الفرح من حالات الإنسان التي تلازم سلوكه، فلا يصح الاعتراض على الفائز في سباق ما ويقال له: لا تفرح! أو يوجه انتقاد للناجح في الامتحانات على ما يظهر عليه من فرح وسرور ... غير أن حالة الفرح هذه يجب أن لا تخرج عن الإطار العقلائي والشرعي، وتكون منسجمة مع الذوق العام.
فمعنى تخرج طالب العلم هو تأهله لممارسة اختصاصه و تحمله للمسؤولية العلمية والعملية فيما تلقاه من تعليم ابتدائي وثانوي وجامعي ، وأصبح عنصرا مؤثرا في دائرته التخصصية ، فعليه حقوق وواجبات وآداب ، ينظر إليه أفراد المجتمع من خلالها ، وينطلقون في تقييم شخصيته على ضوئها.
فكلما كان ملتزما بالآداب والقيم الأخلاقية العامة وما يتعلق بتخصصه ، عكس صورة مشرقة ، و ترك أثرا حميدا في نفوس أبناء مجتمعه،
فإن قيمة طالب العلم بسلوكه الأخلاقي وليس بكمية المعلومات التي يخزنها ذهنه أو تمهره في تخصصه من ناحية عملية ، فهذا وحده لا يمثل تمام وكمال شخصية طالب العلم المهذب.
ومؤسف حقا ما نشاهده من حفلات تخرج تعكس حجم التفاهة في تصرفات بعض أولئك الطلاب ، وسخف عقولهم حينما يتجاهلون الأطر الأخلاقية والآداب الاجتماعية، بل يتعدى بعضهم حدود الشرع بالابتذال وارتكاب المحرمات من غناء و رقص مختلط وتبرج وملابس تنكرية تثير السخرية وتبعث على التهكم .
ولهذا لا يمكن عد هذا اللون من التعبير عن الفرح بأنه صحيح، كما ولا يلام الساخر من تلك الحفلات ، ومنطقي جدا أن ينتقد طلاب تلك الجامعات والكليات على سلوكهم البعيد جدا عن الذوق الشرعي والأخلاقي والتربوي ، و غريب جدا أنهم يبررون ذلك لمن ينتقدهم بأن تصرفاتهم تدل على التحضر، و أن ذلك من الحرية الشخصية، وغيرها من تسويلات النفس الأمارة والقناعات المغلوطة.
قال الإمام علي (عليه السلام): " شر الناس من لا يبالي أن يراه الناس مسيئا "
فهناك أساليب جميلة ومفيدة، يمكن أن تتخذ في حفلات التخرج، تترك بصمة جذابة في أوساط التعليم العالي، وتعبر عن وعي ونضج المتخرجين وسلامة ثقافتهم ، ومن المفيد أن تتضمن رسالة للأجيال التي تتلوهم ؛ لتحفزهم على طي مراحل التعلم ليصلوا الى مرحلة التخرج ، فيكونوا قدوة في هذا الطريق تلتمس آثارهم وتقتبس أدوارهم .