أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-11-2015
![]()
التاريخ: 5-10-2014
![]()
التاريخ: 15-02-2015
![]()
التاريخ: 22-04-2015
![]() |
يختلف نظام الرقِّ في الإسلام عمّا هو عليه في سائر الأنظمة البشريّة
، فإنّ النظم البشريّة ترى جواز استعباد الانسان واسترقاقه لأخيه الإنسان بحجّة
أنّه أقلّ ثقافةً أو لأنّه يعيش في بلد متأخّر ، أو لأنّه يجري في عروقه دم وضيع ،
أو لأنّه لا ينتمي إلى حزب !!
غير أنّ
الإسلام الذي حرّم على الناس التفاضل بهذه الخرافات ، انقذهم من سيادة بعضهم على
بعض بتلك الحجج الواهية السخيفة ، ولم يجز لأحد أن يسلب حريّة غيره لتلك الحجج
والمعاذير فقال القرآن الكريم : { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ
تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ
إِلاَّ اللهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا
أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ } ( آل عمران : 64).
وقال
الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) : « بعث الله محمّداً (صلى الله عليه واله وسلم)
ليُخرج
عبادهُ من عبادة عباده إلى عبادته ومن عهود عباده إلى عُهوده ، ومن طاعة عباده إلى طاعته ، ومن ولاية عباده إلى ولايته » (1).
وقال
(عليه السلام) أيضاً : « ولا تكُن عبد غيرك وقد جعلك الله حُراً » (2).
وقال
الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) : « أيّها الناسُ إنّ آدم لم يلد سيّداً ولا
أمة. وإنّ الناس كلهم أحرار ولكنَّ
الله خوّل بعضكم بعضاً » (3).
وقد
وجّه الإسلام دعوته الشاملة إلى كلّ اُمم الأرض ، ودعاها إلى التحرّر من العبوديات
الباطلة والانضواء تحت لواء واحد هو لواء الإسلام لله تعالى والتسليم لأوامره في
جوّ من المساواة الكاملة والوحدة الشاملة يوم لم يسمع العالم عن الاُمميّة الحديثة
شيئاً.
منذ ذلك
اليوم دعا الإسلام إلى صيانة الحريّات الطبيعيّة المعقولة ، وحارب بشدة من يحاول
إغفالها وتجاهلها.
إنّ
تحرير الإنسان من وطأة استعباد الآخرين له ممّا جوز القرآن أن تراق من أجله الدماء
إذ قال سبحانه : { وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي
سَبِيلِ اللهِ وَالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ
الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَٰذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ
أَهْلُهَا } ( النساء : 75).
ولذلك
فإنّ الإسلام لا يُقرّ بالرقّيّة والاسترقاق الذي تقول به الأنظمة البشريّة ، نعم
؛ للإسلام نظام للرقّ بشكل آخر ، وهو موقف يتخذه الإسلام الحنيف كعمل اضطراري
لمعالجة حالة شاذّة.
فإنّ
أعداء الإسلام وأعداء الحريّة إذا هاجموا المسلمين وعرّضوا حياتهم للخطر كان جزاء
المعتدين أن يُقتلوا أينما ثُقفوا ما لم تضع الحرب أوزارها (4) ، فإذا وضعت الحرب أوزارها
استؤسروا ثمّ وضعوا تحت ولاية حكيمة تعلمهم ما هو جزاء المعتدين على حقوق الآخرين
وحرياتهم وتعطي لهم ولأمثالهم درساً عملياً تُفهمهم أنّ الذي يريد أن يستعبد الناس
فهو يستعبد جزاءً وفاقاً ، وستظل هذه الولاية ريثما ينشأ نشأةً أُخرى يفهم في
ضوئها قيمة الحريّة المخوّلة إليه ، والسبيل الذي يجب أن تصرف فيه فإذا عرف ذلك
ردّت إليه حريته ، ويعيش معه في راحة وأمان ... قال الله سبحانه : { وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ
الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ
خَيْرًا وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ } ( النور : 33).
وهذه
الآية تفيد ؛ أنّ تعريض العبد للحريّة والخروج من حالة الرقيّة أمر مرغوب فيه في
الإسلام بشرط أن يُعلم منه الخير ، ولا يكون تحريره مضرّاً بالإسلام والمسلمين.
وبهذا
تظهر العلّة في عدم سماح الإسلام للعبيد بأن يتصدّروا مسند القيادة ويسلّم إليهم
المجتمع الإسلاميّ زمام إدارتهم وحكومتهم.
فإنّ
الذي استُرقّ لسوء ماضيه ولإرادته العدوان على نفوس المسلمين وحرياتهم وأموالهم
وأعراضهم ، لا يجوز أن يعطى إليه زمام قيادتهم إذ لا يؤمن على أموال المسلمين
وحريّاتهم ونفوسهم وأعراضهم ، وهو الذي سبق له الاعتداء عليها.
وخلاصة
القول : نعلم من هذا الموقف الإسلاميّ اتّجاه العبد ؛ بأنّ الإسلام إنّما سلب عنهم
الصلاحيّة للقيادة لأنّهم كانوا من الذين يريدون أن يسلبوا حريّة الناس ، فلا يمكن
لمن يحمل هذه النزعة الخطيرة ، ولو في أمد من الزمان ـ أن سيود على المسلمين ،
ويُسلَّط على شؤونهم. هذا مضافاً إلى أنّ حرمان العبد من الارتفاع إلى مستوى
القيادة نوع من النكال والتبكيت للعبد ، ولكلّ من يريد ما أراد من العدوان
والتجاوز على حرمة المسلمين وبلادهم.
ثمّ كيف
يصلح العبد للولاية وهو بدوره مولّىً عليه ... فهل يجوز أن يرفع إلى مستوى قيادة
الأحرار ؟
يبقى أن
يعرف القارئ الكريم أنّ الإسلام كما قلنا لم يعمد الاسترقاق إلاّ للضرورة ؛ إذ لم
يكن أمام الإسلام اتّجاه المعتدين بعد السيطرة عليهم إلاّ خمس خيارات :
1. أن
يقتلهم جميعاً ويسفك دمائهم عن آخرهم وهي قسوة تتنافى مع روح الإسلام الرحيمة
المحبّة للسلام.
2. أن
يسجنهم جميعاً وذلك يكلف الدولة تكاليف باهضةً وميزانيةً ضخمةً مضافاً إلى أنّ
السجن ممّا يعقّد السجين ، ويزيده اندفاعاً في الشرور والفساد.
3. أن
يتركهم ليعودوا إلى بلادهم سالمين ، وهذا رجوع إلى المؤامرة والاحتشاد والعدوان
مرّة اُخرى.
4. أن
يتركهم ليسرحوا في بلاد الإسلام وهذا يعني تعريضهم لسفك دمائهم على أيدي المسلمين
، انتقاماً منهم.
ولمّا
لم يكن اختيار شيء من هذه الطرق اختياراً عقلائيّاً ... يبقى أمام الإسلام طريق
خامس وهو :
5.
استرقاقهم ، بمعنى جعلهم تحت ولاية المسلمين ليراقبوا بشدة تصرفاتهم ، وليتسنّى
لهم من خلال العيش في ظل الحياة الإسلاميّة أن يقفوا على تعاليم الدين وينشأوا
نشأةً إسلاميّةً ويكون الإسلام بهذا قد حافظ على حياتهم ، ومنع من سفك دمهم ، لأنّ
مالكهم سوف يحرص عليهم أشدّ الحرص ويحافظ على حياتهم أشد المحافظة بخلاف من لا
يملكهم ، ولا يرجوا منهم نفعاً.
إنّ
الإسلام طلب من تشريع هذا النظام منع المزيد من إراقة دماء المعتدين الغزاة بعد
السيطرة عليهم ، ولأنّ توزيعهم على المسلمين وجعلهم تحت ولايتهم أقرب إلى إمكانهم
من تلقّي التربية الإسلاميّة وتوفير ظروف التهذيب والتعليم الدينيّ لهم.
_____________________
(1)
الوافي 3 ج 142 : 22.
(2)
نهج البلاغة : الرسائل ( الرسالة 31 ).
(3)
روضة الكافي : 69.
(4)
سيأتي مفصّل القول في هذا المجال عند البحث عن أحكام الجهاد.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
العتبة العباسية المقدسة تستعد لإطلاق الحفل المركزي لتخرج طلبة الجامعات العراقية
|
|
|