أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-5-2021
1976
التاريخ: 27-9-2020
2393
التاريخ: 29-9-2020
4830
التاريخ: 2023-06-22
1308
|
عدد أولاد عبد المطلب :
بقي علينا أن نشير إلى المناقشة التي تقول : إن أولاد عبد المطلب ، كانوا ثلاثة عشر ، وأن حمزة والعباس قد ولدا فيما بعد ، فإنها مناقشة مردودة ، لأن «حجلا» هو في الحقيقة لقب للغيداق ، و «المقوم» لقب لعبد الكعبة ، أما «قثم» فلا وجود له أصلا ، حسبما ذكره البعض (١).
وقد تحدثنا عن هذا الأمر في كتابنا «مختصر مفيد» فيمكن مراجعته.
وأخيرا ..
فإننا نشير إلى أن اليعقوبي ينص على أن عدد أولاد عبد المطلب : عشرة ، ولكنه حينما يعد أسماءهم يذكر اسم أحد عشر رجلا (٢).
إلا أن يكون : قد ذكر لواحد منهم كلا من اسمه ولقبه ، حتى بدا أنهما اثنان ، مع أنهما لواحد.
أبو لهب وعتق ثويبة :
ويبقى أن نشير إلى أنهم يقولون ـ حسبما تقدم ـ :
أنه لما ولد رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، جاءت ثويبة إلى مولاها أبي لهب ، فبشرته بولادته «صلى الله عليه وآله» فأعتقها ، فأرضعت النبي «صلى الله عليه وآله» بلبن ولدها مسروح.
ثم رئي أبو لهب بعد موته في النوم ـ رآه العباس ـ حسب رواية ذكرها طائفة من المؤلفين ، أو رآه النبي «صلى الله عليه وآله» ـ حسب رواية اليعقوبي ـ بشرّ حال ، وأسوئه ، فسأله عن حاله ، فأخبره :
أنه بشرّ حال غير أنه يخفف عنه العذاب ـ أو يسقى في نقرة إبهامه ـ كل يوم إثنين، لعتقه ثويبة ؛ حينما بشرته بذلك (3).
قال القسطلاني : «.. قال ابن الجزري : فإن كان هذا أبو لهب ، الكافر ، الذي نزل القرآن بذمه ، جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي «صلى الله عليه وآله» به ؛ فما حال المسلم الموحد من أمته «صلى الله عليه وآله» ، الذي يسر بمولده ، ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته؟!. لعمري ، إنما يكون جزاؤه من الكريم : أن يدخله بفضله العميم جنات النعيم (4). ورحم الله حافظ الشام شمس الدين محمد بن ناصر ، حيث قال :
إذا كان هذا كافر جاء ذمه *** وتبت يداه في الجحيم مخلدا
أتى أنه في يوم الإثنين دائما *** يخفف عنه للسرور بأحمدا
فما الظن بالعبد الذي كان عمره *** بأحمد مسرورا ومات موحدا؟! (5)
ونقول :
إن هذا الكلام كله باطل ، ولا يصح ، وذلك لأنهم يقولون :
إن عتق ثويبة قد تم بعد مولده «صلى الله عليه وآله» بدهر طويل ، أي بعد أزيد من خمسين سنة ؛ إما قبيل الهجرة أو بعدها. وكانت خديجة رضوان الله تعالى عليها تحاول شراءها من أبي لهب لتعتقها ، بسبب ما يزعم من إرضاعها له «صلى الله عليه وآله» ، فرفض أبو لهب بيعها (6).
وقد حاول الحلبي توجيه ذلك : بأن من الممكن أن يكون أبو لهب قد أعتقها أولا ، لكنه لم يذكر ذلك ، ولم يظهره ، ورفض بيعها لخديجة لكونها كانت معتوقة ، ثم عاد فأظهر ذلك (7).
ولكنه توجيه باطل : إذ من غير المعقول ولا المقبول ؛ أن لا يظهر للناس ، ولا يطلعوا على عتقه لجاريته طيلة ما يزيد على ثلاث وخمسين سنة ، ولماذا لم تخبر هي نفسها أحدا بذلك ، وما هو الداعي له ولها للكتمان ، ولا سيما قبل النبوة ، وما هو الداعي للإظهار بعد ذلك ، ولا سيما بعد الهجرة؟!.
ولماذا بقيت هذه الجارية التي أعتقها عنده طيلة هذه المدة المتمادية ، وهي خارجة عن ملكه؟
هذا كله ؛ عدا عن أنه لا حجية في المنامات ، ولا اعتبار بها.
وعدا عن أن الرواية مرسلة أيضا.
وأما بالنسبة لتخفيف العذاب عن أبي لهب ، فنقول : إن فرحه إذا كان استجابة لحاجة نفسية طبيعية ، ولم يكن لله سبحانه وتعالى ، فلماذا يثاب عليه ، ولماذا يخفف عنه العذاب لأجله ، والافعال الحسنة إنما يلقى الكفار جزاءها في الدنيا لا في الآخرة ، فإنه ليس لهم في الآخرة من خلاق ، ولا لهم فيها نصيب ، وقد قال تعالى : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً)(8).
شرك أبي لهب :
إن المعلوم : أن أبا لهب قد بقي على شركه ، وكان من أعدى أعداء الله ، والإسلام ، ورسول الإسلام ، فلا يعقل أن يجعل الله له يدا على النبي «صلى الله عليه وآله» يستحق المكافأة عليها ، ولأجل ذلك لم يكن «صلى الله عليه وآله» يقبل هدية مشرك ، بل كان يردها (9).
وقد قال «صلى الله عليه وآله» : «اللهم لا تجعل لفاجر ، ولا لفاسق عندي نعمة» (10) فكيف إذا كان هذا الفاسق والفاجر هو أبو لهب لعنه الله بالذات؟!.
هذا كله ، عدا عن أن نفس ثويبة لم يعلم لها إسلام ، حتى لقد قال أبو نعيم :
لا أعلم أحدا أثبت إسلامها غير ابن مندة ، مع أنها قد توفيت سنة سبع من الهجرة (11).
وأي نعمة أعظم من إرضاعها له «صلى الله عليه وآله»؟!.
وبعض من تأخر قد نقل : أنها أسلمت (12). ولعله استند في ذلك إلى قول ابن مندة ، أو استفاد ذلك مما ينقل عن برّ النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» بها (13).
وقال العسقلاني : «.. وفي باب من أرضع النبي «صلى الله عليه وآله» ما يدل على أنها لم تسلم» (14).
وعلى كل حال ؛ فإن كل ما تقدم ، وسواه ، يجعلنا نشك كثيرا في أن تكون ثويبة قد أرضعت رسول الله ، وحمزة ، وأبا سلمة ، بلبن ولدها مسروح ليكونوا جميعا أخوة من الرضاعة.
تنازع الظئر في رضاعه :
وروى مجاهد ، قال : قلت لابن عباس : وقد تنازعت الظئر في رضاع محمد؟!.
قال : أي والله ، وكل نساء الجن ..
إلى أن قال : فخص بذلك حليمة (15).
وروى أبو الحسن البكري في كتابه الأنوار ، قال : حدثنا أشياخنا ، وأسلافنا الرواة : أنه كان من عادة أهل مكة ، إذا تم للمولود سبعة أيام ، التمسوا له مرضعة ترضعه ..
إلى أن قال : فتطاولت النساء لرضاعته وتربيته ..
ثم يذكر : أن الهاتف أخبر آمنة : بأن مرضعته في بني سعد ، واسمها حليمة ؛ فظلت تتوقع مجيئها ، حتى جاءت ؛ فأعطتها إياه (16).
وذلك واضح الدلالة على عدم صحة ما يقال : من أن النساء المرضعات قد زهدن فيه ليتمه ، وأن حليمة إنما قبلت به لأنها لم تجد سواه ، ولم تحب أن ترجع رفيقاتها برضيع ، وترجع هي خالية.
ومما يدل على عدم صحة ذلك أيضا : أن عبد المطلب قد قال لحليمة : «أنا جده ، أقوم مقام أبيه ، فإن أردت أن ترضعيه دفعته إليك ، وأعطيتك كفايتك» (17).
وثمة رواية أخرى تدل على عدم صحة ذلك أيضا رواها المجلسي ، عن الواقدي ، فلتراجع (18).
__________________
(١) السيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ١٦ وراجع ، الاستيعاب بهامش الإصابة ج ١ ص ٢٧٢.
(٢) تاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ١١ وراجع ، الاستيعاب بهامش الإصابة ج ١ ص ٢٧٢.
(3) راجع : السيرة لابن كثير ج ١ ص ٢٢٤. والبداية والنهاية ج ٢ ص ٢٧٣ ، وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٩ وفتح الباري ج ٩ ص ١٢٤ وعمدة القاري ج ٢٠ ص ٩٥ والسيرة الحلبية ج ١ ص ٨٤ و ٨٥ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٥ ورسالة حسن المقصد للسيوطي ، المطبوعة مع : النعمة الكبرى على العالم ص ٩٠ وإرشاد الساري ج ٨ ص ٣١ وجواهر البحار ج ٣ ص ٣٣٨ ـ ٣٣٩ وتاريخ الإسلام للذهبي ج ٢ ص ١٩ والوفاء ج ١ ص ١٠٧ ودلائل النبوة للبيهقي ج ١ ص ١٢٠ وبهجة المحافل ج ١ ص ٤١ ، وطبقات ابن سعد ج ١ قسم ١ ص ٦٧ و ٦٨ والمواهب اللدنية ج ١ ص ٢٧ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٢٢ وسيرة مغلطاي ص ٨ وصفة الصفوة ج ١ ص ٦٢ ونور الأبصار ص ١٠ وإسعاف الراغبين بهامشه ص ٨ وهو ظاهر صحيح البخاري ج ١ ص ١٥٧ ط سنة ١٣٠٩ ه. ق.
(4) السيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٧ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٢٢ ورسالة حسن المقصد للسيوطي المطبوعة مع النعمة الكبرى على العالم ص ٩٠ ـ ٩١.
(5) السيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٥ ورسالة حسن المقصد ، للسيوطي ، المطبوعة مع النعمة الكبرى ص ٩١.
(6) أنساب الأشراف ج ١ ص ٩٥ ـ ٩٦ والكامل في التاريخ ج ١ ص ٤٥٩ وطبقات ابن سعد ج ١ ق ١ ص ٦٧ و ٦٨ والإصابة ج ٤ ص ٢٥٨ والاستيعاب بهامش الإصابة ج ١ ص ١٦ وإرشاد الساري ج ٨ ص ٣١ والسيرة الحلبية ج ١ ص ٨٥ وراجع : الوفاء ج ١ ص ١٠٧ وفتح الباري ج ٩ ص ١٢٤ وذخائر العقبى ص ٢٥٩ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٢٢ ، وسيرة مغلطاي ص ٨ وقاموس الرجال ج ١٠ ص ٤١٧.
(7) السيرة الحلبية ج ١ ص ٨٥.
(8) الآية ٢٣ من سورة الفرقان.
(9) مستدرك الحاكم ج ٣ ص ٤٨٤ وتلخيصه للذهبي بهامشه ، والمصنف لعبد الرزاق ج ١ ص ٤٤٦ و ٤٤٧ وفي الهامش عن مغازي ابن عقبة ، وعن الترمذي ج ٢ ص ٣٨٩ وعن أبي داود وأحمد ، وكنز العمال ج ٦ ص ٥٧ و ٥٩ وج ٣ ص ١٧٧ عن أبي داود ، والترمذي ، وصححه ، وأحمد ، والطيالسي ، والبيهقي وابن عساكر ، والطبراني وسعيد بن منصور.
(10) راجع : أبو طالب مؤمن قريش للخنيزي.
(11) راجع : سيرة مغلطاي ص ٨ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٢٢ والوفاء ج ١ ص ١٠٧ وذخائر العقبى ص ٢٥٩ والسيرة الحلبية ج ١ ص ٨٧ ، وفتح الباري ج ٩ ص ١٢٤ والإصابة ج ٤ ص ٢٥٧ وإرشاد الساري ج ٨ ص ٣١ وصفة الصفوة ج ١ ص ٦٢ وزاد المعاد ج ١ ص ١٩ وشرح الأشخر اليمني على بهجة المحافل ج ١ ص ٤١ وأسد الغابة ج ٥ ص ٤١٤ والسيرة النبوية لدحلان ج ١ ص ٢٥ وقاموس الرجال ج ١٠ ص ٤١٧.
(12) راجع : إعلام الورى ص ٦ وكشف الغمة ج ١ ص ١٥ والبحار ج ١٥ ص ٣٣٧ وبهامشه عن : المناقب ج ١ ص ١١٩ عن كتاب العروس للطبري.
(13) راجع : ذخائر العقبى ص ٢٥٩ وصفة الصفوة ج ١ ص ٦٢.
(14) الإصابة ج ٤ ص ٢٥٧.
(15) البحار ج ١٥ ص ٣٨٥.
(16) البحار ج ١٥ ص ٣٧١.
(17) البحار ج ١٥ ص ٣٧٣.
(18) البحار ج ١٥ ص ٣٤١ و ٣٤٢.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
تسليم.. مجلة أكاديمية رائدة في علوم اللغة العربية وآدابها
|
|
|