أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-3-2016
3734
التاريخ: 20-3-2016
3751
التاريخ: 19-5-2019
9774
التاريخ: 22-3-2016
3444
|
لم تكن كربلاء في العهد القديم قبل الفتح الإسلامي بلدة تستحق الذكر ، ولم يرد ذكرها في التاريخ إلاّ نادراً ، وأكثر ذلك في عرض الكلام عمّا كان يقع في الحيرة وقرية الطفّ من الوقائع بل كانت هي قرية بسيطة عليها مزارع وضياع لدهاقين الفرس ، وكان سكّانها أهل حراثة وزراعة .
كربلاء (بالمد) : ذكر ياقوت في المعجم(1) حول اشتقاقه من كربله رخاوة في القدمين ، جاء يمشي مكربلاً ، وعلله لرخاوة أرضها وتربتها ونقاء حنطتها واستشهد :
يـحملنَ حمراء رسوباً بالنقل *** قد غربلت وكربلت من القصل
قال : والكربل (2) : اسم نبت الحماض ، واستشهد بوصف أبو وجزة لعهون الهودج :
وثامرُ كربلٍ وعميمُ دفلى *** عليها والندى سبطٌ يمورُ
من الممكن أن تكون قيمة لما علل إنْ لم تكن أصل اللفظة أعجمية(3).
وأورد عند ذكر الكوفة(4) عن السبب الذي بعث على اتخاذ موقعه معسكراً ، قال : على أثر الفشل الذي مُني به القائد الأعلى سعد بن أبي وقاص والموفقية التي حازها خالد بن عرفطة في فتح ساباط أوّلاً ، ثمّ استتبعه فتح البقية المدائن عاصمة الدولة الساسانية ، وتكلل فوز المسلمين بأكاليل النصر وتمّ لهم الغلبة ، فأرغم يزدجرد الملك بالانسحاب والتقهقر مقهوراً إلى اصطخر فارس ، عطفوا عندها باتخاذ قاعدة تكون معسكراً لهم على تخوم الجزيرة فاختاروا كربلاء .
ولتمنّع ساكنيه من التسليم والخضوع لإرادتهم قصدهم خالد بن عرطفة وفتح كربلاء عنوة وسبى أهلها ، وقسّم سعد أرباضها بين أصحابه ، ونزل كلّ قوم في الناحية التي خرج سهمه بها فأحيوها ؛ فلإطلاق لفظ كربلاء على مدده(*) عامرة عند الفتح لا بدّ من أن يكون جاهلي الأصل ، وبزعم مجوس دور الفهلوية ومعتقدهم كان بيت نار على ما ذكره مؤلّف دبستان المذاهب)(5) ، يطلقون لفظة بـكار بالاومعناه الفعل العلوي ، فعرّب بكربلاء .
ومن المحتمل أنّ المسلمين خفّفوا لفظ كربلاء من كور بابل كما خفّفوا لفظ بورسيا بلفظ برس ، وهو لغة نبطي بابلي ، على أنّ كربلاء ومطلق القطع المتلاصقة ببعضها هي ضواحي القسم الغربي من مدينة بابل .
في مبدأ الفتح في عهد خلافة أبو بكر عندما هادن أهل الحيرة ـ دهاقين الفرات الأوسط ـ خالد بن الوليد شكا عبد الله بن وثيمة النصري ذباب كربلاء ، وقال رجل من أشجع :
لـقد حـبست في كربلا مطيتي *** وفـي العينِ حتّى عادَ غثاً سمينُها
اذا رحـلت من منزلٍ رجعت له *** لـعمري وأيّـها إنّـني لأهـينُها
ويـمنعها مـن مـاءِ كلّ شريعةٍ *** رفاقٌ من الذبّانِ زرقٌ عيونُها (6)
وتناقلت الألسن أنباء الشكوى والشعر ، وأُحيط بعلم الخليفة عمر بن الخطاب في حينه فعند وصول كتاب سعد يخبره بما قام به لم يرتضه للمسلمين معسكراً ، وأمر سعد بتحويلهم ونقلهم منها ، فحوّلهم سعد من كربلاء إلى سوق حكمه(7) ، ويقال : إلى كويفة ابن عمر دون الكوفة(8) .
فأغفل ذكر كربلاء بعدها إلى أن ولي أمير المؤمنين علي (سلام الله عليه) الخلافة فوردها عند مسيره لحرب معاوية في سهل صفّين ، فوقف عندما بلغ هذه الأرض(9) وأخبر عمّا سيكون لولده الحسين (عليه السّلام) من الحوادث والشؤون فيها .
والمستفاد من ذلك لم يكن محلّ موقفه الذي وقف فيه وأخبر عن ذلك سوى صحراء خالية لا أثر بها خلا بعض نُخيلات(10) . على أنّ هذا لا يكون دليلاً قاطعاً على عدم وجود عمران وأبنية فيها ؛ إذ من الجائز أن تكون الوقفة الشريفة على بعض نواحيها لا نفس موقعها ، أو أنّه من الجائز أن أُخذت إلى الخراب والدثار بعد ترك سعد بن أبي وقاص لها وتحوّله عنها إلى موضع الكوفة بعد أن سبى أهلها فلم يسكنها أحد بعد ذلك ، اللّهمّ إلاّ بعض الصعاليك ، وأخذت إلى التقهقر يوماً بعد يوم حتّى أن قضت آخر أدوارها في زمن وجيز .
هذا ورغماً على مرّ كرور الليالي والأيام عن بُعد ذلك الزمن الشاسع وإهمال المؤرّخين والجغرافيين عن تعريف موقعها حفظت لنا يد التواتر محلّها ، وأقام براهينه وجود الأطلال والهضبات الحاكية لنا عن قديم آثارها .
يوجد اليوم على ما بلغني على بُعد بعض أميال في القسم الشمالي الغربي من مدينة كربلاء باتجاه ضريح الحرّ بن يزيد الرياحي في أرض القرطة والكمالية أكم وأطلال قيل : إنّها كربلاء الأصلية .
وقبل سني الحرب العالمية الأولى كان بعض أفراد من مطره يستخرجون من نفس الأطلال طابوق فرشي ضخم سلطاني يحملونه على حميرهم إلى كربلاء لبيعه على الأهلين كوسيلة للعيش والارتزاق ،وأذكر في هذا الخصوص أنّ السيد كاظم العطّار كان مشغولاً ببناء داره الواقعة في حارة باب الطاق مقابل إمام بارة الأميرة تاج دار بهو الهندية يبتاع منهم لبنائه (11).
وفي الجنوب الشرقي من البلدة المشرّقة قطعة أرض يُطلق عليها اليوم لفظة كربلة بهاء ، ويزعم مَنْ لا علم له بذلك أنّها القرية التي كانت عليها المزارع حين ورود أبي عبد الله (عليه السّلام) إليها ، ومنها اشتق الاسم لهذه البلدة .
وقد بنا بها النوّاب ناصر علي خان اللاهوري بناء جليلاً ، وبذل الأموال الجزيلة لإعمار هذه القطعة من الأرض بعد أن ابتاعها من الحكومة العثمانيّة ؛ ولمّا كانت تتصل بهور السليمانية فقد تكرّر إطلاق الماء عليها وذهبت بمحاسنها ولم يبقَ بها إلاّ القليل من ذلك . وببنائه اليوم يسكن أحفاده وتُجرى لهم الأرزاق الكافية وهم على كمال السعة .
فلم يعد يحدّثنا التأريخ عن كربلاء بعد تلك الوقفة ـ أيّ وقفة أمير المؤمنين (عليه السّلام) ـ إلاّ بعد مرور ربع قرن من الزمان ، ولكن هذه المرّة بحديث ذي شجون عن أعظم مأساة في تأريخ البشرية ، ألا وهي الحادثة الشهيرة بواقعة الطفّ ، أو يوم عاشوراء في يوم الجمعة العاشر من محرّم الحرام لسنة 61 هجرية التي استشهد فيها سبط الرسول (صلّى الله عليه وآله) وحبيب البتول الإمام الحسين بن علي (سلام الله عليهم) وجمع من أصحابه (رضوان الله عليهم (12) .
هذا ولم تكن كربلاء عامرة يوم ورود الحسين (عليه السّلام) لها يوم الخميس الثاني من المحرّم سنة 61 هـ وهو على ظهر جواده على شفير ذلك الوادي إلاّ بعض قرى تحفّ أطرافها ؛ كشفيه والغاضريات ونينوى وماريه(13) والعقر التي بقيت آخر أثر للبابليين لا يزال قائماً .
هذا ، وإذا أراد الله شيئاً هيّأ أسبابه ؛ إذ قد قدّر إحياء اسم كربلاء وبقاء التلفظ بلفظتها ، ولم يرتضِ الحسين (عليه السّلام) من أسماء القرى التي أخبروه بها سوى اسم كربلاء ؛ إذ عندما طرقت لفظتها مسامعه الشريفة ارتضاها من غير تأنٍ ولا توان ، بحيث كأنّه تفوّه بلفظتها مع مخبره عن تلك الأسماء فلم يكد أن قال : هي هي والله محطّ رحالنا ، ومناخ ركابنا ، ومسفك دمائنا.
ثمّ أمر بأثقاله فحُطّت وبسرادقه فأُقيمت ، ثمّ كان من أمره ما كان ليوم التاسع من نزوله (سلام الله عليه) .
كربلاء ... فأُخذت لفظتها بعد وقوع هذا الحادث الأليم ممّا جرى على بسيط أديمها من ضروب الفضاعة ، وغلواء صنوف الشناعة ؛ من تفنن أهل الكوفة في الإتيان بأنواع الطرق البربرية حتّى أظهروها الغاية ، وبلغوا مراتب النهاية في ذلك ، بحيث لم يعهدنا التأريخ بمثله منذ أقدم الأعصر الغابرة ، وإن قلنا من حين أن عُرف النوع الإنساني لجاز ذلك ؛ بما فاضت تلك الأرض القاحلة من دماء الأبرياء الذين ثبتوا في ذلك اليوم في مستنقع الموت ذبّاً وراء نفوسهم الطاهرة ، وإباء عن مديد الذلّ الكريم اُنوفهم الحمية حتّى أعجبوا الملأ الأعلى لعظيم صبرهم فضلاً عن أهل البرية .
ومن ذلك الحين ذاع صيت هذه الآفاق وانتشر في الأقطار ، وقد جاء ذكرها في أشعار العرب ودواوينهم ؛ ففي أوّل بيت شُهر وردت لفظتها : ابكِ قتيلاً بكربلاء .....
ثمّ البيت :
غـادروهُ بـكربلاءَ صـريعاً *** لا سقى الله جانبَي كربلاءِ(14)
ثمّ تلاها قول السهمي(15):
مررتُ على قبرِ الحسينِ بكربلا *** ففاضَ عليه من دموعي غزيرُها
وقوله :
سلامٌ على أهلِ القبورِ بكربلا *** وقـلّ لها منّي سلامٌ يزورُها
وقول كشاجم :
وأظلم في كربلا يومُهمْ *** ثمّ تجلّى وهم ذبائحُه(16)
وقول السوسي :
كم دموعٍ ممزوجةٍ بدماءِ *** سكبتها العيونُ في كربلاءِ
وقول منصور النمري(17) :
بـيثرب كـربلاء لـهم ديارٌ *** نيامُ الأهلِ دارسة الطلولِ (18)
وقول الزاهي :
وأضحى بكم كربلا مغرباً *** كزهر النجومِ إذا غوّرت
إلى ما هنالك من ذكر لفظتها.
وإن أردنا استيعاب ذلك لم تسعنا المجلدات لكثرته ؛ إذ لم يخل بيت شعر رُثي به الحسين (عليه السّلام) من ذلك .
هذا وموضع تلك الواقعة صار مقصد الراغبين وبغية الطالبيين بعد قيام الأسديين ـ أهل الغاضريات ـ بدفن الجثث الطاهرة والأجساد المضرّجة بالدماء التي أُريقت بسيف البغي والعدوان ، إلاّ أنّ أشلاءهم لمَ تقبر كلّها في صعيد واحد ؛ إذ لم ترضَ بنو تميم ترك شلو صاحبهم الحرّ بن يزيد عند تلك الأشلاء ، أخذوه إلى موضع قبره المعلوم ، وشلو العباس بن علي (عليه السّلام) ترك على المسنّاة على شاطئ العلقمي ؛ لتعسّر إلحاقه بجثة أخيه ؛ إذ كانت أرباً أرباً . إلاّ إنّ الحائر محيط بأشلاء بقيّتهم .
وليس اليوم علماً يركن إليه للوقوف على حفرهم سوى الحسين (عليه السّلام) وولده المقتول بين الشهداء كأنّهم أُقبروا فيه ، وعلم يشير إلى ضريح حبيب بن مظاهر الأسدي ؛ فكان أوّل مَنْ زار الحائر بعدما حازت تربتها تلك السعادة الأبدية عبيد الله بن الحرّ الجعفي(19) ؛ لقرب موضعه منها ؛ إذ كان على الفرات .
وقف على القبر الشريف واستعبر باكياً متأوّهاً كمداً على ما فاته من القيام بالسعادة وفوزه بمراتب الشهادة بين يدي سيد السادة ، منشداً أبياته الشهيرة التي يقول فيها(20) :
فـوا نـدمي أن لا أكـون نـصرتُه *** ألا كــلّ نـفسٍ لا تـسددّ نـادمهْ
وإنّـي لأنّـي لـم أكـن من حماتِه *** لـذو حــسرةٍ ما إن تُفارق لازمهْ
سـقـى اللهُ أرواحَ الـذيـن تـآزروا *** على نصـرهِ سقيـاً من الغيث دائمهْ
وقـفت على أجـداثِهم ومـحالِـهمْ *** فـكاد الـحشى ينقضّ والعينُ ساجمهْ
لـعمري لقد كانوا مصاليتَ في الوغى *** سـراعاً إلـى الهيجا حماةً ضيارمهْ
تآسوا عـلى نـصر ابن بنت نبيِّهمْ *** بـأسـيافهم آسـادُ غـيلٍ ضراغمهْ
فـإن يـقتـلوا فـكلّ نـفس زكـيةٍ *** عـلى الأرض قد أضحت لذلك واجمهْ
ومـا أن رأى الـراؤون أصـبرَ منهمُ *** لـدى الـموتِ ساداتٍ وزهراً قماقمهْ
ولوم ابن زياد وعتبه إيّاه لعدم رؤيته لذلك المشهد الفضيع ، فقال يعنيه :
أتـقتلهم ظـلماً وتـرجو ودادَنا *** فـدع خـطّةً لـيست لنا بملائمهْ
لـعمري لـقد راغـمتمونا بـقتلهمْ *** فـكم نـاقمٍ مـنّا عـليكم وناقمهْ
أهـمّ مـراراً أن أسـير بـجحفلٍ *** إلـى فئةٍ زاغت عن الحقّ ظالمهْ
فـكفوا وإلاّ زرتـكم فـي كتائبٍ *** أشدّ عليكم مـن زحوفِ الديالمهْ (21)
وعند تحقق خبر شهادته في الأقطار قصدته العقم من النساء مئة ألف امرأة ؛ لِما عند العرب من العوائد في المرأة التي لا تلد أن تحضر قبر رجل كريم(22) .
وقيل : التي لا يعيش لها إن أتت الشريف المقتول غدراً ووطئت حوله عاش لها(23) .
وقد عنى الكميت بن زيد الأسدي ذلك في الهاشميات ، حيث قال :
وتُطيل المرزّآتُ المقاليـ *** ـتُ عليه القعود بعد القيامِ (24)
وهناك ورد وفد جابر بن عبد الله الأنصاري في جماعة من الهاشميِّين يوم العشرين من صفر سنة الشهادة ، وقد عدّ البعض ذلك ضرب من المستحيل إن كان وارداً من الحجاز ؛ لِما يستغرق من الوقت لوصول الخبر إلى المدينة ثمّ مجيئهم إلى كربلاء ، ولا يمكن تعليل ذلك إلاّ بوجود جابر في محلّ قريب من كربلاء عند بلوغه الخبر ؛ فأمكنه الوصول في ذلك اليوم ، أو أنّه قد وفد في السنة التي تلت سنة الشهادة .
هذا ، وعندما بلغ جابر الغاضرية اغتسل في شريعتها ، وتقمّص بأطهر ثيابه ، وتطيّب بسعد كان مع صاحبه عطاء ، ثمّ سعى نحو القبر الشريف حافي القدمين وعليه إمارات الحزن والكآبة حتّى وقف على الرمس الكريم فانكبّ ووقع مغشياً عليه ... وعند إقامته من غشوته سمعه عطاء يقول : السّلام عليكم يا آل الله(25) .
ثمّ ذكروا ملاقاته للسجّاد علي بن الحسين (عليه السّلام) في ذلك اليوم مع أهل بيته راجعاً من الشام وهو حامل للرأس الشريف وسائر الرؤوس ؛ لإلحاقها بالجثث الطاهرة ، أو الرأس الشريف فقط بعد إطلاق سبيلهم من قيد الأسر .
إنّ التصدّي لتوثيق صحة هذا الخبر وتأكيده لهو من الاستحالة بمكان ؛ إذ كيف تسنّى للسجّاد (عليه السّلام) طي الأرض بهذا الزمن القصير مع ما هم عليه من المصائب والحزن على استشهاد الحسين (عليه السّلام) ؛ حيث قادوهم من ساحة كربلاء إلى الكوفة وبقاؤهم بها مدّة استئذان ابن مرجانة طاغيته يزيد في حملهم إليه ، وتسييرهم بعد صدور إرادة يزيد ، وقد ساروا بهم على طريق الفرات ، واجتازوا بهم حلب حتّى دخلوا بهم الشام في اليوم السادس عشر من ربيع الأول على ما نصّ عليه عماد الدين الحسن بن علي الطبرسي في كتابه الموسوم بـ : الكامل البهائي61 صنيع الدولة؟
مع أنّه لم نقف على مدّة إقامتهم بالشام إلاّ وقد ورد أنّهم أقاموا شهراً في موضع لا يكفّهم من حرّ ولا بردبحار 21 / 203؛ فنرى من ذلك أنّه من الصعوبة بمكان قدوم السجّاد وأهل بيته من الشام في نفس السنة التي استشهد فيها الحسين (عليه السّلام) ، وفي نفس ذلك اليوم ، ولا يمكن تعليل ذلك سوى ما ذكرناه من تعليل لمجيء جابر إلى كربلاء وهي ورودهم لها في السنة التي تلت الحادية والستين !
ولم يتعرّض المفيد (قدّس الله روحه) إلى ذكر ورودهم كربلاء بعد إطلاق سبيلهم ، إلاّ أنّ السيد ابن طاوس قال : أمر يزيد بردّ الأسرى وسبايا الحسين (عليه السّلام) إلى أوطانهم بمدينة الرسول ، وأمّا الرأس الشريف روى أنّه اُعيد فدُفن بكربلاء مع جسده الشريف (26) .
ومن الغريب أنّ ابن طاوس قد ذكر العبارة السالفة بعد أن ذكر تمنّع يزيد عندما أراد السجّاد رؤية وجه أبيه فضلاً عن إعطائه إيّاه ، واعتذر بعد أن أورد لفظ إلحاق الرأس الشريف بالجسد الطاهر بهذه العبارة : وكان عمل الطائفة على هذا المعنى المشار إليه ، ورويت آثار كثيرة مختلفة غير ما ذكرناه ، تركنا وصفها ؛ [ لكي ] لا ينفسخ ما شرطناه .
ثمّ أوصل كلامه بهذه الجملة : ولمّا رجعت نساء الحسين (عليه السّلام) وعياله من الشام وبلغوا العراق قالوا للدليل : مرّ بنا على طريق كربلاء . فوصلوا إلى موضع المصرع فوجدوا جابر بن عبد الله الأنصاري وجماعة من بني هاشم ورجالاً من آل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قد وردوا لزيارة قبر الحسين (عليه السّلام) ، فوافوا في وقت واحد وتلاقوا بالبكاء والحزن واللطم وأقاموا المآتم المقرحة للأكباد ، واجتمع إليهم نساء ذلك السواد فأقاموا على ذلك أياماً(27) .
ومع هذا لم تكن كربلاء في القرن الأوّل الهجري عامرة ، مع ما كان في أنفس الهاشميِّين وشيعتهم من شوق ولهفة في مجاورة قبر سيد الشهداء لم يتمكّنوا من اتخاذ الدور وإقامة العمران ؛ خوفاً من سلطان بني اُميّة .
وقد أخذت بالتقدّم في أوائل الدولة العباسيّة ، ورجعت القهقري في أيام الرشيد(28) . وقد ازداد خرابها في أيام المتوكّل ؛ لأنّه هدم قبر الحسين (عليه السّلام) فرحل عنها سكّانها .
ثمّ أخذ الشيعة في أيام المنتصر يتوافدون إلى كربلاء ويعمرونها ،وكان أوّل علوي سكنها وهو تاج الدين إبراهيم المجاب حفيد الإمام موسى بن جعفر (عليهما السّلام) ، وقد وردها في حدود سنة 247 هجرية، واتخذت الدور عند رمسه ، وقامت القصور والأسواق حوله ، ولم يمض قرن أو بعض قرن إلاّ وحول قبره الشريف مدينة صغيرة بها آلاف النفوس .
وقد زارها السلطان عضد الدولة ابن بويه (29) سنة 370 هجرية ، وكانت قرية عامرة بالسكّان ، وعدد من جاور القبر في ذلك العهد من العلويِّين فيها خاصة ما يربوا على ألفين ومئتين نفس . فأجزل لهم عضد الدولة في العطايا ، وكان ما بذل لهم مئة ألف رطل من التمر والدقيق ومن الثياب خمسمئة قطعة (30) .
ووصف الصنجي حال عمرانها وقد وردها بعد تمام القرن السابع وأوّل القرن الثامن(31) ، قال : هي مدينة صغيرة تحفّها حدائق النخيل ويسقيها ماء الفرات ، والروضة المقدّسة داخلها وعليها مدرسة عظيمة وزاوية .
وفي سنة 436 هـ قد سار الملك أبو كاليجار البويهي إلى بغداد في مئة فارس ، فلمّا وصل النعمانية لقيه دبيس بن مزيد ومضى إلى زيارة المشهدين بالكوفة وكربلاء .الكامل 8 / 40) .
وفي المنتظم8 / 45في حوادث سنة 442 : وخرجوا إلى زيارة المشهدين مشهد علي والحسين ... وخرج من الأتراك وأهل السُنّة مَنْ لم يجر به عادة .
وزارها من السلاجقة في النصف الثاني من القرن الخامسسنة 479السلطان ملكشاه السلجوقي مع وزيره نظام الملك عندما كان ذاهباً للصيد في تلك الأنحاء الكامل ج 9، وفي المنتظم أنّه أمر بتعمير سور الحائر ز المنتظم 9 / 29.
وفي سنة 529 مضى إلى زيارة علي ومشهد الحسين (عليهما السّلام) خلق لا يحصون وظهر التشيّع .المنتظم 10 / 52.
وفي ربيع الآخر سنة 553 هـ خرج الخليفة المقتفي بالله بقصد الأنبار وعبر الفرات وزار قبر الحسين (عليه السّلام) .المنتظم 10 / 181.
وفي سنة 634 هـ الخليفة المستنصر بالله العباسي أبرز ثلاثة آلاف دينار إلى الشريف الأقساسينقيب الطالبيينوأمر أن يُفرّقها على العلويِّين المقيمين في مشهد أمير المؤمنين علي والحسين وموسى بن جعفر (عليهم السّلام) . .الحوادث الجامعة ـ لابن الفوطي / 95.
وقد زارها الملك الناصر ابن الملك عيسى الأيوبي سنة 653 هـ عند مجيئه للعراق لأخذ جوهرة عظيمة كان قد بعثها من حلب وديعة عند الخليفة المستعصم العباسي ، ثمّ توجّه من كربلاء إلى الحج بعد أن أيس من أخذها .المختصر في أخبار البشر ـ لأبي الفداء 3 / 191.
كريمة(32) فيها الطعام للوارد والصادر(33) . وعلى باب الروضة الحجاب والقومة ، لا يدخل أحد إلاّ عن إذنهم ؛ فيقبّل العتبة الشريفة وهي من الفضة وعلى الضريح المقدّس قناديل الذهب والفضة وعلى الأبواب أستار الحرير .
وأهل هذه المدينة طائفتان ؛ أولاد زحيكو ، وأولاد فائز ، وبينهم القتال أبداً ، وهم جميعاً إماميّة يرجعون إلى أب واحد ؛ ولأجل فتنتهم تخرّبت هذه المدينة(34) .
وحوالي نفس التأريخ وصفها المؤرخ والجغرافي الشهير حمد الله المستوفي بقوله : وغربي الكوفة بثمانية فراسخ في صحراء كربلاء مشهد الحسين (عليه السّلام) المعروف بـالمشهد الحائري، وقد ذكر في عهد الخليفة المتوكّل أنّه أجرى الماء عليها بقصد تخريبه حتّى حار الماء عند قبره الشريف وظلّت البقعة الطاهرة عند القبر جافة ، وقد شيّد عمارته عضد الدولة فنا خسرو الديلمي ، وحول هذا الموضع قرية مساحتها ألفين وأربعمئة خطوة (35) .
ولم يغفل الجغرافيون المسلمون الأوائل عن ذكر كربلاء ، ولكن مع بالغ الأسف اقتصروا في ذكرها فقط على أنّها مدينة تقع في غربي الفرات بحذاء قصر ابن هبيرة(36) .
وكان أكثرهم ذكراً عنها هو ابن حوقل النصيبي الذي قال : وكربلاء من غربي الفرات فيما يحاذي قصر ابن هبيرة ، وبها قبر الحسين بن علي (صلوات الله عليهما) ، وله مشهد عظيم ، وخطب في أوقات من السنة بزيارته ، وقصده جسيم(37) .
وقد أكثر المتأخرون من وصفها والإشادة بها ، فكان ممّن وصفها القاضي نور الله الشوشتري ـ في القرن العاشر ـ وصفاً يسيراً في مجالسهص 25بقوله : ...والحال إنّ مشهد كربلاء من أعظم الأمصار ومجمع أخيار كلّ الديار ، والماء العذب يجري في غدرانها ، والبساتين الغناء تحيطها ، وقد [نقل] في فضيلة تربة كربلاء وثواب زيارة المرقد المنوّر الحسيني روايات كثيرة ، ومعظمها صيغة بصورة شعرية(38) ، وقد زارها الرحالة عباس المدني في القرن الثاني عشر فوصفها فينزهة الجليس ومنية الأديب الأنيس / 84بقوله : فلمّا أسفر الصباح عن وجه الهنا والانشراح رابع ربيع الأوّل ، عام ألف ومئة وواحد وثلاثين من هجرة النبي المرسل ، توكّلنا على الربّ العلي ورحلنا من مشهد علي قاصدين زيارة الشهيد المبتلى المدفون بكربلاء الحسين بن علي ومَنْ معه من الشهداء الصابرين (رضوان الله عليهم أجمعين) .
ففي خامس الشهر المذكور أتينا على موضع يُقال له : الخان الأخير ، ومررنا في طريقنا بقبر النبي ذي الكفل (عليه السّلام) فزرناه وبلغنا المرام وفي سادس الشهر دخلنا أرض الحائر مشهد الحسين الطاهر (سلام الله عليه ، وعلى جدّه وأبيه ، واُمّه وأخيه ، وسائر مواليه ومحبيه) :
لـلـه أيــامٌ مـضـت بكربلاء *** مـحروسةٌ مـن كـلِّ كربٍ وبلا
بـمـشهدِ الـحـسينِ ذو الـعـلا ! ونسلِ خيرِ الخلقِ من كلِّ الملا (39)
حتى يقول : فتشرفت والحمد لله بالزيارة ، ولاح لي من جنابه الشريف إشارة ؛ فإنّي قصدته لحال وما كلّ ما يُعلم يُقال . وقرّت عيني بزيارة الشهيد علي الأصغر ابن مولانا الحسين الشهيد الأكبر ، وزيارة سيدي الشهيد العباس بن علي بن أبي طالب (رضوان الله تعالى عليهم أجمعين).
وأمّا ضريح سيدي الحسين ففيه جملة قناديل من الورق المرصّع ، والعين ما يبهت العين ، ومن أنواع الجواهر الثمينة ما يساوي خراج مدينة ، وأغلب ذلك من ملوك العجم ، وعلى رأسه الشريف قنديل من الذهب يبلغ وزنه منّين بل أكثر ، وقد عقدت عليه قبة رفيعة السماك متّصلة بالأفلاك ، وبناؤها عجيب ، صنعةُ حكيم لبيب . وقد أقمت شهرين بمشهد مولاي الحسين .
بلدة من كلّ المكاره جنّة ، كأنّها من رياض الجنّة ، نخليها باصقات ومائها عذب زلال من شط الفرات . وأقمارها مبدرة وأنوارها مسفرة ، ووجوه قطانها ضاحكة مستبشرة ، وقصورها كغرف الجنان مصنوعة ، فيها سرر مرفوعة وأكواب موضوعة . وفواكهها مختلفة الألوان ، وأطيارها تسبّح الرحمن على الأغصان ، وبساتينها مشرقة بأنوار الورود والزهور ، وعرف ترابها كالمسك ولونه كالكافور .
وأهلها كرام أماثل ، ليس لهم في عصرهم مماثل ، لم تلق فيهم غير عزيز جليل ، ورئيس صاحب خُلق وخلق جميل ، وعالم فاضل ، وماجد عادل ، يحبون الغريب ، ويصلون من برّهم وبُرّهم بأوفر نصيب ، ولا تلتفت إلى قول ابن أياس في نشق الأزهار بأنّهم من البخلاء الأشرار ، فلله خرق العادة ؛ فإنّهم فوق ما أصف وزيادة :
هـينون لـينون أيـسارٌ ذوو كرمٍ *** سـوّاسُ مـكرمةٍ أبـناءُ أيـسارِ
إن يُسألوا الحقّ يُعطَوه وإن خبروا *** في الجهد أدرك عنهم طيب أخبارِ
لا يـنطقوا عن الفحشاء إن نطقوا *** ولا يـمارون إن مـاروا بـإكثارِ
فـيهم ومـنهم يـعدّ الـمجد متّلداً *** ولا يـعد ثـنا خـزي ولا عـادِ
مَـن تـلقَ منهم تقلْ لاقيتُ سيّدَهُمْ *** مثل النجومِ التي يسري بها الساري
واجتمعت بالرئيس المعظّم والعظيم المفخم ، ذي الشرف الباذخ والفخر الوضّاح ، مولانا السيد حسين الكليدار ـ يعني صاحب المفتاح ـ وبأخيه الشهم الكريم النبيل العظيم ، مولانا السيد مرتضى (حماه الله تعالى من حوادث القضاء) ، وبالعالم العلاّمة الحبر النحرير الرحّالة الفهامة ، ذي الوصف الجميل ، والذكر الحسن ، مولانا الفاضل الملا أبو الحسن ، فجمع بيني وبين الأمير المظفر الشجاع الغضنفر ، البحر الغطمطم ، الأسد الغشمشم ، بحر الإحسان ومعدن الكرم ، الأمير حسين أوغلي بيك أيشك أغاسي باشي حرم سلطان العجم ، وكان قد استأذن من السلطان في ذلك العام أن يسير إلى العراق لزيارة الأئمّة أعلام الهدى ومصابيح الظلام ...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) معجم البلدان ـ لياقوت الحموي 7 / 229 .
(2) جاء في تاج العروس من جواهر القاموس ـ للزبيدي 8 / 97 عدّة وجوه في اشتقاق لفظة كربلاء ؛ منها يقول : من كربل بالفتح ، قيل : هو نبات له نور أحمر مشرق إذ يقول أبو حنيفة في ذلك :
كإن جني الدفلي يخشى خدورَها *** ونوارُ ضاحٍ من خزامى وكربلِ
(3) راجع أيضاً حول اشتقاق لفظة كربلاء لسان العرب ـ لابن منظور 11 / 587 ط بيروت ، والصحاح ـ للجوهري 5 / 1810 ، ومجالس المؤمنين ـ للقاضي نور الله الشوشتري / 25 ، والبستان ـ للشيخ عبد الله البستاني 2 / 267 .
(4) معجم البلدان 7 / 296 ، طبعة مرجليوث .
(*) هكذا وردت المفردة ولا نعلم المقصود منها وربما كانت (مدن) . (موقع معهد الإمامين الحسنين)
(5) راجع حول مؤلّف هذا الكتاب الذريعة إلى تصانيف الشيعة ـ للعلامة الشيخ آقا بزرك الطهراني .
(6) تأريخ الطبري 4 / 192 ، ومعجم البلدان 7 / 229 ط مصر .
(7) سوق حكمه (بالتحريك) : موضع بنواحي الكوفة نُسب إلى حكمه بن حذيفة بن بدر ، وكان قد نزل عنده . (معجم البلدان 5 / 176) .
(8) معجم البلدان 7 / 396 .
(9) وقد ورد أنّ سلمان الفارسي الصحابي الجليل قد مرّ بها عند مجيئه من المدينة إذ يحدّثنا الكشي في رجاله (ص 24) في سنده عن ابن نجيّة الفزاري قال : لمّا أتانا سلمان الفارسي قادماً فتلقّيته ممّن تلقّاه فسار حتّى انتهى إلى كربلاء ، فقال : ما يسمّون هذه ؟
قالوا : كربلاء .
فقال : هذه مصارع إخواني ؛ هذا موضع رحالهم ، وهذا مناخ ركابهم ، وهذا مهراق دمائهم ، قُتل بها خير الأوّلين ، ويُقتل بها خير الآخرين .
ثمّ سار حتّى انتهى إلى حروراء فقال : ما تسمّون هذه الأرض ؟
قالوا : حرورا .
فقال : خرج بها شرّ الأوّلين ويخرج بها شرّ الآخرين .
ثمّ سار حتّى انتهى إلى بانقيا وبها جسر الكوفة الأوّل ، فقال : ما تسمّون هذه ؟
قالوا : بانقيا .
ثمّ سار حتّى انتهى إلى الكوفة قال : هذه الكوفة ! قالوا : نعم . قال : قبّة الإسلام . انتهى .
أقول : هذا الترتيب الذي ذُكر لسلمان عند قدومه العراق لا يصح إلاّ للوارد إلى العراق من الشام لا من الحجاز ؛ إذ بانقيا على ما ذكر أرباب كتب الفتوح تقع على سيف البادية على خطّ الحيرة قريبة من أرض النجف ، ثمّ يتلو بانقيا الكوفة ثمّ كربلاء ثمّ حرورا .
هذا وسلمان لم يقدم العراق إلاّ من الحجاز .
واختلفوا في سبب قدومه ، إذ ذكر البعض أنّه حضر غازياً فتوح إيران ، بينما يذكر العلاّمة النوري فينفس الرحمن في فضائل سلمان . طبع حجرتوجه سلمان من المدينة إلى المدائن والياً عليها في خلافة ابن الخطاب بعد ما عزل حذيفة عنها .
(10) ترجمة فتوح ابن أعثم الكوفي / 16 .
(11) وقد جاء في نسخة اُخرى من هذا الكتاب عن موضع كربلاء القديمة ، ما نصه : فموقعكربلاءاليوم ـ على ضوء التحقيق الذي قمت به ـ واقع على بعد بضع أميال في الشمال الغربي من بلدة كربلاء الحالية ممّا يلي أرض القرطة ، وهو مكان مرتفع يسمّى باصطلاح اليوم : الظهيرة أو العرقوب . ويبعد موقعها عن قبر الحرّ بن يزيد الرياحي حوالي سبعة آلاف متر . وتعود ملكيتها اليوم لآل بحر العلوم القاطنين في هذه البلدة المشرّفة ومنهم السيد جواد أفندي الذي توفي قبل أيام .
وقد جاء فينفس الرحمن في فضائل سلمان ـ للعلامة الميرزا حسين الطبرسيعن موضع كربلاء ما نصه : وأمّا كربلاء فالمعروف عند أهل تلك النواحي إنّها قطعة من الأرض الواقعة في جنب نهر يجري من قبلي سور البلدة ، يمرّ بالمزار المعروف بابن حمزة ، منها بساتين ومنها مزارع والبلدة واقعة بينها .
أقول : يا لله ! ما لشيخنا الجليل (قدّس سرّه) أن يخوض ما يقصر عنه علمه ، وكيف يعتمد على مَنْ لا علم لهم ، ويعوّل عليهم بالتحقيق ؟! فأين النهر الذي يجتاز قبلي سور البلدة ؟! وإذا قصد نهر الهندية فأين بعده عن السور ، وأين قبر ابن حمزة عنه ، وما قبر ابن حمزة إلاّ على شرق السور بمسافة ، وإن قصد نهرها لم ينطبق مع الحقيقة ؟!
نعم ، على موضع قلعة ناصر علي خان اللاهوري يطلق لفظ كربله لا كربلاء .
(12) وتأتي تفصيل هذه الواقعة المروعة في الجزء الثاني من هذا الكتاب .
(13) راجع بشأن هذه القرية والقرى الاُخرى التي كانت تحيط كربلاء يوم ورود أبي عبد الله (عليه السّلام) لها فيالزهر المقتطف في أخبار أرض الطفّللعلامة المؤلّف . وهو مصنّف نفيس لا نظير له في موضوعه .
(14) في معجم البلدان ، الشطر الثاني : لا سقى الغيث بعده كربلاء ، والبيت لزوجة الحسين (عليه السّلام) عاتكة بنت عمرو بن نفيل في رثائها للحسين (عليه السّلام) .
(15) أمالي الشيخ الطوسي / 148 .
(16) مناقب ابن شهر آشوب 4 / 117 ط طهران .
(17) زهر الآداب في هامش العقد الفريد ـ للحصري 2 / 272 .
(18) في بحار الأنوار ـ للمجلسي 45 / 289 بتربة كربلاء .
(19) وقد وردها المختار بن أبي عبيدة بعد رجوعه من الحج ، وسلّم على القبر وقبّل موضعه ، وأخذ بالبكاء ، وقال : يا سيدي قسماً بجدّك وأبيك واُمّك الزهراء وبحقّ شيعتك وأهل بيتك ، قسماً بهؤلاء جميعاً أن لا أذوق طعاماً طيّباً أبداً حتّى أنتقم من قتلتك . عن مجالس المؤمنين / 172 .
(20) في هامش خزانة الأدب ـ للبغداديالطبعة السلفية2 / 138 ، تعقيباً على هذه الأبيات هذا نصه :غير إنّ الأدبيات الميمية ليست له البته وإنّما هي للحرّ بن يزيد الرياحي كما هو عند أبي مخنف . فلا أدري هل هذا الوهم من أبي سعيد ، أو من نساخ كتابه ، أو من البغدادي ؟ .... وهذا زعم باطل مغرض ؛ إذ إنّ الأبيات نفسها ترد على ذلك . (عادل)
(21) شرح خزانة الأدب ـ للبغدادي 1 / 299 ، و2 / 139 من ط السلفية .
(22) بحار الأنوار ـ للمولى ذو الفيض القدسي الشيخ محمّد باقر المجلسي 22 / 124 .
(23) بلوغ الأرب في معرفة أخبار العرب ـ لمحمود شكري الآلوسي 2 / 351 .
(24) قال ابن السكيت : إنّ العرب كانت تقول : إنّ المرأة المقلاة ـ وهي التي لا يعيش لها ولداً ـ إذا وطئت أرض القتيل الشريف عاش ولدها .
قال بشر بن حازم :
تـظل مـقاليتُ النساءِ يطأنه *** يقلن ألا يُلقى على المرءِ مئزرُ
وقال أبو عبيدة : تتخطّاه المقلاة سبع مرّات فذلك وطؤها له .
وقال ابن الأعرابي : ويُطاؤون حوله ، وقيل : إنّما كانوا يفعلون ذلك بالشريف يقتل غدراً أو قوداً .
وقال آخر :
تركنا الشعثمين برمل خبتٍ *** تـزورهما مقاليتُ النساءِ
وقال آخر :
بنفسي الذي تمشي المقاليتُ حوله *** يـطاف له كشحاً هظيماً مهشّما
وقول آخر :
تباشرت المقاليتُ حين قالوا *** ثـوى عمرُ بن مرّة بالحفيرِ
( شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد 4 / 439.
(25) بحار الانوار 21 / 203 .
(26) سيأتي تفصيل ما قيل في محلّ الرأس الشريف ، وفصل القول به في الجزء الثاني من هذا الكتاب .
(27) اللهوف في قتلى الطفوف ـ للسيد ابن طاوس / 176 .
(28) راجع الفصل الموسوم بـ :أخبار عن الحائر وزائريه.
(29) فرحة الغري / 59 .
(30) وقد زار كربلاء من البويهيِّين عزّ الدولة عام 366 هـ مع ابن بقية بعد أن استخلف على بغداد الشريف أبا الحسن محمّد .تكملة تأريخ الطبري ـ للهمداني / 231.
وفي سنة 369 هـ في زمن عضد الدولة أُطلقت الصلات لأهل الشرف والمقيمين في المشهدين : الغري و (الحائر) ـ على ساكنهما السّلام ـ وبمقابر قريش ، فاشترك الناس في الزيارات والمصليات بعد عداوات كانت تنشأ بينهم .انظر تجارب الأمم ـ لابن مسكويه 6 / 407.
وفي سنة 402 هـ واصل فخر الملك الصدقات والحمول إلى المشاهد بمقابر قريش والحائر والكوفة وفرّق الثياب والتمور .المنتظم 7 / 256.
وقد زارها من البويهيِّين أيضاً الملك جلال الدولة أبو طاهر ابن بهاء الدولة ابن عضد الدولة ، وترجّل قبل أن يرد المشهد بنحو الفرسخ ؛ تعظيماً وإجلالاً لقبر سيد الشهداء (عليه السّلام) ، وكان ذلك سنة إحدى وثلاثين وأربعمئة .الكامل ج 9 . وراجع أيضاً المنتظم 8 / 105.
(31) وممّن زار كربلاء في القرن الثامن السيد نور الدين نعمة الله ولي من العلماء المتصوّفة ـ الذي يرتقي نسبه إلى الباقر (عليه السّلام) والمولود في حلب سنة 731 هـ ـ قاصداً من همدان إلى زيارة عتبة المشهد الحسيني .
وفي حوالي مدينة الحلّة الذي لم يوجد فيها آنذاك سوى الماء المالح حفر السيد بئراً حلو الماء فعرف ببئر نعمة الله .
وبعد زيارة كربلاء اعتكف أربعين يوماً بجوار سرداب مقتل الحسين (عليه السّلام) أمضاها في صوم النهار وبالصلاة والتهجد والبكاء في الليل والأسحار ، وبعد زيارته للعتبات المقدّسة في العراق شدّ رحاله إلى القاهرة وفيها اجتمع بالسيد حسين الأخلاطي الصوفي الشهير وأخذ عنه بعض العلوم الغريبة ، ثمّ سافر إلى مكة المعظّمة ولازم فيها الشيخ عبد الله اليافعي الملقّب بـنزيل الحرمينسبعة أعوام ، ثمّ رجع إلى إيران وزار المشهد ومنها توجّه إلى سمرقند حيث تلاقى مع الأمير تيمور كوركانلنك.ملخصه عن رياض السياحة ـ شيرواني صاحب بستان السياحة 1 / 233.
(32) يعتقد السيد حسن الكليدار أنّ هذه المدرسة هي مسجد ابن شاهين البطائحي ، وأنّ الزاوية الكريمة هي :دار السيادةالتي أنشأها محمود غازان . (عادل)
(33) هكذا وردت العبارة وهي واضحة السقط . (موقع معهد الإمامين الحسنَين)
(34) رحلة ابن بطوطة / 139 ، وقد وردها سنة 726 .
(35) نزهة القلوب ـ لحمد الله المستوفي القزويني ، وقد صنف كتابه في النصف الأوّل من القرن الثامن الهجري .
(36) راجع عن ذلك صور الأقاليم ـ للبلخيمخلوط في خزانة المؤلّف/ 52 ، المسالك والممالك ـ تأليف الإصطخري سنة 340 هـ / 85 ط ليدن ، أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم ـ تأليف المقدسي سنة 375 هـ / 130 ط ليدن ، أسماء الأمكنة والبقاع ـ للزمخشري / 119 ط ليدن ، تقويم البلدان ـ تأليف أبي الفداء صاحب حماة سنة721 هـ) / 305 ط ليدن ، مراصد الإطلاع ـ لعبد الحق الحنبلي سنة700 هـ، وذكرها أيضاً الهروي في كتابه :الإشارات إلى معرفة المزارات، انظر أيضاً مجمع البحرين .
(37) صورة الأرض ـ تأليف ابن حوقل النصيبي سنة (367) / 166 ، الطبعة الثانية لطبعة بريل سنة 1938 م .
(38) وقد استشهد بشواهد شعرية ، منها رباعية فضولي البغداديالمدفون في كربلاءوهي :
آسودهء كربلا بهر حال كه هست *** كر خاك شود نميشود قدرش بست
بـرميدارند وسـبحه مـيسازندش *** ميكردانندش از شرف دست بدست
(39) ثمّ يثبت قصيدة طويلة من بحر الرجز للشيخ محمّد بن الحسن الحر العاملي .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|