المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

البوادئ المساعدة Adjunct Starters
13-4-2017
البداية الأولى لقبر الامام الحسين الشريف
16-6-2019
شرائط وجوب الخمس وفقا لكل نوع
5-10-2018
Nonrelativistic Electron Gas
30-8-2016
تصنيع خلايا الدم الحمراء Erythropoiesis
2-6-2016
أفلا أكون عبداً شكوراً
29-6-2017


مجي‏ء الملائكة و الجنّ لنصرة الحسين (عليه السلام)‏  
  
11087   02:01 صباحاً   التاريخ: 18-4-2019
المؤلف : السيد نعمة الله الجزائري .
الكتاب أو المصدر : رياض الابرار
الجزء والصفحة : ج‏1، ص200-207.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-3-2016 3386
التاريخ: 21/9/2022 1871
التاريخ: 18-10-2015 3635
التاريخ: 26-7-2022 2253

و روى الشيخ المفيد بإسناده إلى أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: لمّا سار أبو عبد اللّه (عليه السّلام) من المدينه لقيه أفواج من الملائكة المسوّمة في أيديهم الحراب على نوق من نوق الجنّة فسلّموا عليه و قالوا: يا حجّة اللّه إنّ اللّه سبحانه أمدّ جدّك بنا في مواطن كثيرة و أنّ اللّه «أمدّك بنا فقال: إذا وردت كربلاء فأتوني، و أتته أفواج مسلمي الجنّ فقالوا: نحن شيعتك فمرنا بأمرك نقتل عدوّك و أنت بمكانك فجزاهم الحسين خيرا و قال: أما قرأتم‏ {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ} [النساء: 78] و إذا أقمت بمكاني فيما إذا يبتلى هذا الخلق المنفوس و من ذا يكون ساكن حفرتي بكربلاء و قد اختارها اللّه يوم دحى الأرض و جعلها معقلا لشيعتنا و يكون لهم أمانا في الدّنيا و الآخرة، ولكن تحضرون يوم السبت و هو يوم عاشوراء الذي في آخره اقتل و يسار برأسي إلى يزيد لعنه اللّه، فقالت الجنّ: يا حبيب اللّه لولا أنّ أمرك طاعة قتلنا جميع أعدائك قبل أن يصلوا إليك، فقال (عليه السّلام): نحن و اللّه أقدر عليهم منكم ولكن ليهلك من هلك عن بيّنة و يحيى من حيّ عن بيّنة .

و روي أنّه لمّا عزم على الخروج من المدينة أتته امّ سلمة فقالت: يا بني لا تحزنّي بخروجك إلى العراق، فإنّي سمعت جدّك يقول: يقتل ولدي الحسين بأرض العراق في أرض يقال لها كربلاء فقال: يا امّاه و أنا و اللّه أعلم ذلك و إنّي مقتول لا محالة و ليس لي من هذا بدّ و إنّي و اللّه لأعرف اليوم الذي أقتل فيه و أعرف من يقتلني و أعرف البقعة التي أدفن فيها و أعرف من يقتل من أهل بيتي و شيعتي، و إن أردت يا أمّاه أريك حفرتي و مضجعي ثمّ أشار (عليه السّلام) إلى جهة كربلاء فانخفضت الأرض حتى أراها مضجعه و مدفنه و موضع عسكره و موقفه و مشهده، فبكت أمّ سلمة بكاء شديدا و سلّمت أمره إلى اللّه فقال لها: يا أمّاه قد شاء اللّه عزّ و جلّ أن يراني مقتولا مذبوحا ظلما و عدوانا و قد شاء أن يرى حرمي و نسائي مشردّين‏ و أطفالي مذبوحين مقيّدين، فقالت أمّ سلمة عندي تربة دفعها إليّ جدّك في قارورة فقال:

و اللّه إنّي مقتول كذلك و إن لم أخرج إلى العراق يقتلوني أيضا، ثمّ أخذ التربة فجعلها في قارورة و أعطاها إيّاها، و قال: اجعليها مع قارورة جدّي، فإذا فاضتا دما فاعلمي إنّي قد قتلت‏ .

قال المفيد رحمه اللّه: ثمّ سار الحسين (عليه السّلام) إلى مكّة و هو يقرأ {فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [القصص: 21] ‏، فقال له أهل بيته: لو انحرفت عن الطريق الأعظم كما فعل ابن الزبير لئلا يلحقك الطلب، فقال: لا و اللّه لا افارقه حتّى يقضي اللّه ما هو قاض و دخل مكّة يوم الجمعة لثلاث مضين من شعبان و هو يقرأ وَ لَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقاءَ مَدْيَنَ قالَ عَسى‏ رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ‏ فنزلها و جعل أهلها يختلفون إليه و من كان بها من المعتمرين و أهل الآفاق، و بلغ أهل الكوفة هلاك معاوية فأرجفوا بيزيد و عرفوا خبر الحسين (عليه السّلام) و خروجه إلى مكّة، فاجتمعوا بالكوفة في منزل سليمان الخزاعي، فقال سليمان:

إنّ معاوية هلك و أنّ الحسين خرج إلى مكّة و أنتم شيعته و شيعة أبيه فإن كنتم تعلمون أنّكم ناصروه فاكتبوا إليه و إلّا فلا تغرّوا الرجل، فقالوا: بل نقتل أنفسنا دونه، فكتبوا إليه و كان فيما كتبوا؛ إنّه ليس علينا إمام فاقبل لعلّ اللّه أن يجمعنا بك على الحقّ، و النعمان بن بشير في قصر الإمارة لسنا نجتمع معه في جمعة و لا نخرج معه إلى عيد، و لو بلغنا أنّك قد أقبلت إلينا أخرجناه حتّى نلحقه بالشام، فأرسلوا إليه إلى مكة مائة و خمسين كتابا و هو مع ذلك يأبى و لا يجيبهم حتّى ورد عليه في يوم ستّمائة كتاب و تواترت الكتب فاجتمع في نوب متفرقه اثنا عشر ألف كتاب ثمّ كتبوا إليه: أمّا بعد فقد اخضرّ الجناب و أينعت الثمار، فاقبل على جند لك مجنّدة و السلام. فتلاقت الرّسل كلّها عنده فكتب إليهم:

بسم اللّه الرحمن الرحيم من الحسين بن علي إلى الملأ من المؤمنين و المسلمين، أمّا بعد فإنّ هانيا و سعيدا قدما عليّ بكتبكم و قد فهمت الذي ذكرتم إلى أن قال: و أنا باعث إليكم أخي و ابن عمّي مسلم بن عقيل، فإن كتب إلي أنّه قد اجتمع رأي ملأكم على مثل ما قدمت به رسلكم و قرأت في كتبكم فإنّي أقدم إليكم و شيكا إن شاء اللّه، فدعى الحسين (عليه السّلام) مسلم بن‏ عقيل فسرّحه مع قيس الصيداوي و جماعة فإن رأى الناس مجتمعين كتب إليه بذلك فأقبل مسلم حتّى أتى المدينة فودّع أهله و سار و استأجر دليلين، فأقبلا يتنكّبان به الطريق فضلّا عن الطريق و مات الدليلان عطشا. فكتب إلى الحسين (عليه السّلام): إنّي تطيرت من توجّهي هذا يعني بموت الدليلين، فإن رأيت أعفيتني و بعثت غيري، فكتب إليه الحسين (عليه السّلام): خشيت أن لا يكون حملك على الاستعفاء إلّا الجبن، فامض لوجهك الذي و جّهتك فيه و السلام.

فمضى مسلم فمرّ برجل رمى ظبيا فصرعه، فقال مسلم: نقتل عدوّنا إن شاء اللّه فأتى حتّى دخل الكوفة فنزل في دار المختار و أقبلت الشيعة تختلف إليه، فقرأ عليهم كتاب الحسين (عليه السّلام) و هم يبكون و بايعه منهم ثمانية عشر ألفا، فكتب مسلم إلى الحسين (عليه السّلام) يأمره بالقدوم فبلغ النعمان بن بشير تردّد الشيعة على مسلم و كان واليا على الكوفة من قبل معاوية و يزيد فصعد المنبر و خطب الناس و قال: إنّكم نكثتم بيعتكم و خالفتم إمامكم و أنا لا أتحرّش بكم و لا آخذ بالظنّة و لا التهمة، فقام إليه عبد اللّه بن مسلم الأموي و قال له: رأيك هذا رأي المستضعفين فخرج عبد اللّه و كتب إلى يزيد: أمّا بعد فإنّ مسلم بن عقيل دخل الكوفة و بايعه الشيعة للحسين بن عليّ فإن يكن لك في الكوفة حاجة فابعث إليها رجلا قويّا مثلك يعمل في الأعداء.

و كتب إليه عمر بن سعد مثل ذلك، فكتب إلى عبيد اللّه بن زياد و كان واليا على البصرة فضمّ إليه المصرين البصرة و الكوفة و أن يقتل مسلم بن عقيل أو يبعثه مقيّدا، فلمّا أتاه الكتاب خرج إلى الكوفة و استخلف على البصرة أخاه عثمان، فلمّا أشرف على الكوفة نزل حتّى أمسى ليلا فظنّ أهلها أنّه الحسين فتصايحوا و قالوا: إنّا معك أكثر من أربعين ألفا و ازدحموا عليه فحسر اللثام و قال: أنا عبيد اللّه، فرجع القوم و دخل قصر الإمارة، فلمّا صبح قام خاطبا و عليهم عاتبا و قال: يا أهل الكوفة إنّ يزيد و لّاني بلدكم و استعملني على مصركم فابلغوا هذا الرجل الهاشمي يعني مسلم مقالتي ليتّقي غضبي.

فلمّا سمع مسلم بدخول ابن زياد الكوفة، خرج من دار المختار إلى دار هاني فأخذت الشيعة تختلف عليه خفية من يزيد فدعى ابن زياد مولاه معقل فقال: خذ ثلاثة آلاف درهم و اطلب مسلم بن عقيل و أصحابه، فإذا ظفرت بواحد منهم فاعطه الدراهم و قل استعينوا بها على حرب عدوّكم و اعلمهم أنّك منهم حتّى تعرف مستقرّ مسلم ففعل ذلك، جاء إلى ابن عوسجة في المسجد و قال: يا عبد اللّه أنا رجل من أهل الشام أنعم اللّه عليّ بحبّ أهل البيت و تباكى و قال: معي ثلاثة آلاف درهم أردت بها لقاء رجل منهم بلغني أنّه قدم الكوفة يبايع لابن بنت رسول اللّه فكنت أريد لقاؤه و لا أعرف مكانه، و إنّي لجالس في المسجد الآن إذ سمعت نفرا من المؤمنين يقولون هذا رجل له علم بأهل هذا البيت و أنا جئتك لتدخلني على صاحبك، فإنّي أخ من إخوانك و إن شئت أخذت بيعتي له قبل لقائه.

فقال ابن عوسجة: الحمد للّه على لقائك فقد سرّني ذلك لينصر اللّه بك أهل بيت نبيّه، فأخذ عليه الأيمان المغلّظة و أدخله على مسلم فقبض المال منه و أخذ البيعة عليه فدخل معقل و خرج حتّى فهم ما احتاج إليه ابن زياد و كان يخبره وقتا وقتا و خاف هاني بن عروة عبيد اللّه على نفسه فانقطع عن حضور مجلسه و تمارض، فقال ابن زياد لجلسائه: ما لي لا أرى هانيا؟

قالوا: هو شاك فقال: لو علمت بمرضه لعدته و دعا جماعة منهم أسماء بن خارجة فقال: ما يمنع هانيا من إتياننا و أخبروني أنّه برئ من مرضه و هو يجلس على باب داره فأتوه و هو جالس و قالوا؛ ما يمنعك من لقاء الأمير و قد استبطأك فأقسمنا عليك لما ركبت معنا فركب معهم حتّى إذا دنى من القصر كأنّ نفسه أحسّت بالذي كان، فلمّا دخل على عبيد اللّه بن زياد قال عبيد اللّه: أتتك بخائن رجلاه فلمّا جلس قال له: يا هاني ما هذه الامور التي في دارك لأمير المؤمنين جئت بمسلم بن عقيل فأدخلته دارك و جمعت له السلاح و الرجال؟

قال: ليس مسلم عندي فدعى ابن زياد معقلا، فوقف بين يديه و قال: أتعرف هذا؟

قال: نعم و علم هاني أنّه كان عينا عليهم أتاه بأخبارهم فقال: و اللّه ما دعوته إلى منزلي لكنّه جاء إلى منزلي فاستحيت من ردّه، و الآن آمره أن يخرج من داري إلى حيث شاء فاخرج من ذمامه و جواره فقال ابن زياد: لا تفارقني حتّى تأتيني به.

قال: لا و اللّه لا أجيئك بضيفي تقتله، فقال: لتأتيني به أو لأضربنّ عنقك، فقال هاني:

إذا و اللّه تكثر البارقة حول دارك و هو يظنّ أنّ عشيرته يسمعون، فأدني و ضرب وجهه بالقضيب حتّى كسر أنفه و سال الدماء على وجهه و لحيته، فجرّوه و ألقوه في بيت من بيوت الدار و بلغ‏ عمرو بن الحجّاج أنّ هانيا قتل فأقبل في مذحج حتّى أحاط بالقصر و نادى هذه فرسان مذحج بلغهم أنّ صاحبهم قتل.

فقال ابن زياد لشريح القاضي: ادخل على صاحبهم فانظر إليه ثمّ اخرج و اعلمهم أنّه حيّ لم يقتل فدخل و نظر إليه أنّه حيّ و خرج و أخبرهم أنّه حيّ فقالوا: امّا إذا لم يقتل فالحمد للّه ثمّ انصرفوا و خرج ابن زياد و صعد المنبر و قال: أيّها الناس اعتصموا بطاعة اللّه و طاعة أئمّتكم و لا تفرّقوا فتهلكوا، فنزل و دخل القصر و جاء الخبر إلى مسلم فجمع أصحابه و ملأوا المسجد و الأسواق و لم يبق مع ابن زياد إلّا جماعة قليلة فأمر ابن زياد محمّد بن الأشعث أن يخرج فيمن أطاعه فيسير في الكوفة فيخذّل الناس عن مسلم و يخوّفهم عقوبة السلطان، فأقبل إليه خلق كثير أطاعوه و دخلوا على ابن زياد ثمّ صار الناس يتفرّقون عن مسلم حتّى أمسى و صلّى المغرب و ما معه إلّا ثلاثون نفسا في المسجد فخرج إلى أبواب كندة، فلمّا خرج من الباب لم يبق معه إنسان يدلّه على الطريق فمضى في أزقّة الكوفة لا يدري أين يذهب فمضى إلى باب امرأة يقال لها طوعة أمّ ولد كانت للأشعث ابن قيس و أعتقها و تزوّجها أسيد الحضرمي فولدت له بلالا و كان بلال قد خرج مع الناس و امّه قائمة تنتظره، فسلّم عليها مسلم و قال لها: يا أمة اللّه اسقيني ماء فسقته و جلس فقالت له: يا عبد اللّه اذهب إلى أهلك قالت له ثلاثا فقال: يا أمة اللّه ما لي في هذا المصر أهل و لا عشيرة و أنا مسلم بن عقيل كذّبني هؤلاء القوم و غرّوني، فقالت: أنت مسلم ادخل فدخل إلى بيت من بيوت دارها غير البيت الذي تكون فيه و فرشت له و عرضت عليه العشاء و لم يتعش فجاء ابنها و رآها تكثر الدخول في البيت فقال لها: إنّ لك لشأنا.

قالت: يا بني اقبل على شأنك و لا تسألني عن شي‏ء، فألحّ عليها فأخذت عليه الأيمان و حلفت لها فأخبرته فاضطجع و سكت و أخبر ابن زياد بتفرّق الناس عن مسلم ففتح باب القصر بعد أن كان خائفا و صلّى في المسجد مع أصحابه و قد امتلأ المسجد من الرّجال، فلمّا فرغ من صلاته صعد المنبر و قال: برئت الذمّة من رجل وجدنا ابن عقيل في داره و من جاء به فله ديته فنزل و لمّا أصبح جلس مجلسه و أذن للناس فدخلوا عليه و أصبح ابن تلك العجوز، فغدا إلى عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث فأخبره بمكان مسلم بن عقيل من أمّه، فأقبل عبد الرحمن حتّى أتى أباه و هو عند ابن زياد فأخبره فقال له ابن زياد: فأتني به الساعة فقام و بعث معه خيلا و رجالا، فلمّا سمع مسلم وقع حوافر الخيل علم أنّه قد أتى فخرج إليهم بسيفه حتّى أخرجهم من الدار ثمّ عادوا إليه فقاتلهم قتالا شديدا و قتل منهم خلقا كثيرا، فأشرفوا عليه من فوق البيوت يرمونه بالحجارة و يلهبون النار في أطناب القصب و يرمونها عليه فخرج عليهم مصلتا سيفه فناداه محمّد بن الأشعث: لك الأمان لا تقتل نفسك و كان قد أثخن بالحجارة و عجز عن القتال فاستند ظهره إلى جنب تلك الدار فأعاد عليه ابن الأشعث: لك الأمان فآمنوه كلّهم فأتى ببغلة فحمل عليها و نزعوا سيفه، فكأنّه عند ذلك يئس من نفسه، فبكى فقيل له: ممّ بكاؤك؟

فقال: ما لنفسي بكيت و لا لها من القتل أرثي، ولكنّي أبكي لأهلي المقبلين إنّي أبكي للحسين و آل الحسين فقال لمحمّد بن الأشعث: هل تستطيع أن تبعث من عندك رجلا على لساني أن يبلغ حسينا، فإنّي لا أراه إلّا و قد خرج و يقول له إنّ ابن عقيل بعثني إليك و هو أسير في يد القوم لا يرى أنّه يمشي حتّى يقتل و هو يقول لك ارجع فداك أبي و امّي بأهل بيتك و لا يغرّونك أهل الكوفة فإنّهم أصحاب أبيك الذي كان يتمنّى فراقهم بالموت أو القتل‏ .

و في رواية ابن شهر آشوب: أنّ ابن زياد أرسل محمّد بن الأشعث و معه سبعون رجلا إلى مسلم حتّى أطافوا بالدار فحمل مسلم عليهم و هو يقول شعر:

هو الموت فاصنع ويك ما أنت صانع‏               فأنت بكأس الموت لا شكّ جارع‏

فصبر لأمر اللّه جلّ جلاله‏                  فحكم قضاء اللّه في الخلق ذائع‏

فقتل منهم أحد و أربعين رجلا، و بلغ ذلك ابن زياد فأرسل إلى ابن الأشعث: إنّا بعثناك إلى رجل واحد لتأتينا به فقتل من أصحابك مقتلة عظيمة فكيف إذا أرسلناك إلى غيره فأرسل إليه: أيّها الأمير أتظنّ أنّك أرسلتني إلى بقّال من بقّالي الكوفة أو جرمقاني من جرامقة الحيرة، أ و لم تعلم أيّها الأمير إنّك بعثتني إلى أسد ضرغام و سيف حسام في كفّ بطل همام من آل خير الأنام، فأرسل إليه ابن زياد: أن اعطه الأمان فإنّك لا تقدر عليه إلّا به و لقد كان مسلم‏ من قوّته أنّه يأخذ الرجل بيده فيرمي به فوق البيت‏ .

و قال المفيد طاب ثراه: و أقبل ابن الأشعث بابن عقيل إلى باب القصر و كان مسلم عطشانا و على باب القصر ناس جلوس و إذا قلّة باردة موضوعة على الباب فقال: اسقوني من هذا الماء فقال مسلم بن عمر: لا تذوق منها أبدا حتّى تذوق الحميم في نار جهنّم، فقال له مسلم بن عقيل: ويحك ما أقسى قلبك أنت أولى بالحميم و الخلود في نار جهنّم و بعث عمرو بن الحريث فأتى بقدح من ماء فقال له اشرب.

فلمّا وضعه على فمه امتلأ القدح دما فعل هذا مرّتين، فلمّا ذهب في الثالثة ليشرب سقطت ثناياه في القدح، فقال؛ الحمد للّه لو كان من الرزق المقسوم لشربته فأدخل إلى ابن زياد و لم يسلّم عليه بالإمارة، فقال له ابن زياد: لعمري لتقتلنّ.

قال: فدعني أوصي إلى بعض قومي.

فقال: افعل، فنظر إلى عمر بن سعد فقال: إنّ بيني و بينك قرابة ولي إليك حاجة و هي سرّ فقام معه فقال: إنّ عليّ بالكوفة دينا و هو سبعمائة درهم فبع سيفي و درعي فاقضها عنّي و إذا قتلت فاستوهب جثّني من ابن زياد و ادفنها و ابعث إلى الحسين من يردّه فإنّي كتبت إليه بالمجي‏ء، فأتى ابن سعد إلى ابن زياد و أخبره بقول مسلم.

فقال ابن زياد: لا يخونك الأمين ولكن قد يؤتمن الخائن أمّا ماله فهو له، و أمّا جثّته فاصنع بها ما شئت، و أمّا حسين فإنّه إن لم يردنا لم نرده.

ثمّ قال ابن زياد: اصعدوا به فوق القصر فاضربوا عنقه ثمّ أتبعوه جسده فصعد به بكير ابن حمران و هو يستغفر اللّه و يصلّي على رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) فضرب عنقه و نزل مذعورا فقال له ابن زياد ما شأنك؟

فقال: أيّها الأمير رأيت ساعة قتله رجلا أسود عاضّا شفتيه ففزعت، و أمر ابن زياد بأن يخرج هاني إلى السوق و يضرب عنقه فاخرج إلى سوق الغنم و ضرب عنقه، و في قتل مسلم و هاني يقول ابن الزبير الأسدي شعر:

فإن كنت لا تدرين ما الموت فانظري‏     إلى هاني في السوق و ابن عقيل‏

إلى بطل قد هشّم السيف وجهه‏             و آخر يهوى من جدار قتيل‏

فتى كان أحيا من فتاة حبيبة                و أقطع من ذي شفرتين صقيل‏

ثمّ إنّ ابن زياد بعث برأس مسلم و هاني إلى يزيد لعنه اللّه ثمّ كتب إليه يزيد: أمّا بعد فقد بلغني أنّ حسينا قد توجّه نحو العراق فضع المناظر و احترس و اقتل على التهمة، و اكتب إليّ في كلّ يوم ما يحدث [من خبر إن شاء اللّه‏] .

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.