الجهاز الهضمي والتغذية في الحشرات

يتركب الجهاز الهضمي من أنبوبة مفتوحة الطرفين تمتد في المنطقة الوسطية لجسم الحشرة حيث توجد فتحتها الأمامية في مقدمة الجسم وهي الفم، بينما توجد فتحة الشرج وهي الفتحة الخلفية في نهاية الجسم. يختلف طول القناة الهضمية كثيرا تبعا لاختلاف وتنوع الانواع الحشرية وطبائع وأنواع غذائها. تتميز الحشرات التي تتغذى بالسوائل وعصارات النبات باستطالة قنواتها الهضمية حتى أن طولها يفوق طول الجسم. وتنقسم القناة الهضمية إلى ثلاثة مناطق رئيسية تنشأ اثناء النمو الجنيني حيث تتكون القناة الهضمية الأمامية كانبعاج من الجزء الأمامي لطبقة الأكتودرم وبالمثل تتكون القناة الهضمية الخلفية كانبعاج داخلي من الجزء الخلفي لطبقة الأكتودرم، أما القناة الهضمية الوسطية فقد نشأت على صورة كيس من طبقة الجنين الداخلية الاندودرمية وكونت وصلة بين القناتين الأمامية والخلفية.

وتتكون القناة الهضمية الأمامية تشريحيا من ثلاث أو أربع مناطق هي البلعوم وهو انبوبة ضيقة نسبيا مزودة من الخارج بمجموعة من العضلات التي تساند وظيفته في دفع الغذاء الى المرئ وهو الجزء الثاني من المعى الأمامي وهو انبوبة بسيطة ضيقة نوعا ما يختلف طولها كثيرا باختلاف الحشرات، ووظيفته توصيل الغذاء من البلعوم الى الجزء الثالث وهو الحوصلة والتي يختزن الغذاء داخلها لفترة وقد يتم بها بعض الهضم الجزئي للغذاء عن طريق انزيمات الغدد اللعابية. يتباین كثيرا شكل وحجم الجزء الرابع من المعي الأمامي والذي يتمثل بالقونصة حيث تمثل الصمام الذي ينظم مرور المواد الغذائية السائلة من الحوصلة الى القناة الهضمية الوسطية، أو تعمل كمصفاة لا يسمح بمرور الأجزاء الكبيرة من الغذاء الى المعى الوسطى، كما تتميز باتساع كبير وظاهر خاصة في الحشرات ذات الفم القارض حيث تقوم القونصة بما تتميز به من أسنان قوية متحورة من بطانتها الداخلية، بتفتيت الأجزاء الكبيرة من الغذاء الى اجزاء صغيرة. تدخل نهاية القونصة (او نهاية الحوصلة في الحشرات التي ليس لها قونصة) في داخل المعدة لمسافة قصيرة حيث ينثني مقدم المعي الوسطی او المعدة على مؤخرة القونصة ليتكون ما يعرف بالصمام المريئي أو الفؤادي حيث ينظم مرور الغذاء من المعي الأمامي الى المعى الوسطى أو المعدة ويمنع رجوعه عكسيا للأمام. تبدو القناة الهضمية الوسطى او المعدة بشكل أنبوبي أو شكل مستطيل، وتتكون خلاياها من خلايا طلائية ضخمة اسطوانية الشكل، ترتبط قواعدها بمجموعة من خلايا صغيرة فردية أو في مجموعات لها قدرة على الانقسام وتكوين خلايا طلائية جديدة، ترتكز الخلايا الطلائية على غشاء قاعدي كما وتغلف من الخارج بطبقة من العضلات الدائرية يليها من ناحية الخارج طبقة اخرى من العضلات الطولية. تمثل المعى الوسطى الجزء الأوسط من قناة الهضم وهو الجزء الذي يحدث فيه افراز الانزيمات الهاضمة وهضم الجزء الأكبر من الغذاء وكذلك امتصاص الغذاء المهضوم. في كثير من الحشرات يزداد السطح الداخلي للمعدة عن طريق انبعاجات خارجية عند مقدمتها تعرف بالأنابيب الأعورية والتي تحتوى خلاياها على انواع متعددة من البكتيريا التي تساعد افرازاتها على هضم بعض المواد الغذائية. كما ينفصل جدار المعی الداخلي عن الغذاء بغشاء رقيق يفرز من خلايا المعدة الموجودة جهة الصمام المريئي او قد تفرزه جميع خلايا المعدة، يقوم الغشاء بحماية خلايا المعدة من الاحتكاك المباشر مع جزيئات الغذاء، لذا يعرف بالغشاء حول البلعة الغذائية. كما ويسمح هذا الغشاء بتمرير انزيمات الهضم المفرزة من الخلايا الطلائية للمعدة الى فراغ المعدة واختلاطها بالغذاء. تنتهي المعدة بالصمام البوابي الذي ينظم مرور الغذاء غير المهضوم إلى الجزء الخلفي من القناة الهضمية والذي يعرف بالمعى الخلفي حيث تفتح في منطقة الأتصال هذه او امامها مجموعة من الأنابيب المعروفة بأسم أنابيب ملبيجي والتي تعد من أعضاء الإخراج الأساسية في أغلب الحشرات. يتكون المعي الخلفي من ثلاث مناطق متباينة حيث تبدأ بأنبوبة ضيقة تلي المعدة مباشرة تسمى الأمعاء الدقيقة (اللفائفي) ثم القولون ثم المستقيم الذي يفتح للخارج بفتحة الشرج.

شكل يبين التركيب الأساسي لأجزاء القناة الهضمية في الحشرات وكيفية اتصالها بكل من أنابيب ملبيجي والغدد اللعابية.

تعيين مواقع الغذاء:

بعض الحشرات تكون متخصصة في اغتذائها، بينما يكون البعض الآخر متنوعا في اختياره وتفضيله لانواع وعوائل غذائية متعددة المصادر. وعادة ما تصنف الحشرات تبعا لعاداتها الغذائية ونوع الطعام الذي تتناوله. هذا ويتطلب تناول الطعام اتخاذ بعض الخطوات النمطية او السلوكية مثل تحديد موقع الطعام، حيث يتطلب هذا استخدام حاسة الإبصار او المستقبلات الشمية. وبعد العثور على الطعام المرغوب يتطلب الأمر اختبار صلاحيته قبل التغذية عليه ويتم هذا من خلال مستقبلات الكيميائيات في أعضاء الشم والتذوق والمنتشرة على جميع اجزاء الجسم وخاصة على أجزاء الفم وقرون الاستشعار والقرون الشرجية. يتأثر البحث عن الطعام والاغتذاء الفعلي بالعوامل البيئية من فترة اضاءة ودرجات رطوبة ودرجات حرارة.