أقرأ أيضاً
التاريخ:
1578
التاريخ: 28-4-2018
733
التاريخ: 25-4-2018
772
التاريخ: 28-4-2018
749
|
اهتم الفلاسفة لفترة من الزمن بحالة جمل مثل: ملك فرنسا اصلع. السؤال هو ما اذا كان بالإمكان القول ان هذه الجملة خطأ لو لم يكن فعلا في فرنسا
ملك.
يقول رأي طرحه اصلا برتراند رسل ( 1905 ) ان هذه الجملة تؤكد امرين في فرنسا ملك، والملك اصل. وبالتالي، فان لم يكن في فرنسا ملك، فإن الجملة خطأ.
يوجد حل بديل يرتبط بستروسن ( ١٩٦٤ ). يقول ستروسن انه باستعمال تعابير مثل ملك فرنسا (تعابير اشارة) فإن المتكلم يفترض ان بإمكان السامع ان يحدد الشخص او الشيء الذي يدور حوله الكلام. فالسامع لا يكون متأكدا من ان الشخص او الشيء موجود، بل انه قبيفترضه او يفترض وجوده. فان كان الشخص او الشيء غير موجود، كان هناك فشل في القبثفتراض، ولن تكون
ص192
الجملة خطأ. انها غير صحيحة وغير مخطوءة. وتوجد فيها (فجوة قيمة - الحقيقة ) اضافة الى هذا، فان الحكم نفسه ينطبق على الجملة المنفية: ملك فرنسا ليس اصلع. هذه الجملة ايضا ليست لها قيمة حقيقية (الا انها ستكون صحيحة حب الرأي الاول، اذ انها ستنكر البيان المخطوء القائل ان ملك فرنسا موجود).
هناك اقتراح مماثل بما يسمى، الاحمال الحقيقية المرتبطة بكلمات مثل: جدير بالذكر، آسف. فالجملتان: من الجدير بالذكر ان جون جاء مبكرا، انا آسف انها تكلمت، قبئفتراضان ان جون جاء مبكرا، وانها تكلمت. وبالمقابل، فليست هناك قبئفتراضات لجمل مشابهة مع " اللاتسببي " محتمل، يعتقد _ من المحتمل ان جون جاء مبكرا، انا اعتقد انها تكلمت.
كما قيل ايضا ان بالإمكان تعريف القبئفتراض منطقيا، في ان القبئفتراضات اخبارية تحت النفي: انها متضمنة منطقيا بالجملة المثبتة ومقابلتها المنفية. فلجملتي: من غير المهم ان جون جاء مبكرا، و: انا لست آسفا انها تكلمت، نفس القبئفتراضات الموجودة في الجمل الموجبة. وقد سبق ان رأينا ان كلا من: ملك فرنسا اصلع، و: ملك فرنسا ليس اصلع، قبتفترضان ان في فرنسا ملك.
من الواضح جدا ان هذا النوع من القبئفتراض قائم للأنواع المختلفة للعبارة الإسمية مثل التعابير الاشارية او الاحمال التسببية. وبالمثل، فإن: جون تزوج/ لم يتزوج اخت فريد، قبتفترض ان لفريد اختا، وان: جون كان / لم يكن منزعجا من خيانة زوجته، قبتفترض ان زوجته كانت غير وفية.
هناك على كل حال، مشكلة جدية في اختبار النفي. من الممكن ان ننفي جملة لكي ننكر القبئفتراض. فعلى الرغم من ان: جون لم يكن منزعجا من خيانة زوجته، تؤخذ عادة على انها قبتفترض ان زوجته غير وفية، فقد تستعمل هذه الجملة لتعني انها لم تكن غير وفية، كما هو مبين في الجملة الاضافية:
ص193
جون لم يكن منزعجا من خيانة زوجته، لأنها ام تكن في الواقع غيروفية. وتنطبق تماما الاعتبارات نفسها على جميع الجمل المنفية الاخرى التي ناقشناها اعلاه. وما من امر مستهجن في الجمل: من غير الجدير بالذكر القول ان جون جاء مبكرا، لأنه لم يفعل ذلك، ملك فرنسا ليس اصلع _ ما في فرنسا من ملك، انا لست آسفا على تكلمها، لأنها لم تتكلم.
ولا تبرز مسألة النفي هذه مع الرأي الآخر للقبئفتراض. يقول هذا الرأي ببساطة، ان: ملك فرنسا اصلع، تؤكد ان في فرنسا ملكا وانه اصلع. فإن كان أي من هاذين التأكيدين خاطئا، كانت الجملة كلها خاطئة. اضافة الى هذا، يمكن معالجة ذلك منطقيا بموجب منطق اداة العطف الواو(انظر ٨ -3). وتصح اعتبارات مماثلة للجملتين: انا آسف انها تكلمت، و: كان جون منزعجا هن خيانة زوجته، فهما يقدمان بشكل متساو تأكيدين يمكن لاي منهما ان يكون خطأ. ويبدوان الانجليزية (والعربية) تسند هذا الزعم. فجوابا على: كان جون منزعجا مئ خيانة زوجته، يمكن ان نقول: هذا غير صحيح: انها ليست خائنة، او: هذا غير صحيح، لم يكن قط منزعجا من ذلك. يظهران هذه الاجوبة تفترض ان هناك تأكيدين، وان أيا منهما يمكن ان يكون خطأ وان يزيف بهذا الجملة كلها.
ويبدو هذا على كل حال، مناقضا للسليقة. فإننا نفسر عادة: لم يكن جون منزعجا من خيانة زوجته، بمعنى انه لم يكن منزعجا، ليس بمعنى انها لم تكن غير وفية. ويمكن فقط ابراز التفسير القائل انها لم تكن غير وفية اذا اضفنا عبارة: لأنها لم تكن غير وفية. وقد يكون من المعقول ان نقول، مع الرأي الثاني للقبئفتراض ان التأكيد وليس القبئفتراض هو الذي ينكره النفي عادة وان انكار القبئفتراض غير اعتيادي وموسوم. اضافة الى هذا، من الواضح انه ليس للتأكيدين الكامنين الموقف نفسه. فأن يكون في فرنسا ملك قد يكون صحيحا او خطأ بشكل مستقل عن اي تأكيد للصلع، الا ان تأكيد الصلع مفهوم فقط اذا
ص194
عرفنا من الذي نقول عنه انه اصلع وعلى الرغم من ان ذلك قد يكون صحيحا او خطأ فلن يكون صحيحا او خطأ على ما يبدو، الا اذا كان التأكيد الآخر صحيحا (ان في فرنسا ملكا). وهذا طبعا بالضبط ما يرتأيه الرأي القبئفتراضي _ ان هناك فشل قبئفتراضي، وان من الصعب ان نرى كيف يمكن رده.
يواجه كلا الحلين، على كل حال، صعوبة في حقيقة ان القبئفتراض يبدو اخباريا، ليس فقط تحت النفي بل تحت السؤال ايضا. فالجملتان: هل ملك فرنسا اصلع؟ و: هل كان جون منزعجا من خيانة زوجته؟ فيفترضان انه يوجد ملك في فرنسا، وان زوجة جون غير وفية. لكن كلا الحلين للمشكلة مبنيان على فرضيات بشأن تأكيد او انكار كل من. الصلع او انزعاج جون. والاسئلة طبعا لا تؤدي اي تأكيد مطلقا. وتنطبق القبئفتراضات نفسها على الاسئلة المنفية: اليس ملك فرنسا اصلع؟ آلم يكن جون منزعجا من خيانة زوجته؟ كما تنطبق ايضا على الاقتراحات والاوامر والدعوات، مثلا: دعنا نزور ملك فرنسا، او: لا تتكلم مع جون حول خيانة زوجته.
و أشار ستروسن ( 1971 ) ايضا الى انه على الرغم من ان جملة: ملك فرنسا اصلع، قد تكون صحيحة او خطأ، فقد يكون من المعقول ان نقول ان جملة: زار المعرض امس ملك فرنسا، مخطوءة، ان لم يكن في فرنسا ملك، اذ اي من يكون قد زار المعرض، فان ملك فرنسا لم يزره. يظهر ان المسألة الاساسية هنا مسألة موضوع وتعليق لان جملة: ملك فرنسا اصلع، يمكن ان تفهم اما بالقول عن ملك فرنسا (الموضوع) انه اصلع (التعليق)، او بالقول عن الناس الصلعاء (الموضوع) انهم يشملون ملك فرنسا. ففي التفسير الاول، حيث يكون ملك فرنسا موضوعا، يبدو من المعقول ان نتحدث عن فجوة قيمة الحقيقة، ولا نكاد نقول عن ملك فرنسا انه اصلع ما لم موجودا. وفي التفسير الثاني، يبدو معقولا ايضا ان نقول ان الجملة مخطوءة: الناس الصلعاء لا يشملون ملك فرنسا، ان لم يوجد ملك في فرنسا. وتنطبق اعتبارات مماثلة
ص195
على: كان جون منزعجا من خيانة زوجته. تبدو هذه الجملة غير صحيحة وغير مخطوءة اذا اخذناها جوابا -: ماذا كان رد فعله على خيانة زوجته له ؟ (ان لم تكن غير وفية). ويكون السؤال في الواقع غير ملائم، الا ان بالإمكان اعتباره بحق خطأ جوابا للسؤال: مم كان جون منزعجا؟
لقد احتوت كل الامثلة التي ناقشناها على تعابير اشارية او احمال تسببية. وتشترك هذه الاحمال في حقيقه انها قواعديا عبارات اسمية تتضمن بشكل ما وجود ما يشار اليه، اما بمفهوم مادي او تسببي _ ملك فرنسا، وحقيقة ان زوجة جون كانت غير وفية. الا ان بوسعنا ان نوسع القبئفتراض الى، مثلا، استمر / لم يستمر فريد في الكلام، حيث يفترض انه كان يتكلم سابقا. وبالمثل، فالجملة المشهورة: متى توقفت عن ضرب زوجتك؟ قبئفترض انك ضربتها في وقت ما. ويوضح المثال الاول مرة اخرى ان القبئفتراض قد يكون اخباريا تحت النفي، بينما يوضح المثال الثاني ان القبئفتراض مرتبط ايضا بالأسئلة. ولا يختلف هذا النوع من القبئفتراض كثيرا عن الاحمال التسببية _ نستطيع ان نعمم بشأن الافعال التي تأخذ بعدها فعلا استمراريا (او مصدرا في العربية)، مثل: يستمر، يتوقف، يستأنف، يتخلى. كما ان هناك بوضوح معنى افتراضيا مرتبطا بـ آخر، و: ثانية. شرب بل قدحا آخر من البيرة، قبئفترض انه شرب قبل ذلك قدحا واحدا على الاقل. وقد نتذكر انه عندما دعا المعتوه هاتر الفتاة اليس ( في قصة آليس في بلاد الغرائب ) ان تأخذ شابا آخر، اعتذرت اليس قائلة انها لا يمكن ان تأخذ شابا آخر لأنها لم تأخذ اي قدح.
ويختلف قليلا الاقتراح القائل ان القبئفتراض يرتبط بسمات خاصة لعناصر معجمية معينة. فقد قيل ان جملة: انا نظفت / لم انظف الغرفة قبئفترض ان الغرفة كانت قذرة، وان جملة: انا قتلت / لم اقتل الطير، قبئفترض ان الطير كان حيا. ويرتبط هذا بافتراضات الفعلين ينظف ويقتل. لكن الخطر هنا اننا سنعتبر بالضرورة السمات الدلالية الكثيرة في عددها والمرتبطة بالاقتران او
ص196
التحديدات الاختيارية سائل قبئفتراضية، فالفعل يسمع قبيفترض ان مفعوله يمكن سمعه، وهذا ما يفسر عدم تقبل جملة: * انا اسمع السحاب. لكن هذا لا يختلف كثيرا عن عدم تقبل جملة: * انا قتلت السحاب (او حتى، انا نظفت السحاب). وقد قيل بشكل يختلف قليلا ان جملة: جون اعزب، قبتفترض ان جون رجل، لكنها تؤكد انه غير متزوج، لأن: جون ليس اعزب، تؤخذ عادة على انها تعطي المعلومات القائلة انه متزوج، وليس على انه عانس (للأنثى). ومن المؤكد ان " غير متزوج " تبدو الجزء الاكثر اسمية في معنى " اعزب " الا ان من المؤكد تقريبا ان هذه المسألة مسألة علاقات بين الالفاظ المفردية المعينة.
فلتضمين ان جون ذكر تتوفر لدينا لفظة رجل، و امرأة لـ انثى، ولا تقول هاتان اللفظتان شيئا عن الحالة الزوجية. ولتضمين الحالة الزوجية لدينا فقط اللفظتان اعزب وعانس، اللتان تتضمنان الجنس ايضا. الا ان حقيقة ان لدينا ايضا: رجل، وامرأة، تعني اننا لا نحتاجهما للإشارة الى الجنس. وهذا هو السبب في استعمالهما بالدرجة الاولى لتضمين الحالة الزوجية.
وبحذق اشد اقترح فلمور(1971) ان الفعل " يتهم " قبيئفترض ان الحدث المشار اليه سيء، لكنه يبين ان شخصا ما قام به، في حين ان " ينتقد "قبيئفترض ان شخصا ما فعل شيئا ما، وان هذا الشيء سيء. لكن هاذين الفعلين تقريران لأحداث كلام، ويتضمنان ان الفاعل (جون، مثلا، في: جون اتهم.... جون انتقد.... ) هو الذي يفترض ان الفعل كان سيئا، ويقول ان الشخص ارتكبه او يتصوران الشخص فعله ويقول انه كان سيئا. لكن هذا ليس قبئفتراضا بالمعنى الذي اخذنا به هنا، اذ ان المتكلم هو الذي قام بالقبئفتراضات (وتصور ان السامع قام بالقبئفتراضات نفسها). لدينا هنا تقارير عما يتصور فاعل الجملة ويقوله. فإن كان هناك قبئفتراض وتأكيل فهما قبئفتراض وتأكيد فاعل الجملة، منقولان من قبل المتكلم (الذي قد لا يشارك بالضرورة بالمعتقدات نفسها).
ص197
فإن استعملنا القبئفتراض بشكل مرن ليشمل اي شيء يبرر لنا ان نعتقد بأن
المتكلم يتصوره او يتوثق به، فبالإمكان توسيع اللفظة بعدة طرق. فمثلا، يقول لكوف ( ا ٩٧ ا ) ان الجملة: اخبر جون ماري انها قبيحة، ثم قامت هي بشتمه ( اي وضع التشديد على الضمير الهاء) قبئفترض ان اخبار امرأة ما انها قبيحة هو شتيمة لها. لكن هذا يتأتئ طبعا لان النموذج النبري يستعمل عادة حيث يتقرر ان العمل يتكرر فمن قلب الفاعل والمفعول به، كما في: ضرب جون ماري ثم ضربت ماري جون (اي وضع التشديد على ماري وجون). على كل حال، فحقيقة ان المتكلم استعمل هذا التنغيم تبين اننه يتصور ان القول لأمرأه انها قبيحة هو شتيمة لها. من جهة اخرى، فإننا لا نعامل هذه الناحية في اللغة الاعتيادية جزءا من المحتوى الفرضي للجملة، مؤكدا كان ام مفترضا. فخلافا لما لاحظناه سابقا، لن يكون طبيعيا ان نجيب: هذا غير صحيح، فالقول ان شخصا ما قبيح ليس شتيمة له.
والرأي الاوسع للقبئفتراض هو رأي فلمور ( 1971 ) الذي ناقش ظروف اللباقة felicity condition (انظر ٧ -3 ) لجملا مثل: رجاءا اغلق الباب - ومن ضمن هذه الظروف العلاقة بين المتكلم والسامع وقابلية السامع على غلق الباب وحقيقة ان الباب مفتوح وحقيقة ان المتكلم يريده مغلوقا. مع ذلك فإن أيا من هذه الظروف لا يبدو قابلا للوصف بوضوح بموجب الفرضيات التي يؤمن بها المتكلم. وبطريقة مماثلة، يقترح كينان (1971) ان الجملة الفرنسية:
Tue s degoutant
(انت مزعج ! )
قبتفترض ان السامع اقل من المتكلم اوصديق حميم له، لكنه يعتبر ذلك قبئفتراضا ذرائعيا، مقارنة بالقبئفتراض المنطقي للتعابير الاشارية والاحمال التسببية، الخ.
ان مجرى المناقشة يبين ان هناك مشكلتين رئيستين لا يسهل حلهما.
ص198
الاولى ما اذا كان بإمكاننا ان نضع تمييزا بين ما هو مؤكد وما هو قبئفتواضي. وعلى الرغم من ادعا، رمل، فمن المعقول ان نقول ان بإمكاننا وضع هذا التمييز، بل يجب علينا ذلك، على ما هذا من صعوبات. المشكلة الثانية هي: اي الظواهر يتوجب وضعها تحت عنوان القبئفتراض؟ هذه المشكلة اعتقد بكثير، لان الظواهر مشتتة، لكنها ليست عديمة الترابط. وسيكون من المعقول ان نتبعد ما هي ظروف لباقة سيلقيه، لأنها، على الاقل، غير قابلة للوصف، او غير قابلة للوصف بلغة القبئفتراض. اما بالنسبة لظروف اللباقة الاخرى، فقد يكون من المعقول ان نقصر مفهوم القبئفتراض اما على ما يفترض به ان يكون صحيحا (لكي يصبح اختبار النفي فعالا في ظروف معينة على الاقل)، او على التصورات بشأن "الوجود " بالمعنى العريض لهذ ه اللفظة.
ص199
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|