السؤال: هل يجوز للمرأة اخذ ابنها البالغ عمره ١٣ سنة؟
الجواب: يجوز بإذن أبيه.
السؤال: شخص وجب عليه الحج ولم يحج إهمالاً منه لذلك، والآن يريد الذهاب فهل ينوي الحج قضاء أم أداء؟
الجواب: ينويه أداء.
السؤال: شخص قدم يوم العيد اضطراراً وحج فهل يصح حجه؟
الجواب: حجه باطل.
السؤال: ما حكم الزوجة التي تذهب الى مكة لأداء الحج من دون موافقة زوجها؟
الجواب: لا يشترط إذن الزوج للزوجة في الحجّ إذا كانت مستطيعة، كما لا يجوز للزوج منع زوجته عن غير حجّة الاسلام من الحجّ الواجب عليها. نعم ، يجوز له منعها من الخروج في أول الوقت مع سعة الوقت، والمطلقة الرجعية كالزوجة ما دامت في العدة.
السؤال: هل يجوز لي تأدية فريضة الحج للمرة الثانية علماً بأن هناك شروطاً لدى مؤسسة الأوقاف ومن ضمنها أن لا يكون ممن حج الشخص سابقاً؟
الجواب: اذا كانت الدائرة المعنية تطبّق العدالة في ايفاد الحجاج فلابدّ من رعاية ضوابطها المقررة لذلك.
السؤال: ايهما افضل للشاب الحج أم الزواج؟
الجواب: اذا كان يأمن من الوقوع في الحرام مع الاستطاعة فالحج افضل له.
السؤال: هل يجب على الحاج قبل سفره ان يبرئ ذمته؟
الجواب: ينبغي له فعل ذلك.
السؤال: هل يجوز الذهاب الى الحج بطرق غير مشروعة؟
الجواب: إذا كان القانون في صالح الحجيج فلا تجوز مخالفته الاّ اذا كانت الحكومة نفسها تتساهل في ذلك.
السؤال: هل يجوز العدول من العمرة المفردة إلى عمرة التمتع؟
الجواب: اذا أدى العمرة في أشهر الحج وبقي في مكة بقصد الحج إلى يوم التروية فان عمرته تنقلب عمرة تمتع ويجب عليه الحج .
السؤال: ما حكم مَن رجع الى بلده من الحج ومعه حصيات؟
الجواب: لا مانع منه.
السؤال: ما حكم من نظر الى المرأة الاجنبية أثناء الحج أو العمرة ؟
الجواب: لا شيء عليه إذا لم يكن بشهوة ولم يكن النظر إلى ما عدا الوجه والكفين وإلا فهو حرام ولكن لا يوجب الكفارة ولا يبطل حجه ولا عمرته بذلك .
السؤال: الحائض التي لا تطهر الى اليوم التاسع هل يجوز لها أن تحرم بنية عمرة التمتع فتسعى بين الصفا والمروة وتقصر وتخرج من الاحرام ثم تحرم للحج وتدرك الوقوفين وبعد الطهر تقوم لما فاتها من الطواف وركعتيه ؟
الجواب: تنقلب وظيفتها الى الافراد فتنوي حج الافراد وبعد الفراغ من الحج تجب عليها العمرة المفردة اذا تمكنت منها .
السؤال: ما حكم الخروج من المبيت من منى وذلك طبقاً لما تقوم به الحملات ؟
الجواب: اذا كان المراد ان بعض الحجاج يبيتون النصف الاول من الليل والبعض الاخر النصف الثاني فلا مانع .
السؤال: هل يستحب المبيت في منى ليلة التاسع من شهر ذي الحجة؟
الجواب: نعم يستحب المبيت بمنى ليلة عرفة يقضيها في طاعة الله (عز وجل) .
السؤال: هل يجوز الطواف خلف مقام ابراهيم (عليه السلام) ؟ وكم هي المسافة المسموح بها خلف المقام؟
الجواب: يجوز والمسجد كله مطاف.
السؤال: مَن اراد السفر الى الحج وعليه دين وصاحب الدين مسجون ولا يستطيع طلب إبراء الذمة منه فماذا يفعل بالدين الذي في رقبته؟
الجواب: اذا كان ما لديه يزيد عن قيمة الدين بمقدار يفي بنفقة الحج ولا يحتاج إليه في مؤونته بحيث يقع في الحرج والمشقة لو صرفه في الحج فيجب عليه الحج ويؤدّي دينه بعد رجوعه .
السؤال: مَن اقترض من إحدى البنوك الاوربية قرضاً من دون فوائد فهل يستطيع ان يذهب بهذا المال الى الحج ؟
الجواب: اقتراض مقدار من المال يفي بمصارف الحج لا يحقق الاستطاعة التي هي شرط لوجوب الحج وان كان المقترض قادراً على وفاء قرضه لاحقاً. نعم إذا كان يملك زائداً على ما يحتاج اليه في معيشته من البضائع والاعيان الاخرى ما تفي قيمته بكلفة الحج ولكنه لم يتصرف فيه واختار الاقتراض و الحج به كان حجّه عندئذٍ عن استطاعة.
السؤال: هل يختصّ التخيير بين التمام والقصر بمكة القديمة والمدينة المنورة القديمة أم يشمل الإمتدادات الجديدة؟
الجواب: نعم يشمل الإمتدادات الحديثة أيضاً.
السؤال: ما حكم من سافر الى الحج بمال الارث وهو لا يعلم أنّ هذا المال مخمّساً او لا؟
الجواب: لا يجب الخمس في الارث فحجه صحيح ويعتبر حجة الاسلام.
السؤال: هل يجب الحج على البالغ اذا كان قد أدى الحج قبل البلوغ ؟
الجواب: نعم يجب.
السؤال: هل يجوز الخروج الى مكة ليلة العيد والمبيت فيها والرجوع الى المشعر قبل الفجر؟
الجواب: لا تجب الافاضة الى المشعر من عرفات مباشرة فيجوز له الذهاب الى اي مكان آخر شاء ثم الرجوع الى المشعر قبل الفجر والوقوف فيه شطراً من الليل الى ما قبل طلوع الشمس.
السؤال: هل يمكنكم إعلامنا عن الحدود الشرعية الأصلية لمزدلفة؟
الجواب: حدها من المأزمين الى الحياض الى وادي محسّر.
السؤال: التحديدات الموجودة للمشاعر المقدسة مثل عرفات ومنى هل هي معتبرة ويمكن الاعتماد عليها؟
الجواب: إذا كانت قديمة مأخوذة يداً عن يد فهي معتبرة ما لم يحصل الاطمئنان بخطئها.
السؤال: شاب مستطيع صادف وقت الحج وقت امتحانه بحيث لو سافر للحج لأثر على دراسته، فماذا يصنع؟
الجواب: اذا كان سفر الحج موجباً لتضرّره ضرراً لا يستهان به لم يكن مستطيعاً.
السؤال: المرأة التي تملك مقداراً من الحلي الذهبية وتلبسها ولم يكن عندها مال آخر ولكن لو باعتها لتمكنت من الحج، فهل تستثنى حلي النساء من الاستطاعة، أم يجب عليها بيعها وتكون بذلك مستطيعة ؟
الجواب: إذا كانت الحلي بالمقدار الذي لابد لها منه بحيث يوجب بيعها وقوعها في الحرج فلا يجب بيعها وليست مستطيعة.
السؤال: شخص يريد أن يحج ولكن امواله مختلطة بالحرام لأنه يبيع الخمر فهل يصح منه الحج بهذه الاموال التي اكتسبها من الحرام ؟
الجواب: إذا كان ثوبه الذي يطوف فيه وهديه حلالاً فلا اشكال في حجه.
السؤال: هل يجوز تأخير كفارة الحج إلى السنة المقبلة؟
الجواب: لا يجوز التأخير بنحو يعدّ تسامحاً وتساهلاً.
السؤال: هل يستحبّ الذهاب الى الحجّ بالنسبة الى امرأة قد ادّت الحج الواجب عليها سابقاً، مع علمها بما يحصل من اختلاط النساء مع الرّجال في الاعمال كالطواف والسعي وغير ذلك؟
الجواب: يستحب ولا يضر الاختلاط على النحو المتعارف غير الموجب للإثارة.
السؤال: أيهما أفضل: بذل الاموال للذهاب لزيارة المعصومين (عليهم السلام) او الحج او مساعدة الفقراء؟
الجواب: مساعدة المؤمنين المحتاجين أفضل من الحج المندوب وزيارة العتبات المقدسة في حد أنفسهما ولكن قد يقترن الحج او الزيارة ببعض الامور الأخرى التي يبلغان بها تلك الدرجة في الفضل او تزيد عليها.
السؤال: المعروف عندنا ان من يذهب مع الحملدار لإداء فريضة الحج المباركة يتحمّل هذا الحملدار المسؤولية الشرعية عن ببطلان الحج بالنسبة لأي مكلف:
١ـ هل هذا المتعارف عندنا نافذ في الشريعة المقدسة وعلى مَن تقع المسؤولية؟
٢ـ بماذا تنصحون المعرفين والحجاج وفقاً لاجابتكم السابقة؟
الجواب: ١ ـ اذا كان ما يتم استيجار الحملدار عليه هو نقل الحاج الى الاماكن المقدسة مقيداً بارشاده الى وظائفه الشرعية في اداء المناسك فمع تخلف الحملدار عن اداء مهمة الارشاد على وجهها لا يستحق شيئاً على عمله، واما اذا كان الارشاد الى مناسك الحج شرطاً على الحملدار في ضمن الاتفاق المبرم معه فمع تخلفه عنه يحق للحاج فسخ العقد وعليه حينئذٍ اجرة المثل للخدمات التي اداها له الحملدار، وفي كل الاحوال اذا ادى الخلل في عمل الحاج ـ ولو من جهة تقصير الحملدار في ارشاده الى وظيفته ـ الى بطلان الحج فهو لا يكون مبرءاً لذمته وعليه الاعادة في عام لاحق اذا كان حجة الاسلام او نحوها.
٢ ـ اذا كان الحملدار يتعهد لأفراد الحملة بإرشادهم الى وظائفهم الشرعية في اداء المناسك ـ بأحد الوجهين المتقدمين ـ فعليه ان يكون حريصاً على اداء هذه المهمة ولو بالاستعانة بمرشدين دينيين.
السؤال: هل يعني ما ورد في الروايات ــ من أن الله تعالى يغفر للحاج ما تقدم من ذنبه ــ أنه لا يجب عليه قضاء ما فاته من صلاة وصيام وأداء ما تعلّق بذمته من كفارات ؟
الجواب: كلا لا يعني ذلك بل معناه مجرد أنه إذا تاب لا يعاقب على ما صدر منه من ترك واجب أو فعل حرام وأما ما يلزمه من القضاء والكفارة ونحو ذلك فلابد من الإتيان به .
٣٢السؤال: هل يكفي الاشتغال بالعبادة في مكة من أول الليل إلى نصفه؟ وهل يكفي في العبادة النظر إلى الكعبة وقراءة القرآن واطافة الحجيج والإجابة على الأسئلة الدينية ؟
الجواب: الاشتغال بالعبادة في مكة في النصف الأول من الليل لا يوجب سقوط وجوب المبيت بمنى في النصف الثاني وإنما يوجبه الاشتغال بالعبادة من قبل منتصف الليل إلى الفجر ، وتكفي الأعمال المذكورة مع الإتيان بها بقصد القربة لصدق كونه في طاعة الله تعالى.
السؤال: في الموارد التي يتوقف اداء المناسك (واقعاً) على ثبوت الرؤية الشرعية للهلال بداية الشهر، فهل يعتبر الثبوت في الوطن ام في الديار المقدسة، في حالة اختلاف بداية الشهر بين الإثنين؟
الجواب: في الديار المقدسة.
السؤال: انني من الحملدارية اقوم بإنجاز معاملات الحجاج الادارية وتوفير الخدمات لهم اضافة الى ارشادهم الى مناسك حجهم ولكن بعض الحجاج لا يُحسن أداء واجباته رغم التوجيه المتواصل له فقد يخطأ في الوضوء أو الصلاة أو الطواف وهكذا فهل أكون مسؤولاً شرعا عن خطئه؟
الجواب: لا شيء عليك مع قيامك بما تعهدتَ القيام به من توجيه الحجاج وارشادهم ومساعدتهم في الاتيان بالعمل الصحيح على الوجه المتعارف.
السؤال: مع التعهد بتوفير حوائج الحجاج في سفرهم بازاء مبلغ مقطوع فهل يجوز ان يكون ما يوفره لهم دون المستوى المطلوب؟
الجواب: يجب ان يكون ما يهيؤه من المسكن والطعام وسائر الخدمات وفق المتعارف الذي ينصرف اليه اطلاق العقد المبرم بين الجانبين.
السؤال: اذا سئل المرشد الديني عن حكم مسألة فهل عليه ان يسأل الحاج عن مرجع تقليده ليجيب وفق فتواه؟
الجواب: نعم اذا كان ظاهر حال السائل انه يطلب فتوى مقلده كما هو كذلك عادة، ولو وجدت قرينة على انه يطلب فتوى مَن تكون فتواه حجة في حقه باعتقاد المرشد الديني أجابه بمقتضى اعتقاده في ذلك.
السؤال: المرشد الديني في الحملة هل يلزمه ان يذكر للحجاج فتاوى جميع مَن يرجعون اليهم في التقليد ام يكفي ان لا يوقعهم فيما يخالف فتوى مقلدهم وان كان مخالفاً لاحتياطاتهم الوجوبية اذا كان من المراجع الاخرين مَن يفتي بالحكم الترخيصي في مواردها ؟
الجواب: لا يكفي ذلك إلا اذا أحرز انهم يرجعون الى مَن يفتي بالحكم الترخيصي ويعتبرون فتواه حجة في موارد الاحتياط الوجوبي لمرجعهم في التقليد.
السؤال: اذا سأل الحاج عن حكم مسألة وكان مرجعه في التقليد غير جامع لشروط الفتيا بحسب اعتقاد المرشد الديني فماذا يصنع المرشد عندئذٍ؟
الجواب: يمكنه بيان فتواه بنحو لا يستفيد منه تقرير السائل على تقليده.
السؤال: اذا سُئِل الامامي في ايام الحج من قبل بعض ابناء السنة عن بعض مسائله فهل يجيبه وفق مذهبه أم وفق مذهبهم؟
الجواب: يجيبه على طبق مذهبهم أو يضم اليه ما هو مقتضى مذهبنا، نعم اذا ظهر منه ارادة الحصول على الجواب وفق مذهبنا فلا بأس بالاقتصار على الجواب وفقه فقط.
السؤال: هل يجوز اخذ الاجرة على تعليم الحجاج مناسك حجهم ؟
الجواب: الاحوط لزوما عدم الجواز وحرمة الأجرة الا فيما لا يكون محلا للابتلاء من الأحكام، ويمكن التخلص من الاشكال بأخذ الأجرة على المقدمات كالحضور في مكان التعليم ونحو ذلك.
السؤال: هل يجوز الوضوء بالمياه المبردة المخصصة للشرب في مكة المكرمة والمدينة المنورة؟
الجواب: لا يجوز اذا كانت مخصصة للشرب.
السؤال: ما حكم من توضأ من ماء زمزم سابقاً جهلا منه بالحكم ؟
الجواب: يصح وضوؤه على الاظهر.
السؤال: هل يصح ما يقال من عدم جواز الصلاة في حجر اسماعيل(عليه السلام)؟
الجواب: لا أساس له.
السؤال: المسؤولون عن حملات الحج والمرشدون للحجاج الذين يمارسون عملهم سنوياً هل يجب عليهم القصر أو التمام؟
الجواب: اذا كانت فترة عملهم قصيرة كثلاثة اسابيع كان حكمهم القصر وان كانت طويلة كثلاثة أشهر كان حكمهم التمام وفي موارد الاشتباه والشك في كونهم من كثيري السفر أم لا فالاحوط وجوبا لهم الجمع بين القصر والتمام.
السؤال: الحملدارية الذين يمارسون عملهم في أوان الحج ويتكرر منهم السفر الى العتبات المقدسة في العراق وايران وسوريا عدة مرات في السنة وفي كل مرة يستغرق السفر ما بين عشرة ايام الى اسبوعين فما هو حكمهم من الصلاة والصيام؟
الجواب: حكمهم في مفروض السؤال اتمام الصلاة ويصح منهم الصوم ايضاً.
السؤال: اذا قصد الاعتكاف في المسجد الحرام فهل يجوز ان يحرم من التنعيم قبل أذان الفجر ويأتي بالأعمال في حال الاعتكاف مع ان المسعى خارج المسجد؟
الجواب: خروجه من المسجد لأجل الاتيان بالسعي لابد ان يكون لحاجة لابد منها كأن يكون بقاؤه في حال الاحرام طيلة ايام الاعتكاف حرجياً وشاقاً عليه.
السؤال: من أخذ شيئاً من أستار الكعبة المشرفة فهل يلزمه ارجاعه ولمن يرجعه؟
الجواب: اذا أعطي له من قبل المسؤولين عن شؤون الكعبة المعظمة جاز له الاستفادة منه ببيعه أو هبته أو جعله مصلى أو تغليف مصحفه به ونحو ذلك، وأما اذا أخذه اختلاساً ونحوه فالاحوط لزوما مراجعة المسؤولين هناك بشأنه.
السؤال: هل يجوز الاخذ من أحجار الصفا والمروة أو كسرها ؟
الجواب: أخذ الاجزاء المنفصلة منهما بكسر أو غيره فلا بأس به في حد ذاته.
السؤال: هل يجوز ان يأخذ الحاج اجزاءً منفصلة من جبل عرفة أو حصى المزدلفة أو من منى أو من جبلي الصفا والمروة ويذهب بها الى بلاده بقصد التبرك؟
الجواب: يجوز في حدّ ذاته.
السؤال: اذا تعلق الحج بذمة الميت، وكان عليه دَين فأيّهما يقدم في حال المزاحمة؟ وماذا لو كان المبلغ لا يكفي حتى لأحدهما؟
الجواب: يُقدّم الدَيْن .
السؤال: إنكم على علم بانتشار مرض انفلونزا الخنازير في كثير من دول العالم بنسب مختلفة، وفيما يخص زوار بيت الله الحرام فان الاحصاءات تشير الى ان عدد الاصابات بينهم لا يزال -ولله الحمد- منخفضاً بحيث لا يشكّل أزيد من واحد من الالف، وقد شفي جميع المصابين وغادروا المستشفيات، ولكن يتوقع بعض الخبراء ان ترتفع اعداد الاصابات بين الحجاج في موسم الحج القادم، وهنا سؤالان:
١- هل يشكل احتمال الاصابة بهذا المرض خلال المشاركة في اداء مناسك الحج عذراً يسوّغ لمن تتوفر لديه عناصر الاستطاعة تأجيل أداء الحج إلى عام لاحق؟
٢- هل يجوز للمحرم والمحرمة في حال الضرورة استخدام الكمامة الطبية التي تقلل من احتمالات الاصابة بالمرض المذكور، وما الحكم لو لم يكن استخدامها ضروريا؟
الجواب: ١- من كان مطمئنا بانه سيوفق لإداء الحج في عام لاحق يجوز له التأجيل، واما غيره فلا يسوغ له ذلك لمجرد احتمال الاصابة، إلا اذا بلغ الاحتمال درجة يعتد بها العقلاء ولو بالنظر الى كون الشخص ممن لو اصيب بهذا المرض حصلت له مضاعفات خطيرة بالنسبة اليه وربما تؤدي الى الوفاة او نحوها.
٢- اما في حال الضرورة فلا بأس باستخدامها مطلقاً، واما في غير هذا الحال فيجوز له استخدامها اذا لم تكن تمنعه من شمّ الرائحة الكريهة ان صادفها، واما المحرمة فالاحوط لزوماً ان تجتنب عنها وان لم تكن تمنعها من ذلك.
السؤال: ما حكم وضع الكريمات الواقية من الشمس اثناء الحج بعد الوضوء ؟
الجواب: لابدّ من الاجتناب عنها لغير ضرورة مع صدق الادهان على استعمالها.
السؤال: ما حكم لبس الكمام في الحج علما باني مصابة بالتهاب في الصدر وعند شم رائحة الديزل اصاب بالكحة وضيق؟
الجواب: لا يجوز ان كان يمنع الرائحة بل لا يجوز للمرأة على الاحوط مطلقا الا لضرورة كما في الحالة المذكورة.
السؤال: من حج أو اعتمر من دون ختان جاهلاً بالحكم، فما حكم حجه؟
الجواب: لا يجتزأ بطواف الجاهل وان كان قاصراً على الاحوط وجوباً .
السؤال: أنا ذاهبة الى الحج وقد اتاني الحيض في الـ (٢٠) من ذي القعدة واستمر لأكثر من (١٢) يوماً فماذا عليّ أن افعل إذا كان الدم ينزل قليلاً؟
الجواب: في الفرض المذكور يكون الحيض بعدد أيّام العادة ويكون الباقي استحاضة فيجب عليكِ الاتيان بوظيفة المستحاضة بحسب مرتبتها من القليلة أو المتوسطة أو الكثيرة، وأداء المناسك المشروطة بالطهارة من الطواف وصلاته.
السؤال: هل يكون حكم الصلاة والطواف بمشكوك التذكية نسياناً حكم الاتيان بهما كذلك جهلاً من جهة صحتهما؟
الجواب: لا إشكال في صحة الطواف والصلاة بمشكوك التذكية مطلقاً.
السؤال: بالنسبة الى النساء اللواتي ينوين الحج فالمعروف ان الطواف حول البيت الحرام مشروطٌ بالطهارة فما الحكم إذا جاءت الدورة الشهرية قبل البدأ بالحج علماً أنها تستمر في المعتاد سبعة ايام وما حكم النساء اللواتي تنتهي دورتهن الشهرية قبل بدأ الحج ولكن يستمر نزول بعض السوائل بلون بنـّي او بعض قطرات الدم؟
الجواب: إذا حاضت في عمرة التمتع قبل الشروع في الطواف، فإنْ وسع الوقت لأداء أعمالها قبل موعد الحج صبرت الى ان تطهر فتغتسل وتأتي بأعمالها، وان لم يسع الوقت ففيه تفصيل مذكور في رسالة (مناسك الحج) المسألة ٢٩٠ فراجع.
السؤال: ما المقصود بالمحرم الذي يجب ان تذهب معه المرأة للحجّ مع عدم الأمن على نفسها أهو من يحرم عليه نكاحها ام مطلق المؤمن الثقة؟
الجواب: محرم المرأة هو مَن تحرم عليه بنسب أو رضاع أو مصاهرة، ولكن اللازم في خروج المرأة إلى الحجّ ونحوه هو ان تأمن على نفسها وان كان مَن يصحبها من غير المحارم.
السؤال: امرأة سجلت لنفسها دوراً في مؤسسة الحجّ والزيارة ولكنّها توفيت قبل مجيء دورها ويريد ولدها ان يؤدي الحجّ عنها ولكن بقية الورثة يرفضون ذلك ويطلبون منح الدور لشخصٍ آخر بازاء مبلغ يوزع على الورثة فما هو الحكم؟
الجواب: إذا كان الحجّ مستقرّاً في ذمتها - ولو من جهة تمكنها من شراء دور غيرها قبل وفاتها من دون ان يكون اجحافاً في حقها - وجبت الاستنابة عنها وإلاّ لم يجب.
السؤال: بعض الشركات تمنح الموظف لديها اجازة في موسم الحج لمرة واحدة فقط طيلة مدة التعاقد معه فإذا كان هذا الموظف قد حج مسبقاً فما حكم اخذ هذه الاجازة مع نية عدم استغلالها في أداء الحج؟
الجواب: إذا كانت الاجازة تمنح - بموجب عقد التوظيف - لخصوص من يريد الاتيان بالحج فليس للموظف استغلالها في غير ذلك، وان كانت غير مقيدة بذلك فله استغلالها فيما يشاء.
السؤال: يُحكى عنكم عدم جواز الوضوء من ماء زمزم المعدّ للشرب مع تنصيص الفقهاء على استحباب الأخذ من ماء زمزم وصبّه على الرأس والظهر والبطن فكيف التوفيق بين الامرين؟
الجواب: الذي ذكرناه هوان الماء المخصص للشرب فقط – كماء البرادات – لا يجوز استعماله في غيره ولا فرق في هذا بين ان يكون مصدره ماء زمزم أو غيره، ولا ينافي ذلك استحباب الاخذ من ماء زمزم وصبه على الرأس والبدن، واما إذا كان الماء المسمى بـ( ماء زمزم ) معدّاً للاعمّ من الشرب فلا اشكال في جواز التوضؤ به، ويمكن احراز ذلك من جهة جريان العادة في استعماله في غير الشرب من دون منع احد عن ذلك.
السؤال: زوجتي تقلد سماحتكم وتريد معرفة حكم وضع العدسات اللاصقة الشفافة اثناء أداء مناسك الحج مع العلم بأن نظرها ضعيف جداً؟
الجواب: اذا كان لبسها لمعالجة ضعف البصر فلا بأس به.
السؤال: ما حكم المرأة التي تصبغ شعرها قبل الحج؟
الجواب: لا بأس بذلك.
السؤال: هل تكون الصلاة في الحج قصراً أم كاملة إذا كانت رحلتي ١٢ يوم منها يومان في المدينة و الباقي في مكة؟
الجواب: في حالة البقاء عشرة أيام أو أكثر في مكان واحد تكون الصلاة تماماً وإلا فأنت مخير بين القصر والاتمام في مكة المكرمة والمدينة المنورة.
السؤال: قبل ما يقارب الثلاثين عاما حججت حجة الاسلام وبعدما رجعت من الحج اكتشفت ان وضوئي كان خطأ وسأذهب هذه السنة ان شاء الله للحج فهل اعيد حجة الاسلام ام تكون حجتي مستحبة؟
الجواب: إذا كنت متيقناً من أنّ الوضوء محكوم بالبطلان فالحجّ باطل وعليك الاتيان بحجة الاسلام وأما إذا لم يكن محكوماً بالبطلان شرعاً فالحج الواقع محكوم بالصحة من هذه الجهة وعلى كل تقدير يجزيك أن تأتي بالحج بقصد امتثال الأمر الواقعي الموجه إليك الأعم من الوجوب أو الاستحباب.
السؤال: بإذن الله نويت الذهاب لأداء فريضة الحج ولكن قبل الوصول الى مكة بثلاث ايام جاءتني الدورة الشهرية (الحيض) وستنتهي ان شاء الله في (٤) ذي الحجة اي بعد الوصول بيومين. فما الطريقة الصحيحة التي يجب العمل بها في هذه الحالة؟
الجواب: في الفرض المذكور عليك الأحرام لعمرة التمتع من الميقات أو ما يقوم مقامه (إذ لا تشترط الطهارة في صحة الأحرام) وبعد الدخول إلى مكة تنتظرين لحين انتهاء الدورة فتأتين بغسل الحيض ثم تؤدين مناسك العمرة من الطواف وصلاته والسعي والتقصير وبذلك تتحللين من إحرام العمرة وبعدها تحرمين لحجّ التمتع من مكة قبل الذهاب الى عرفة وتذهبين بعد الاحرام إلى عرفة للشروع بأداء مناسك الحج وهكذا الى الانتهاء من آخر الاعمال.
السؤال: بعثت والدتي الى الحج مع قافلة من تركيا وأهل القافلة ليسوا من المذهب الشيعي والان اثيرت لدي الشكوك حول الموضوع فهل تختلف مراسم وشعائر الحج بين المذاهب؟
الجواب: لا اختلاف بين المذاهب في أصول شعائر عمرة التمتع وحجه وواجباتهما عدا أنه يجب على مذهب الامامية في الحج الاتيان بطواف النساء وصلاته بعد السعي وليس ذلك معمولاً به عند المذاهب الأخرى ، ولكن مع ذلك فإن هنالك خلافاً في جملة من تفاصيل الاعمال وخصوصياتها بين الفقهاء في جميع المذاهب، فلابد من رعاية مطابقة العمل مع المجتهد الذي يتعين على المكلف اتباعه وفق الضوابط الشرعية .
السؤال: هل يجوز الطواف حول البيت الحرام اختياراً على الجسر الذي أنشأ حديثاً داخل المطاف، وذلك في الحالات التالية :
- مع افتراض انخفاضه عن سطح الكعبة المشرفة؟
- موازاته لسطح الكعبة المشرفة ؟
- ارتفاعه عن سطح الكعبة المشرفة ؟
الجواب: اذا كان أقلّ ارتفاعاً من جدار الكعبة المشرفة (ولو بمقدار) شبر جاز الطواف عليه .
السؤال: على فرض عدم صحّة الطواف على الجسر المزبور ، ولكنه بدأ طوافه جهلاً أو الزاماً من قبل المسؤولين على الحرم . ثم تسنّى له النزول والطواف في المطاف نفسه ، فهل يستأنف من جديد أم يكمل طوافه ؟
الجواب: يستأنف طوافه.
السؤال: في حالة عدم القدرة على اداء صلاة الطواف الواجب خلف مقام ابراهيم (عليه السلام) بالصدق العرفي ولا في أي موضع من المسجد الحرام بسبب الزحام الشديد ، فهل تجوز الصلاة خارج المسجد الحرام (أي في الساحات الخارجية ) أم يجب الانتظار للحصول على مساحة فارغة ولو مع فوات الموالاة؟
الجواب: يصلي في المسجد ولو مع فوات الموالاة .
السؤال: هل يجوز تقديم أعمال المسجد الحرام ( طواف الحج وصلاته والسعي وطواف النساء وصلاته ) لعموم الحجاج غير النساء والمرضى قبل الذهاب لعرفات خوفاً من الزحام الشديد بسبب الأعمال الإنشائية في المسجد الحرام ؟
الجواب: من يعسر عليه الطواف بعد الرجوع لشدّة الزحام يجوز له التقديم دون غيره.
السيرة الذاتية لسماحة السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)
وبعد / لقد أثمر منبر الإمام السيد الخوئي (قدس سرّه ) خلال أكثر من نصف قرن ثماراً عظيمة جليلة هي الأزكى والأفضل عطاءاً على صعيد الفكر الإسلامي وفي مختلف العلوم والقضايا والمواقف الإسلامية المهمّة ، حيث تخرّج من بين يديه مئات العلماء والفضلاء العظام الذين اخذوا على عاتقهم مواصلة مسيرته الفكرية ودربه الحافل بالبذل والعطاء والتضحية لخدمة الإسلام والعلم والمجتمع، ومعظمهم اليوم أساتذة الحوزات العلمية وبالخصوص في النجف الأشرف ومنهم من هو في مستوى الكفاية والجدارة العلمية والاجتماعية التي تؤهله للقيام بمسؤولية التربية والتعليم ورعاية الأمة في يومنا الحاضر.
المزيد
ومن أهم وابرز أولئك العباقرة هو سيدنا الأستاذ آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظلّه ) فهو من أبرز تلامذة الإمام الخوئي الراحل (قدس سرّه ) نبوغاً وعلماً وفضلاً وأهليّةً ، وحديثنا في هذه السطور حول شخصية هذا العلم الكبير موجز في عدّة نقاط :
ولادته ونشاته
ولد سماحته في التاسع من شهر ربيع الأول عام 1349 للهجرة في المشهد الرضوي الشريف في أسرة علمية معروفة ، فوالده هو العالم المقدّس( السيد محمد باقر ) ووالدته هي العلوية الجليلة كريمة العلامة ( المرحوم السيد رضا المهرباني السرابي) وجدّه الادنى هو العالم الجليل ( السيد علي ) الذي ترجم له العلامة الشيخ آغا بزرك في طبقات أعلام الشيعة قائلاً: ( انه كان في النجف الأشرف من تلامذة الحجّة المؤسس المولى علي النهاوندي وفي سامراء من تلامذة المجدد الشيرازي، ثم اختص بالحجة السيد اسماعيل الصدر، وفي حدود سنة 1318 هـ عاد إلى مشهد الرضا ( عليه السلام ) واستقر فيه وحاز مكانة سامية مع ما كان له من حظ وافر من العلم مقروناً بالتقى والصلاح ) ومن تلامذته المعروفين الفقيه الكبير الشيخ محمد رضا آل ياسين (قدس سرّه ).
وأسرة سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) ــ التي هي من الاسر العلوية الحسينية ــ كانت تقطن مدينة (اصفهان) في القرن الحادي عشر الهجري ، ومن ابرز اعلامها يومذاك الفيلسوف الشهير ( محمد باقر الداماد ) صاحب كتاب القبسات، ومن أحفاده العلم الكبير ( السيد محمد ) الذي عيّن في منصب ( شيخ الاسلام ) في بلاد ( سيستان ) في زمن السلطان حسين الصفوي فانتقل اليها وسكنها هو وذريته من بعده، وأول من هاجر منهم إلى مشهد الرضا (ع) هو المرحوم( السيد علي ) المار ذكره، حيث استقرّ فيه برهة من الزمن في مدرسة المرحوم الملا محمد باقر السبزواري ومن ثمّ هاجر الى النجف الأشرف لاكمال دراسته ثم الى سامراء المقدسة للغرض نفسه.
وقد نشأ سيدنا ( دام ظلّه ) في مسقط رأسه المشهد الرضوي نشأة عالية فتدرج في الأوليات والمقدمات ، حيث بدأ وهو في الخامسة من عمره بتعلم القرآن الكريم ثم دخل مدرسة دار التعليم الديني لتعلم القراء والكتابة ونحوهما ، فتخرج من هذه المدرسة وقد تعلم أثناء ذلك فن الخط من استاذه ( الميرزا علي اقا ظالم ).وفي أوائل عام (1360 هـ.ق) بدأ بتوجيه من والده بقراءة مقدمات العلوم الحوزوية ، فأتم قراءة جملة من الكتب الأدبية كشرح الألفية للسيوطي والمغني لابن هشام والمطول للتفتازاني ومقامات الحريري وشرح النظام عند المرحوم الاديب النيشابوري وغيره من أساتذة الفن، وقرأ شرح اللمعة والقوانين عند المرحوم السيد احمد اليزدي المعروف بـ (نهنگ ) وقرأ جملة من السطوح العالية كالمكاسب والرسائل والكفاية عند آية الله الميرزا هاشم القزويني، وقرأ جملة من الكتب الفلسفية كشرح منظومة السبزواري وشرح الاشراق والاسفار عند المرحوم الايسي، وقرأ شوارق الالهام عند المرحوم آية الله الشيخ مجتبى القزويني ، وحضر في المعارف الالهية دروس آية الله المرحوم الميرزا مهدي الاصفهاني المتوفى أواخر سنة (1365 هـ . ق) كما حضر بحوث الخارج لآية الله الميرزا مهدي الآشتياني صاحب التعليقة على شرح المنظومة وآية الله المرحوم الميرزا هاشم القزويني (قدّس سرهما).
وفي أواخر عام 1368 هـ انتقل الى الحوزة العلمية الدينية في قم المقدسة فحضر بحوث المرجع الكبير السيد حسين الطباطبائي البروجردي في الفقه والاصول، وتلقى عنه الكثير من خبرته الفقهية ونظرياته في علم الرجال والحديث، كما حضر درس الفقيه الكبير السيد محمد الحجّة الكوهكمري(قدّس سرّه).
وخلال مدّة اقامته في قم راسل العلاّمة المرحوم السيد علي البهبهاني عالم الأهواز الشهير ومن اتباع مدرسة المحقق الطهراني، وكان موضوع المراسلات بعض مسائل القبلة حيث ناقش سيدنا الأستاذ (مدّ ظلّه) بعض نظريات المحقق الطهراني ووقف السيد البهبهاني موقف المدافع عنها ، وبعد تبادل عدّة رسائل كتب المرحوم السيد البهباني لسيدنا الأستاذ (دام ظلّه) رسالة مؤرخة في ( 7/ رجب /1370 هـ ) ــ وهو شاب في الواحدة والعشرين من العمر ــ يثني فيها على مهارته العلمية واصفاً اياه بـ (عمدة العلماء المحققين ونخبة الفقهاء المدققين) وموكّلا ﱟ تكميل البحث إلى حين اللقاء به عند التشرّف بزيارة الإمام الرضا (عليه السلام ).
وفي أوائل عام (1371 هـ ) غادر سيدنا الأستاذ ( مدّ ظلّه ) مدينة قم متجهاً إلى موئل العلم والفضل للحوزات العلمية النجف الأشرف، فوصل كربلاء المقدسة في ذكرى أربعين الامام الحسين ( عليه السلام ) ثمّ توجّه إلى النجف الأشرف فسكن ( مدرسة البخارائي العلمية )، وحضر البحوث الفقهية والاصولية للعلمين الكبيرين السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي (قدّس سرّه ) والشيخ حسين الحلّي (قدّس سرّه ) ولازمهما مدّة طويلة ، وحضر خلال ذلك ايضاً بحوث بعض الأعلام الآخرين منهم السيد الحكيم (قدّس سرّه ) والسيد الشاهرودي (قدّس سرّه ).
نبوغه العلمي
لقد برز السيد السيستاني ( دام ظلّه ) في بحوث اساتذته بتفوق بالغ على اقرانه وذلك في قوّة الإشكال وسرعة البديهة وكثرة التحقيق والتتبع ومواصلة النشاط العلمي وإلمامه بكثير من النظريات في مختلف الحقول العلمية الحوزوية، ومما يشهد على ذلك أنه منح من بين زملاه واقرانه في عام 1380 هـ وهو في الحادية والثلاثين من عمره ـ ( شهادة الاجتهاد المطلق ) من قبل استاذيه السيد الخوئي (قدّس سرّه ) والشيخ الحلي (قدّس سرّه ) ولم يمنح السيد الخوئي شهادة الاجتهاد الإّ لنادرٍ من تلامذته منهم سيدنا الأستاذ وآية الله الشيخ علي الفلسفي من مشاهير علماء مشهد المقدسة كما لم يمنح الشيخ الحلي اجازة الاجتهاد المطلق لغيره ( دام ظلّه ) وقد كتب له ايضاً شيخ محدّثي عصره العلاّمة الشيخ آغا برزك الطهراني (قدّس سرّه ) شهادة يطري فيها على مهارته في علمي الرجال والحديث وهي مؤرخة كذلك في عام 1380 هـ.
عطاؤه الفكري وتأليفاته
اشتغل سيدنا الأستاذ (دام ظلّه) من أوائل عام 1381 هـ بإلقاء محاضراته (البحث الخارج) في الفقه في ضوء مكاسب الشيخ الأعظم الأنصاري، وأعقبه بشرح العروة الوثقى ، فتمّ له منه شرح كتاب الطهارة وأكثر كتاب الصلاة وقسم من كتاب الخمس وتمام كتاب الصوم والاعتكاف ثم شرع في شرح كتاب الزكاة.
وقد كانت له محاضرات فقهية اخرى خلال هذه السنوات تناولت كتاب القضاء وابحاث الربا وقاعدة الإلزام وقاعدة التقية وغيرهما من القواعد الفقهية،كما كانت له محاضرات رجالية شملت حجية مراسيل ابن ابي عمير وشرح مشيخة التهذيبين وغيرهما.
وابتدأ ( دام ظلّه ) بإلقاء محاضراته في علم الأصول من شعبان عام (1384 هـ ) وقد أكمل دورته الثالثة في شعبان عام ( 1411 هـ ) ، ويوجد تسجيل صوتي لجميع محاضراته الفقهية والأصولية من عام 1397 هـ وإلى اليوم.
وقد خرّج بحثه الشريف عدّة من الفضلاء البارزين وبعضهم من أساتذة البحث الخارج : كالعلاّمة الشيخ مهدي مرواريد ، والعلاّمة السيد مرتضى المهري والعلاّمة المرحوم السيد حبيب حسينيان والعلاّمة السيد أحمد المددي والعلاّمة الشيخ مصطفى الهرندي والعلاّمة السيد هاشم الهاشمي وغيرهم من أفاضل أساتذة الحوزات العلمية.
وضمن اشتغال سماحته ( دام ظلّه ) بالدرس والبحث خلال هذه المدّة كان مهتمّاً بتأليف كتب مهمّة وجملة من الرسائل بالإضافة إلى ما كتبه من تقريرات بحوث اساتذته فقه وأصولاً، وسيأتي ذكر جملة منها في موضع آخر.
منهجه في البحث والتدريس
وهو منهج متميز على مناهج كثير من أساتذة الحوزة وأرباب البحث الخارج فعلى صعيد الأصول يتجلّى منهجه بعدّة خصائص :
أ- التحدث عن تأريخ البحث ومعرفة جذوره التي ربما تكون فلسفية كمسالة بساطة المشتق وتركيبه أو عقائدية وسياسية كبحث التعادل والتراجح الذي أوضح فيه أن قضية اختلاف الأحاديث فرضتها الصراعات الفكرية العقائدية آنذاك والظروف السياسية التي احاطت بالأئمة( عليهم السلام ) ومن الواضح أن الإطّلاع على تأريخ البحث يكشف عن زوايا المسألة ويوصلنا إلى واقع الآراء المطروحة فيها .
ب- الربط بين الفكر الحوزوي والثقافات المعاصرة ففي بحثه حول المعنى الحرفي في بيان الفارق بينه وبين المعنى الاسمي وهل هو فارق ذاتي ام لحاظي؟
اختار اتجاه صاحب الكفاية في أن الفرق باللحاظ لكن بناه على النظرية الفلسفية الحديثة وهي نظرية التكثر الادراكي في فعالية الذهن البشري وخلاقيته، فيمكن للذهن تصور مطلب واحد بصورتين: تارة بصورة الاستقلال والوضوح فيعبر عنه بالاسم وتارة بالآلية والانكماش ويعبر عنه بالحرف.
وعندما دخل في بحث المشتق في النزاع الدائر بين العلماء حول اسم الزمان، تحدّث عن الزمان بنظرة فلسفية جديدة وهي انتزاع الزمان من المكان (زمكان) بلحاظ تعاقب النور والظلام ، وفي بحثه حول مدلول صيغة الأمر ومادته وبحثه في التجري طرح نظرية بعض علماء الاجتماع من أن تقسيم الطلب بامر والتماس وسؤال نتيجة لتدخل صفة الطالب في حقيقة طلبه من كونه عالياً أو مساوياً أو سافلاً.
وكذلك جعل ضابط استحقاق العقوبة عنوان تمرد العبد وطغيانه على المولى مبني على التقسيم الطبقي للمجتمعات البشرية القديمة من وجود موالي وعبيد وعالي وسافل وما أشبه ذلك. فهذه نظرة من رواسب الثقافات السالفة التي تتحدث باللغة الطبقية لا باللغة القانونية المبنية على المصالح الانسانية العامة.
ج- الاهتمام بالأصول المرتبطة بالفقه : ان الطالب الحوزوي يلاحظ في كثير من العلماء اغراقهم واسهابهم في بحوث اصولية لا يعدّ الاسهاب فيها الإّ ترفاً فكريّاً لا ينتج ثمرةً علميةً للفقيه في مسيرته الفقهية كبحثه في الوضع وكونه امراً اعتبارياً أو تكوينياً وأنّه تعهد أو تخصص ، وبحثهم في بيان موضوع العلم وبعض العوارض الذاتية في تعريف الفلاسفة لموضوع العلم وما شاكل ذلك.
ولكن الملاحظ في دروس سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) هو الاغراق وبذل الجهد الشاق في الخروج بمبنى علمي رصين في البحوث الأصولية المرتبطة بعملية الاستنباط كمباحث الاصول العملية والتعادل والتراجح والعام والخاص ، وأمّا البحوث الأخرى التي أشرنا لبعض مسمياتها ، فبحثه فيها إنما هو بمقدار الثمرة العلمية في بحوث أخرى أو الثمرة العملية في الفقه.
د- الابداع والتجديد : هناك كثير من الأساتذة الماهرين في الحوزة لا يملك روح التجديد بل يصب اهتمامه على التعليق فقط والتركيز على جماليات البحث لا على جوهره فيطرح الآراء الموجودة ويعلّق على بعضها ويختار الأقوى في نظره ، الإّ أن سيدنا الأستاذ يختلف في هذا النهج فيحاول الابداع والتجديد إما بصياغة المطلب بصياغة جديدة تتناسب مع الحاجة للبحث كما صنع ذلك عندما دخل بحث استعمال اللفظ في عدة معانٍ حيث بحثه الأصوليون من زاوية الإمكان والاستحالة كبحث عقلي فلسفي لا ثمرة عملية تترتب عليه وبحثه سيدنا الأستاذ من حيث الوقوع وعدمه لانه أقوى دليل على الإمكان، وبحثه كذلك من حيث الاستظهار وعدمه.
وعندما دخل بحث التعادل والتراجح رأى أن سرّ البحث يكمن في علّة اختلاف الأحاديث فإذا بحثنا وحدّدنا أسباب اختلاف النصوص الشرعية انحلّت المشكلة العويصة التي تعترض الفقيه والباحث والمستفيد من نصوص أهل البيت ( عليهم السلام ) وذلك يغنينا عن روايات الترجيح والتخيير كما حملها صاحب الكفاية على الاستحباب .
وهذا البحث تناوله غيره ولكنه بشكل عقلي صرف،أما السيد الأستاذ فإنه حشد فيه الشواهد التأريخية والحديثية وخرج منه بقواعد مهمّة لحلّ الاختلافات وقام بتطبيقها في دروسه الفقهية أيضاً.
هـ - المقارنة بين المدارس المختلفة : ان المعروف عن الكثير من الأساتذة حصر البحث في مدرسة معينة أو اتجاه خاص ولكن السيد السيستاني يقارن بحثه بين فكر مدرسة مشهد وفكر مدرسة قم وفكر مدرسة النجف الأشرف فهو يطرح آراء الميرزا مهدي الاصفهاني (قدّس سرّه) من علماء مشهد وآراء السيد البروجردي (قدّس سرّه ) كتعبير عن فكر مدرسة قم وآراء المحققين الثلاثة ( الشيخ النائيني والشيخ العراقي والشيخ الاصفهاني ) والسيد الخوئي (قدّس سرّه ) والشيخ حسين الحلّي (قدّس سرّه) كمثال لمدرسة النجف الأشرف.
وتعدّد الاتجاهات هذه يوسع امامنا زوايا البحث والرؤيا الواضحة لواقع المطلب العلمي .
وأمّا منهجه الفقهي فله فيه منهج خاص يتميز في تدريس الفقه وطرحه ، ولهذا المنهج عدّة ملامح :
1- المقارنة بين فقه الشيعة وفقه غيرهم من المذاهب الاسلامية الأخرى ، فإنّ الإطّلاع على الفكر الفقهي السني المعاصر لزمان النص كالاطلاع على موطأ مالك واخراج ابي يوسف وآراء الفقهاء الآخرين يوضّح أمامنا مقاصد الأئمة ( عليهم السلام ) ونظرهم حين طرح النصوص.
2- الاستفادة من علم القانون الحديث في بعض المواضع الفقهية كمراجعته للقانون العراقي والمصري والفرنسي عند بحثه في كتاب البيع والخيارات ، والاحاطة بالفكر القانوني المعاصر تزوّد الإنسان خبرة قانونية يستعين بها على تحليل القواعد الفقهية وتوسعة مداركها وموارد تطبيقها .
3- التجديد في الأطروحة : إنّ معظم علمائنا الأعلام يتلقون بعض القواعد الفقهية بنفس الصياغة التي طرحها السابقون ولا يزيدون في البحث فيها الإّ عن صلاحية المدرك لها أو عدمه ووجود مدرك آخر وعدمه ، أما السيد السيستاني فإنّه يحاول الإهتمام في بعض القواعد الفقهية بتغيير الصياغة ، مثلاً بالنسبة لقاعدة الإلزام التي يفهمها بعض الفقهاء من الزاوية المصلحية بمعنى أنّ للمسلم المؤمن الاستفادة في تحقيق بعض رغباته الشخصية من بعض القوانين للمذاهب الأخرى وإن كان مذهبه لا يقرّه ، يطرحه السيد السيستاني على أساس الاحترام ويسميّها بقاعدة الاحترام أي احترام آراء الآخرين وقوانينهم ، وانطلاقه من حريّة الرأي وهي على سياق ( لكلّ قوم نكاح ) و (نكاح أهل الشرك جائز ) وكذلك بالنسبة الى قاعدة التزاحم التي يطرحها الفقهاء والأصوليون كقاعدة عقلية أو عقلائية صرفة يدخلها السيد الأستاذ تحت قاعدة الاضطرار التي هي قاعدة شرعية اشارت لها النصوص نحو ( ما من شيء حرّمه الله الإّ وقد أحلّه لمن اضطر إليه ) فإنّ مؤدى قاعدة الاضطرار هو مؤدى قاعدة التزاحم بضميمة متمم الجعل التطبيقي .
وأحياناً يقوم بتوسعة القاعدة كما في قاعدة ( لا تعاد ) حيث خصّها الفقهاء بالصلاة لورود النص في ذلك بينما السيد السيستاني جعل صدر الرواية المتضمن لقوله (ع) : ( لا تعاد الصلاة إلا ّ من خمسة ) مصداقاً لكبرى أخرى تعمّ الصلاة وغيرها من الواجبات ، وهذه الكبرى موجودة في ذيل النص ( ولا تنقض السنّة الفريضة)، فالمناط هو تقديم الفريضة على السنّة في الصلاة وغيرها ، ومن مصاديق هذا التقديم هو تقديم الوقت والقبلة ...الخ على غيرها من أجزاء الصلاة وشرائطها لأنّ الوقت والقبلة من الفرائض لا من السنن .
4- النظرة الاجتماعية للنص : إنّ من الفقهاء من هو حرفي الفهم بمعنى أنّه جامد على حدود حروف النص من دون محاولة التصرف في سعة دلالات النص وهناك من الفقهاء من يقرأ أجواء النص والظروف المحيطة به ليتعرف على سائر الملابسات التي تؤثر على دلالته ، فمثلاً في ما ورد من أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله ) حرّم أكل لحم الحمر الأهلية يوم خيبر ، أخذنا بالفهم الحرفي لقلنا بالحرمة أو الكراهة لأكل لحم الحمر الاهلية ولو اتبعنا الفهم الاجتماعي لرأينا أنّ النص ناظر لظروف حرجة وهي ظروف الحرب مع اليهود في خيبر والحرب تحتاج لنقل السلاح والمؤنة ولم تكن هناك وسائل نقل إلاّ الدواب ومنها الحمير ، فالنهي في الواقع نهي إداري لمصلحة موضوعية اقتضتها الظروف آنذاك ولا يستفاد منه تشريع الحرمة ولا الكراهة ، وسيدنا الأستاذ من النمط الثاني من العلماء في التعامل مع النص.
5- توفير الخبرة بمواد الاستنباط : إنّ السيد السيستاني يركّز دائماً على انّ الفقيه لا يكون فقيهاً بالمعنى الأتم حتى يتوفر لديه خبرة وافية بكلام العرب وخطبهم واشعارهم ومجازاتهم كي يكون قادراً على تشخيص ظهور النص تشخيصاً موضوعيّا لا ذاتيا وأن يكون على اطلاع تام بكتب اللغة وأحوال مؤلفيها ومناهج الكتابة فيها فإنّ ذلك دخيل في الاعتماد على قول اللغوي أو عدم الاعتماد عليه وأن يكون على احاطة باحاديث أهل البيت ( عليهم السلام ) ورواتها بالتفصيل ، فإنّ علم الرجال فن ضروري للمجتهد لتحصيل الوثوق الموضوعي التام بصلاحية المدرك ، وله آراء خاصّة يخالف بها المشهور في هذا العصر مثلاً ما اشتهر من عدم الاعتداد بقدح اين الغضائري اما لكثرة قدحه أو لعدم ثبوت نسبة الكتاب إليه مما لا يرتضيه سيدا الأستاذ بل يرى ثبوت الكتاب وان ابن الغضائري هو المعتمد في مقام الجرح والتعديل اكثر من النجاشي والشيخ وامثالهما ويرى الاعتماد على منهج الطبقات في تعيين الراوي وتوثيقه ومعرفة كون الحديث مسنداً أو مرسلاً على ما قرّره السيد البروجردي (قدّس سرّه ).
ويرى أيضاً ضرورة الإلمام بكتب الحديث واختلاف النسخ ومعرفة حال المؤلف من حيث الضبط والتثبت ومنهج التأليف ، وأما ما يشاع في هذا المجال من كون الصدوق اضبط من الشيخ فلا يرتضيه، بل يرى الشيخ ناقلاً أميناً لما وجده من الكتب الحاضرة عنده بقرائن يستند اليها.
فهذه الجهات الخبرية قد لا يعتمد عليها كثير من الفقهاء في مقام الاستنباط بل يكتفي بعضهم بالظهور الشخصي من دون أن يجمع القرائن المختلفة لتحقيق الظهور الموضوعي بل قد يعتمد على كلام بعض اللغويين بدون التحقيق في المؤلف ومنهج التأليف ولا يكون لبعض آخر أي رصيد في علم الرجال والخبرة بكتب الحديث.
معالم شخصيته
إنّ من يعاشر السيد السيستاني ( دام ظلّه ) ويتصل به يرى فيه شخصية فذّة تتمتع بالخصائص الروحية والمثالية التي حثّ عليها أهل البيت ( عليهم السلام) والتي تجعل منه ومن امثاله من العلماء المخلصين مظهراً جليّاً لكلمة ( عالم رباني ) وقوله ( عليه السلام ) ( مجاري الامور بيد العلماء امناء الله على حلاله وحرامه ) ومن أجل وضع النقاط على الحروف اطرح بعض المعالم الفاضلة التي رأيتها بنفسي عند اتصالي به درساً ومعاشرة :
ﺃ- الانصاف واحترام الرأي : فان السيد السيستاني انطلاقاً من عشق العلم والمعرفة ورغبة في الوصول إلى الحقيقة وتقديساً لحرية الرأي والكلمة البناءة تجده كثير القراءة والتتبع للكتب والبحوث ومعرفة الآراء حتى آراء بعض العلماء من غير اساتذته أو آراء بعض المغمورين في خضم الحوزة العلمية فتراه بعض الاحيان قد يشير في بحثه لرأي لطيف لأحد الأفاضل مع أنه ليس من أساتذته كالشيخ محمد رضا المظفر في كتابه اصول الفقه، فطرح هذه الآراء ومناقشتها مع أنها لم تصدر من اساطين اساتذته يمثل لنا صورة حيّة من صور الانصاف واحترام آراء الآخرين .
ب- الأدب في الحوار : ان بحوث النجف معروفة بالحوار الساخن بين الزملاء او الأستاذ وتلميذه وذلك مما يصقل ثقافة الطالب وقوته العلمية وأحياناً قد يكون الحوار جدلاً فارغاً لا يوصل لهدف علمي بل مضمونه ابراز العضلات في الجدل وقوة المعارضة وذلك ما يستهلك وقت الطالب الطموح ويبعده عن الجو الروحي للعلم والمذاكرة ويتركه يحوم في حلقة عقيمة دون الوصول للهدف، أما بحث السيد السيستاني (دام ظلّه) فإنّه بعيد كل البعد عن الجدل واساليب الإسكات والتوهين فهو في النقاش مع أساتذته وآراء الآخرين يستخدم الكلمات المؤدبة التي تحفظ مقام العلماء وعظمتهم حتى ولو كان الرأي المطروح واضح الضعف والاندفاع ، وفي اجابته لاستفهامات الطالب يتحدث بانفتاح وبروح الارشاد والتوجيه ولو صرف التلميذ الحوار الهادف إلى الجدل الفارغ عن المحتوى فان السيد السيستاني يحاول تكرار الجواب بصورة علمية ومع اصرار الطالب فان السيد الأستاذ حينئذ يفضل السكوت على الكلام.
ج ـ خلق التربية : التدريس ليس وظيفة رسمية او روتينية يمارسها الأستاذ في مقابل مقدار من المال ، فإن هذه النظرة تبعد المدرس عن تقويم التلميذ والعناية بتربيته والصعود بمستواه العلمي للتفوق والظهور، كما أن التدريس لا يقتصر على التربية العلمية في محاولة الترشيد التربوي لمسيرة الطالب بل التدريس رسالة خطيرة تحتاج مزاولتها لروح الحب والإشفاق على الطالب وحثّه نحو العلم وآداب العلم ايضاً وإذا كان يحصل في الحوزة أو غيرها احياناً رجال لا يخلصون لمسؤولية التدريس والتعليم فإن في الحوزات أساتذة مخلصين يرون التدريس رسالة ساوية لابدّ من مزاولتها بروح المحبّة والعناية التامة بمسيرة التلميذ العلمية والعملية ، وقد كان الإمام الحكيم (قدّس سرّه) مضرب المثل في خلقه التربوي لتلامذته وطلاّبه وكما كانت علاقة الإمام الخوئي (قدّس سرّه) بتلامذته فقد رأيت هذا الخلق متجسّداً في شخصية السيد السيستاني (دام ظلّه ) فهو يحثّ دائماً بعد الدرس على سؤاله ونقاشه فيقول : اسألوا ولو على رقم الصفحة لبحث معين او اسم كتاب معين حتى تعتادوا على حوار الأستاذ والصلة العلمية به وكان يدفعنا لمقارنة بحثه مع البحوث المطبوعة والوقوف عند نقاط الضعف والقوة وكان يؤكد دائماً على احترام العلماء والالتزام بالأدب في نقاش أقوالهم ويتحدث عن أساتذته بروحية وهمّة عالية وأمثال ذلك من شواهد الخلق الرفيع .
د – الورع : إنّ هناك ظاهرة جليّة في كثير من العلماء والأعاظم وهي ظاهرة البعد عن مواقع الضوضاء والفتن وربما يعتبر هذا البعد عن البعض موقفاً سلبيّاً لأنه هروب من مواجهة الواقع وتسجيل الموقف الصريح المرضي للشرع المقدس ولكنه عند التامل يظهر بانه موقف ايجابي وضروري احياناً للمصلحة العامة ومواجهة الواقع وتسجيل الموقف الشرعي يحتاج لظروف موضوعية وارضية صالحة تتفاعل مع هذا الموقف ، فلو وقعت في الساحة الإسلامية أو المجتمع الحوزوي إثارات وملابسات بحيث تؤدي لطمس بعض المفاهيم الأساسية في الشريعة الإسلامية وجب على العلماء بالدرجة الاولى التصدي لإزاحة الشبهات وابراز الحقائق الناصعة فإذا ظهرت البدع وجب على العالم أن يظهر علمه فإن لم يفعل سلب منه نور الإيمان ، كما جاء في الحديث .
ولكن لو كان مسار الفتنة مساراً شخصياً وجواً مفعماً بالمزايدات والتعصبات العرقية والشخصية لمرجع معيّن أو خط معيّن او كانت الأجواء تعيش حرباً دعائية مؤججة بنار الحقد والحسد المتبادل فإنّ علماء الحوزة ومنهم السيد السيستاني ( دام ظلّه ) يلتزمون دوماً الصمت والوقار والبعد عن هذه الضوضاء الصاخبة وما يحدث غالباً من التنافس على الألقاب والمناصب والاختلافات الجزئية كما هو الحال في يومنا الحاضر ، هذا مضافاً لزهده المتمثّل في لباسه المتواضع ومسكنه الصغير الذي لا يملكه وأثاثه البسيط.
هـ ـ الإنتاج الفكري: السيد السيستاني ليس فقيهاً فقط بل هو رجل مثقّف مطّلع على الثقافات المعاصرة ومتفتح على الأفكار الحضارية المختلفة ويمتلك الرؤية الثاقبة في المسيرة العالمية في المجال الاقتصادي والسياسي وعنده نظرات إدارية جيدة وأفكاراً إجتماعية مواكبة للتطور الملحوظ واستيعاب للأوضاع المعاصرة بحيث تكون الفتوى في نظره طريقاً صالحاً للخير في المجتمع المسلم.
إمامته في الصلاة
كان سيدنا الأستاذ (مدّ ظلّه ) في عيادة استاذه المرحوم الإمام الخوئي ( قدّس سرّه )في (29/ ربيع الآخر / 1409 هـ ) لوعكة صحية ألمّت به فطلب منه أن يقيم صلاة الجماعة في محرابه في جامع الخضراء فلم يوافق على ذلك في البداية فألحّ عليه في الطلب وقال له ( لو كنت احكم كما كان يفعل ذلك المرحوم الحاج آقا حسين القمّي لحكمت عليكم بلزوم القبول ) فاستمهله بضعة أيّام وفي نهاية الأمر استجاب لطلبه وأمّ المصلين من يوم الجمعة (5/ جمادى الأولى / 1409 هـ ) إلى الجمعة الأخيرة من ذي الحجّة عام 1414 هـ حيث أغلق الجامع من قبل السلطة كما سيأتي .
مسيرته الجهادية
كان النظام البعثي يسعى بكل وسيلة للقضاء على الحوزة العلمية في النجف الأشرف منذ السنين الأولى من تسلمه السلطة في العراق ، وقد قام بعمليات تسفير واسعة للعلماء والفضلاء وسائر الطلاب الأجانب، ولاقى سيدنا الأستاذ ( مدّ ظلّه ) عناءاً بالغاً من جرّاء ذلك وكاد ان يسفّر عدّة مرّات وتمّ تسفير مجاميع من تلامذته وطلاّب مجلس درسه في فترات متقاربة ، ثمّ كانت الظروف القاسية جدّاً أيّام الحرب العراقية الإيرانية ، ولكن على الرغم من ذلك فقد أصرّ ( دام ظلّه ) على البقاء في النجف الأشرف وواصل التدريس في حوزته العلمية المقدّسة إيماناً منه بلزوم استمرار المسار الحوزوي المستقل عن الحكومات تفادياً للسلبيات التي تنجم عن تغيير هذا المسار.
وفي عام 1411 هـ عندما قضى النظام على الانتفاضة الشعبانية اعتقل سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) ومعه مجموعة من العلماء كالشهيد الشيخ مرتضى البروجردي والشهيد الميرزا علي الغروي وقد تعرّضوا للضرب والاستجواب القاسي في فندق السلام وفي معسكر الرزازة وفي معتقل الرضوانية إلى أن فرّج الله عنهم ببركة أهل البيت ( عليهم السلام ).
وفي عام 1413 هـ عندما توفي الإمام السيد الخوئي ( رضوان الله عليه ) وتصدّى سيدّنا الأستاذ ( دام ظلّه ) للمرجعية ـ كما سيأتي ـ حاولت سلطات النظام السابق تغيير مسار المرجعية الدينية في النجف الأشرف وبذلت ما في وسعها في الحطّ من موقع السيد الأستاذ ( دام ظلّه ) ومكانته المتميزة بين المراجع وسعت إلى تفرق المؤمنين عنه بأساليب متعدّدة منها إغلاق جامع الخضراء في أواخر ذي الحجّة عام 1414 هـ كما تقدّم .
وعندما وجد النظام أنّ محاولاته قد باءت جميعاً بالفشل خطّط لاغتيال سيدنا الأستاذ وتصفيته ، وقد كشفت وثائق جهاز المخابرات عن عدد من هذه المخطّطات ولكن مكروا ومكر الله والله خير الماكرين .
وهكذا بقي سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) رهين داره منذ أواخر عام 1418 هـ حتى أنّه لم يتشرف بزيارة جدّه الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) طوال هذه الفترة.
وقد تعرّض لضغوط كثيرة من اجهزة النظام وأزلامه ولكنه قاوم جميع الضغوطات إلى أن منّ الله على العراقيين بزوال النظام ونسأله تبارك وتعالى ان يمنّ عليهم بالتحرر من الاحتلال ايضاً.
مرجعيته
في السنوات الاخيرة من حياة سماحة الإمام الخوئي ( رضوان الله عليه ) كان هاجس كثير من الفضلاء في النجف الأشرف وخارجها البحث عمن يصلح ان يخلف الإمام الخوئي ( قدّس سرّه ) في مرجعيته للطائفة الإمامية ليحافظ على كيان الحوزة العلمية واستقلالية المرجعية الدينية ويتحلى بما يلزم توفره في شخص المرجع من مؤهلات علمية وورع وتقوى وحكمة وتدبير.
وقد توجّه أنظار الكثير من الفضلاء إلى سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) وقد اختاره الإمام الخوئي ( قدّس سرّه ) للصلاة في محرابه في جامع الخضراء كما تقدّم فبدأ ينتشر صيته في أوساط العامة بعد ان كان محصوراً في الأوساط العلمية والحوزوية التي عرفته أستاذاً قديراً في البحث الخارج طوال ربع قرن من الزمن .
وعندما التحق الإمام الخوئي بالرفيق الأعلى في (8/ صفر / 1413 هـ ) ارجع اليه في التقليد جمع من العلماء الأعلام يأتي في مقدمتهم سماحة آية الله السيد علي البهشتي (قدّس سرّه ) وسماحة آية الله الشيخ مرتضى البروجردي (قدّس سرّه ) فقلّده كثير من المؤمنين في العراق وايران وبلاد الخليج وباكستان والهند ، وبعد وفاة آية الله العظمى السيد عبد الأعلى السبزواري في (27/ صفر /1414 هـ ) رجع اليه معظم مقلديه في العراق وقسم في خارجه ، وعندما توفي آية الله العظمى السيد محمد رضا الكلبايكاني (قدّس سرّه ) في (24 / جمادي الآخرة / 1414 هـ ) عمّ تقليد سيدّنا الأستاذ (دام ظلّه ) وبشكل سريع مختلف الأقطار الإسلامية ورجع إليه معظم المؤمنين في العراق والاحساء والقطيف وايران ولبنان ودول الخليج وباكستان والهند والمغتربين في اوربا والامريكيتين واستراليا وغيرهم، وقد توسع الرجوع إليه أكثر فأكثر بعد وفاة آية الله العظمى الشيخ محمد علي الأراكي (قدّس سرّه ) وآية الله العظمى السيد محمد الروحاني (قدّس سرّه )، فسيدنا الأستاذ (دام ظلّه ) ــ اليوم ــ هو المرجع الأعلى للطائفة الإمامية، أدام ظلّه السامي ونفع بوجوده الإسلام والمسلمين . رجوع