أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-03-2015
3395
التاريخ: 13-9-2020
18730
التاريخ: 26-03-2015
3486
التاريخ: 25-03-2015
4590
|
الإنشاء ضربان طلب وغير طلب والطلب يستدعي مطلوبا غير حاصل وقت الطلب لامتناع تحصيل الحاصل وهو المقصود بالنظر ههنا وأنواعه كثيرة منها التمني واللفظ الموضوع له ليت ولا يشترط في التمني الإمكان تقول ليت زيدا يجيء وليت الشباب يعود قال الشاعر
( يا ليت أيام الصبا رواجعا ... )
وقد يتمنى بها كقول القائل هل لي من شفيع في مكان يعلم أنه لا شفيع له فيه لإبراز المتمني لكمال العناية به في صورة الممكن وعليه قوله تعالى حكاية عن الكفار ( فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا ) وقد يتمنى بلو كقولك لو تأتيني فتحدثني بالنصب
قال السكاكي وكأن حروف التنديم والتخصيص وهي هلا وألا بقلب الهاء همزة ولولا ولوما مأخوذة منهما مركبتين مع لا وما المزيدتين لتضمينهما معنى التمني ليتولد منه في الماضي التنديم نحو
هلا أكرمت زيدا وفي المضارع التخصيص نحو هلا تقوم
وقد يتمنى بلعل فتعطي حكم ليت نحو لعلي أحج فأزورك بالنصب لبعد المرجو عن الحصول وعليه قراءة عاصم في رواية حفص ( لعلي أبلغ الأسباب أسباب السموات فأطلع إلى إله موسى ) بالنصب
ومنها الاستفهام والألفاظ الموضوعة له الهمزة وهل وما ومن وأي وكم وكيف وأين وأنى ومتى وأيان فالهمزة لطلب التصديق كقولك أقام زيد أزيد قائم أو التصور كقولك أدبس في الإناء أم عسل وأفي الخابية دبسك أم في الزق ولهذا لم يقبح أزيد قائم وأعمرا عرفت والمسؤول عنه بها هو ما يليها فتقول أضربت زيدا إذا كان الشك في الفعل نفسه وأردت بالاستفهام أن تعلم وجوده وتقول أأنت ضربت زيدا إذا كان الشك في الفاعل من هو وتقول أزيدا ضربت إذا كان الشك في المفعول من هو وهل لطلب التصديق فحسب كقولك هل قام زيد وهل عمرو قاعد ولهذا امتنع هل زيد قام أم عمرو وقبح هل زيدا ضربت لما سبق أن التقديم يستدعي حصول التصديق بنفس الفعل والشك فيما قدم عليه ولم يقبح هل زيدا ضربته لجواز تقدير المحذوف المفسر مقدما كما مر وجعل السكاكي قبح نحو هل رجل عرف لذلك أي لما قبح له هل زيدا ضربت ويلزمه أن لا يقبح نحو هل زيد عرف لامتناع تقدير التقديم والتأخير فيه عنده على ما سبق وعلل غيره القبح فيهما بأن أصل هل أن تكون بمعنى قد إلا أنهم تركوا الهمزة قبلها لكثرة وقوعها في الاستفهام وهل تخصص المضارع
بالاستقبال فلا يصح أن يقال هل تضرب زيدا وهو أخوك كما تقول أتضرب زيدا وهو أخوك ولهذين أعني اختصاصهما بالتصديق وتخصيصها المضارع بالاستقبال كان لها مزيد اختصاص بما كونه زمانيا أظهر كالفعل
أما الثاني فظاهر وأما الأول فلأن الفعل لا يكون إلا صفة التصديق وحكم بالثبوت أو الانتفاء والنفي والإثبات إنما يتوجهان إلى الصفات لا الذوات ولهذا كان قوله تعالى ( فهل أنتم شاكرون ) أدل على طلب الشكر من قولنا فهل تشكرون وقولنا فهل أنتم تشكرون
لأن إبراز ما سيتجدد في معرض الثابت أدل على كمال العناية بحصوله من إبقائه على أصله وكذا من قولنا فأنتم شاكرون وإن كانت صيغته للثبوت لأن هل أدعى للفعل من الهمزة فتركه معه أدل على كمال العناية بحصوله ولهذا لا يحسن هل زيد منطلق إلا من البليغ وهي قسمان بسيطة وهي التي يطلب بها وجود الشيء كقولنا هل الحركة موجودة ومركبة وهي التي يطلب بها وجود شيء لشيء كقولنا هل الحركة دائمة والألفاظ الباقية لطلب التصور فقط أما ما فقيل يطلب به إما شرح الاسم كقولنا ما العنقاء وإما ماهية المسمى كقولنا ما الحركة والقسم الأول يتقدم على قسمي هل جميعا والثاني يتقدم على هل المركبة دون البسيطة فالبسيطة في الترتيب واقعة بين قسمي ما
وقال السكاكي يسأل بما عن الجنس تقول ما عندك أي أجناس الأشياء عندك وجوابه إنسان أو فرس أو كتاب أو نحو ذلك وكذلك تقول ما الكلمة وما الكلام وفي التنزيل ( فما
خطبكم ) أي أجناس الخطوب خطبكم وفيه ما تعبدون من بعدي أي من في الوجود تؤثرونه للعبادة أو عن الوصف تقول ما زيد وما عمرو وجوابه الكريم أو الفاضل ونحوهما وسؤال فرعون وما رب العالمين إما عن الجنس لاعتقاده لجهله بالله تعالى أن لا موجود مستقلا بنفسه سوى الأجسام كأنه قال أي أجناس الأجسام وهو وعلى هذا جواب موسى عليه السلام بالوصف للتنبيه على النظر المؤدي إلى معرفته لكن لما لم يطابق السؤال عند فرعون عجب الجهلة الذين حوله من قول موسى بقوله لهم ( ألا تستمعون ) ثم لما وجده مصرا على الجواب بالوصف إذ قال في المرة الثانية ( ربكم ورب آبائكم الأولين ) استهزأ به وجننه بقوله ( إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون ) وحين رآهم موسى عليه السلام لم يفطنوا لذلك في المرتين غلظ عليهم في الثالثة بقوله ( إن كنتم تعقلون ) وإما عن الوصف طمعا في أن يسلك موسى عليه السلام في الجواب معه مسلك الحاضرين لو كانوا هم المسؤولين مكانه لشهرته بينهم برب العالمين إلى درجة دعت السحرة إذ عرفوا الحق أن أعقبوا قولهم ( آمنا برب العالمين ) بقولهم ( رب موسى وهارون ) نفيا لاتهامهم أن عتوه وجهله بحال موسى إذا لم يكن
جميعهما قبل ذلك مجلس بدليل أنه قال ( أو لو جئتك بشيء مبين قال فائت به إن كنت من الصادقين ) فحين سمع الجواب تعداه عجب واستهزأ وجنن وتفيهق بما تفيهق من قوله ( لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين )
وأما من فقال السكاكي هو للسؤال عن الجنس من ذوي العلم تقول من جبريل بمعنى أبشر هو أم مالك أم جني وكذا من إبليس ومن فلان ومنه قوله تعالى حكاية عن فرعون ( فمن ربكما يا موسى ) أي أملك هو أم بشر أم جني منكرا لأن يكون لهما رب سواه لادعائه الربوبية لنفسه ذاهبا في سؤاله هذا إلى معنى ألكما رب سواي فأجاب موسى عليه السلام بقوله ( ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى ) كأنه قال نعم لنا رب سواك هو الصانع الذي إذا سلكت الطريق الذي بين بإيجاده لما أوجد وتقديره إياه على ما قدر واتبعت فيه الخريت الماهر وهو العقل الهادي عن الضلال لزمك الاعتراف بكونه ربا وأن لا رب سواه وأن العبادة له مني ومنك ومن الخلق أجمع حق لا مدفع له وقيل هو للسؤال عن العارض المشخص لذي العلم وهذا أظهر لأنه إذا قيل من فلان يجاب بزيد ونحوه مما يفيد التشخيص ولا نسلم صحة الجواب بنحو بشر أو جني كما زعم السكاكي
وأما أي فللسؤال عما يميز أحد المتشاركين في أمر يعمهما يقول القائل عندي ثياب فتقول أي الثياب هي فتطلب منه وصفا يميزها عندك عما يشاركها في الثوبية وفي التنزيل ( أي الفريقين خير مقاما ) أي نحن أم أصحاب محمد عليه السلام وفيه ( أيكم يأتيني بعرشها ) أي الإنسي أم الجني
وأما كم فللسؤال عن العدد إذا قلت كم درهما لك وكم رجلا رأيت فكأنك قلت أعشرون أم ثلاثون أم كذا أم كذا وتقول كم درهمك وكم مالك أي كم دانقا أو كم دينارا وكم ثوبك أي كم شبرا أو كم ذراعا وكم زيد ماكث أي كم يوما أو كم شهرا وكم رأيتك أي كم مرة وكم سرت أي كم فرسخا أو كم يوما قال الله تعالى ( قال قائل منهم كم لبثتم ) أي كم يوما أو كم ساعة وقال ( كم لبثتم في الأرض عدد سنين ) وقال ( سل بني إسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ) ومنه قول الفرزدق
( كم عمة لك يا جرير وخالة ... فدعاء قد حلبت على عشارى )
فيمن روي بالنصب وعلى رواية الرفع تحتمل الاستفهامية والخبرية
وأما كيف فللسؤال عن الحال إذا قيل كيف زيد فجوابه صحيح أو سقيم أو مشغول أو فارغ ونحو ذلك
وأما أين فللسؤال عن المكان إذا قيل أين زيد فجوابه في الدار أو في المسجد أو في
السوق ونحو ذلك
وأما أنى فتستعمل تارة بمعنى كيف قال الله تعالى ( فأتوا حرثكم أنى شئتم ) أي كيف شئتم وأخرى بمعنى من أين قال الله تعالى ( أنى لك هذا ) أي من أين لك .
وأما متى وأيان فللسؤال عن الزمان إذا قيل متى جئت أو أيان جئت قيل يوم الجمعة أو يوم الخميس أو شهر كذا أو سنة كذا وعن علي بن عيسى الربعي أن أيان تستعمل في مواضع التفخيم كقوله تعالى ( يسأل أيان يوم القيامة ) ( يسألون أيان يوم الدين ) ثم هذه الألفاظ كثيرا ما تستعمل في معان غير الاستفهام بحسب ما يناسب المقام منها الاستبطاء نحو كم دعوتك وعليه قوله تعالى ( حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ) ومنها التعجب نحو قوله ( ما لي لا أرى الهدهد ) ومنها التنبيه على الضلال نحو فأين تذهبون
ومنها الوعيد كقولك لمن يسيء الأدب ألم أؤدب فلانا إذا كان عالما بذلك وعليه قوله تعالى ( ألم نهلك الأولين ) ومنها الأمر نحو قوله تعالى ( فهل أنتم مسلمون ) ونحو ( فهل من مدكر ) ومنها التقرير ويشترط في الهمزة أن يليها
المقرر به كقولك أفعلت إذا أردت أن تقرره بأن الفعل كان منه وكقولك أأنت فعلت إذا أردت تقرره بأنه الفاعل وذهب الشيخ عبد القاهر والسكاكي وغيرهما إلى أن قوله ( ءأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم ) من هذا الضرب قال الشيخ لم يقولوا ذلك له عليه السلام وهم يريدون أن يقر لهم بأن كسر الأصنام قد كان ولكن أن يقر بأنه منه كان وكيف وقد أشاروا له إلى الفعل في قولهم ( ءأنت فعلت هذا ) وقال عليه السلام ( بل فعله كبيرهم هذا ) ولو كان التقرير بالفعل في قولهم أأنت فعلت لكان الجواب فعلت أو لم أفعل وفيه نظر لجواز أن تكون الهمزة فيه على أصلها إذ ليس في السياق ما يدل على أنهم كانوا عالمين بأنه عليه السلام هو الذي كسر الأصنام وكقولك أزيدا ضربت إذا أردت أن تقرره بأن مضروبه زيد ومنها الإنكار إما للتوبيخ بمعنى ما كان ينبغي أن يكون نحو أعصيت ربك أو بمعنى لا ينبغي أن يكون كقولك للرجل يضيع الحق أتنسى قديم إحسان فلان وكقولك للرجل يركب الخطر أتخرج في هذا الوقت أتذهب في غير الطريق والغرض بذلك تنبيه السامع حتى يرجع إلى نفسه فيخجل أو يرتدع عن فعل ما هم به وإما للتكذيب بمعنى لم يكن كقوله تعالى ( أفأصفاكم ربكم بالبنين واتخذ من الملائكة إناثا ) وقوله ( اصطفى البنات على البنين ) أو بمعنى لا
يكون نحو ( أنلزمكموها وأنتم لها كارهون ) وعليه قول امرىء القيس
( أيقتلني والمشرفي مضاجعي ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال )
فيمن روى أيقتلني بالاستفهام
وقول الآخر
( أأترك إن قلت دراهم خالد ... زيارته إني إذا للئيم )
والإنكار كالتقرير يشترط أن يلي المنكر الهمزة كقوله تعالى ( أغير الله تدعون ) ( أغير الله أتخذ وليا ) ( أبشرا منا واحدا نتبعه ) وكقوله تعالى ( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم أهم يقسمون رحمة ربك ) أي ليسوا هم المتخيرين للنبوة من يصلح لها المتولين لقسمة رحمة الله التي لا يتولاها إلا هو بباهر قدرته وبالغ حكمته
وعد الزمخشري قوله ( أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين ) وقوله ( أفأنت تسمع الصم أو تهدي العمي ) من هذا الضرب على أن الضرب المعني أفأنت تقدر على إكراههم على الإيمان أو أفأنت تقدر على هدايتهم على سبيل القسر والإلجاء أي إنما يقدر على ذلك الله لا أنت
وحمل السكاكي تقديم الاسم في هذه الآيات الثلاث على البناء على الابتداء دون تقدير التقديم والتأخير كما مر في نحو أنا ضربت فلا يفيد
إلا تقوي الإنكار ومن مجيء الهمزة للإنكار نحو قوله تعالى ( أليس الله بكاف عبده ) وقول جرير
( ألست خير من ركب المطايا ... وأندى العالمين بطون راح )
أي الله كاف عبده وأنتم خير من ركب المطايا لأن نفي النفي إثبات وهذا مراد من قال إن الهمزة فيه للتقرير أي للتقرير بما دخله النفي لا للتقرير وإنكار الفعل مختص بصورة أخرى وهي نحو قولك أزيدا ضربت أم عمرا لمن يدعي أنه ضرب إما زيدا وإما عمرا دون غيرهما لأنه إذا لم يتعلق الفعل بأحدهما والتقدير أنه لم يتعلق بغيرهما فقد انتفى من أصله لا محالة وعليه قوله تعالى ( قل الذكرين حرم أم الأنثيين أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين ) أخرج اللفظ مخرجه إذ كان قد ثبت تحريم في أحد الأشياء ثم أريد معرفة عين المحرم مع أن المراد إنكار التحريم من أصله وكذا قوله ( آلله أذن لكم ) إذ معلوم أن المعنى على إنكار أن يكون قد كان من الله تعالى إذن فيما قالوه من غير أن يكون هذا الإذن قد كان من غير الله فأضافوه إلى الله إلا أن اللفظ أخرج مخرجه إذا كان الأمر كذلك ليكون أشد لنفي ذلك وإبطاله فإنه إذا نفي الفعل عما جعل فاعلا له في الكلام ولا فاعل له غيره لزم نفيه من أصله
قال السكاكي رحمه الله وإياك أن يزول عن خاطرك التفصيل الذي سبق في نحو أنا ضربت وأنت ضربت وهو ضرب من احتمال الابتداء واحتمال التقديم وتفاوت المعنى في الوجهين فلا تحمل نحو قوله تعالى ( آلله أذن لكم ) على التقديم فليس المراد أن الإذن ينكر من الله دون غيره ولكن احمله على الابتداء مرادا منه تقوية حكم الإنكار وفيه نظر لأنه إن أراد أن نحو هذا التركيب أعني ما يكون الاسم الذي يلي الهمزة فيه مظهرا لا يفيد توجه الإنكار إلى كونه فاعلا الفعل الذي بعده فهو ممنوع وإن أراد أنه يفيد ذلك إن قدر تقديم وتأخير وإلا فلا على ما ذهب إليه فيما سبق فهذه الصورة مما منع هو ذلك فيه على ما تقدم لا يقال قد يلي الهمزة غير المنكر في غير ما ذكرتم كما في قوله
( أيقتلني والمشرفي مضاجعي ... )
فإن معناه أنه ليس بالذي يجيء منه أن يقتل مثلي بدليل قوله
( يغط غطيط البكر شد خناقه ... ليقتلني والمرء ليس بقتال )
لأنا نقول ليس ذلك معناه لأنه قال والمشرفي مضاجعي فذكر ما يكون منعا من الفعل والمنع إنما يحتاج إليه مع من يتصور صدور الفعل منه دون من يكون في نفسه عاجزا عنه ومنها التهكم نحو ( أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء ) ومنها التحقير كقولك من هذا وما هذا ومنها التهويل كقراءة ابن عباس رضي الله عنهما ( ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين من فرعون ) بلفظ الاستفهام لما وصف الله تعالى العذاب بأنه مهين لشدته وفظاعة شأنه أراد أن يصور كنهه فقال من فرعون أي أتعرفون من هو في فرط عتوه وتجبره ما ظنكم بعذاب يكون هو المعذب به ثم عرف حاله بقوله ( إنه كان عاليا من المسرفين ) ومنها الاستبعاد نحو ( أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون ) ومنها التوبيخ والتعجب جميعا كقوله تعالى ( كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون ) أي كيف تكفرون والحال أنكم عالمون بهذه القصة أما التوبيخ فلأن الكفر مع هذه الحال ينبىء عن الانهماك في الغفلة أو الجهل وأما التعجيب فلأن هذه الحال تأبى أن لا يكون للعاقل علم بالصانع وعلمه به يأبى أن يكفر وصدور الفعل مع الصارف القوي مظنة تعجب ونظيره ( أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب )
ومن أنواع الإنشاء الأمر والأظهر أن صيغته من المقترنة باللام نحو ليحضر زيد وغيرها نحو أكرم عمرا ورويد بكرا موضوعه لطلب الفعل استعلاء لتبادر الذهن عند سماعها إلى ذلك وتوقف ما سواه على القرينة
قال السكاكي ولإطباق أئمة اللغة على إضافتها إلى الأمر بقولهم صيغة الأمر ومثال الأمر ولام الأمر وفيه نظر لا يخفى على المتأمل ثم إنها أعني صيغة الأمر قد تستعمل في غير طلب الفعل بحسب مناسبة المقام كالإباحة كقولك في مقام الإذن جالس الحسن أو ابن سيرين ومن أحسن ما جاء فيه قول كثير
( أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ... لدينا ولا مقلية إن تقلت )
أي لا أنت ملومة ولا مقلية ووجه حسنة إظهار الرضا بوقوع الداخل تحت لفظ الأمر حتى كأنه مطلوب أي مهما اخترت في حقي من الإساءة والإحسان فأنا راض به غاية الرضا فعامليني بهما وانظري هل تتفاوت حالي معك في الحالين والتهديد كقولك لعبد شتم مولاه وقد أدبه اشتم مولاك وعليه ( اعملوا ما شئتم ) والتعجيز كقولك لمن يدعي أمرا تعتقد أنه ليس في وسعه افعله وعليه ( فأتوا بسورة من مثله ) والتسخير نحو ( كونوا قردة خاسئين ) والإهانة نحو ( كونوا حجارة أو حديدا ) وقوله تعالى ( ذق إنك أنت العزيز الكريم ) والتسوية كقوله ( أنفقوا طوعا أو كرها لن يتقبل منكم ) وقوله ( اصبروا أو لا تصبروا ) والتمني كقول امرىء القيس
( ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ... )
والدعاء إذا استعملت في طلب الفعل على سبيل التضرع نحو ( رب اغفر لي ولوالدي ) والالتماس إذا استعملت فيه على سبيل التلطف كقولك لمن يساويك في الرتبة أفعل بدون الاستعلاء والاحتقار نحو ( ألقوا ما أنتم ملقون ) ثم الأمر قال السكاكي حقه الفور لأنه الظاهر من الطلب ولتبادر الفهم عند الأمر بشيء بعد الأمر بخلافه إلى تغيير الأمر الأول دون الجمع وإرادة التراخي والحق خلافه لما تبين في أصول الفقه ومنها النهي وله حرف واحد وهو لا الجازمة في قولك لا تفعل وهو كالأمر في الاستعلاء وقد يستعمل في غير طلب الكف أو الترك كالتهديد كقولك لعبد لا يمتثل أمرك لا تمتثل أمري واعلم أن هذه الأربعة أعني التمني والاستفهام والأمر والنهي تشترك في كونها قرينة دالة على تقدير الشرط بعدها كقولك ليت لي مالا أنفقه أي إن أرزقه وقولك أين بيتك أزرك أي إن تعرفينه وقولك أكرمني أكرمك أي إن تكرمني قال الله تعالى ( فهب لي من لدنك وليا يرثني ) بالجزم فأما قراءة الرفع فقد حملها الزمخشري على الوصف وقال السكاكي الأولى حملها على الاستئناف دون الوصف لهلاك يحيى قبل زكريا عليهما السلام وأراد بالاستئناف أن يكون جواب سؤال مقدر تضمنه ما قبله فكأنه لما قال فهب لي وليا قيل ما تصنع به فقال يرثني فلم يكن داخلا في المطلوب بالدعاء وقولك لا تشتم يكن خيرا لك أي إن لا تشتم وأما العرض كقولك لمن تراه لا ينزل ألا تنزل تصب خيرا أي إن تنزل فمولد من الاستفهام وليس به لأن التقدير أنه لا ينزل فالاستفهام عن عدم النزول طلب للحاصل وهو محال وتقدير الشرط في غير هذه المواضع لقرينة جائز أيضا كقوله تعالى ( فالله هو الولي ) أي إن أرادوا وليا بالحق فالله هو الولي بالحق لا ولي سواه وقوله ( ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب ) أي لو كان معه إله إذن لذهب ومنها النداء وقد تستعمل صيغته في غير معناه كالإغراء في قولك لمن أقبل يتظلم يا مظلوم والاختصاص في قولهم أنا أفعل كذا أيها الرجل ونحن نفعل كذا أيها القوم واغفر اللهم لنا أيتها العصابة أي متخصصا من بين الرجال ومتخصصين من بين الأقوام والعصائب ثم الخبر قد يقع موقع الإنشاء إما للتفاؤل أو لإظهار الحرص في وقوعه كما مر والدعاء بصيغة الماضي من البليغ يحتمل الوجهين ألا للاحتراز عن صورة الأمر كقول العبد للمولى إذا حول عنه وجهه ينظر المولى إلى ساعة أو لحمل المخاطب على المطلوب بأن يكون المخاطب ممن لا يحب أن يكذب الطالب أو لنحو ذلك .
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|