أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2014
1796
التاريخ: 12-10-2014
1859
التاريخ: 2023-08-13
1517
التاريخ: 30-01-2015
1755
|
إنّ القرآن يتفنّن في توصيف النبي وذكره بل في تسميته والايماء إليه ، فتارة يشير إليه بإحدى الصفات العامة الشاملة لكل انسان كما في قوله : { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَا أَوْحَىٰ } ( النجم ـ 10 ). غير أنّ في إضافة العبد إلى نفسه الماعاً إلى تكريمه وتقربّه منه سبحانه : واُخرى يخاطبه بالألقاب الخاصة بأنبيائه ورسله ويقول : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ } ( الأنفال ـ 65 ) ، { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ } ( المائدة ـ 67 ) (1).
وثالثة يخصّه باسميه اللذين كان يدعى بهما في الإسلام أعني محمداً وأحمد ، أمّا الأوّل فقد جاء في مواضع أربعة من القرآن :
1. {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَٰكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ } ( الأحزاب ـ 40).
2. {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ } ( آل عمران ـ 144).
3. {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ } ( محمد ـ 2 ).
4. {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ } ( الفتح ـ 29 ).
وأما الثاني فقد جاء في موضع واحد حيث يقول سبحانه : { وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ } ( الصف ـ 6 ).
وليس الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) بدعاً من بين الرسل في كونه ذا اسمين فقد سبقه في ذلك ثلّة من الأنبياء كيوشع بن نون وهو ذو الكفل في القرآن ويعقوب بن إسحاق وهو إسرائيل ويونس وهو ذو النون وعيسى وهو المسيح (2) وعلى ذلك فلا إشكال في أن يكون للرسول الأعظم إسمان : محمد وأحمد ، ويظهر من الروايات المتظافرة أنّ اسمه في السماء أحمد ، فقد جاء نفر من اليهود إلى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ومما سأله أنّه لم سمّيت محمداً وأحمد وأبا القاسم وبشيراً ونذيراً وداعياً ؟ فقال النبي : « أمّا محمد فإنّي محمود في الأرض ، وأمّا أحمد فإنّي محمود في السماء » (3) .
ولعلّ المراد من السماء عالم الوحي ويطابق مضمونه ما تعطيه آية الصف من تبشير المسيح بمجي نبي اسمه أحمد. وروى أهل السير والتاريخ عن الباقر (عليه السلام) : انّ « آمنة » اُم النبي اُمرت في المنام وهي حامل برسول الله أن تسميه أحمد وسماه جده محمداً بالهام من الله تفاؤلاً بأن يكثر حمد الخلق له لكثرة خصاله الحميدة التي يحمد عليها ، وإلى ذلك يشير أبو طالب بقوله :
وشقّ له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد
وفي الخصائص الصغرى : « أحمد » ولم يسم به أحد قبله (4) فإنّ العرب كانوا مأنوسين بلفظ « محمد » لأنّه سمّي به في زمن النبي وقد عد بعضهم من سمّي بمحمد ستة عشر ونظمهم بقوله :
انّ الذين سمّوا باسم محمد من قبل خير الخلق ضعف ثمان
وأمّا أحمد فلم يسم به أحد قبله بل منع الله بحكمته أن يتسمّى به أحد غيره ولا يدعى به مدعو قبله منذ خلقت الدنيا وفي خلال حياته الشريفة حتى لا يدخل لبس أو شك على ضعيف القلب ، وأوّل من سمّي بأحمد في الإسلام ولد جعفر بن أبي طالب (5). وكذلك محمداً أيضاً لم يسم به أحد قبل وجوده (صلى الله عليه واله وسلم) وميلاده ولم يتحقق ذلك إلاّ بعد أن شاع أنّ نبياً يبعث في الحجاز اسمه محمد وقد قرب زمنه فسمّى بعضهم حينئذ أبناءهم بذلك وحمى الله تعالى هؤلاء من أن يدعي أحد النبوّة أو يدعيها أحد له أو يظهر عليه شيء من سماتها إلى أن تحققت دعوة النبي (6) .
لا ريب أنّ أحمداً أحد أسمائه المعروفة ولا يتردد في تسميته بهذا الاسم من له أدنى تتبع في سيرته وتاريخ حياته ، وما قيل في حقه من المدائح في الإسلام وقبله يوضح أنّه كان يدعى بهذا الإسم منذ نعومة أظفاره.
وهذا أبو طالب شيخ الأباطح حامي النبي وكفيله يذكره في أشعاره بهذا الاسم ويسمّيه به ومثله حسان به ثابت شاعر الرسول في عهد الرسالة ، ومادحه وغيرهما من الشعراء المخضرمين ، تراهم أصفقوا على تسميته بأحمد من دون تردد ولا ريب ، كل ذلك يدل على أنّ البيت الذي ولد ونشأ فيه النبي (صلى الله عليه واله وسلم) قد أسماه بهذا ، والبيئة التي شب وترعرع فيها ، كان تعرفه به.
______________________________
1- نعم جاء في بعض الوثائق التاريخية والمجاميع الحديثية أنّ أسماءه (صلى الله عليه واله وسلم) يس ، طه ، ن ، غير أنّه لم يحقق ذلك إذ من المحتمل جداً أن تكون من الحروف المقطعة كما عليه أعلام التفسير.
2- سأل الشامي أمير المؤمنين (عليه السلام) عن ستة من الأنبياء لهم أسمان فأجاب بما ذكرناه وأضاف الخضر وهو حلقيا ومحمد (صلى الله عليه واله وسلم) وهو أحمد صلوات الله عليهم. عيون أخبار الرضا ص 136 ، بحار الأنوار ج 16 ص 90.
3- أمالي الصدوق : ص 112 ، علل الشرائع ص 53 ، معاني الأخبار ص 19 ، بحار الأنوار ج 16ص 94.
4- السيرة الحلبية ج 1 ص 93.
5- كتب إلينا المحقق التستري في ملاحظاته على الكتاب أنّه لم يجد بأحمد بل كانوا مسمين ب « عون » و « عبد الله » و « محمد ».
6- المصدر نفسه ص 95 ـ 97 بتلخيص منّا.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|