أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-10-2016
3370
التاريخ: 26-10-2016
1838
التاريخ: 25-10-2016
1806
التاريخ: 14-1-2017
2442
|
آشـــور بانيبــال:
وهكذا تبوأ آشور بانيبال عرش المملكة الآشورية (627 – 668 ق.م) وتولى في الوقت نفسه اخوه "شمش ــ شم ــ أوكن" السالف الذكر عرش بلاد بابل، واستقامت الأمور ما بين الأخوين طوال سبعة عشر عاماً. وسنرى كيف آل الأمر ما بين الأخوين من بعد ذلك.
كانت اولى الأعمال التي اضطلع بإنجازها آشور بانيبال إعادة فتح مصر التي سبق أن راينا كيف أنها ثارت من بعد عامين على فتحها من جانب أبيه الذي قلنا إنه جهز حملة لفتحها مرة اخرى ولكنه توفي في مدينة حران عام 699 ق.م وكان أول ما شرع به آشور بانيبال في سبيل إنجاز هذه المهمة الحربية أن أرسل قائد الجيش الأعلى إلى سورية لاستنفار الجيوش وتعبئتها، فجمع جيشاً كبيراً أمده به الملوك والأمراء التابعون، وسار من بعد ذلك إلى حدود مصر وأوقع الهزيمة بجيش الفرعون "طهراقاً" فهرب من العاصمة "منفس" إلى طيبة، فلاحقه الجيش الآشوري وفتح هذه المدينة. وهكذا حقق الآشوريون في عهد آشور بانيبال عملاً عسكرياً يعد فريداً من نوعه بالنسبة إلى ذلك العصر، إذ إنهم فتحوا بلاداً نائباً تبعد اكثر من 1300 ميل عن موطنهم، تختلف عنهم في عاداتها وأوضاعها ويجهلون لغتها، الأمر الذي تعذر فيه حكمها حكماً مباشراً، ولذلك حذا آشور بانيبال حذو أبيه في تعيين ملوك وولاة من اهل البلاد من المناوئين لحكم الملك الحبشي "طهراقاً" وإلى ذلك وضعت حاميات آشورية قوية في طيبة وفي منطقة الدلتا. بيد أن كل هذا لم يحقق الغرض، إذ ظهرت بوادر الثورة بعد فترة غير طويلة من جانب الكثير من أولئك الأمراء والملوك بالاتفاق مع طهراقاً على اقتسام السلطة في البلاد. فأسرع القواد الآشوريون بمهاجمة المنشقين وأسروا الكثير منهم وأسلوهم مكبلين إلى نينوى فقتلوا فيها. وأبقى الملك الآشوري على "نيخو" أحد ملوك الدلتا، إذ عفا عنه واعادة إلى عاصمته في الدلتا، "سايس" (صار الحجر)، فاستعاد عرشه. ومع ذلك فقد تجددت الثورة في عام 655 بقيادة أحد أقرباء الملك الحبشي طهراقاً الذي مات في أثناء هذه الحوادث. فجردت حملة آشورية أخرى ودخل الجيش الآشوري إلى طيبة للمرة الثانية ودمرت المدينة، واخذت منها غنائم كثيرة من بينها مسلتان مغلفتان البرونز وانتهى الاحتلال الآشوري لمصر بظهور الملك الجديد المسمى "بسماتيك" الأول، الذي يرجح أنه كان ابن الملك نيخو، فأعلن هذا الاستقلال وطرد الحاميات الآشورية من الدلتا بمساعدة جند من مرتزقة الإغريق الآيونيين، وأسس الأسرة السادسة والعشرين (525 – 663 ق.م). على ان المصادر الآشورية لا تذكر هذه الأحداث، بل مصدرنا عنها رواية هيرودوتس. اما الآشور بانيبال فإنه لم يفعل شيئاً إزاء ذلك لأنه كان مشغولاً بحرب طاحنة في بلاد عيلام، وهكذا فإن الاحتلال الآشوري لمصر لم يدم سوى فترة قصيرة لم تتجاوز الخمسة عشر عاماً (655 – 670 ق.م).
الجبهات الأخرى:
كان للحملات العسكرية التي أرسلها آشور بانيبال إلى مصر ردود فعل من عدة جهات من الامبراطورية الآشورية. فإن انشغال جزء غير قليل من الجيوش الآشورية في ميدان يبعد كما قلنا زهاء 1300 ميل سبب الضعف والوهن في القوات الآشورية وسرعان ما ظهرت بوادر العصيان والثورة في عدة ولايات مثل فينيقية وغيرها. ومع ان تسلسل الاحداث في السنوات الأخيرة من حكم آشور بانيبال غير مضبوط تماماً غير أنه يمكن تخمين ما وقع ما بين عام 665 وعام 655 ق. ومع ذلك تحالف هذا الملك مع الأشكوزيين (السكيتين)، والحرب في بلاد عيلام، واندحار الملك العيلامي المسمى "تيومان" الذي قتل في المعركة وقطع رأسه وأخذ إلى نينوى وعلق فوق شجرة في الحدائق الملكية، وقد جاء ذلك ممثلاً في إحدى المنحوتات من عهد الملك آشور بانيبال (1).
ونشبت في بلاد بابل ثورة عارمة قام بها أخو الملك نفسه، أي "شمش ــ شم ــ أوكن" الذي كان قد عين ملكاً على بلاد بابل من جانب أبيه، على ما ذكرنا. ولعل انشغال أخيه الملك في عدة جبهات أثارت أطماعه الكامنة بعد ان ظل موالياً له في الظاهر زهاء 17 عاماً. ولكن يضمن النجاح لثورته سعى بالمفاوضات السرية إل الحصول على تحالف لمساعدته دخلت فيه بلاد فينيقية ومملكة يهوذا وبعض القبائل العربية في بادية الشام والكلدانيين الآراميين في الأجزاء الجنوبية من العراق والعيلاميين وحتى مصر وليديو (إحدى الولايات الشرقية في آسية الصغرى) وكان من المؤكد ان يوقع هؤلاء المتحالفون الضربة القاضية بالدول الآشورية لم أنهم بدؤوا العمل في وقت واحد، ولكن عيون الملك اكتشفت المؤامرة. وبعد أن انذر البابليين لردهم إلى الطاعة (2)، ولما لم يأبه بإنذاره البابليون نشبت الحرب الطاحنة بين الأخوين. وظلت المعارك تدور زهاء ثلاثة أعوام. ولما أدرك أخوك شمش ــ شم أوكن الموقف الميؤوس منه أضرب النار في قصره في بابل وقضى نحبه محترقاً وسط النيران، عام 648 ق.م وحاول آشور بانيبال تهدئة بلاد بابل فعين احد الزعماء الكلدانيين المسمى "قندلانو" نائباً للملك على عرش بابل (627 – 647 ق.م).
وبعد الانتهاء من حرب بابل وتسوية قضية الحكم فيها على الوجه السابق جرد آشور بانيبال حملات على بعض القبائل العربية التي ساعدت أخاه في الحرب. ومما لا شك فيه أن جيوش الملك لم تستطع تحقيق النجاح التام في هذه الحملات، على أن الأخبار الآشورية تعدد جملة انتصارات مثل دحر رئيس القبيلة التي ورد ذكرها باسم "بني قيدار" ورئيسها أبي عاطي، وأنها غنمت أعداداً كبيرة من الجمال وجاءت بها إلى بلاد آشور وصار الجمل يباع بأقل من شيقل واحد من الفضة. وحصل حتى العمال والصناع والعبيد على هدايا من الجمال (3).
ووجهت حملة على ملك بلاد عيلام الذي وقف إلى جانب أخيه ودامت الحرب في عيلام زمناً طويلاً، انتهت بانتصار الجيش الآشوري في عام 639 ق.م، ودمرت البلاد ونهبت العاصمة "سوسة"، وانتهكت حرمة معابدها وحطمت تماثيل آلهتها، ورميت بالنار، كما نبشت قبور ملوكها ونقلت عظامهم إلى بلاد آشور، لكي يحرم أشباح الموتى من الاستقرار فتنكل بالاحياء من أهل عيلام، ونثر الملح على أنقاض المدن المخربة. وبحسب تعبير الأخبار الرسمية "احل الدمار في بلاد عيلام مسافة شهر و 25 يوماً" وأخذت غنائم كثيرة من الذهب والفضة. وكانت هذه في الوقائع ضربة ماحقة لم تقم من بعدها لبلاد عيلام قائمة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) Franfort, AAO, pl. 114.
(2) انظر الرسالة رقم 301 المنشورة في: Waterman, op, cit
(3) ANET, 299
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|