المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

استخدامات الحبوب
25-7-2016
تآزر العلاج الحيوي Synbiotic
20-5-2020
الأدلّة والوقائع التاريخيّة تناقض نظريّة الوحي النفسي
12-1-2019
Air Traffic Controller
1-1-2016
أسباب نشأة الواقعيَّة
29-09-2015
عوامل التوطن الصناعي - القوى العاملة (Labours)
9-10-2021


الايمان بالرسالة  
  
3343   05:22 مساءً   التاريخ: 14-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 214-216.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /

ان معنى الايمان - باطلاقه اللفظي- هو ان يضع الانسان ثقته بالشيء او القضية التي اعتنقها واعترف باحقيتها. فالايمان يعني بناء جسر من الثقة والاطمئنان يبن المؤمن والرسالة التي آمن بها. ومن هذا المنطلق فان الايمان بالرسالة يبتني على اربعة اسس:

الاول: الاعتقاد بالحقائق المنّـزلة عن طريق الوحي، والتي ليس لنا سبيل الى معرفتها الا عن طريق نبي مرسل يوحى اليه من قبل السماء. وقد كان ايمان علي (عليه السلام) بحقائق التنـزيل ايماناً راسخاً، ولذلك كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يخاطبه قائلاً: «انت اول المؤمنين ايماناً وانت اول المسلمين اسلاماً...». أي انك اول من اعتقد بالحقائق السماوية المنـزلة عليَّ وانك اول من وضع ثقته بالرسالة السماوية التي جئتُ بها. وبتعبير ثالث، ان علياً (عليه السلام) عندما آمن برسول الله (صلى الله عليه واله)، فانه (عليه السلام) آمن بكل ما كان يحمله نبي الرحمة (صلى الله عليه واله) من احكام وعقائد ومفاهيم وقيم واخلاق.

الثاني: ان اعلى درجات الايمان هو ان يصل الى مرحلة اليقين والقطع لا مجرد المعرفة او الرأي. وقد كان ايمان علي (عليه السلام) في قمة سلّم اليقين والقطع لانه ايمان المعصوم المدرِك لرسالة الدين في الحياة الانسانية. بينما كان ايمان البقية من قريش وغيرها يتراوح بين المعرفة والرأي. فاذا ارتفع في سلم المعرفة اقترب من ايمان اهل البيت (عليه السلام) كايمان ابي ذر وعمار وسلمان والمقداد، واذا ارتفع في سلم الرأي الشخصي ابتعد عن اهل البيت (عليه السلام) كايمان الطلقاء ونحوهم. ولكن درجة اليقين التي كان قد وصلها ايمان علي (عليه السلام) جعلته اوفى الناس بعهد الله، واقومهم بأمر الله، واقسمهم بالسوية، واعدلهم في الرعية، وابصرهم في القضية، واعظمهم عند الله مزيةً، كما عبّر عن ذلك رسول الله (صلى الله عليه واله) في مخاطبته امير المؤمنين (عليه السلام).

 

ولا شك ان ارتقاء الايمان بالرسالة الى درجة اليقين يعني اجتيازاً لحدود المعرفة العقلية من اجل الدخول الى عالم آخر يتجرد عن كل الشكوك والاوهام والمخاوف من العقوبة. فالايمان اليقيني بالله وبرسالته السماوية لا يرتفع فوق الرأي الشخصي فحسب، بل يرتفع فوق حدود المعرفة العقلية التي يجهد الافراد العاديون امثالنا في استيعابها. بينما يستقر الايمان المستند على الرأي الشخصي في القعر، لانه ايمان لا يستند الى ادنى درجات القطع. ولذلك ما كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يدعو احداً من الناس الى الاسلام الا كانت فيه عنده كبوة (أي تأخير وقلة اجابة) ونظر وتردد، كما المحنا الى ذلك اكثر من مرة. ولكنّ علياً (عليه السلام) كان قمةً في اليقين والقطع بصحة رسالة محمد (صلى الله عليه واله).

 

وفي ضوء ذلك، نقرر بأن الايمان له مراتب ثلاث:

 

1 _ مرتبة الايمان السطحي المستمد من الرأي الشخصي المجرد عن المعرفة. وامثلته ايمان اولئك الذين لم يكن لهم مفر الا الايمان الظاهري، كايمان الطلقاء والذين استسلموا عندما استشعروا قوة الاسلام، ولكنهم رجعوا الى الجذور الجاهلية عندما حانت الفرصة لذلك لاحقاً.

 

2 _  مرتبة الايمان المستند على المعرفة الحقة المبنية على مصادر الدين. وهو ايمان النخبة الصالحة من صحابة رسول الله (صلى الله عليه واله) وامير المؤمنين (عليه السلام) كابي ذر وعمار وسلمان والمقداد وامثالهم.

 

3 _  مرتبة الايمان المستند على اليقين. ولا ايمان بعد ذلك يستطيع الانسان حمله، على الصعيد الذهني او القلبي. وهذا هو ايمان علي بن ابي طالب وائمة الهدى (عليه السلام) برسالة رسول الله (صلى الله عليه واله). وهو القائل (عليه السلام): «لو كشف الغطاء ما ازددتُ يقيناً».

 

الثالث: ان معرفة الحقيقة شيء والايمان بها شيء آخر. فقد يحصل للفرد علم بان الله عزّ وجل واحد، ولكنه لا يؤمن بتلك الحقيقة. وقد يحصل للانسان علم بأن محمداً (صلى الله عليه واله) رسول الله حقاً، ولكنه يظل كافراً بتلك الحقيقة. وربما تواجد اكثر من صحابي في وقائع تأريخية اثنٍى فيها رسول الله (صلى الله عليه واله) على علي (عليه السلام) ومنحه فيها مقعد الولاية الشرعية، ولكنهم لم يؤمنوا بها مع انها كانت حقيقة.

 

فالايمان بالحقيقة الدينية اذن هو الذي يُثقل الميزان، لا معرفة الحقيقة معرفة مجردة. وعندما كان علي (عليه السلام) يرى الحقائق السماوية النازلة على نبي الرحمة (صلى الله عليه واله) ناصعة اماه، لم يقف منها موقف الحياد، بل آمن بها بقوة. فمعرفة الحقيقة الدينية عند علي (عليه السلام) كان يعني الايمان بها.

 

الرابع: ان ايمان علي (عليه السلام) برسالة محمد (صلى الله عليه واله) لابد ان يكون جزءً من التصميم الالهي للحياة. فشخصية بهذا الوزن وذاك الحجم في الصورة الاسلامية، لابد ان تُخلق مع الاسلام من أجل اكتمال تلك الصورة. فايمان علي (عليه السلام) لم يكن قراراً عشوائياً، او حكم صبي كما يزعمون، بل كان جزءً من التصميم الالهي لمستقبل هذا الدين. وهذا لا يقلل من فضائله (عليه السلام)، بل كان في علم الله عزّ وجلّ ان تكتمل صورة الاسلام بوجود علي (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه واله).

 

ولا شك ان الامام (عليه السلام) _ على الرغم من حداثة سنه _ لم يكن ليؤمن برسالة لولا انه رأى دليلاً حاسماً على صدقها. والمعجزات التي ظهرت على النبي محمد (صلى الله عليه واله) وانجاز ما وعده الله سبحانه، وقدسية الرسول والرسالة، كلها تعطي شخصية عظيمة كشخصية علي (عليه السلام) الدليل على التصديق الكامل بها. ويؤيده قوله (عليه السلام) عندما سأله السائل: هل رأيت ربك؟ فأجابه (عليه السلام): او اعبد ما لا ارى؟ ثمّ عاد السائل: وكيف تراه؟ فرد عليه: «لا تدركه العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقائق الايمان...». فقد ادرك علي (عليه السلام) بقلبه الخافق حقائق الرسالة الجديدة وآمن بها.

 

ومن الطبيعي فان ايمان الامام (عليه السلام) برسالة السماء كان مستنداً على قطعية الدليل الذي رآه في شخصية رسول الله (صلى الله عليه واله)، وعلى يقينية الدليل في رسالة القرآن المجيد. وهذا يدعونا للايمان بأن علياً (عليه السلام) عندما آمن بالاسلام لم يكن صبياً يقلّد الآخرين. بل كان مسلّحاً بالمعارف التي تعلمها من النبي (صلى الله عليه واله). فكان على وعي تام بمقتضيات الايمان بالرسالة الجديدة على الصعيدين العقلي والروحي. ولم يكن يُعهد عن رسول الله (صلى الله عليه واله) انه كان يدعو الصبيان والاحداث الى الاسلام، بل كان يدعو من يجد فيه الكفاءة والاهلية لتقبل الدين الجديد بأفكاره وتكاليفه. فيكون ايمان علي (عليه السلام) المسلّح بالمعارف التوحيدية، بوابة من بوابات الخير المنهمر على البشرية، كما سنلمس ذلك لاحقاً.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.