أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-2-2019
1745
التاريخ: 25-1-2021
2617
التاريخ: 7-3-2021
3735
التاريخ: 22-7-2020
2098
|
الخلق عبارة عن «ملكة للنفس مقضية لصدور الأفعال بسهولة من دون احتياج إلى فكر و روية» .
والملكة : كيفية نفسانية بطيئة الزوال.
وبالقيد الأخير خرج الحال لأنها كيفية نفسانية سريعة الزوال ، و سبب وجود الخلق إما المزاج كما مر، أو العادة بأن يفعل فعلا بالروية ، أو التكلف و يصبر عليه إلى أن يصير ملكة له و يصدر عنه بسهولة و إن كان مخالفا لمقتضى المزاج.
واختلف الأوائل في إمكان إزالة الأخلاق و عدمه ، و ثالث الأقوال أن بعضها طبيعي يمتنع زواله و بعضها غير طبيعي حاصل من أسباب خارجة يمكن زواله.
ورجح المتأخرون الأول و قالوا : ليس شيء من الأخلاق طبيعيا و لا مخالفا للطبيعة.
بل النفس بالنظر إلى ذاتها قابلة للاتصاف بكل من طرفي التضاد ، إما بسهولة إن كان موافقا للمزاج ، أو بعسر إن كان مخالفا له ، فاختلاف الناس في الأخلاق لاختلافهم في الاختيار و المزاولة لأسباب خارجة.
(حجة القول الأول) أن كل خلق قابل للتغيير و كل قابل للتغيير ليس طبيعيا فينتج لا شيء من الخلق بطبيعي و الكبرى بديهية ، و الصغرى وجدانية ، فإنه نجد أن الشرير يصير بمصاحبته الخيّر خيرا ، و الخيّر بمجالسة الشرير شريرا.
ونرى أن التأديب «في السياسات » فيه أثر عظيم في زوال الأخلاق ، و لولاه لم يكن لقوة الروية فائدة و بطلت التأديبات و السياسات و لغت الشرائع و الديانات ، و لما قال اللّه سبحانه : « { قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا } [الشمس : 9] » .
ولما قال النبي (صلى اللّه عليه و آله) : «حسنوا أخلاقكم» , ولما قال: «بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» ، وردّ : بمنع كلية الصغرى فإنا نشاهد أن بعض الأخلاق في بعض الأشخاص غير قابل للتبديل (لا) سيما ما يتعلق بالقوة النظرية ، كالحدس و التحفظ ، و جودة الذهن ، و حسن التعقل ، و مقابلاتها كما هو معلوم من حال بعض الطلبة ، فإنه لا ينجح سعيهم في التبديل مع مبالغتهم في المجاهدة.
وما قيل : من لزوم تعطل القوة المميزة و بطلان التأديب و السياسات مردود : بأن هذا اللزوم إذا لم يكن شيء من الأخلاق قابلا للتغيير، و أما مع قبول بعضها أو أكثرها له فلا يلزم شيء مما ذكر، و لو كان عدم قبول بعض الأخلاق التغيير موجبا لبطلان علم الشرائع و الأخلاق لكان عدم قبول بعض الأمراض للصحة مقتضيا لبطلان علم الطب ، مع أنا نعلم بديهة أن بعض الأمراض لا يقبل العلاج.
(و حجة القول الثاني) أن الأخلاق بأسرها تابعة للمزاج ، و المزاج لا يتبدل ، و اختلاف مزاج شخص واحد في مراتب سنة لا ينافي ذلك ، لجواز تابعيتها لجميع مراتب عرض المزاج ، و أيّد ذلك بقوله (صلى اللّه عليه و آله) : (الناس معادن كمعادن الذهب و الفضة خيارهم في الجاهلية خيارهم الإسلام) , و بقوله (صلى اللّه عليه و آله) : «اذا سمعتم أن جبلا زال عن مكانه فصدقوه ، و إذا سمعتم برجل زال عن خلقه فلا تصدقوه ، فإنه سيعود إلى ما جبل عليه».
و(الجواب) أن توابع المزاج من المقتضيات التي يمكن زوالها ، لا من اللوازم التي يمتنع انفكاكها ، لما ثبت في الحكمة من أن النفوس الإنسانية متفقة في الحقيقة ، و في بدو فطرتها خالية عن جميع الأخلاق و الأحوال كما هو شأن العقل الهيولائي.
ثم ما بحصل لها منهما أما من مقتضيات الاختيار و العادة أو استعدادات الأبدان و الأمزجة و المقتضى ما يمكن زواله كالبرودة للماء ، لا ما يمتنع انفكاكه كالزوجية للأربعة و الخبر الأول لا يفيد المطلوب بوجه.
والثاني مع عدم ثبوته عندنا يدل على خلاف مطلوبهم ، لأن قوله : «سيعود إلى ما جبل عليه» يفيد إمكان إزالة الخلق بالأسباب الخارجية من التأديب و النصائح و غيرهما ، و بعد إزالته بها يعود بارتفاعها كبرودة الماء التي تزول ببعض الأسباب و تعود بعد زوال السبب ، فلو دام على حفظ الأسباب و إبقائها لم يحصل العود أصلا.
و إذا ثبت بطلان القولين الأولين فالحق القول بالتفصيل ، يعني قبول بعض الأخلاق بل أكثرها بالنسبة إلى الأكثر التبديل للحس و العيان ، و لبطلان السياسات و الشرائع لولاه و لإمكان تغير خلق البهائم ، إذ ينتقل الصيد من التوحش إلى الأنس و الفرس من الجماح إلى الانقياد والكلب من الهراشة إلى التأدب ، فكيف لا يمكن في حق الإنسان ، و عدم قبول بعضها بالنسبة إلى البعض له ، للمشاهدة و التجربة ، و هذا البعض مما لا يكون التعلق التكليف كالأخلاق المتعلقة بالقوة العقلية من الذكاء و الحفظ و حسن التعقل وغيرها.
والتصفح يعطي اختلاف الأشخاص و الأخلاق في الإزالة و الاتصاف بالضد بالإمكان و التعذر والسهولة والتعسر و بالتقليل و الرفع بالمرة ، و لذا لو تصفحت أشخاص العالم لم تجد شخصين متشابهين في جميع الأخلاق ، كما لا تجد اثنين متماثلين في الصورة.
و يشير إلى ذلك قوله (صلى اللّه عليه و آله) : «اعملوا فكل ميسر لما خلق له».
و قال أرسطاطاليس : «يمكن صيرورة الأشرار أخيارا بالتأديب إلا أن هذا ليس كليا , فإنه ربما أثر في بعضهم بالزوال و في بعضهم بالتقليل و ربما لم يؤثر أصلا».
ثم المراد من التغيير ليس رفع الغضب و الشهوة مثلا و إماطتهما بالكلية فإن ذلك محال لأنهما مخلوقتان لفائدة ضرورية في الجبلة ، إذ لو انقطع الغضب عن الإنسان بالكلية لم يدفع عن نفسه ما يهلكه و يؤذيه و امتنع جهاد الكفار، و لو انعدم عنه شهوة الطعام لم تبق حياته ، و لو بطل عنه شهوة الوقاع بالمرة لضاع النسل ، بل المراد ردهما من الإفراط و التفريط إلى الوسط فالمطلوب في صفة الغضب خلو النفس عن الجبن و التهور و الاتصاف بحس الحمية ، و هو أن يحصل إذا استحسن حصوله شرعا و عقلا ، و لا يحصل إذا استحسن عدمه كذلك.
وكذا الحال في صفة الشهوة.
ولا ريب في أن رد بعض الموجودات الناقصة من القوى و غيرها إذا وجدت فيه قوة الكمال إلى كماله ممكن إذا كان له شرط يرتبط باختيار العبد فكما أن النواة يمكن أن تصير نخلا بالتربية ، لوجود قوة النخلية فيه ، و توقف فعليتها على شرط التربية التي بيد العبد ، فكذلك يمكن تعديل قوتي الغضب و الشهوة بالرياضة و المجاهدة ، لوجود قوة التعديل فيهما ، و توقف فعليتهما على شرط ارتبط باختيار العبد أعني الرياضة و المجاهدة ، و إن لم يمكن لنا قلعهما بالكلية ، كما لا يمكن لنا إعدام شيء من الموجودات و لا إيجاد شيء من المعدومات.
ثم شرائط الرد تختلف بالنسبة إلى الأشخاص و الأخلاق ، و لذا نرى أن التبديل يختلف باختلاف مراتب السياسات و التأديب ، فيمكن أن لا يرتفع مذموم خلق بمرتبة من التأديب ، و يرتفع بمرتبة منه فوقها ، و الأسهل قبولا لكل خلق الأطفال لخلو نفوسهم عن الأضداد المانعة من القبول ، فيجب على الآباء تأديبهم بالآداب الجميلة ، و صونهم عن ارتكاب الأعمال القبيحة حتى تعتاد نفوسهم بترك الرذائل ، و ارتكاب الفضائل ، و المؤدب الأول هو الناموس الإلهي ، والثاني أولو الأذهان القويمة من أهل المعارف الحقة ، فيجب تقييد من يراد تأديبه بالنواميس الربانية أولا، و تنبيهه بالحكم و المواعظ ثانيا.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|