـ خلال المناقشةـ أن يكرر الإسم جملة مرات، ويحاول أن يربطه في ذهنه بصورة صاحبه، وملامحه، وتعبيراته، ومظهره العام. ومتى خلا لنفسه، كان يدون الإسم على قرطاس، ثم يتأمله ملياً، ويحصر ذهنه فيه، وبهذا يكون فكرة (عينية)، عن الإسم کما کون فكرة (سمعية)، فلا يعود هناك ثمة سبيل لنسيانه.
وإذا كان من الغربيين من يهتمون بحفظ وتذكر اسماء من يلتقون بهم من أجل تحقيق المنافع والمكاسب المادية، مع عدم إهمال الفطرة الإنسانية الموجودة فيهم، والباعثة على التعامل الحسن مع الناس، ومع العلم بأن الإنسان أياً كان يرغب في ان يكون محبوباً مودوداً، إذا كان كذلك فإن المؤمنين هم الأولى بإحسان تعاملهم مع الناس، وخدمتهم، والبذل والعطاء لهم، وحفظ وتذكر أسمائهم.
وتذكر الأسماء ليست مسألة صعبة، بل هي سهلة. ولكن كثيراً من الناس يتعذر في سوء حفظه لأسماء من يلقاهم بإزدحام الأعمال، وكثرة الإنشغالات. ولكن لو علم أولئك أهمية التعرف على الناس وحفظ وتذكر أسمائهم لما قصروا في ذلك.
والآن فلكي يكسب المرء حب الناس له، ينبغي له ان يعلم ان إسم الشخص الآخر هو شيء محبب له، وبحفظه لإسم هذا الشخص يشعر الأخير بأنه يهتم به ويقدر، وبذلك يدخل المرء إلى قلبه، فيحبه.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ميزان الحكمة.
(2) المصدر السابق.
(*) مما تجدر الاشارة اليه أن الاسم الحسن هو الذي يوحي الى مبدأ عظيم، كتوحيد الله والعبودية والحمد له، أو الى قيمة خلقية فاضلة، كالكرم، والجود والاحسان، والحلم، والعفو، والرأفة، والرحمة، واللطف، والرفق، والطلاقة، والبشر الحسن، وجاء في الأحاديث الشريفة بما مضمونه: (خير الأسماء ما حمد وعبد). إن إساءة اختيار الاسم للولد قد تسبب في انعكاسات نفسية غير محمودة على شخصيته، كالشعور بالحقارة، والضعف، ومن هنا تبين أهمية احسان اختيار الأسماء للأولاد، بنينا وبنات، ومن النوادر التي تنقل فيما يرتبط بسوء اختيار الاباء لأسماء أولادهم، أن أعرابياً سئل عن اسمه، فقال: ضنك، (أي ضيق)، فقيل له: لقد ضيق عليك في اسمك. فقال: إن كان قد ضيق في الاسم، فقد وسع في الكنية، فقيل له: وما كنينك؟، فقال أبو البيداء
(**) ان ترديد إسم الشخص الآخر في أثناء الحديث، علاوة على أنه يساعد في رسوخ اسمه في الذهن وحفظه، يجعل الطرف الآخر مسروراً شاعرا بأهميته، وراغباً الى محدثه ومحباً له.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|