اللامركزية ليست ابتكارا جديدا للانسان بل انها نظام لازم البشرية منذ اقدم العصور حتى الان، وقد رأينا عبر التاريخ أن القرى الصغيرة نشأت قبل ان تنشأ الدولة او قبل ان يتبلور مفهوم الدولة. في الوقت الحاضر وبالمفاهيم الحديثة ونتيجة للتغيرات الهيكلية الاجتماعية والاقتصادية... الخ استلزم مشاركة المواطنين او ممثليهم في التخطيط المحلي وهذا يؤدي بطبيعة الحال الى نقل اكثرية الخدمات المحلية من العاصمة الى من يعنيهم الامر في الاقاليم والمحافظات والهيئات المحلية المنتخبة تعبر عن حاجات ورغبات السكان المحليين، إذ ان هذا النظام يستهدف تنظيم حياة السكان على نحو تحقيق اكبر قسط من الحرية والرفاهية والتقدم الاجتماعي. ويحاول الكثير من الدول المتقدمة والنامية على حد سواء الافادة من هذه الهيئات المحلية لغرض تحقيق اسهام المواطنين على الصعيد المحلي. وللامركزية الاقليمية دور مهم وفاعل في تطوير المجتمع وتنمية الموارد البشرية والمادية ويمكن توضيح هذا الدور من خلال موضوعات عدة، هي:

مشاركة المواطنين : من خلال دراسة العديد من حالات الدول المختلفة (المتقدمة والنامية) يمكن القول ان هذا الشكل يعزز تطوير برامج التنمية وذلك عن طريق التعاون والاشراك الفعلي في وضع واعداد الخطط القومية وكذلك تعاونها من خلال تنفيذ هذه البرامج والمشاريع التي صممت لغرض بناء دولة حديثة متقدمة.

ولا يمكن تحقيق ذلك الا بوساطة السكان المحليين وهي في الواقع عمليات تقرير حضاري تصل الى اهداف عدة وهي:

أ- اقناعهم بالتغيير. ذلك ان قبولهم للاشتراك في العمل يتضمن الاقتناع به ومن ثم تكون الفرصة اكبر في نجاح الخطط والبرامج واستمرارها.

ب- ونتيجة لهذا يتحقق تغيير ونجاح في المشروعات الجديدة التي كثيرا ما يقومون بتبنيها نتيجة للتغيير الذي يحدث دون اكراه وتولد تلقائيا من مجرد مشاركتهم، وبذلك فان ردود الافعال الضارة اجتماعيا تزول اضافة الى التخلص من الانتكاسات والانحرافات في المجتمع ويحدث التغير الى النمط الحضاري.

جـ- من خلال المشاركة وممارسة التفكير والتنفيذ يتم تكوين القادة المحليين وتدريبهم على العمل وقيادة الجماهير واعدادهم لتحمل المسؤولية والتخطيط ووضع البرامج العلمية السليمة التي تخدم المجتمع.

د - كذلك ان المشاركة تؤدي الى تجنيد طاقات المجتمع وتوسيع قاعدة العمل في المشروعات المحلية.

هـ- ما يقدمه المجتمع المحلي لهذه المشروعات من شانه ان يقلل من النفقات الامر الذي يمكن المركز من مباشرة نشاط التنمية على نطاق اوسع في مناطق اخرى.

ان هذه البرامج والخطط من خلال المشاركة الجماهيرية تخلق شعوراً عاماً لدى المجتمع بان هذه المشاريع لهم ولمنفعتهم ولمصلحة بلدانهم. اضافة الى خلق روح المبادرة للقيام بعمليات التخطيط للمشاريع التي تؤدي الى رفع مستوى معيشة السكان في المجتمع الريفي والحضري ومحاولة معرفة مشكلاتهم وايجاد الحلول اللازمة والمناسبة.