أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-3-2017
2658
التاريخ: 17-5-2016
4272
التاريخ: 11-3-2017
5730
التاريخ: 5-5-2016
2871
|
لكي تنهض مسؤولية المهندس والمقاول عما يحدث من تهدم كلي او جزئي فيما يشيداه من مبان او منشات ثابتة اخرى ، كوننا نتحدث عن حالة استثنائية فيكون الحديث هنا عما يظهر في هذه المباني من عيوب بعد الانجاز والتسليم ، تقتضي لقيامها شروط لابد من توفرها ليمكن مساءلة المقاول والمهندس عن التهدم او العيب .وهذه الشروط هي :
اولا- ان يكون محل العقد تشييد مبان او اقامة منشات ثابتة .
أي يتعلق الامر بعملية تشييد وهذا التشييد يمكن ان يتم بمختلف مواد البناء مادامت عملية التشييد تهدف الى جعل المنشا ملتصقا بالارض .
والمادة (870) بعد تعديلها تشير الى هذا الشرط باستعمال تعبير "ماشيداه من مبان او ما اقاموه من منشات ثابتة اخرى" مما يوحي بان الامر يجب ان يتعلق ببناء جديد ، فان اعمال التوسيع واعمال الترميم ذات العلاقة بعناصر جوهرية في البناء كالاسس والجدران والسقوف مثل هذه الاعمال تخضع للضمان العشري ، اما الترميمات الطفيفة فيفترض انها غير خاضعة لمثل هذا الضمان . أي ان تكون الاعمال المشيدة من قبيل المباني والمنشات الثابتة الاخرى فالمباني والمنشات المشمولة بالضمان يجب ان تكون مستقرة في الارض وثابتة في مكانها لايمكن نقلها دون هدمها . فالمباني سواء كانت بمستوى الارض او فوقها او تحتها هي التي يبرز فيها عنصر المساحة والفضاء وتخصص لكي يتعامل الانسان داخلها مع توفر عنصر الحماية ولو جزئيا من عوامل الطبيعة ، فالمباني السكنية والعمارات والمخازن والمتاجر والمستشفيات ودور العرض والمصانع والمساجد والكنائس تدخل في هذا المفهوم (1) . والجدير بالذكر انه لايشترط في بنائها ان تكون مبنية بالطابوق او الحجر او الطين ، ولا يغير من موضوعها ما اذا كانت مطعمة بالخشب او الحصير او الحديد او الصفيح . فهي كما يقول بعض الشراح كل ما يقام بمجموعه من المواد تجعلها يد الانسان وحده ويشد بعضها بعضا وتتصل بالارض .او كما تعرضها مسودة مشروع قانون البناء المصري في المادة الاولى منه انها " أي انشاء من أي نوع كان سواء بشكل ثابت او مؤقت ظاهر فوق سطح الارض او في داخلها ويشمل أي جزء مثبت فيها الخ" ، فالابنية اذن هي كل ما لا يقبل النقل بدون هدم سواء بالفك او التركيب او بدونهما الى انه يجب ان لايكون بناءها بالخشب وحده الا اذا ثبت الخشب في الارض يكون ثابتا ثبوت قرار كما هو الحال بالنسبة الى الابنية التي تبنى بالخشب في البلاد الاجنبية(2) .
اما بالنسبة الى العوامات المتخذة كمنازل ، كما هو الحال في مصر حيث تكثر العوامات التي تستقر على شواطىء النيل لغرض اتخاذها دور سكن . وكذلك بالنسبة للعوامة التي جعلت مسكناً في منطقة الصليخ بالاعظمية على شاطىء دجلة انموذجا مشابها للعوامات المصرية فانه لا يمكن اعتبارها من قبيل المنشات الثابتة لانها من المنقولات فليس لها مستقر ثابت ، كما ان نقلها وتحويلها ممكن دون تلف وبالتالي فانها لا تعتبر عقاراً . (3) . وكذلك تتحق في بنائها تظهر فيما بعد الانجاز والتسليم (4).ما دامت غير ثابته ثبوت قرار في الارض كالمنازل والمساكن التي تبنى على سطح الارض ولذلك لا يتحقق في بنائها ، وانما تقتصر المسؤولية فيها على ما تقرره القواعد العامة في هذا الشأن وكذلك يكون الحكم اذا كان البناء بالخشب لغرض من الاغراض الا انه لم يكن ثابتاً ثبوت قرار كما هو الحال بالنسبة الى الاكشاك الخشبية ، سواء كانت هذه الاكشاك قابلة للفك والتركيب ام لا مادام نقلها من مكان الى اخر يتم بسهولة ، فلا تتحقق في بنائها مسؤولية المقاول والمهندس عما يصيبها من خلل وما يظهر فيها من عيوب بعد الانجاز والتسليم لاكتفاء الحكمة من تقرير هذه المسؤولية .
ويختلف الحكم وتتحقق مسؤولية المقاول او المهندس اذا كان البناء مبنياً بالطابوق او السمنت او الحجر ومطعماً بالخشب او الحديد او الصفيح وكان التطعيم يجعله بشكل متحرك حركة يشترط فيها ان تكون منتظمة ومحددة ضمن دائرة معينة كما هو الحال بالنسبة الى المصاعد الكهربائية التي تتحرك صعوداً او نزولاً بشكل منتظم ضمن الشاقول النازل من اعلى العمارة الى محل نصبه في الارض وكذلك بالنسبة للمراوح الهوائية التي تثبت فوق المطاحن في البلاد الاجنبية وبالنسبة الى كل منقول يدخل في البناء ويعتبر جزءاً لا ينفصل منه (5) .
اما العقار بالتخصيص فهو بطبيعته منقول يرصد لخدمة العقار ولمنفعته ( المادة 63 مدني عراقي) لا يعتبر من قبيل المنشآءات الثابته وبالتالي لا يتحقق مسؤولية المقاول او المهندس عما يظهر فيه من خلل او عيب الا وفقاً لما تقرره القواعد العامة .
الشرط الثاني:- حصول تهدم في البناء او ظهور عيب فيه بعد الانجاز والتسليم .
هذا الشرط تضمنته المادة (870 ) مدني عراقي في فقرتها الاولى وبعد تعديلها حيث جاء فيها (( يضمن المهندس المعماري والمقاول ما يحدث من تهدم كلي او جزئي ) وهو عين ما نصت عليه الفقرة الاولى من المادة 651 مدني مصري اما القانون الفرنسي فقد قضت المادة 1792 منه بمسؤوليةالمقاول والمهندس عن التهدم اذا كانت المقاولة باجر جزاف كما قضت المادة 2270 بمسؤوليتها عن التهدم والعيب في الاعمال الكبيره سواء كان الاجر جزافاً او بسعر الوحدة .
ان التهدم في هذه المواد المذكورة المقصود منه حدوث انفصال في اجزاء البناء سواء كان الانفصال كليا يترتب عليه تهدم البناء برمته. او انفصالاً جزئياً يؤدي الى تهدم بعض البناء (6) .
ولا يشترط في التهدم المقصود بنص المادة 870 من القانون المدني العراقي والمادة 651 من القانون المدني المصري والمادة 1792 من القانون الفرنسي الذي يكون محلاً لمساءلة المقاول والمهندس ان يكون حالاً واقعاً فعلاً ، وانما يكفي ان يكون امراً مستقبلاً اذا كان وقوعه لا بد منه وقد رأت ذلك محكمة تمييز العراق في احدى قرارتها ، واعتبرت من قبيل التهدم الجزئي المقصود بالمساءلة حدوث تشققات وتصدعات في البناء تجعل وقوع التهدم مستقبلاًُ امراً لا مفر منه (7) . كما قضت محكمة النقض المصرية بذلك فاعتبرت الخلل الذي يصيب البناء موجبا للمسؤولية ما دام يجعل هدمه امراً لا مفر منه . بقرار قالت فيه ان التعويض كما يكون عن ضرر حال ، فانه يكون ايضاً عن ضرر مستقبل متى كان محقق الوقوع .
فاذا كانت محكمة الموضوع قد انتهت في حدود سلطتها التقديرية الا ان هدم المبنى امر محتم ولا محيص من وقوعه فانها اذ قدرت التعويض المستحق للمطعون ضدها على اساس وقوع هذا الهدم لا تكون قد قدرته عن ضرر محتمل وانما عن ضرر مستقبل محقق الوقوع . ولا وجه لتضرر الطاعن من تقدير التعويض على اساس هدم المنزل مادامت محكمة الموضوع قد انتهت في حدود سلطتها التقديرية الى ان اصلاح العيب الموجود في اساس المبنى وهو مايقتضيه الحكم بالتنفيذ العيني .يتكلف اضعاف ما انتهت المحكمة الى القضاء به من تعويض(8) .
وبهذا الحكم اخذ قانون الموجبات والعقود اللبناني . فقرر ان تداعي البناء اذا اضحى ايلا للسقوط بسبب نقص في اللوازم اوعيب في الارض او في البناء يفيد معنى التهدم وان لم يتهدم البناء فعلاً كله او بعضه . وهو ما نصت عليه المادة 668 بقولها ( ان المهندس او مهندس البناء او المقاول اللذين يستخدمهم صاحب الامر مباشرةً يكونون مسؤولين في مدة السنوات الخمس التي تلي اتمام البناء او المنشأ الاخرى الذي اداروا اعماله او قاموا بها اذا تهدم البناء كله او بعضه او تداعى بوجه واضح للسقوط من جراء نقص في اللوازم ( وعيب في البناء او في الارض ... ) .
ويعتبر من قبيل التهدم ، اذا كان التهدم لم يقع ولكنه واقع لا محالة كان تنطوي امامه البناء على مخالفة صريحة للقوانين والانظمة الخاصة بالبناء والتي تصدر الاجازة المقتضية من الجهات الرسمية المختصة على اساسها (9) .وليس حصول التهدم وحده هو مناط تحقق المسؤولية فليس ضرورياً ان يتهدم البناء كلياً او جزئياً وانما يكفي لقيام المسؤولية ان يظهر عيب فيما يشيده المقاول او المهندس من الابنية وما يقيمانه من منشات ثابتة اخرى بشرط ان يكون من شأن هذا العيب تهديد متانة البناء وسلامته وعلى هذا نصت المادة 651 من القانون المدني المصري بقولها (( 2- ويشمل الضمان المنصوص عليه في الفقرة السابقة وما يوصي في المباني والمنشات من عيوب يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته )) .
اما في العراق فقد كانت المادة 870 من القانون المدني العراقي قبل تعديلها تقصر قيام المسؤولية على حالة حصول التهدم الكلي او الجزئي في البناء ولم تتطرق الى ذكر العيوب التي يترتب عليها تهديد متانة البناء وسلامته. شأنها في ذلك شان المادة 668 من قانون الموجبات والعقود اللبناني التي قصرت قيام المسؤولية على حالة التهدم او تداعي البناء بوجه واضح للسقوط وواضح ان تداعي البناء بوجه واضح للسقوط لا يعني العيب الذي يهدد سلامة البناء ومتانته ، وانما هو تهدم بالفعل تراضى حدوثه الى المستقبل (10) .
والتهدم او العيب ، ان لن يثبت انهما راجعان لسبب اجنبي لا يد للمنهدس او المقاول فيه ، فيفترض انهما حصلا اما بسبب عيب في التصميم او بسبب عيب في الحرفة او بسبب عيب في الارض .
فالتصميم يضعه عادة مهندس معماري، الا انه لا يوجد ما يمنع لتحقق الضمان من ان يضعه شخص اخر سواء المقاول نفسه اورب العمل . وتحقق مسؤولية المهندس المكلف بالاشراف على التنفيذ ولو لم يكن هو واضع التصميم ما دام قد تبناه اللهم الا اذا كان تكليفه جاء في وقت متاخر جدا، بحيث لايمكن ان يكون في وضع يمكنه من اكتشاف العيب في التصميم ، اما اذا اقتصر المهندس على وضع التصميم دون ان يكلف بالاشراف على التنفيذ فانه يكون مسؤولا عن عيوب التصميم وحدها . ويكون المقاول مسؤولا عن عيوب التصميم اذا كانت العيوب من الوضوح بحيث لاتخفى على المقاول لاسيما في العيوب الناشئة عن مخالفة القوانين والانظمة في فن العمارة والبناء، بل ان بعضهم يرى ان المقاول مسؤول بالتضامن عن عيوب التصميم جميعا على ان يكون له حق الرجوع ، بعد ذلك على المهندس المعماري.( 11)
اما العيب في الحرفة فقد يكون سببه استعمال مواد غير صالحة او مخالفة للمواصفات او من نوع لايسمح به اصوله والحرفة ، وقد يكون العيب في الحرفة نفسها كاقامة البناء على اسس غير كافية لتحمل الاثقال المقررة وقد يكون السبب عدم مراعاة الاحتياطات للوقاية من الحريق عند البناء.(12 )
والعيب الذي يعود الى الارض يثير الضمان بالنسبة الى المهندس والمقاول كما لو كانت الارض رخوة ولم تتخذ الاحتياطات لتقوية وتعميق الاسس ويجب ان يكون العيب في الارض بحيث يمكن كشفه بالفحص الفني الدقيق فاذا كان لايمكن كشفه حتى بعد الفحص الفني الدقيق فانه لايترتب عليه الضمان ويكون في حكم القوة القاهرة .
__________________
1 - د.مصطفى رجب ، الضمان العشري لمهندسي ومقاولي البناء والمنشات الثابتة الاخرى ن بحث منشور في مجلة العلوم القانونية، تصدرها كلية القانون جامعة بغداد، المجلد السابع ، العدد الاول والثاني – 1988 ، ص 100 .
2- د. حسين عامر ، في المسؤولية المدنية التقصيرية والعقدية ، مطبعة مصر ، 1956 ، ص 134 .
3- عبد الرزاق السنهوري، الوسيط ، 760 ، فقرة 61 ص108.
4- محمد جابر الدروي، مسؤولية المقاول والمهندس، مطبعة او فسيت عشتار ، بغداد بدون سنة طبع ، ص129.
5- انظر بهذا المعنى الدكتور حسين عامر ، المصدر السابق ، فقرة 718 ، ص735.
6- د. انور سلطان/ مصادر الالتزام ، 1962 ، فقرة 561 ص615.
7- قرار محكمة تمييز العراق رقم 656 ، حقوقية ، 69 صادر بتاريخ 21/10/1996 – منشور في قضاء محكمة تمييز العراق المجلد السادس ص373.
8- نقض مدني مصري 10 يونيو 1965 مجموعة احكام النقض 16- 736 – 117 مذكور في سليمان مرقس في المسؤولية المدنية في تقنيات البلاد العربية ، سنة 1971، ص133.
9- د. محمد جابر الدوري ، مسؤولية المقاول والمهندس في مقاولات البناء ، مصدر سابق ، ص147.
10- د. محمد جابر الدوري، مسؤولية المقاول والمهندس في مقاولات البناء والمنشاءات الثابته الاخرى ، مصدر سابق ص151.
11 - د. مصطفى رجب ، الضمان العشري لمهندسي ومقاولي البناء ، مصدر سابق ، ص 103 .
12 - د.عبد الرزاق السنهوري ، الوسيط،ج7، ،ص113 .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|