أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-16
848
التاريخ: 9-10-2014
2006
التاريخ: 2023-03-26
1043
التاريخ: 4-12-2015
1964
|
قال تعالى : {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ
تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ
أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (67) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ
يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ
فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ (68) قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ
إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ
النَّاظِرِينَ ..} [البقرة : 67 - 69] .
قصة
البقرة تعالج موضوعا محددا ،هو : (الإحياء) ، أي : قدرة السماء على احياء الميت
مطلقا.
وسنرى ، ان قضية (الاحياء) في سورة البقر ، تتناولها عدة قصص ، تحوم
جميعها على الظاهرة المذكورة : ولكن وفق مستويات متنوعة تتصل بالعنصر البشري
(والحيواني) من طيور ودواب ، كما سنرى ذلك في القصص اللاحقة من السورة.
ولنقف الآن عند قصة (البقرة) ، ولنقرأها أولا :
وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ :
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً.
قالوا :
أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ؟
قال :
أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ.
قالوا :
ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ ؟
قال :
إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ
بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ
قالوا :
قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا ؟
قال :
إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا
تَسُرُّ النَّاظِرِينَ
قالوا :
قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ
تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ
قال :
قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ
الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا
قالوا :
الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ
{وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ
مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ} [البقرة : 72]
فقلنا : اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا
كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ
تَعْقِلُونَ }
ان هذه الآية الأخيرة {كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى } [البقرة : 73] هي (العصب) الفكري الذي
تحوم عليه القصة ، فيما تجيء الحوادث والمواقف والشخوص ، ادوات فنية لانارة هذا
الهدف الفكري.
ولعل اهم ما يلفت انتباهنا في هذه القصة (من حيث السمة الفنية فيها)
هو : طريقة البناء الهندسي لها أولا ، ثم : السمات أو الملامح الخارجية للبقرة :
من حيث التفصيلات المتنوعة للحجم واللون والحركة.
وسنقف عند هذين الملحظين للقصة :
من حيث البناء الهندسي للقصة ، فان من الواضح أن القصة مطلقا ، إما
ان تسرد حوادثها من البداية ، فالوسط ، فالنهاية : حسب التسلسل الزمني لها. وإما
ان تسرد من (وسط) الحوادث وترتد الى البداية ، أو تسرد من (النهاية) مرتدة الى ما
قبل ذلك.
والمهم ، ان المسوغ الفني لأية بداية قصصية : سواءا سردت الحوادث من
أولها أو وسطها أو خاتمتها ، هو : ان مبدع القصة يستهدف لفت الانتباه الى أهمية
هذا الاستهلال للقصة بما ينطوي عليه من دلالة خاصة ، تفوق ما سواها من الدلالات
الثانونية.
والآن حين نقف عند قصة (البقرة) ، نجد أنها تبدأ من (وسط) الحوادث ،
وليس من أولها أو آخرها. وهذا يعني ان هناك (هدفا) خاصا وراء هذا الاستهلال للقصة
من (وسطها).
فالقصة ـ كما لحظناها ـ تتلخص في حادثة قتل لاحد الاشخاص ، حيث كان
القاتل مجهولا ، ثم حدث اختلاف بين الناس في معرفة القاتل ، فاتجهوا الى موسى ـ
عليه السلام ـ للكشف عن هويته. فأمرهم حينئذ بذبح بقرة ذات سمات خاصة ، وان يضرب
القتيل ببعض اجزاء البقرة ، حيث احيي القتيل وكشف عن هوية القاتل.
اذن : أول الحوادث هو : حادثة قتل لاحد الاشخاص. ووسط الحوادث هو :
الاختلاف في معرفته ، واللجوء الى موسى ـ عليه السلام ـ للكشف عن ذلك ، وذبح
البقرة.
واما آخر الحوادث فهو : احياء القتيل.
بيد ان القصة بدأت في عرض المواقف من (وسطها) ، وهو : ذبح بقرة ما.
ثم ارتدت إلى البداية ، وبعد ذلك عبرت الوسط ، فتحدثت عن النهاية ، بهذا لنحو :
(واذا قتلتم نفسا فادارأتم فيها ، والله مخرج ما كنتم تكتمون. فقلنا
اضربوه ببعضها).
فالقتل يمثل بداية الحوادث ، وضرب القتيل ببعض البقرة يمثل نهاية
الحوادث ، لكن النص القصصي وصل بينهما فنيا على النحو الذي لحظناه ، بعد أن بدأ من
وسط الحوادث ، متمثلا في الامر بذبح البقرة.
والسؤال هو : ما المسوغ الفني لأن تبدأ القصة من الامر بذبح البقرة
بدلا من أن تبدا من اول الحوادث حسب تسلسلها الطبيعي؟
إن اول ما يسوغ ذلك هو : اننا حيال (أمر) من السماء (إن الله يأمركم
ان تذبحوا بقرة). ومجرد كونه امرا من الله كاف باستشعار الأهمية. بيد أن الأهم من
ذلك كله هو : ان القصة تستهدف لفت الانظار الى (الذبح) الذي يشكل بؤرة تتجمع عندها
ظاهرة (الاحياء) للميت .أي ان ظاهرة (الاحياء) التي ختمت القصة بها ، ولفتت
انتباهنا اليها عبر التعقيب القائل :
(كذلك يحيى الله الموتى ، ويريكم آياته لعلكم تعقلون)
هذه الظاهرة هي (الهدف) الرئيسي للقصة. وحينئذ عندما تبدأ القصة من
(حادثة) ذات صلة بعملية (الاحياء) للميت ، فانما تعني : ان هذه الظاهرة ذات دلالة
كبيرة تستهدف القصة التركيز عليها ، ولفت الانتباه حيالها.
مضافا لذلك ، ان القصة جاءت في سياق الحديث عن تمرد الاسرائيليين ،
ونعم الله عليهم : فيما يظل استهلاك القصة بحادثة تكشف عن مواقفهم التي بدأوها حتى
في قضية الذبح ، ثم نعمة السماء عليهم بالرغم من ذلك ،... يظل مثل هذا الاستهلال
متساوقا مع سياق السورة التي تتحدث عن الاسرائيليين. فهؤلاء قد اعترضوا على موسى ـ
عليه السلام ـ قائلين {أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا} [البقرة : 67] ثم ترقعوا في طلباتهم بأن سألوا عن سنها ، وعندما
اجابهم بذلك : سألوه عن لونها. وعندما أجابهم ، سألوه عن حركتها... فاجابهم ، ومع
ذلك فانهم {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} [البقرة : 71].
اذن : نستكشف بوضوح ، ان المسوغ الفني لان تبدأ القصة من (وسط)
الحوادث ، المتمثل في (الامر بذبح بقرة) ، هو ان القصة جاءت في سياق عرض المواقف
الاسرائيلية التي يطبعها التمرد ، ونعم الله عليهم ، فيما كشفت هذه البداية عن نفس
الطابع الذي وسمهم سابقا ، ولكن بطريقة أخرى من السلوك الملتوي ، متمثلة في تلك
(الذهنية) البليدة التي تترقع في طلباتها ، وتتردد في تنفيذ ما عهد إليها ، وتشكك
في حذف ما أمرها به موسى عليه السلام. فضلا عن ان هذه الحادثة تستتلي عملية
(احياء) للميت ، فيما تشكل هذه العلمية ـ كما قلنا ـ عصب القصص التي سنواجهها
لاحقا في سورة البقرة.
وانطلاقا من هذه المسوغات الفنية التي حددت لنا دلالة بدء القصة من
وسط الحوادث ،... يمكننا أيضا ان نفسر الأسرار الكامنة وراء هذا الرسم التفصيلي
لملامح البقرة... وهي السمة الفنية الاخرى التي طبعت هذه القصة.
ان نمط التعامل الاسرائيلي مع موسى عليه السلام ، في مطالبتهم بمعرفة
القاتل ، يفسر لنا سبب ذلك الوصف الممتع للبقرة ، والدخول في تفصيلات لافتة
للانتباه الى حد كبير ، حتى ان التفصيلات قد انتظمتها اربع طوابق من الوصف.
جاء التفصيل الاول متصلا بثلاثة مظاهر :
السن : { ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} [البقرة : 68]
اللون : {ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا } [البقرة : 69]
الهيكل : { ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ} [البقرة : 68]
وجاء التفصيل الثاني جوابا للاول :
السن : وسط {عَوَانٌ} [البقرة : 68]
اللون اصفر {بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ} [البقرة : 69]
(الهيكل : حيوي {مُسَلَّمَةٌ} [البقرة : 71]
وجاء التفصيل الثالث متفرعا من الثاني ، حيث لم تكتف الاجابة باعتدال
السن ، وصفرة اللون ، وحيوية الهيكل ، بل فصلت في جزئيات كل من السن واللون
والهيكل :
السن : {لَا فَارِضٌ} [البقرة : 68]
اللون : {فَاقِعٌ لَوْنُهَا} [البقرة : 69]
الهيكل : {لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ.. } [البقرة : 71]
وجاء التفصيل الرابع :
السن : {وَلَا بِكْرٌ} [البقرة : 68]
اللون : {تَسُرُّ النَّاظِرِينَ } [البقرة : 69]
الهيكل : {وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ} [البقرة : 71]
مضافا لذلك ، فإن وصف (الهيكل) ، اضيف إليه سمات متنوعة ، منها :
الهيكل : {لَا شِيَةَ فِيهَا} [البقرة : 71]
ان هذه التفصيلات التي تناولت الملمح الخارجي للبقرة ، تظل ـ فضلا
عما تنطوي عليه من جمالية ممتعة ـ ذات صلة بالسياق الذي استتلى الامر بذبح البقرة
، وما واكبه من (الطلب) الاسرائيلي الذي يطبعه تمرد ، وتشكيك, وتحفظ بليد. ثم ما
يقابله من النعم التي لا حدود لها ، ومنها : اجابة طلباتهم بالنحو الذي انتهى
بمعرفة القاتل فعلا.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|