أقرأ أيضاً
التاريخ: 15-11-2016
1409
التاريخ: 15-11-2016
4452
التاريخ: 25-8-2019
3858
التاريخ: 2024-10-30
81
|
ثم كانت معركة جلولاء آخر معارك فتح العراق
كان فتح العراق وإيران متلازمين تقريباً ، وكانت معركة جلولاء ثم خانقين آخر معارك فتح العراق فتحاً تاماً شاملاً ، ثم كانت معركة نهاوند آخر معارك فتح إيران فتحاً عاماً ، وبقيت مدنها ومحافظاتها العديدة ، ففتح بعضها صلحاً ، واحتاج بعضها إلى معارك ، خاصة مدن خراسان وآذربيجان .
وتقع جلولاء شمال شرق بغداد، قرب الحدود العراقية الإيرانية، وتبعد عن بغداد 180 كيلو متراً، وقد اتخذها الفرس مركزاً لتجميع قواتهم الآتية من أنحاء إيران لنجدة يزدجرد في المدائن، وتجمَّع فيها مئة ألف وأكثر، لأنهم رووا أن القتلى منهم بلغوا مئة ألف! (تاريخ الذهبي: 3 / 160) .
والظاهر أن ذلك مبالغة ، وقد يكون عددهم خمسين ألفاً والقتلى بضعة آلاف .
وكان جيش المسلمين اثني عشر ألفاً ، وروي أنه كان أربعاً وعشرين ألفاً .
قال الطبري : 3 / 134 : « ففصَل هاشم بن عتبة ( المرقال ) بالناس من المدائن في صفر سنة ست عشرة ، في اثني عشر ألفاً ، منهم وجوه المهاجرين والأنصار ، وأعلام العرب ، ممن ارتد وممن لم يرتد ، فسار من المدائن إلى جلولاء أربعاً ، حتى قدم عليهم وأحاط بهم ، فحاصرهم وطاولهم أهل فارس ، وجعلوا لا يخرجون عليهم إلا إذا أرادوا وزاحفهم المسلمون بجلولاء ثمانين زحفاً كل ذلك يعطى الله المسلمين عليهم الظفر ، وغلبوا المشركين على حسك الخشب ، فاتخذوا حسك الحديد » . والحسك ، قطع حديد مسننة توضع في طريق الخيل لتعقرها .
وقال ابن الأعثم : 1 / 210 : « وصار المسلمون بجلولاء في أربعة وعشرين ألفاً ويزيدون . وتحرشت الفرس بالمسلمين وطلبوا الحرب ، وكتب سعد بن أبي وقاص إلى ابن أخيه هاشم بن عتبة ، فجعله أمير المسلمين ، وأمر أصحابه بمحاربة الفرس . قال : فعندها وثب هاشم بن عتبة فعبأ أصحابه ، فكان على ميمنته جرير بن عبد الله البجلي ، وعلى ميسرته حجر بن عدي الكندي ، وعلى الجناح المكشوح المرادي ، وجعل عمرو بن معد يكرب على أعنة الخيل ، وطلحة بن خويلد الأسدي على الرجالة .
قال : وعَبَّت الفرس جيوشها ، فكان على ميمنتهم رجل من قواد الأعاجم يقال له خر زاذ بن وهرز ، وعلى ميسرتهم فيروز بن خسرو ، وفي القلب الهرمزان بن أنو شروان صاحب بلاد الأهواز .
قال : ودنا القوم بعضهم من بعض ، فاقتتلوا قتالاً شديداً لم يقتتلوا في موطن بمثله من مواطنهم التي سلفت ، وذلك أنهم رموا بالسهام حتى أنفدوها ، وتطاعنوا بالرماح حتى قصفوها ، ثم صاروا إلى السيوف والعمد فاقتتلوا بها من وقت الضحى إلى أن زالت الشمس ، وحضر وقت الصلاة ، فلم تكن الصلاة في ذلك اليوم إلا بالتكبير والإيماء نحو القبلة .
قال : ونظر هاشم بن عتبة بن أبي وقاص إلى رجل من المسلمين يقال له سعد بن عبيد الأنصاري وقد فصل من الصف ، فقال له : ما وقوفك يا سعد ؟ فقال : أيها الأمير ! وقوفي والله إني أفكر في فعلة فعلتها يوم الجسر يوم قتل أبو عبيد بن مسعود الثقفي ، أنا نادم عليها ، وذلك أني فررت يومئذ من الزحف وقد عزمت اليوم أن أجعل توبتي من فراري ، أن أشتري لله نفسي ، فلعله تبارك وتعالى أن يتجاوز عني ما قد مضى .
قال : ثم تقدم بسيفه نحو الفرس فقاتل قتالاً عجب منه الفريقان جميعاً ، فلم يزل كذلك حتى قتل منهم جماعة ، وقُتل رحمة الله عليه .
قال: ثم أقبل جرير بن عبد الله البجلي على بني عمه فقال: يا معشر بجيلة! إعلموا أن لكم في هذه البلاد إن فتحها الله عليكم حظاً سنياً، فاصبروا لقتال هؤلاء الفرس التماساً لإحدى الحسنيين: إما الشهادة فثوابها الجنة، وإما النصر والظفر ففيهما الغنى من العيلة . وانظروا لا تقاتلوا رياء ولا سمعة ، فحسب الرجل خزياً أن يكون يريد بجهاده حمد المخلوقين دون الخالق . وبعد فإنكم جربتم هؤلاء القوم ومارستموهم ، وإنما لهم هذه القسي المنحنية وهذه السهام الطوال ، فهي أغنى سلاحهم عندهم ، فإذا رموكم بها فتترسوا ، والزموا الصبر وصابروهم ، فوالله إنكم الأنجاد الأمجاد ، الحسان الوجوه في اقتحام الشدائد ! فاصبروا صبراً يا معشر البجيلة ، فوالله إني لأرجو أن يرى المسلمون منكم اليوم ما تقر به عيونهم ! وما ذاك على الله بعزيز . ثم أنشأ جرير في ذلك يقول:
- - - - - - - - - - [ ابتداء شعر ]
تلكم بجيلة قومي إن سألت بها *** قادوا الجياد وفضوا جمع مهران
وأدركوا الوتر من كسرى ومعشره *** يوم العروبة وتر الحي شيبان
فسائل الجمع جمع الفارسي وقد *** حاولت عند ركوب الحي قحطان
عز الأول كان عزا من يصول بهم *** ورمية كان فيها هلك شيطان
كان الكفور وبئس الفرس أن له *** آباء صدق نموه غير ثبيان
[ انتهاء شعر ]
قال : ثم حمل جرير بن عبد الله على جميع أهل جلولاء ، فلم يزل يطاعن حتى انكسر رمحه ، وجرح جراحات كثيرة . .
قال : وتقدم رجل من المرازبة يقال له رستم الأصغر ، حتى وقف بين الجمعين فجعل يقاتل أشد القتال ، قال : وانبرى له رجلان من المسلمين أخوان ، أحدهما يقال له عوام والآخر يقال له زهير ابنا عبد شمس ، قال : فحملا عليه وحمل عليهما فجاولهما في ميدان الحرب ساعة . . وجعل رستم يجول في ميدان الحرب ، فمرة يحمل على زهير ومرة يحمل على عوام . . ثم اعتوره زهير والعوام وحمل عليه جابر بن طارق النخعي ، فضربه ضربة على تاجه فقدَّ التاج وهامته ، فخر رستم صريعاً ، ثم نزلوا إليه فسلبوه ، وكانت قيمة سلبه ألف دينار . .
قال : فبينما المسلمون كذلك في أشد ما يكون من الحرب وذلك في وقت العصر إذا هم بكتيبة للفرس جامة حسناء قد خرجت إليهم ، فكأن الناس هالتهم تلك الكتيبة فاتقوها ، فقال عمرو بن معدي كرب : يا معشر المسلمين ! لعله قد هالتكم هذه الكتيبة ؟ قالوا : نعم والله يا أبا ثور لقد هالتنا ! وذلك أنك تعلم أنا نقاتل هؤلاء القوم من وقت بزوغ الشمس إلى وقتنا هذا ، فقد تعبنا وكلت أيدينا ودوابنا وكاعت رجالنا ، وقد والله خشينا أن نعجز عن هذه الكتيبة ، إلا أن يأتينا الله بغياث من عنده ، أو نرزق عليهم قوة ونصراً .
قال فقال عمرو : يا هؤلاء ! إنكم إنما تقاتلون عن دينكم ، وتذبون عن حريمكم ، وتدفعون عن حوزة الإسلام ، فصفوا خيولكم بعضها إلى بعض وانزلوا عنها والزموا الأرض ، واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ، فإنكم بحمد الله صُبراء في اللقاء ، ليوثٌ عند الوغى ، وهذا يوم كبعض أيامكم التي سلفت ، ووالله إني لأرجو أن يعز الله بكم دينه ويكبت بكم عدوه .
قال : ثم نزل عمرو عن فرسه ونزل معه زهاء ألف رجل من قبائل اليمن ، ما فيهم إلا فارس مذكور . . قال : ثم تقدم عمرو حتى وقف أمام المسلمين شاهراً صمصامته ، وقد وضعها على عاتقه ، وهو يقول :
[ ابتداء شعر ]
لقد علمت أقيال مذحج أنني *** أنا الفارس الحامي إذا القوم أضجروا
صبرت لأهل القادسية معلماُ *** ومثلي إذا لم تصبر الناس يصبر
وطاعنتهم بالرمح حتى تبددوا *** وضاربتهم بالسيف حتى تكسروا
بذلك أوصاني أبي وأبو أبي *** بذلك أوصاه فلست أقصر
حمدت إلهي إذ هداني لدينه *** فلله أسعى ما حييت وأشكر
[ انتهاء شعر ]
قال : وحملت تلك الكتيبة الحامَّة ، على عمرو بن معد ي كرب الزبيدي وأصحابه ، فلم يطمعوا منهم في شئ . قال : وحمل جرير بن عبد الله من الميمنة ، وحجر بن عدي من الميسرة ، والمكشوح المرادي من الجناح ، وعمرو بن معد يكرب من القلب ، وصدقوهم الحملة لولوا مدبرين ، ووضع المسلمون فيهم السيف ، فقتل منهم من قتل ، وانهزم الباقون حتى صاروا إلى خانقين . وأمسى المسلمون فلم يتبعوهم ، لكنهم أقاموا في موضعهم حتى أصبحوا وأقبلوا حتى دخلوا جلولاء ، فجعلوا يجمعون الأموال والغنائم ، حتى جمعوا شيئاً كثيراً لم يظنوا أنه يكون هناك . قال فقال رجل من المسلمين : رحم الله المثنى بن حارثة الشيباني ! أما أنه لو كان حياً لقرت عيناه بهذا الفتح ، فإني كنت أسمعه مراراً يقول : وددت أني قد رأيت فتح جلولاء ولو قبل موتي بيوم واحد !
قال فقال عبيد بن عمرو البجلي : نعم فرحم الله المثنى بن حارثة ، إنه وإن كان قد مضى لسبيله لم تقر عينه بفتح جلولاء ، لقد قرت عيناه بالجنة إن شاء الله ، وقد قدم على ما قدم من الثواب الوافر ، ثم أنشأ عبيد بن عمرو البجلي يقول :
[ ابتداء شعر ]
أبشر مثنى فقد لاقيت مكرمةً *** يوم التغابن لما ثَوَّب الداعي
سل أهل ذي الكفر مهراناً وأسرته *** يوم البجيلة إذ خلوا عن القاع
وأسلموا ثم مهراناً ببلقعةٍ *** يوم العروبة مطروحاً بجعجاع
وفي جلولا أثرنا كل ذي بدع *** بكل صاف كلون الملح لماع
في كف كل كريم الجد ذو حسب **** حامى الحقيقة للاواء دفاع
[ انتهاء شعر ]
قال : ثم رجع هاشم بغنائم جلولاء فوجه بها إلى المدائن إلى عمه سعد » .
وجاء في رواية الطبري : 3 / 133 : « لما نزل هاشم على مهران بجلولاء ، حصرهم في خندقهم ، فكانوا يزاحفون المسلمين في زهاء ( عدد كثير ) وأهاويل . وجعل هاشم يقوم في الناس ويقول : إن هذا المنزل منزل له ما بعده ، وجعل سعد يمده بالفرسان ، حتى إذا كان أخيراً احتفلوا للمسلمين فخرجوا عليهم ، فقام هاشم في الناس فقال : أبلوا الله بلاء حسناً يتم لكم عليه الأجر والمغنم واعملوا لله .
فالتقوا فاقتتلوا ، وبعث الله عليهم ريحاً أظلمت عليهم البلاد ، فلم يستطيعوا إلا المحاجزة ، فتهافت فرسانهم في الخندق ، فلم يجدوا بداً من أن يجعلوا فرضاً مما يليهم تصعد منه خيلهم ، فأفسدوا حصنهم ، وبلغ ذلك المسلمين فنظروا إليه فقالوا ننهض إليهم ثانية فندخله عليهم ، أو نموت دونه .
فلما نهد المسلمون الثانية خرج القوم فرموا حول الخندق مما يلي المسلمين بحسك الحديد ، لكيلا تقدم عليهم الخيل ، وتركوا للمجال وجهاً ، فخرجوا على المسلمين منه فاقتتلوا قتالاً شديداً لم يقتتلوا مثله إلا ليلة الهرير ، إلا أنه كان أكمش وأعجل ، وانتهى القعقاع بن عمرو في الوجه الذي زاحف فيه إلى باب خندقهم فأخذ به ، وأمر منادياً فنادى يا معشر المسلمين ، هذا أميركم قد دخل خندق القوم وأخذ به ، فأقبلوا إليه ولا يمنعنكم من بينكم وبينه من دخوله ، وإنما أمر بذلك ليقوى المسلمين به ، فحمل المسلمون ولا يشكون إلا أن هاشماً فيه ، فلم يقم لحملتهم شئ حتى انتهوا إلى باب الخندق ، فإذا هم بالقعقاع بن عمرو قد أخد به ، وأخذ المشركون في الهزيمة يمنة ويسرة عن المجال الذي بحيال خندقهم ، فهلكوا فيما أعدوا للمسلمين ، فعقرت دوابهم وعادوا رجالة وأتبعهم المسلمون ، فلم يفلت منهم إلا من لا يعد ، وقتل الله منهم يومئذ مائة ألف ، فجللت القتلى المجال وما بين يديه وما خلفه ، فسميت جلولاء بما جللها من قتلاهم فهي جلولاء الوقيعة » .
وجاء في رواية للطبري : « واستمد المسلمون سعداً فأمدهم بمائتي فارس ثم مائتين ثم مائتين ، ولما رأى أهل فارس أمداد المسلمين بادروا بقتال المسلمين . . فاقتتلوا قتالاً شديداً لم يقاتلوا المسلمين مثله في موطن من المواطن ، حتى أنفذوا النبل وحتى أنفذوا النشاب . وقصفوا الرماح حتى صاروا إلى السيوف والطبرزينات ( الفؤوس ) فكانوا بذلك صدر نهارهم إلى الظهر ، ولما حضرت الصلاة صلى الناس إيماء ، حتى إذا كان بين الصلاتين خنست كتيبة ، وجاءت أخرى فوقفت مكانها . . . كان أشقى أهل فارس بجلولاء أهل الري ، كانوا بها حماة أهل فارس ، ففنى أهل الري يوم جلولاء . .
واقتسم فئ جلولاء على كل فارس تسعة آلاف ، تسعة آلاف ، وتسعة من الدواب . ورجع هاشم بالأخماس إلى سعد . . اقتسم الناس فئ جلولاء على ثلاثين ألف ألف وكان الخمس ستة آلاف ألف . . وقالوا جميعاً : كان فتح جلولاء في ذي القعدة سنة ستة عشر في أوله . بينها وبين المدائن تسعة أشهر » .
قال الطبري : 3 / 139 : « وقالوا جميعاً : كان فتح جلولاء في ذي القعدة سنة ستة عشر في أوله ، بينها وبين المدائن تسعة أشهر » .
وفي فتوح البلاذري : 2 / 370 : « لما فرغ المسلمون من أمر جلولاء الوقيعة ، ضم هاشم بن عتبة بن أبي وقاص إلى جرير بن عبد الله البجلي خيلاً كثيفة ، ورتبه بجلولاء ، ليكون بين المسلمين وبين عدوهم .
ثم إن سعداً وجه إليهم زهاء ثلاثة آلاف من المسلمين ، وأمره أن ينهض بهم وبمن معه إلى حلوان . فلما كان بالقرب منها هرب يزدجرد إلى ناحية أصبهان ، ففتح جرير حلوان صلحاً ، على أن كف عنهم وأمنهم على دمائهم وأموالهم ، وجعل لمن أحب منهم الهرب أن لا يعرض لهم .
ثم خلف بحلوان جريراً مع عزرة بن قيس بن غزية البجلي ، ومضى نحو الدينور فلم يفتحها ، وفتح قرماسين على مثل ما فتح عليه حلوان . وقدم حلوان فأقام بها والياً عليها ، إلى أن قدم عمار بن ياسر الكوفة ، فكتب إليه يعلمه أن عمر بن الخطاب أمره أن يمد به أبا موسى الأشعري ، فخلف جرير عزرة بن قيس على حلوان ، وسار حتى أتى أبا موسى الأشعري ، في سنة تسع عشرة » .
وقال الطبري : 3 / 140 : « فلما بلغ يزدجرد هزيمة أهل جلولاء ومصاب مهران خرج من حلوان سائراً نحو الري ، وخلف بحلوان خيلاً عليها خسروشنوم ، وأقبل القعقاع حتى إذا كان بقصر شيرين على رأس فرسخ من حلوان ، خرج إليه خسروشنوم ، وقدم الزينبي دهقان حلوان ، فلقيه القعقاع فاقتتلوا فقتل الزينبي ، واحتق فيه عميرة بن طارق وعبد الله فجعله وسلبه بينهما فعد عميرة ذلك حُقْرة . وهرب خسروشنوم ، واستولى المسلمون على حلوان ، وأنزلها القعقاع الحمراء ( أسكن فيها الفرس وكانوا من حرس الشاه وأسلموا ) وولى عليهم قباذ » .
ملاحظات على معركة جلولاء
1 . قاد هذه المعركة الصعبة البطل الشيعي هاشم المرقال رضي الله عنه ، وكان جيش المسلمين 12 ألفاً برواية الطبري ، و 24 ألفاً برواية ابن الأعثم ، لكن رواية الطبري عن مبلغ الغنائم وحصة المقاتل ترجح رواية ابن الأعثم . أما جيش الفرس فقد يكون ضعفي جيش المسلمين ، وذكرت المصادر أن القتلى مئة ألف !
قال ابن خياط / 94 : « فكتب يزدجرد إلى الجبال فجمع المقاتلة ، فوجههم إلى جلولاء ، فاجتمع بها جمع كثير ، عليهم خرزاد بن جرمهز » . وخرزاد أخ رستم القائد الفارسي المشهور الذي قُتل في القادسية . وقد تشكل جيش جلولاء من الآتين للدفاع عن المدائن من أنحاء إيران ، ومن الجنود الهاربين من المدائن .
والظاهر أن اسم جلولاء قديم ، وأنها كانت معسكراً للفرس ، لأن المثنى كان يتمنى فتحها كما تقدم . وقد سميت بعد المعركة جلولاء الوقيعة .
وذكر المؤلفون أن عدد قتلى الفرس بلغوا مئة ألف ، وهو مبالغة ، خاصة أن المعركة كانت يوماً واحداً ، ولا يتسع اليوم لأن يقتل المسلمون مئة ألف !
2 . ذكرت بعض المصادر أن المسلمين جالوا جولة فكان النصر ! ففي الأخبار الطوال للدينوري / 94 : « هرب يزدجرد بن كسرى بعد وقعة المدائن إلى جلولاء وأقام سعد بالمدائن ، فكتب يزد جرد إلى الجبال فجمع المقاتلة ، فوجههم إلى جلولاء ، فاجتمع بها جمع كثير عليهم خرزاد بن جرمهز ، فكتب سعد إلى عمر يخبره ، فكتب عمر : أقم بمكانك ووجه إليهم جيشاً ، فإن الله ناصرك ومتم وعده ، فعقد سعد لهاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، فالتقوا فجال المسلمون جولة ( انهزموا ) ثم هزم الله المشركين ، وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وحوى المسلمون عسكرهم وأصابوا أموالاً عظيمة وسلاحاً ودواب وسبايا » .
وهذا تبسيط خاطئ ، أو تزوير لإثبات عذر سعد أمام الذين انتقدوه لعدم حضوره المعركة ، فقالت الرواية إن المعركة كانت سهلة ، وإن عمر كتب لسعد أن أقم وأرسل جيشاً ! لكنها كانت معركة صعبة ، فقد تخندق الفرس ثم فرشوا الحسك ليعقروا الخيول ، وكانوا يبدلون الكتائب المقاتلة بكتائب جديدة مرتاحة . وتقدم قول المقاتلين لعمرو بن معدي كرب في نص ابن الأعثم : « تعلم أنا نقاتل هؤلاء القوم من وقت بزوغ الشمس إلى وقتنا هذا ، فقد تعبنا وكلت أيدينا ودوابنا وكاعت رجالنا ، وقد والله خشينا أن نعجز عن هذه الكتيبة » !
ومن النصوص المعقولة في وصف المعركة قول البلاذري ( 2 / 324 ) : « فلقوهم وحجر بن عدي الكندي على الميمنة ، وعمرو بن معدي كرب على الخيل ، وطليحة بن خويلد على الرجال ، وعلى الأعاجم يومئذ خرزاد أخو رستم . فاقتتلوا قتالاً شديداً لم يقتتلوا مثله ، رمياً بالنبل وطعناً بالرماح حتى تقصفت ، وتجالدوا بالسيوف حتى انثنت . ثم إن المسلمين حملوا حملة واحدة قلعوا بها الأعاجم عن موقفهم وهزموهم فولوا هاربين ، وركب المسلمون أكتافهم يقتلونهم قتلاً ذريعاً حتى حال الظلام بينهم » .
3 . ومما يدل على صعوبة المعركة قول قائدها هاشم ، كما في الطبري : 3 / 80 ) :
[ ابتداء شعر ]
يومُ جلولاءٍ ويومُ رستمِ *** ويومُ زحفِ الكوفة المقدم . .
[ انتهاء شعر ]
فذكر أولها يوم جلولاء ، ثم يوم القادسية التي كان قائدها الفارسي رستم . .
وقد اكتفت المصادر التي بأيدينا في معركة جلولاء برواية عن جرير وعن عمرو بن معدي كرب ولم ترو بطولات الأبطال الحقيقيين كعادتها ، خاصةً هاشم المرقال ، وحجر بن عدي ، وابن المكشوح رضي الله عنهم .
4 . ذكرنا في ترجمة سعد بن أبي وقاص، أنه فرَّ من معركة القادسية، وهجاه شعراء المسلمين وسخروا من جبنه، وحتى زوجته . وبعد القادسية انتظر حتى فتحوا المدائن فسارع إليها وانشغل بكنوز كسرى ، ولم يذهب إلى جلولاء ! ثم أرادوا التوجه إلى داخل إيران لفتح حلوان وطلبوا حضوره فلم يحضر ، فهجاه المسلمون بالشعر ، فحضر على مضض إلى خانقين فقط !
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|