أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-04-07
1190
التاريخ: 9-06-2015
5076
التاريخ: 25-09-2014
5223
التاريخ: 9-06-2015
5078
|
بني الكون على الحركة والنشاط والحيوية، فكان من جماله أن لا تبقى الموجودات فيه على سكون، بل بتحركها تزيده جمالا ودقة وتنظيما، فتراه دائما في حركة منظمة متناسبة ومنسجمة مع بعضها البعض، فليست هي حركة عشوائية أو مجرد حركات شكلية كالصور التي يرسمها الفنان، ويضع أشكالها حسبما يريده.
الشمس تتحرك في فلكها ولو قدّر لها أن انحرفت قليلا لاختل ميزان الكون، والقمر يستمد ضوءه من الشمس ليلا.
وكما أن الإنسان يموت ويولد فالكواكب والمجرات تموت وتولد، أ ليس العلم قد سجّل حالة من ذلك وهي ولادة مجرّة جديدة في النظام الشمسي.(1)
{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} [الصافات : 6]
{وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} [الحجر : 16]
و ليس الكواكب والمجرات وحدها في هذا الكون، بل هناك مخلوقات متحركة، بل حتى الحيوان والنبات والإنسان فهو يمر في مراحل متحركة عمودية وأفقية، فهو يتحرك في مكانه حيث ينمو ويكبر ويتغير ويتلون ويتلاشى ويتحرك من مكان إلى أي مكان حسب قدراته وطاقاته وإمكانيته المحدودة، فهو في حركة دائمة، وذلك ما أعطى لهذا الوجود جمالا ورونقا وزينة، قال سبحانه وتعالى : {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا } [الكهف : 7]
ويقول أيضا : {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الكهف : 46]
ويقول أيضا : { وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل : 8]
ولعل أكثر المخلوقات حركة هو الإنسان فيستفيد من تسخير الحركة وذلك النشاط في خدمته وخدمة الإنسانية، باستغلال تلك الطاقات المودعة في هذا الكون والقوى والإمكانيات الموجودة على هذه الأرض باستخدام عقله، وبما يمتلك من حرية وإرادة واعية لما تفعل، حيث لا نجد ذلك في بقية مخلوقات اللّه في هذا الكون فهي إما مسيّرة فلا حرية لها، أو مطلقة الحرية فلا عقل لها.
ولعل الحركة والنشاط هي التي تميز بها الإنسان في هذا الوجود، وعقله متفوقا في الحياة، والقرآن الكريم قد دعا الإنسان إلى رفض الجمود، والابتعاد عن الكسل والخمول في الحياة لأنه يفقدها العطاء، وبالتالي تموت، ويموت معها كل شيء، فتصبح جحيما لا يطاق.
وقد جاء القرآن ودعا إلى ما يتوافق مع فطرة الإنسان وطبيعته، ليجعل محل الكسل والتواني والجمود مكانه العمل الدءوب، وقد ركّز عليه من خلال آياته التي وردت في الكتاب العزيز في أكثر من (300) آية (2) حيث أن الإنسان رهين بعمله وبدون العمل، لا يتقدم ولا تتقدم، معه الحياة، ولا خطوة واحدة.
وقد جعل القرآن محور الأعمال العمل الصالح الذي به تتقدم الحياة، ويتقدم الإنسان، ولذا نجد أن القرآن قد شبّه العمل بالطائر في قوله سبحانه وتعالى : {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ} [الإسراء : 13] فالطائر الذي ألزمه اللّه الإنسان في عنقه هو عمله، ومعنى إلزامه إياه أن اللّه قضى أن يقوم كل عمل بعامله، ويعود إليه خيره وشره ونفعه وضره، وقد استفيد من قوله تعالى : { وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ ... إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } [الحجر : 43 - 45] فمن القضاء المحتوم أن حسن العاقبة للإيمان والتقوى، وسوء العاقبة للكفر والمعصية.
«ولازم ذلك أن يكون مع كل إنسان من عمله ما يعين له حاله في عاقبة أمره معية لازمه لا يتركه، وتعيينا قطعيا لا يخطئ ولا يغلط، وأن مصير الطاعة إلى الجنة، ومصير المعصية إلى النار». (3)
والتقدم السليم لا يقوم إلا إذا روعيت فيه شروط الإنسانية، حتى لا يخرج عن إطارها إلى الهمجية والبربرية فيستغل ذلك التقدم في دمار الإنسان، وضياعه بين الآلة الحديثة التي أصبح جزءا منها.
قال تعالى : {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } [الإسراء : 7]
وقال أيضا : {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل : 97]
فيطرح القرآن معادلة العمل الصالح كي يؤدي إلى التقدم السليم، فيقول ربّنا سبحانه وتعالى : {وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى} [الكهف : 88]
فالإنسان المؤمن زائد العمل الصالح يساوى التقدم السليم فيقول ربّنا عز وجل : {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم : 39]
{كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا } [الإسراء : 20] والفرق في ذلك أيضا أن المؤمن من ينظر بعين البصيرة، لامتلاكه الرؤية البعيدة للمستقبل ، دون النظر إلى الشهرة أو اللحظة الراهنة أو المصلحة السياسية، أو ما شابه، بعكس من لا يمتلك الإيمان أو روحه، فهو لا ينظر بهذه النظرة الإيمانية الثاقبة.
وعمل المؤمن قد يبقى، ويثاب عليه في الدنيا والآخرة لأنه انطلق من النية النابعة من إيمانه الراسخ.
ويبقى أن ننبه إلى أن العمل مطلق لا ينحصر بالمؤمن فقط، فالكل يعمل، ولكن الفرق في نوعية العمل ووجهته، أ هي إلى الخير أم إلى الشر، إلي السعادة أم إلى الشقاء.
ما أن منطلق العمل أ هو النية الخالصة نتيجة العقيدة السليمة أم الهوى والمصلحة والأغراض الشخصية!.
النية الصالحة لا تنبع إلا من الإيمان وهي التي تنتج العمل الصالح ، عن الإمام الصادق (عليه السلام) : «لا قول إلا بعمل ولا قول ولا عمل إلا بالنية ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة». (4)
________________________
1. ذكرت ذلك جريدة الحياة ببيروت العدد الصادر بتاريخ 5/ 4/ 96 م .
2 . يراجع المعجم المفهرس ( مادة عمل) .
3. الميزان( ج 13) ص 55 .
4. أصول الكافي ( ج 1) ص 70 .
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
نقابة تمريض كربلاء تشيد بمستشفى الكفيل وتؤكّد أنّها بيئة تدريبية تمتلك معايير النجاح
|
|
|