السؤال: هل يجوز للصائم وضع قطرة الانف ؟
الجواب: يجوز اذا وثقت بأنه لا ينزل الجوف.
السؤال: إضطررت في شهر رمضان الذهاب إلى الطبيب وقد وضع في أنفي دواء وبعد فترة أحسست بطعم الدواء في البلعوم ، فهل يجب عليّ قضاء صوم هذا اليوم ؟
الجواب: لا يجب وان تعدى شيء من ذلك الى الحلق من غير قصد ولا علم بانه يتعدى قهراً.
السؤال: ما هو حكم صلاة وصيام المريض الداخل في غيبوبة؟
الجواب: اذا كان مغمى عليه في تمام وقت الصلاة لم يجب عليه قضاؤها الا اذا كان الاغماء بفعله فانه يلزمه القضاء عندئذٍ على الأحوط وكذلك لا يجب قضاء ما يفوت من الصيام بسبب الاغماء.
السؤال: اذا صام المكلف معتقداً بتضرره منه ثم تبين انه كان مخطئا فهل يحكم بصحة صومه ؟
الجواب: نعم اذا توفر لديه قصد القربة كما اذا كان جاهلاً بان المريض ممن لا يشرع في حقه الصيام فصام قربة الى الله تعالى ، وأما من يقطع بعدم مشروعية الصوم في حقّه فلا يمكنه ان ينوي التقرب بصيامه فيبطل من هذه الجهة .
السؤال: اذا صام المكلف باعتقاد عدم تضرره به صحياً ثم اتضح له بعد اكمال الصيام انه كان على خطا وانه تضرر من جرائه فهل يجتزئ بصيامه ؟
الجواب: لا يجتزئ به على الأحوط لزوماً ، فلا يترك الاحتياط بالقضاء .
السؤال: عندما بلغت سن التكليف كنت مريضة بمرض يتعذر به الصوم بسبب العلاج وبقيت لسنين أربعة على هذا العلاج وبدون صيام وانا الآن ما زلت مريضة ولكني استطيع تحمل المرض أثناء الصيام فما هو حكم ما سبق من الاشهر التي لم اصمها في رمضان وهل يجب علي الكفارة فقط ام القضاء ايضاً وما هو حكم صيامي الآن؟
الجواب: اذا استمر المرض الى شهر رمضان القادم سقط القضاء وتتصدق عن كل يوم بمقدار ٧٥٠ غراماً من الطعام كالحنطة والخبز واذا كان الصوم يضرك فعلاً فعليك الافطار والفدية أيضاً اذا استمر مرضك الى شهر رمضان الآتي.
السؤال: اذا صام شخص ثم افطر لمرضه ثم دفع الكفارة فهل عليه القضاء اذا وجد نفسه قادراً يوماً ما؟
الجواب: اذا أستمر مرضه الى شهر رمضان التالي سقط عنه القضاء ووجبت عليه الفدية وأن لم يستمر مرضه أوجب عليه القضاء فقط فأن لم يقض حتى مضت السنة وجبت الفدية ويكفي فيها اطعام مسكيناً واحد ٧٥٠ غراماً حنطة عن كل يوم.
السؤال: هل يجوز الافطار في شهر رمضان اذا حدثت لي نوبة لهبوط السكر مع العلم ان النوبة قد تسبب اغماء او مضاعفات اخرى بسبب اخذ الانسلين. فما يجب علي فعله اذا حدثت لي النوبة في نهار رمضان. وما حكم اخذ الانسلين في النهار؟
الجواب: يجوز لك الافطار في هذه الحالة وأخذ الانسلين لا يكون مفطراً.
السؤال: لدي سؤال حول إستخدام جهاز (السونار) في نهار شهر رمضان هل هو مفطر أم لا؟
الجواب: لا يوجب بطلان الصوم ما لم يكن ملطخاً بمواد طبية تسهل عملية الادخال او لغير ذلك فيبطل الصوم من هذه الجهة.
السؤال: المرأة التي لن تستطيع صوم شهر رمضان بسبب مرض السكري ماذا يجب عليها؟
الجواب: إذا استمر بها المرض حتى شهر رمضان القادم كفاها أن تفدي عن كل يوم ٧٥٠ غراماً حنطة ولا يجب القضاء.
السؤال: اذا سافر المريض في شهر رمضان فهل تسقط عنه الفدية اذا استمر به المرض الى شهر رمضان ثانٍ فلم يتمكن من القضاء ؟
الجواب: لا تسقط .
السؤال: هل يجوز للمريض الذي يطمئن باستمرار مرضه أو شك أن يخرج الفدية فوراً قبل شهر رمضان؟
الجواب: لا يجزي اخراجها إلا بعد استمرار المرض إلى زمان لا يمكنه الصوم ولا قضاؤه .
السؤال: هل يجوز الصوم مع ظن الضرر ؟
الجواب: لا يصح إذا كان الضرر مما لا يتحمل عادة وإذا كان موجباً للموت ونحوه فالصوم حرام .
السؤال: ما هو حكم من ذهب الى طبيب الاسنان و هو صائم؟
الجواب: صومه صحيح ما لم يكن قد بلع الدم او الدواء متعمداً.
السؤال: هل الفحص الطبي الداخلي للمرأة في شهر رمضان يعتبر من المفطرات ؟
الجواب: لا يفطر .
السؤال: الناظور إذا ادخله الانسان إلى معدته في نهار الصوم وكان يمكن ان يستعمله ليلاً ، فهل عليه الكفارة إذا كان يجهل بمفطريته ؟
الجواب: إذا كان واثقاً من عدم بطلان صومه بدخول المادة التي يمرّغ بها الناظور عند ادخاله في المعدة فلا كفارة عليه .
السؤال: هل ان دخول جهاز تصوير الاعضاء الداخلية من البدن من خلال الفم الى الداخل وخروجه يضر بالصوم ؟
الجواب: لا يوجب بطلان الصوم مالم يكن ملطخاً بمواد طبية تسهل عملية الادخال او لغير ذلك فيبطل الصوم من هذه الجهة .
السؤال: مرضي التهاب القولون والحصي والرمل في الكلى او المثانة ما حكم صيامهم ؟
الجواب: اذا كان الصوم يضّر بهم او يٌخاف منه الضرر افطروا.
السؤال: هل يجوز ان اذهب الى الدكتورة وانا صائمة وتقوم بالفحص الداخلي ؟
الجواب: يجوز ولا يؤثر على الصوم.
السؤال: هل يجوز تناول دواء خاص بمريض خلال وقت الصيام علما ان الحبة تكون شبه يومية وبدونها لا يستطيع الصائم من اكمال صيامه ؟
الجواب: يجوز ولكن يبطل صومه فان لم يتمكن القضاء طول السنة دفع الفدية بعد وصول رمضان في السنة الاتية ويكفي دفع ٧٥٠ غراما من طحين او تمر عن كل يوم لمسكين واحد .
السؤال: هل المصاب بالحساسية في الانف يصح صيامه ؟
الجواب: نعم يصح.
السؤال: والدتي تعاني من المعدة تقول بانها تحس بانها لا تستطيع الصوم فهي لا تقدر على الجوع ولا على الشبع فهل تصوم او لا؟
الجواب: تفطر ان كان الصوم يضر بها او يوجب حرجاً لا تتحمله.
السؤال: هل علاج الاسنان عند الطبيب اثناء صيام شهر رمضان مبطل للصوم ام لا؟ اي استخدام مواد طبية وماء للتنظيف؟
الجواب: لا يبطل اذا لم ينزل شيء في الجوف.
السؤال: امراة مريضة بعجز القلب والذبحة الصدرية وامراض اخرى هل يجب عليها الصوم وهل عليها كفارة وما هو مقدارها؟
الجواب: لا يجب بل ربما يحرم ان كان يضر ضرراً خطيراً وتدفع الفدية بعد حلول رمضان من السنة الاتية وهي اطعام مسكين واحد عن كل يوم ويكفي ٧٥٠ غراماً من طحين او تمر.
السؤال: انا مريضة جداً وجسمي ضعيف جداً ولا اتحمل الصيام وانا اتعالج واحتاج الادوية ولا استطيع صيام شهر رمضان هل يجوز لي الافطار وقضائه فيما بعد ان شاء الله وهل يجب علي شيء آخر غير الصيام ؟
الجواب: يجوز الافطار ان كان الصوم يضر بك او يوجب حرجاً شديداً لا تتحملينه وعليك القضاء طول السنة ان امكن فان وصل رمضان آخر ولم تتمكني من القضاء بسبب المرض سقط القضاء ووجبت الفدية ويكفي دفع ٧٥٠ غراماً من طحين او تمر او خبز لفقير واحد عن كل يوم.
السؤال: مرضت قبل ثلاث سنوات ونمت في المستشفى في شهر رمضان تسعة ايام بسبب مرض فقر الدم ولم اصم هذه الايام حتى الان ماذا يجب علي ان افعل؟
الجواب: عليك القضاء وكفارة التأخير اطعام مسكين واحد تدفع له عن كل يوم ٧٥٠ غراماً طحين او تمر او ارز ونحوها.
السؤال: ما هو المعذور من الصيام بخصوص مرضى القلب , القرحة , داء الشقيقة , ضغظ الدم؟
الجواب: المناط ان يضر به الصوم او يوجب حرجاً شديداً لا يتحمله.
السؤال: ما حكم استمرار المرض للصائم ؟
الجواب: إذا استمر المرض حتى شهر رمضان القادم كفى ان تفدي عن كل يوم ٧٥٠ غراماً حنطة او خبزا ولا يجب القضاء .
السؤال: شخص صام شهر رمضان لهذه السنة وأصيب بمرض أضطره لإفطار(٨) أيام وأكمل صيامه لبقية الأيام بمشقة وحاليا لا يستطيع قضاء تلك الأيام هل يجوز له دفع مد من الطعام عن كل يوم أم يجب عليه قضاؤها ؟
الجواب: اذا كان يضره الصوم او يسبب له حرجا شديدا لا يتحمل عادة واستمر ذلك الى رمضان آخر سقط عنه القضاء ووجبت الفدية ويكفي اطعام مسكين واحد يدفع له عن كل يوم ٧٥٠ غراما من خبز او ارز او طحين او تمر او نحوها ولا يصح صومه في الايام الذي صامها ان كان يضره الصوم واما اذا لم يضره وانما كان يشق عليه فالصوم صحيح وان لم يجب.
السؤال: كم هي كفارة الذي لا يستطيع الصيام بسبب مرض مزمن؟ موجود في موقعكم الموقر بانها ٧٥٠ غراما من الطحين، ولكن هل ٧٥٠ غراما من الطحين كافية لجميع ايام شهر رمضان التي لم يصمها المريض ام يجب ان نضرب الـ ٧٥٠ غراما بعدد ايام شهر رمضان التي لم يصمها المريض؟
الجواب: ٧٥٠ غراما من طعام كالطحين او الارز او التمر او نحو ذلك عن كل يوم فيكون للشهر ٢٢ كيلو ونصف والافضل الضعف اي ٤٥ كيلو.
السؤال: سماحة السيد حفظكم الله اني موظف ولدي مرض الشقيقة (الصداع النصفي) عند صيامي في الاوقات الحارة يزداد الالم الى حد لا استطيع تحمله على الرغم من استخدامي اقوي المسكنات ، هل يمكن لي الصيام في وقت آخر لتعويض الصيام في اوقات الحر وفقكم الله ؟
الجواب: لا يصح الصوم من المريض ، إذا كان يتضرر به ، أو طول برئه ، أو شدة ألمه ، كل ذلك بالمقدار المعتد به الذي لم تجر العادة بتحمل مثله ، ولا فرق بين حصول اليقين بذلك والظن و الاحتمال الموجب لصدق الخوف المستند إلى المناشئ العقلائية ، وكذا لا يصح من الصحيح إذا خاف حدوث المرض ، فضلاً عما إذا علم ذلك ، أما المريض الذي لا يتضرر من الصوم فيجب عليه و يصح منه . واذا استمر المرض حتى شهر رمضان القادم كفي ان تفدي عن كل يوم ٧٥٠ غراما حنطة او خبزا و لا يجب القضاء .
السؤال: مريضة بمرض تقرح القولون فما الحكم في الصيام جزاكم الله خير الجزاء ؟
الجواب: لا يصح الصوم من المريض ، إذا كان يتضرر به لإيجابه شدته ، أو طول برئه ، أو شدة ألمه ، كل ذلك بالمقدار المعتد به الذي لم تجر العادة بتحمل مثله ، و لا فرق بين حصول اليقين بذلك و الظن و الاحتمال الموجب لصدق الخوف المستند إلى المناشيء العقلائية ، و كذا لا يصح من الصحيح إذا خاف حدوث المرض ، فضلاً عما إذا علم ذلك ويجب عليه القضاء بعد برئه من مرضه ولا يجب عليه الكفارة نعم اذا استمر المرض حتى شهر رمضان القادم سقط عنه القضاء ويكفي ان يفدي عن كل يوم ٧٥٠ غراما حنطة او خبزا .
وأما المريض الذي لا يتضرر من الصوم فيجب عليه و يصح منه .
السؤال: ما هو حكم من به داء السكر في صوم شهر رمضان ؟
الجواب: مع خوف الضرر لا يجب عليك الصوم فان تمكنت من القضاء الى رمضان القادم قضيت و الا كان عليك بدل كل يوم فدية ثلاثة ارباع الكيلو غرام من الطعام .
السؤال: ما هو رأي سماحة السيد انني مصاب بمرض تكون الحصي في الكلي المزمن. ونصحني الطبيب الاخصائي بعدم الصوم علما انه معروف بالتزام الديني والاخلاقي. كما في الحالات التالية:
١ ـ رفضت الافطار وصمت على الرغم من المرض لأنه حاليا لا يصيبني بألم قوي، فقط الم خفيف في بداية شهر الصيام؟
٢ ـ الطبيب اعطاني دواء لتخفيف الاضرار مع الصوم وانه لم يعطني الضمان بعدم حصول مضاعفات صحية؟
ملاحظة: اني اري الصوم اصح لي من الافطار.
الجواب: قول الطبيب اذا كان يوجب الظن بالضرر او احتماله الموجب لصدق الخوف جاز لأجله الافطار، حتى وان لم يكن ملزماً.
١ ـ العبرة في جواز الافطار لأجل المرض بخوف الضرر بالمقدار المعتد به الذي لم تجر العادة بتحمل مثله، وان لم يوجب الالم أو شدته فعلاً.
٢ ـ اذا تأتي للمريض تفادي ضرر الصوم باستعمال الدواء من غير ان يكون للدواء مضاعفات صحية سلبية ففي وجوب الصوم عليه وعدمه اشكال.
السؤال: منذ زواجي واول حمل لي اكتشف الاطباء انه لدي مشكلة في القلب تسبب لي بعض المشاكل والتعب فانا مطلوبة صيام هذه السنين التي مرت لم استطيع ان اصوم ما انا مطلوبة من ايام نفاس وحيض في رمضان وبسبب تدهور وضعي الصحي اريد صيام طلبي لكن يؤثر ذلك على صحتي فما حكم ذلك وما علي فعله؟
الجواب: اذا كان الصوم مضراً بالصحّة ضرراً معتداً به بحيث يعدّ اجتنابه أمراً لازماً عند العقلاء نوعاً وقد استمر هذا المرض في كلّ سنة من تلك السنين إلى رمضان اللاّحق بحيث لم يحصل البرء منه خلال السنة لتتمكني من القضاء: فانّ الصوم ساقط ولا يجب عليك إلاّ الفدية وهي مدّ من الطعام عن كلّ يوم. والله العالم.
السؤال: الان اقضي صيام ما في الذمة واثناء فترة الصيام يلزمني صداع شديد ولم استطع تكملة الصيام الا بشق الانفس فاضطررت الى اخذ بندول اكسترا ٢ حبة اثناء الفطور و٢ حبة اثناء السحور لإتمام ما في الذمة وسوف يستمر اخذ هذه الحبوب في شهر رمضان اذ لا يمكنني الصيام بدون المسكنات ولا اعلم مدي تأثير هذه المسكنات على صحة جسمي الان او مستقبلا وعندما اسأل الصيدلي او غبره قسم يقول انه لا ضرر وقسم يعطينا فيه محاذير فماذا تقولون بالنسبة لصيامي وانا في داخلي اتمني الصيام قربة وطاعة لله تعالى علما بان والدتي لديها صداع نصفي ولا اعلم اذا كان عندي صداع نصفي ام لا؟
الجواب: لا يجب الصيام على من يضره ضرراً معتداً به وكذلك الحال لو امكن دفع الضرر باستعمال دواء يخاف ضرره، واما اذا لم يكن يخاف ضرره ففي وجوب الصوم عليه اشكال.
السؤال: اعاني من البواسير وقلة شرب الماء تزيد الحالة سوءا. هل يجوز لي شرب قليل من الماء خلال الصوم فقط دون غير شيء لغرض ان لا تسوء حالتي اكثر؟
الجواب: يجوز الافطار للمريض الذي يتسبب الصوم في شدة مرضه.
السؤال: متى يجوز للمريض الافطار ؟
الجواب: يجوز الافطار للمريض في الحالات التالية:
١ ـ اذا كان الصوم يؤدي الى اصابة الشخص بمرض ما سواء كانت له اعراض فعلية كالحمى والصداع ام لا.
٢ ـ اذا كان الصوم يتسبب في شدة مرضه.
٣ ـ اذا كان الصوم يؤدي الى تأخر شفائه منه.
٤ ـ اذا كان الصوم يؤدي الى اصابته بمرض آخر او الى ظهور اعراض مرضه الحالي او الى زيادتها كالارتفاع في درجة حرارته.
السيرة الذاتية لسماحة السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)
وبعد / لقد أثمر منبر الإمام السيد الخوئي (قدس سرّه ) خلال أكثر من نصف قرن ثماراً عظيمة جليلة هي الأزكى والأفضل عطاءاً على صعيد الفكر الإسلامي وفي مختلف العلوم والقضايا والمواقف الإسلامية المهمّة ، حيث تخرّج من بين يديه مئات العلماء والفضلاء العظام الذين اخذوا على عاتقهم مواصلة مسيرته الفكرية ودربه الحافل بالبذل والعطاء والتضحية لخدمة الإسلام والعلم والمجتمع، ومعظمهم اليوم أساتذة الحوزات العلمية وبالخصوص في النجف الأشرف ومنهم من هو في مستوى الكفاية والجدارة العلمية والاجتماعية التي تؤهله للقيام بمسؤولية التربية والتعليم ورعاية الأمة في يومنا الحاضر.
المزيد
ومن أهم وابرز أولئك العباقرة هو سيدنا الأستاذ آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظلّه ) فهو من أبرز تلامذة الإمام الخوئي الراحل (قدس سرّه ) نبوغاً وعلماً وفضلاً وأهليّةً ، وحديثنا في هذه السطور حول شخصية هذا العلم الكبير موجز في عدّة نقاط :
ولادته ونشاته
ولد سماحته في التاسع من شهر ربيع الأول عام 1349 للهجرة في المشهد الرضوي الشريف في أسرة علمية معروفة ، فوالده هو العالم المقدّس( السيد محمد باقر ) ووالدته هي العلوية الجليلة كريمة العلامة ( المرحوم السيد رضا المهرباني السرابي) وجدّه الادنى هو العالم الجليل ( السيد علي ) الذي ترجم له العلامة الشيخ آغا بزرك في طبقات أعلام الشيعة قائلاً: ( انه كان في النجف الأشرف من تلامذة الحجّة المؤسس المولى علي النهاوندي وفي سامراء من تلامذة المجدد الشيرازي، ثم اختص بالحجة السيد اسماعيل الصدر، وفي حدود سنة 1318 هـ عاد إلى مشهد الرضا ( عليه السلام ) واستقر فيه وحاز مكانة سامية مع ما كان له من حظ وافر من العلم مقروناً بالتقى والصلاح ) ومن تلامذته المعروفين الفقيه الكبير الشيخ محمد رضا آل ياسين (قدس سرّه ).
وأسرة سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) ــ التي هي من الاسر العلوية الحسينية ــ كانت تقطن مدينة (اصفهان) في القرن الحادي عشر الهجري ، ومن ابرز اعلامها يومذاك الفيلسوف الشهير ( محمد باقر الداماد ) صاحب كتاب القبسات، ومن أحفاده العلم الكبير ( السيد محمد ) الذي عيّن في منصب ( شيخ الاسلام ) في بلاد ( سيستان ) في زمن السلطان حسين الصفوي فانتقل اليها وسكنها هو وذريته من بعده، وأول من هاجر منهم إلى مشهد الرضا (ع) هو المرحوم( السيد علي ) المار ذكره، حيث استقرّ فيه برهة من الزمن في مدرسة المرحوم الملا محمد باقر السبزواري ومن ثمّ هاجر الى النجف الأشرف لاكمال دراسته ثم الى سامراء المقدسة للغرض نفسه.
وقد نشأ سيدنا ( دام ظلّه ) في مسقط رأسه المشهد الرضوي نشأة عالية فتدرج في الأوليات والمقدمات ، حيث بدأ وهو في الخامسة من عمره بتعلم القرآن الكريم ثم دخل مدرسة دار التعليم الديني لتعلم القراء والكتابة ونحوهما ، فتخرج من هذه المدرسة وقد تعلم أثناء ذلك فن الخط من استاذه ( الميرزا علي اقا ظالم ).وفي أوائل عام (1360 هـ.ق) بدأ بتوجيه من والده بقراءة مقدمات العلوم الحوزوية ، فأتم قراءة جملة من الكتب الأدبية كشرح الألفية للسيوطي والمغني لابن هشام والمطول للتفتازاني ومقامات الحريري وشرح النظام عند المرحوم الاديب النيشابوري وغيره من أساتذة الفن، وقرأ شرح اللمعة والقوانين عند المرحوم السيد احمد اليزدي المعروف بـ (نهنگ ) وقرأ جملة من السطوح العالية كالمكاسب والرسائل والكفاية عند آية الله الميرزا هاشم القزويني، وقرأ جملة من الكتب الفلسفية كشرح منظومة السبزواري وشرح الاشراق والاسفار عند المرحوم الايسي، وقرأ شوارق الالهام عند المرحوم آية الله الشيخ مجتبى القزويني ، وحضر في المعارف الالهية دروس آية الله المرحوم الميرزا مهدي الاصفهاني المتوفى أواخر سنة (1365 هـ . ق) كما حضر بحوث الخارج لآية الله الميرزا مهدي الآشتياني صاحب التعليقة على شرح المنظومة وآية الله المرحوم الميرزا هاشم القزويني (قدّس سرهما).
وفي أواخر عام 1368 هـ انتقل الى الحوزة العلمية الدينية في قم المقدسة فحضر بحوث المرجع الكبير السيد حسين الطباطبائي البروجردي في الفقه والاصول، وتلقى عنه الكثير من خبرته الفقهية ونظرياته في علم الرجال والحديث، كما حضر درس الفقيه الكبير السيد محمد الحجّة الكوهكمري(قدّس سرّه).
وخلال مدّة اقامته في قم راسل العلاّمة المرحوم السيد علي البهبهاني عالم الأهواز الشهير ومن اتباع مدرسة المحقق الطهراني، وكان موضوع المراسلات بعض مسائل القبلة حيث ناقش سيدنا الأستاذ (مدّ ظلّه) بعض نظريات المحقق الطهراني ووقف السيد البهبهاني موقف المدافع عنها ، وبعد تبادل عدّة رسائل كتب المرحوم السيد البهباني لسيدنا الأستاذ (دام ظلّه) رسالة مؤرخة في ( 7/ رجب /1370 هـ ) ــ وهو شاب في الواحدة والعشرين من العمر ــ يثني فيها على مهارته العلمية واصفاً اياه بـ (عمدة العلماء المحققين ونخبة الفقهاء المدققين) وموكّلا ﱟ تكميل البحث إلى حين اللقاء به عند التشرّف بزيارة الإمام الرضا (عليه السلام ).
وفي أوائل عام (1371 هـ ) غادر سيدنا الأستاذ ( مدّ ظلّه ) مدينة قم متجهاً إلى موئل العلم والفضل للحوزات العلمية النجف الأشرف، فوصل كربلاء المقدسة في ذكرى أربعين الامام الحسين ( عليه السلام ) ثمّ توجّه إلى النجف الأشرف فسكن ( مدرسة البخارائي العلمية )، وحضر البحوث الفقهية والاصولية للعلمين الكبيرين السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي (قدّس سرّه ) والشيخ حسين الحلّي (قدّس سرّه ) ولازمهما مدّة طويلة ، وحضر خلال ذلك ايضاً بحوث بعض الأعلام الآخرين منهم السيد الحكيم (قدّس سرّه ) والسيد الشاهرودي (قدّس سرّه ).
نبوغه العلمي
لقد برز السيد السيستاني ( دام ظلّه ) في بحوث اساتذته بتفوق بالغ على اقرانه وذلك في قوّة الإشكال وسرعة البديهة وكثرة التحقيق والتتبع ومواصلة النشاط العلمي وإلمامه بكثير من النظريات في مختلف الحقول العلمية الحوزوية، ومما يشهد على ذلك أنه منح من بين زملاه واقرانه في عام 1380 هـ وهو في الحادية والثلاثين من عمره ـ ( شهادة الاجتهاد المطلق ) من قبل استاذيه السيد الخوئي (قدّس سرّه ) والشيخ الحلي (قدّس سرّه ) ولم يمنح السيد الخوئي شهادة الاجتهاد الإّ لنادرٍ من تلامذته منهم سيدنا الأستاذ وآية الله الشيخ علي الفلسفي من مشاهير علماء مشهد المقدسة كما لم يمنح الشيخ الحلي اجازة الاجتهاد المطلق لغيره ( دام ظلّه ) وقد كتب له ايضاً شيخ محدّثي عصره العلاّمة الشيخ آغا برزك الطهراني (قدّس سرّه ) شهادة يطري فيها على مهارته في علمي الرجال والحديث وهي مؤرخة كذلك في عام 1380 هـ.
عطاؤه الفكري وتأليفاته
اشتغل سيدنا الأستاذ (دام ظلّه) من أوائل عام 1381 هـ بإلقاء محاضراته (البحث الخارج) في الفقه في ضوء مكاسب الشيخ الأعظم الأنصاري، وأعقبه بشرح العروة الوثقى ، فتمّ له منه شرح كتاب الطهارة وأكثر كتاب الصلاة وقسم من كتاب الخمس وتمام كتاب الصوم والاعتكاف ثم شرع في شرح كتاب الزكاة.
وقد كانت له محاضرات فقهية اخرى خلال هذه السنوات تناولت كتاب القضاء وابحاث الربا وقاعدة الإلزام وقاعدة التقية وغيرهما من القواعد الفقهية،كما كانت له محاضرات رجالية شملت حجية مراسيل ابن ابي عمير وشرح مشيخة التهذيبين وغيرهما.
وابتدأ ( دام ظلّه ) بإلقاء محاضراته في علم الأصول من شعبان عام (1384 هـ ) وقد أكمل دورته الثالثة في شعبان عام ( 1411 هـ ) ، ويوجد تسجيل صوتي لجميع محاضراته الفقهية والأصولية من عام 1397 هـ وإلى اليوم.
وقد خرّج بحثه الشريف عدّة من الفضلاء البارزين وبعضهم من أساتذة البحث الخارج : كالعلاّمة الشيخ مهدي مرواريد ، والعلاّمة السيد مرتضى المهري والعلاّمة المرحوم السيد حبيب حسينيان والعلاّمة السيد أحمد المددي والعلاّمة الشيخ مصطفى الهرندي والعلاّمة السيد هاشم الهاشمي وغيرهم من أفاضل أساتذة الحوزات العلمية.
وضمن اشتغال سماحته ( دام ظلّه ) بالدرس والبحث خلال هذه المدّة كان مهتمّاً بتأليف كتب مهمّة وجملة من الرسائل بالإضافة إلى ما كتبه من تقريرات بحوث اساتذته فقه وأصولاً، وسيأتي ذكر جملة منها في موضع آخر.
منهجه في البحث والتدريس
وهو منهج متميز على مناهج كثير من أساتذة الحوزة وأرباب البحث الخارج فعلى صعيد الأصول يتجلّى منهجه بعدّة خصائص :
أ- التحدث عن تأريخ البحث ومعرفة جذوره التي ربما تكون فلسفية كمسالة بساطة المشتق وتركيبه أو عقائدية وسياسية كبحث التعادل والتراجح الذي أوضح فيه أن قضية اختلاف الأحاديث فرضتها الصراعات الفكرية العقائدية آنذاك والظروف السياسية التي احاطت بالأئمة( عليهم السلام ) ومن الواضح أن الإطّلاع على تأريخ البحث يكشف عن زوايا المسألة ويوصلنا إلى واقع الآراء المطروحة فيها .
ب- الربط بين الفكر الحوزوي والثقافات المعاصرة ففي بحثه حول المعنى الحرفي في بيان الفارق بينه وبين المعنى الاسمي وهل هو فارق ذاتي ام لحاظي؟
اختار اتجاه صاحب الكفاية في أن الفرق باللحاظ لكن بناه على النظرية الفلسفية الحديثة وهي نظرية التكثر الادراكي في فعالية الذهن البشري وخلاقيته، فيمكن للذهن تصور مطلب واحد بصورتين: تارة بصورة الاستقلال والوضوح فيعبر عنه بالاسم وتارة بالآلية والانكماش ويعبر عنه بالحرف.
وعندما دخل في بحث المشتق في النزاع الدائر بين العلماء حول اسم الزمان، تحدّث عن الزمان بنظرة فلسفية جديدة وهي انتزاع الزمان من المكان (زمكان) بلحاظ تعاقب النور والظلام ، وفي بحثه حول مدلول صيغة الأمر ومادته وبحثه في التجري طرح نظرية بعض علماء الاجتماع من أن تقسيم الطلب بامر والتماس وسؤال نتيجة لتدخل صفة الطالب في حقيقة طلبه من كونه عالياً أو مساوياً أو سافلاً.
وكذلك جعل ضابط استحقاق العقوبة عنوان تمرد العبد وطغيانه على المولى مبني على التقسيم الطبقي للمجتمعات البشرية القديمة من وجود موالي وعبيد وعالي وسافل وما أشبه ذلك. فهذه نظرة من رواسب الثقافات السالفة التي تتحدث باللغة الطبقية لا باللغة القانونية المبنية على المصالح الانسانية العامة.
ج- الاهتمام بالأصول المرتبطة بالفقه : ان الطالب الحوزوي يلاحظ في كثير من العلماء اغراقهم واسهابهم في بحوث اصولية لا يعدّ الاسهاب فيها الإّ ترفاً فكريّاً لا ينتج ثمرةً علميةً للفقيه في مسيرته الفقهية كبحثه في الوضع وكونه امراً اعتبارياً أو تكوينياً وأنّه تعهد أو تخصص ، وبحثهم في بيان موضوع العلم وبعض العوارض الذاتية في تعريف الفلاسفة لموضوع العلم وما شاكل ذلك.
ولكن الملاحظ في دروس سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) هو الاغراق وبذل الجهد الشاق في الخروج بمبنى علمي رصين في البحوث الأصولية المرتبطة بعملية الاستنباط كمباحث الاصول العملية والتعادل والتراجح والعام والخاص ، وأمّا البحوث الأخرى التي أشرنا لبعض مسمياتها ، فبحثه فيها إنما هو بمقدار الثمرة العلمية في بحوث أخرى أو الثمرة العملية في الفقه.
د- الابداع والتجديد : هناك كثير من الأساتذة الماهرين في الحوزة لا يملك روح التجديد بل يصب اهتمامه على التعليق فقط والتركيز على جماليات البحث لا على جوهره فيطرح الآراء الموجودة ويعلّق على بعضها ويختار الأقوى في نظره ، الإّ أن سيدنا الأستاذ يختلف في هذا النهج فيحاول الابداع والتجديد إما بصياغة المطلب بصياغة جديدة تتناسب مع الحاجة للبحث كما صنع ذلك عندما دخل بحث استعمال اللفظ في عدة معانٍ حيث بحثه الأصوليون من زاوية الإمكان والاستحالة كبحث عقلي فلسفي لا ثمرة عملية تترتب عليه وبحثه سيدنا الأستاذ من حيث الوقوع وعدمه لانه أقوى دليل على الإمكان، وبحثه كذلك من حيث الاستظهار وعدمه.
وعندما دخل بحث التعادل والتراجح رأى أن سرّ البحث يكمن في علّة اختلاف الأحاديث فإذا بحثنا وحدّدنا أسباب اختلاف النصوص الشرعية انحلّت المشكلة العويصة التي تعترض الفقيه والباحث والمستفيد من نصوص أهل البيت ( عليهم السلام ) وذلك يغنينا عن روايات الترجيح والتخيير كما حملها صاحب الكفاية على الاستحباب .
وهذا البحث تناوله غيره ولكنه بشكل عقلي صرف،أما السيد الأستاذ فإنه حشد فيه الشواهد التأريخية والحديثية وخرج منه بقواعد مهمّة لحلّ الاختلافات وقام بتطبيقها في دروسه الفقهية أيضاً.
هـ - المقارنة بين المدارس المختلفة : ان المعروف عن الكثير من الأساتذة حصر البحث في مدرسة معينة أو اتجاه خاص ولكن السيد السيستاني يقارن بحثه بين فكر مدرسة مشهد وفكر مدرسة قم وفكر مدرسة النجف الأشرف فهو يطرح آراء الميرزا مهدي الاصفهاني (قدّس سرّه) من علماء مشهد وآراء السيد البروجردي (قدّس سرّه ) كتعبير عن فكر مدرسة قم وآراء المحققين الثلاثة ( الشيخ النائيني والشيخ العراقي والشيخ الاصفهاني ) والسيد الخوئي (قدّس سرّه ) والشيخ حسين الحلّي (قدّس سرّه) كمثال لمدرسة النجف الأشرف.
وتعدّد الاتجاهات هذه يوسع امامنا زوايا البحث والرؤيا الواضحة لواقع المطلب العلمي .
وأمّا منهجه الفقهي فله فيه منهج خاص يتميز في تدريس الفقه وطرحه ، ولهذا المنهج عدّة ملامح :
1- المقارنة بين فقه الشيعة وفقه غيرهم من المذاهب الاسلامية الأخرى ، فإنّ الإطّلاع على الفكر الفقهي السني المعاصر لزمان النص كالاطلاع على موطأ مالك واخراج ابي يوسف وآراء الفقهاء الآخرين يوضّح أمامنا مقاصد الأئمة ( عليهم السلام ) ونظرهم حين طرح النصوص.
2- الاستفادة من علم القانون الحديث في بعض المواضع الفقهية كمراجعته للقانون العراقي والمصري والفرنسي عند بحثه في كتاب البيع والخيارات ، والاحاطة بالفكر القانوني المعاصر تزوّد الإنسان خبرة قانونية يستعين بها على تحليل القواعد الفقهية وتوسعة مداركها وموارد تطبيقها .
3- التجديد في الأطروحة : إنّ معظم علمائنا الأعلام يتلقون بعض القواعد الفقهية بنفس الصياغة التي طرحها السابقون ولا يزيدون في البحث فيها الإّ عن صلاحية المدرك لها أو عدمه ووجود مدرك آخر وعدمه ، أما السيد السيستاني فإنّه يحاول الإهتمام في بعض القواعد الفقهية بتغيير الصياغة ، مثلاً بالنسبة لقاعدة الإلزام التي يفهمها بعض الفقهاء من الزاوية المصلحية بمعنى أنّ للمسلم المؤمن الاستفادة في تحقيق بعض رغباته الشخصية من بعض القوانين للمذاهب الأخرى وإن كان مذهبه لا يقرّه ، يطرحه السيد السيستاني على أساس الاحترام ويسميّها بقاعدة الاحترام أي احترام آراء الآخرين وقوانينهم ، وانطلاقه من حريّة الرأي وهي على سياق ( لكلّ قوم نكاح ) و (نكاح أهل الشرك جائز ) وكذلك بالنسبة الى قاعدة التزاحم التي يطرحها الفقهاء والأصوليون كقاعدة عقلية أو عقلائية صرفة يدخلها السيد الأستاذ تحت قاعدة الاضطرار التي هي قاعدة شرعية اشارت لها النصوص نحو ( ما من شيء حرّمه الله الإّ وقد أحلّه لمن اضطر إليه ) فإنّ مؤدى قاعدة الاضطرار هو مؤدى قاعدة التزاحم بضميمة متمم الجعل التطبيقي .
وأحياناً يقوم بتوسعة القاعدة كما في قاعدة ( لا تعاد ) حيث خصّها الفقهاء بالصلاة لورود النص في ذلك بينما السيد السيستاني جعل صدر الرواية المتضمن لقوله (ع) : ( لا تعاد الصلاة إلا ّ من خمسة ) مصداقاً لكبرى أخرى تعمّ الصلاة وغيرها من الواجبات ، وهذه الكبرى موجودة في ذيل النص ( ولا تنقض السنّة الفريضة)، فالمناط هو تقديم الفريضة على السنّة في الصلاة وغيرها ، ومن مصاديق هذا التقديم هو تقديم الوقت والقبلة ...الخ على غيرها من أجزاء الصلاة وشرائطها لأنّ الوقت والقبلة من الفرائض لا من السنن .
4- النظرة الاجتماعية للنص : إنّ من الفقهاء من هو حرفي الفهم بمعنى أنّه جامد على حدود حروف النص من دون محاولة التصرف في سعة دلالات النص وهناك من الفقهاء من يقرأ أجواء النص والظروف المحيطة به ليتعرف على سائر الملابسات التي تؤثر على دلالته ، فمثلاً في ما ورد من أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله ) حرّم أكل لحم الحمر الأهلية يوم خيبر ، أخذنا بالفهم الحرفي لقلنا بالحرمة أو الكراهة لأكل لحم الحمر الاهلية ولو اتبعنا الفهم الاجتماعي لرأينا أنّ النص ناظر لظروف حرجة وهي ظروف الحرب مع اليهود في خيبر والحرب تحتاج لنقل السلاح والمؤنة ولم تكن هناك وسائل نقل إلاّ الدواب ومنها الحمير ، فالنهي في الواقع نهي إداري لمصلحة موضوعية اقتضتها الظروف آنذاك ولا يستفاد منه تشريع الحرمة ولا الكراهة ، وسيدنا الأستاذ من النمط الثاني من العلماء في التعامل مع النص.
5- توفير الخبرة بمواد الاستنباط : إنّ السيد السيستاني يركّز دائماً على انّ الفقيه لا يكون فقيهاً بالمعنى الأتم حتى يتوفر لديه خبرة وافية بكلام العرب وخطبهم واشعارهم ومجازاتهم كي يكون قادراً على تشخيص ظهور النص تشخيصاً موضوعيّا لا ذاتيا وأن يكون على اطلاع تام بكتب اللغة وأحوال مؤلفيها ومناهج الكتابة فيها فإنّ ذلك دخيل في الاعتماد على قول اللغوي أو عدم الاعتماد عليه وأن يكون على احاطة باحاديث أهل البيت ( عليهم السلام ) ورواتها بالتفصيل ، فإنّ علم الرجال فن ضروري للمجتهد لتحصيل الوثوق الموضوعي التام بصلاحية المدرك ، وله آراء خاصّة يخالف بها المشهور في هذا العصر مثلاً ما اشتهر من عدم الاعتداد بقدح اين الغضائري اما لكثرة قدحه أو لعدم ثبوت نسبة الكتاب إليه مما لا يرتضيه سيدا الأستاذ بل يرى ثبوت الكتاب وان ابن الغضائري هو المعتمد في مقام الجرح والتعديل اكثر من النجاشي والشيخ وامثالهما ويرى الاعتماد على منهج الطبقات في تعيين الراوي وتوثيقه ومعرفة كون الحديث مسنداً أو مرسلاً على ما قرّره السيد البروجردي (قدّس سرّه ).
ويرى أيضاً ضرورة الإلمام بكتب الحديث واختلاف النسخ ومعرفة حال المؤلف من حيث الضبط والتثبت ومنهج التأليف ، وأما ما يشاع في هذا المجال من كون الصدوق اضبط من الشيخ فلا يرتضيه، بل يرى الشيخ ناقلاً أميناً لما وجده من الكتب الحاضرة عنده بقرائن يستند اليها.
فهذه الجهات الخبرية قد لا يعتمد عليها كثير من الفقهاء في مقام الاستنباط بل يكتفي بعضهم بالظهور الشخصي من دون أن يجمع القرائن المختلفة لتحقيق الظهور الموضوعي بل قد يعتمد على كلام بعض اللغويين بدون التحقيق في المؤلف ومنهج التأليف ولا يكون لبعض آخر أي رصيد في علم الرجال والخبرة بكتب الحديث.
معالم شخصيته
إنّ من يعاشر السيد السيستاني ( دام ظلّه ) ويتصل به يرى فيه شخصية فذّة تتمتع بالخصائص الروحية والمثالية التي حثّ عليها أهل البيت ( عليهم السلام) والتي تجعل منه ومن امثاله من العلماء المخلصين مظهراً جليّاً لكلمة ( عالم رباني ) وقوله ( عليه السلام ) ( مجاري الامور بيد العلماء امناء الله على حلاله وحرامه ) ومن أجل وضع النقاط على الحروف اطرح بعض المعالم الفاضلة التي رأيتها بنفسي عند اتصالي به درساً ومعاشرة :
ﺃ- الانصاف واحترام الرأي : فان السيد السيستاني انطلاقاً من عشق العلم والمعرفة ورغبة في الوصول إلى الحقيقة وتقديساً لحرية الرأي والكلمة البناءة تجده كثير القراءة والتتبع للكتب والبحوث ومعرفة الآراء حتى آراء بعض العلماء من غير اساتذته أو آراء بعض المغمورين في خضم الحوزة العلمية فتراه بعض الاحيان قد يشير في بحثه لرأي لطيف لأحد الأفاضل مع أنه ليس من أساتذته كالشيخ محمد رضا المظفر في كتابه اصول الفقه، فطرح هذه الآراء ومناقشتها مع أنها لم تصدر من اساطين اساتذته يمثل لنا صورة حيّة من صور الانصاف واحترام آراء الآخرين .
ب- الأدب في الحوار : ان بحوث النجف معروفة بالحوار الساخن بين الزملاء او الأستاذ وتلميذه وذلك مما يصقل ثقافة الطالب وقوته العلمية وأحياناً قد يكون الحوار جدلاً فارغاً لا يوصل لهدف علمي بل مضمونه ابراز العضلات في الجدل وقوة المعارضة وذلك ما يستهلك وقت الطالب الطموح ويبعده عن الجو الروحي للعلم والمذاكرة ويتركه يحوم في حلقة عقيمة دون الوصول للهدف، أما بحث السيد السيستاني (دام ظلّه) فإنّه بعيد كل البعد عن الجدل واساليب الإسكات والتوهين فهو في النقاش مع أساتذته وآراء الآخرين يستخدم الكلمات المؤدبة التي تحفظ مقام العلماء وعظمتهم حتى ولو كان الرأي المطروح واضح الضعف والاندفاع ، وفي اجابته لاستفهامات الطالب يتحدث بانفتاح وبروح الارشاد والتوجيه ولو صرف التلميذ الحوار الهادف إلى الجدل الفارغ عن المحتوى فان السيد السيستاني يحاول تكرار الجواب بصورة علمية ومع اصرار الطالب فان السيد الأستاذ حينئذ يفضل السكوت على الكلام.
ج ـ خلق التربية : التدريس ليس وظيفة رسمية او روتينية يمارسها الأستاذ في مقابل مقدار من المال ، فإن هذه النظرة تبعد المدرس عن تقويم التلميذ والعناية بتربيته والصعود بمستواه العلمي للتفوق والظهور، كما أن التدريس لا يقتصر على التربية العلمية في محاولة الترشيد التربوي لمسيرة الطالب بل التدريس رسالة خطيرة تحتاج مزاولتها لروح الحب والإشفاق على الطالب وحثّه نحو العلم وآداب العلم ايضاً وإذا كان يحصل في الحوزة أو غيرها احياناً رجال لا يخلصون لمسؤولية التدريس والتعليم فإن في الحوزات أساتذة مخلصين يرون التدريس رسالة ساوية لابدّ من مزاولتها بروح المحبّة والعناية التامة بمسيرة التلميذ العلمية والعملية ، وقد كان الإمام الحكيم (قدّس سرّه) مضرب المثل في خلقه التربوي لتلامذته وطلاّبه وكما كانت علاقة الإمام الخوئي (قدّس سرّه) بتلامذته فقد رأيت هذا الخلق متجسّداً في شخصية السيد السيستاني (دام ظلّه ) فهو يحثّ دائماً بعد الدرس على سؤاله ونقاشه فيقول : اسألوا ولو على رقم الصفحة لبحث معين او اسم كتاب معين حتى تعتادوا على حوار الأستاذ والصلة العلمية به وكان يدفعنا لمقارنة بحثه مع البحوث المطبوعة والوقوف عند نقاط الضعف والقوة وكان يؤكد دائماً على احترام العلماء والالتزام بالأدب في نقاش أقوالهم ويتحدث عن أساتذته بروحية وهمّة عالية وأمثال ذلك من شواهد الخلق الرفيع .
د – الورع : إنّ هناك ظاهرة جليّة في كثير من العلماء والأعاظم وهي ظاهرة البعد عن مواقع الضوضاء والفتن وربما يعتبر هذا البعد عن البعض موقفاً سلبيّاً لأنه هروب من مواجهة الواقع وتسجيل الموقف الصريح المرضي للشرع المقدس ولكنه عند التامل يظهر بانه موقف ايجابي وضروري احياناً للمصلحة العامة ومواجهة الواقع وتسجيل الموقف الشرعي يحتاج لظروف موضوعية وارضية صالحة تتفاعل مع هذا الموقف ، فلو وقعت في الساحة الإسلامية أو المجتمع الحوزوي إثارات وملابسات بحيث تؤدي لطمس بعض المفاهيم الأساسية في الشريعة الإسلامية وجب على العلماء بالدرجة الاولى التصدي لإزاحة الشبهات وابراز الحقائق الناصعة فإذا ظهرت البدع وجب على العالم أن يظهر علمه فإن لم يفعل سلب منه نور الإيمان ، كما جاء في الحديث .
ولكن لو كان مسار الفتنة مساراً شخصياً وجواً مفعماً بالمزايدات والتعصبات العرقية والشخصية لمرجع معيّن أو خط معيّن او كانت الأجواء تعيش حرباً دعائية مؤججة بنار الحقد والحسد المتبادل فإنّ علماء الحوزة ومنهم السيد السيستاني ( دام ظلّه ) يلتزمون دوماً الصمت والوقار والبعد عن هذه الضوضاء الصاخبة وما يحدث غالباً من التنافس على الألقاب والمناصب والاختلافات الجزئية كما هو الحال في يومنا الحاضر ، هذا مضافاً لزهده المتمثّل في لباسه المتواضع ومسكنه الصغير الذي لا يملكه وأثاثه البسيط.
هـ ـ الإنتاج الفكري: السيد السيستاني ليس فقيهاً فقط بل هو رجل مثقّف مطّلع على الثقافات المعاصرة ومتفتح على الأفكار الحضارية المختلفة ويمتلك الرؤية الثاقبة في المسيرة العالمية في المجال الاقتصادي والسياسي وعنده نظرات إدارية جيدة وأفكاراً إجتماعية مواكبة للتطور الملحوظ واستيعاب للأوضاع المعاصرة بحيث تكون الفتوى في نظره طريقاً صالحاً للخير في المجتمع المسلم.
إمامته في الصلاة
كان سيدنا الأستاذ (مدّ ظلّه ) في عيادة استاذه المرحوم الإمام الخوئي ( قدّس سرّه )في (29/ ربيع الآخر / 1409 هـ ) لوعكة صحية ألمّت به فطلب منه أن يقيم صلاة الجماعة في محرابه في جامع الخضراء فلم يوافق على ذلك في البداية فألحّ عليه في الطلب وقال له ( لو كنت احكم كما كان يفعل ذلك المرحوم الحاج آقا حسين القمّي لحكمت عليكم بلزوم القبول ) فاستمهله بضعة أيّام وفي نهاية الأمر استجاب لطلبه وأمّ المصلين من يوم الجمعة (5/ جمادى الأولى / 1409 هـ ) إلى الجمعة الأخيرة من ذي الحجّة عام 1414 هـ حيث أغلق الجامع من قبل السلطة كما سيأتي .
مسيرته الجهادية
كان النظام البعثي يسعى بكل وسيلة للقضاء على الحوزة العلمية في النجف الأشرف منذ السنين الأولى من تسلمه السلطة في العراق ، وقد قام بعمليات تسفير واسعة للعلماء والفضلاء وسائر الطلاب الأجانب، ولاقى سيدنا الأستاذ ( مدّ ظلّه ) عناءاً بالغاً من جرّاء ذلك وكاد ان يسفّر عدّة مرّات وتمّ تسفير مجاميع من تلامذته وطلاّب مجلس درسه في فترات متقاربة ، ثمّ كانت الظروف القاسية جدّاً أيّام الحرب العراقية الإيرانية ، ولكن على الرغم من ذلك فقد أصرّ ( دام ظلّه ) على البقاء في النجف الأشرف وواصل التدريس في حوزته العلمية المقدّسة إيماناً منه بلزوم استمرار المسار الحوزوي المستقل عن الحكومات تفادياً للسلبيات التي تنجم عن تغيير هذا المسار.
وفي عام 1411 هـ عندما قضى النظام على الانتفاضة الشعبانية اعتقل سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) ومعه مجموعة من العلماء كالشهيد الشيخ مرتضى البروجردي والشهيد الميرزا علي الغروي وقد تعرّضوا للضرب والاستجواب القاسي في فندق السلام وفي معسكر الرزازة وفي معتقل الرضوانية إلى أن فرّج الله عنهم ببركة أهل البيت ( عليهم السلام ).
وفي عام 1413 هـ عندما توفي الإمام السيد الخوئي ( رضوان الله عليه ) وتصدّى سيدّنا الأستاذ ( دام ظلّه ) للمرجعية ـ كما سيأتي ـ حاولت سلطات النظام السابق تغيير مسار المرجعية الدينية في النجف الأشرف وبذلت ما في وسعها في الحطّ من موقع السيد الأستاذ ( دام ظلّه ) ومكانته المتميزة بين المراجع وسعت إلى تفرق المؤمنين عنه بأساليب متعدّدة منها إغلاق جامع الخضراء في أواخر ذي الحجّة عام 1414 هـ كما تقدّم .
وعندما وجد النظام أنّ محاولاته قد باءت جميعاً بالفشل خطّط لاغتيال سيدنا الأستاذ وتصفيته ، وقد كشفت وثائق جهاز المخابرات عن عدد من هذه المخطّطات ولكن مكروا ومكر الله والله خير الماكرين .
وهكذا بقي سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) رهين داره منذ أواخر عام 1418 هـ حتى أنّه لم يتشرف بزيارة جدّه الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) طوال هذه الفترة.
وقد تعرّض لضغوط كثيرة من اجهزة النظام وأزلامه ولكنه قاوم جميع الضغوطات إلى أن منّ الله على العراقيين بزوال النظام ونسأله تبارك وتعالى ان يمنّ عليهم بالتحرر من الاحتلال ايضاً.
مرجعيته
في السنوات الاخيرة من حياة سماحة الإمام الخوئي ( رضوان الله عليه ) كان هاجس كثير من الفضلاء في النجف الأشرف وخارجها البحث عمن يصلح ان يخلف الإمام الخوئي ( قدّس سرّه ) في مرجعيته للطائفة الإمامية ليحافظ على كيان الحوزة العلمية واستقلالية المرجعية الدينية ويتحلى بما يلزم توفره في شخص المرجع من مؤهلات علمية وورع وتقوى وحكمة وتدبير.
وقد توجّه أنظار الكثير من الفضلاء إلى سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) وقد اختاره الإمام الخوئي ( قدّس سرّه ) للصلاة في محرابه في جامع الخضراء كما تقدّم فبدأ ينتشر صيته في أوساط العامة بعد ان كان محصوراً في الأوساط العلمية والحوزوية التي عرفته أستاذاً قديراً في البحث الخارج طوال ربع قرن من الزمن .
وعندما التحق الإمام الخوئي بالرفيق الأعلى في (8/ صفر / 1413 هـ ) ارجع اليه في التقليد جمع من العلماء الأعلام يأتي في مقدمتهم سماحة آية الله السيد علي البهشتي (قدّس سرّه ) وسماحة آية الله الشيخ مرتضى البروجردي (قدّس سرّه ) فقلّده كثير من المؤمنين في العراق وايران وبلاد الخليج وباكستان والهند ، وبعد وفاة آية الله العظمى السيد عبد الأعلى السبزواري في (27/ صفر /1414 هـ ) رجع اليه معظم مقلديه في العراق وقسم في خارجه ، وعندما توفي آية الله العظمى السيد محمد رضا الكلبايكاني (قدّس سرّه ) في (24 / جمادي الآخرة / 1414 هـ ) عمّ تقليد سيدّنا الأستاذ (دام ظلّه ) وبشكل سريع مختلف الأقطار الإسلامية ورجع إليه معظم المؤمنين في العراق والاحساء والقطيف وايران ولبنان ودول الخليج وباكستان والهند والمغتربين في اوربا والامريكيتين واستراليا وغيرهم، وقد توسع الرجوع إليه أكثر فأكثر بعد وفاة آية الله العظمى الشيخ محمد علي الأراكي (قدّس سرّه ) وآية الله العظمى السيد محمد الروحاني (قدّس سرّه )، فسيدنا الأستاذ (دام ظلّه ) ــ اليوم ــ هو المرجع الأعلى للطائفة الإمامية، أدام ظلّه السامي ونفع بوجوده الإسلام والمسلمين . رجوع