السؤال: هل يجب العودة الى منى يوم الثاني عشر لمن عرف انه لا يدرك الزوال فيها كمن خرج منه صباحاً ليطوف واخذه الزحام؟
الجواب: اذا خلف فيها ما يقتضي العود ـ لزمه العود ليكون نفره منه قبل الغروب من اليوم نفسه او بعد الرمي من نهار اليوم الثالث عشر، والأحوط لزوماً ان يعود وان لم يخلف فيها ما يقتضي العود، وبالجملة ليس المناط ادراك الزوال في منى في اليوم الثاني عشر بل عدم النفر قبل الزوال من ذلك اليوم فيجوز ان يرجع بعد الزوال ليكون نفره عقيب ذلك.
السؤال: اذا لم يبت الحاج في منى النصف الاول من الليل ولا النصف الاخر وبدلاً من ذلك ذهب الى البيت الحرام قبل منتصف الليل بساعة وانشغل بالعبادة حتى طلوع الفجر فهل يكفي ذلك؟
الجواب: نعم يكفيه عن المبيت في منى في تلك الليلة.
السؤال: ما الحكم اذا انتهي من اعماله قبل منتصف الليل، وعاد منه الى منى لكن منعه الزحام من الوصول اليها قبل منتصف الليل؟
الجواب: اذا كان قد خرج من مكة فلا شيء عليه وان بات فيها لزمته كفارة شاة على الأحوط.
السؤال: ما الحكم اذا انتهى من اعماله بعد منتصف الليل ثم عاد فوراً الى منى ولم يصل اليها الا قبيل الفجر، او بعد الفجر؟
الجواب: تلزمه كفارة شاة لو لم يصل الى منى قبل طلوع الفجر وكذلك اذا وصلها قبل ذلك على الأحوط.
السؤال: اذا انتهي من اعماله بعد منتصف الليل فهل له ان يذهب الى منزله الواقع في (مكة الجديدة) لبعض ضرورياته ثم يعود الى منى؟
الجواب: لا يجوز الا اذا كان مضطراً الى التأخير في الرجوع الى منى.
السؤال: وما الحكم اذا خرج من منى قبيل الغروب لأداء الاعمال، ولكن ذهب الى منزله الواقع في (مكة الجديدة) لساعة او ساعتين ثم ذهب للطواف والسعي، ولم يرجع الى منى الا بعد منتصف الليل؟
الجواب: تلزمه كفارة شاة على الأحوط.
السؤال: اذا رجم الرجل الجمرة صبيحة يوم الثاني عشر ثم رجع الى مكة فهل يجب عليه العود الى منى قبل الزوال؟
الجواب: اذا خرج الحاج من منى بعد الرمي قبل الزوال وكانت له فيها علقة تقتضي العود ـ كان خلف اثقاله فيها ـ لزمه العود اليها، بل الأحوط لزوم العود وان لم تكن له فيها علقة تقتضيه، والاظهر جواز الخروج في الفرض الاول والأحوط لزوماً تركه في الفرض الثاني ، وعلى كل تقدير فلا يجب ان يكون عوده الى منى قبل الزوال بل يجوز ان يكون بعده ايضاً لان العبرة بان لا يكون النفر قبل الزوال فيجوز ان يرجع بعد الزوال ليكون نفره منها قبل الغروب من نفس اليوم بعد الرمي في نهار اليوم الثالث عشر.
السؤال: هل الميبت في الخيام المخصصة للعراقيين في منى والواقعة قرب نفق المعيصم ليلة الحادي عشر من ذي الحجة مجزياً على اعتبارها تقع خارج منى القديمة ؟
الجواب: اذا كانت خارج منى كالمنصوبة في وادي النار فلا يجزي المبيت فيها فمن تمكن من المبيت في منى ومع ازدحام الحجاج فيها ان يبيت في وادي محسر يلزمه ذلك.
السؤال: اذا دخلت نفق الملك فهد متجهاً الى منى من جهة العدل فهل خروجي من النفق من جهة منى اعتبر دخلت منى وإلاّ لابد ان انزل عند الكبري (عند الجمرات) للمبيت في منى. وان كانت هذه المنطقة لا تعتبر من منى ؟
الجواب: لابد من الوثوق من ان موضع مبيتك في منى فان لم تتيقن فعليك الكفارة.
السؤال: هل يكفي البقاء مشتغلاً بالعبادة في الأحياء المستحدثة في مكة بدلاً عن المبيت في منى أو أن ذلك يختص بمكة القديمة ؟
الجواب: يكفي ما ذكر أيضاً .
السؤال: إذا كان النفر بعد ظهر يوم الثاني عشر شاقاً على النساء والضعفاء فهل يجوز لهم النفر قبله أم يجب البقاء ليلة الثالث عشر ؟
الجواب: إن أمكنهم المبيت في منى في ليلة الثالث عشر من غير حرج شديد تعين وإلا جاز لهم الخروج منها قبل الزوال .
السؤال: إذا خرج الحاج من منى في اليوم الثاني عشر وترك رحله بنية الرجوع فإلى متى يحق له التأخير في الرجوع ؟
الجواب: يجوز أن يرجع قبل الغروب ولا يجوز التأخير إلى ما بعده .
السؤال: المعذور من المبيت في منى هل يلزمه الذهاب إليها للنفر منها ؟
الجواب: يلزمه الذهاب إليها للرمي في اليوم الثاني عشر فأن كان معذوراً عن مباشرة الرمي لم يلزمه الذهاب للنفر .
السؤال: نتيجة للازدحام الشديد وضيق المكان في منى ترتفع أجور السكن فيها ولا يمكن السكن داخل منى في الشوارع والأرصفة لممانعة السلطات أو بسبب الشعور بالحرج كما بالنسبة إلى النساء فهل يكفي أن يبيت الحاج في وادي محسر أو العزيزية ؟
الجواب: يجوز أن يبيت في وادي محسر ولا يجوز ذلك في العزيزية ونحوها .
السؤال: إذا خرج الحاج من منى في اليوم الثاني عشر قبل الزوال فما هو حكمه وهل عليه كفارة في الحالات التالية :
١ ـ إذا كان خروجه عن جهل بالحكم أو نسياناً أو غفلة ولم يرجع إليها بعد الالتفات تسامحاً وإهمالاً ؟
٢ ـ إذا كان خروجه عن جهل بالحكم أو نحوه ولكنه لم يرجع بعد الالتفات لفوات الأوان ؟
٣ ـ إذا كان خروجه عن جهل بالحكم أو نحوه ورجع إلى منى بعد الالتفات قبل الزوال ؟
٤ ـ إذا كان خروجه عن عمد أو تسامح ولم يرجع إليها حتى فات الأوان ؟
٥ ـ إذا كان خروجه عن عمد أو ما بحكمه ثم تاب ورجع إليها قبل الزوال ؟
٦ ـ إذا كان خروجه عن عمد أو ما بحكمه أو عن جهل أو نحوه ولما حاول الرجوع أدركه الزوال وهو في الطريق فهل عليه شيء ؟
الجواب: ١ ـ كان الواجب عليه الرجوع وأن لم تكن له في منى علقة تقتضي العود على الأحوط.
٢ ـ لا شيء عليه ولكن لا يفوت (الأوان) بحلول الظهر لأن الممنوع على الحاج أن ينفر قبل الزوال ولا يجب أن يكون في منى قبل الزوال .
٣ ـ لا شيء عليه .
٤ ـ يأثم بذلك ولكن لا كفارة عليه .
٥ ـ لا شيء عليه .
٦ ـ يلزمه الرجوع لينفر قبل الغروب أو في نهار اليوم الثالث عشر .
السؤال: هل أن احتمال حدوث الحريق في منى عذر مسوغ لترك المبيت فيها ؟
الجواب: لا ، إلا إذا كان بدرجة يصدق عليه الخوف عند العقلاء .
السؤال: إذا نفر قبل غروب اليوم الثاني عشر وخرج من منى ثم أجبرته الشرطة على العود إليها فلم يتمكن من الخروج منها قبل الغروب هل يجب عليه المبيت والرمي ؟
الجواب: مع صدق النفر على خروجه – بأن خرج عازماً على عدم العود مع عدم بقاء علقة له في منى تقتضي العود – فلا يبعد عدم وجوب المبيت والرمي عليه .
السؤال: ذكرتم في المناسك أن ممن يستثنى من وجوب المبيت عليه في منى من خرج من مكة للعود إلى منى فجاوز عقبة المدنيين فانه يجوز له أن ينام في الطريق قبل الوصول إلى منى .. فهل ينطبق هذا الفرض على من خرج من مكة للعود إلى منى فوصل إلى حي العزيزية أو نحوها مما هو بعد عقبة المدنيين فنام فيها سواء كان المبيت في محل سكنه أم لا ؟
الجواب: مورد الفرض المذكور هو الخروج من مكة، والأحياء التي تقع بعد عقبة المدنيين تعد في العصر الحاضر جزءاً من المدينة المقدسة فلا يشملها الفرض المذكور .
السؤال: إذا خرج من منى قبل الغروب وانتهى من أعماله قبيل منتصف الليل ورجع إلى منى ولكنه لم يصل إليها إلا بعد منتصف الليل فما هو حكمه ، وما الحكم إذا كان سبب التأخير ازدحام الطريق ونحوه مما هو خارج عن أراد المكلف ؟
الجواب: إذا حصل عائق اتفاقي من وصوله إلى منى قبيل منتصف الليل بعد خروجه من مكة فلا شيء عليه وأما لو كان يعلم بأنه لو لم يخرج من مكة قبل منتصف الليل بساعتين مثلاً فلا يمكنه الوصول إلى منى قبيل منتصف الليل للزحام في الطريق ومع ذلك أخر الخروج فالأحوط ثبوت الكفارة عليه .
السؤال: هل يكفي الاشتغال بالعبادة نصفاً من الليل في مكة عن المبيت بمنى ؟
الجواب: نعم يكفي في النصف الثاني من الليل أي إذا شغله عن العود إلى منى قبل انتصاف الليل إلى طلوع الفجر الاشتغال بالعبادة في مكة في تمام هذه الفترة إلا فيما يستغرقه الإتيان بالحوائج الضرورية .
السؤال: من بقي في مكة للاشتغال بالعبادة فغلبه النعاس فنام لمدة قصيرة أو طويلة فهل عليه كفارة ؟
الجواب: نعم على الأحوط إذا فاته المبيت بمنى في النصف الثاني من الليل .
السؤال: هل يكفي الاشتغال بالعبادة في مكة من أول الليل إلى نصفه وهل يكفي في العبادة النظر إلى الكعبة وقراءة القرآن واطافة الحجيج والإجابة على الأسئلة الدينية ؟
الجواب: الاشتغال بالعبادة في مكة في النصف الأول من الليل لا يوجب سقوط وجوب المبيت بمنى في النصف الثاني وإنما يوجبه الاشتغال بالعبادة من قبل منتصف الليل إلى الفجر ، وتكفي الأعمال المذكورة مع الإتيان بها بقصد القربة لصدق كونه في طاعة الله تعالى .
السؤال: إذا نام قبل وقت البيتوتة بمنى قاصداً لها ولم ينتبه حتى انتهى الوقت فماذا عليه ؟
الجواب: لا شيء عليه .
السؤال: إذا أخره الزحام من الوصول إلى منى وقت الغروب فوصل بعده بدقائق وبقي فيه حتى منتصف الليل وعاد بعده إلى مكة فهل عليه شيء ؟
الجواب: عليه دم شاة .
السؤال: هل أن نصف الليل في المبيت بمنى يحتسب إلى طلوع الشمس أو إلى طلوع الفجر ؟
الجواب: إلى طلوع الفجر .
السؤال: إذا ترك مقداراً من المبيت في منى عن عذر فهل عليه كفارة ؟
الجواب: إذا بقي في منى من أول الليل إلى نصفه أو من قبيل النصف إلى طلوع الفجر فلا شيء عليه وإلا فالأحوط لزوما أن يكفر بشاة .
السؤال: إذا خرج من مكة ولم يصل إلى منى أول الليل وتأخر بمقدار نصف ساعة أو ساعة مثلاً فهل يجب عليه المبيت في النصف الثاني ؟
الجواب: نعم يجب عليه في هذه الصورة المبيت في النصف الثاني من الليل .
السؤال: إذا أتى الحاج برمي الجمار الثلاث في صباح اليوم الثاني فهل يجوز له الرجوع إلى منزله في مكة ثم العود إلى منى قبل الزوال لينفر منها بعد الزوال ؟ أم لا يجوز له الخروج من منى إلا بعد الزوال ؟
الجواب: إذا أبقى فيها علقة له تقتضي العود كأن خلف متاعه فيها جاز له الخروج وإلا لم يجز له ذلك وان كان عازماً على العود إليها قبل الزوال بل يجوز أن يعود إليها بعده فينفر قبل الغروب أو في نهار اليوم الثالث عشر .
السؤال: رجل بقى في منى من دون نية المبيت لاعتقاده عدم وجوبه وإنما بقي فيها ليتسنى له الرمي أول النهار بسهولة فهل يلزمه شيء؟
الجواب: الظاهر عدم ثبوت الكفارة عليه بذلك .
السؤال: أيهما أفضل المبيت في منى في النصف الأول من الليل أم في النصف الثاني منه ؟
الجواب: لم يثبت أفضلية أحدهما نعم المبيت في النصف الأول هو الأحوط .
السؤال: بناءً على العلامات الجديدة لحدود منى فان نهاية منى محاذية تماماً لطرف العقبة الكبرى بحيث لو أراد الحاج أن يرمي مستدبراً للقبلة وعلى بعد ولو ( ذراع واحد) فانه يكون خارج حدود منى ، فما الحكم في ذلك وهل هذه العلامات معتمدة شرعاً ؟
الجواب: لا يضرّ ذلك بل يستحب أن يرميها على بعد عشرة أمتار أو خمسة عشر ذراعاً في حال كونه مستقبلاً للجمرة ومستدبراً للقبلة .
السؤال: ذكرتم في المناسك أن ممن يستثنى من وجوب المبيت عليه في منى من خرج من مكة للعود إلى منى فجاوز عقبة المدنيين فإنه يجوز له أن ينام في الطريق قبل الوصول إلى منى. فهل ينطبق هذا الفرض على من خرج من مكة للعود إلى منى فوصل إلى حي العزيزية أو نحوها مما هو بعد عقبة المدنيين فنام فيها سواء كان المبيت في محل سكنه أم لا ؟
الجواب: مورد الفرض المذكور هو الخروج من مكة ، والأحياء التي تقع بعد عقبة المدنيين تعد في العصر الحاضر جزءاً من المدينة المقدسة فلا يشملها الفرض المذكور .
السؤال: هل يكفي الاشتغال بالعبادة نصفاً من الليل في مكة عن المبيت بمنى؟
الجواب: نعم يكفي في النصف الثاني من الليل أي إذا شغله عن العود إلى منى قبل انتصاف الليل إلى طلوع الفجر الاشتغال بالعبادة في مكة في تمام هذه الفترة إلا فيما يستغرقه الإتيان بالحوائج الضرورية .
السؤال: هل يكفي البقاء مشتغلاً بالعبادة في الأحياء المستحدثة في مكة بدلاً عن المبيت في منى أو أن ذلك يختص بمكة القديمة ؟
الجواب: يكفي ما ذكر أيضاً .
السؤال: إن المبيت في منى يكلف الحاج مبلغاً باهضاً فهل له أن يبيت في خارجها ويدفع الكفارة، وهل له أن يبيت في مكة في بيته مشتغلاً بالعبادة من التهليل والصلاة وقراءة القرآن ونحوها؟
الجواب: يجزيه الاشتغال بالعبادة في بيته في مكة من قبل منتصف الليل إلى طلوع الفجر ، وإن لم يكن متمكناً من ذلك وكان دفع المال للمبيت في منى مجحفاً بحاله جاز له تركه ولكن تلزمه الكفارة على الأحوط ، وفي غير هذه الصورة يلزمه المبيت وإن توقف على بذل مال باهض فلو تركه كان آثماً وتجب عليه الكفارة أيضاً .
السؤال: من أراد الاشتغال بالعبادة في مكة في النصف الثاني من الليل عوضاً عن المبيت في منى فغلبه النعاس فنام لمدة قصيرة فهل تلزمه الكفارة ؟
الجواب: نعم على الأحوط .
السؤال: من اشتغل بالعبادة في مكة من النصف الثاني من الليل يعفى من المبيت في منى فما هو حكم من اشتغل فيها بالعبادة وخرج لقضاء الحاجة وتجديد الوضوء وفي أثناء السير في الطريق سأل عن أسعار بعض البضائع فهل يخل ذلك ببقائه مشتغلاً بالعبادة ؟
الجواب: إذا مكث لذلك بعض الوقت أخل به .
السؤال: من يشق عليه المبيت بمنى او يخاف من المبيت
السؤال :هل إن احتمال حدوث الحريق في منى عذر مسوغ لترك المبيت فيها ؟
الجواب: لا ، إلا إذا كان بدرجة يصدق عليه الخوف عند العقلاء .
السؤال: هل الراعي الذي تحتاج أغنامه إلى الرعي ليلاً مستثنى بعنوانه ممن وجب عليهم المبيت بمنى؟
الجواب: لا ، وإنما يستثنى إذا اندرج في الطائفة الأولى ممن ذكروا في رسالة المناسك .
السؤال: أهل سقاية الحاج بمكة
السؤال :ورد في المناسك أنه يستثنى ممن يجب عليه المبيت في منى أهل سقاية الحاج بمكة فهل يصدق هذا العنوان على من يقوم بتوزيع المياه المبردة على الحجاج في شوارع مكة وطرقها ؟
الجواب: نعم مع حاجة الحجاج إلى ذلك .
السؤال: قصد المبيت والنية
السؤال:إذا نام قبل وقت البيتوتة بمنى قاصداً لها ولم ينتبه حتى انتهى الوقت فماذا عليه ؟
الجواب: لا شيء عليه .
السؤال: رجل بقى في منى من دون نية المبيت لاعتقاده عدم وجوبه وإنما بقي فيها ليتسنى له الرمي أول النهار بسهولة فهل يلزمه شيء ؟
الجواب: الظاهر عدم ثبوت الكفارة عليه بذلك .
السؤال: إذا بقي الحاج في منى ليلة الحادي عشر من دون نية المبيت لأنه كان يعتقد عدم وجوبه فهل عليه شيء ؟
الجواب: إذا كان جاهلاً مقصراً فهو آثم بتركه نية المبيت ولكن لا كفارة عليه مطلقاً .
السؤال: المبيت في مكان شك في كونه من منى
السؤال: هل يجزئ المبيت في المكان الذي يشك في كونه من منى؟
الجواب: لا يجزي حتى لو كان الشك من جهة عدم إحراز أن الحدود المرسومة لمنى قديمة ومأخوذة يداً عن يد فضلاً عما إذا كان الشك من جهة الشبهة المصداقية .
السؤال: هل إن الجسور(الكباري) التي نصبت فوق منحدر الجبل في منى تابعة لمنى بحيث يجوز المبيت عليها ، وإذا لم تكن كذلك فهل يجوز لمن يبيت في منى أن يخرج إليها لدورات المياه فقط ؟
الجواب: منى اسم للوادي فإن كان الجسر قد أقيم فوق الوادي بين الجبلين اجتزأ بالمبيت عليه وإلا فلا ، ولا مانع لمن يبيت في منى أن يخرج منها لقضاء الحاجة ونحوها من الضرورات .
السؤال: حدود منى من جهة الطول محددة في الروايات بوادي محسر والجمرة الكبرى وأما من جهة العرض فغير محددة فهل يكتفى بتحديد أهل الخبرة ، مثلاً منطقة اللسان التي تكون على يسار وادي محسر تعد حسب قول أهل الخبرة من منى فهل يؤخذ بقولهم ؟
الجواب: يؤخذ بتحديدات أهل الخبرة المأخوذة يداً عن يد .
السؤال: لقد تم نحت بعض أجزاء الجبال التي تحد منى حيث بلغ مساحة المنحوت ٧٠ متراً أو أكثر فهل يجوز المبيت في هذه الأجزاء ؟
الجواب: الظاهر أنه يعد عندئذ جزءاً من الوادي فيجوز المبيت فيه .
السؤال: سفح الجبال التي تحد منى هل هي من منى حيث إن بعض الخيم تنصب على السفح بارتفاع ١٥٠متراً عن الوادي ؟
الجواب: سفح الجبل ليس جزءاً من منى.
السؤال: المبيت بوادي محسر مع ضيق منى
السؤال: نتيجة للازدحام الشديد وضيق المكان في منى ترتفع أجور السكن فيها ولا يمكن السكن داخل منى في الشوارع والأرصفة لممانعة السلطات أو بسبب الشعور بالحرج كما بالنسبة إلى النساء فهل يكفي أن يبيت الحاج في وادي محسر أو العزيزية ؟
الجواب: يجوز أن يبيت في وادي محسر ولا يجوز ذلك في العزيزية ونحوها .
السؤال: منذ سنين متعددة يفرض على الحجاج العراقيين الإقامة في وادي النار الذي يبعد عن وادي منى كيلو متر واحد ويفصل بين الواديين سلسلتان جبليتان وكل سلسلة يخترقها نفق طويل لأجل مرور المشاة فما حكم المبيت في وادي النار ؟
الجواب: يبدو أن وادي النار ليس جزءاً من منى فمن تمكن من المبيت في منى ومع ازدحام الحجاج فيها أن يبيت في وادي محسر يلزمه ذلك .
السؤال: لو خرج الحاج من منى ليلة الحادي عشر بعد العشاء قبل منتصف الليل عامداً او جاهلاً الى مكة لأداء اعمال الحج واستمر الى الفجر او انتهي قبل الفجر ما حكمه في حالة رجوعه الى منى مرة ثانية او عدمه او اشتغاله بالأعمال الى الفجر؟
الجواب: اذا رجع قبل منتصف الليل وبقي الى الصبح فلا شيء عليه والا فعليه الكفارة.
السؤال: لو خرج الحاج من منى اليوم العاشر او الحادي عشر ونام اول الليل في مكة او اشتغل الليل لغير العبادة اما لاختياره التأخير او لوجود الزحمة المانعة من الطواف ثم استمر الى الفجر ماذا يجب عليه؟
الجواب: عليه الكفارة.
السؤال: اذا اختار الحاج المبيت في احد النصفين من ليلة الحادي عشر او الثاني عشر بمنى فخرج منها مقدار ساعة او اقل لغرض ما، ومن ثم رجع فهل هذا المقدار يخل بالمبيت وتلزمه الكفارة ام لا؟ وهل هناك فرق في الحكم بين المضطر لهذا الخروج وبين غيره؟
الجواب: تجب الكفارة في غير الاضطرار بل حتى معه على الأحوط.
السؤال: ما هو حكم المبيت في الحرم في اليوم الحادي عشر بدل المبيت في منى ؟
الجواب: يجوز الى الفجر.
السؤال: لو ان شخصا نفر من منى في اليوم الثاني عشر ورجع اليها قبل الغروب وبقي الى الليل هل يجب عليه المبيت في الليلة الثالثة عشر؟
الجواب: مع صدق النفر على خروجه - بأن خرج عازماً على عدم العود مع عدم بقاء علقة له في منى تقتضي العود - فلا يبعد عدم وجوب المبيت والرمي عليه.
السؤال: شرعت المملكة ببناء ست عمارات سكنية قائمة ضمن جغرافية منى ، على جسر الجمرات، حيث تم انشاء تلك العمارات كمقدمة لمشروع تطويري اشمل واوسع لنشر العمارات السكنية العالية في مشروع يتوقع ان يستوعب قرابة مليون حاج :
فهل يعتبر موقع هذه العمارات السكنية ضمن حدود منى ؟ وما الحكم الشرعي لإقامة الحجاج فيها ؟
الجواب: يجوز المبيت بها اذا كانت ضمن حدود منى المعلومة بالتحديدات المأخوذة من القديم يدا بيد.
السؤال: لسنا متأكدين بخصوص المبيت بمنى في النصف الثاني من الليل، حيث ان السلطات السعودية لا تسمح بدخول حدود منى بالمواصلات، حيث قام السائق بإنزالنا في منطقة بعيدة عن خيام منى، حيث وصلنا الى هناك في تمام الساعة ٣ فجراً، هل احرزنا النصف الثاني، بمعنى هل يجب علينا ان نصل الى خيام منى عند منتصف الليل، ولكن للأسباب المذكورة، لم نوفق لذلك، ما هو حكم وصولنا متأخرين؟
الجواب: اذا خرجتم من مكة في وقت يمكنكم الوصول عادة قبل منتصف الليل فاخركم زحام طارئ غير متوقع فلا شيء عليكم والا وجبت الكفارة على الأحوط.
السؤال: في يوم النفرة، تحركنا عند الزوال، ولكن لعدم توفر المتعهد باصات تنقلنا الي منطقة سكننا، مكثنا في حدود منى الى ما بعد الغروب، ما هو الحكم الشرعي لذلك ؟
الجواب: ما كان يجوز النفر بعد الغروب ولكن لا كفارة فيه.
السؤال: في موسم الحج قال لنا احد الحجاج ان خيمتنا خارج منى لكني لم اقتنع بكلامه ولم استفسر وفي الفجر تأكدنا اننا خارج منى وسارعنا بالدخول في منى وكان اذان الصبح في وقتها السؤال هو ماذا يترتب علينا؟
الجواب: على كل واحد كفارة وهي شاة.
السؤال: ماهي آداب المبيت في منى ؟
الجواب: يستحب المقام بمنى أيام التشريق ، وعدم الخروج منها ولو كان الخروج للطواف المندوب . ويستحب التكبير فيها بعد خمس عشر صلاة : أولها ظهر يوم النحر، وبعد عشر صلوات في سائر الامصار، والاولى في كيفية التكبير أن يقول:(الله أكبر، الله أكبر، لا اله الا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد ، الله أكبر على ما هدانا ، الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الانعام، والحمد لله على ما أبلانا). ويستحب أن يصلي فرائضه ونوافله في مسجد الخيف ، روى أبو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: من صلى في مسجد الخيف بمنى مائة ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما ، ومن سبّح الله فيه مائة تسبيحة كتب له كأجر عتق رقبة ، ومن هلل الله فيه مائة تهليلة عدلت أجر احياء نسمة ، ومن حمد الله فيه مائة تحميدة عدلت أجر خراج العراقين به في سبيل الله عز وجل.
السؤال: هل الحاج مخير بين المبيت بمنى والذهاب للحرم او مكة للإشتغال بالعبادة هناك ، وما هو الوقت المناسب لذلك ؟
الجواب: نعم ويكفي الاشتغال بالعبادة في مكة من قبل انتصاف الليل الى الفجر.
السؤال: المبيت في مزدلفة هل يجزي المبيت شطرا من الليل كنصف ساعة او ساعة ثم التوجه الى منى بعد منتصف الليل اذا كان الشخص مسؤول عن زوجته وابنه الصغير دون الثلاث ؟ ام الافضل البقاء لحين طلوع الشمس ثم التوجه للرمي؟
الجواب: يجوز الذهاب معهما اذا كانت الزوجة لا تستغني عنه ويمكنها ان ترمي ليلا ولكنه يرمي نهارا.
السؤال: في يوم النفرة ، تحركنا عند الزوال ،ولكن لعدم توفر المتعهد باصات تنقلنا الى منطقة سكننا ، مكثنا في حدود منى الى ما بعد الغروب ، ما هو الحكم الشرعي لذلك ؟
الجواب: اذا غربت عليكم الشمس وانتم في منى وجب عليكم المبيت فيها تمام الليل ورمي الجمار صبيحة ذلك اليوم على الأحوط فان لم تبيتوا وجبت عليكم الكفارة وهي شاة.
السؤال: في المبيت بمنى منتصف الليل هل هو نصف المدة بين الغروب والفجر ام بين الغروب وطلوع الشمس ؟
الجواب: الى الفجر .
السؤال: في ليلة الحادي عشر من ذي الحجة ذهبنا للمبيت بمنى، وفي أثناء الطريق وبسبب الزحام انتصف الليل ولا نعلم إذا كان ذلك المكان الذي كنا فيه هو منى أم لا؟ فهل تجب الكفارة في هذه الحالة؟ وماهي الكفارة؟ وهل يسبب هذا إشكال في صحة الحج؟
الجواب: من ترك المبيت بمنى فعليه كفارة بشاة عن كل ليلة، ولو كان ناسياً أو جاهلاً بالحكم على الأحوط وجوباً.
السؤال: تنصب خيام الحجاج في أماكن لا تقع في منى ولا في وادي محسّر كأن تنصب في (وادي النار) فيبيتون فيها ليالي منى من غير فحص منهم عن المكان الذي هم فيه فما هو الحكم؟
الجواب: قد تنصب خيام الحجاج في أماكن لا تقع في منى ولا في وادي محسّر كأن تنصب في (وادي النار) فيبيتون فيها ليالي منى من غير فحص منهم عن المكان الذي هم فيه. وقد يرتفع بعضهم الى الجبال المحيطة بمنى فيبيت هناك ظناً منه أنها جزء من منى. وقد يبيت بعضهم خارج منى معتذراً عن ذلك بأن استئجار الخيمة في منى مكلف مادياً.
وهذه كلها من الأخطاء. وكفارة من بات خارج منى لبعض ما ذكرت من أسباب ونحوها ( شاة) عن كل ليلة.
السؤال: في يوم العيد كنت في البيت الحرام أطوف وأكملت الطواف في الساعة التاسعة مساء وتوجهت مباشرة إلى منى لكي ابات الشطر الثاني ولكنني دخلت منى في تمام الساعة ١١:٥٠ مساء وذلك بسبب شدة الزحام فهل تجب الكفارة علي؟
الجواب: اذا حصل عائق اتفاقي من وصولك الى منى قبل منتصف الليل بعد خروجك من مكة فلا شيء عليك، وأمّا لو كنت تعلم بأنه لو لم تخرج من مكة قبل منتصف الليل بوقت كاف فلا يمكنك الوصول الى منى قبل منتصف الليل للزحام في الطريق ومع ذلك أخرت الخروج فالأحوط ثبوت الكفارة عليك.
السؤال: من المعروف ان الحجاج العراقيين يبيتون في منى في مخيم (معيصم) غير ان هناك شك بأن هذا المخيم أو قسم منه خارج وادي منى والسؤال: هل يترتب شيء على الحجاج العراقيين الذين باتو في هذا المخيم في السنين السابقة والذين لم يعلموا أو يتأكدوا ان هذا الخيم خارج وادي منى؟
الجواب: لا يجزي المبيت في المكان الذي يشك في كونه من منى ويترتب عليه أحكام ثبوت الكفارة حينئذ. هذا إذا كان الشك حاصلاً لديهم في حينه وأما مع حدوث الشك بعد انقضاء المبيت فيبني على الصحة. والله الموفق.
السيرة الذاتية لسماحة السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)
وبعد / لقد أثمر منبر الإمام السيد الخوئي (قدس سرّه ) خلال أكثر من نصف قرن ثماراً عظيمة جليلة هي الأزكى والأفضل عطاءاً على صعيد الفكر الإسلامي وفي مختلف العلوم والقضايا والمواقف الإسلامية المهمّة ، حيث تخرّج من بين يديه مئات العلماء والفضلاء العظام الذين اخذوا على عاتقهم مواصلة مسيرته الفكرية ودربه الحافل بالبذل والعطاء والتضحية لخدمة الإسلام والعلم والمجتمع، ومعظمهم اليوم أساتذة الحوزات العلمية وبالخصوص في النجف الأشرف ومنهم من هو في مستوى الكفاية والجدارة العلمية والاجتماعية التي تؤهله للقيام بمسؤولية التربية والتعليم ورعاية الأمة في يومنا الحاضر.
المزيد
ومن أهم وابرز أولئك العباقرة هو سيدنا الأستاذ آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظلّه ) فهو من أبرز تلامذة الإمام الخوئي الراحل (قدس سرّه ) نبوغاً وعلماً وفضلاً وأهليّةً ، وحديثنا في هذه السطور حول شخصية هذا العلم الكبير موجز في عدّة نقاط :
ولادته ونشاته
ولد سماحته في التاسع من شهر ربيع الأول عام 1349 للهجرة في المشهد الرضوي الشريف في أسرة علمية معروفة ، فوالده هو العالم المقدّس( السيد محمد باقر ) ووالدته هي العلوية الجليلة كريمة العلامة ( المرحوم السيد رضا المهرباني السرابي) وجدّه الادنى هو العالم الجليل ( السيد علي ) الذي ترجم له العلامة الشيخ آغا بزرك في طبقات أعلام الشيعة قائلاً: ( انه كان في النجف الأشرف من تلامذة الحجّة المؤسس المولى علي النهاوندي وفي سامراء من تلامذة المجدد الشيرازي، ثم اختص بالحجة السيد اسماعيل الصدر، وفي حدود سنة 1318 هـ عاد إلى مشهد الرضا ( عليه السلام ) واستقر فيه وحاز مكانة سامية مع ما كان له من حظ وافر من العلم مقروناً بالتقى والصلاح ) ومن تلامذته المعروفين الفقيه الكبير الشيخ محمد رضا آل ياسين (قدس سرّه ).
وأسرة سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) ــ التي هي من الاسر العلوية الحسينية ــ كانت تقطن مدينة (اصفهان) في القرن الحادي عشر الهجري ، ومن ابرز اعلامها يومذاك الفيلسوف الشهير ( محمد باقر الداماد ) صاحب كتاب القبسات، ومن أحفاده العلم الكبير ( السيد محمد ) الذي عيّن في منصب ( شيخ الاسلام ) في بلاد ( سيستان ) في زمن السلطان حسين الصفوي فانتقل اليها وسكنها هو وذريته من بعده، وأول من هاجر منهم إلى مشهد الرضا (ع) هو المرحوم( السيد علي ) المار ذكره، حيث استقرّ فيه برهة من الزمن في مدرسة المرحوم الملا محمد باقر السبزواري ومن ثمّ هاجر الى النجف الأشرف لاكمال دراسته ثم الى سامراء المقدسة للغرض نفسه.
وقد نشأ سيدنا ( دام ظلّه ) في مسقط رأسه المشهد الرضوي نشأة عالية فتدرج في الأوليات والمقدمات ، حيث بدأ وهو في الخامسة من عمره بتعلم القرآن الكريم ثم دخل مدرسة دار التعليم الديني لتعلم القراء والكتابة ونحوهما ، فتخرج من هذه المدرسة وقد تعلم أثناء ذلك فن الخط من استاذه ( الميرزا علي اقا ظالم ).وفي أوائل عام (1360 هـ.ق) بدأ بتوجيه من والده بقراءة مقدمات العلوم الحوزوية ، فأتم قراءة جملة من الكتب الأدبية كشرح الألفية للسيوطي والمغني لابن هشام والمطول للتفتازاني ومقامات الحريري وشرح النظام عند المرحوم الاديب النيشابوري وغيره من أساتذة الفن، وقرأ شرح اللمعة والقوانين عند المرحوم السيد احمد اليزدي المعروف بـ (نهنگ ) وقرأ جملة من السطوح العالية كالمكاسب والرسائل والكفاية عند آية الله الميرزا هاشم القزويني، وقرأ جملة من الكتب الفلسفية كشرح منظومة السبزواري وشرح الاشراق والاسفار عند المرحوم الايسي، وقرأ شوارق الالهام عند المرحوم آية الله الشيخ مجتبى القزويني ، وحضر في المعارف الالهية دروس آية الله المرحوم الميرزا مهدي الاصفهاني المتوفى أواخر سنة (1365 هـ . ق) كما حضر بحوث الخارج لآية الله الميرزا مهدي الآشتياني صاحب التعليقة على شرح المنظومة وآية الله المرحوم الميرزا هاشم القزويني (قدّس سرهما).
وفي أواخر عام 1368 هـ انتقل الى الحوزة العلمية الدينية في قم المقدسة فحضر بحوث المرجع الكبير السيد حسين الطباطبائي البروجردي في الفقه والاصول، وتلقى عنه الكثير من خبرته الفقهية ونظرياته في علم الرجال والحديث، كما حضر درس الفقيه الكبير السيد محمد الحجّة الكوهكمري(قدّس سرّه).
وخلال مدّة اقامته في قم راسل العلاّمة المرحوم السيد علي البهبهاني عالم الأهواز الشهير ومن اتباع مدرسة المحقق الطهراني، وكان موضوع المراسلات بعض مسائل القبلة حيث ناقش سيدنا الأستاذ (مدّ ظلّه) بعض نظريات المحقق الطهراني ووقف السيد البهبهاني موقف المدافع عنها ، وبعد تبادل عدّة رسائل كتب المرحوم السيد البهباني لسيدنا الأستاذ (دام ظلّه) رسالة مؤرخة في ( 7/ رجب /1370 هـ ) ــ وهو شاب في الواحدة والعشرين من العمر ــ يثني فيها على مهارته العلمية واصفاً اياه بـ (عمدة العلماء المحققين ونخبة الفقهاء المدققين) وموكّلا ﱟ تكميل البحث إلى حين اللقاء به عند التشرّف بزيارة الإمام الرضا (عليه السلام ).
وفي أوائل عام (1371 هـ ) غادر سيدنا الأستاذ ( مدّ ظلّه ) مدينة قم متجهاً إلى موئل العلم والفضل للحوزات العلمية النجف الأشرف، فوصل كربلاء المقدسة في ذكرى أربعين الامام الحسين ( عليه السلام ) ثمّ توجّه إلى النجف الأشرف فسكن ( مدرسة البخارائي العلمية )، وحضر البحوث الفقهية والاصولية للعلمين الكبيرين السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي (قدّس سرّه ) والشيخ حسين الحلّي (قدّس سرّه ) ولازمهما مدّة طويلة ، وحضر خلال ذلك ايضاً بحوث بعض الأعلام الآخرين منهم السيد الحكيم (قدّس سرّه ) والسيد الشاهرودي (قدّس سرّه ).
نبوغه العلمي
لقد برز السيد السيستاني ( دام ظلّه ) في بحوث اساتذته بتفوق بالغ على اقرانه وذلك في قوّة الإشكال وسرعة البديهة وكثرة التحقيق والتتبع ومواصلة النشاط العلمي وإلمامه بكثير من النظريات في مختلف الحقول العلمية الحوزوية، ومما يشهد على ذلك أنه منح من بين زملاه واقرانه في عام 1380 هـ وهو في الحادية والثلاثين من عمره ـ ( شهادة الاجتهاد المطلق ) من قبل استاذيه السيد الخوئي (قدّس سرّه ) والشيخ الحلي (قدّس سرّه ) ولم يمنح السيد الخوئي شهادة الاجتهاد الإّ لنادرٍ من تلامذته منهم سيدنا الأستاذ وآية الله الشيخ علي الفلسفي من مشاهير علماء مشهد المقدسة كما لم يمنح الشيخ الحلي اجازة الاجتهاد المطلق لغيره ( دام ظلّه ) وقد كتب له ايضاً شيخ محدّثي عصره العلاّمة الشيخ آغا برزك الطهراني (قدّس سرّه ) شهادة يطري فيها على مهارته في علمي الرجال والحديث وهي مؤرخة كذلك في عام 1380 هـ.
عطاؤه الفكري وتأليفاته
اشتغل سيدنا الأستاذ (دام ظلّه) من أوائل عام 1381 هـ بإلقاء محاضراته (البحث الخارج) في الفقه في ضوء مكاسب الشيخ الأعظم الأنصاري، وأعقبه بشرح العروة الوثقى ، فتمّ له منه شرح كتاب الطهارة وأكثر كتاب الصلاة وقسم من كتاب الخمس وتمام كتاب الصوم والاعتكاف ثم شرع في شرح كتاب الزكاة.
وقد كانت له محاضرات فقهية اخرى خلال هذه السنوات تناولت كتاب القضاء وابحاث الربا وقاعدة الإلزام وقاعدة التقية وغيرهما من القواعد الفقهية،كما كانت له محاضرات رجالية شملت حجية مراسيل ابن ابي عمير وشرح مشيخة التهذيبين وغيرهما.
وابتدأ ( دام ظلّه ) بإلقاء محاضراته في علم الأصول من شعبان عام (1384 هـ ) وقد أكمل دورته الثالثة في شعبان عام ( 1411 هـ ) ، ويوجد تسجيل صوتي لجميع محاضراته الفقهية والأصولية من عام 1397 هـ وإلى اليوم.
وقد خرّج بحثه الشريف عدّة من الفضلاء البارزين وبعضهم من أساتذة البحث الخارج : كالعلاّمة الشيخ مهدي مرواريد ، والعلاّمة السيد مرتضى المهري والعلاّمة المرحوم السيد حبيب حسينيان والعلاّمة السيد أحمد المددي والعلاّمة الشيخ مصطفى الهرندي والعلاّمة السيد هاشم الهاشمي وغيرهم من أفاضل أساتذة الحوزات العلمية.
وضمن اشتغال سماحته ( دام ظلّه ) بالدرس والبحث خلال هذه المدّة كان مهتمّاً بتأليف كتب مهمّة وجملة من الرسائل بالإضافة إلى ما كتبه من تقريرات بحوث اساتذته فقه وأصولاً، وسيأتي ذكر جملة منها في موضع آخر.
منهجه في البحث والتدريس
وهو منهج متميز على مناهج كثير من أساتذة الحوزة وأرباب البحث الخارج فعلى صعيد الأصول يتجلّى منهجه بعدّة خصائص :
أ- التحدث عن تأريخ البحث ومعرفة جذوره التي ربما تكون فلسفية كمسالة بساطة المشتق وتركيبه أو عقائدية وسياسية كبحث التعادل والتراجح الذي أوضح فيه أن قضية اختلاف الأحاديث فرضتها الصراعات الفكرية العقائدية آنذاك والظروف السياسية التي احاطت بالأئمة( عليهم السلام ) ومن الواضح أن الإطّلاع على تأريخ البحث يكشف عن زوايا المسألة ويوصلنا إلى واقع الآراء المطروحة فيها .
ب- الربط بين الفكر الحوزوي والثقافات المعاصرة ففي بحثه حول المعنى الحرفي في بيان الفارق بينه وبين المعنى الاسمي وهل هو فارق ذاتي ام لحاظي؟
اختار اتجاه صاحب الكفاية في أن الفرق باللحاظ لكن بناه على النظرية الفلسفية الحديثة وهي نظرية التكثر الادراكي في فعالية الذهن البشري وخلاقيته، فيمكن للذهن تصور مطلب واحد بصورتين: تارة بصورة الاستقلال والوضوح فيعبر عنه بالاسم وتارة بالآلية والانكماش ويعبر عنه بالحرف.
وعندما دخل في بحث المشتق في النزاع الدائر بين العلماء حول اسم الزمان، تحدّث عن الزمان بنظرة فلسفية جديدة وهي انتزاع الزمان من المكان (زمكان) بلحاظ تعاقب النور والظلام ، وفي بحثه حول مدلول صيغة الأمر ومادته وبحثه في التجري طرح نظرية بعض علماء الاجتماع من أن تقسيم الطلب بامر والتماس وسؤال نتيجة لتدخل صفة الطالب في حقيقة طلبه من كونه عالياً أو مساوياً أو سافلاً.
وكذلك جعل ضابط استحقاق العقوبة عنوان تمرد العبد وطغيانه على المولى مبني على التقسيم الطبقي للمجتمعات البشرية القديمة من وجود موالي وعبيد وعالي وسافل وما أشبه ذلك. فهذه نظرة من رواسب الثقافات السالفة التي تتحدث باللغة الطبقية لا باللغة القانونية المبنية على المصالح الانسانية العامة.
ج- الاهتمام بالأصول المرتبطة بالفقه : ان الطالب الحوزوي يلاحظ في كثير من العلماء اغراقهم واسهابهم في بحوث اصولية لا يعدّ الاسهاب فيها الإّ ترفاً فكريّاً لا ينتج ثمرةً علميةً للفقيه في مسيرته الفقهية كبحثه في الوضع وكونه امراً اعتبارياً أو تكوينياً وأنّه تعهد أو تخصص ، وبحثهم في بيان موضوع العلم وبعض العوارض الذاتية في تعريف الفلاسفة لموضوع العلم وما شاكل ذلك.
ولكن الملاحظ في دروس سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) هو الاغراق وبذل الجهد الشاق في الخروج بمبنى علمي رصين في البحوث الأصولية المرتبطة بعملية الاستنباط كمباحث الاصول العملية والتعادل والتراجح والعام والخاص ، وأمّا البحوث الأخرى التي أشرنا لبعض مسمياتها ، فبحثه فيها إنما هو بمقدار الثمرة العلمية في بحوث أخرى أو الثمرة العملية في الفقه.
د- الابداع والتجديد : هناك كثير من الأساتذة الماهرين في الحوزة لا يملك روح التجديد بل يصب اهتمامه على التعليق فقط والتركيز على جماليات البحث لا على جوهره فيطرح الآراء الموجودة ويعلّق على بعضها ويختار الأقوى في نظره ، الإّ أن سيدنا الأستاذ يختلف في هذا النهج فيحاول الابداع والتجديد إما بصياغة المطلب بصياغة جديدة تتناسب مع الحاجة للبحث كما صنع ذلك عندما دخل بحث استعمال اللفظ في عدة معانٍ حيث بحثه الأصوليون من زاوية الإمكان والاستحالة كبحث عقلي فلسفي لا ثمرة عملية تترتب عليه وبحثه سيدنا الأستاذ من حيث الوقوع وعدمه لانه أقوى دليل على الإمكان، وبحثه كذلك من حيث الاستظهار وعدمه.
وعندما دخل بحث التعادل والتراجح رأى أن سرّ البحث يكمن في علّة اختلاف الأحاديث فإذا بحثنا وحدّدنا أسباب اختلاف النصوص الشرعية انحلّت المشكلة العويصة التي تعترض الفقيه والباحث والمستفيد من نصوص أهل البيت ( عليهم السلام ) وذلك يغنينا عن روايات الترجيح والتخيير كما حملها صاحب الكفاية على الاستحباب .
وهذا البحث تناوله غيره ولكنه بشكل عقلي صرف،أما السيد الأستاذ فإنه حشد فيه الشواهد التأريخية والحديثية وخرج منه بقواعد مهمّة لحلّ الاختلافات وقام بتطبيقها في دروسه الفقهية أيضاً.
هـ - المقارنة بين المدارس المختلفة : ان المعروف عن الكثير من الأساتذة حصر البحث في مدرسة معينة أو اتجاه خاص ولكن السيد السيستاني يقارن بحثه بين فكر مدرسة مشهد وفكر مدرسة قم وفكر مدرسة النجف الأشرف فهو يطرح آراء الميرزا مهدي الاصفهاني (قدّس سرّه) من علماء مشهد وآراء السيد البروجردي (قدّس سرّه ) كتعبير عن فكر مدرسة قم وآراء المحققين الثلاثة ( الشيخ النائيني والشيخ العراقي والشيخ الاصفهاني ) والسيد الخوئي (قدّس سرّه ) والشيخ حسين الحلّي (قدّس سرّه) كمثال لمدرسة النجف الأشرف.
وتعدّد الاتجاهات هذه يوسع امامنا زوايا البحث والرؤيا الواضحة لواقع المطلب العلمي .
وأمّا منهجه الفقهي فله فيه منهج خاص يتميز في تدريس الفقه وطرحه ، ولهذا المنهج عدّة ملامح :
1- المقارنة بين فقه الشيعة وفقه غيرهم من المذاهب الاسلامية الأخرى ، فإنّ الإطّلاع على الفكر الفقهي السني المعاصر لزمان النص كالاطلاع على موطأ مالك واخراج ابي يوسف وآراء الفقهاء الآخرين يوضّح أمامنا مقاصد الأئمة ( عليهم السلام ) ونظرهم حين طرح النصوص.
2- الاستفادة من علم القانون الحديث في بعض المواضع الفقهية كمراجعته للقانون العراقي والمصري والفرنسي عند بحثه في كتاب البيع والخيارات ، والاحاطة بالفكر القانوني المعاصر تزوّد الإنسان خبرة قانونية يستعين بها على تحليل القواعد الفقهية وتوسعة مداركها وموارد تطبيقها .
3- التجديد في الأطروحة : إنّ معظم علمائنا الأعلام يتلقون بعض القواعد الفقهية بنفس الصياغة التي طرحها السابقون ولا يزيدون في البحث فيها الإّ عن صلاحية المدرك لها أو عدمه ووجود مدرك آخر وعدمه ، أما السيد السيستاني فإنّه يحاول الإهتمام في بعض القواعد الفقهية بتغيير الصياغة ، مثلاً بالنسبة لقاعدة الإلزام التي يفهمها بعض الفقهاء من الزاوية المصلحية بمعنى أنّ للمسلم المؤمن الاستفادة في تحقيق بعض رغباته الشخصية من بعض القوانين للمذاهب الأخرى وإن كان مذهبه لا يقرّه ، يطرحه السيد السيستاني على أساس الاحترام ويسميّها بقاعدة الاحترام أي احترام آراء الآخرين وقوانينهم ، وانطلاقه من حريّة الرأي وهي على سياق ( لكلّ قوم نكاح ) و (نكاح أهل الشرك جائز ) وكذلك بالنسبة الى قاعدة التزاحم التي يطرحها الفقهاء والأصوليون كقاعدة عقلية أو عقلائية صرفة يدخلها السيد الأستاذ تحت قاعدة الاضطرار التي هي قاعدة شرعية اشارت لها النصوص نحو ( ما من شيء حرّمه الله الإّ وقد أحلّه لمن اضطر إليه ) فإنّ مؤدى قاعدة الاضطرار هو مؤدى قاعدة التزاحم بضميمة متمم الجعل التطبيقي .
وأحياناً يقوم بتوسعة القاعدة كما في قاعدة ( لا تعاد ) حيث خصّها الفقهاء بالصلاة لورود النص في ذلك بينما السيد السيستاني جعل صدر الرواية المتضمن لقوله (ع) : ( لا تعاد الصلاة إلا ّ من خمسة ) مصداقاً لكبرى أخرى تعمّ الصلاة وغيرها من الواجبات ، وهذه الكبرى موجودة في ذيل النص ( ولا تنقض السنّة الفريضة)، فالمناط هو تقديم الفريضة على السنّة في الصلاة وغيرها ، ومن مصاديق هذا التقديم هو تقديم الوقت والقبلة ...الخ على غيرها من أجزاء الصلاة وشرائطها لأنّ الوقت والقبلة من الفرائض لا من السنن .
4- النظرة الاجتماعية للنص : إنّ من الفقهاء من هو حرفي الفهم بمعنى أنّه جامد على حدود حروف النص من دون محاولة التصرف في سعة دلالات النص وهناك من الفقهاء من يقرأ أجواء النص والظروف المحيطة به ليتعرف على سائر الملابسات التي تؤثر على دلالته ، فمثلاً في ما ورد من أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله ) حرّم أكل لحم الحمر الأهلية يوم خيبر ، أخذنا بالفهم الحرفي لقلنا بالحرمة أو الكراهة لأكل لحم الحمر الاهلية ولو اتبعنا الفهم الاجتماعي لرأينا أنّ النص ناظر لظروف حرجة وهي ظروف الحرب مع اليهود في خيبر والحرب تحتاج لنقل السلاح والمؤنة ولم تكن هناك وسائل نقل إلاّ الدواب ومنها الحمير ، فالنهي في الواقع نهي إداري لمصلحة موضوعية اقتضتها الظروف آنذاك ولا يستفاد منه تشريع الحرمة ولا الكراهة ، وسيدنا الأستاذ من النمط الثاني من العلماء في التعامل مع النص.
5- توفير الخبرة بمواد الاستنباط : إنّ السيد السيستاني يركّز دائماً على انّ الفقيه لا يكون فقيهاً بالمعنى الأتم حتى يتوفر لديه خبرة وافية بكلام العرب وخطبهم واشعارهم ومجازاتهم كي يكون قادراً على تشخيص ظهور النص تشخيصاً موضوعيّا لا ذاتيا وأن يكون على اطلاع تام بكتب اللغة وأحوال مؤلفيها ومناهج الكتابة فيها فإنّ ذلك دخيل في الاعتماد على قول اللغوي أو عدم الاعتماد عليه وأن يكون على احاطة باحاديث أهل البيت ( عليهم السلام ) ورواتها بالتفصيل ، فإنّ علم الرجال فن ضروري للمجتهد لتحصيل الوثوق الموضوعي التام بصلاحية المدرك ، وله آراء خاصّة يخالف بها المشهور في هذا العصر مثلاً ما اشتهر من عدم الاعتداد بقدح اين الغضائري اما لكثرة قدحه أو لعدم ثبوت نسبة الكتاب إليه مما لا يرتضيه سيدا الأستاذ بل يرى ثبوت الكتاب وان ابن الغضائري هو المعتمد في مقام الجرح والتعديل اكثر من النجاشي والشيخ وامثالهما ويرى الاعتماد على منهج الطبقات في تعيين الراوي وتوثيقه ومعرفة كون الحديث مسنداً أو مرسلاً على ما قرّره السيد البروجردي (قدّس سرّه ).
ويرى أيضاً ضرورة الإلمام بكتب الحديث واختلاف النسخ ومعرفة حال المؤلف من حيث الضبط والتثبت ومنهج التأليف ، وأما ما يشاع في هذا المجال من كون الصدوق اضبط من الشيخ فلا يرتضيه، بل يرى الشيخ ناقلاً أميناً لما وجده من الكتب الحاضرة عنده بقرائن يستند اليها.
فهذه الجهات الخبرية قد لا يعتمد عليها كثير من الفقهاء في مقام الاستنباط بل يكتفي بعضهم بالظهور الشخصي من دون أن يجمع القرائن المختلفة لتحقيق الظهور الموضوعي بل قد يعتمد على كلام بعض اللغويين بدون التحقيق في المؤلف ومنهج التأليف ولا يكون لبعض آخر أي رصيد في علم الرجال والخبرة بكتب الحديث.
معالم شخصيته
إنّ من يعاشر السيد السيستاني ( دام ظلّه ) ويتصل به يرى فيه شخصية فذّة تتمتع بالخصائص الروحية والمثالية التي حثّ عليها أهل البيت ( عليهم السلام) والتي تجعل منه ومن امثاله من العلماء المخلصين مظهراً جليّاً لكلمة ( عالم رباني ) وقوله ( عليه السلام ) ( مجاري الامور بيد العلماء امناء الله على حلاله وحرامه ) ومن أجل وضع النقاط على الحروف اطرح بعض المعالم الفاضلة التي رأيتها بنفسي عند اتصالي به درساً ومعاشرة :
ﺃ- الانصاف واحترام الرأي : فان السيد السيستاني انطلاقاً من عشق العلم والمعرفة ورغبة في الوصول إلى الحقيقة وتقديساً لحرية الرأي والكلمة البناءة تجده كثير القراءة والتتبع للكتب والبحوث ومعرفة الآراء حتى آراء بعض العلماء من غير اساتذته أو آراء بعض المغمورين في خضم الحوزة العلمية فتراه بعض الاحيان قد يشير في بحثه لرأي لطيف لأحد الأفاضل مع أنه ليس من أساتذته كالشيخ محمد رضا المظفر في كتابه اصول الفقه، فطرح هذه الآراء ومناقشتها مع أنها لم تصدر من اساطين اساتذته يمثل لنا صورة حيّة من صور الانصاف واحترام آراء الآخرين .
ب- الأدب في الحوار : ان بحوث النجف معروفة بالحوار الساخن بين الزملاء او الأستاذ وتلميذه وذلك مما يصقل ثقافة الطالب وقوته العلمية وأحياناً قد يكون الحوار جدلاً فارغاً لا يوصل لهدف علمي بل مضمونه ابراز العضلات في الجدل وقوة المعارضة وذلك ما يستهلك وقت الطالب الطموح ويبعده عن الجو الروحي للعلم والمذاكرة ويتركه يحوم في حلقة عقيمة دون الوصول للهدف، أما بحث السيد السيستاني (دام ظلّه) فإنّه بعيد كل البعد عن الجدل واساليب الإسكات والتوهين فهو في النقاش مع أساتذته وآراء الآخرين يستخدم الكلمات المؤدبة التي تحفظ مقام العلماء وعظمتهم حتى ولو كان الرأي المطروح واضح الضعف والاندفاع ، وفي اجابته لاستفهامات الطالب يتحدث بانفتاح وبروح الارشاد والتوجيه ولو صرف التلميذ الحوار الهادف إلى الجدل الفارغ عن المحتوى فان السيد السيستاني يحاول تكرار الجواب بصورة علمية ومع اصرار الطالب فان السيد الأستاذ حينئذ يفضل السكوت على الكلام.
ج ـ خلق التربية : التدريس ليس وظيفة رسمية او روتينية يمارسها الأستاذ في مقابل مقدار من المال ، فإن هذه النظرة تبعد المدرس عن تقويم التلميذ والعناية بتربيته والصعود بمستواه العلمي للتفوق والظهور، كما أن التدريس لا يقتصر على التربية العلمية في محاولة الترشيد التربوي لمسيرة الطالب بل التدريس رسالة خطيرة تحتاج مزاولتها لروح الحب والإشفاق على الطالب وحثّه نحو العلم وآداب العلم ايضاً وإذا كان يحصل في الحوزة أو غيرها احياناً رجال لا يخلصون لمسؤولية التدريس والتعليم فإن في الحوزات أساتذة مخلصين يرون التدريس رسالة ساوية لابدّ من مزاولتها بروح المحبّة والعناية التامة بمسيرة التلميذ العلمية والعملية ، وقد كان الإمام الحكيم (قدّس سرّه) مضرب المثل في خلقه التربوي لتلامذته وطلاّبه وكما كانت علاقة الإمام الخوئي (قدّس سرّه) بتلامذته فقد رأيت هذا الخلق متجسّداً في شخصية السيد السيستاني (دام ظلّه ) فهو يحثّ دائماً بعد الدرس على سؤاله ونقاشه فيقول : اسألوا ولو على رقم الصفحة لبحث معين او اسم كتاب معين حتى تعتادوا على حوار الأستاذ والصلة العلمية به وكان يدفعنا لمقارنة بحثه مع البحوث المطبوعة والوقوف عند نقاط الضعف والقوة وكان يؤكد دائماً على احترام العلماء والالتزام بالأدب في نقاش أقوالهم ويتحدث عن أساتذته بروحية وهمّة عالية وأمثال ذلك من شواهد الخلق الرفيع .
د – الورع : إنّ هناك ظاهرة جليّة في كثير من العلماء والأعاظم وهي ظاهرة البعد عن مواقع الضوضاء والفتن وربما يعتبر هذا البعد عن البعض موقفاً سلبيّاً لأنه هروب من مواجهة الواقع وتسجيل الموقف الصريح المرضي للشرع المقدس ولكنه عند التامل يظهر بانه موقف ايجابي وضروري احياناً للمصلحة العامة ومواجهة الواقع وتسجيل الموقف الشرعي يحتاج لظروف موضوعية وارضية صالحة تتفاعل مع هذا الموقف ، فلو وقعت في الساحة الإسلامية أو المجتمع الحوزوي إثارات وملابسات بحيث تؤدي لطمس بعض المفاهيم الأساسية في الشريعة الإسلامية وجب على العلماء بالدرجة الاولى التصدي لإزاحة الشبهات وابراز الحقائق الناصعة فإذا ظهرت البدع وجب على العالم أن يظهر علمه فإن لم يفعل سلب منه نور الإيمان ، كما جاء في الحديث .
ولكن لو كان مسار الفتنة مساراً شخصياً وجواً مفعماً بالمزايدات والتعصبات العرقية والشخصية لمرجع معيّن أو خط معيّن او كانت الأجواء تعيش حرباً دعائية مؤججة بنار الحقد والحسد المتبادل فإنّ علماء الحوزة ومنهم السيد السيستاني ( دام ظلّه ) يلتزمون دوماً الصمت والوقار والبعد عن هذه الضوضاء الصاخبة وما يحدث غالباً من التنافس على الألقاب والمناصب والاختلافات الجزئية كما هو الحال في يومنا الحاضر ، هذا مضافاً لزهده المتمثّل في لباسه المتواضع ومسكنه الصغير الذي لا يملكه وأثاثه البسيط.
هـ ـ الإنتاج الفكري: السيد السيستاني ليس فقيهاً فقط بل هو رجل مثقّف مطّلع على الثقافات المعاصرة ومتفتح على الأفكار الحضارية المختلفة ويمتلك الرؤية الثاقبة في المسيرة العالمية في المجال الاقتصادي والسياسي وعنده نظرات إدارية جيدة وأفكاراً إجتماعية مواكبة للتطور الملحوظ واستيعاب للأوضاع المعاصرة بحيث تكون الفتوى في نظره طريقاً صالحاً للخير في المجتمع المسلم.
إمامته في الصلاة
كان سيدنا الأستاذ (مدّ ظلّه ) في عيادة استاذه المرحوم الإمام الخوئي ( قدّس سرّه )في (29/ ربيع الآخر / 1409 هـ ) لوعكة صحية ألمّت به فطلب منه أن يقيم صلاة الجماعة في محرابه في جامع الخضراء فلم يوافق على ذلك في البداية فألحّ عليه في الطلب وقال له ( لو كنت احكم كما كان يفعل ذلك المرحوم الحاج آقا حسين القمّي لحكمت عليكم بلزوم القبول ) فاستمهله بضعة أيّام وفي نهاية الأمر استجاب لطلبه وأمّ المصلين من يوم الجمعة (5/ جمادى الأولى / 1409 هـ ) إلى الجمعة الأخيرة من ذي الحجّة عام 1414 هـ حيث أغلق الجامع من قبل السلطة كما سيأتي .
مسيرته الجهادية
كان النظام البعثي يسعى بكل وسيلة للقضاء على الحوزة العلمية في النجف الأشرف منذ السنين الأولى من تسلمه السلطة في العراق ، وقد قام بعمليات تسفير واسعة للعلماء والفضلاء وسائر الطلاب الأجانب، ولاقى سيدنا الأستاذ ( مدّ ظلّه ) عناءاً بالغاً من جرّاء ذلك وكاد ان يسفّر عدّة مرّات وتمّ تسفير مجاميع من تلامذته وطلاّب مجلس درسه في فترات متقاربة ، ثمّ كانت الظروف القاسية جدّاً أيّام الحرب العراقية الإيرانية ، ولكن على الرغم من ذلك فقد أصرّ ( دام ظلّه ) على البقاء في النجف الأشرف وواصل التدريس في حوزته العلمية المقدّسة إيماناً منه بلزوم استمرار المسار الحوزوي المستقل عن الحكومات تفادياً للسلبيات التي تنجم عن تغيير هذا المسار.
وفي عام 1411 هـ عندما قضى النظام على الانتفاضة الشعبانية اعتقل سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) ومعه مجموعة من العلماء كالشهيد الشيخ مرتضى البروجردي والشهيد الميرزا علي الغروي وقد تعرّضوا للضرب والاستجواب القاسي في فندق السلام وفي معسكر الرزازة وفي معتقل الرضوانية إلى أن فرّج الله عنهم ببركة أهل البيت ( عليهم السلام ).
وفي عام 1413 هـ عندما توفي الإمام السيد الخوئي ( رضوان الله عليه ) وتصدّى سيدّنا الأستاذ ( دام ظلّه ) للمرجعية ـ كما سيأتي ـ حاولت سلطات النظام السابق تغيير مسار المرجعية الدينية في النجف الأشرف وبذلت ما في وسعها في الحطّ من موقع السيد الأستاذ ( دام ظلّه ) ومكانته المتميزة بين المراجع وسعت إلى تفرق المؤمنين عنه بأساليب متعدّدة منها إغلاق جامع الخضراء في أواخر ذي الحجّة عام 1414 هـ كما تقدّم .
وعندما وجد النظام أنّ محاولاته قد باءت جميعاً بالفشل خطّط لاغتيال سيدنا الأستاذ وتصفيته ، وقد كشفت وثائق جهاز المخابرات عن عدد من هذه المخطّطات ولكن مكروا ومكر الله والله خير الماكرين .
وهكذا بقي سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) رهين داره منذ أواخر عام 1418 هـ حتى أنّه لم يتشرف بزيارة جدّه الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) طوال هذه الفترة.
وقد تعرّض لضغوط كثيرة من اجهزة النظام وأزلامه ولكنه قاوم جميع الضغوطات إلى أن منّ الله على العراقيين بزوال النظام ونسأله تبارك وتعالى ان يمنّ عليهم بالتحرر من الاحتلال ايضاً.
مرجعيته
في السنوات الاخيرة من حياة سماحة الإمام الخوئي ( رضوان الله عليه ) كان هاجس كثير من الفضلاء في النجف الأشرف وخارجها البحث عمن يصلح ان يخلف الإمام الخوئي ( قدّس سرّه ) في مرجعيته للطائفة الإمامية ليحافظ على كيان الحوزة العلمية واستقلالية المرجعية الدينية ويتحلى بما يلزم توفره في شخص المرجع من مؤهلات علمية وورع وتقوى وحكمة وتدبير.
وقد توجّه أنظار الكثير من الفضلاء إلى سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) وقد اختاره الإمام الخوئي ( قدّس سرّه ) للصلاة في محرابه في جامع الخضراء كما تقدّم فبدأ ينتشر صيته في أوساط العامة بعد ان كان محصوراً في الأوساط العلمية والحوزوية التي عرفته أستاذاً قديراً في البحث الخارج طوال ربع قرن من الزمن .
وعندما التحق الإمام الخوئي بالرفيق الأعلى في (8/ صفر / 1413 هـ ) ارجع اليه في التقليد جمع من العلماء الأعلام يأتي في مقدمتهم سماحة آية الله السيد علي البهشتي (قدّس سرّه ) وسماحة آية الله الشيخ مرتضى البروجردي (قدّس سرّه ) فقلّده كثير من المؤمنين في العراق وايران وبلاد الخليج وباكستان والهند ، وبعد وفاة آية الله العظمى السيد عبد الأعلى السبزواري في (27/ صفر /1414 هـ ) رجع اليه معظم مقلديه في العراق وقسم في خارجه ، وعندما توفي آية الله العظمى السيد محمد رضا الكلبايكاني (قدّس سرّه ) في (24 / جمادي الآخرة / 1414 هـ ) عمّ تقليد سيدّنا الأستاذ (دام ظلّه ) وبشكل سريع مختلف الأقطار الإسلامية ورجع إليه معظم المؤمنين في العراق والاحساء والقطيف وايران ولبنان ودول الخليج وباكستان والهند والمغتربين في اوربا والامريكيتين واستراليا وغيرهم، وقد توسع الرجوع إليه أكثر فأكثر بعد وفاة آية الله العظمى الشيخ محمد علي الأراكي (قدّس سرّه ) وآية الله العظمى السيد محمد الروحاني (قدّس سرّه )، فسيدنا الأستاذ (دام ظلّه ) ــ اليوم ــ هو المرجع الأعلى للطائفة الإمامية، أدام ظلّه السامي ونفع بوجوده الإسلام والمسلمين . رجوع