أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-5-2018
1975
التاريخ: 20-4-2022
1923
التاريخ: 2024-10-19
339
التاريخ: 2023-03-05
1043
|
مر بنا اننا ناقشنا الصفات المثالية كيف يختار الرجل زوجته المناسبة وكيف تختار المرأة زوجها المناسب، وقد اعتمدنا في هذا على ما حسنه الشرع المقدس واثبتته التجارب الصحيحة السليمة، أما الأمور التي اهدرها الشارع في الكفاءة فهي المال واللون والقبيلة المنزلية الاجتماعية فكل هذه الاعتبارات مهدرة ولا تخدش عقد الزواج، أما المال فليس له تلك الاهمية في نظر الشريعة المقدسة كونه مقياسا يجب ان يختبر به الزوج، وقد بين ذلك الإمام الصادق (عليه السلام) في قوله (الكفء ان يكون عفيفاً وعنده يسار)(1) واليسار في اللغة: هو الغنى، والغنى هو الكفاية والكفاف(2).
وإذا كان الزوج مكتفيا فهو في نظر الاسلام كفء للمسلمة اما الزيادة على ذلك بان يكون ذا ثراء، ويملك العقارات وما شابه ذلك، فهذا لا يكون له في نظر الشريعة حساب، ذلك لان السعادة التي يريدها الاسلام للأسرة لا تتوقف على الثراء بل النقيض في ذلك. فعلى النقيض من ذلك من التقادير نرى المال يكون سبباً لاختلال العيش، وفقدان البيت الزوجي نظامه التربوي. فرب الاسرة منهمك في البحث عن الربح، وهو غارق في التفكير بكل ما يجلب له الزيادة، وينمي ما عنده فتراه لا يفتر عن العمل ومع هذه الحال متى سيفرغ لصغاره وبيته؟ وكيف ستجد الزوجة في كنف مثل هذا الجشع طعم الحنان الزوجي، والتعاطف الروحي؟
واليسار في كلام الإمام (عليه السلام) الذي يفسره اللغويون بالكافية ليس المقصود منه وجود المال الفعلي بان يكون مالكا فعليا للمال والنقد، بل الكفاية هي القدرة على الانفاق، ولو بأن يكون للزوج عمل يتقاضى بموجبه مرتبا يمكنه من القيام بما يمليه عليه الواجب من الانفاق على اسرته والإسلام لا يريد من الزوج أن يمد يد الذل إلى الآخرين ليحصل من طريق الاستجداء لقمة العيش فقد جاء في الصحيح عن جابر بن عبد الله (الانصاري) عن رسول الله (صلى الله عليه واله) انه قال : (الا اخبركم بشر رجالكم؟ فقلنا: بلى. فقال: ان من شر رجالكم: البهات، البخيل، الفاحش، الاكل وحده، المانع رفده، الضارب اهله، وعبده، المُلجئ عياله الى غيره، العاق والديه)(3).
بل يهيب به ان يشق طريقه في هذه الحياة مرفوع الرأس ليعمل، ويجهد وليحصل من وراء جهده مالاً حلالاً ليهنأ بالعيش الرغيد هو وأسرته.
يقول أحد الرواة : (استقبلت الإمام الصادق (عليه السلام) في بعض طرق المدينة في يوم صائف شديد الحر فقلت : جعلت فداك حالك عند الله عز وجل وقرابتك من رسول الله (صلى الله عليه واله) وانت تجهد نفسك في حمل هذا اليوم فقال لي : (يا عبد الاعلى خرجت في طلب الرزق لأستغني به عن مثلك)(4).
ويحدث محمد بن المنكر عن الامام الصادق (عليه السلام) فيقول : ( ما كنت أظن ان علي بن الحسين (عليه السلام) يدع خلقاً أفضل حتى رأيت ابنه محمد بن علي فأردت أن أعظه فوعظني، فقال له اصحابه : باي شيء وعظك؟ فقال : خرجت الى بعض نواحي المدينة في ساعة حارة. فلقاني أبو جعفر محمد بن علي (عليه السلام) وكان شيخاً باديا ثقيلا وهو متكئ على غلامين اسودين. او مولوين فقلت في نفسي : سبحان الله شيخ من اشياخ قريش في هذه الساعة على مثل هذه الحالة في طلب الدنيا اما اني لأعظنه. فدنوت منه فسلمت عليه فرد علي بنهر وهو يتصبب عرقاً. فقلت : اصلحك الله شيخ من اشياخ قريش في هذه الساعة على هذه الحالة في طلب الدنيا أرأيت لو جاءك اجلك، وانت على هذه الحال؟ فقال : لو جاءني الموت، وانا على هذه الحال جاءني. وانا في طاعة من طاعات الله عز وجل اكف بها نفسي، وعيالي عنك. وعن الناس وانما كنت اخاف لو جاءني الموت وانا على معصية من معاصي الله فقلت : صدقت يرحمك الله اردت ان اعظك فوعظتني)(5).
فبهذه الروح العالية يواجه الامام الباقر (عليه السلام) من يعيب عليه الخروج في طلب الكسب فهو (عليه السلام) يترفع ان يمد يد الطلب والاستجداء لغير الله سبحانه وتعالى فلا يريد لنفسه، وعياله ان يكونوا عالة على الاخرين.
ولذلك نراه اطلق على الكسب في سبيل القوت (عنوان الطاعة لله) وفي مورد اخر نراهم (عليهم السلام) يطلقون على العمل لأجل اعانة العيال بانه (الجهاد الأكبر) كما قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : (الكاد على عياله كالمجاهد في سبيل الله)(6). وكذلك قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : (يا علي خدمة العيال كفارة للكبائر وتطفئ غضب الرب، ومهور الحور العين، وتزيد في الحسنات والدرجات)(7). واذا كان الاسلام يهيب بالرجل ان يعمل ليستغني بعمله عن التسكع، وهو فرد فكيف يسمح له أن يتحمل المسؤولية الزوجية، وهو كَلٌّ على الآخرين، وهو ضعيف ثقيل على جيوب الناس.
مراعاة لهذه النقطة الدقيقة نجد المشرع الإسلامي يكفل للزوجة حقوقها لو تخلف زوجها عن الانفاق، فيسمح لها أن ترفع أمرها إلى الحاكم الشرعي ليبلغ الزوج بضرورة القيام بما يؤمن لها العيش اللائق بحالها وعند عدم الاستجابة من جانبه يقوم الحاكم بحكم ولايته الشرعية بفك عرى هذا الزواج لتذهب الزوجة بعد ذلك فتشق طريقها لتختار من يكفل لها السعادة بما فيها النفقات المالية.
وقد فسر العلماء حديث الرسول (صلى الله عليه واله) (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج..)(8) ان المقصود بالباءة هو نفقات الزواج وامكان اغاثة الرجل للمرأة والإسلام ، ويشترط في صحة عقد النكاح استمرار قدرة الرجل على الانفاق ولكن الناس ينظرون في الرجل الان الى كثرة المال لا مجرد الكفاف والغنى عن الناس، وذلك بعد تعاظم الحياة المادية، وانفتاح الاساليب المذهلة للاستمتاع بالحياة واقتناء الزينة التي لا تقف عند حد في أثمانها أو أشكالها... والمؤمنون فقط من يسألون عن طالب الزواج الغني كيف اكتسب ماله؟. وذلك لأن وسائل الكسب قد فسدت في العصر الراهن وأصبحت المغامرات والرياء وبيع الأعراض والذمم والرشاوى من أعظم وسائل الكسب في الجاهلية الحديثة. ولا شك ان كل فتاة تريد السعادة الحقيقية يجب أن تعلم من أين اكتسب المتقدم للزواج بها ماله؟!.
فالرجل الشريف العفيف نظيف اليد هو أولى الناس بأن يؤسس بيتاً قائماً على الاستقرار والسعادة، أما أصحاب الدخول والاحوال القذرة فانهم يتعاملون مع زوجاتهم بنفس تعاملهم مع الدينار والدرهم ويقدرونهن بقدر منافعهم المادية فقط ، وباختصار تصبح المرأة عندهم كالسلعة تماماً.
_________________________
1ـ وسائل الشيعة : ج14، الباب 28، ح5، ص52.
2- مجمع البحرين: 4/579.
3- وسائل الشيعة : ج2، الباب7، ح2، ص34.
4- المصدر نفسه : ج17، الباب4، ح2، ص20.
5- المصدر نفسه : ج12، الباب4، ح1، ص19.
6- مستدرك الوسائل : 13/49.
7- مستدرك الوسائل : 13/49.
8- مستدرك الوسائل : 14/ 153.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل شيوخ ووجهاء عشيرة البو بدري في مدينة سامراء
|
|
|