أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-04-2015
4011
التاريخ: 20-3-2016
3761
التاريخ: 2024-07-16
423
التاريخ: 17-3-2016
3468
|
ما هو عاشوراء مفهوماً وبداية ؟
قوله عزّ من قائل : {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36] .
إنّ عاشوراء في التاريخ يعني اليوم العاشر مِنْ شهر محرّم الحرام وشهر المحرّم كما هو معلوم أحد الأشهر الاثني عشر في السنة القمريّة التي هي حسب منازل القمر في مداره السنوي حول الشمس وهذه الأشهر القمريّة لا تقلّ عن التسعة وعشرين ولا تزيد على الثلاثين يوماً ؛ وعليه فالسنة القمريّة تنقص عن السنة الشمسيّة بنحو مِنْ ثلاثة عشر يوماً .
ويبدأ الشهر القمري بظهور الهلال على وجه الأُفق الغربي عند غروب الشمس وينتهي بكمال العدّة أو برؤية الهلال ثانية . فهو أسهل ضبطاً ومعرفة من الشهر الشمسي بالنسبة إلى عامّة الناس ؛ ولهذا السبب اعتبرها الإسلام رسميّاً في أحكامه وشعائره مِنْ صيام وإفطار وحج وغيرها .
وأمّا أسماء هذه الشهور فهي عربية قديمة قبل الإسلام فالعرب مِنْ أقدم العصور اعتمدوا على هذه الشهور القمريّة وسمّوها بهذه الأسماء المعروفة لمناسبات خاصّة وقتية ثمّ زالت تلك المناسبات وبقيت الأسماء .
وفي نفس الوقت اعتبروا أربعةً منها حرماً أي محرّمة تبعاً لما في الشرائع السماوية السابقة . ومعنى اعتبار العرب لأربعة من الشهور المذكورة حُرُماً : أنّهم كانوا يتركون فيها الحرب والقتال والغزو والغارات وسفك الدماء لينصرفوا ويتفرّغوا فيها إلى شؤونهم التجارية والزراعية والأدبية وغيرها فيقيمون فيها الأسواق ويعقدون الأندية والاجتماعات ويتفاخرون بإنتاجهم الصناعي والأدبي .
والأربعة الحرم عبارة عن الثلاثة السرد ؛ أي ذو القعدة وذو الحجة ومحرّم والواحد الفرد أي شهر رجب .
وكما قدّمنا كان احترام العرب لهذه الشهور الأربعة تقليداً دينياً ؛ لذا لمّا ضعف الدافع والشعور الديني عند العرب الجاهليِّين ضعف تبعاً لذلك هذا التقليد وصاروا يبدلون بعض هذه الأشهر الحرم بغيرها إذا دعت حاجتهم إلى ذلك . كأنْ يحاربوا أو يغزوا في رجب مثلاً ويحترمون بدلاً عنه شعبان أو غيره , وهكذا وهذا ما يسمّونه بالنسيء الذي حرّمه الإسلام وندّد به في قوله تعالى : {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} [التوبة: 37].
فالغرض أنّ المحرّم هو أحد الشهور الأربعة الحرم أي المحترمة منذ القدم , وأمّا عاشوراء فهو يوم العاشر منه كانوا يعتبرونه أقدس أيّام السنة وأكثرها خيراً وبركة ؛ يطعمون فيه الفقراء ويتفقدون فيه المساكين والأرامل واليتامى ويعملون فيه الخير .
هذا مفهوم المحرّم ومفهوم عاشوراء مِنْ قديم الزمان وإلى أنْ جاء الاُمويّون إلى الحكم في العالم الإسلامي فهتكوا حرمة الأشهر الحرم في جملة ما هتكوا مِنْ الحرمات وارتكبوا في الشهر المحرّم وفي يوم عاشوراء خاصّة أبشع جريمة عرفها التاريخ فسفكوا فيه أقدس الدماء وقتلوا فيه أفضل وأشرف الذوات الإنسانية وذبحوا فيه الأطفال وقتلوا النساء ومثّلوا بالشهداء وأحرقوا الخيام على آل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ورضّوا جثث أهل البيت (عليهم السّلام) بحوافر الخيول فتبدّل بفعلهم هذا معنى المحرّم وعاشوراء وتحوّل مفهومهما عند المسلمين إلى أيّام حداد وأسى وصار المحرّم موسماً خاصاً للاحتفال بذكرى اُولئك الأبطال الذين أقدموا على تحمّل المآسي العظام ؛ دفاعاً عن الحقّ والعدل وحقوق الإنسان .
ففي الاحتفال بذكرى شهداء كربلاء وأبطل العاشر من المحرّم (سنة 61 هـ) أحسن الأثر في نفوس النشء الجديد والجيل الصاعد والشباب والواعي ؛ لأنّ ذكراهم ومواقفهم تلقن الشباب دروس العزّة والكرامة والشعور بالشرف الإنساني وتقوّي في نفسه روح التضحية والفداء في سبيل الحقّ والعدل .
فنشر أنباء اُولئك الأبطال هو في رأي الخبراء أكبر خدمة اجتماعية وتربوية تقدّم للمجتمع ألا ترى العادة الجارية والتقليد السائد عند كافة الشعوب والأمم حيث يحتفلون بين حين وآخر بذكرى ثوراتهم الوطنية وأبطالهم الثائرين وقادتهم المحررين ويقيمون لهم التماثيل ويرفعون صورهم في الشوارع والساحات العامة ؛ تخليداً لذكراهم ؟
لماذا ؟ نعم يعلّلون ذلك بأنّه أداء لحقّهم وتقدير لصنيعهم أوّلاً ثمّ تشجيع وتشويق للشباب والنشء الجديد نحو الاقتداء بهم والسير على مبدئهم وفي طريقهم والقيام بمثل أعمالهم .
ويقول الخبراء : لولا هذه الذكريات لماتت روح التضحية في نفوس الناس وسادت روح الأنانية والفردية . فإذا كان كذلك أليس يجدر بثورة الحسين وموقفه يوم عاشوراء أنْ يُشاد بذكراها في كلّ زمان ومكان ؟!
أيّ ثورة وطنية في العالم بلغت في عمقها وشمولها ونبل أهدافها وبركة نتائجها مبلغ ثورة الحسين (عليه السّلام) ؟! إنّها لمْ تخدم الشيعة فحسب ولا المسلمين فقط بل خدمت الإنسانية والحقّ العالمي .
فالمحرّم إذاً في عرف العقلاء موسم سنوي لدورة دراسة تلقى فيها دروس مِنْ سيرة الحسين (عليه السّلام) وأصحابه حول موضوع الإنسانية المثالية ولوازمها ومتطلباتها .
ويوم عاشوراء منه هو في الواقع يوم تظاهرة عالمية ؛ تأييداً للحقّ واستنكاراً للباطل ذلك الحقّ المطلق الذي تجسّد في سيرة الإمام الحسين (عليه السّلام) وتضحيته وذلك الباطل المطلق الذي تمثّل في جريمة الاُمويِّين وسلوكهم فهذه أبواب المدارس الحسينية مفتوحة فادخلوها بسلام آمنين.
إنّ مدرسة الحسين (عليه السّلام) يجب أنْ تفتح في كلّ مكان وذكراه يجب أنْ تُقام في كلّ زمان تماماً كما صوّرهما هذا الأديب القائل :
كأنّ كلّ مكان كربلاء لدى عيني وكلّ زمان يوم عاشورا
ولقد حاول أعداء الصلاح والإصلاح ولا زالوا يحاولون أنْ يخلقوا بعض المبرّرات ؛ لكي يتّخذوا مِنْ أيّام المحرّم أعياداً ومناسبات فرح لا أساس لها من الواقع ، فمِنْ ذلك مثلاً : زعمهم أنّ هجرة الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) إلى المدينة المنورة كانت في أول يوم من المحرّم فهم لذلك يتّخذون مِنْ ذلك اليوم عيداً وأسموه عيد الهجرة مع العلم أنّ هجرة الرسول (صلّى الله عليه وآله) كانت أوائل شهر ربيع الأول حسب إجماع المؤرّخين .
وقالوا : إنّ يوم عاشوراء يوم مقدّس ومبروك فهم لذلك اتّخذوه عيداً يظهرون فيه الفرح والسرور ويلبسون فيه الجديد وثياب الزينة ويقدّمون التهاني بعضهم لبعض مع العلم إنّ القدسية والبركة لا يستلزمان التعيّد وإظهار الزينة وتبادل التهاني !
وعلى كلّ حال لا يوجد أيّ مبرّر لاتّخاذ أيّام المحرّم أو بعضها أعياداً أبداً بعد أنْ وقعت فيه تلك المأساة الخالدة والكارثة الإنسانية العظمى التي راح ضحيتها العشرات مِنْ ذرّيّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وأبنائه وأهل بيته الطاهرين في تلك المجزرة الرهيبة التي لمْ يسبق لها نظير .
ففي حديث الإمام علي الرضا (عليه السّلام) قال : إنّ شهر المحرّم كان أهل الجاهلية فيما مضى يعظّمونه ويحترمونه ويحرّمون فيه الظلم والقتال لحرمته لكنّ هذه الأمّة ما عرفت حرمة شهرها ولا حرمة نبيها ؛ فقتلوا فيه ذرّيّته وسبوا فيه نساءه مِنْ بلد إلى بلد . . . .
وفي حديث آخر عنه (عليه السّلام) قال : إنّ يوم عاشوراء يوم تبرّكت به وفرحت فيه بنو اُميّة وآل مروان ؛ لقتلهم الحسين (عليه السّلام) وأهل بيته فمَنْ اتّخذه يوم فرح وسرور جعل الله له يوم القيامة يوم حزن وخوف وكآبة ومَنْ اتّخذه يوم حزن ومصيبة جعل الله له يوم القيامة يوم فرح وسرور وقرّت بنا في الجنان عينه .
ولقد عبّر بعض الشعراء عن منطق التدين والوجدان والضمير الإنساني حيث قال (رحمه الله) :
مــا انـتظارُ الدمعِ ألاّ يستهلاّ أو مـا تـنـظرُ عاشوراءَ هلاّ
كـيـف لا تـحزنُ في شهر به أصـبـحت آلُ رسولِ الله قتلا
كـيـف لا تـحزن في شهر به أصـبحت فاطمةُ الزهراءُ ثكلا
كـيـف لا تـحزن في شهر به رأسُ خير الخلقِ في الرمح معلاّ
كـيـف لا تـحزن في شهر به أُلـبس الإسـلام ذلاً ليس يبلا
يـوم لا سؤددُ إلاّ وانقضى وحـسـام لـلعُلا إلاّ وفلاّ
يوم خرّ ابنُ رسول الله عن سـرجهِ لله خطب ما أجلاّ
يا قتيلاً أصبحت دارُ العُلا بعده قفراً وربعُ الجود محلا
ما نعتك الخلقُ لكنْ قد نعتْ فيك إحساناً ومعروفاً وعدلا
وقال آخر يخاطب الحسين (عليه السّلام) :
تبكيك عيني لا لأجل مثوبة لـكنّما عـيني لأجلكَ باكيهْ
تـبتلّ مـنكم كربلا بدم ولا تـبتلّ منّي بالدموعِ الجاريهْ
لماذا فاق يوم الحسين (عليه السّلام) أيّام غيره من الشهداء ؟
فـما رأى السبطُ للدين الحنيفِ شفاً إلاّ إذا دمُـهُ فـي كـربـلا سُـفكا
و مـا سـمـعنا عليلاً لا علاج له إلاّ بـنـفـسِ مـداويـهِ إذا هلكا
نـفـسـي الفداءُ لفادي شرعَ والدِهِ بـنـفـسـهِ و بـأهـليهِ وما ملكا
يـا مـيّـتـاً تـرك الألباب حائرةً وبـالـعـراءِ ثـلاثـاً جسمُهُ تركا
فــي كـلّ عام لنا بالعشرِ واعية تـطبّق الـدورَ والأرجاء والسككا
وكـلّ مـسـلـمـة ترمي بزينتِها حتّى السماءَ رمتْ عن وجهها الحُبكا
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل شيوخ ووجهاء عشيرة البو بدري في مدينة سامراء
|
|
|