السؤال: ما حكم استخدام عملية التخدير او ضرب راس الحيوان الكبير عند ذبحه؟
الجواب: لا مانع منه اذا بقيت للحيوان حياة مستقرة بعد الضرب ويكون موته مستنداً الى الذبح والتذكية بشرائطها.
السؤال: هل يجوز للمرأة الذبح إذا كان الرجل موجود او غير موجود ؟
الجواب: نعم يجوز .
السؤال: ما هو حكم الكلب والخنزير من باب التذكية؟
الجواب: الكلب والخنزير لا يقبلان التذكية فلا يحكم بطهارتهما ولا بحليتهما بالذبح أو الصيد ، وأما السباع وهي ما تفترس الحيوان وتأكل اللحم كالذئب والنمر فهي قابلة للتذكية فلو ذبحت أو اصطيدت بالرمي ونحوه حكم بطهارة لحومها وجلودها وإن لم يحل أكلها بذلك ، نعم إذا اصطيدت بالكلب الصائد ففي تذكيتها اشكال فالاحوط لزوماً عدم طهارتها.
السؤال: ما حكم القرد والفيل والدبّ والحشرات؟
الجواب: لا يبعد أن يكون حكم القرد والفيل والدبّ حكم السباع فيما مر ، وأما الحشرات والمقصود بها هي الدواب الصغار التي تسكن باطن الأرض كالضب والفار فهي لا تقبل التذكية ، فإن كانت لها نفس سائلة وذبحت ـ مثلاً ـ لم يحكم بطهارة لحومها وجلودها.
السؤال: ما هي شروط تذكية الذبيحة؟
الجواب: يشترط في تذكية الذبيحة أُمور:
(الأول) أن يكون الذابح مسلماً ـ رجلاً كان أو امرأة أو صبياً مميزاً ـ فلا تحل ذبيحة غير المسلم حتى الكافر الكتابي وإن سمى على الأحوط لزوماً ، كما لا تحل ذبيحة المنتحلين للإسلام المحكومين بالكفر ومنهم الناصب المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام .
(الثاني) أن يكون الذبح بالحديد مع الامكان فلا يكفي الذبح بغيره حتّى الحديد المخلوط بالكروم ونحوه المسمى بـ ( استالس ستيل ) على الاحوط لزوماً ، نعم إذا لم يوجد الحديد جاز ذبحها بكل ما يقطع الأوداج من الزجاجة والحجارة الحادة ونحوهما حتى إذا لم تكن هناك ضرورة تدعو إلى الاستعجال في ذبحها كالخوف من تلفها بالتأخير.
(الثالث) الاستقبال بالذبيحة حال الذبح إلى القبلة ، ويتحقق الاستقبال فيما إذا كان الحيوان قائماً أو قاعداً بما يتحقق به استقبال الانسان حال الصلاة في الحالتين ، وأما إذا كان مضطجعاً على الأيمن أو الأيسر فيتحقق باستقبال المنحر والبطن ولا يعتبر استقبال الوجه واليدين والرجلين ، وتحرم الذبيحة بالإخلال بالاستقبال متعمداً ، ولا بأس بتركه نسياناً أو خطاءاً أو للجهل بالاشتراط ـ كمن لا يعتقد لزومه شرعاً ـ أو لعدم العلم بجهتها أو عدم التمكن من توجيه الذبيحة إليها ولو من جهة خوف موت الذبيحة لو اشتغل بتوجيهها إلى القبلة.
(الرابع) التسمية ، بأن يذكر الذابح اسم الله وحده عليها بنية الذبح حين الشروع فيه أو متصلاً به عرفاً ، ويكفي في التسمية الاتيان بذكر الله تعالى مقترناً بالتعظيم مثل (الله أكبر) و(بسم الله) بل يكتفى بمجرد ذكر لفظ الجلالة ولو بما يرادفه في سائر اللغات ، كما يكتفى بذكر بقية الاسماء الحسنى وان كان الأحوط استحباباً عدم الاكتفاء بذلك ، ولا أثر للتسمية من دون نية الذبح ، ولو أخل بها نسياناً لم تحرم الذبيحة ولو تركها جهلاً حرمت.
(الخامس): خروج الدم المتعارف ، فلا تحل إذا لم يخرج منها الدم أو كان الخارج قليلاً ـ بالإضافة إلى نوعها ـ بسبب انجماد الدم في عروقها أو نحوه ، وأما إذا كانت قلته لأجل سبق نزيف الذبيحة ـ لجرح مثلاً ـ لم يضر ذلك بتذكيتها.
(السادس) أن تتحرك الذبيحة بعد تمامية الذبح ولو حركة يسيرة ، بأن تطرف عينها أو تحرك ذنبها أو تركض برجلها ، هذا فيما إذا شك في حياتها حال الذبح وإلاّ فلا تعتبر الحركة اصلاًْ.
السؤال: ما هو المستحب عند ذبح الغنم؟
الجواب: ذكر الفقهاء رضوان الله عليهم أنه يستحب عند ذبح الغنم أن تربط يداه وإحدى رجليه ، وتطلق الاُخرى ويمسك صوفه أو شعره حتى يبرد ، وعند ذبح البقر أن تعقل يداه ورجلاه ويطلق ذنبه ، وعند نحر الإبل أن تربط يداها ما بين الخفين إلى الركبتين أو إلى الابطين وتطلق رجلاها ، هذا إذا نحرت باركة ، أما إذا نحرت قائمة فينبغي أن تكون يدها اليسرى معقولة ، وعند ذبح الطير أن يرسل بعد الذباحة حتى يرفرف ، ويستحب عرض الماء على الحيوان قبل أن يذبح أو ينحر ، ويستحب أن يعامل مع الحيوان عند ذبحه أو نحره ما يبعده عن الأذى والتعذيب ، بأن يحد الشفرة ويمر السكين على المذبح بقوة ويجد في الاسراع وغير ذلك.
السؤال: ما هو المكروه في ذبح الحيوانات ونحرها؟
الجواب: يكره في ذبح الحيوانات ونحرها ـ كما ورد في جملة من الروايات ـ أُمور:
(الاَول) سلخ جلد الذبيحة قبل خروج روحها.
(الثاني) أن تكون الذباحة في الليل أو في يوم الجمعة قبل الزوال من دون حاجة.
(الثالث) أن تكون الذباحة بمنظر من حيوان آخر من جنسه.
(الرابع) أن يذبح ما ربّاه بيده من النعم.
السؤال: ما هي شروط تذكية الوحش المحلل اكله اذا اصطيد بالسلاح؟
الجواب: يشترط في تذكية الوحش المحلل أكله إذا اصطيد بالسلاح أُمور:
(الأول) أن تكون الآلة كالسيف والسكين والخنجر وغيرها من الاسلحة القاطعة ، أو كالرمح والسهم والعصا مما يشاك بحده ويخرق جسد الحيوان سواء كان فيه نصل ـ من حديد أو فلز غيره ـ كالسهم أو صنع خارقاً وشائكاً بنفسه كالمعراض ، ولكن يعتبر فيما لا نصل فيه أن يخرق بدن الحيوان ولا يحل فيما لو قتله بالوقوع عليه ، وأما ما فيه نصل فلا يعتبر فيه ذلك فيحل الحيوان لو قتله وإن لم يجرحه ويخرق بدنه ، ولو اصطيد الحيوان بالحجارة أو العمود أو الشبكة أو الحبالة أو غيرها من الآلات التي ليست بقاطعة ولا شائكة حرم أكله وحكم بنجاسته ، وإذا اصطاد بالبندقية فإن كانت الطلقة تنفذ في بدن الحيوان وتخرقه حل أكله وهو طاهر ، وأما إذا لم تكن كذلك بأن قتلته بسبب ضغطها أو بسبب ما فيها من الحرارة المحرقة لم يحل أكله ولم يكن طاهراً على الأحوط لزوماً.
(الثاني): أن يكون الصائد مسلماً أو بحكمه كالصبي المميز الملحق به ، ولا يحل صيد الكافر وكذا المنتحل للإسلام المحكوم بالكفر كالناصب المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام على ما مرّ في الذبح.
(الثالث): قصد اصطياد الحيوان المحلل بالصيد ، فلو رمى هدفاً أو عدواً أو خنزيراً أو شاة فأصاب عزالاً مثلاً فقتله لم يحل.
(الرابع): التسمية عند استعمال السلاح في الاصطياد ، ويقوى الاجتزاء بها قبل اصابة الهدف أيضاً ، ولو أخل بها متعمداً لم يحل صيده ولا بأس بالإخلال بها نسياناً.
(الخامس): أن يدركه ميتاً ، أو يدركه وهو حي ولكن لم يكن الوقت متسعاً لتذكيته ، فلو أدركه حياً وكان الوقت متسعاً لذبحه ولم يذبحه حتى خرجت روحه لم يحل أكله.
السؤال: ما هو حكم اكل الجراد؟
الجواب: الجراد اذا استقل بالطيران وأخذ حياً باليد أو بغيرها من الآلات حلّ أكله ، ولا يعتبر في تذكيته اسلام الآخذ ولا التسمية حال أخذه ، نعم لو وجده في يد كافر ميتاً ولم يطمئن انه أخذه حياً لم يحل وان اخبر بتذكيته كما مرّ في السمك.
السؤال: ما هو حكم بيع الافخاذ العراقية؟
الجواب: يجوز أكل الدجاج المذبوح في العراق بل وكذا المذبوح في الخارج إذا إشتراه من مسلم يحتمل أنه قد أحرز التذكية.
السؤال: تكتب عبارة:( مذبوح على الطريقة الاسلامية )على لحوم منتجة في دول إسلامية من قبل شركات غير اسلامية فهل يجوز لنا تناولها ؟ وهل يجوز تناولها إذا كان منشأ هذه اللحوم شركة إسلامية في دول غير إسلامية ؟ ثمّ ما هو الحال لو كان المنشأ شركة أجنبية في دول أجنبية ؟
الجواب: لا اعتبار بالكتابة ، ويتعامل مع تلك اللحوم على اساس الضوابط العامة فاذا اطمئن بتذكيتها او بحصول إمارة على التذكية كتصدّي المسلم بذبحها حلّ تناولها والّا لم يجز ذلك.
السؤال: هل تحل ذبيحة الاخرس اذا قام هو بالتذكية والذبح ؟
الجواب: إن حلّ الاكل بالنسبة لنفس الاخرس الذابح باعتبار انه اتى بالبسملة ولو بالإشارة المفهمة جاز لغيره اكلها.
السؤال: لو ذبح القصاب بالستانلس فهل يحرم أكل الذبيحة ؟
الجواب: لا يجوز الاكل على الاحوط وجوباً.
السؤال: إذا ذبحت الذبيحة من منتصف الجوزة تقريبا هل الذبح صحيح ؟
الجواب: لا يصح وتحرم الذبيحة .
السؤال: ما حكم الاغنام التي تذبح عن طريق الصاعقة بالكهرباء أو بواسطة الضرب بالمسدس و ما حكم الدجاج الذي يذبح بقطع الراس فهل يجوز لي اكله ؟
الجواب: لا يجوز اكله إلاّ إذا اشتريت من مسلم تحتمل أنّه قد احرز التذكية بما في ذلك كون الذابح مسلما .
السؤال: ماحكم ذبح الدجاج بالماكنة و مشغل الجهاز من المسلمين و التسمية تكون من خلال كاسيت التسجيل؟
الجواب: لا يحلّ في الفرض .
السؤال: هل يجوز شراء اللحوم المكتوب عليها لحم حلال مذبوح على الطريقة الإسلامية ، من محلات أصحابها من غير المسلمين ؟
الجواب: لا أثر للكتابة ولكن يتعامل مع تلك اللحوم على اساس الضوابط العامة فاذا اطمئن بتذكيتها او بحصول إمارة على التذكية كتصدّي المسلم بذبحها حلّ تناولها والّا لم يجز ذلك.
السؤال: هل يجوز أكل اللحوم المذبوحة عند أهل الكتاب؟
الجواب: لا يجوز الاكل الا بعد احراز التذكية شرعاً بان يكون الذابح مسلماً وحصل فري الاوداج والتسمية .
السؤال: هل استقبال القبلة من شرائط الذبح ؟
الجواب: نعم الاستقبال من شرائطها .
السؤال: ما هو حكم بيع الافخاذ العراقية؟
الجواب: يتعامل مع تلك اللحوم على اساس الضوابط العامة فاذا اطمئن بتذكيتها او بحصول إمارة على التذكية كتصدّي المسلم بذبحها حلّ تناولها والّا لم يجز ذلك .
السؤال: ما هو حكم الدجاج المذبوح في البرازيل من قبل شركة كويتية؟
الجواب: إذا كان المستورد أو البائع مسلماً تحتمل في حقّه أنه قد أحرز التذكية حلّ الأكل.
السؤال: تذبح الشركات كميات كبيرة من الدجاج مرّة واحدة ، فإذا كان مشغّل الجهاز مسلماً يكبّر ويذكر اسم الله عند الذبح مرّة واحدة للجميع ، فهل يحل اكلها ؟ وإذا شككنا في حلّية أكلها ، فهل نستطيع أكلها ونعتبرها طاهرة؟
الجواب: إذا كان يكرّر التسمية مادام الجهاز مشتغلاً بالذبح كفى ، ومع الشكّ في الحلّية من جهة الشكّ في وقوع التسمية تعتبر طاهرة ويحلّ أكلها.
السؤال: ندخل بعض الاسوق الكبيرة في اوروبا فنجد لحوماً معلّبة منتجة من قبل الشركة مكتوب على العلبة عبارة مفادها أنها (حلال) ، أو (مذبوحة على الطريقة الاسلامية) ، فهل يجوز شراؤها وأكلها؟
الجواب: لا أثر للكتابة إذا لم توجب الاطمئنان .
السؤال: الدجاج الاجنبي المتوفر الان في الاسواق فهل اكله حلال ام مشكوك به؟
الجواب: يتعامل مع تلك اللحوم على اساس الضوابط العامة فاذا اطمئن بتذكيتها او بحصول إمارة على التذكية كتصدّي المسلم بذبحها حلّ تناولها والّا لم يجز ذلك .
السؤال: اني اعمل في بيع الالبان وقد يوصيني بعض العملاء على الدجاج والفخذ اي الدجاج المقطع علماً اني اعلمهم انه حرام فما موقفي من الارباح ؟
الجواب: لا تباشر في بيع السلع المحرمة ولا شيء عليك اذا كنت عاملاً في المحل. والدجاج اذا اشتريته من مسلم تحتمل انه قد احرز التذكية جاز الاكل. واذا كان المستورد او البائع مسلماً واحتملت انه قد احرز التذكية جاز البيع من دون اعلام والا فيجب اعلام المشتري على الاحوط بالحال اذا احتملت التأثير.
السؤال: هل يجوز اكل اللحوم والمعلبات المستوردة من بلاد الخارج والمكتوب عليها عبارة (حلال) ؟
والسؤال الثاني ما معنى كلمة مذكاة ؟
الجواب: لا اعتبار بالكتابة التي موجودة على اللحوم، ويجب عليكم ان تشتروا تلك اللحوم من بائع مسلم وقد يحتمل قد احرز التذكية , والمذكاة هي الذبح الاسلامي.
السؤال: ١ـ هل يجوز الذبح بالستانليس ستيل؟
٢ـ واذا حصل ذلك فما حكم الذبيحة؟
٣ـ وهل الحرمة تكليفية أم وضعية؟
الجواب: ١ـ لا يجوز على الاحوط وجوباً.
٢ـ لا يحلّ اكلها على الاحوط وجوباً.
٣ـ وضعية.
السؤال: ظهر في الآونة الاخيرة في الاسواق دجاج وافخاذ (دجاج سادية) فما رأي سماحتكم في مثل هذا الدجاج علماً انه مكتوب عليه مذبوح على الطريقة الاسلامية؟
الجواب: يتعامل مع تلك اللحوم على اساس الضوابط العامة فاذا اطمئن بتذكيتها او بحصول إمارة على التذكية كتصدّي المسلم بذبحها حلّ تناولها والّا لم يجز ذلك .
السؤال: هل يجوز ذبح الذبيحة وانا نجس او مجنب؟
الجواب: نعم يجوز.
السؤال: هل يجوز أكل اللحم المذبوح على الطريقة اليهودية؟
الجواب: لا يجوز.
السؤال: ما معنى اللحوم المذكاة فما معنى كلمة مذكاة ؟
الجواب: طريقة شرعية له شروطها يحل معها أكل لحم كل حيوان مأكول اللحم إذا كان مما يقبل التذكية ويطهر معها لحم وجلد كل حيوان غير مأكول اللحم إذا كان مما يقبل التذكية وهي على أنواع منها : الإخراج من الماء حياً او اصطياده حياً وإن مات في الشبكة او الحظيرة كما في السمك ومنها بواسطة الذبح وقطع الاوداج الاربعة كما في الغنم والبقر والدجاج وغيرها.
السؤال: لو ذبح القصاب بغير الحديد فهل يحرم أكل الذبيحة ؟
الجواب: لا يجوز الاكل على الاحوط وجوباً.
السؤال: ١ـ ما هي شروط ذبح الدجاج أو البقرة؟
٢ـ يضع الذابح المسلم الدجاجة الحية في وعاء طويل بحيث يكون منحرها خارج الوعاء الطويل ومن ثم يمسك المنحر ويقطعه بالسكين بعد أن يسمّي ولا يستقبل القبلة هل يجوز ذلك ؟
إذا كان لا يجوز أكل مثل هذا الدجاج فما هو تكليفنا الشرعي وكيف نكفر عن ذلك بعد أن أكلنا هذا الدجاج ؟
الجواب: ١ـ يشترط في ذكاة الذبيحة اُمور :
١ـ ان يكون الذابح مسلماً .
٢ـ ان يكون الذبح بالحديد مع الامكان .
٣ـ قصد الذبح بفري الاوداج .
٤ـ الاستقبال بالذبيحة حال الذبح الى القبلة .
٥ـ تسمية الذابح عليها حين الشروع في الذبح او متصلاً به عرفاً .
٦ـ قطع الاعضاء الأربعة وهي المري ، الحلقوم والودجان وقطعها يلازم بقاء الخرزة المسماة في عرفنا ( الجوزة ) في العنق .
٧ـ خروج الدم المتعارف منها حال الذبح .
٨ـ ان تتحرك الذبيحة بعد تمامية الذبح ولو حركة بسيطة ويحرم ـ على الأحوط ـ ابانة الرأس قبل خروج الروح وان كانت لا تحرم بذلك .
٢ـ لا تحل الذبيحة بذلك من جهة ترك الاستقبال إلا إذا كان الذابح يخلّ به اعتقاداً منه بعدم لزومه بحسب مذهبه . ولا كفارة عليكم .
٣٤السؤال: إذا ذبحت الذبيحة من منتصف الجوزة تقريبا هل الذبح صحيح ؟
الجواب: لا يصح وتحرم الذبيحة .
السؤال: ما حكم الاغنام التي تذبح عن طريق الصاعقة بالكهرباء أو بواسطة الضرب بالمسدس و ما حكم الدجاج الذي يذبح بقطع الراس فهل يجوز لي اكله ؟
الجواب: لا يجوز اكله إلاّ إذا اشتريت من مسلم تحتمل أنّه قد احرز التذكية بما في ذلك كون الذابح مسلما والموت بسبب فري الاوداج ويمكنك اكل لحم السمك اذا كان من فصيل ذوات الفلس حيث إنّ المتعارف الصيد بالشباك والموت في الشبكة لا يمنع من تذكيتها .
السؤال: ماحكم ذبح الدجاج بالماكنة ومشغل الجهاز من المسلمين والتسمية تكون من خلال كاسيت التسجيل؟
الجواب: لا يحلّ في الفرض .
السؤال: ما هو حكم ذبح الدجاج بالماكنة الكهربائية؟ هل يجوز أكله؟
الجواب: يجوز ان كان المسؤول عن تشغيل الجهاز مسلماً ويكرر التسمية باستمرار مع تحقق بقية شرائط التذكية طبعاً .
السؤال: هل استقبال القبلة من شرائط الذبح ؟
الجواب: نعم الاستقبال من شرائطها .
السؤال: ما معني التذكية بالذبح وما شروطها وماذا يترتب عليها؟
الجواب: تحصل تذكية الحيوان بذبحه وقطع الاوداج الاربعة بعد توجيهه الى القبلة والتسمية والأحوط وجوباً ان يكون السكين من الحديد اذا توفر حين ارادة الذبح ويترتب عليها حلية اللحم وطهارة الجلد.
السؤال: هل يجوز الذبح الالي بالماكنة، وهل يجوز تناول الدجاج المذبوح في المجازر الآلية وما فرقه عن لحوم الاغنام والابقار والجاموس من نفس المصدر وما الفرق في ذلك بين المجازر العراقية والاجنبية؟
الجواب: يجوز اذا كان نفس العامل الذي يضغط زر الالة لتشغيلها هو الذي يسمي على الحيوان وان يشتغل بالتسمية طيلة مدة الذبح وان ذبح في كل تسمية عدد كبير من الحيوان والاحوط ايضاً ان يكون السكين من الحديد مع الامكان ولا فرق في ذلك بين انواع الحيوان ولا بين البلدان.
السؤال: هل يكفي البناء على قاعدة سوق المسلمين لشراء اللحوم من الاسواق العراقية او الاسلامية وتناولها؟
الجواب: نعم يكفي.
السؤال: ما حكم الاموال المستحصلة من تجارة اللحوم غير المذكاة؟
الجواب: لا يملكها على الاحوط وجوباً.
السؤال: هل يجوز اكل الطعام من دون تذكية في تلك البلاد نظراً لصعوبة وجود اللحوم المذكاة؟ وهل تجزء تذكية غير المسلم كان يقوم بعملية الذبح شخص كتابي او بوذي ؟
الجواب: لا يحل من اللحوم الا المذكاة ولا تصح التذكية من غير المسلم حتي الكتابي اذا سمي على الاحوط وجوباً واما غيره فلا يصح حتي بالتسمية قطعاً.
السؤال: هل يجوز اكل لحم البقر او الغنم المذبوح من قبل اهل الكتاب؟
الجواب: لا يجوز .
السؤال: ماحكم أكل الدجاج المذبوح بالآلة او المكتوب عليه حلال من غير مذهبنا ؟
الجواب: اذا علمت ان الذابح مسلم فهو حلال حتى لو لم يكن شيعيا وان لم تعلم واشتريته من مسلم او كان صاحب الشركة مسلما فهو حلال ايضا.
السؤال: ما شرعية الذبائح المذبوحة بدول غير اسلامية من دواجن وغيره؟
الجواب: يحكم بحرمتها الا اذا استوردها مسلم واحتمل فيه أنه أحرز التذكية.
السؤال: هل يكفي احتمال التذكية في الجلود المستوردة من الدول الكافرة ، حتى ولو كان ضعيفا موهوما؟
الجواب: لا يكفي .
السؤال: هل يجوز الذبح بالفأس ؟
الجواب: اذا كان من الحديد وحصل فري الاوداج الاربعة جاز والا فلا .
السؤال: ذبح هدي يوم العيد ووجه إلى القبلة وذبح بدون أن يسمي عليه لفظياً وكان ينوي أن يسمي ولكنه نسي أن يسمي وقت الذبح فما حكم الهدي وحكم أكله ؟
الجواب: لا يحرم في فرض النسيان .
السؤال: من الأمور المحرمة في الذبيحة (النخاع) هل هو الحبل الموجود في العمود الفقري أم يشمل النخاع الموجود بالعظام؟
الجواب: هو الحبل الاصغر الموجود في العمود الفقري لا مخ العظام.
السؤال: هل دم الدجاج او اللحم او السمك هو من المنجسات للجسم والطهارة والملابس ؟
الجواب: دم السمك طاهر والدم الذي يخرج من لحم الدجاج والغنم ونحوه بعد الذبح طاهر ايضا واما الدم الخارج وقت الذبح فهو نجس .
السؤال: نحن نعمل ذباحين في شركات الدواجن في البرازيل ، يصعب علينا ذكر التسمية على كل الدجاج علماً أنا اذبح باليوم الواحد حوالي ستون الف دجاجه ماذا افعل بعض الاحيان اتعب وبعض الاحيان اسهو ، ما هو الحكم ؟
الجواب: التعب ليس عذراً لترك التسمية .
السؤال: اللحوم المستوردة من البلاد الأجنبية كالبرازيل و الهند ما حكم التعامل بها و ما حكم الأكل منها علماً انه يكتب عليها (لحم حلال) أو (ذبح على الطريقة الإسلامية)؟
الجواب: لا يجوز الأكل منها الا مع احراز تذكيتها على الوجه الشرعي، و لا يكفي في ذلك الكتابة المذكورة، و اما بيعها فلا بأس به مع الشك في تذكيتها و لكن لابد من إعلام المشتري بالحال مع احتمال تأثير الاعلام في حفص بان لم يجوز كونه غير حلال بالأكل من مشكوك التذكية ـ مثلاً ـ .
السؤال: ما هي المكروهات في ذبح الحيوانات ؟
الجواب: يكره في ذبح الحيوانات ونحرها ـ كما ورد في جملة من الروايات ـ أمور: منها سلخ جلد الذبيحة قبل خروج روحها، ومنها ان تكون الذباحة في الليل أو يوم الجمعة قبل الزوال من دون حاجة، ومنها ان تكون الذباحة بمنظر من حيوان آخر من جنسه، ومنها ان يذبح ما ربّاه بيده من النعم.
السؤال: هل يجوز الذبح بالحديد المخلوط بالكروم (الاستيل) ؟
الجواب: جواز الذبح بالحديد المخلوط بالكروم المسمى بـ(الاستيل) لا يخلو عن اشكال، واشكل منه الذبح بالحديد المطلي بالكروم.
السؤال: هل طريقة ذبح الدجاج والتي تستخدم في مطاعم كنتاكي للمسلمين في بريطانيا جائزة علما انها تقوم على اساس صعق الدجاج حتي يفقد الوعي ومن ثم يقومون بذبحه مع التسمية ويذكرون انهم يفعلون هكذا لكي لا تتألم الدجاجة وقت الذبح. هل نحكم بحلية الأكل المذكور ؟
الجواب: إذا كان الذبح يتمّ مع توفر الشروط المعتبرة في التذكية حال حياة الحيوان فلا إشكال في ذلك. والله الموفق.
السؤال: ما حكم أكل الدجاج المذبوح بالآلة على طريقة المذهب السني والمكتوب عليه حلال؟
الجواب: اذا علمت ان الذابح مسلم فهو حلال حتى لو لم يكن شيعيا وان لم تعلم واشتريته من مسلم او كان صاحب الشركة مسلما فهو حلال ايضا.
السؤال: لو ذبح القصاب بالستانلس فهل يجوز اكل الذبيحة؟
الجواب: لا يجوز الاكل على الاحوط وجوباً.
السؤال: أنا أعيش في بلد اوروبي وعرفت أن اللحم يتم ذبحه في البلد الذي أعيش فيه بإشراف جماعة إسلامية ولكن قيل لي أنه يتم إطلاق رصاص يحتوي على مواد مخدرة بالقرب من قرن الحيوان وبالتالي بالقرب من الدماغ ومن ثم يذبح مباشرة وهي لا تزال الروح فيه وذلك لأن قانون البلد وجمعية الرفق بالحيوان تنص على ذلك. فهل يعتبر أن هذا اللحم مذبوح على الطريقة الاسلامية؟ والدجاج أيضاً يصعق كهربائياً لتخديره ومن ثم يذبح وحسب قول اللحام فإن الروح لا تزال موجودة فيه وأن هناك جماعة إسلامية مشرفة على عملية الذبح؟ فهذا اللحم يعتبر حلال؟
الجواب: لا إشكال في الذبيحة من جهة التخدير مع توفر سائر شروط التذكية.
السؤال: هل الكتابة على علبة الحيوان المذبوح (كالبقر والغنم والدجاج) انه تم ذبحه وفق الشريعة الاسلامية وكذا وجوده في سوق ودكاكين المسلمين كاف (اي الكتابة ووجوده) في حلية اكله سواء كان الحيوان مستوردا من بلد غير الاسلامي أو من بلد اسلامي؟
الجواب: لا إعتبار بهذه الكتابة مطلقاً، نعم وجود اللحم في سوق المسلمين أو يد المسلم أمارة على تذكيته على تفصيل مذكور في محله.
السؤال: ما هي الدرجة التي ينحرف بها الانسان عن القبلة وما هو المسموح بها وخاصة بالنسبة للذباحة أي الطريقة الشرعية مع العلم انه يوجد مكان خاص هنا للذبح ولكنه منحرف تقريبا ٤٥ درجة عن القبلة ؟
الجواب: لا يغتفر الانحراف عن القبلة اصلاً في حال وجود العلم او قيام الحجة المعتبرة على وجود الانحراف فعلاً، علماً ان المعتبر في الذبح استقبال الذبيحة للقبلة دون الذابح.
السيرة الذاتية لسماحة السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)
وبعد / لقد أثمر منبر الإمام السيد الخوئي (قدس سرّه ) خلال أكثر من نصف قرن ثماراً عظيمة جليلة هي الأزكى والأفضل عطاءاً على صعيد الفكر الإسلامي وفي مختلف العلوم والقضايا والمواقف الإسلامية المهمّة ، حيث تخرّج من بين يديه مئات العلماء والفضلاء العظام الذين اخذوا على عاتقهم مواصلة مسيرته الفكرية ودربه الحافل بالبذل والعطاء والتضحية لخدمة الإسلام والعلم والمجتمع، ومعظمهم اليوم أساتذة الحوزات العلمية وبالخصوص في النجف الأشرف ومنهم من هو في مستوى الكفاية والجدارة العلمية والاجتماعية التي تؤهله للقيام بمسؤولية التربية والتعليم ورعاية الأمة في يومنا الحاضر.
المزيد
ومن أهم وابرز أولئك العباقرة هو سيدنا الأستاذ آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظلّه ) فهو من أبرز تلامذة الإمام الخوئي الراحل (قدس سرّه ) نبوغاً وعلماً وفضلاً وأهليّةً ، وحديثنا في هذه السطور حول شخصية هذا العلم الكبير موجز في عدّة نقاط :
ولادته ونشاته
ولد سماحته في التاسع من شهر ربيع الأول عام 1349 للهجرة في المشهد الرضوي الشريف في أسرة علمية معروفة ، فوالده هو العالم المقدّس( السيد محمد باقر ) ووالدته هي العلوية الجليلة كريمة العلامة ( المرحوم السيد رضا المهرباني السرابي) وجدّه الادنى هو العالم الجليل ( السيد علي ) الذي ترجم له العلامة الشيخ آغا بزرك في طبقات أعلام الشيعة قائلاً: ( انه كان في النجف الأشرف من تلامذة الحجّة المؤسس المولى علي النهاوندي وفي سامراء من تلامذة المجدد الشيرازي، ثم اختص بالحجة السيد اسماعيل الصدر، وفي حدود سنة 1318 هـ عاد إلى مشهد الرضا ( عليه السلام ) واستقر فيه وحاز مكانة سامية مع ما كان له من حظ وافر من العلم مقروناً بالتقى والصلاح ) ومن تلامذته المعروفين الفقيه الكبير الشيخ محمد رضا آل ياسين (قدس سرّه ).
وأسرة سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) ــ التي هي من الاسر العلوية الحسينية ــ كانت تقطن مدينة (اصفهان) في القرن الحادي عشر الهجري ، ومن ابرز اعلامها يومذاك الفيلسوف الشهير ( محمد باقر الداماد ) صاحب كتاب القبسات، ومن أحفاده العلم الكبير ( السيد محمد ) الذي عيّن في منصب ( شيخ الاسلام ) في بلاد ( سيستان ) في زمن السلطان حسين الصفوي فانتقل اليها وسكنها هو وذريته من بعده، وأول من هاجر منهم إلى مشهد الرضا (ع) هو المرحوم( السيد علي ) المار ذكره، حيث استقرّ فيه برهة من الزمن في مدرسة المرحوم الملا محمد باقر السبزواري ومن ثمّ هاجر الى النجف الأشرف لاكمال دراسته ثم الى سامراء المقدسة للغرض نفسه.
وقد نشأ سيدنا ( دام ظلّه ) في مسقط رأسه المشهد الرضوي نشأة عالية فتدرج في الأوليات والمقدمات ، حيث بدأ وهو في الخامسة من عمره بتعلم القرآن الكريم ثم دخل مدرسة دار التعليم الديني لتعلم القراء والكتابة ونحوهما ، فتخرج من هذه المدرسة وقد تعلم أثناء ذلك فن الخط من استاذه ( الميرزا علي اقا ظالم ).وفي أوائل عام (1360 هـ.ق) بدأ بتوجيه من والده بقراءة مقدمات العلوم الحوزوية ، فأتم قراءة جملة من الكتب الأدبية كشرح الألفية للسيوطي والمغني لابن هشام والمطول للتفتازاني ومقامات الحريري وشرح النظام عند المرحوم الاديب النيشابوري وغيره من أساتذة الفن، وقرأ شرح اللمعة والقوانين عند المرحوم السيد احمد اليزدي المعروف بـ (نهنگ ) وقرأ جملة من السطوح العالية كالمكاسب والرسائل والكفاية عند آية الله الميرزا هاشم القزويني، وقرأ جملة من الكتب الفلسفية كشرح منظومة السبزواري وشرح الاشراق والاسفار عند المرحوم الايسي، وقرأ شوارق الالهام عند المرحوم آية الله الشيخ مجتبى القزويني ، وحضر في المعارف الالهية دروس آية الله المرحوم الميرزا مهدي الاصفهاني المتوفى أواخر سنة (1365 هـ . ق) كما حضر بحوث الخارج لآية الله الميرزا مهدي الآشتياني صاحب التعليقة على شرح المنظومة وآية الله المرحوم الميرزا هاشم القزويني (قدّس سرهما).
وفي أواخر عام 1368 هـ انتقل الى الحوزة العلمية الدينية في قم المقدسة فحضر بحوث المرجع الكبير السيد حسين الطباطبائي البروجردي في الفقه والاصول، وتلقى عنه الكثير من خبرته الفقهية ونظرياته في علم الرجال والحديث، كما حضر درس الفقيه الكبير السيد محمد الحجّة الكوهكمري(قدّس سرّه).
وخلال مدّة اقامته في قم راسل العلاّمة المرحوم السيد علي البهبهاني عالم الأهواز الشهير ومن اتباع مدرسة المحقق الطهراني، وكان موضوع المراسلات بعض مسائل القبلة حيث ناقش سيدنا الأستاذ (مدّ ظلّه) بعض نظريات المحقق الطهراني ووقف السيد البهبهاني موقف المدافع عنها ، وبعد تبادل عدّة رسائل كتب المرحوم السيد البهباني لسيدنا الأستاذ (دام ظلّه) رسالة مؤرخة في ( 7/ رجب /1370 هـ ) ــ وهو شاب في الواحدة والعشرين من العمر ــ يثني فيها على مهارته العلمية واصفاً اياه بـ (عمدة العلماء المحققين ونخبة الفقهاء المدققين) وموكّلا ﱟ تكميل البحث إلى حين اللقاء به عند التشرّف بزيارة الإمام الرضا (عليه السلام ).
وفي أوائل عام (1371 هـ ) غادر سيدنا الأستاذ ( مدّ ظلّه ) مدينة قم متجهاً إلى موئل العلم والفضل للحوزات العلمية النجف الأشرف، فوصل كربلاء المقدسة في ذكرى أربعين الامام الحسين ( عليه السلام ) ثمّ توجّه إلى النجف الأشرف فسكن ( مدرسة البخارائي العلمية )، وحضر البحوث الفقهية والاصولية للعلمين الكبيرين السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي (قدّس سرّه ) والشيخ حسين الحلّي (قدّس سرّه ) ولازمهما مدّة طويلة ، وحضر خلال ذلك ايضاً بحوث بعض الأعلام الآخرين منهم السيد الحكيم (قدّس سرّه ) والسيد الشاهرودي (قدّس سرّه ).
نبوغه العلمي
لقد برز السيد السيستاني ( دام ظلّه ) في بحوث اساتذته بتفوق بالغ على اقرانه وذلك في قوّة الإشكال وسرعة البديهة وكثرة التحقيق والتتبع ومواصلة النشاط العلمي وإلمامه بكثير من النظريات في مختلف الحقول العلمية الحوزوية، ومما يشهد على ذلك أنه منح من بين زملاه واقرانه في عام 1380 هـ وهو في الحادية والثلاثين من عمره ـ ( شهادة الاجتهاد المطلق ) من قبل استاذيه السيد الخوئي (قدّس سرّه ) والشيخ الحلي (قدّس سرّه ) ولم يمنح السيد الخوئي شهادة الاجتهاد الإّ لنادرٍ من تلامذته منهم سيدنا الأستاذ وآية الله الشيخ علي الفلسفي من مشاهير علماء مشهد المقدسة كما لم يمنح الشيخ الحلي اجازة الاجتهاد المطلق لغيره ( دام ظلّه ) وقد كتب له ايضاً شيخ محدّثي عصره العلاّمة الشيخ آغا برزك الطهراني (قدّس سرّه ) شهادة يطري فيها على مهارته في علمي الرجال والحديث وهي مؤرخة كذلك في عام 1380 هـ.
عطاؤه الفكري وتأليفاته
اشتغل سيدنا الأستاذ (دام ظلّه) من أوائل عام 1381 هـ بإلقاء محاضراته (البحث الخارج) في الفقه في ضوء مكاسب الشيخ الأعظم الأنصاري، وأعقبه بشرح العروة الوثقى ، فتمّ له منه شرح كتاب الطهارة وأكثر كتاب الصلاة وقسم من كتاب الخمس وتمام كتاب الصوم والاعتكاف ثم شرع في شرح كتاب الزكاة.
وقد كانت له محاضرات فقهية اخرى خلال هذه السنوات تناولت كتاب القضاء وابحاث الربا وقاعدة الإلزام وقاعدة التقية وغيرهما من القواعد الفقهية،كما كانت له محاضرات رجالية شملت حجية مراسيل ابن ابي عمير وشرح مشيخة التهذيبين وغيرهما.
وابتدأ ( دام ظلّه ) بإلقاء محاضراته في علم الأصول من شعبان عام (1384 هـ ) وقد أكمل دورته الثالثة في شعبان عام ( 1411 هـ ) ، ويوجد تسجيل صوتي لجميع محاضراته الفقهية والأصولية من عام 1397 هـ وإلى اليوم.
وقد خرّج بحثه الشريف عدّة من الفضلاء البارزين وبعضهم من أساتذة البحث الخارج : كالعلاّمة الشيخ مهدي مرواريد ، والعلاّمة السيد مرتضى المهري والعلاّمة المرحوم السيد حبيب حسينيان والعلاّمة السيد أحمد المددي والعلاّمة الشيخ مصطفى الهرندي والعلاّمة السيد هاشم الهاشمي وغيرهم من أفاضل أساتذة الحوزات العلمية.
وضمن اشتغال سماحته ( دام ظلّه ) بالدرس والبحث خلال هذه المدّة كان مهتمّاً بتأليف كتب مهمّة وجملة من الرسائل بالإضافة إلى ما كتبه من تقريرات بحوث اساتذته فقه وأصولاً، وسيأتي ذكر جملة منها في موضع آخر.
منهجه في البحث والتدريس
وهو منهج متميز على مناهج كثير من أساتذة الحوزة وأرباب البحث الخارج فعلى صعيد الأصول يتجلّى منهجه بعدّة خصائص :
أ- التحدث عن تأريخ البحث ومعرفة جذوره التي ربما تكون فلسفية كمسالة بساطة المشتق وتركيبه أو عقائدية وسياسية كبحث التعادل والتراجح الذي أوضح فيه أن قضية اختلاف الأحاديث فرضتها الصراعات الفكرية العقائدية آنذاك والظروف السياسية التي احاطت بالأئمة( عليهم السلام ) ومن الواضح أن الإطّلاع على تأريخ البحث يكشف عن زوايا المسألة ويوصلنا إلى واقع الآراء المطروحة فيها .
ب- الربط بين الفكر الحوزوي والثقافات المعاصرة ففي بحثه حول المعنى الحرفي في بيان الفارق بينه وبين المعنى الاسمي وهل هو فارق ذاتي ام لحاظي؟
اختار اتجاه صاحب الكفاية في أن الفرق باللحاظ لكن بناه على النظرية الفلسفية الحديثة وهي نظرية التكثر الادراكي في فعالية الذهن البشري وخلاقيته، فيمكن للذهن تصور مطلب واحد بصورتين: تارة بصورة الاستقلال والوضوح فيعبر عنه بالاسم وتارة بالآلية والانكماش ويعبر عنه بالحرف.
وعندما دخل في بحث المشتق في النزاع الدائر بين العلماء حول اسم الزمان، تحدّث عن الزمان بنظرة فلسفية جديدة وهي انتزاع الزمان من المكان (زمكان) بلحاظ تعاقب النور والظلام ، وفي بحثه حول مدلول صيغة الأمر ومادته وبحثه في التجري طرح نظرية بعض علماء الاجتماع من أن تقسيم الطلب بامر والتماس وسؤال نتيجة لتدخل صفة الطالب في حقيقة طلبه من كونه عالياً أو مساوياً أو سافلاً.
وكذلك جعل ضابط استحقاق العقوبة عنوان تمرد العبد وطغيانه على المولى مبني على التقسيم الطبقي للمجتمعات البشرية القديمة من وجود موالي وعبيد وعالي وسافل وما أشبه ذلك. فهذه نظرة من رواسب الثقافات السالفة التي تتحدث باللغة الطبقية لا باللغة القانونية المبنية على المصالح الانسانية العامة.
ج- الاهتمام بالأصول المرتبطة بالفقه : ان الطالب الحوزوي يلاحظ في كثير من العلماء اغراقهم واسهابهم في بحوث اصولية لا يعدّ الاسهاب فيها الإّ ترفاً فكريّاً لا ينتج ثمرةً علميةً للفقيه في مسيرته الفقهية كبحثه في الوضع وكونه امراً اعتبارياً أو تكوينياً وأنّه تعهد أو تخصص ، وبحثهم في بيان موضوع العلم وبعض العوارض الذاتية في تعريف الفلاسفة لموضوع العلم وما شاكل ذلك.
ولكن الملاحظ في دروس سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) هو الاغراق وبذل الجهد الشاق في الخروج بمبنى علمي رصين في البحوث الأصولية المرتبطة بعملية الاستنباط كمباحث الاصول العملية والتعادل والتراجح والعام والخاص ، وأمّا البحوث الأخرى التي أشرنا لبعض مسمياتها ، فبحثه فيها إنما هو بمقدار الثمرة العلمية في بحوث أخرى أو الثمرة العملية في الفقه.
د- الابداع والتجديد : هناك كثير من الأساتذة الماهرين في الحوزة لا يملك روح التجديد بل يصب اهتمامه على التعليق فقط والتركيز على جماليات البحث لا على جوهره فيطرح الآراء الموجودة ويعلّق على بعضها ويختار الأقوى في نظره ، الإّ أن سيدنا الأستاذ يختلف في هذا النهج فيحاول الابداع والتجديد إما بصياغة المطلب بصياغة جديدة تتناسب مع الحاجة للبحث كما صنع ذلك عندما دخل بحث استعمال اللفظ في عدة معانٍ حيث بحثه الأصوليون من زاوية الإمكان والاستحالة كبحث عقلي فلسفي لا ثمرة عملية تترتب عليه وبحثه سيدنا الأستاذ من حيث الوقوع وعدمه لانه أقوى دليل على الإمكان، وبحثه كذلك من حيث الاستظهار وعدمه.
وعندما دخل بحث التعادل والتراجح رأى أن سرّ البحث يكمن في علّة اختلاف الأحاديث فإذا بحثنا وحدّدنا أسباب اختلاف النصوص الشرعية انحلّت المشكلة العويصة التي تعترض الفقيه والباحث والمستفيد من نصوص أهل البيت ( عليهم السلام ) وذلك يغنينا عن روايات الترجيح والتخيير كما حملها صاحب الكفاية على الاستحباب .
وهذا البحث تناوله غيره ولكنه بشكل عقلي صرف،أما السيد الأستاذ فإنه حشد فيه الشواهد التأريخية والحديثية وخرج منه بقواعد مهمّة لحلّ الاختلافات وقام بتطبيقها في دروسه الفقهية أيضاً.
هـ - المقارنة بين المدارس المختلفة : ان المعروف عن الكثير من الأساتذة حصر البحث في مدرسة معينة أو اتجاه خاص ولكن السيد السيستاني يقارن بحثه بين فكر مدرسة مشهد وفكر مدرسة قم وفكر مدرسة النجف الأشرف فهو يطرح آراء الميرزا مهدي الاصفهاني (قدّس سرّه) من علماء مشهد وآراء السيد البروجردي (قدّس سرّه ) كتعبير عن فكر مدرسة قم وآراء المحققين الثلاثة ( الشيخ النائيني والشيخ العراقي والشيخ الاصفهاني ) والسيد الخوئي (قدّس سرّه ) والشيخ حسين الحلّي (قدّس سرّه) كمثال لمدرسة النجف الأشرف.
وتعدّد الاتجاهات هذه يوسع امامنا زوايا البحث والرؤيا الواضحة لواقع المطلب العلمي .
وأمّا منهجه الفقهي فله فيه منهج خاص يتميز في تدريس الفقه وطرحه ، ولهذا المنهج عدّة ملامح :
1- المقارنة بين فقه الشيعة وفقه غيرهم من المذاهب الاسلامية الأخرى ، فإنّ الإطّلاع على الفكر الفقهي السني المعاصر لزمان النص كالاطلاع على موطأ مالك واخراج ابي يوسف وآراء الفقهاء الآخرين يوضّح أمامنا مقاصد الأئمة ( عليهم السلام ) ونظرهم حين طرح النصوص.
2- الاستفادة من علم القانون الحديث في بعض المواضع الفقهية كمراجعته للقانون العراقي والمصري والفرنسي عند بحثه في كتاب البيع والخيارات ، والاحاطة بالفكر القانوني المعاصر تزوّد الإنسان خبرة قانونية يستعين بها على تحليل القواعد الفقهية وتوسعة مداركها وموارد تطبيقها .
3- التجديد في الأطروحة : إنّ معظم علمائنا الأعلام يتلقون بعض القواعد الفقهية بنفس الصياغة التي طرحها السابقون ولا يزيدون في البحث فيها الإّ عن صلاحية المدرك لها أو عدمه ووجود مدرك آخر وعدمه ، أما السيد السيستاني فإنّه يحاول الإهتمام في بعض القواعد الفقهية بتغيير الصياغة ، مثلاً بالنسبة لقاعدة الإلزام التي يفهمها بعض الفقهاء من الزاوية المصلحية بمعنى أنّ للمسلم المؤمن الاستفادة في تحقيق بعض رغباته الشخصية من بعض القوانين للمذاهب الأخرى وإن كان مذهبه لا يقرّه ، يطرحه السيد السيستاني على أساس الاحترام ويسميّها بقاعدة الاحترام أي احترام آراء الآخرين وقوانينهم ، وانطلاقه من حريّة الرأي وهي على سياق ( لكلّ قوم نكاح ) و (نكاح أهل الشرك جائز ) وكذلك بالنسبة الى قاعدة التزاحم التي يطرحها الفقهاء والأصوليون كقاعدة عقلية أو عقلائية صرفة يدخلها السيد الأستاذ تحت قاعدة الاضطرار التي هي قاعدة شرعية اشارت لها النصوص نحو ( ما من شيء حرّمه الله الإّ وقد أحلّه لمن اضطر إليه ) فإنّ مؤدى قاعدة الاضطرار هو مؤدى قاعدة التزاحم بضميمة متمم الجعل التطبيقي .
وأحياناً يقوم بتوسعة القاعدة كما في قاعدة ( لا تعاد ) حيث خصّها الفقهاء بالصلاة لورود النص في ذلك بينما السيد السيستاني جعل صدر الرواية المتضمن لقوله (ع) : ( لا تعاد الصلاة إلا ّ من خمسة ) مصداقاً لكبرى أخرى تعمّ الصلاة وغيرها من الواجبات ، وهذه الكبرى موجودة في ذيل النص ( ولا تنقض السنّة الفريضة)، فالمناط هو تقديم الفريضة على السنّة في الصلاة وغيرها ، ومن مصاديق هذا التقديم هو تقديم الوقت والقبلة ...الخ على غيرها من أجزاء الصلاة وشرائطها لأنّ الوقت والقبلة من الفرائض لا من السنن .
4- النظرة الاجتماعية للنص : إنّ من الفقهاء من هو حرفي الفهم بمعنى أنّه جامد على حدود حروف النص من دون محاولة التصرف في سعة دلالات النص وهناك من الفقهاء من يقرأ أجواء النص والظروف المحيطة به ليتعرف على سائر الملابسات التي تؤثر على دلالته ، فمثلاً في ما ورد من أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله ) حرّم أكل لحم الحمر الأهلية يوم خيبر ، أخذنا بالفهم الحرفي لقلنا بالحرمة أو الكراهة لأكل لحم الحمر الاهلية ولو اتبعنا الفهم الاجتماعي لرأينا أنّ النص ناظر لظروف حرجة وهي ظروف الحرب مع اليهود في خيبر والحرب تحتاج لنقل السلاح والمؤنة ولم تكن هناك وسائل نقل إلاّ الدواب ومنها الحمير ، فالنهي في الواقع نهي إداري لمصلحة موضوعية اقتضتها الظروف آنذاك ولا يستفاد منه تشريع الحرمة ولا الكراهة ، وسيدنا الأستاذ من النمط الثاني من العلماء في التعامل مع النص.
5- توفير الخبرة بمواد الاستنباط : إنّ السيد السيستاني يركّز دائماً على انّ الفقيه لا يكون فقيهاً بالمعنى الأتم حتى يتوفر لديه خبرة وافية بكلام العرب وخطبهم واشعارهم ومجازاتهم كي يكون قادراً على تشخيص ظهور النص تشخيصاً موضوعيّا لا ذاتيا وأن يكون على اطلاع تام بكتب اللغة وأحوال مؤلفيها ومناهج الكتابة فيها فإنّ ذلك دخيل في الاعتماد على قول اللغوي أو عدم الاعتماد عليه وأن يكون على احاطة باحاديث أهل البيت ( عليهم السلام ) ورواتها بالتفصيل ، فإنّ علم الرجال فن ضروري للمجتهد لتحصيل الوثوق الموضوعي التام بصلاحية المدرك ، وله آراء خاصّة يخالف بها المشهور في هذا العصر مثلاً ما اشتهر من عدم الاعتداد بقدح اين الغضائري اما لكثرة قدحه أو لعدم ثبوت نسبة الكتاب إليه مما لا يرتضيه سيدا الأستاذ بل يرى ثبوت الكتاب وان ابن الغضائري هو المعتمد في مقام الجرح والتعديل اكثر من النجاشي والشيخ وامثالهما ويرى الاعتماد على منهج الطبقات في تعيين الراوي وتوثيقه ومعرفة كون الحديث مسنداً أو مرسلاً على ما قرّره السيد البروجردي (قدّس سرّه ).
ويرى أيضاً ضرورة الإلمام بكتب الحديث واختلاف النسخ ومعرفة حال المؤلف من حيث الضبط والتثبت ومنهج التأليف ، وأما ما يشاع في هذا المجال من كون الصدوق اضبط من الشيخ فلا يرتضيه، بل يرى الشيخ ناقلاً أميناً لما وجده من الكتب الحاضرة عنده بقرائن يستند اليها.
فهذه الجهات الخبرية قد لا يعتمد عليها كثير من الفقهاء في مقام الاستنباط بل يكتفي بعضهم بالظهور الشخصي من دون أن يجمع القرائن المختلفة لتحقيق الظهور الموضوعي بل قد يعتمد على كلام بعض اللغويين بدون التحقيق في المؤلف ومنهج التأليف ولا يكون لبعض آخر أي رصيد في علم الرجال والخبرة بكتب الحديث.
معالم شخصيته
إنّ من يعاشر السيد السيستاني ( دام ظلّه ) ويتصل به يرى فيه شخصية فذّة تتمتع بالخصائص الروحية والمثالية التي حثّ عليها أهل البيت ( عليهم السلام) والتي تجعل منه ومن امثاله من العلماء المخلصين مظهراً جليّاً لكلمة ( عالم رباني ) وقوله ( عليه السلام ) ( مجاري الامور بيد العلماء امناء الله على حلاله وحرامه ) ومن أجل وضع النقاط على الحروف اطرح بعض المعالم الفاضلة التي رأيتها بنفسي عند اتصالي به درساً ومعاشرة :
ﺃ- الانصاف واحترام الرأي : فان السيد السيستاني انطلاقاً من عشق العلم والمعرفة ورغبة في الوصول إلى الحقيقة وتقديساً لحرية الرأي والكلمة البناءة تجده كثير القراءة والتتبع للكتب والبحوث ومعرفة الآراء حتى آراء بعض العلماء من غير اساتذته أو آراء بعض المغمورين في خضم الحوزة العلمية فتراه بعض الاحيان قد يشير في بحثه لرأي لطيف لأحد الأفاضل مع أنه ليس من أساتذته كالشيخ محمد رضا المظفر في كتابه اصول الفقه، فطرح هذه الآراء ومناقشتها مع أنها لم تصدر من اساطين اساتذته يمثل لنا صورة حيّة من صور الانصاف واحترام آراء الآخرين .
ب- الأدب في الحوار : ان بحوث النجف معروفة بالحوار الساخن بين الزملاء او الأستاذ وتلميذه وذلك مما يصقل ثقافة الطالب وقوته العلمية وأحياناً قد يكون الحوار جدلاً فارغاً لا يوصل لهدف علمي بل مضمونه ابراز العضلات في الجدل وقوة المعارضة وذلك ما يستهلك وقت الطالب الطموح ويبعده عن الجو الروحي للعلم والمذاكرة ويتركه يحوم في حلقة عقيمة دون الوصول للهدف، أما بحث السيد السيستاني (دام ظلّه) فإنّه بعيد كل البعد عن الجدل واساليب الإسكات والتوهين فهو في النقاش مع أساتذته وآراء الآخرين يستخدم الكلمات المؤدبة التي تحفظ مقام العلماء وعظمتهم حتى ولو كان الرأي المطروح واضح الضعف والاندفاع ، وفي اجابته لاستفهامات الطالب يتحدث بانفتاح وبروح الارشاد والتوجيه ولو صرف التلميذ الحوار الهادف إلى الجدل الفارغ عن المحتوى فان السيد السيستاني يحاول تكرار الجواب بصورة علمية ومع اصرار الطالب فان السيد الأستاذ حينئذ يفضل السكوت على الكلام.
ج ـ خلق التربية : التدريس ليس وظيفة رسمية او روتينية يمارسها الأستاذ في مقابل مقدار من المال ، فإن هذه النظرة تبعد المدرس عن تقويم التلميذ والعناية بتربيته والصعود بمستواه العلمي للتفوق والظهور، كما أن التدريس لا يقتصر على التربية العلمية في محاولة الترشيد التربوي لمسيرة الطالب بل التدريس رسالة خطيرة تحتاج مزاولتها لروح الحب والإشفاق على الطالب وحثّه نحو العلم وآداب العلم ايضاً وإذا كان يحصل في الحوزة أو غيرها احياناً رجال لا يخلصون لمسؤولية التدريس والتعليم فإن في الحوزات أساتذة مخلصين يرون التدريس رسالة ساوية لابدّ من مزاولتها بروح المحبّة والعناية التامة بمسيرة التلميذ العلمية والعملية ، وقد كان الإمام الحكيم (قدّس سرّه) مضرب المثل في خلقه التربوي لتلامذته وطلاّبه وكما كانت علاقة الإمام الخوئي (قدّس سرّه) بتلامذته فقد رأيت هذا الخلق متجسّداً في شخصية السيد السيستاني (دام ظلّه ) فهو يحثّ دائماً بعد الدرس على سؤاله ونقاشه فيقول : اسألوا ولو على رقم الصفحة لبحث معين او اسم كتاب معين حتى تعتادوا على حوار الأستاذ والصلة العلمية به وكان يدفعنا لمقارنة بحثه مع البحوث المطبوعة والوقوف عند نقاط الضعف والقوة وكان يؤكد دائماً على احترام العلماء والالتزام بالأدب في نقاش أقوالهم ويتحدث عن أساتذته بروحية وهمّة عالية وأمثال ذلك من شواهد الخلق الرفيع .
د – الورع : إنّ هناك ظاهرة جليّة في كثير من العلماء والأعاظم وهي ظاهرة البعد عن مواقع الضوضاء والفتن وربما يعتبر هذا البعد عن البعض موقفاً سلبيّاً لأنه هروب من مواجهة الواقع وتسجيل الموقف الصريح المرضي للشرع المقدس ولكنه عند التامل يظهر بانه موقف ايجابي وضروري احياناً للمصلحة العامة ومواجهة الواقع وتسجيل الموقف الشرعي يحتاج لظروف موضوعية وارضية صالحة تتفاعل مع هذا الموقف ، فلو وقعت في الساحة الإسلامية أو المجتمع الحوزوي إثارات وملابسات بحيث تؤدي لطمس بعض المفاهيم الأساسية في الشريعة الإسلامية وجب على العلماء بالدرجة الاولى التصدي لإزاحة الشبهات وابراز الحقائق الناصعة فإذا ظهرت البدع وجب على العالم أن يظهر علمه فإن لم يفعل سلب منه نور الإيمان ، كما جاء في الحديث .
ولكن لو كان مسار الفتنة مساراً شخصياً وجواً مفعماً بالمزايدات والتعصبات العرقية والشخصية لمرجع معيّن أو خط معيّن او كانت الأجواء تعيش حرباً دعائية مؤججة بنار الحقد والحسد المتبادل فإنّ علماء الحوزة ومنهم السيد السيستاني ( دام ظلّه ) يلتزمون دوماً الصمت والوقار والبعد عن هذه الضوضاء الصاخبة وما يحدث غالباً من التنافس على الألقاب والمناصب والاختلافات الجزئية كما هو الحال في يومنا الحاضر ، هذا مضافاً لزهده المتمثّل في لباسه المتواضع ومسكنه الصغير الذي لا يملكه وأثاثه البسيط.
هـ ـ الإنتاج الفكري: السيد السيستاني ليس فقيهاً فقط بل هو رجل مثقّف مطّلع على الثقافات المعاصرة ومتفتح على الأفكار الحضارية المختلفة ويمتلك الرؤية الثاقبة في المسيرة العالمية في المجال الاقتصادي والسياسي وعنده نظرات إدارية جيدة وأفكاراً إجتماعية مواكبة للتطور الملحوظ واستيعاب للأوضاع المعاصرة بحيث تكون الفتوى في نظره طريقاً صالحاً للخير في المجتمع المسلم.
إمامته في الصلاة
كان سيدنا الأستاذ (مدّ ظلّه ) في عيادة استاذه المرحوم الإمام الخوئي ( قدّس سرّه )في (29/ ربيع الآخر / 1409 هـ ) لوعكة صحية ألمّت به فطلب منه أن يقيم صلاة الجماعة في محرابه في جامع الخضراء فلم يوافق على ذلك في البداية فألحّ عليه في الطلب وقال له ( لو كنت احكم كما كان يفعل ذلك المرحوم الحاج آقا حسين القمّي لحكمت عليكم بلزوم القبول ) فاستمهله بضعة أيّام وفي نهاية الأمر استجاب لطلبه وأمّ المصلين من يوم الجمعة (5/ جمادى الأولى / 1409 هـ ) إلى الجمعة الأخيرة من ذي الحجّة عام 1414 هـ حيث أغلق الجامع من قبل السلطة كما سيأتي .
مسيرته الجهادية
كان النظام البعثي يسعى بكل وسيلة للقضاء على الحوزة العلمية في النجف الأشرف منذ السنين الأولى من تسلمه السلطة في العراق ، وقد قام بعمليات تسفير واسعة للعلماء والفضلاء وسائر الطلاب الأجانب، ولاقى سيدنا الأستاذ ( مدّ ظلّه ) عناءاً بالغاً من جرّاء ذلك وكاد ان يسفّر عدّة مرّات وتمّ تسفير مجاميع من تلامذته وطلاّب مجلس درسه في فترات متقاربة ، ثمّ كانت الظروف القاسية جدّاً أيّام الحرب العراقية الإيرانية ، ولكن على الرغم من ذلك فقد أصرّ ( دام ظلّه ) على البقاء في النجف الأشرف وواصل التدريس في حوزته العلمية المقدّسة إيماناً منه بلزوم استمرار المسار الحوزوي المستقل عن الحكومات تفادياً للسلبيات التي تنجم عن تغيير هذا المسار.
وفي عام 1411 هـ عندما قضى النظام على الانتفاضة الشعبانية اعتقل سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) ومعه مجموعة من العلماء كالشهيد الشيخ مرتضى البروجردي والشهيد الميرزا علي الغروي وقد تعرّضوا للضرب والاستجواب القاسي في فندق السلام وفي معسكر الرزازة وفي معتقل الرضوانية إلى أن فرّج الله عنهم ببركة أهل البيت ( عليهم السلام ).
وفي عام 1413 هـ عندما توفي الإمام السيد الخوئي ( رضوان الله عليه ) وتصدّى سيدّنا الأستاذ ( دام ظلّه ) للمرجعية ـ كما سيأتي ـ حاولت سلطات النظام السابق تغيير مسار المرجعية الدينية في النجف الأشرف وبذلت ما في وسعها في الحطّ من موقع السيد الأستاذ ( دام ظلّه ) ومكانته المتميزة بين المراجع وسعت إلى تفرق المؤمنين عنه بأساليب متعدّدة منها إغلاق جامع الخضراء في أواخر ذي الحجّة عام 1414 هـ كما تقدّم .
وعندما وجد النظام أنّ محاولاته قد باءت جميعاً بالفشل خطّط لاغتيال سيدنا الأستاذ وتصفيته ، وقد كشفت وثائق جهاز المخابرات عن عدد من هذه المخطّطات ولكن مكروا ومكر الله والله خير الماكرين .
وهكذا بقي سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) رهين داره منذ أواخر عام 1418 هـ حتى أنّه لم يتشرف بزيارة جدّه الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) طوال هذه الفترة.
وقد تعرّض لضغوط كثيرة من اجهزة النظام وأزلامه ولكنه قاوم جميع الضغوطات إلى أن منّ الله على العراقيين بزوال النظام ونسأله تبارك وتعالى ان يمنّ عليهم بالتحرر من الاحتلال ايضاً.
مرجعيته
في السنوات الاخيرة من حياة سماحة الإمام الخوئي ( رضوان الله عليه ) كان هاجس كثير من الفضلاء في النجف الأشرف وخارجها البحث عمن يصلح ان يخلف الإمام الخوئي ( قدّس سرّه ) في مرجعيته للطائفة الإمامية ليحافظ على كيان الحوزة العلمية واستقلالية المرجعية الدينية ويتحلى بما يلزم توفره في شخص المرجع من مؤهلات علمية وورع وتقوى وحكمة وتدبير.
وقد توجّه أنظار الكثير من الفضلاء إلى سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) وقد اختاره الإمام الخوئي ( قدّس سرّه ) للصلاة في محرابه في جامع الخضراء كما تقدّم فبدأ ينتشر صيته في أوساط العامة بعد ان كان محصوراً في الأوساط العلمية والحوزوية التي عرفته أستاذاً قديراً في البحث الخارج طوال ربع قرن من الزمن .
وعندما التحق الإمام الخوئي بالرفيق الأعلى في (8/ صفر / 1413 هـ ) ارجع اليه في التقليد جمع من العلماء الأعلام يأتي في مقدمتهم سماحة آية الله السيد علي البهشتي (قدّس سرّه ) وسماحة آية الله الشيخ مرتضى البروجردي (قدّس سرّه ) فقلّده كثير من المؤمنين في العراق وايران وبلاد الخليج وباكستان والهند ، وبعد وفاة آية الله العظمى السيد عبد الأعلى السبزواري في (27/ صفر /1414 هـ ) رجع اليه معظم مقلديه في العراق وقسم في خارجه ، وعندما توفي آية الله العظمى السيد محمد رضا الكلبايكاني (قدّس سرّه ) في (24 / جمادي الآخرة / 1414 هـ ) عمّ تقليد سيدّنا الأستاذ (دام ظلّه ) وبشكل سريع مختلف الأقطار الإسلامية ورجع إليه معظم المؤمنين في العراق والاحساء والقطيف وايران ولبنان ودول الخليج وباكستان والهند والمغتربين في اوربا والامريكيتين واستراليا وغيرهم، وقد توسع الرجوع إليه أكثر فأكثر بعد وفاة آية الله العظمى الشيخ محمد علي الأراكي (قدّس سرّه ) وآية الله العظمى السيد محمد الروحاني (قدّس سرّه )، فسيدنا الأستاذ (دام ظلّه ) ــ اليوم ــ هو المرجع الأعلى للطائفة الإمامية، أدام ظلّه السامي ونفع بوجوده الإسلام والمسلمين . رجوع