أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-11-2014
2887
التاريخ: 2024-05-01
770
التاريخ: 7-11-2014
2273
التاريخ: 23-04-2015
2091
|
قال اللَّه - تبارك وتعالى- : {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل : 89] , فإنّ اتّصاف الكتاب - الذي يكون المراد به هو القرآن بملاحظة التنزيل - بكونه تبياناً لكلّ شيء دليل على كونه نازلًا من عند من يكون له إحاطة كاملة بجميع الأشياء، بحيث لا يغيب عنه شيء، أو لا يعزب عنه من مثقال ذرّة في الأرض ولا في السماء، أمّا الموجود الذي تكون إحاطته العلميّة تابعة لأصل وجوده في النفس والمحدوديّة، كيف يمكن أن يكون من عنده كتاب موصوف بأنّه تبيان كلّ شيء؟!
فمن هذه الخصوصيّة التي لا يعقل أن تتحقّق في البشر، والكتاب الذي من عنده تستكشف خصوصيّة اخرى؛ وهي نزوله من عند اللَّه العالم القادر المحيط، كما هو واضح.
نعم، ربما يمكن أن يتوهّم أ نّ القرآن لا يكون تبياناً لكلّ شيء؛ لأنّا نرى عدم تعرّضه لكثير من المسائل المهمّة الدينيّة، والفروع الفقهيّة العمليّة، فضلًا عمّا ليس له مساس بالدين، وليس بيانه من شأن اللَّه- تبارك وتعالى- بما هو شارع وحاكم؛ فإنّ مثل أعداد ركعات الصلاة التي هي عمود الدين (1) ، معراج المؤمن- على ما روي- لا يكون مذكوراً في الكتاب العزيز، مع أنّها من الأهمّية بمثابة تكون الزيادة عليها والنقص عنها قادحة مبطلة، فضلًا عن خصوصيّات سائر العبادات والأعمال من الصوم والزكاة والحجّ وغيرها.
وعليه : فكيف يصف القرآن نفسه ويعرّفه بأنّه تبيان كلّ شيء ؟! والجواب عن هذا التوهّم : أ نّ شأن الكتاب إنّما هو بيان الكلّيات ورؤوس المطالب.
وأمّا الجزئيّات والخصوصيّات، فإنّما تستكشف من طريق الرسول، الذي فرض القرآن نفسه الأخذ بما آتاهم، والانتهاء عمّا نهاهم بقوله - تعالى - :
{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر : 7] , ففي الحقيقة أ نّ كون القرآن تبياناً أعمّ من أن يكون تبياناً للشيء بنفسه، أو بواسطة الرسول الذي نزّل عليه القرآن.
ومن الآيات التي يمكن أن يستدلّ بها على التحدّي بالعلم، قوله - تعالى- :
{وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام : 59] بناءً على كون المراد بالكتاب المبين هو القرآن المجيد، وكون المراد بالرطب واليابس المنفيّين هو علم كلّ شيء بحيث تكون الآية كناية عن الإحاطة العلميّة، والبيان الكامل الجامع، فيرجع المراد إلى ما في الآية المتقدّمة من كون الكتاب جامعاً لعلم الأشياء، وحاوياً لبيان كلّ شيء.
لكنّ الظاهر أ نّه ليس المراد بالكتاب المبين هو القرآن، بل شيئاً آخر يكون فيه جميع الموجودات والأشياء بأنفسها، ويؤيّده صدر الآية؛ وهو قوله - تعالى- :
{وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ } [الأنعام : 59] وكذا تعلّق النفي بنفس الرطب واليابس الظاهرين في أنفسهما، لا في العلم بهما، وكذا عدم اختصاص النفي بهما، بل تعلّقه بالحبّة التي في ظلمات الأرض؛ لأنّ الاستثناء يتعلّق به أيضاً، فلابدّ من الالتزام بكون المراد بها هو العلم بالحبّة أيضاً، وهو خلاف الظاهر جدّاً.
وعليه : يكون مفاد الآية أجنبيّاً عمّا نحن بصدده؛ لأنّ مرجعه إلى ثبوت الأشياء الموجودة بأنفسها في الكتاب الذي هو بمنزلة الخزينة لها.
نعم، يبقى الكلام في المراد من ذلك الكتاب، وأنّه هل هو عبارة عن صفحة الوجود المشتملة على أعيان جميع الموجودات، أو أمر آخر يغاير هذا الكون، ثابتة فيه الأشياء نوعاً من الثبوت، كما يشير إليه قوله- تعالى- : {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} [الحجر : 21] وعلى أيٍّ لا يرتبط بالمقام الذي يدور البحث فيه حول الكتاب بمعنى القرآن المجيد الذي يكون معجزة.
_________________________
1. المحاسن : 1/ 116 ح 117 عن أبي جعفر عليه السلام ، وعنه وسائل الشيعة : 4/ 27، كتاب الصلاة، أبواب أعداد الفرائض ب 7 ح 12، وبحار الأنوار : 82/ 218 ح 36، ومستدرك الوسائل : 3/ 31 ب 8 ح 2943، وفي وسائل الشيعة : 4/ 34 ب 8 ح 13 عن تهذيب الأحكام : 2/ 237 ح 936، وفي بحار الأنوار : 82/ 232 ح 57 ومستدرك الوسائل : 3/ 29، كتاب الصلاة، أبواب أعداد الفرائض ب 7 ح 2935، عن دعائم الإسلام : 1/ 133، ورواه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة : 10/ 206 مرسلًا.
|
|
دور في الحماية من السرطان.. يجب تناول لبن الزبادي يوميا
|
|
|
|
|
العلماء الروس يطورون مسيرة لمراقبة حرائق الغابات
|
|
|
|
|
انطلاق الجلسة البحثية الرابعة لمؤتمر العميد العلمي العالمي السابع
|
|
|