السؤال: اذا شككت بانك هل ركعت ام لا وانت في حال السجود؟
الجواب: لا تعنني بالشك.
السؤال: إذا تحرك إبهام رجلي وانا ساجدة ورفعت رأسي فهل صلاتي باطلة؟
الجواب: يعتبر استقرار المساجد السبعة في محالها ولا يجوز ما ذكر في حال الاختيار نعم إذا كان ذلك عن سهو ولا عن اختيار فلا يضر بالصلاة وإذا كان الاخلال بالاستقرار عن جهل قصوري فالصلاة صحيحة.
السؤال: لماذا يحب السجود على التربة؟
الجواب: لا يتعين السجود على التربة عند مذهب أهل البيت(عليهم السلام) بل هو اعتبار أن يكون موضع الجبهة في السجود مما يصدق عليه الارض سواء كان تراباً او حجراً او مدراً بل حتى ورق الاشجار والخشب يجوز السجود عليه ولكن لا يصح السجود على السجاد وغيره من المأكول والملبوس .
قال رسول الله (صلى الله عليه واله): (جعلت لي الارض مسجداً وطهوراً) فكما لا يصح التيمم الا بالتراب والحجر فكذلك محل السجدة لابد أن يكون حجراً او تراباً ونحو ذلك مما يصدق عليه الارض وما يخرج منها غير الملبوس والمأكول والعمدة في الفرق هي الروايات الواردة من أئمة اهل البيت (عليهم السلام) وهي كثيرة ومتواترة ففي رواية صحيحة عن هشام بن الحكم انه قال الصادق (عليه السلام) اخبرني عما يجوز السجود عليه وعما لا يجوز قال :السجود لا يجوز الا على الارض او على ما انبتت الارض الا ما اكل ما ليس فقال له :جعلت فداك ما العلة في ذلك قال :لان السجود خضوع لله عز وجل فلا ينبغي ان يكون على ما يلبس لان ابناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون والساجد في سجود في عبادة الله عز وجل فلا ينبغي ان يضع جبهته في سجوده على معبود ابناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها) .
نعم السجود على التربة الحسينية مستحب مؤكد لكنه ليس واجباً.
السؤال: لا يجوز السجود على تربتين ( الواحدة فوق الأخرى ) ما رأيكم الشريف ؟
الجواب: لا مانع من السجود على تربتين في التربة التي يملكها الشخص ، ولكن في التربة الموقوفة على المساجد ونحوها إذا أحرز شمول المنفعة المسبّلة في مثلها لترفيع المسجد فلا إشكال ، وإن لم يحرز كان الأحوط وجوباً تركه ، وكذا الحال في المملكة للمساجد وأمثالها إذا لم يحرز كون الهبة مطلقة غير مشروطة بالاستفادة للعبادة ونحوها.
السؤال: هل لسجدة التلاوة ذكر خاص وما هو ؟
الجواب: يستحب ان يقول حال السجود ( لا إله إلاّ الله حقاً حقاً لا إله إلاّ الله ايماناً وتصديقاً لا إله إلاّ الله عبودية ورقّاً ) .
السؤال: هل تطهر الشمس الاراضي المبلطة بالإسفلت وهل يطهر بان القدم او النعال بمسحه على هذا الاسفلت وهل يجوز السجود عليه؟
الجواب: تطهّر الشمس الارض المبطلة بالاسفلت ولا يطهر ـ على الاحوط ـ باطن القدم والنعال بالمشي على الارض المذكورة او المسح بها، ولا يجوز السجود على الاسفلت في حال الاختيار.
السؤال: شخص كان دائماً ينقص من صلاته سجدة واحدة لجهله بالحكم عن قصور، فما حكم صلاته؟ وكذلك لو فرضنا انه لا يقضي السجدة بعد الصلاة اذا فاتته لجهله القصوري ايضاً، وماذا لو كان ذلك عن جهل تقصيري في كلتا الصورتين؟
الجواب: اذا كان جاهلاً قاصراً صحت صلاته وان كان مقصراً فعليه الاعادة، ووجوب قضاء السجدة المتروكة في الصورة الاولى خال عن الدليل ـ لاختصاصه بالناسي ـ وان كان الاحوط القضاء، ولا يضر الفصل بينها وبين الصلاة بالمنافي على الاظهر.
السؤال: اذا ذكرت في سجودي غير الذكر الواجب سهواً ثم اعدت السجدة ذاكرة الذكر الواجب فهل تعتبر اعادة السجدة زيادة مبطلة للصلاة؟
الجواب: الاحوط وجوباً اعادة الصلاة اذا لم تكن الزيادة لجهل قصوري.
السؤال: لقد طرق سمعي ان سماحتكم لا تجيزون السجود على تربتين احداهما فوق الأخرى او اكثر، وان لم يبلغ مجموع الارتفاع اكثر من اربعة اصابع مضمومة، فهل هذا صحيح؟
الجواب: ليس كذلك وانما الذي قلناه انه في الترب الموقوفة في المساجد والمشاهد المشرفة والحسينيات ونحوها اذا لم يحرز المصلي كيفية وقفها وان المنفعة المسبلة هل تشمل استخدام التربة في رفع المسجد او لا فليس له استخدامها لهذا الغرض، واما مع التأكد من ان المنفعة المسبلة تشمل جميع انواع الاستخدام الصلاتي فلا باس به.
السؤال: اذا كان الانسان لا يستطيع السجود على الاعضاء السبعة لمرض في مفاصل الركبة او كسر في الركبة او الساق ولا يمكن له السجود فهل تكون وظيفته الايماء للسجود او وضع شيء مرتفع ويسجد عليه مثلاً يضع خشبة مرتفعة ويسجد عليها؟
الجواب: اذا كان يصلي عن جلوس ويتمكن من الانحناء بما يصدق معه السجود ولو على مرتفع لزمه ذلك، واما الانحناء بما دون الصدق العرفي فلا عبرة به بل تنتقل وظيفته الى الايماء والأحوط الاولى ان يضع الجبهة على ما يصح السجود عليه وكذا يضع ما يمكن من سائر المساجد على محالها.
السؤال: اذا حرّك او رفع المصلي احد المواضع السبعة (ما عدا الجبهة) أثناء الذكر في السجود كتحريك اليد او الرجل ؛ فما الحكم؟
الجواب: اذا اخل ذلك بالاستقرار المعتبر في السجود اعاد الصلاة احتياطاً مع العمد واما في السهو فلا شيء عليه.
السؤال: هل يجوز السجود على السبحة الحسينية المفخورة ؟
الجواب: يجوز.
السؤال: هل يجب السجود عندما يقرأ الانسان آية السجدة الواجبة بالنظر اليها دون التلفظ بها؟
الجواب: لا يجب.
السؤال: ما هو حكم من كان يضع ظاهر قدمه على الارض، في حالة السجود، بدلاً من وضع ابهامي قدميه، ردحاً من الزمن، جهلاً منه بالحكم، قاصراً او مقصراً هل يجب عليه الاعادة في الوقت والقضاء في خارجه؟
الجواب: اذا لم يكن مما وضعه على الارض من ظاهر قدميه ظاهر الابهامين لم تصح صلاته الا اذا كان جاهلاً قاصراً فانه لا شيء عليه.
السؤال: هل يجب السجود عند سماع آية السجدة من المسجل او الراديو؟
الجواب: لا يجب الا في الاستماع اليها من الراديو مع كون البث مباشراً.
السؤال: هل يجوز السجود على الأحجار الكريمة مثل العقيق والياقوت والفيروز ودر النجف وامثالها اذا كانت مساحتها تفي بمقدار السجود؟
الجواب: يجوز على الاظهر.
السؤال: ان لم يتوفر ما يسجد عليه فهل يجوز السجود على ظفر المصلي؟
الجواب: اذا لم يتمكن المصلي من السجود على ما يصح السجود عليه حتى القير (الذي يجوز السجود عليه عندنا في حال الاضطرار) فالاحوط الاولى ان يسجد على ثوبه فان لم يتمكن منه ايضاً سجد على غيره مما لا يجوز السجود عليه اختياراً كالذهب والفضة او سجد على ظهر كفه.
السؤال: ما هو الواجب في مسجد الجبهة؟
الجواب: يعتبر في مسجَد الجبهة ان يكون من الأرض أو نباتها غير ما يؤكل أو يلبس ، فلا يصح السجود على الحنطة والشعير والقطن ونحو ذلك.
نعم لا بأس بالسجود على ما يأكله الحيوان من النبات ، وعلى النبات الذي لا يؤكل بنفسه بل يشرب الماء الذي ينقع أو يطبخ فيه ، كأصل السوس وعنب الثعلب ، وورد لسان الثور ، وورق الشاي ، كما يصح السجود على ورق الكرم بعد أوان اكله ، وعلى قشر الجوز ، أو اللوز بعد انفصاله عن اللب ، وعلى نواة التمر وسائر النوى حال انفصالها عن الثمرة.
ويصح السجود اختياراً على القرطاس المتخذ من الخشب ونحوه مما يصح السجود عليه ، بل يصح السجود على القرطاس المتخذ من القطن أو الكتان ايضاً ، دون المتخذ من غيرهما مما لا يصحّ السجود عليه كالحرير.
والسجود على الأرض أفضل من السجود على غيرها ، والسجود على التراب افضل من السجود على غيره ، وافضل من الجميع التربة الحسينية على مشرفها الآف التحية والسلام.
ولا يصح السجود على الذهب والفضة وسائر الفلزات ، وعلى الزجاج والبلور ، وعلى ما ينبت على وجه الماء ، وعلى الرماد وغير ذلك مما لا يصدق عليه الأرض أو نباتها.
ـ والأحوط لزوماً ـ عدم السجود على القير والزفت ، ولكن يقدّمان على غيرهما عند الاضطرار.
ويصحّ السجود على الفحم والخزف والآجر ، وعلى الجص والنورة ولو بعد طبخهما ، وعلى المرمر والعقيق ، والفيروزج والياقوت ، والماس ونحوها من الأحجار الكريمة.
السؤال: هل الجلوس بين السجدتين واجب؟
الجواب: يجب الجلوس بين السجدتين ، وأما جلسة الاستراحة بعد السجدة الثانية فوجوبها مبني على الاحتياط.
السؤال: هل يجوز الصلاة على السجادة التي عليها رسوم والتربة التي عليها نقوش؟
الجواب: يجوز.
السؤال: ما هو حكم الصلاة لو اتي في السجود بذكر الركوع سهواً او بالعكس؟
الجواب: يجوز حتى عمداً.
السؤال: ما هو حكم من شك في عدد السجود عند الجلوس تقريباً في جميع الصلوات اليومية؟
الجواب: هذا كثير الشك فلا يعني بشكه بل يبني على انه اتي بهما.
السؤال: هل يجوز الصلاة في المساجد بدون ما يجوز السجود عليه ؟
الجواب: اذا كان هناك ما يقتضي التقية او المداراة جاز الصلاة وجاز السجود على السجاد ان لم يكن معك ما يصح السجود عليه من دون مخالفة للتقية كسجاد الحصير ولم يكن في المسجد ايضاً موضع غير مفروش يمكن السجود على حجر مثلاً من دون تقية.
السؤال: بعد فترة طويلة من السجود المتكرر على تربة حسينية معينة يتغير لون التربة الى لون غامق نتيجة المادة المتبقية من عرق الجبهة عليها، فهل يوجد اشكال في السجود عليها باعتبار تكون طبقة عازلة عن التراب، ام ان العرق يختلط بجزئيات التراب بنسبة معينة بحيث يصدق عليها انها تراب ولا اشكال فيها؟
الجواب: اذا شكّل طبقة عازلة لم يجز السجود عليها.
السؤال: هل الاطمئنان كاليقين في عدد السجدات؟
الجواب: نعم.
السؤال: إذا كان الحجاب على جبهة المرأة حائلاً بينها وبين المسجد وكانت جاهلة بالحكم فهل يجب عليها قضاء صلواتها السابقة؟
الجواب: إذا كانت جاهلة لا عن تقصير فلا إعادة عليها وإذا كانت جاهلة مقصرة فعليها الإعادة على الاحوط.
السؤال: هل يجوز الاعتماد حال السجود على اليد الصناعية لمن قطعت يده؟
الجواب: لا يجزي والأحوط وجوباً وضع الأقرب من الكف فالأقرب .
السؤال: الجلوس المبني على الاحتياط الوجوبي في الركعة الأولى في الصلاة؟
الجواب: الاحوط وجوباً أن يجلس مستقراً بعد السجدة الثانية قبل القيام وتسمى بجلسة الاستراحة.
السؤال: في حال عدم وجود التربة هل تجوز الصلاة (السجود) على ورق معطّر (كلينيكس)؟
الجواب: يعتبر في السجود أن يكون على الأرض او ما انبتت ممّا لا يؤكل ولا يلبس. ولا يجوز السجود على ما خرج عن اسم الارض من المعادن (الذهب والفضة ... الخ) ولا على ما خرج عن اسم النبات (الرماد ... الخ) ولا على ما ينبت على سطح الماء. ويجوز السجود على الاحجار الكريمة والخزف والاجر والجص والنورة بعد طبخهما. كما يجوز السجود على سائر النوي (نوي التمر ... الخ) وقشور المأكول اذا كانت لا تؤكل (قشور الجوز ... الخ) ويجوز السجود أيضاً على الخوص والليف والخشب. ويجوز السجود على القرطاس (الورق) اذا كان مصنوعاً من الخشب ونحوه او القطن والكتان على الاقرب. ولا يجوز السجود عليه اذا كان متخذاً من الحرير او الصوف. ولا بأس بالسجود على الورق المكتوب عليه اذا كانت الكتابة تعدّ صبغاً لا جرماً (أي لا تمنع من وصول البشرة الى الورق) (على شرط ان يكون الورق مصنوعاً ممّا يصحّ السجود عليه) او كان المقدار الخالي من الكتابة بالمقدار المعتبر في السجود ولو متفرقاً فانه يجوز السجود عليه.
السؤال: هل يجوز السجود على الكاشي؟
الجواب: يجوز.
السؤال: هنالك تربة سجود يتداولها الناس تحوي على عدّاد يحسب للمصلّي عدد الركعات والسجدات هل يجوز استخدامها بالنسبة للمصلي الذي ينسي والذي لا ينسي؟
الجواب: لا مانع من ذلك.
السؤال: في السجود سجدت ولم اجد التربة لعدم وجود الكهرباء هل يجوز رفع الراس ووضع التربة ثم السجود مرة اخرى ام اكمل السجدة بدون التربة؟
الجواب: لا يجوز الرفع والوضع ثانية بل الواجب اكمال السجود نعم اذا امكنك جرّ الجبهة الى ان تضعها على التربة من دون ان ترفعها وجب ذلك.
السؤال: ما حكم السجود على السجّاد في الروضة النبوية الشريفة؟
الجواب: إذا لم يوجد في المسجد مكان يتيسّر ان يسجد فيه على ما يصح السجود عليه من دون مخالفة التقية – وان كانت مداراتية – جاز السجود على الفراش ولا يجب الانتقال إلى خارج المسجد واما مع تيسّر السجود عليه في مكان آخر في المسجد من دون منافاته للمداراة فلابدّ من اختياره وان كان خارج الروضة الشريفة مع السجود على الفراش وان تيسّر الاتيان بها في مكان آخر من المسجد مع السجود على ما يصحّ السجود عليه.
السؤال: هل يصحّ السجود على البلوك الكونكريتي وعلى الموزائيك ؟
الجواب: نعم ، يصحّ .
السؤال: بعض أنواع السجّاد مصنوعة من مادة مستخرجة من مشتقّات النفط ، فهل يجوز السجود عليها؟
الجواب: لا يصحّ السجود عليها .
السؤال: كيف نصلي صلاتنا في القطارات والسيارات ؟ وهل يجب أن نسجد على شيء ، أو لا يجب ذلك ويكفي الانحناء؟
الجواب: يجب أداء الصلاة فيها وفق صلاة المختار إن أمكن ، فتلزم رعاية الاستقبال في جميع حالات الصلاة إن تيسّرت ، وإلا ففي حال تكبيرة الاحرام مع التمكّن منه ، وإلا تسقط شرطية الاستقبال ، كما أنه مع التمكّن من الاتيان بالركوع والسجود الاختياريّين يتعيّن الاتيان بهما ، كما لو تيّسرت الصلاة في مّمر القطار أو الباص ، وأما مع عدم التمكن منهما ، فإن تيسّر الانحناء بمقدار صدق اسميهما لزم وتعيّن .
ويراعى في السجود وضع الجبهة على المسجد ولو برفعه ، ومع عدم تيسّر الانحناء بالمقدار المذكور يكفي الايماء بدلاً عنهما ، ولا يجب حينئذ وضع الجبهة على ما يصحّ السجود عليه ، وإن كان هو الاحوط استحباباً.
السؤال: ما حكم الصلاة على التربة المنقوش فيها؟
الجواب: يجوز.
السؤال: أحيانا أسجد على التربة وجبهتي مغطاة بالحجاب خاصة موضع السجود فهل يجب إعادة الصلاة؟
الجواب: إذا علمت بذلك اثناء السجود وجب رفع الغطاء دون رفع الرأس وإن لم تعلمي إلا بعد رفع الرأس فلا شئ عليك ثم أنه يكفي أن يكون قسم صغير من الجبهة بدون حجاب.
السؤال: ما هو حكم السجود على السجاد في بيت الله الحرام ومسجد النبي (ص) ؟
الجواب: إذا كان في نفس المسجد مكان يمكن فيه السجود على الحجر فلا يجوز على السجاد ومع ذلك فتجوز النافلة في الروضة رجاءً مع السجود على السجاد.
السؤال: ما حكم تلاوة كتاب الله أثناء السجود (سجدة الشكر)؟
الجواب: لا مانع منه.
السؤال: كيف هي وضعية اليدين من المرفق الى الأصابع حال السجود في الصلاة وفي غير الصلاة بالنسبة للرجل وللمرأة؟
الجواب: يستحب للمرأة أن تفترش ذراعيها وتلصق بطنها بالأرض وتضم أعضاءها ويستحب للرجل التجنح بمعنى تجافي الأعضاء حال السجود بأن يرفع مرفقيه عن الأرض مفرجاً بين عضديه وجنبيه ومبعداً يديه عن بدنه جاعلاً يديه كالجناحين.
السؤال: في حال الاستعجال في السجود يحدث ارتطام الجبهة بالتربة مما يؤدي الى ارتداد الجبهة عن التربة والرجوع مرة اخرى. في هذه الحالة، هل يعتبر أن المصلي قام بالسجود مرتين أم أنها تعتبر سجدة واحدة؟
الجواب: اذا عادت الجبهة الى الارض قهراً فالعود القهري ليس متمماً للسجدة بل هو امر زائد عليها فليأتي بالذكر لا بقصد الجزئية للسجود ويأتي بالسجدة الثانية بعدها.
السؤال: هل يشكل المكياج حاجزاً بين الجبهة والتربة ؟
الجواب: لا يعد حاجباً حال السجود .
السؤال: هل يمكن التورك على فخذ الساق بين السجدتين ؟
الجواب: التورك المستحب هو ان يجلس على فخذه الايسر جاعلاً ظهر القدم اليمني في بطن اليسري وغير هذه الحالة غير مستحب وان كان جائزاً .
السؤال: هل يجوز السجود على ورق الشجر ان لم تستطع الحصول على التربة ؟
الجواب: اذا لم تكن مما يؤكل عادة فلا مانع منه حتى مع التمكن من التربة .
السؤال: هل يجوز لي أن اسجد على السماد (فضالة الحيوانات)؟
الجواب: لا يجوز.
السؤال: في حال النزول للسجود هل يستحب وضع اليدين ثم الركبتين؟
الجواب: من مستحبات السجود السبق باليدين إلى الأرض عند الهوي إلى السجود.
السؤال: بالنسبة الى الترب المكسورة هل يجوز الصلاة عليها وكيفية التخلص من الترب المكسورة اذا كانت فعلا لا تصلح للصلاة؟
الجواب: تجوز الصلاة عليها ويمكن رميها في النهر او مكان نظيف أو الصحراء.
السؤال: هل يجوز زيادة موضع على المساجد السبعة مثلاً : يجب على أن أضع الكف في السجود هل يجوز لي أن أضع اليد بأكملها يعني إلى المرفق ؟
الجواب: يجوز .
السؤال: هل صحيح أنه لا يجوز ملامسة الأنف للأرض عند السجود وبالتالي من الافضل وضع تربتين لتجنب ملامسة الأنف للأرض حيث ان الأنف لا يعتبر من مواضع السجود ؟
الجواب: الأفضل أن يرغم الأنف حال السجود بالأرض أو ما يصح السجود عليه .
السؤال: ما هو الحد الاقصى للذكر في السجود ؟ مثلاً هل يجوز ان يكرر العبد ( سبحان ربي الأعلى وبحمده ) اكثر من مرة ؟
الجواب: يجوز مطلقاً .
السؤال: حول تربة الصلاة هل هي واجبة للصلاة عليها ام لا لقد سمعت بأنه لا توجب الصلاة على كل ما يلبس أو يؤكل؟
الجواب: الواجب هو السجود في الصلاة على ما يصح السجود عليه وهو الأرض وما انبتت مما لا يؤكل ولا يلبس ولكن الأفضل من الجميع السجود على تربة سيد الشهداء (عليه السلام) فقد ورد أن السجود عليها يخرق الحجب السبع .
السؤال: ما هو حكم من سجد على منديل ؟
الجواب: إذا كان مصنوعاً ممّا يصحّ السجود عليه فالصّلاة صحيحة وأمّا إذا لم يكن من ذلك فالصّلاة باطلة إلا اذا كنت جاهلاً قاصراً .
السؤال: هل يجوز الصلاة على البلاستيك ؟
الجواب: لا يجوز .
السؤال: هل يجوز غلق العين في السجود ام لا ؟
الجواب: يجوز.
السؤال: هل يشترط الجلوس بين السجدتين في النوافل كالفرائض؟
الجواب: نعم على الاحوط.
السؤال: إذا كان المصلي لا يمسح التراب عن جبهته بعد السجدة الأولى وظن أنه لا يقدح في صلاته؟
الجواب: إذا كان التراب يسيراً لا يمنع من صدق مباشرة المسجد للأرض فلا إشكال في صلاته. وإن كان مثل الطين الحائل ففي صحة صلاته إشكال وإن كان لا يبعد الصحة فيما إذا كان جاهلاً قاصراً .
السؤال: كيف يسجد مَن توجد جبيرة على كل جبهته؟
الجواب: يضع ذقنه على ما يصح السجود عليه فإن لم يمكن فأحد الجنبيين فان لم يمكن فأي موضع من الوجه كالخد فان لم يمكن اومأ برأسه.
السؤال: اذا صليت صلاة وبعد الانتهاء منها عرفت اني سجدت سجدة واحدة حيث ان التربة التي استخدمها تبين عدد الركعات والسجدات فما الحكم؟
الجواب: تقضي سجدة واحدة.
السؤال: لا تتواجد عندي حاليا التربة للسجود عليها، فما افضل شيء للسجود عليه بعد التربة بما هو متوافر؟
الجواب: يجوز السجود على كل ما هو من جنس الارض او مما ينبت منها غير ما يؤكل او يلبس.
السؤال: ما حكم صحة السجود اذا قال فيه المصلي بدل الذكر دعاءا مثل ما يقوله المصلون بعد السجدة الثانية من الركعة الاخيرة ولم يلتفت الا بعد رفع راسه من السجود وما حكم نفس المسالة اذا حصلت في الركوع؟
الجواب: تصح الصلاة مع عدم التعمد.
السؤال: في بعض الاحيان وعند الهوي الى السجود تضرب جبهة المصلي التربة وترتد عنها مرتفعة عن التربة ارتفاعاً قليلاً ثم تعود اليها فهل يعتبر ذلك بمثابة سجدتين؟
الجواب: اذا ارتفعت وعادت من دون اختيار فهما سجدة واحدة واذا لم تُعَدّ فليجلس ويعتبره سجدة كاملة.
السؤال: هل يصح السجود على المسبحة المصنوعة من خشب الزيتون خاصة وانا اعيش في بلد عربي؟
الجواب: نعم يجوز.
السؤال: اذا صلى الانسان على تربة فيها فرق في العلو في طرفيها، اي انها غير مستوية تماماً فهل تصح الصلاة؟
الجواب: نعم تصح الصلاة.
السؤال: هل يجوز السجود على البلاط المستعمل في أرضية المسجد الحرام علماً أنه يتميز بطرده للحرارة فلا يتأثر بأشعة الشمس ويقال إنه حجر صناعي وليس طبيعياً ؟
الجواب: كونه صناعياً لا يمنع من جواز السجود عليه إذا كانت المواد المستعملة في صناعته مما يصح السجود عليه أو كان الخليط من غيرها مستهلكاً عرفاً ، هذا في غير حال التقية وأما في حال التقية فيجوز السجود عليه وإن كان مصنوعاً مما لا يصح السجود عليه .
السؤال: ما حكم الصلاة الفريضة أو النافلة في المسجد النبوي الشريف إذا كان استخدام ما يصح السجود عليه يعرض المصلي للإشكال ، وهل يجب الانتقال من الروضة المطهرة مثلاً إلى المكان الخالي من السجاد لأداء الصلاة وإن كان ملفتاً لأنظارهم؟
الجواب: إذا كان استخدام ما يصح السجود عليه على خلاف المداراة معهم والتآلف بين المسلمين وكذلك الانتقال لأداء الصلاة إلى الموضع الخالي من السجاد تجوز الصلاة مع السجود على السجاد سواء في الفريضة والنافلة .
السؤال: ما حكم الصلاة في المسجد والروضة الشريفة المباركة في المدينة المنورة إذا لم يتوفر لدينا ما يصح السجود عليه؟ وهل يختلف الحكم إذا كانت الصلاة نافلة؟
الجواب: إذا لم يوجد في المسجد مكان يتيسر أن يسجد فيه على ما يصح السجود عليه من دون مخالفة التقية ـ وإن كانت مداراتية ـ جاز السجود على الفراش ولا يجب الانتقال إلى خارج المسجد واما مع تيسر السجود عليه في مكان آخر في المسجد من دون منافاته للمداراة فلابد من اختياره وإن كان خارج الروضة الشريفة نعم لا بأس بالإتيان بالصلاة النافلة رجاءً في الروضة الشريفة مع السجود على الفراش وإن تيسر الإتيان بها في مكان آخر من المسجد مع السجود على ما يصح السجود عليه .
السؤال: شخص يصلي ، وقد وصل الى حد السجود بحيث وضع الجبهة على مكان السجود فهل يؤثر تحريك يده او رجله أو اي شيء من بدنه على صحة الصلاة اذا كان في الموضعين التاليين:
أـ قبل الذكر؟
ب ـ اثناء الذكر؟
الجواب: لا يضر التحرك اليسير واما رفعه فلا يجوز على الاحوط لغير عذر في الموضعين وعليه اعادة الذكر ان كان في حاله.
السؤال: هل يجب في السجود ثبوت جميع المساجد ولو في غير حال الذكر؟
الجواب: يجب على الاحوط.
السؤال: احيانا وانا في الصلاة يأخذ طفلي مني التربة فماذا افعل ولا احد بجانبي؟
الجواب: حاول الوصول الى ما يصح السجود عليه ولو بالمشي قليلا بحيث لا ينافي الصلاة ولا تتحول عن القبلة فان لم يمكن جاز السجود على السجاد وغيره.
السؤال: هل يجوز السجود على اصابع اليد اذا لم يكن هناك شيء آخر للسجود عليه ؟
الجواب: يجوز ان لم يتيسر شيء مما يصح السجود عليه. وإن كان الأولى حينئذٍ السجود على الرداء.
السؤال: هل يجوز لي ان أرفع يدي عند السجود قبل أن أبدأ بالذكر وذلك لابعاد الثوب عن وجهي؟
الجواب: يجوز قبل وضع الجبهة ويجوز بعده ايضا لرفع المانع.
السؤال: عند الصلاة تكون الجبهة مبللة من الوضوء – فعند الرفع من السجود تلتصق الجبهة بالتربة وترتفع معها ثم تسقط التربة – فما حكم ذلك ؟
الجواب: لا يضر ذلك.
السؤال: هل يصح ان يظهر باطن القدم للمرأة اثناء السجود؟
الجواب: لا يجب ستر شيء من القدم حال الصلاة.
السؤال: ماحكم رفع اطراف الاصابع اثناء السجود بعد الذكر وقبل نيّة الرفع بقليل؟
الجواب: لا مانع منه .
السؤال: اذا شككت في ان احد اصابع اليد اثناء السجود لم يكن على الارض من جهة وجود ثوب او حجاب تحته فهل يضر اذا رفعت يدي اثناء السجود ووضعتها او عدلتها برفعها بالوضع الذي اطمئن بأن الكف والاصابع كلها على الارض؟
الجواب: لا يضر ان يكون بعض اليد على الثوب او الحجاب ولا يجوز على الاحوط رفع اليد.
السؤال: قول (سبحان الله) في حال السجود ثم رفع الرأس عمدا مع تواصل قول (سبحان الله) فهل تبطل الصلاة؟
الجواب: اذا قصد الذكر الخاص بالسجود فلابد من الطمأنينة والاستقرار حال الذكر فلو رفع رأسه في هذا الحال بطلت صلاته. اما اذا كان يقصد الذكر المطلق فلا مانع من أن يترك ويرفع رأسه في حال الذكر المطلق .
السؤال: احياناً اريد الصلاّة وفي جيبي بعض الأوراق البيضاء، فهل يجوز لي السجود عليها؟
الجواب: نعم، يجوز لك السجود عليها اِن كانت طاهرة ومصنوعة من الخشب أو ما شاكله ممّا يصح السجود عليه، وهكذا اذا كانت مصنوعة من القطن أو الكتان.
السؤال: هل يجوز تنظيف التربة التي نصلي عليها بعد مدة من الاستخدام بحكها لإزالة الطبقة الدهنية؟
الجواب: لا بأس بذلك.
السؤال: عند عدم وجود التربة او يوجد عازل عليها فهل يجوز السجود على ارضية الكاشي او الاسمنت او الثيل او السيراميك او المرمر او على اصابع يدي؟
الجواب: يجوز السجود اختياراً على المذكورات غير أصابع اليد أو ما صنع من غير الارض كالمواد الصناعية.
السيرة الذاتية لسماحة السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)
وبعد / لقد أثمر منبر الإمام السيد الخوئي (قدس سرّه ) خلال أكثر من نصف قرن ثماراً عظيمة جليلة هي الأزكى والأفضل عطاءاً على صعيد الفكر الإسلامي وفي مختلف العلوم والقضايا والمواقف الإسلامية المهمّة ، حيث تخرّج من بين يديه مئات العلماء والفضلاء العظام الذين اخذوا على عاتقهم مواصلة مسيرته الفكرية ودربه الحافل بالبذل والعطاء والتضحية لخدمة الإسلام والعلم والمجتمع، ومعظمهم اليوم أساتذة الحوزات العلمية وبالخصوص في النجف الأشرف ومنهم من هو في مستوى الكفاية والجدارة العلمية والاجتماعية التي تؤهله للقيام بمسؤولية التربية والتعليم ورعاية الأمة في يومنا الحاضر.
المزيد
ومن أهم وابرز أولئك العباقرة هو سيدنا الأستاذ آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني (دام ظلّه ) فهو من أبرز تلامذة الإمام الخوئي الراحل (قدس سرّه ) نبوغاً وعلماً وفضلاً وأهليّةً ، وحديثنا في هذه السطور حول شخصية هذا العلم الكبير موجز في عدّة نقاط :
ولادته ونشاته
ولد سماحته في التاسع من شهر ربيع الأول عام 1349 للهجرة في المشهد الرضوي الشريف في أسرة علمية معروفة ، فوالده هو العالم المقدّس( السيد محمد باقر ) ووالدته هي العلوية الجليلة كريمة العلامة ( المرحوم السيد رضا المهرباني السرابي) وجدّه الادنى هو العالم الجليل ( السيد علي ) الذي ترجم له العلامة الشيخ آغا بزرك في طبقات أعلام الشيعة قائلاً: ( انه كان في النجف الأشرف من تلامذة الحجّة المؤسس المولى علي النهاوندي وفي سامراء من تلامذة المجدد الشيرازي، ثم اختص بالحجة السيد اسماعيل الصدر، وفي حدود سنة 1318 هـ عاد إلى مشهد الرضا ( عليه السلام ) واستقر فيه وحاز مكانة سامية مع ما كان له من حظ وافر من العلم مقروناً بالتقى والصلاح ) ومن تلامذته المعروفين الفقيه الكبير الشيخ محمد رضا آل ياسين (قدس سرّه ).
وأسرة سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) ــ التي هي من الاسر العلوية الحسينية ــ كانت تقطن مدينة (اصفهان) في القرن الحادي عشر الهجري ، ومن ابرز اعلامها يومذاك الفيلسوف الشهير ( محمد باقر الداماد ) صاحب كتاب القبسات، ومن أحفاده العلم الكبير ( السيد محمد ) الذي عيّن في منصب ( شيخ الاسلام ) في بلاد ( سيستان ) في زمن السلطان حسين الصفوي فانتقل اليها وسكنها هو وذريته من بعده، وأول من هاجر منهم إلى مشهد الرضا (ع) هو المرحوم( السيد علي ) المار ذكره، حيث استقرّ فيه برهة من الزمن في مدرسة المرحوم الملا محمد باقر السبزواري ومن ثمّ هاجر الى النجف الأشرف لاكمال دراسته ثم الى سامراء المقدسة للغرض نفسه.
وقد نشأ سيدنا ( دام ظلّه ) في مسقط رأسه المشهد الرضوي نشأة عالية فتدرج في الأوليات والمقدمات ، حيث بدأ وهو في الخامسة من عمره بتعلم القرآن الكريم ثم دخل مدرسة دار التعليم الديني لتعلم القراء والكتابة ونحوهما ، فتخرج من هذه المدرسة وقد تعلم أثناء ذلك فن الخط من استاذه ( الميرزا علي اقا ظالم ).وفي أوائل عام (1360 هـ.ق) بدأ بتوجيه من والده بقراءة مقدمات العلوم الحوزوية ، فأتم قراءة جملة من الكتب الأدبية كشرح الألفية للسيوطي والمغني لابن هشام والمطول للتفتازاني ومقامات الحريري وشرح النظام عند المرحوم الاديب النيشابوري وغيره من أساتذة الفن، وقرأ شرح اللمعة والقوانين عند المرحوم السيد احمد اليزدي المعروف بـ (نهنگ ) وقرأ جملة من السطوح العالية كالمكاسب والرسائل والكفاية عند آية الله الميرزا هاشم القزويني، وقرأ جملة من الكتب الفلسفية كشرح منظومة السبزواري وشرح الاشراق والاسفار عند المرحوم الايسي، وقرأ شوارق الالهام عند المرحوم آية الله الشيخ مجتبى القزويني ، وحضر في المعارف الالهية دروس آية الله المرحوم الميرزا مهدي الاصفهاني المتوفى أواخر سنة (1365 هـ . ق) كما حضر بحوث الخارج لآية الله الميرزا مهدي الآشتياني صاحب التعليقة على شرح المنظومة وآية الله المرحوم الميرزا هاشم القزويني (قدّس سرهما).
وفي أواخر عام 1368 هـ انتقل الى الحوزة العلمية الدينية في قم المقدسة فحضر بحوث المرجع الكبير السيد حسين الطباطبائي البروجردي في الفقه والاصول، وتلقى عنه الكثير من خبرته الفقهية ونظرياته في علم الرجال والحديث، كما حضر درس الفقيه الكبير السيد محمد الحجّة الكوهكمري(قدّس سرّه).
وخلال مدّة اقامته في قم راسل العلاّمة المرحوم السيد علي البهبهاني عالم الأهواز الشهير ومن اتباع مدرسة المحقق الطهراني، وكان موضوع المراسلات بعض مسائل القبلة حيث ناقش سيدنا الأستاذ (مدّ ظلّه) بعض نظريات المحقق الطهراني ووقف السيد البهبهاني موقف المدافع عنها ، وبعد تبادل عدّة رسائل كتب المرحوم السيد البهباني لسيدنا الأستاذ (دام ظلّه) رسالة مؤرخة في ( 7/ رجب /1370 هـ ) ــ وهو شاب في الواحدة والعشرين من العمر ــ يثني فيها على مهارته العلمية واصفاً اياه بـ (عمدة العلماء المحققين ونخبة الفقهاء المدققين) وموكّلا ﱟ تكميل البحث إلى حين اللقاء به عند التشرّف بزيارة الإمام الرضا (عليه السلام ).
وفي أوائل عام (1371 هـ ) غادر سيدنا الأستاذ ( مدّ ظلّه ) مدينة قم متجهاً إلى موئل العلم والفضل للحوزات العلمية النجف الأشرف، فوصل كربلاء المقدسة في ذكرى أربعين الامام الحسين ( عليه السلام ) ثمّ توجّه إلى النجف الأشرف فسكن ( مدرسة البخارائي العلمية )، وحضر البحوث الفقهية والاصولية للعلمين الكبيرين السيد ابو القاسم الموسوي الخوئي (قدّس سرّه ) والشيخ حسين الحلّي (قدّس سرّه ) ولازمهما مدّة طويلة ، وحضر خلال ذلك ايضاً بحوث بعض الأعلام الآخرين منهم السيد الحكيم (قدّس سرّه ) والسيد الشاهرودي (قدّس سرّه ).
نبوغه العلمي
لقد برز السيد السيستاني ( دام ظلّه ) في بحوث اساتذته بتفوق بالغ على اقرانه وذلك في قوّة الإشكال وسرعة البديهة وكثرة التحقيق والتتبع ومواصلة النشاط العلمي وإلمامه بكثير من النظريات في مختلف الحقول العلمية الحوزوية، ومما يشهد على ذلك أنه منح من بين زملاه واقرانه في عام 1380 هـ وهو في الحادية والثلاثين من عمره ـ ( شهادة الاجتهاد المطلق ) من قبل استاذيه السيد الخوئي (قدّس سرّه ) والشيخ الحلي (قدّس سرّه ) ولم يمنح السيد الخوئي شهادة الاجتهاد الإّ لنادرٍ من تلامذته منهم سيدنا الأستاذ وآية الله الشيخ علي الفلسفي من مشاهير علماء مشهد المقدسة كما لم يمنح الشيخ الحلي اجازة الاجتهاد المطلق لغيره ( دام ظلّه ) وقد كتب له ايضاً شيخ محدّثي عصره العلاّمة الشيخ آغا برزك الطهراني (قدّس سرّه ) شهادة يطري فيها على مهارته في علمي الرجال والحديث وهي مؤرخة كذلك في عام 1380 هـ.
عطاؤه الفكري وتأليفاته
اشتغل سيدنا الأستاذ (دام ظلّه) من أوائل عام 1381 هـ بإلقاء محاضراته (البحث الخارج) في الفقه في ضوء مكاسب الشيخ الأعظم الأنصاري، وأعقبه بشرح العروة الوثقى ، فتمّ له منه شرح كتاب الطهارة وأكثر كتاب الصلاة وقسم من كتاب الخمس وتمام كتاب الصوم والاعتكاف ثم شرع في شرح كتاب الزكاة.
وقد كانت له محاضرات فقهية اخرى خلال هذه السنوات تناولت كتاب القضاء وابحاث الربا وقاعدة الإلزام وقاعدة التقية وغيرهما من القواعد الفقهية،كما كانت له محاضرات رجالية شملت حجية مراسيل ابن ابي عمير وشرح مشيخة التهذيبين وغيرهما.
وابتدأ ( دام ظلّه ) بإلقاء محاضراته في علم الأصول من شعبان عام (1384 هـ ) وقد أكمل دورته الثالثة في شعبان عام ( 1411 هـ ) ، ويوجد تسجيل صوتي لجميع محاضراته الفقهية والأصولية من عام 1397 هـ وإلى اليوم.
وقد خرّج بحثه الشريف عدّة من الفضلاء البارزين وبعضهم من أساتذة البحث الخارج : كالعلاّمة الشيخ مهدي مرواريد ، والعلاّمة السيد مرتضى المهري والعلاّمة المرحوم السيد حبيب حسينيان والعلاّمة السيد أحمد المددي والعلاّمة الشيخ مصطفى الهرندي والعلاّمة السيد هاشم الهاشمي وغيرهم من أفاضل أساتذة الحوزات العلمية.
وضمن اشتغال سماحته ( دام ظلّه ) بالدرس والبحث خلال هذه المدّة كان مهتمّاً بتأليف كتب مهمّة وجملة من الرسائل بالإضافة إلى ما كتبه من تقريرات بحوث اساتذته فقه وأصولاً، وسيأتي ذكر جملة منها في موضع آخر.
منهجه في البحث والتدريس
وهو منهج متميز على مناهج كثير من أساتذة الحوزة وأرباب البحث الخارج فعلى صعيد الأصول يتجلّى منهجه بعدّة خصائص :
أ- التحدث عن تأريخ البحث ومعرفة جذوره التي ربما تكون فلسفية كمسالة بساطة المشتق وتركيبه أو عقائدية وسياسية كبحث التعادل والتراجح الذي أوضح فيه أن قضية اختلاف الأحاديث فرضتها الصراعات الفكرية العقائدية آنذاك والظروف السياسية التي احاطت بالأئمة( عليهم السلام ) ومن الواضح أن الإطّلاع على تأريخ البحث يكشف عن زوايا المسألة ويوصلنا إلى واقع الآراء المطروحة فيها .
ب- الربط بين الفكر الحوزوي والثقافات المعاصرة ففي بحثه حول المعنى الحرفي في بيان الفارق بينه وبين المعنى الاسمي وهل هو فارق ذاتي ام لحاظي؟
اختار اتجاه صاحب الكفاية في أن الفرق باللحاظ لكن بناه على النظرية الفلسفية الحديثة وهي نظرية التكثر الادراكي في فعالية الذهن البشري وخلاقيته، فيمكن للذهن تصور مطلب واحد بصورتين: تارة بصورة الاستقلال والوضوح فيعبر عنه بالاسم وتارة بالآلية والانكماش ويعبر عنه بالحرف.
وعندما دخل في بحث المشتق في النزاع الدائر بين العلماء حول اسم الزمان، تحدّث عن الزمان بنظرة فلسفية جديدة وهي انتزاع الزمان من المكان (زمكان) بلحاظ تعاقب النور والظلام ، وفي بحثه حول مدلول صيغة الأمر ومادته وبحثه في التجري طرح نظرية بعض علماء الاجتماع من أن تقسيم الطلب بامر والتماس وسؤال نتيجة لتدخل صفة الطالب في حقيقة طلبه من كونه عالياً أو مساوياً أو سافلاً.
وكذلك جعل ضابط استحقاق العقوبة عنوان تمرد العبد وطغيانه على المولى مبني على التقسيم الطبقي للمجتمعات البشرية القديمة من وجود موالي وعبيد وعالي وسافل وما أشبه ذلك. فهذه نظرة من رواسب الثقافات السالفة التي تتحدث باللغة الطبقية لا باللغة القانونية المبنية على المصالح الانسانية العامة.
ج- الاهتمام بالأصول المرتبطة بالفقه : ان الطالب الحوزوي يلاحظ في كثير من العلماء اغراقهم واسهابهم في بحوث اصولية لا يعدّ الاسهاب فيها الإّ ترفاً فكريّاً لا ينتج ثمرةً علميةً للفقيه في مسيرته الفقهية كبحثه في الوضع وكونه امراً اعتبارياً أو تكوينياً وأنّه تعهد أو تخصص ، وبحثهم في بيان موضوع العلم وبعض العوارض الذاتية في تعريف الفلاسفة لموضوع العلم وما شاكل ذلك.
ولكن الملاحظ في دروس سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) هو الاغراق وبذل الجهد الشاق في الخروج بمبنى علمي رصين في البحوث الأصولية المرتبطة بعملية الاستنباط كمباحث الاصول العملية والتعادل والتراجح والعام والخاص ، وأمّا البحوث الأخرى التي أشرنا لبعض مسمياتها ، فبحثه فيها إنما هو بمقدار الثمرة العلمية في بحوث أخرى أو الثمرة العملية في الفقه.
د- الابداع والتجديد : هناك كثير من الأساتذة الماهرين في الحوزة لا يملك روح التجديد بل يصب اهتمامه على التعليق فقط والتركيز على جماليات البحث لا على جوهره فيطرح الآراء الموجودة ويعلّق على بعضها ويختار الأقوى في نظره ، الإّ أن سيدنا الأستاذ يختلف في هذا النهج فيحاول الابداع والتجديد إما بصياغة المطلب بصياغة جديدة تتناسب مع الحاجة للبحث كما صنع ذلك عندما دخل بحث استعمال اللفظ في عدة معانٍ حيث بحثه الأصوليون من زاوية الإمكان والاستحالة كبحث عقلي فلسفي لا ثمرة عملية تترتب عليه وبحثه سيدنا الأستاذ من حيث الوقوع وعدمه لانه أقوى دليل على الإمكان، وبحثه كذلك من حيث الاستظهار وعدمه.
وعندما دخل بحث التعادل والتراجح رأى أن سرّ البحث يكمن في علّة اختلاف الأحاديث فإذا بحثنا وحدّدنا أسباب اختلاف النصوص الشرعية انحلّت المشكلة العويصة التي تعترض الفقيه والباحث والمستفيد من نصوص أهل البيت ( عليهم السلام ) وذلك يغنينا عن روايات الترجيح والتخيير كما حملها صاحب الكفاية على الاستحباب .
وهذا البحث تناوله غيره ولكنه بشكل عقلي صرف،أما السيد الأستاذ فإنه حشد فيه الشواهد التأريخية والحديثية وخرج منه بقواعد مهمّة لحلّ الاختلافات وقام بتطبيقها في دروسه الفقهية أيضاً.
هـ - المقارنة بين المدارس المختلفة : ان المعروف عن الكثير من الأساتذة حصر البحث في مدرسة معينة أو اتجاه خاص ولكن السيد السيستاني يقارن بحثه بين فكر مدرسة مشهد وفكر مدرسة قم وفكر مدرسة النجف الأشرف فهو يطرح آراء الميرزا مهدي الاصفهاني (قدّس سرّه) من علماء مشهد وآراء السيد البروجردي (قدّس سرّه ) كتعبير عن فكر مدرسة قم وآراء المحققين الثلاثة ( الشيخ النائيني والشيخ العراقي والشيخ الاصفهاني ) والسيد الخوئي (قدّس سرّه ) والشيخ حسين الحلّي (قدّس سرّه) كمثال لمدرسة النجف الأشرف.
وتعدّد الاتجاهات هذه يوسع امامنا زوايا البحث والرؤيا الواضحة لواقع المطلب العلمي .
وأمّا منهجه الفقهي فله فيه منهج خاص يتميز في تدريس الفقه وطرحه ، ولهذا المنهج عدّة ملامح :
1- المقارنة بين فقه الشيعة وفقه غيرهم من المذاهب الاسلامية الأخرى ، فإنّ الإطّلاع على الفكر الفقهي السني المعاصر لزمان النص كالاطلاع على موطأ مالك واخراج ابي يوسف وآراء الفقهاء الآخرين يوضّح أمامنا مقاصد الأئمة ( عليهم السلام ) ونظرهم حين طرح النصوص.
2- الاستفادة من علم القانون الحديث في بعض المواضع الفقهية كمراجعته للقانون العراقي والمصري والفرنسي عند بحثه في كتاب البيع والخيارات ، والاحاطة بالفكر القانوني المعاصر تزوّد الإنسان خبرة قانونية يستعين بها على تحليل القواعد الفقهية وتوسعة مداركها وموارد تطبيقها .
3- التجديد في الأطروحة : إنّ معظم علمائنا الأعلام يتلقون بعض القواعد الفقهية بنفس الصياغة التي طرحها السابقون ولا يزيدون في البحث فيها الإّ عن صلاحية المدرك لها أو عدمه ووجود مدرك آخر وعدمه ، أما السيد السيستاني فإنّه يحاول الإهتمام في بعض القواعد الفقهية بتغيير الصياغة ، مثلاً بالنسبة لقاعدة الإلزام التي يفهمها بعض الفقهاء من الزاوية المصلحية بمعنى أنّ للمسلم المؤمن الاستفادة في تحقيق بعض رغباته الشخصية من بعض القوانين للمذاهب الأخرى وإن كان مذهبه لا يقرّه ، يطرحه السيد السيستاني على أساس الاحترام ويسميّها بقاعدة الاحترام أي احترام آراء الآخرين وقوانينهم ، وانطلاقه من حريّة الرأي وهي على سياق ( لكلّ قوم نكاح ) و (نكاح أهل الشرك جائز ) وكذلك بالنسبة الى قاعدة التزاحم التي يطرحها الفقهاء والأصوليون كقاعدة عقلية أو عقلائية صرفة يدخلها السيد الأستاذ تحت قاعدة الاضطرار التي هي قاعدة شرعية اشارت لها النصوص نحو ( ما من شيء حرّمه الله الإّ وقد أحلّه لمن اضطر إليه ) فإنّ مؤدى قاعدة الاضطرار هو مؤدى قاعدة التزاحم بضميمة متمم الجعل التطبيقي .
وأحياناً يقوم بتوسعة القاعدة كما في قاعدة ( لا تعاد ) حيث خصّها الفقهاء بالصلاة لورود النص في ذلك بينما السيد السيستاني جعل صدر الرواية المتضمن لقوله (ع) : ( لا تعاد الصلاة إلا ّ من خمسة ) مصداقاً لكبرى أخرى تعمّ الصلاة وغيرها من الواجبات ، وهذه الكبرى موجودة في ذيل النص ( ولا تنقض السنّة الفريضة)، فالمناط هو تقديم الفريضة على السنّة في الصلاة وغيرها ، ومن مصاديق هذا التقديم هو تقديم الوقت والقبلة ...الخ على غيرها من أجزاء الصلاة وشرائطها لأنّ الوقت والقبلة من الفرائض لا من السنن .
4- النظرة الاجتماعية للنص : إنّ من الفقهاء من هو حرفي الفهم بمعنى أنّه جامد على حدود حروف النص من دون محاولة التصرف في سعة دلالات النص وهناك من الفقهاء من يقرأ أجواء النص والظروف المحيطة به ليتعرف على سائر الملابسات التي تؤثر على دلالته ، فمثلاً في ما ورد من أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله ) حرّم أكل لحم الحمر الأهلية يوم خيبر ، أخذنا بالفهم الحرفي لقلنا بالحرمة أو الكراهة لأكل لحم الحمر الاهلية ولو اتبعنا الفهم الاجتماعي لرأينا أنّ النص ناظر لظروف حرجة وهي ظروف الحرب مع اليهود في خيبر والحرب تحتاج لنقل السلاح والمؤنة ولم تكن هناك وسائل نقل إلاّ الدواب ومنها الحمير ، فالنهي في الواقع نهي إداري لمصلحة موضوعية اقتضتها الظروف آنذاك ولا يستفاد منه تشريع الحرمة ولا الكراهة ، وسيدنا الأستاذ من النمط الثاني من العلماء في التعامل مع النص.
5- توفير الخبرة بمواد الاستنباط : إنّ السيد السيستاني يركّز دائماً على انّ الفقيه لا يكون فقيهاً بالمعنى الأتم حتى يتوفر لديه خبرة وافية بكلام العرب وخطبهم واشعارهم ومجازاتهم كي يكون قادراً على تشخيص ظهور النص تشخيصاً موضوعيّا لا ذاتيا وأن يكون على اطلاع تام بكتب اللغة وأحوال مؤلفيها ومناهج الكتابة فيها فإنّ ذلك دخيل في الاعتماد على قول اللغوي أو عدم الاعتماد عليه وأن يكون على احاطة باحاديث أهل البيت ( عليهم السلام ) ورواتها بالتفصيل ، فإنّ علم الرجال فن ضروري للمجتهد لتحصيل الوثوق الموضوعي التام بصلاحية المدرك ، وله آراء خاصّة يخالف بها المشهور في هذا العصر مثلاً ما اشتهر من عدم الاعتداد بقدح اين الغضائري اما لكثرة قدحه أو لعدم ثبوت نسبة الكتاب إليه مما لا يرتضيه سيدا الأستاذ بل يرى ثبوت الكتاب وان ابن الغضائري هو المعتمد في مقام الجرح والتعديل اكثر من النجاشي والشيخ وامثالهما ويرى الاعتماد على منهج الطبقات في تعيين الراوي وتوثيقه ومعرفة كون الحديث مسنداً أو مرسلاً على ما قرّره السيد البروجردي (قدّس سرّه ).
ويرى أيضاً ضرورة الإلمام بكتب الحديث واختلاف النسخ ومعرفة حال المؤلف من حيث الضبط والتثبت ومنهج التأليف ، وأما ما يشاع في هذا المجال من كون الصدوق اضبط من الشيخ فلا يرتضيه، بل يرى الشيخ ناقلاً أميناً لما وجده من الكتب الحاضرة عنده بقرائن يستند اليها.
فهذه الجهات الخبرية قد لا يعتمد عليها كثير من الفقهاء في مقام الاستنباط بل يكتفي بعضهم بالظهور الشخصي من دون أن يجمع القرائن المختلفة لتحقيق الظهور الموضوعي بل قد يعتمد على كلام بعض اللغويين بدون التحقيق في المؤلف ومنهج التأليف ولا يكون لبعض آخر أي رصيد في علم الرجال والخبرة بكتب الحديث.
معالم شخصيته
إنّ من يعاشر السيد السيستاني ( دام ظلّه ) ويتصل به يرى فيه شخصية فذّة تتمتع بالخصائص الروحية والمثالية التي حثّ عليها أهل البيت ( عليهم السلام) والتي تجعل منه ومن امثاله من العلماء المخلصين مظهراً جليّاً لكلمة ( عالم رباني ) وقوله ( عليه السلام ) ( مجاري الامور بيد العلماء امناء الله على حلاله وحرامه ) ومن أجل وضع النقاط على الحروف اطرح بعض المعالم الفاضلة التي رأيتها بنفسي عند اتصالي به درساً ومعاشرة :
ﺃ- الانصاف واحترام الرأي : فان السيد السيستاني انطلاقاً من عشق العلم والمعرفة ورغبة في الوصول إلى الحقيقة وتقديساً لحرية الرأي والكلمة البناءة تجده كثير القراءة والتتبع للكتب والبحوث ومعرفة الآراء حتى آراء بعض العلماء من غير اساتذته أو آراء بعض المغمورين في خضم الحوزة العلمية فتراه بعض الاحيان قد يشير في بحثه لرأي لطيف لأحد الأفاضل مع أنه ليس من أساتذته كالشيخ محمد رضا المظفر في كتابه اصول الفقه، فطرح هذه الآراء ومناقشتها مع أنها لم تصدر من اساطين اساتذته يمثل لنا صورة حيّة من صور الانصاف واحترام آراء الآخرين .
ب- الأدب في الحوار : ان بحوث النجف معروفة بالحوار الساخن بين الزملاء او الأستاذ وتلميذه وذلك مما يصقل ثقافة الطالب وقوته العلمية وأحياناً قد يكون الحوار جدلاً فارغاً لا يوصل لهدف علمي بل مضمونه ابراز العضلات في الجدل وقوة المعارضة وذلك ما يستهلك وقت الطالب الطموح ويبعده عن الجو الروحي للعلم والمذاكرة ويتركه يحوم في حلقة عقيمة دون الوصول للهدف، أما بحث السيد السيستاني (دام ظلّه) فإنّه بعيد كل البعد عن الجدل واساليب الإسكات والتوهين فهو في النقاش مع أساتذته وآراء الآخرين يستخدم الكلمات المؤدبة التي تحفظ مقام العلماء وعظمتهم حتى ولو كان الرأي المطروح واضح الضعف والاندفاع ، وفي اجابته لاستفهامات الطالب يتحدث بانفتاح وبروح الارشاد والتوجيه ولو صرف التلميذ الحوار الهادف إلى الجدل الفارغ عن المحتوى فان السيد السيستاني يحاول تكرار الجواب بصورة علمية ومع اصرار الطالب فان السيد الأستاذ حينئذ يفضل السكوت على الكلام.
ج ـ خلق التربية : التدريس ليس وظيفة رسمية او روتينية يمارسها الأستاذ في مقابل مقدار من المال ، فإن هذه النظرة تبعد المدرس عن تقويم التلميذ والعناية بتربيته والصعود بمستواه العلمي للتفوق والظهور، كما أن التدريس لا يقتصر على التربية العلمية في محاولة الترشيد التربوي لمسيرة الطالب بل التدريس رسالة خطيرة تحتاج مزاولتها لروح الحب والإشفاق على الطالب وحثّه نحو العلم وآداب العلم ايضاً وإذا كان يحصل في الحوزة أو غيرها احياناً رجال لا يخلصون لمسؤولية التدريس والتعليم فإن في الحوزات أساتذة مخلصين يرون التدريس رسالة ساوية لابدّ من مزاولتها بروح المحبّة والعناية التامة بمسيرة التلميذ العلمية والعملية ، وقد كان الإمام الحكيم (قدّس سرّه) مضرب المثل في خلقه التربوي لتلامذته وطلاّبه وكما كانت علاقة الإمام الخوئي (قدّس سرّه) بتلامذته فقد رأيت هذا الخلق متجسّداً في شخصية السيد السيستاني (دام ظلّه ) فهو يحثّ دائماً بعد الدرس على سؤاله ونقاشه فيقول : اسألوا ولو على رقم الصفحة لبحث معين او اسم كتاب معين حتى تعتادوا على حوار الأستاذ والصلة العلمية به وكان يدفعنا لمقارنة بحثه مع البحوث المطبوعة والوقوف عند نقاط الضعف والقوة وكان يؤكد دائماً على احترام العلماء والالتزام بالأدب في نقاش أقوالهم ويتحدث عن أساتذته بروحية وهمّة عالية وأمثال ذلك من شواهد الخلق الرفيع .
د – الورع : إنّ هناك ظاهرة جليّة في كثير من العلماء والأعاظم وهي ظاهرة البعد عن مواقع الضوضاء والفتن وربما يعتبر هذا البعد عن البعض موقفاً سلبيّاً لأنه هروب من مواجهة الواقع وتسجيل الموقف الصريح المرضي للشرع المقدس ولكنه عند التامل يظهر بانه موقف ايجابي وضروري احياناً للمصلحة العامة ومواجهة الواقع وتسجيل الموقف الشرعي يحتاج لظروف موضوعية وارضية صالحة تتفاعل مع هذا الموقف ، فلو وقعت في الساحة الإسلامية أو المجتمع الحوزوي إثارات وملابسات بحيث تؤدي لطمس بعض المفاهيم الأساسية في الشريعة الإسلامية وجب على العلماء بالدرجة الاولى التصدي لإزاحة الشبهات وابراز الحقائق الناصعة فإذا ظهرت البدع وجب على العالم أن يظهر علمه فإن لم يفعل سلب منه نور الإيمان ، كما جاء في الحديث .
ولكن لو كان مسار الفتنة مساراً شخصياً وجواً مفعماً بالمزايدات والتعصبات العرقية والشخصية لمرجع معيّن أو خط معيّن او كانت الأجواء تعيش حرباً دعائية مؤججة بنار الحقد والحسد المتبادل فإنّ علماء الحوزة ومنهم السيد السيستاني ( دام ظلّه ) يلتزمون دوماً الصمت والوقار والبعد عن هذه الضوضاء الصاخبة وما يحدث غالباً من التنافس على الألقاب والمناصب والاختلافات الجزئية كما هو الحال في يومنا الحاضر ، هذا مضافاً لزهده المتمثّل في لباسه المتواضع ومسكنه الصغير الذي لا يملكه وأثاثه البسيط.
هـ ـ الإنتاج الفكري: السيد السيستاني ليس فقيهاً فقط بل هو رجل مثقّف مطّلع على الثقافات المعاصرة ومتفتح على الأفكار الحضارية المختلفة ويمتلك الرؤية الثاقبة في المسيرة العالمية في المجال الاقتصادي والسياسي وعنده نظرات إدارية جيدة وأفكاراً إجتماعية مواكبة للتطور الملحوظ واستيعاب للأوضاع المعاصرة بحيث تكون الفتوى في نظره طريقاً صالحاً للخير في المجتمع المسلم.
إمامته في الصلاة
كان سيدنا الأستاذ (مدّ ظلّه ) في عيادة استاذه المرحوم الإمام الخوئي ( قدّس سرّه )في (29/ ربيع الآخر / 1409 هـ ) لوعكة صحية ألمّت به فطلب منه أن يقيم صلاة الجماعة في محرابه في جامع الخضراء فلم يوافق على ذلك في البداية فألحّ عليه في الطلب وقال له ( لو كنت احكم كما كان يفعل ذلك المرحوم الحاج آقا حسين القمّي لحكمت عليكم بلزوم القبول ) فاستمهله بضعة أيّام وفي نهاية الأمر استجاب لطلبه وأمّ المصلين من يوم الجمعة (5/ جمادى الأولى / 1409 هـ ) إلى الجمعة الأخيرة من ذي الحجّة عام 1414 هـ حيث أغلق الجامع من قبل السلطة كما سيأتي .
مسيرته الجهادية
كان النظام البعثي يسعى بكل وسيلة للقضاء على الحوزة العلمية في النجف الأشرف منذ السنين الأولى من تسلمه السلطة في العراق ، وقد قام بعمليات تسفير واسعة للعلماء والفضلاء وسائر الطلاب الأجانب، ولاقى سيدنا الأستاذ ( مدّ ظلّه ) عناءاً بالغاً من جرّاء ذلك وكاد ان يسفّر عدّة مرّات وتمّ تسفير مجاميع من تلامذته وطلاّب مجلس درسه في فترات متقاربة ، ثمّ كانت الظروف القاسية جدّاً أيّام الحرب العراقية الإيرانية ، ولكن على الرغم من ذلك فقد أصرّ ( دام ظلّه ) على البقاء في النجف الأشرف وواصل التدريس في حوزته العلمية المقدّسة إيماناً منه بلزوم استمرار المسار الحوزوي المستقل عن الحكومات تفادياً للسلبيات التي تنجم عن تغيير هذا المسار.
وفي عام 1411 هـ عندما قضى النظام على الانتفاضة الشعبانية اعتقل سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) ومعه مجموعة من العلماء كالشهيد الشيخ مرتضى البروجردي والشهيد الميرزا علي الغروي وقد تعرّضوا للضرب والاستجواب القاسي في فندق السلام وفي معسكر الرزازة وفي معتقل الرضوانية إلى أن فرّج الله عنهم ببركة أهل البيت ( عليهم السلام ).
وفي عام 1413 هـ عندما توفي الإمام السيد الخوئي ( رضوان الله عليه ) وتصدّى سيدّنا الأستاذ ( دام ظلّه ) للمرجعية ـ كما سيأتي ـ حاولت سلطات النظام السابق تغيير مسار المرجعية الدينية في النجف الأشرف وبذلت ما في وسعها في الحطّ من موقع السيد الأستاذ ( دام ظلّه ) ومكانته المتميزة بين المراجع وسعت إلى تفرق المؤمنين عنه بأساليب متعدّدة منها إغلاق جامع الخضراء في أواخر ذي الحجّة عام 1414 هـ كما تقدّم .
وعندما وجد النظام أنّ محاولاته قد باءت جميعاً بالفشل خطّط لاغتيال سيدنا الأستاذ وتصفيته ، وقد كشفت وثائق جهاز المخابرات عن عدد من هذه المخطّطات ولكن مكروا ومكر الله والله خير الماكرين .
وهكذا بقي سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) رهين داره منذ أواخر عام 1418 هـ حتى أنّه لم يتشرف بزيارة جدّه الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) طوال هذه الفترة.
وقد تعرّض لضغوط كثيرة من اجهزة النظام وأزلامه ولكنه قاوم جميع الضغوطات إلى أن منّ الله على العراقيين بزوال النظام ونسأله تبارك وتعالى ان يمنّ عليهم بالتحرر من الاحتلال ايضاً.
مرجعيته
في السنوات الاخيرة من حياة سماحة الإمام الخوئي ( رضوان الله عليه ) كان هاجس كثير من الفضلاء في النجف الأشرف وخارجها البحث عمن يصلح ان يخلف الإمام الخوئي ( قدّس سرّه ) في مرجعيته للطائفة الإمامية ليحافظ على كيان الحوزة العلمية واستقلالية المرجعية الدينية ويتحلى بما يلزم توفره في شخص المرجع من مؤهلات علمية وورع وتقوى وحكمة وتدبير.
وقد توجّه أنظار الكثير من الفضلاء إلى سيدنا الأستاذ ( دام ظلّه ) وقد اختاره الإمام الخوئي ( قدّس سرّه ) للصلاة في محرابه في جامع الخضراء كما تقدّم فبدأ ينتشر صيته في أوساط العامة بعد ان كان محصوراً في الأوساط العلمية والحوزوية التي عرفته أستاذاً قديراً في البحث الخارج طوال ربع قرن من الزمن .
وعندما التحق الإمام الخوئي بالرفيق الأعلى في (8/ صفر / 1413 هـ ) ارجع اليه في التقليد جمع من العلماء الأعلام يأتي في مقدمتهم سماحة آية الله السيد علي البهشتي (قدّس سرّه ) وسماحة آية الله الشيخ مرتضى البروجردي (قدّس سرّه ) فقلّده كثير من المؤمنين في العراق وايران وبلاد الخليج وباكستان والهند ، وبعد وفاة آية الله العظمى السيد عبد الأعلى السبزواري في (27/ صفر /1414 هـ ) رجع اليه معظم مقلديه في العراق وقسم في خارجه ، وعندما توفي آية الله العظمى السيد محمد رضا الكلبايكاني (قدّس سرّه ) في (24 / جمادي الآخرة / 1414 هـ ) عمّ تقليد سيدّنا الأستاذ (دام ظلّه ) وبشكل سريع مختلف الأقطار الإسلامية ورجع إليه معظم المؤمنين في العراق والاحساء والقطيف وايران ولبنان ودول الخليج وباكستان والهند والمغتربين في اوربا والامريكيتين واستراليا وغيرهم، وقد توسع الرجوع إليه أكثر فأكثر بعد وفاة آية الله العظمى الشيخ محمد علي الأراكي (قدّس سرّه ) وآية الله العظمى السيد محمد الروحاني (قدّس سرّه )، فسيدنا الأستاذ (دام ظلّه ) ــ اليوم ــ هو المرجع الأعلى للطائفة الإمامية، أدام ظلّه السامي ونفع بوجوده الإسلام والمسلمين . رجوع