أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-10-2015
4865
التاريخ: 2-04-2015
3638
التاريخ: 2-04-2015
3912
التاريخ: 13-4-2019
1981
|
و عن ابن فاختة قال: قلت لأبي عبد اللّه (عليه السّلام): إنّي أذكر الحسين (عليه السّلام) فأيّ شيء أقول إذا ذكرته؟
فقال: قل صلّى اللّه عليك يا أبا عبد اللّه تكرّرها ثلاثا .
و في ثواب الأعمال عن عيص بن القاسم قال: ذكر عند أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قاتل الحسين (عليه السّلام).
فقال بعض أصحابه: كنت أشتهي أن ينتقم اللّه منه في الدّنيا.
فقال: كأنّك تستقلّ له عذاب اللّه و ما عند اللّه أشدّ عذابا و أشدّ نكالا منه .
و عن أبي جعفر (عليه السّلام): إنّ في النار منزلة لم يكن يستحقّها أحد من الناس إلّا بقتل الحسين بن علي و يحيى بن زكريا .
ثواب لعن قاتل الحسين (عليه السّلام)
و عن داود الرّقي قال: كنت عند أبي عبد اللّه (عليه السّلام) إذ استسقى الماء، فلمّا شربه رأيته قد استعبر و اغرورقت عيناه بدموعه ثمّ قال لي: يا داود لعن اللّه قاتل الحسين، فما من عبد شرب الماء فذكر الحسين و لعن قاتله إلّا كتب اللّه له مائة ألف حسنة و حطّ عنه مائة ألف سيّئة و رفع له مائة ألف درجة و كأنّما أعتق مائة ألف نسمة و حشره اللّه يوم القيامة ثلج الفؤاد .
و عن النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) إنّه قال: لعن اللّه قتلة الحسين و محبيهم و ناصريهم و الساكتين عن لعنهم من غير تقيّة الا و صلّى اللّه على الباكين على الحسين رحمة و شفقة و ممتلئين عليهم غيظا و حنقا .
الحمام الرّاغبية يلعن قتلة الحسين عليه السلام
و في الكافي عن داود بن فرقد قال: كنت جالسا في بيت أبي عبد اللّه فنظرت إلى حمام راعبي يقرقر [طويلا فنظر إلى أبو عبد اللّه (عليه السّلام) فقال: يا داود أتدري ما يقول هذا الطير؟ قلت:
لا و اللّه جعلت فداك] فقال: يا داود هذا الطير يدعو على قتلة الحسين (عليه السّلام) فاتّخذوه في منازلكم. و في حديث آخر: إنّها تلعن قتلة الحسين .
و في كتاب بحار الأنوار: وجدت في بعض مؤلّفات المعاصرين أنّه لمّا جمع ابن زياد لعنه اللّه قومه لحرب الحسين (عليه السّلام) كانوا سبعين ألف فارس فقال: أيّها الناس من منكم يتولّى قتل الحسين و له ولاية أيّ بلد شاء؟ فلم يجبه أحد، فاستدعى بعمر بن سعد لعنه اللّه و قال له:
اريد أن تتولّى حرب الحسين بنفسك، فقال: اعفني من ذلك، فقال: قد أعفيتك فاردد علينا عهدنا الذي كتبنا إليك بولاية الرّي فقال: امهلني الليلة فانصرف إلى منزله و جعل يستشير من يثق به، فلم يشر عليه أحد و كان عنده رجل من أهل الخير يقال له كامل و كان صديقا لأبيه من قبله فقال له: يا عمر ما الذي أنت عازم عليه؟
قال: إنّي ولّيت أمر هذا الجيش في حرب الحسين و إنّما قتله عندي و أهل بيته كشربة ماء و إذا قتلته خرجت إلى ملك الري.
فقال له كامل: أف لك يابن سعد تريد قتل الحسين ابن بنت رسول اللّه؟! إنّا للّه و إنّا إليه راجعون و ما الذي تقول غدا لرسول اللّه إذا وردت عليه و انّه في زماننا هذا كجدّه في زمانه و طاعته فرض علينا، و اشهد اللّه أنّك إن أعنت على قتله لا تلبث بعده في الدّنيا إلّا قليلا، فقال عمر: بالموت تخوّفني، و إنّي إذا فرغت من قتله أكون أميرا على سبعين ألف فارس و أتولّى ملك الري؟
فقال له كامل: إنّي احدّثك بحديث صحيح أرجو لك فيه النجاة إن وفّقت لقبوله؛ اعلم انّي سافرت مع أبيك إلى الشام فانقطعت بي مطيّتي عن أصحابي و عطشت فلاح لي دير
راهب فأتيت إلى باب الدّير و قلت للراهب إنّي عطشان فقال لي: أنت من امّة هذا النبيّ الذين يقتل بعضهم بعضا على حبّ الدّنيا؟ فقلت له: أنا من امّة محمّد (صلّى اللّه عليه و اله)، فقال: إنّكم شرّ امّة و قد غدوتم إلى عترة نبيّكم تسبون نساءه و تنهبون أمواله، فقلت: يا راهب نحن نفعل ذلك؟
قال: نعم، و إنّكم إذا فعلتم ذلك عجّت السماوات و الأرضون و البحار و الجبال و الوحوش و الأطيار باللعنة على قاتله و لا يلبث قاتله في الدّنيا إلّا قليلا ثمّ يظهر رجل يطلب بثأره، فلا يدع أحدا اشترك في قتله إلّا قتله و عجّل اللّه بروحه إلى النار، ثمّ قال الراهب: إنّي لأرى لك قرابة من قاتل هذا الابن الطيّب و اللّه أنّي لو أدركت أيّامه لوقيته بنفسي من حرّ السيوف، فقلت: إنّي اعيذ نفسي من أن اقاتل ابن بنت رسول اللّه، فقال: إن لم تكن أنت فرجل قريب منك و أنّ عذاب قاتله أشدّ من عذاب فرعون و هامان ثمّ ردم الباب في وجهي و أبى أن يسقيني ماء.
فركبت فرسي و لحقت أصحابي فحدّثت أباك سعد بقصّة الراهب فقال لي: صدقت ثمّ إنّ سعدا أخبرني أنّه نزل بدير هذا الراهب مرّة من قبلي، فأخبره أنّه هو الرجل الذي يقتل ابن بنت رسول اللّه فخاف أبوك من ذلك و خشي أن تكون أنت قاتله فأبعدك عنه و أقصاك، فاحذر يا عمر [أن تخرج عليه يكون عليك نصف عذاب أهل النار، قال:] فبلغ الخبر ابن زياد فطلب كامل و قطع لسانه فعاش يوما أو بعض يوم .
و فيه أيضا: إنّ اللّه عزّ و جلّ أخبر موسى (عليه السّلام) إنّ الحسين (عليه السّلام) تقتله امّة جدّه الطاغية في أرض كربلاء و تنفر فرسه و تحمحم، و تقول في صهيلها: الظليمة الظليمة من امّة قتلت ابن بنت نبيّها، فيبقى ملقى على الرّمل من غير غسل و لا كفن و ينهب رحله و تسبى نساؤه في البلدان و يقتل ناصروه و تشهر رؤوسهم على أطراف الرماح، يا موسى صغيرهم يميته العطش و كبيرهم جلده منكمش يستغيثون و لا ناصر، فبكى موسى (عليه السّلام) ثمّ قال: يا موسى اعلم أنّه من بكى عليه أو أبكى أو تباكى حرمت جسده على النار .
نسب يزيد و ابن زياد و عمر بن سعد لعنهم اللّه
و في كتاب البحار: قال مؤلّف الكتاب: إلزام النواصب و غيره أن ميسون بنت بجدل الكلبي أمكنت عبد أبيها من نفسها فحملت يزيد لعنه اللّه و إلى هذا إشارة النسّابة البكري بقوله شعر:
فإن يكن الزمان أتى علينا بقتل الترك و الموت الوحي
فقد قتل الدّعي و عبد كلب بأرض الطّف أولاد النبيّي
أراد بالدّعي عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه، فإنّ أباه زياد بن سمية كانت امّه سميّة مشهورة بالزنا و ولد على فراش أبي عبيد بني علاج من ثقيف فادّعى معاوية أنّ أبا سفيان زنى بأمّ زياد فأولدها زيادا و انّه أخوه فصار اسمه الدعيّ، و كانت عائشة تسمّيه زياد بن أبيه لأنّه ليس له أب معروف و مراده بعبد كلب يزيد بن معاوية لأنّه من عبد بجدل الكلبي.
و أمّا عمر بن سعد، فقد نسبوا أباه سعد إلى غير أبيه و انّه رجل من بني عذرة كان خدنا لأمّه يعني صاحبها و يشهد بذلك قول معاوية حين قال سعد لمعاوية: أنا أحقّ بهذا الأمر منك، فقال له معاوية: يأبى عليك ذلك بنو عذرة و ضرط له. روى ذلك النوفلي ابن سليمان من علماء السنّة، و يدلّ على ذلك قول السيّد الحميري شعر:
قدما تداعوا زنيما ثمّ سادهم لولا خمول بني سعد لما سادوا
و في كتاب الأمالي عن عبد اللّه بن منصور قال: قلت للصادق (عليه السّلام): حدّثني عن مقتل الحسين (عليه السّلام)، قال: لمّا حضرت معاوية الوفاة قال لابنه يزيد لعنه اللّه: قد ذلّلت لك الرّقاب و إنّي أخشى عليك من ثلاث نفر مخالفون عليك و هم عبد اللّه بن عمر و عبد اللّه بن الزبير و الحسين بن عليّ، فأمّا ابن عمر فهو معك فالزمه و لا تدعه، و أمّا ابن الزبير فاقتله إن ظفرت به فإنّه ثعلب، و أمّا الحسين فقد عرفت حظّه من رسول اللّه و هو من لحم رسول اللّه و دمه، و قد علمت أنّ أهل العراق يخرجونه إليهم ثمّ يخذلونه، فإن ظفرت به فلا تؤاخذه بفعله و لا تناله بمكروه.
فلمّا هلك معاوية و تولّى الأمر يزيد بعث عامله على المدينة عمّه عتبة بن أبي سفيان، فقدم المدينة و بعث إلى الحسين (عليه السّلام) و قال: إنّ أمير المؤمنين يزيد آمرك أن تبايع له فقال: يا عتبة قد علمت إنّا معدن الرّسالة و أعلام الحقّ و لقد سمعت جدّي يقول: إنّ الخلافة محرّمة على ولد أبي سفيان، فكيف ابايع أهل بيت قال فيهم رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) هذا؟
فكتب عتبة إلى يزيد: أنّ الحسين بن علي لا يرى لك خلافة و لا بيعة فرأيك في أمره، فكتب إليه: إذا أتاك كتابي هذا فعجّل إليّ بإرسال رأس الحسين، فبلغ ذلك الحسين (عليه السّلام) فهمّ بالخروج من الحجاز إلى العراق، فلمّا أقبل الليل مضى يودّع قبر جدّه (صلّى اللّه عليه و اله) فسطع له نور من القبر فعاد إلى موضعه، فلمّا كانت الليلة الثانية مضى إلى القبر يودّعه فصلّى ثمّ سجد و نام فجاءه النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) و هو في منامه فضمّه إلى صدره و قبّل ما بين عينيه و قال له: بأبي أنت كأنّي أراك مرمّلا بدمك بين عصابة من هذه الامّة، يا بنيّ إنّك قادم على أبيك و امّك و أخيك و هم مشتاقون إليك و أنّ لك في الجنّة درجات لا تنالها إلّا بالشهادة، فانتبه الحسين (عليه السّلام) باكيا فأتى أهله و أخبرهم بالرؤيا و ودّعهم و حمل أخواته على المحامل و ابن أخيه و صار في أحد و عشرين من أهل بيته و أصحابه. و سمع عبد اللّه بن عمر بخروجه فركب خلفه و أدركه فقال له:
ارجع إلى حرم جدّك و لا تخرج إلى العراق، فأبى، فقال: اكشف لي عن الموضع الذي كان رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) يقبّله منك، فكشف الحسين (عليه السّلام) عن سرّته فقبّلها ابن عمر ثلاثا و بكى و قال: أستودعك اللّه يا أبا عبد اللّه فإنّك مقتول في وجهك هذا.
فسار الحسين و أصحابه حتّى نزل العذيب، فقال فيها قايلة الظهر ثمّ انتبه من نومه باكيا فقال له ابنه: ما يبكيك يا أبه؟
قال: يا بني إنّها ساعة لا تكذب الرؤيا فيها إنّه عرض لي في منامي عارض فقال:
تسرعون السير و المطايا تسير بكم إلى الجنّة ثمّ سار حتّى نزل الرهيميّة فورد عليه رجل من أهل الكوفة يكنّى أبا هرم فقال: يابن النبيّ ما الذي أخرجك من المدينة؟
فقال: و يحك يا أبا هرم شتموا عرضي فصبرت و طلبوا مالي فصبرت و طلبوا دمي فهربت و ايم اللّه ليقتلني ثمّ ليلبسنّهم اللّه ذلّا شاملا و سيفا قاطعا، و بلغ عبيد اللّه بن زياد لعنه اللّه الخبر، و أنّ الحسين نزل الرهيمية فأرسل إليه الحرّ بن يزيد في ألف فارس.
قال الحرّ: فلمّا خرجت من منزلي متوجّها نحو الحسين نوديت ثلاثا: يا حرّ أبشر بالجنّة، فالتفت فلم أر أحدا فقلت: ثكلت الحرّامه يخرج إلى قتال ابن رسول اللّه و يبشّر بالجنّة فبلغه عند صلاة الظهر، فأمر الحسين (عليه السّلام) ابنه فأذّن و أقام و صلّى الحسين (عليه السّلام) بالفريقين جميعا، فلمّا سلّم و ثب الحرّ بن يزيد و سلّم على الحسين فقال له الحسين (عليه السّلام): من أنت؟
فقال: أنا الحرّ ابن يزيد، فقال: يا حرّ علينا أم لنا؟
فقال: يابن رسول اللّه لقد بعثت لقتالك و أعوذ باللّه أن أحشر من قبري و ناصيتي مشدودة إلى رجلي، يابن رسول اللّه أين تذهب ارجع إلى حرم جدّك فإنّك مقتول، فقال الحسين (عليه السّلام) شعر:
سأمضي فما بالموت عار على الفتى إذا ما نوى حقّا و جاهد مسلما
ثمّ سار حتّى نزل القطقطانية، فنظر إلى فسطاط مضروب لعبد اللّه بن الحرّ فأرسل إليه الحسين (عليه السّلام) فقال له: إنّك مذنب خاطئ و إنّ اللّه عزّ و جلّ آخذك بما أنت صانع إن لم تتب إلى اللّه فتنصرني، فقال: يابن رسول اللّه لو نصرتك لكنت أوّل مقتول بين يديك ولكن هذا فرسي خذه إليك فأعرض عنه الحسين (عليه السّلام) بوجهه و قال: لا حاجة لنا فيك و لا في فرسك و ما كنت متّخذ المضلّين عضدا، ولكن فرّ فلا لنا و لا علينا، فإنّه من سمع واعيتنا أهل البيت ثمّ لم يجبنا كبّه اللّه على وجهه في نار جهنّم. ثمّ سار حتّى نزل كربلاء فقال: أيّ موضع هذا؟ فقيل: هذا كربلاء يابن رسول اللّه فقال: هذا و اللّه يوم كرب و بلاء و هذا الموضع الذي يهراق فيه دماؤنا و يباح فيه حريمنا، فأقبل عبيد اللّه بن زياد بعسكره حتّى نزل النخيلة و بعث إلى الحسين عمر بن سعد في أربعة آلاف فارس و عبد اللّه بن الحصين و شبث بن ربعي و محمّد بن الأشعث كلّ واحد في ألف فارس و كتب إلى عمر بن سعد: إذا أتاك كتابي هذا فلا تمهلن الحسين بن علي و حل بينه و بين الماء كما حيل بين عثمان و بين الماء يوم الدار، فلمّا وصله الكتاب نادى: إنّا قد أجّلنا حسينا و أصحابه يومهم و ليلتهم فشقّ ذلك على الحسين و أصحابه، فقام الحسين في أصحابه خطيبا فقال: اللّهم إنّي لا أعرف أهل بيت أبرّ و لا أزكى من أهل بيتي، و لا أصحاباهم خير من أصحابي و قد نزل بي ما ترون و أنتم في حلّ من بيعتي و هذا الليل قد غشيكم فاتّخذوه جملا و تفرّقوا في سواده، فإنّ القوم إنّما يطلبوني و لو ظفروا بي لذهلوا عن طلب غيري فقام إليه عبد اللّه بن مسلم بن عقيل فقال: يابن رسول اللّه ماذا يقول لنا الناس إن نحن خذلنا سيّدنا و ابن سيّد الأعمام و ابن نبيّنا لم نضرب معه بسيف و لم نقاتل معه برمح لا و اللّه أو نرد موردك و نجعل دماءنا دون دمك، فإذا فعلنا ذلك قضينا ما علينا، و قام إليه زهير بن القين فقال: وددت أنّي قتلت ثمّ نشرت ثمّ قتلت ثمّ نشرت ثمّ قتلت ثمّ نشرت فيك و في الذين معك مائة قتلة و أنّ اللّه دفع بي عنكم أهل البيت، فقال له و لأصحابه: جزيتم خيرا.
ثمّ إنّ الحسين (عليه السّلام) أمر بحفيرة حول عسكره شبه الخندق فحشيت حطبا و أرسل عليّا ابنه في ثلاثين فارسا و عشرين راجلا ليستقوا الماء و هم على و جل شديد و أتشأ الحسين (عليه السّلام) يقول شعر:
يا دهر اف لك من خليل كم لك في الإشراق و الأصيل
من طالب و صاحب قتيل و الدهر لا يقنع بالبديل
و إنّما الأمر إلى الجليل و كلّ حيّ سالك سبيلي
ثمّ قال لأصحابه: قوموا فاشربوا من الماء يكن آخر زادكم و توضّئوا و اغتسلوا و اغسلوا ثيابم لتكون أكفانكم، ثمّ صلّى بهم الفجر و عبأهم تعبئة الحرب و أمر بالحفيرة فأضرمت بالنار ليقاتل القوم من وجه واحد و أقبل رجل من عسكر ابن سعد يقال له ابن أبي جويرية فقال: يا حسين ابشروا بالنار التي تعجلتموها في الدّنيا، فقال الحسين (عليه السّلام): اللّهم أذقه عذاب النار في الدّنيا، فنفر به فرسه و ألقاه في تلك النار فاحترق.
ثمّ برز من عسكر عمر بن سعد رجل آخر يقال له تميم بن حصين، فنادى: يا حسين و يا أصحاب حسين ألا ترون إلى ماء الفرات يموج كأنّه بطون الحيّات و اللّه لا ذقتم منه قطرة حتّى تذوقوا الموت جرعا. فقال الحسين (عليه السّلام): اللّهم اقتل هذا عطشا في هذا اليوم، فخنقه العطش حتّى سقط عن فرسه فوطأته الخيل بسنابكها فمات.
ثمّ أقبل محمّد بن أشعث بن قيس الكندي [فقال: يا حسين بن فاطمة] أيّة حرمة لك من رسول اللّه ليست لغيرك؟
فقال: إنّ اللّه اصطفى آدم و نوحا و آل إبراهيم و آل عمران على العالمين، و اللّه إنّ محمّدا لمن آل إبراهيم، و إنّ العترة الهادية لمن آل محمّد فقال: اللّهم أر محمّد بن الأشعث ذلّا في هذا اليوم فخرج من العسكر يتبرز، فسلّط اللّه عليه عقربا فلدغه فمات بادي العورة.
فبلغ العطش من الحسين و أصحابه فدخل عليه رجل من أصحابه يقال له يزيد الهمداني فقال: ائذن لي فأخرج إليهم فأكلّمهم، فأذن له فخرج إليهم و قال: يا معشر الناس إنّ اللّه بعث محمّدا بالحقّ بشيرا و نذيرا و هذا ماء الفرات تقع فيه خنازير السواد و كلابها و قد حيل بينه و بين ابنه فقالوا: يا يزيد قد أكثرت الكلام فاكفف فو اللّه ليعطشنّ الحسين كما عطش من كان قبله، فقال الحسين (عليه السّلام): اقعد يا يزيد ثمّ و ثب الحسين (عليه السّلام) متوكيا على سيفه فنادى بأعلى صوته: أنشدكم اللّه هل تعرفوني؟
قالوا: نعم أنت ابن رسول اللّه و سبطه، فقال: أنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ جدّي رسول اللّه؟
قالوا: اللّهم نعم.
قال: هل تعلمون إنّ امّي فاطمة بنت محمّد؟
قالوا: اللّهم نعم.
قال: أنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ أبي عليّ بن أبي طالب؟
قالوا: اللّهم نعم.
قال: أنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ جدّتي خديجة أوّل نساء هذه الامّة إسلاما؟
قالوا: اللّهم نعم.
قال: أنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ سيّد الشهداء حمزة عمّ أبي؟
قالوا: اللّهم نعم.
قال: فأنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ جعفر الطيّار في الجنّة عمّي؟
قالوا: اللّهمّ نعم.
قال: فأنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ هذا سيف رسول اللّه و أنا متقلّده؟
قالوا: اللّهمّ نعم.
قال: فأنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ هذه عمامة رسول اللّه أنا لابسها؟
قالوا: اللّهم نعم.
قال: فأنشدكم اللّه هل تعلمون أنّ عليّا كان أوّلهم إسلاما و أعلمهم علما و أعظمهم حلما و أنّه أوّل كلّ مؤمن و مؤمنة؟
قالوا: اللّهم نعم.
قال: فبم تستحلّون دمي و أبي الذائد عن الحوض غدا يذود عنه رجالا كما يذاد البعير الصادر عن الماء و لواء الحمد في يد جدّي يوم القيامة؟
قالوا: قد علمنا ذلك كلّه و نحن غير تاركيك حتّى تذوق الموت عطشا، فأخذ الحسين (عليه السّلام) بطرف لحيته و هو يومئذ ابن سبع و خمسين سنة، ثمّ قال: اشتدّ غضب اللّه على اليهود حين قالوا: عزير ابن اللّه و اشتدّ غضب اللّه على النصارى حين قالوا: المسيح ابن اللّه و اشتدّ غضب اللّه على المجوس حين عبدوا النار من دون اللّه و اشتدّ غضب اللّه على قوم قتلوا نبيّهم و اشتدّ غضب اللّه على هذه العصابة الذين يريدون قتل ابن نبيّهم.
قال: فضرب الحرّ بن يزيد فرسه إلى عسكر الحسين (عليه السّلام) واضعا يده على رأسه و هو يقول: اللّهم إليك أنيب فتب عليّ فقد أرعبت قلوب أوليائك و أولاد نبيّك، يابن رسول اللّه هل من توبة؟
قال: نعم تاب اللّه عليك.
قال: يابن رسول اللّه ائذن لي فأقاتل عنك، فأذن له فبرز و هو يقول شعر:
أضرب في أعناقكم بالسيف عن خير من حلّ بلاد الخيف
فقتل منهم ثمانية عشر رجلا ثمّ قتل فأتاه الحسين (عليه السّلام) و دمه يشخب فقال: بخ بخ يا حرّ أنت حرّ كما سمّيت في الدّنيا و الآخرة ثمّ أنشأ الحسين (عليه السّلام) يقول شعر:
لنعم الحرّ حرّ بني رياح صبور عند مختلف الرّماح
و نعم الحرّ إذا ساوى حسينا فجاد بنفسه عند الصياح
ثمّ برز من بعده زهير بن القين و هو يقول مخاطبا للحسين (عليه السّلام) شعر:
اليوم نلقى جدّك النبيّا و حسنا و المرتضى عليا
فقتل منهم تسعة عشر رجلا ثمّ صرع، و خرج من بعده حبيب بن مظاهر و هو يقول شعر:
أنا حبيب و أبي مظاهر لنحن أزكى منكم و أطهر
فقتل منهم أحد و ثلاثين رجلا ثمّ قتل، و برز وهب بن وهب و كان نصرانيا أسلم على يدي الحسين (عليه السّلام) هو و امّه و ركب فرسا و تناول عمود الفسطاط فقاتل و قتل من القوم سبعة أو ثمانية ثمّ استؤسر، فأمر ابن سعد بقتله فقتل و رمي برأسه إلى عسكر الحسين (عليه السّلام) فأخذت امّه سيفه و برزت فقال لها الحسين (عليه السّلام): يا امّ وهب اجلسي فقد وضع اللّه الجهاد عن النساء إنّك و ابنك مع جدّي محمّد (صلّى اللّه عليه و اله) في الجنّة، و برز إليهم عبد اللّه بن مسلم بن عقيل و أنشد شعر:
أقسمت لا أقتل إلّا حرّا و إن وجدت الموت شيئا مرّا
أكره أن ادّعى جبانا فرّا إنّ الجبان من عصى و فرّا
فقتل ثلاثة و قتل، و برز من بعده عليّ بن الحسين (عليهما السّلام)، فلمّا برز إليهم دمعت عيني الحسين (عليه السّلام) فقال: اللّهم كن أنت الشهيد عليهم، فقد برز إليهم ابن رسولك و أشبه الناس وجها و سمتا به فجعل يقول شعر:
أنا عليّ بن الحسين بن عليّ نحن و بيت اللّه أولى بالنبيّ
فقتل عشرة ثمّ رجع إلى أبيه فقال؛ يا أبه العطش، فقال له الحسين (عليه السّلام): صبرا يا بني يسقيك جدّك بالكأس الأوفى، فرجع و قتل منهم أربعة و أربعين ثمّ قتل (عليه السّلام)، ثمّ برز من بعده القاسم بن الحسن و هو يقول شعر:
لا تجزعي نفسي فكلّ فاني اليوم تلقين ذرى الجنان
فقتل منهم ثلاثة ثمّ رمى عن فرسه فنظر الحسين (عليه السّلام) يمينا و شمالا، فلم ير أحد فقال:
اللّهم إنّك ترى ما يصنع بولد نبيّك و حالوا بينه و بين الماء و رمى بسهم فوقع في نحره و خرّ عن فرسه فأخذ السهم فرمى به و جعل يتلقّى الدم بكفّه، فلمّا امتلأت لطخ بها رأسه و لحيته و هو يقول: ألقى اللّه عزّ و جلّ و أنا مظلوم متلطّخ بدمي، ثمّ خرّ على خدّه الأيسر صريعا و أقبل عدوّ اللّه سنان و شمر بن ذي الجوشن لعنهما اللّه تعالى في رجال من أهل الشام حتّى وقفوا على
رأسه، فقال بعضهم لبعض: ما تنتظرون أريحوا الرجل فنزل سنان و أخذ بلحية الحسين (عليه السّلام) و جعل يضرب بالسيف في حلقه و هو يقول: و اللّه إنّي لأحتزّ رأسك و أنا أعلم أنّك ابن رسول اللّه و خير الناس أمّا و أبا، و أقبل فرس الحسين حتّى لطخ عرفه و ناصيته بدمه و جعل يركض و يصهل و سمعت بنات النبيّ صهيله فخرجن، فإذا الفرس بلا راكب فعرفن أنّ حسينا قد قتل و خرجت امّ كلثوم بنت الحسين واضعة يدها على رأسها تندب: وا محمّداه هذا الحسين بالعرا قد سلب العمامة و الرّداء، و أقبل سنان لعنه اللّه حتّى أدخل رأس الحسين (عليه السّلام) على ابن زياد و هو يقول شعر:
املأ ركابي فضّة و ذهبا إنّي قتلت الملك المحجّبا
قتلت خير الناس امّا و أبا و خيرهم إذ ينسبون نسبا
فقال له ابن زياد: ويحك إذا علمت إنّه خير الناس أبا و امّا لم قتلته؟ فأمر به فضربت عنقه و عجّل اللّه بروحه إلى النار، و أرسل ابن زياد قاصدا إلى امّ كلثوم بنت الحسين يقول لها:
الحمد للّه الذي قتل رجالكم فكيف ترون ما فعل بكم؟
فقالت: يابن زياد لئن قرّت عينك بقتل الحسين فطالما قرّت عين جدّه به و كان يقبّله و يلثم شفتيه يابن زياد أعد لجدّه جوابا فإنّه خصمك غدا .
و قال السيّد علي بن طاووس: إنّ مروان بن الحكم قال للحسين (عليه السّلام): بايع ليزيد يكن خيرا لك في دينك و دنياك، فقال الحسين (عليه السّلام): إنّا للّه و إنّا إليه راجعون و على الإسلام السلام إذ قد بليت الامّة براع مثل يزيد .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|