أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-01-2015
3394
التاريخ: 18-10-2015
3582
التاريخ: 5-5-2016
3437
التاريخ: 23-01-2015
4537
|
ان معنى الايمان - باطلاقه اللفظي- هو ان يضع الانسان ثقته بالشيء او القضية التي اعتنقها واعترف باحقيتها. فالايمان يعني بناء جسر من الثقة والاطمئنان يبن المؤمن والرسالة التي آمن بها. ومن هذا المنطلق فان الايمان بالرسالة يبتني على اربعة اسس:
الاول: الاعتقاد بالحقائق المنّـزلة عن طريق الوحي، والتي ليس لنا سبيل الى معرفتها الا عن طريق نبي مرسل يوحى اليه من قبل السماء. وقد كان ايمان علي (عليه السلام) بحقائق التنـزيل ايماناً راسخاً، ولذلك كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يخاطبه قائلاً: «انت اول المؤمنين ايماناً وانت اول المسلمين اسلاماً...». أي انك اول من اعتقد بالحقائق السماوية المنـزلة عليَّ وانك اول من وضع ثقته بالرسالة السماوية التي جئتُ بها. وبتعبير ثالث، ان علياً (عليه السلام) عندما آمن برسول الله (صلى الله عليه واله)، فانه (عليه السلام) آمن بكل ما كان يحمله نبي الرحمة (صلى الله عليه واله) من احكام وعقائد ومفاهيم وقيم واخلاق.
الثاني: ان اعلى درجات الايمان هو ان يصل الى مرحلة اليقين والقطع لا مجرد المعرفة او الرأي. وقد كان ايمان علي (عليه السلام) في قمة سلّم اليقين والقطع لانه ايمان المعصوم المدرِك لرسالة الدين في الحياة الانسانية. بينما كان ايمان البقية من قريش وغيرها يتراوح بين المعرفة والرأي. فاذا ارتفع في سلم المعرفة اقترب من ايمان اهل البيت (عليه السلام) كايمان ابي ذر وعمار وسلمان والمقداد، واذا ارتفع في سلم الرأي الشخصي ابتعد عن اهل البيت (عليه السلام) كايمان الطلقاء ونحوهم. ولكن درجة اليقين التي كان قد وصلها ايمان علي (عليه السلام) جعلته اوفى الناس بعهد الله، واقومهم بأمر الله، واقسمهم بالسوية، واعدلهم في الرعية، وابصرهم في القضية، واعظمهم عند الله مزيةً، كما عبّر عن ذلك رسول الله (صلى الله عليه واله) في مخاطبته امير المؤمنين (عليه السلام).
ولا شك ان ارتقاء الايمان بالرسالة الى درجة اليقين يعني اجتيازاً لحدود المعرفة العقلية من اجل الدخول الى عالم آخر يتجرد عن كل الشكوك والاوهام والمخاوف من العقوبة. فالايمان اليقيني بالله وبرسالته السماوية لا يرتفع فوق الرأي الشخصي فحسب، بل يرتفع فوق حدود المعرفة العقلية التي يجهد الافراد العاديون امثالنا في استيعابها. بينما يستقر الايمان المستند على الرأي الشخصي في القعر، لانه ايمان لا يستند الى ادنى درجات القطع. ولذلك ما كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يدعو احداً من الناس الى الاسلام الا كانت فيه عنده كبوة (أي تأخير وقلة اجابة) ونظر وتردد، كما المحنا الى ذلك اكثر من مرة. ولكنّ علياً (عليه السلام) كان قمةً في اليقين والقطع بصحة رسالة محمد (صلى الله عليه واله).
وفي ضوء ذلك، نقرر بأن الايمان له مراتب ثلاث:
1 _ مرتبة الايمان السطحي المستمد من الرأي الشخصي المجرد عن المعرفة. وامثلته ايمان اولئك الذين لم يكن لهم مفر الا الايمان الظاهري، كايمان الطلقاء والذين استسلموا عندما استشعروا قوة الاسلام، ولكنهم رجعوا الى الجذور الجاهلية عندما حانت الفرصة لذلك لاحقاً.
2 _ مرتبة الايمان المستند على المعرفة الحقة المبنية على مصادر الدين. وهو ايمان النخبة الصالحة من صحابة رسول الله (صلى الله عليه واله) وامير المؤمنين (عليه السلام) كابي ذر وعمار وسلمان والمقداد وامثالهم.
3 _ مرتبة الايمان المستند على اليقين. ولا ايمان بعد ذلك يستطيع الانسان حمله، على الصعيد الذهني او القلبي. وهذا هو ايمان علي بن ابي طالب وائمة الهدى (عليه السلام) برسالة رسول الله (صلى الله عليه واله). وهو القائل (عليه السلام): «لو كشف الغطاء ما ازددتُ يقيناً».
الثالث: ان معرفة الحقيقة شيء والايمان بها شيء آخر. فقد يحصل للفرد علم بان الله عزّ وجل واحد، ولكنه لا يؤمن بتلك الحقيقة. وقد يحصل للانسان علم بأن محمداً (صلى الله عليه واله) رسول الله حقاً، ولكنه يظل كافراً بتلك الحقيقة. وربما تواجد اكثر من صحابي في وقائع تأريخية اثنٍى فيها رسول الله (صلى الله عليه واله) على علي (عليه السلام) ومنحه فيها مقعد الولاية الشرعية، ولكنهم لم يؤمنوا بها مع انها كانت حقيقة.
فالايمان بالحقيقة الدينية اذن هو الذي يُثقل الميزان، لا معرفة الحقيقة معرفة مجردة. وعندما كان علي (عليه السلام) يرى الحقائق السماوية النازلة على نبي الرحمة (صلى الله عليه واله) ناصعة اماه، لم يقف منها موقف الحياد، بل آمن بها بقوة. فمعرفة الحقيقة الدينية عند علي (عليه السلام) كان يعني الايمان بها.
الرابع: ان ايمان علي (عليه السلام) برسالة محمد (صلى الله عليه واله) لابد ان يكون جزءً من التصميم الالهي للحياة. فشخصية بهذا الوزن وذاك الحجم في الصورة الاسلامية، لابد ان تُخلق مع الاسلام من أجل اكتمال تلك الصورة. فايمان علي (عليه السلام) لم يكن قراراً عشوائياً، او حكم صبي كما يزعمون، بل كان جزءً من التصميم الالهي لمستقبل هذا الدين. وهذا لا يقلل من فضائله (عليه السلام)، بل كان في علم الله عزّ وجلّ ان تكتمل صورة الاسلام بوجود علي (عليه السلام) بعد رسول الله (صلى الله عليه واله).
ولا شك ان الامام (عليه السلام) _ على الرغم من حداثة سنه _ لم يكن ليؤمن برسالة لولا انه رأى دليلاً حاسماً على صدقها. والمعجزات التي ظهرت على النبي محمد (صلى الله عليه واله) وانجاز ما وعده الله سبحانه، وقدسية الرسول والرسالة، كلها تعطي شخصية عظيمة كشخصية علي (عليه السلام) الدليل على التصديق الكامل بها. ويؤيده قوله (عليه السلام) عندما سأله السائل: هل رأيت ربك؟ فأجابه (عليه السلام): او اعبد ما لا ارى؟ ثمّ عاد السائل: وكيف تراه؟ فرد عليه: «لا تدركه العيون بمشاهدة العيان، ولكن تدركه القلوب بحقائق الايمان...». فقد ادرك علي (عليه السلام) بقلبه الخافق حقائق الرسالة الجديدة وآمن بها.
ومن الطبيعي فان ايمان الامام (عليه السلام) برسالة السماء كان مستنداً على قطعية الدليل الذي رآه في شخصية رسول الله (صلى الله عليه واله)، وعلى يقينية الدليل في رسالة القرآن المجيد. وهذا يدعونا للايمان بأن علياً (عليه السلام) عندما آمن بالاسلام لم يكن صبياً يقلّد الآخرين. بل كان مسلّحاً بالمعارف التي تعلمها من النبي (صلى الله عليه واله). فكان على وعي تام بمقتضيات الايمان بالرسالة الجديدة على الصعيدين العقلي والروحي. ولم يكن يُعهد عن رسول الله (صلى الله عليه واله) انه كان يدعو الصبيان والاحداث الى الاسلام، بل كان يدعو من يجد فيه الكفاءة والاهلية لتقبل الدين الجديد بأفكاره وتكاليفه. فيكون ايمان علي (عليه السلام) المسلّح بالمعارف التوحيدية، بوابة من بوابات الخير المنهمر على البشرية، كما سنلمس ذلك لاحقاً.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|