أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-4-2021
1887
التاريخ: 13-4-2021
2376
التاريخ: 6-11-2017
2445
التاريخ: 2-11-2018
1532
|
بيعة الحسن، ومقتله، ومَن قتله:
وكان عليّ (عليه السلام) قد (أوصى إِلى ولده الحسن، فبايعت الشيعة كلَّها، وتوقَّف أناس ممَّن كان يرى رأي العثمانية) (1). وكانت خلافته العامَّة ستة أشهر وأيَّاماً، وخلافته الخاصَّة بالشيعة تسع سنين وأشهرا. وقد تجرَّع مرارة الصبر على أعمال جنده المضطرِب المقسَّم، المشتمل على كثير من أعداء أبيه، وتحمَّل قوارص العتاب من خلَّص الأصحاب بعد الموادعة حتى قال بعضهم: (السلام عليك يا مُذِلَّ المؤمنين).
ولقد صبر (عليه السلام) على أشدِّ من ذلك كلِّه يوم خطب معاوية، وقال: (كلُّ شيء أعطيته الحسن بن عليِّ تحت قدميَّ هاتين لا أفي به) (2). وممَّا أعطاه من الشروط: (أن لا يشتم عليَّاً (عليه السلام)، فلم يجبه معاوية إِلى الكفِّ عن شتم عليّ، فطلب منه أن لا يشتم عليَّاً وهو يسمعه، فأجابه إِلى ذلك، ثُمَّ لم يف له به أيضاً) (3)، فالتجأ إِلى أن (توجَّه مِن الكوفة في عياله وحشمه إِلى المدينة المنورة. وخرج أهل الكوفة لوداعه باكين لفراقه (؟). ولم يزل مقيماً بالمدينة إلى أن توفّي فيها) (4).
وكان يأخذ ـ وهو في المدينة ـ الأموال الطائلة من معاوية ويفرِّقها على المعوزين (ولقد أعطاه معاوية مرَّة ثلاثمائة ألف. فاستعظم ذلك يزيد بن معاوية واستكثره، فقال له معاوية: يا بني، إنَّ الحقَّ حقُّهم، فمَن أتاك منهم، فاحث له) (5).
وبقي في المدينة إِلى أن (توفَّي سنة 49 هـ من سمٍّ سقته إِيَّاه زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس، قيل: فعلت ذلك بأمر معاوية، وقيل: بأمر يزيد بن معاوية؛ وعدها أن يتزوَّج بها إِنْ فعلت ذلك، فسقته السمَّ وطالبت يزيد أن يتزوَّجها، فأبى. وكان الحسن قد أوصى أن يُدفن عند جدِّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فلمَّا توفّي، أرادوا دفنه هناك، فمنع مروان بن الحكم. وكاد أن يقع بين بني أميَّة وبين بني هاشم فتنة، فقالت عائشة: البيت بيتي، ولا آذن أن يدفن فيه، فدفن بالبقيع. ولمَّا بلغ معاوية موت الحسن، خرَّ ساجدا، فقال بعض الشعراء:
أصبح اليوم ابن هند شامتاً *** ظاهر النخوة إِذ مات الحسن
ولمَّا منع مروان من دفنه، قال له أبو هريرة: أتمنع الحسن أن يدفن في هذا الموضع وقد سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: ((الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة))، فقال له مروان: دعنا منك، لقد ضاع حديث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إِذ كان لا يعرفه غيرك) (6).
وقضية السمِّ لا خلاف فيها، كما لا خلاف في أنّ جعدة بنت الأشعث هي المباشرة له، ولكن الخلاف قد وقع في الآمر بالسمِّ؛ فردَّده أبو الفداء بين معاوية وبين ابنه يزيد، ولكن المسعودي يرجِّح: (أنَّ الذي حمل جعدة بنت الأشعث على سمِّ الحسن هو معاوية. دسَّ إليها أنَّكِ إِن احتلت في قتل الحسن، وجَّهت إليك بمائة ألف درهم وزوجتك يزيد، فكان ذلك الذي بعثها على سمِّه. فلمَّا مات، وفي لها بالمال، وأرسل أليها: إنَّا نحبُّ حياة يزيد، ولولا ذلك، لوفينا لك بتزويجه) (7).
وقد أيَّده أبو الفرج الأصبهاني بقوله: (ودسَّ معاوية إليه وإلى سعد بن أبي وقَّاص ـ حين أراد أن يعهد إلى يزيد بعده ـ سمَّاً، فماتا منه في أيّام متقاربة. وكان الذي تولَّى ذلك من الحسن (عليه السلام) زوجته بنت الأشعث)(8) .
ومن الجائز أن يكون كلٌّ منهما قد أمرها بسمِّه ووعدها بالجائزة؛ لانَّ الغاية مشتركة بينهما والنفع عائد إِليهما، ويكون أمر الثاني لها كتأكيد لأمر الأول.
وأنت إِذا علمت ـ ممَّا تقدَّم ـ أنَّ الحسن (عليه السلام) لم يكن (فرَّ يوم هادن معاوية، ولا قُتل) يومئذٍ؛ وإِنَّما قُتل في مدينة جدِّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعد أَن أَقام فيها ما ينوف عن تسع سنين، تحكم معنا ـ بلا شك ـ أنَّ قول الرحَّالة (فرَّ وقُتل) من قبيل قول بعضهم: (إنّ عليّاً قُتل في غزاة حنين) (9).
وهكذا قوله: (ثُمَّ بايع الجميع، إِلا الشيعة. وقد اجتمعوا حول الحسين، فقتله جنود معاوية في كربلاء). فكأنّه تخيَّل أنَّ نهضة الحسين كانت في أيَّام معاوية حتّى قال: (فقتله جنود معاوية)، مع أنَّ النهضة الحسينية كانت بعد موت معاوية، ومع أنَّ الشيعة بايعوا ـ على مضض ـ معاوية، ولم يتخلَّف يومئذٍ سوى قيس بن سعد بن عبادة (10)، ولكنَّه بايع أخيراً بأمر سيِّده الحسن بن عليّ (عليهما السلام). (وكانت بيعة قيس لمعاوية والسيف، أو الرمح، بينهما؛ لانَّ قيساً كان حلف أن لا يلقي معاوية إِلاَّ والسيف أو الرمح بينهما. فجثا معاوية على سريره وأكبَّ على قيس حتى مسح يده على يده، فما رفع قيس إِليه يده) (11).
________________
(1) الأغاني، ج11، ص116.
(2) مقاتل الطالبيّين، ص48.
(3) تاريخ ابن الأثير، ج3، ص162.
(4) تحفة الأنام، الشيخ عبد الباسط الفاخوري، ص67.
(5) شرح النهج ، ج4، ص5.
(6) تاريخ أبي الفداء، ج1، ص183، والعقد الفريد، ج3، ص66، و124.
(7) مروج الذهب، ج2، ص50.
(8) مقاتل الطالبيّين، ص33.
(9) هذه العبارة من قصَّة ذكرها المسعودي ( مروج الذهب، ج2، ص73)؛ إِليك إِجمالها: (قال: قال لي رجل من أهل العلم: سألني ذات يوم بعض العامة: كم تطنبون في فلان وفلان؟ فقلت له: ما تقول أنت؟ قال: مَن تريد؟ قلت: عليَّاً ما تقول فيه؟ قال: أليس هو أبو فاطمة امرأة النبي(ع) بنت عائشة أخت معاوية؟ قلت: فما كانت قصّة عليّ؟ قال: قتل في غزاة* حنين مع النبي).
*[كذا في المصدر، ولعلَّ الأصح: غزوة]
(10) كان قيس شجاعاً بطلاً كريماً سخيَّاً. وحمل لواء رسول الله (ص) في بعض غزواته، و ولاَّه عليُّ بن أبي طالب إِمارة مصر، وحضر معه حرب الخوارج بالنهروان ووقعة صِفِّين، وكان مع الحسن بن عليِّ على مقدَّمته بالمدائن. باع قيس مالاً من معاوية بتسعين ألفاً، فأمر منادياً، فنادى في المدينة: مَن أراد القرض، فليأت منزل سعد. فأقرض أربعين، وأجاز بالباقي وكتب على مَن أقرضه صكَّاً. فلمَّا مرض، قل عوَّاده ، فقال لزوجته قريبة بنت أبي قحافة أخت أبي بكر: لِمَ قلَّ عوَّادي؟ قالت: للذي لك عليهم من الدين. فأرسل إِلى كلِّ رجل بصكِّه. ثُمَّ توفّي بالمدينة آخر خلافة معاوية. انظر: تاريخ بغداد، ج1، ص178. وينصُّ في منهج المقال (ص367): على أنّ وفاة قيس كانت سنة 60هـ.
(11) مقاتل الطالبيّين، ص50.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|