أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-01-2015
1829
التاريخ: 29-09-2015
1555
التاريخ: 8-3-2022
2075
التاريخ: 29-09-2015
1995
|
إنّ القرآن الكريم اعتبر مودة القربى أجراً على الرسالة في آية ، وفي آية أُخرى اعتبر الأجر المطلوب عائداً نفعه في نفس الأمر إلى الأمّة ، قال سبحانه : {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ} [سبأ : 47] فكيف يعود نفعها على الأمّة ؟
الجواب : لا حاجة إلى إفاضة القول في المقام على وجه التفصيل إذ قد تبين الجواب عند البحث السابق الدائر حول الجمع بين هذه الآية والآيات النافية ، ومع ذلك نشير هنا إلى الجواب على وجه الإجمال وهو : انّ الله سبحانه عندما أمر نبيه بطلب المودّة من الناس لأقربائه ، أراد إيصال الناس إلى فائدة أُخرى ، وذلك لأنّ مودة أقربائه تنطوي على فائدتين مهمتين لنا :
الأولى : انّ العترة بحكم أنّهم قرناء القرآن (1) معصومون من الخطأ والاشتباه ، فعند ذلك بإمكانهم أن يلبُّوا حاجات الناس العلمية في أُصول الدين وفروعه ، وبما أنّهم كسفينة نوح لا يتصور لهم انحراف في أقوالهم وأعمالهم فمودتهم ، والارتباط بهم يوجب تعرف الأمّة على حقائق دينها على وجه الصحّة واليقين ، بخلاف ما إذا رجعت إلى غيرهم فلا يحصل لهم إلاّ الشك والظن والتخمين.
الثانية : لما كانت العترة النبوية تمثل بحكم تربيتها المتعالية قمة الأخلاق والسجايا النبيلة ، كان الارتباط بهم طريقاً إلى الحصول على التكامل الروحي والمعنوي وسبباً للوقوف على الرضا الإلهي.
إذ عندما يكون ارتباط عامل برب عمله أو تلميذ بأُستاذه موجباً لتكامل العامل والتلميذ ، فالارتباط بعترة النبي سيكون بصورة أولى موجباً للحصول على تكامل أرقى ، كيف وهم بحكم الحديثين الماضيين مبرّأون من كل رذيلة أخلاقية ، وصفات ذميمة.
وقد وردت الإشارة إلى مثل هذا التأثير الذي يتركه الحب والود في نفس المحب من محبوبه في كلام الإمام الصادق (عليه السلام) حيث قال : « ما أحب الله من عصاه » ثم أنشد الإمام قائلاً :
تعصي الإله وأنت تظهر حبه هذا محال في الفعال بديع
لو كان حبك صادقاً لأطعته انّ المحب لمن يحب مطيع (2)
وبذلك يظهر أنّ ما ربّما يتفوّه به من لا قدم راسخ له في هذه الأبحاث ويقول : إنّ طلب المودة من جانب النبي لأقربائه أمر غير متين ، خال عن السداد والمتانة. لأنّ القائل تصور انّ المقصود هو المحبة القلبية ، أو ما يصاحبه من التظاهر باللسان ، ولكنك قد وقفت على أنّ المقصود من المودة هو الارتباط وبالنتيجة التعرّف على المعارف والأصول ، وفي مرحلة أُخرى الاتباع والاقتداء العملي ، فيصير طلب المودة نوعاً من طلب الاتّباع للرسول وكتابه سبحانه ، قال سبحانه : {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران : 31].
ثم إنّ للمفسرين في تفسير قوله : { قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ} [سبأ : 47] وجهين :
الأوّل : انّه كناية عن نفي الأجر رأساً ، كما يقول الرجل لصاحبه : إن أعطيتني شيئاً فخذه ، وهو يعلم أنّه لم يعطه شيئاً ، ولكنه يريد به البت لتعليقه الأخذ بما لم يكن (3).
وقال الطبرسي : لا أسألكم على تبليغ الرسالة شيئاً من عرض الدنيا فتتهموني ، فما طلبت منكم من أجر على أداء الرسالة وبيان الشريعة ، لكم وهذا كما يقول الرجل لمن لا يقبل نصحه : ما أعطيتني من أجر فخذه وما لي في هذا فقد وهبته لك ، يريد ليس لي فيه شيء (4).
الثاني : أن يريد بالأجر ما جاء في قوله تعالى : {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا } [الفرقان : 57] وفي قوله : {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى } [الشورى : 23] لأنّ اتخاذ السبيل إلى الله نصيبهم وما فيه نفعهم ، وكذلك المودة في القربى (5).
__________________
(1) في قوله (صلى الله عليه واله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله ، وعترتي » ، وقرين القرآن وعديله معصوم مثله وإلاّ لما صح جعله عديلاً وقريناً. فلاحظ.
(2) سفينة البحار : 1 / 119 ، مادة حب.
(3) الكشاف : 2 / 566.
(4) مجمع البيان : 4 / 396.
(5) الكشاف : 2 / 566.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|