أثر تخلف الشروط الموضوعية العامة على مسؤولية الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة |
2988
01:39 صباحاً
التاريخ: 31-10-2021
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-10-2018
5836
التاريخ: 7-10-2017
1951
التاريخ: 1-10-2018
3068
التاريخ: 11-3-2020
5610
|
عرف قانون الشركات الإماراتي الشركة على أنها عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يشارك كل منهم في مشروع اقتصادي، وذلك بتقديم حصة من مال أو أعمال، واقتسام ما ينشا عن هذا المشروع من ربح وخسارة (1)، في حين أن قانون الشركات الأردني لم يتطرق لتعريف الشركة وإنما عرفها القانون المدني الأردني .
وهذا يعني أن الشركة هي عقد وبالتالي تسري عليها القواعد العامة للعقود، فالأحكام القانونية الواردة في القوانين المدنية الخاصة بالعقود، تسري على عقد الشركة مهما كان نوعها وهو ما أكدته المادة الثالثة من قانون الشركات الأردني رقم (22) لسنة 1997م، وتعديلاته التي نصت على أنه: " تسري أحكام هذا القانون على الشركات التي تمارس الأعمال التجارية وعلى المسائل التي تناولتها نصوصه، فإذا لم يكن فيها ما ينطبق على أي مسالة فيرجع إلى قانون التجارة فإن لم يوجد فيه حكم يتناول هذا الأمر يرجع إلى القانون المدني وإلا فتطبق أحكام العرف التجاري والاسترشاد بالاجتهادات القضائية والفقهية وقواعد العدالة".
والحقيقة أن كلا من قانوني الشركات الأردني والإماراتي لم يتطرقا إلى الحديث عن الشروط الموضوعية العامة لتأسيس هذا النوع من الشركات ولا لصحة انعقادها وإنما عملا على تبيان أحكامها والشروط الموضوعية والشكلية الخاصة الواجب توافرها بهذا النوع من الشركات، لذا فإن القوانين المدنية هي واجبة التطبيق بهذه الحالة، وأن الشروط الموضوعية العامة لانعقاد العقد وصحته هي الواجب توافرها لصحة عقد الشركة ذات المسؤولية المحدودة، وهذه الشروط هي: الرضا والأهلية والمحل والسبب (2).
لما تقدم فإن هذا الموضوع سوف يتناول كل شرط من الشروط الموضوعية العامة وتوضيحه، والوقوف على مدى تأثير توافر هذه الشروط أو تخلف أحدها على مسؤولية الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة خلال مرحلة التأسيس تجاه الشركاء الآخرين في حال توافرهم وتجاه الشركة ذاتها، وذلك من خلال المطالب التالية:
المطلب الأول: رضا المتعاقدين (الشركاء)
حتى ينعقد العقد، يجب أن يتوافر لدى المتعاقدين الشركاء الذين يوقعون عقد الشركة الرضا الصحيح، ويثبت الرضا حين يتلاقى الإيجاب بالقبول (3)، ويثبت ذلك حين يتم التوقيع على العقد، ويمكن أن يوقع العقد بواسطة الشريك نفسه، أو بواسطة وكيل عنه بموجب وكالة خاصة بذلك (4)، وحتى يكون الرضا معتبرة لا بد مما يلي:
1. أن يعبر كل شريك عن إرادته بالاشتراك في الشركة عند تكوين العقد.
2. أن يكون هذا التعبير خالية من كافة عيوب الإرادة، كالإكراه والتغرير والغبن والغلط التي بينت القوانين المدنية أحكامها (5)، أما إذا شاب رضا الشركاء أو أحدهم عيب من عيوب الرضا، كان العقد فاسدة قابلا للفسخ والبطلان بالنسبة إلى من شاب إرادته العيب المفسد للرضا (6)
وسوف يتم توضيح أثر تخلف شرط الرضا على وجود الشركة المساهمة المحدودة وعلى الشركاء أنفسهم من خلال الفرعين التاليين:
الفرع الأول: أثر تخلف شرط الرضا على عقد الشركة ووجودها
صحيح أن الشركة ما هي إلا عقد إلا أنه يختلف عن باقي العقود بأنه ينتج شخصا معنوية مستقلا عن باقي الشركاء، وله كيان قائم بذاته لا يتأثر وجوده بالعقد، وعند بطلان عقد الشركة ذات المسؤولية المحدودة بناء على طلب الشريك المشوب رضاه بعيب الإرادة فإن أثر البطلان قد يقتصر في هذه الحالة على الشريك المطالب بالبطلان، فيخرج من الشركة وتعد الشركة كان لم تكن بالنسبة له، ويسترد حصته كاملة وتصح الشركة بالنسبة لباقي الشركاء في حال كانت شخصية الشركاء ليست محل اعتبار بالشركة. وذلك لأن سبب البطلان لا يحتج به في مواجهة الكافة ولا يمس عقد الشركة في ذاته وإنما يجعله قابلا للبطلان لمصلحة الشريك المحتج به، وعندما يتم القضاء ببطلان العقد فإن ذلك يؤدي إلى انتهاء الشركة (7) أما فيما يتعلق بوجود الشركة كونها شخصا معنوية فإن الشركة تبقى قائمة فيما بين الشركاء باستثناء الشريك الذي قضى بالبطلان لمصلحته في الفترة ما بين تأسيسها والحكم ببطلانها، فتظل حقوقهم والتزاماتهم تجاه الشركة قائمة وصحيحة وتوزع الأرباح والخسائر حسب الأحكام المتفق عليها، وهذا ما يطلق عليه الفقه مسمى "الشركة الفعلية" أي الشركة التي لها وجود واقعي وفعلي ولكن ليس لها وجود قانوني . على أنه يجب ملاحظة أن تخلف ركن الرضا قد يعدم وجود الشركة بالنسبة للماضي والمستقبل في بعض الحالات إذا كانت الشركة قائمة على الثقة والمعرفة الشخصية بين الشركاء حيث أن السبب هنا في البطلان المطلق هو أن شخصية كل شريك هي محل اعتبار من قبل باقي الشركاء .
الفرع الثاني:
أثر تخلف شرط الرضا على مسؤولية الشريك تجاه الشركاء والغير
لقد أكدت المادة 210 من قانون المعاملات المدنية الإماراتي على أنه لكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان لعيب في الرضا كما أن للقاضي أن يحكم به من تلقاء نفسه(8) . فإذا حكم القاضي ببطلان عقد الشركة لوجود عيب من عيوب الإرادة سواء من تلقاء نفسه، أو بناء على طلب الشريك الذي شاب إرادته عيب من العيوب، أو بناء على طلب الغير الذي يتعامل مع الشركة، فإن هذا الشريك لا يكون مسؤولا تجاه باقي الشركاء والشركة عن أي التزامات نتجت خلال تأسيس الشركة وله أن يسترد أمواله وقد بينت المادة (16) من قانون الشركات الاتحادي الإماراتي بأنه في حال الحكم ببطلان الشركة بناء على طلب الغير فإنها تعتبر كأن لم تكن بالنسبة له، ويكون الأشخاص الذين تعاقدوا معه باسم الشركة مسؤولين مسؤولية شخصية وبالتضامن عن الالتزامات الناشئة عن هذا العقد.
ولكن يجب الأخذ بعين الاعتبار بأن أي تعامل للغير مع الشركة التي توفر فيها شرط من شروط البطلان أو شابها عيب من عيوب الإرادة، يجب أن يكون قد تم بحسن نية حتى لا تتم مواجهة هذا الغير ببطلان الشركة للتخلص من الالتزامات التي ترتبت على الشركة خلال قيامها وتأسيسها، فإذا كان الغير سيء النية وقصد التعامل وهو يعلم بوجود عيب من عيوب الإرادة لدى أحد الشركاء فإنه في هذه الحالة يمكن الاحتجاج بالبطلان في مواجهته، سواء من القاضي نفسه أو بطلب من أحد الأطراف سواء الشريك المعيبة إرادته أو أي شخص ذو مصلحة حسن النية (9) وتجدر الإشارة في هذا المقام إلى أن هنالك حالتين يكون الشريك فيهما مسؤولا في أمواله الخاصة عن التزامات الشركة بسبب وجود خلل بشرط الرضا يمكن توضيحها فيما يلي:
- الحالة الأولى: وهي أن يؤثر الشريك على إرادة جميع الشركاء الآخرين، ففي هذه الحالة يكون الشريك مسؤولا عن التزامات الشركة في جميع أمواله الخاصة وذلك للوفاء بالالتزامات المترتبة عن العقد المنشئ للشركة نفسها كون الشركة باطلة ككل، فما بني على باطل فهو باطل، ويمكن تصور هذه الحالة عندما يقوم أحد الشركاء بالتغرير بباقي الشركاء وايهامهم بأن له مكانة معينة أو اعتبار شخصي معين.
- الحالة الثانية: وهي أن يؤثر الشريك على إرادة أحد الشركاء فقط، فهنا يمكن تعديل وضع الشركة وتفادي البطلان فيها من قبل الشريك إذا قام بجميع التزاماته تجاه الشريك المعيبة إرادته في الشركة، كأن يقوم مثلا بإرجاع نسبة رأس المال المساهم فيه في الشركة، إلا إذا كان هذا الشريك المعيبة إرادته ذو اعتبار شخصي مؤثر في قيام الشركة، كأن يكون ذو وجاهة مجتمعية أو منصب حكومي أو معروف ضمن نشاط تجاري معين تقوم عليه الشركة الحالية، وكل ذلك يعطي الشركة سمعة في السوق بحيث أن خروج هذا الشريك من الشركة قد يؤثر بشكل كبير على استمرارها، أو أن الشركة قائمة على شريكين فقط الأول يحمل جنسية دولة الإمارات والآخر يحمل جنسية دولة أخرى، فهنا خروج الشريك من الشركة سيؤثر على شرط آخر من شروط قيام الشركة وهو شرط المساهمة الوطنية، ففي الحالتين الأخيرتين يكون البطلان مطلق ويجب على الشريك الذي أثر على إرادة الشريك الأخر بإكراهه مثلا؛ الوفاء بجميع التزاماته تجاه الشركة والتزامات الشركة تجاه الغير وذلك في نطاق حصته في الشركة و أمواله الشخصية وتجدر الإشارة هنا إلى أنه يسقط الحق في إبطال العقد بمرور 15 سنة من تاريخ إبرامه وهو ما نصت عليه كلا من المادة 3/168 من القانون المدني الأردني والمادة 210 /3 من قانون المعاملات المدنية الإماراتي، علاوة على أنه يحق لمن تقرر البطلان لمصلحته أن يجيز العقد إجازة صريحة أو ضمنية وبما أن الشراكة في الشركة ذات المسؤولية المحدودة تقوم على الاعتبار الشخصي المتبادل بين الشركاء، فإن الغلط في شخص أحد الشركاء يكون بوجه خاص، سببا لفسخ العقد(10)، وكذلك الأمر في حال الغلط الذي يؤثر في رضا الشريك ويحمله على الدخول في الشركة أو أداء قيمة حصته (11) .
المطلب الثاني:
أهلية الشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة
حيث أن الشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة يساهم بحصة معينة في الشركة مقابل حصوله على ما تحققه الشركة من أرباح، وتحمله ما تتكبده من خسائر، فإن عقد الشركة هو من عقود المعارضة الدائرة بين النفع والضرر، لذلك لا بد أن تتوافر أهلية التصرف في كل شريك، ومن الواضح أن الشركة لا تكتسب الصفة التجارية إلا إذا كان الغرض منها ممارسة واحتراف الأعمال التجارية، وأن ممارسة الأعمال التجارية في نهاية المطاف ما هي إلا تصرفات قانونية، لذلك يجب أن تتوافر في المتعاقد الشريك الأهلية القانونية اللازمة للقيام بهذه التصرفات، ومناط الأهلية هو بلوغ سن معينة وفقا للتشريعات في إقليم الدولة، دون وجود أي عارض من العوارض التي تنقص الأهلية أو تعدمها، كالعته والسفه والجنون (12) .
أما بالنسبة لسن الأهلية في النظام القانوني الإماراتي، نجد أن المادة (85) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي، قد نصت أن سن الرشد هو إحدى وعشرون سنة قمرية، شريطة أن يكون الشخص متمتع بكامل قواه العقلية، ولم يحجر عليه وبالرجوع إلى أحكام قانون الشركات الأردني، يتضح أنه أحال الأحكام التي لم ينظمها قانون الشركات إلى قانون التجارة الأردني، ومن ثم إلى القانون المدني (13) ، كما أن قانون التجارة الأردني رقم (12) لسنة 1966م، قد نص في المادة (15) منه على أنه "تخضع الأهلية التجارية إلى أحكام القانون المدني"، لذا تكون أحكام المادة (43) من القانون المدني الأردني لسنة 1976م واجبة التطبيق، والتي تنص على أن سن الرشد هي ثمانية عشر سنة ميلادية، شريطة أن لا يكون محجوره عليه وخالي من كافة عيوب الإرادة.
وتأسيسا على ذلك وبمفهوم المخالفة فإن القاصر لا يصح أن يكون طرفا في عقد الشركة، وإلا كان العقد باطلا أو موقوفا، حيث يقع البطلان إذا كان المتعاقد صغيرة غير مميز، أما إذا كان مميزة فتكون تصرفاته الدائرة ما بين النفع والضرر ومنها عقد الشركة موقوفه على إجازة الولي في الحدود التي يجوز له فيها التصرف ابتداء، أو إجازة القاصر نفسه بعد بلوغ سن الرشد. ويعد قاصرة كل من هو دون سن الحادية والعشرون في النظام الإماراتي، والثامنة عشرة في النظام الأردني ومن في حكمه بسبب عوارض الأهلية(14) .
وتجدر الإشارة أيضا إلى أن القانون المدني الإماراتي في المادة (160-161) قد أجاز للمحكمة أن تأذن للصغير المميز بالتجارة في جزء من ماله إذا أتم سن الثامنة عشرة، وكذلك فعل القانون المدني الأردني إذا أتم الصغير المميز الخامسة عشر من عمره (15) وعليه فإنه إذا حصل الصغير المميز على إذن من المحكمة، كان له أن يستثمر الأموال المأذون له بها في الأعمال التجارية، كدخوله شريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة وذلك في حدود الإذن الممنوح له (16)، وبهذا تكون تصرفات الصغير الذي منح الإذن كتصرفات البالغ سن الرشد (17)
أما فيما يتعلق بأثر شرط الأهلية على مسؤولية الشريك في الشركة ذات المسؤولية
المحدودة فإنه في حال اختل شرط الأهلية لعدم توافر السن المعين بالشريك، فإن ذلك يؤثر على مدى مسؤوليته في الشركة ويجعل من العقد باطلا نسبية بحيث يحق لناقص الأهلية أو من يمثله قانونا أن يطلب إبطال العقد، ويطبق بخصوص نقص الأهلية في هذه الحالة الأحكام ذاتها الخاصة بوجود عيوب الرضا في الشريك. أما بخصوص عوارض الأهلية وأثرها على مسؤولية الشريك فسيتم عرضها بإيجاز على النحو التالي
1- الجنون وأثره على مسؤولية الشريك. جعلت المادة 1/168 والمادة 169 من قانون المعاملات الإماراتي والمادة 1/138 من القانون المدني الأردني، حكم المجنون كحكم الصغير الغير مميز فتصرفاته باطلة وهو محجور عليه ابتداء، وهي لا ترتب أي أثر وبالتالي فإن قيامه بالاشتراك في عقد الشركة لا يرتب عليه أية مسؤولية ولا يمكن لأحد الاحتجاج بالعقد تجاهه، إلا أن ذلك لا يمنع من التعويض وفقا للقواعد العامة في حال وجود سوء نية عند شريك المجنون.
2- العته والسفه وأثرهما على مسؤولية الشريك. جعلت المادة ( 1/128) والمادة ( 1/129) من القانون المدني الأردني تصرفات المعتوه والسفيه الدائرة بين النفع والضرر موقوفة على موافقة الولي. لذا فإنه في حال توافر أحدها في شريك معين فإنه يجوز له أن يبطل العقد الذي وقعه ولا يرتب ذلك أية مسؤولية عقدية عليه، إلا إذا لجأ إلى وسائل احتيالية الإخفاء نقص أهليته فيلزمه التعويض لباقي المتعاقدين حسني النية (18)، ويلاحظ هنا أن المشرع الإماراتي قد اعتبر المعتوه بحكم المجنون (19)، أما السفيه فحكمه مشابه لما ورد في القانون الأردني (20).
المطلب الثالث:
محل الشركة التي نشأت عليه
وفقا للقواعد العامة، يجب أن يكون لعقد الشركة محلا يضاف اليه ممكنا قابلا للتحقيق(21)، ففي التصرفات المالية يجب أن يكون المحل مالا متقوما، ويصح أن يكون عينا أو منفعة أو أي حق مالي آخر، ويصح كذلك أن يكون عملا أو امتناع عن عمل (22) ، أما إذا كان المحل مستحيلا في ذاته وقت العقد كان العقد بأطلاق، كما يجب أن يكون محل العقد محلا معينا تعيينا نافيا للجهالة الفاحشة، فإذا لم يكن المحل على النحو المتقدم كان العقد باطلا (23)، ويجب أن يكون المحل مشروعا وغير مخالف للنظام العام والآداب العامة، وإلا كان العقد باطلا (24)
وعلى وجه الخصوص فإن محل عقد الشركة هو العمل أو المشروع الاقتصادي الذي يسعى الشركاء لتكوينه ولا بد من توافر ثلاث شروط ترتبط بمدى مسؤولية الشريك في الشركة موضوع البحث وهي كما يلي:
أولا: أن يكون المحل معينة وواضحة للشركاء بشكل يمنع أية منازعة بينهم ولا يؤدي إلى الخداع بحيث يتم توضيح نوعها وآلية عملها وفق القوانين والتزاماتها وأعمالها، فوجود الجهالة الفاحشة في محل العقد يجعل منه باطلا وبالتالي يكون العقد كان لم يكن ولا يرتب أية مسؤولية على الشركاء لا بل ولا ينتج أي أثر، المادة (203 إماراتي) المادة (161 أردني). أما إذا كانت الجهالة يسيرة بحيث كانت في أمر غير جوهري أو معلوم للشركاء فإن ذلك لا يؤثر على صحة العقد (25)، وتبقى مسؤولية الشريك قاتمة في حدود حصته
ثانيا: أن يكون المحل ممكن وقت إبرام العقد ويقصد بذلك أن يكون عمل هذه الشركة ليس مستحيلا فمثلا لو اتفق الشركاء أن يكون عمل الشركة التي يقومون بتأسيسها هو إنتاج الهواء وبيعه هذا يجعل من محل العقد مستحيلا وبالتالي يبطله، كما أن محل العقد لا بد أن يبقى ويستمر، أيضا نلاحظ أنه حتى فإذا كان محل العقد عملا ممكنا ثم أصبح مستحيلا فإن العقد ينعقد ثم يبطل.
ثالثا: أن يكون المحل مشروعة وغير مخالف للنظام العام والآداب، فمثلا تأسيس شركة للإتجار بالممنوعات أو تزوير الأوراق الرسمية يجعل من عقد الشركة باطلا بسبب عدم مشروعية المحل ويلاحظ أن المشرع قد حظر على الشركات ذات المسؤولية المحدودة القيام باستثمارات في مجالات معينة، ففي حال قام الشركاء بالاستثمار في هذه الأعمال، يكون المحل غير مشروع بالنسبة للشركاء، مما يجعل عقد الشركة باطلا(26) ، ويعود سبب الحظر إلى أن مثل هذه المشاريع تحتاج إلى رؤوس أموال ضخمة لا يمكن أن تتوافر في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، إضافة إلى أن ممارسة هذا النوع من الأعمال يجعلها عرضة لخطر عدم امكانية استمرارها، الأمر الذي تكون فيها مسؤولية الشركاء غير كافية وغير قادرة على تغطية هذه المخاطر، فيكون ضمان الأشخاص المتعاملين مع الشركة ضمان ضعيفا، كون مسؤولية الشركاء فيها هي مسؤولية محدودة بقدر الحصة المساهم بها في رأس مال الشركة (27)
وتجدر الإشارة إلى أن الفقه يفرق بين محل العقد ومحل الالتزام (28) ، فمحل الالتزام يكون بالتزام الشركاء بتقديم الحصص لتأسيس الشركة، بنية تحقيق الأرباح واقتسامها وهذه الحصص أيضا لا بد أن تكون ممكنة ومحددة ومشروعة. فمثلا لو تعهد أحد الشركاء بتقديم حصة معينة في الشركة الا أنه امتنع فيما بعد عن أدائها مما يجعل من التزامه مستحيلا استحاله نسبية كونها متعلقة بهذا الشريك فإنه يقع عليه الالتزام بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بالشركاء الآخرين، ولباقي الشركاء الحق في الاستمرار بتأسيس الشركة حيث أن البطلان في هكذا حالة يكون نسبيا (29).
المطلب الرابع:
السيب ومدى مشروعيته
السبب هو الغرض المباشر المقصود من العقد، ويجب أن يكون موجودة وصحيحة ومباحا وغير مخالف للنظام العام أو الآداب (30) ، ولا يصح العقد إذا لم تكن فيه منفعة مشروعة لعاقديه، ويفترض في العقود وجود المنفعة المشروعة ما لم يقم الدليل على غير ذلك (31) وفيما يتعلق بالشركة ذات المسؤولية المحدودة، فإن السبب فيها يتمثل في رغبة كل شريك من الشركاء في المساهمة مع الشركاء الآخرين من أجل تحقيق الغرض الذي تكونت من أجله والذي يتمثل في تحقيق الربح (32) ، لذا فإنه من الواضح أن السبب الذي يدفع الشركاء في الشركة ذات المسؤولية المحدودة كما هو الحال في باقي الشركات التجارية هو تحقيق الأرباح والحصول على منافع مادية من جراء استثمارهم لأموالهم، ولذلك يجب أن يكون السبب موجود وصحيح ومباح وغير مخالف للنظام العام والآداب، وهذا كله متحقق في الرغبة بتحقيق الأرباح وتجدر الإشارة إلى أن الرغبة في تحقيق الأرباح مرتبطة بمدى مشروعية العمل أو مصدر الربح فإذا كان محل عقد الشركة غير مشروع فيكون سببها أيضا غير مشروعة (33)، وبالتالي فإن آثار بطلان السبب على مسؤولية الشريك هي ذاتها المترتبة على بطلان المحل.
فعلى سبيل المثال، إذا كان الغرض الرئيسي لأحد الشركاء عند التعاقد مع باقي الشركاء هو القيام بتهريب الممنوعات بطريقة مستترة من ضمن المنتجات التي تنتجها الشركة وبالتالي تحقيق الأرباح العالية وغير المشروعة، أو القيام بأعمال تنافسية غير مشروعة للإضرار بشركة أخرى تعمل في نفس المجال، وكان من شأن هذه الأعمال الإضرار بالشركاء الآخرين أو الشركة فإن هذا الشريك يكون مسؤولا تجاههم مسؤولية شخصية تطال أمواله الخاصة ذلك أن ركن السبب اختل بالنسبة لهذا الشريك وختاما، ينبغي التأكيد على أن عقد الشركة هو عقد تسري عليه الأحكام العامة للعقود، فإذا توافرت الشروط الموضوعية العامة للعقود انعقد العقد، ما دام أن المشرع لم يشترط أي شروط أخرى لانعقاده، أما إذا اشترط المشرع شروط موضوعية أو شكلية خاصة بطبيعة العقد - كما هو الحال بعد الشركة. ففي هذه الحالة يجب أن تتوافر هذه الشروط حتى ينعقد العقد ليرتب آثاره القانونية.... .
______________
1- الفقرة (1) من المادة (8) من قانون الشركات الإماراتي رقم 2 لسنة 2015.
2- تجدر الملاحظة في هذا الصدد أن أركان العقد وفقا للقانون المدني الأردني هي الرضا والمحل والسبب، أما الأهلية فتندمج بركن التراضي إذ أن الرضا يجب أن يصدر عن شخص ذو أهلية، للمزيد انظر الأستاذ الدكتور عبد المجيد الحكيم، الوافي في مصادر الالتزام، ج1، المجلد الأول في العقد، القسم الأول التراضي، عمان 1993، ص 129 وما بعدها.
3- للمزيد انظر: المادة (130) من قانون المعاملات المدنية لدولة الإمارات المتحدة لسنة 1985 المعدل، والمادة (90) من القانون المدني الاردني لسنة 1976م.
4- للمزيد انظر: المادة (149) من قانون المعاملات المدنية الدولة الإمارات المتحدة لسنة 1985 المعدل، والمادة (108) من القانون المدني الاردني لسنة 1976م.
5- نظم قانون المعاملات المدنية الإماراتي عيوب الرضا في المواد (176- 198).
6- للمزيد انظر: المادة (170) من قانون المعاملات المدنية الدولة الإمارات المتحدة لسنة 1985 المعدل. وتجدر الإشارة إلى أن القانون المدني الأردني يقسم العقد إلى منعقد وباطل، والمنعقد يقسم إلى قسمين صحيح وفاسد، والعقد الصحيح ينقسم إلى قسمين نافذ وموقوف، والعقد النافذ ينقسم إلى قسمين لازم و غير لازم (للمزيد انظر المواد 167، 168، 170، 171، 176 من القانون المدني الأردني )، وهذا يعني أن المشرع الأردني لم يأخذ بالتقسيم الثنائي للبطلان بان يكون باطل اور قابل للبطلان، ولكن وبما أنه أخذ بالعقد القابل للبطلان في عدد من النصوص بصورة مباشرة أو غير مباشرة، فاتبعنا هذا التقسيم عند بحثنا بطلان العقد لتخلف شروطه الموضوعية .
7- أ. د. عزيز العكيلي، الوسيط في الشركات التجارية، دراسة فقهية مقارنة في الأحكام الخاصة والعامة، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، 2010 ، ص 52.
8- المادة رقم 210 من قانون المعاملات المدنية الإماراتي رقم 5 لسنة 1985 نصت على أن: 1- العقد باطل ما ليس مشروعا بأصله ووصفه بان اختل ركنه أو محله أو الغرض منه أو الشكل الذي فرض القانون لانعقاده ولا يترتب عليه أي أثر ولا ترد عليه الإجازة. 2- ولكل ذي مصلحة أن يتمسك بالبطلان وللقاضي أن يحكم به من تلقاء نفسه. 3ولا تسمع دعوى البطلان بعد مضي خمس عشر سنة من وقت إبرام العقد ولكن لكل ذي مصلحة أن يدفع ببطلان العقد في أي وقت .
9- ا. إلياس ناصيف، موسوعة الشركات التجارية، الجزء السادس، الشركة المحدودة المسؤولية، سنة 2008، ص 143.
10- نصت المادة (153) من القانون المدني الاردني إلى أنه " للعاق فسخ العقد إذا وقع منه غلط في أمر مرغوب كصفة في المحل أو ذات المتعاقد الأخر أو صفة فيه"، كما نصت المادة (195) من قانون المعاملات المدنية الدولة الإمارات على أنه " للمتعاقد فسخ العقد إذا وقع منه غلط في أمر مرغوب كصفة في المحل أو ذات المتعاقد الأخر أو صفة فيه".
11- أ. إلياس ناصيف، "الشركة المحدودة المسؤولية، مرجع سابق، ص 104
12- برهان سلمان السيوف، المركز القانوني للشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، (الأردن: جامعة الشرق الأوسط، رسالة ماجستير 2018)، ص 34.
13- نص المادة (3) من قانون الشركات الأردني، مرجع سابق
14- نصت المادة (118) من القانون المدني الأردني إلى أنه " 1- تصرفات الصغير المميز متى كانت نافعة نفعا محض وباطلة متى كانت ضارة ضررا محض 2- أما التصرفات الدائرة بين النفع والضرر فتعقد موقوفة على إجازة الولي في الحدود التي يجوز فيها له التصرف ابتداء أو إجازة القاصر بعد بلوغه سن الرشد. 3- وسن التمييز سبع سنوات كاملة". ونصت المادة 159 من قانون المعاملات المدنية الإماراتي على ذات الحكم.
15- المادة (119) من القانون المدني الاردني نصت على أنه "1 - للولي بترخيص من المحكمة أن يسلم الصغير المميز إذا أكمل الخامسة عشرة مقدارا من ماله ويأذن له في التجارة. ويكون الإذن مطلقا او مقيدا. 2- وإذا توفي الولي الذي أذن للصغير أو انعزل، من ولايته لا يبطل اذنه .
16- برهان سلمان السيوف، المركز القانوني للشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، (الأردن: جامعة الشرق الأوسط، رسالة ماجستير 2018) ، 36.
17- نصت المادة (120) من القانون المدني الاردني على أنه: " الصغير المأذون في التصرفات الداخلة تحت الإذن كالبالغ سن الرشد"
18- نصت المادة (134) من القانون المدني الأردني على أنه " يجوز لناقص الأهلية أن يطلب إبطال العقد غير أنه إذا الجأ إلى طرق احتيالية لإخفاء نقص أهليته لزمه التعويض "
19- أنظر المادة 1/168 والمادة 169 من قانون المعاملات المدنية الإماراتي .
20- أنظر المادة 170 من قانون المعاملات المدنية الإماراتي
21- نصت المادة (199) من قانون المعاملات الإماراتي على "يجب أن يكون لكل عقد محل يضاف اليه"، كما نصت المادة (157) من القانون المدني الأردني على " يجب أن يكون لكل عقد محل يضاف اليه".
22- نصت المادة (158) من القانون المدني الأردني على "1- في التصرفات المالية يشترط أن يكون المحل مالا متقوما 2. - ويصح أن يكون عينا أو منفعة أو أي حق مالي اخر كما يصح أن يكون عملا أو امتناعا عن عمل". كما نصت المادة (200) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي على ذات الأحكام وبذات الصياغة .
23- نصت المادة (159) من القانون المدني الأردني، والمادة (201) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي، على أنه " إذا كان المحل مستحيلا في ذاته وقت العقد كان العقد باطلا" . نصت المادة (203) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي على "1- يشترط في عقود المعارضات المالية أن يكون المحل معينا تعيينا نافيا للجهالة الفاحشة بالإشارة اليه أو إلى مكانه الخاص إن كان موجودا وفت العقد أو ببيان الأوصاف المميزة له مع ذكر مقداره إن كان من المقرات أو نحو ذلك مما تنتفي به الجهلة الفاحشة 2- وإذا كان المحل معلوما للمتعافين فلا حاجة إلى وصفه وتعريفه بوجه أخر. 3- وإذا لم يعين المطل على النحو المتقدم كان العقد باطلا"، وتقابل هذه المادة في القانون المدني الأردني، المادة (161)
24- نصت المادة (205) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي على أنه "1- يشترط أن يكون المحل قابلا لحكم العقد 2- فإن منع القانون التعامل في شيء أو كان مخالفا للنظام العام أو الآداب كان العقد باطلا". في حين نصت المادة (163) من القانون المدني الأردني على "1- يشترط أن يكون المحل قتلا لحكم العقد. 2- فإن منع الشارع التعامل في شيء أو كان مخالفا للنظام العالم أو للآداب كان الع باطلا. 3- ويعتبر من النظام العام بوجه خاص الأحكام المتعلقة بالأحوال الشخصية كالأهلية والميراث والأحكام المتعلقة بالانتقال والاجراءات اللازمة للتصرف في الوقف وفي العقار والتصرف في مال المحجور ومال الوق وصال الدولة وقوانين التسعير الجيري وسائر القوانين التي تصدر الحاجة المستهلكين في الظروف الاستثنائية".
25- المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني، الجزء الأول، ص 157.
26-نصت الفقرة الرابعة من المادة (11) من قانون الشركات الأمارتي لعام 2015 على أنه لا يجوز لغير شركات المساهمة العامة مزاولة أعمال المصارف وأعمال التأمين، كما لا يجوز لغير شركات المساهمة استثمار الأموال الحساب الغير"، كما نصت المادة (93) من قانون الشركات الأردني على أنه لا يجوز القيام باي عمل من الأعمال التالية الا من قبل شركات مساهمة عامة يتم تأسيسها وتسجيلها وفقا لأحكام هذا القانون. أ- أعمال البنوك والشركات المالية والتأمين بأنواعه المختلفة ب- الشركات ذات الامتياز"
27- ا. إلياس ناصيف، موسوعة الشركات التجارية، الجزء الأول، الأحكام العامة للشركات، سنة 2008، ص110 .
28- الدكتور عبد القادر الفار، مصادر الالتزام مصدر الحق الشخصي في القانون المدني، الجزء السدس الشركة المحدودة المسؤولية، الدار العلمية الدولية ومكتبة دار الثقافة للنشر و التوزيع، عمان، 2001، ص 83 .
29- د. عبد القادر الفار، مصادر الالتزام مصدر الحق الشخصي في القانون المدني، الجزء السدس الشركة المحدودة المسؤولية، الدار العلمية الدولية ومكتبة دار الثقافة للنشر و التوزيع، عمان، 2001، ص 85
30- نصت المادة (207) من قانون المعاملات المدنية الإماراتي، على أنه " السبب هو الغرض المباشر المقصود من العقد. 2 - ويجب أن يكون موجودا وصحيحا ومباحا وغير مخالف للنظام العام أو الآداب". كما نصت المادة (165 ) من القانون المدني الأردني على ذات الحكم وبذات الصياغة .
31- نصت المادة (208) من قانون المعاملات المعدنية الإماراتي على "1- لا يصح العقد إذا لم تكن فيه منفعة مشروعة للمتعاقدين، 2- ويفترض في العقود وجود هذه المنفعة المشروعة ما لم يقم الدليل على غير ذلك". وتقابل هذه المادة، المادة (166) من قانون المدني الأردني .
32- برهان سلمان السيوف، المركز القانوني للشريك في الشركة ذات المسؤولية المحدودة، (الأردن: جامعة الشرق الأوسط، رسالة ماجستير 2018)، ، 37.
33- أ. د. أبو زيد رضوان، الشركات التجارية في القانون الكويتي المقارن، لكويت 1978، ص6.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|