أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-22
1308
التاريخ: 1-12-2016
2182
التاريخ: 1-12-2016
1324
التاريخ: 2023-06-12
1374
|
حضور النبي صلّى الله عليه وآله حرب الفجار :
ويذكر المؤرخون : أن حربا قد هاجت بين قيس من جهة ، وقريش وكنانة من جهة أخرى ، في الأشهر الحرم ـ وهي أشهر الحج ، ورجب معها ـ ولذلك سميت حرب الفجار.
ويقال : إنه «صلى الله عليه وآله» قد حضر بعض أيامها ، وشارك فيها فعلا ، بنحو من المشاركة.
ولكننا بدورنا لا نستطيع أن نؤكد صحة ذلك ، بل ونشك كثيرا فيه وذلك لأمور :
الأول : لقد وقعت حرب الفجار في الأشهر الحرم ، في رجب ، ولا نرى مبررا لأن ينتهك أبو طالب ومعه الرسول «صلى الله عليه وآله» حرمة الأشهر الحرم ، كما يظهر لمن راجع سيرتهما وحياتهما ، ومدى تقيدهما بمثل هذه الأمور ؛ فإنهما كانا مسلمين (١) ، بل لقد كان أبو طالب مستودعا للوصايا (٢) ، كما ورد في بعض الأخبار في الكافي ، بالإضافة إلى نصوص أخرى تدل على عظمته وثبات قدمه في الدين ، فراجع ما ذكر في الغدير ، وغيره من الكتب المعدة للحديث عن أبي طالب «عليه السلام».
إلا إذا وجّهت المشاركة : بأن حرب الفجار قد وقعت في أشهر النسيء ، أو في شعبان أو شوال ، وكان سببها في الأشهر الحرم (3).
ولكنه توجيه لا يعتمد على أي سند تاريخي ؛ فلا مجال للتعويل عليه.
بالإضافة إلى ما سيأتي ..
الثاني : قال ابن واضح المعروف باليعقوبي :
«وقد روي أن أبا طالب منع أن يكون فيها (أي في حرب الفجار) أحد من بني هاشم ، وقال : هذا ظلم ، وعدوان ، وقطيعة رحم ، واستحلال للشهر الحرام ، ولا أحضره ، ولا أحد من أهلي ؛ فأخرج الزبير بن عبد المطلب مستكرها ، وقال عبد الله بن جدعان التيمي ، وحرب بن أمية :
لا نحضر أمرا تغيب عنه بنو هاشم» (4).
الثالث : إختلاف الروايات حول الدور الذي أداه النبي «صلى الله عليه وآله» في هذه الحرب ؛ فبعضهم يروي :
أن عمله «صلى الله عليه وآله» قد اقتصر على مناولة أعمامه النبل ، وردّ نبل عدوهم عليهم ، وحفظ متاعهم (5).
وآخر يروي : أنه قد رمى فيها برميات ، ما يحب أنه لم يكن قد رماها (6).
وثالث يروي : أنه طعن أبا براء ملاعب الأسنة فصرعه (7) مع أنهم يقولون : إن عمره حينئذ كان أربع عشرة سنة! (8) ، أو أنه كان حينئذ غلاما (9).
ولا ندري إن كانت العرب تسمح للغلام بخوض المعارك والحروب ، أو لا ، ولا سيما بالنسبة إلى محمد «صلى الله عليه وآله» ، الولد المتميز والعزيز جدا على عمه أبي طالب.
بل نجد البعض يناقض نفسه ، فيقول : إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد ولد عام الفيل ، وأنه حضر الفجار وعمره أربع عشرة سنة ، ثم يقول في آخر كلامه : إن حرب الفجار كانت بعد عام الفيل بعشرين سنة (10).
ونشير إلى تناقض آخر هنا ، وهو : أن الكلام الذي نقلناه في الأمر الثاني ، عن اليعقوبي ينص على أن حرب بن أمية قد تغيب عن هذه الحرب ، بينما نجد الروايات الأخرى تنص على أنه كان قد حضرها ، وكان هو قائد قريش وكنانة.
سر التلاعب في الروايات هنا :
وقد لفت نظرنا : هذا التناقض الأخير ، إذ لو كان الاختلاف في رجل عادي من سائر أفراد الجيش.
هذا يقول : حضر ، وذاك يقول : لم يحضر ؛ لكان يمكن أن تلتمس بعض المبررات لاختلاف كهذا!! وأنه ربما يقال لا تعمد في المقام!!.
ولكن إذا كان هذا يقول : كان فلان على رأس الجيش ، وذاك يقول : لم يحضر أصلا ؛ فلا يمكن إلا أن يكون ثمة تعمد للكذب في قضية كهذه.
ولعل الهدف هو إبعاد حرب بني أمية عن حرب فيها ظلم ، وعدوان ، وقطيعة رحم ، وفي الأشهر الحرم ، ولو بالمخالفة لكل المؤرخين ، لأن حرب بن أمية هو من تهتم الدولة برفعة شأنه ، وتنزيه مقامه ، ولو عن طريق الدجل والتزوير!!.
أما النبي «صلى الله عليه وآله» ؛ فقد تقدم أن الخطة الملعونة كانت تهدف إلى عكس ذلك ؛ ولذلك يلاحظ هنا : تعمد جعل النبي «صلى الله عليه وآله» حتى بعد نبوته يظهر على أنه منسجم مع مشاركته في حرب الفجار في الأشهر الحرم ، والتي فيها ظلم وعدوان ، وقطيعة رحم ، واستحلال للشهر الحرام ، حتى ليقول : إنه رمى فيها برميات ، ما يحب أنه لم يكن قد رماها!
__________________
(١) راجع : البحار : ج ١٥ ص ١١٧ ، وستأتي مصادر أخرى في فصل : بحوث تسبق السيرة ، حين الكلام حول إيمان آباء النبي «صلى الله عليه وآله».
(٢) الغدير : ج ٧ ص ٣٩٤ ، والكافي : ج ١ ص ٤٤٥ ، والدر المنثور للعاملي : ج ١ ص ٤٩.
(3) راجع السيرة الحلبية ج ١ ص ١٢٨ ، فإنه قد ذكر أن سبب الفجار قد كان في الأشهر الحرم أما نفس الحرب فكانت في شعبان ، وأقول : ولكن ما معنى تسميتها حينئذ بحرب الفجار؟ .. هذا بالإضافة إلى تصريح اليعقوبي في تاريخه بأن حرب الفجار كانت في رجب فراجع.
(4) تاريخ اليعقوبي ط صادر ج ٢ ص ١٥.
(5) سيرة ابن هشام ج ١ ص ١٩٨ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٥٩.
(6) السيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٥١ ، والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٢٧.
(7) المصدران المتقدمان.
(8) المصادر الأربعة المتقدمة إلا أن صفحة ابن هشام هي ١٩٥.
(9) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١٦ ط صادر.
(10) تاريخ الخميس ج ١ ص ٢٥٩ ، وسيرة ابن هشام ج ١ ص ١٩٥ و ١٩٨.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|