المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9095 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
{ودت طائفة من اهل الكتاب لو يضلونكم}
2024-11-02
الرياح في الوطن العربي
2024-11-02
الرطوبة النسبية في الوطن العربي
2024-11-02
الجبال الالتوائية الحديثة
2024-11-02
الامطار في الوطن العربي
2024-11-02
الاقليم المناخي الموسمي
2024-11-02



الزهري في بلاط بني أُمية  
  
5419   03:04 مساءً   التاريخ: 10-04-2015
المؤلف : جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : سيرة الائمة-عليهم السلام
الجزء والصفحة : ص247-251.
القسم :

عدّه ابن أبي الحديد أحد المبغضين لعلي (عليه السلام) وكتب: سمع علي بن الحسين يوماً انّ الزهري وعروة بن الزبير جالسان في مسجد النبي يذكران علياً فنالا منه، فجاء علي بن الحسين حتى وقف عليهما ووبّخهما ؛ ورغبة في الثراء والعافية والرفاه الذي يوجد عند بني أمية توجّه الزهري في عهد عبد الملك إلى دمشق و اتّخذ من علمه ومعرفته سلّماً للتمتع بالمظاهر الدنيوية، ولفت انتباه عبد الملك إليه، فأكرمه وعيّن له راتباً وقضا ديونه و منحه خادماً، وهكذا انخرط الزهري في عداد المقرّبين والندماء لعبد الملك.

وكتب ابن سعد: وكان قبيصة بن ذؤيب على خاتم عبد الملك بن مروان وهو أدخل الزهري على عبد الملك بن مروان ففرض له ووصله وصار من أصحابه.

ومن هنا بدأت علاقة الزهري ببلاط الأمويّين الوضيع، فقد ذاق طعم حلاوة الدعة والرفاهية والملذّات الدنيوية في بلاط عبد الملك، ولذلك ظلّ على هذه الحال حتى في بلاط أبنائه مثل: الوليد، سليمان، يزيد، و هشام، و هكذا في بلاط عمر بن عبد العزيز.

فقد ولاّه يزيد بن عبد الملك منصب القضاء، وقد تمتع في حكم هشام بن عبد الملك بتقدير واحترام خاص فجعله معلّماً لأولاده، وبقي على هذه الحال حتى نهاية حياته.

وسدّد هشام عنه ديونه البالغة ثمانين ألف درهم.

وكتب ابن سعد بأنّه جاء الزهري هشاماً في الرصافة وكان مقيماً عندهم ـ بني أُمية ـ قبل ذلك مدّة عشرين عاماً.

و هكذا ينقل عن سفيان بن عيينة بأنّه جاء الزهري برفقة هشام الخليفة آنذاك عام مائة وثلاثة وعشرين إلى مكة وأقام هناك حتى عام مائة وأربعة وعشرين.

وقد طابت له حياة البلاط والرفاهية التي كان يتمتع بها وأدمن عليها لدرجة انّه حينما قالوا له: لو انّك الآن في آخر عمرك أقمت بالمدينة فقعدت إلى مسجد رسول اللّه ودرجت وجلسنا إلى عمود من أعمدته فذكرت الناس وعلّمتهم؟ فقال: لو انّي فعلت ذلك لوطئ عقبي، و لا ينبغي لي أن أفعل ذلك حتى أزهد في الدنيا وأرغب في الآخرة.

إنّنا نعلم بأنّ الظلمة اللا إسلاميين من الخلفاء لم يكن أمامهم كي يحكموا المسلمين سوى توجيه إيمانهم القلبي نحو شرعية ما يقومون به من أعمال، لأنّه لم يمض وقت طويل على صدر الإسلام في تلك الفترة وكان إيمان الناس بالإسلام راسخاً، ولو كان الرأي العام يدرك بأنّ البيعة التي بايع بها الظالمين بيعة غير صحيحة ولا تليق بخلافة رسول اللّه لما كان يستسلم لهم، وإن لم نقبل هذا الأمر على جميع الناس أيضاً فلا شكّ كان هناك الكثير من الناس يتقبل الحالة اللا إسلامية للجهاز الحاكم انطلاقاً من عقيدتهم القلبية، أي انّهم كانوا يتصوّرون انّ وضع الجهاز

 

ولذلك حاول الخلفاء الظلمة وبدافع إضفاء صفة الشرعية على حكمهم أن يجمعوا المحدّثين وعلماء الدين في بلاطهم ويحثّوهم على وضع أحاديث على لسان نبي الإسلام وصحابته الكبار لصالحهم حتى تتهيّأ من خلال ذلك الأرضية الذهنية والفكرية لتقبّل حكمهم في المجتمع. 
وعلى هذا الأساس كان الدافع من جرّ الزهري إليهم هو استغلال موقعه الديني، وهو بدوره فرّغ نفسه لخدمتهم بشكل تام وألّف الكتب ووضع الأحاديث لصالحهم، وبذلك ساعدهم في تحقيق أهدافهم المشؤومة.

 

وقال شخص يدعى معمر: كنّا نرى انّا قد أكثرنا عن الزهري حتى قتل الوليد، فإذا الدفاتر قد حملت على الدواب من خزانته، وكان يقال هذا علم الزهري.

أي انّه ولكثرة ما كتب الزهري وألّف للوليد بناء على طلبه لوضع الأحاديث حينما أرادوا أن يخرجوها من خزانة الوليد اضطروا أن يحملوها على المراكب و نفس الزهري كان يقول: كنّا نكره كتاب العلم حتى أكرهنا عليه هؤلاء الأُمراء، فرأينا أن لا نمنعه أحداً من المسلمين.

وكتب ابن كثير: انّ هشام بن عبد الملك سأل الزهري أن يكتب لنبيه شيئاً من حديثه، ومن ذلك اليوم كتب الناس الحديث.

وسأل هشام بن عبد الملك الزهري يوماً أن يكتب شيئاً من حديثه، فأملى على كاتبه أربعمائة حديث، ثمّ خرج على أهل الحديث فحدّثهم بها.

وأصدر عمر بن عبد العزيز أمراً جاء فيه: عليكم بابن شهاب الزهري، فانّه ما بقي أحد أعلم سنة ماضيه منه.

وهنا يجب علينا أن نرى كلّ هذه الكتب والأوراق التي ملئت بالأحاديث بأمر من الوليد وهشام ما هي نوعية الأحاديث التي دونت فيها؟ وممّا لاشك فيه هو انّه لا يوجد ولا حتى حديث واحد في شجب من هم على شاكلة الوليد وهشام، بل سنجد فيها ذلك النوع من الأحاديث التي تضفي صفة الشرعية على أعمالهم الخبيثة الغير إسلامية، وتقلّل من شأن ومكانة منافسيهم وخصومهم السياسيّين، أي بني هاشم.

والوثيقة التاريخية المذكورة أدناه دليل ساطع على نوع الأحاديث التي كان يرغب إليها هشام.

كتب هشام بن عبد الملك إلى الأعمش ان أكتب لي فضائل عثمان ومساوئ عليّ، فأخذ كتابه ولقمه شاة عنده وقال لرسوله: هذا جوابك!

فألحّ عليه الرّسول في الجواب وتحمّل عليه بإخوانه وقال: إن لم آت بالجواب قتلني.

فكتب: بسم اللّه الرحمن الرّحيم ، أمّا بعد، لو كان لعثمان مناقب أهل الأرض ما نفعك، ولو كان لعليّ مساوي أهل الأرض ما ضرّتك، فعليك نفسك والسلام.




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.